المنشور

القطاع العمالي والمهني بالمنبر التقدمي تطالب بمعالجات جريئة لإصلاح وضع هيئة التأمين الاجتماعي

دعا الى سرعة التمثيل العمالي في مجلس إدارتها والى تحمل النقابات لمسؤولياتها

لجنة القطاع العمالي والمهني بالمنبر التقدمي تطالب بمعالجات جريئة لإصلاح وضع هيئة التأمين الاجتماعي

أكد المنبر التقدمي عبر لجنة القطاع العمالي والمهني على ضرورة الإسراع في اتخاذ المعالجات الحصيفة واللازمة التي يستوجب اتخاذها بكثير من الجرأة والموضوعية والمسؤولية لتعديل مسار هيئة التأمين الاجتماعي بما يعزز الثقة في أسلوب أدارة الهيئة ويضمن الحفاظ على اموال المؤمن عليهم وتسريع التمثيل العمالي المستحق في مجلس ادارة الهيئة .

كما أعربت لجنة القطاع العمالي والمهني بالمنبر التقدمي عن عميق قلقها حيال ما ينشر بين آونة وأخرى في الصحافة المحلية حول استغلال المناصب والتنفيع عن طريق ضم سنوات خدمة لبعض المسؤولين والموظفين بالهيئة في مخالفة صارخة للقانون ، وفى الوقت الذى تأسف فيه اللجنة لعدم الشفافية اللازمة حول اوضاع هذه المؤسسة الوطنية المهمة والكبيرة ، خاصة فيما يتعلق بشبهات سوء ادارة وتنفيع وفساد وتلاعب بأموال ومدخرات المشتركين والمتقاعدين ، ولا زلنا نستذكر ما خلص اليه اكثر من تقرير لديوان الرقابة المالية والادارية ، بجانب ما خرجت به لجنة برلمانية تشكلت قبل سنوات على خلفية ما عرف بإفلاس التأمينات الاجتماعية ، ويضاف الى ذلك ما ينشر ويتم تداوله بين فترة وأخرى ، وكل ذلك يثير الكثير من التساؤلات المشروعة التي تقابل وللأسف الشديد بكثير من عدم المبالاة أو الاكتفاء بالتوضيحات التي لا تجيب على التساؤلات المطروحة.

ان التمعن في ما نشر مؤخراً ي ش ير الى تجاوزات صارخة على حساب حقوق ومدخرات شريحة كبرى من المواطنين عن طريق إقرار ضم 5 سنوات خدمة لعشرين مسؤولاً وموظفاً بكلفة مالية باهظة تضاف الى ما سيتحصل عليه هؤلاء من زيادة في معاشاتهم ومستحقاتهم عند تقاعدهم ، وإذا ما أضيف الى ذلك إخفاقات في أوجه عدة في استثمار اموال الهيئة مما أدى الى حالة من القلق حول الوضع الراهن والمستقبلي للهيئة الى الدرجة التي أصبحت فيه مخاوف مثارة حول تقليص المزايا التقاعدية للمواطنين والعمال ، ورفع سن التقاعد وما الى ذلك من اجراءات باعثة على الكثير من القلق والتوجس، واذا كان رد إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي في بيان لها اليوم “الثلاثاء” الموافق 26 يوليو 2016،  قد أشار إلى ان جميع الإجراءات المشار اليها قد تمت من خلال مجلس إدارة الهيئة وبموافقته، وأشار إلى صحة هذه الإجراءات، فان ذلك مدعاة للتشديد على سرعة إقرار التمثيل العمالي في مجلس الإدارة بما يحقق المزيد من الضمانات لصحة وسلامة أية إجراءات تتخذ من قبل المجلس.

ان لجنة القطاع العمالي والمهني بالمنبر التقدمي وهي تدعو الى وقفة جادة ومسؤولة وشفافة من قبل المجتمع المدني تضع أمور الهيئة في نصابها الصحيح بحث تتحمل كل الأطراف المسؤولة تبعات ذلك والمبادرة الى سرعة إصلاح حال هذه الهيئة ليبعث الثقة والطمأنينة في سير دفتها بما يعزز من الثقة في حسن ادارة ومسيرة الهيئة، وتشدد اللجنة من جديد على اهمية سرعة العودة الى التمثيل العمالي في مجلس إدارتها، كون القطاع العمالي هو طرف أساسي لا غنى عنه في معادلة التمثيل الى جانب الحكومة وأصحاب العمل.

 وتؤكد اللجنة ان الاستمرار في تغييب هذا التمثيل هو خطأ فادح ينبغي معالجته على وجه السرعة، كما تشدد اللجنة على دعوة النواب الى تحمل مسؤوليتهم بكل جدية لإصلاح الاعوجاج في مسار هذه الهيئة لحسم ما يثار حولها من لغط حول تجاوزات وهدر للمال العام وتبذيرها لأموال المتقاعدين .

كما تطالب لجنة القطاع العمالي والمهني بالمنبر التقدمي الهيئات النقابية والعمالية وقوى المجتمع المدني بجميع هيئاته ومؤسساته بان تكون لها مواقف واضحة وحازمة في الدفاع عن حقوق ومدخرات المواطنين، ثم تدعو اللجنة الهياكل النقابية بحكم ارتباط أعضائها بهذا الملف البالغ الأهمية والخطورة الى دراسة ما يمكن القيام به قانونياً وقضائياً وتسليط المزيد من الضوء على حقيقة مجريات الامور في الهيئة، وترى اللجنة بان ذلك من صميم عمل تلك الهياكل النقابية والاتحادات العمالية .

اقرأ المزيد

المنبر التقدمى يشجب التفجيرات فى المنطقة و يدعو لمواجهة التحديات ورفض كل أشكال الفتنة والتمسك بالوحدة الوطنية.

في الوقت الذي تتهيأ فيه شعوب دول المنطقة والعالم الإسلامي قاطبة للإحتفال بعيد الفطر السعيد بعد انقضاء شهر رمضان الكريم بكل ما يحمل من فرح ووجدان وقيم تدعو للتسامح والتواصل بين البشر، وإذا بغربان الموت والدمار تتكالب مجددا على المنطقة ناثرة الموت والدمار والإرهاب من خلال تفجيرات إجرامية راح ضحيتها العدد الكبير من الضحايا الأبرياء موزعة حقدها الأسود بين دول المنطقة.

أن ما حدث من تفجيرات في حي الكرادة بالعراق وفي عدة اماكن داخل المملكة العربية السعودية، من بينها عملية التفجير التي تمت قرب مسجد للمصلين في مدينة القطيف بالمنطقة الشرقية والاعتداء الآثم في مدينة جدة وما تبعها من تفجير إرهابي بالقرب من الحرم النبوي الشريف في المدينة، يضاف إلى ما سبق ذلك من تفجير إرهابي مدان أودي بحياة المواطنة فخرية مسلم بقرية العكر بالبحرين، وما أعلن منذ يومين عن إحباط دولة الكويت الشقيقة لمخطط إجرامي متعدد الأهداف استهدف أمنها واستقرارها.

اننا في المنبر التقدمي وإذ نعبر عن شجبنا وادانتنا لهذه الجرائم النكراء بأشد العبارات معزين عوائل وأهالي الشهداء ومتمنين الشفاء العاجل للجرحى والمصابين ، فإنه من الواجب أن نعيد التأكيد على دعواتنا السابقة بأهمية توحيد الجهود الرسمية والشعبية كافة وفي جميع بلدان المنطقة من أجل استعادة الوحدة والتلاحم بين جميع مكوناتها والحفاظ على السلم الأهلي الذي هو ضمانة الاستقرار والتنمية المستدامة فيها.

وفي خضم ما يدور من أحداث متلاحقة، يجدد المنبر التقدمى دعوته لكل قوى المجتمع البحرينى ولكافة دول الجوار، للعمل الدؤوب من اجل تجاوز كافة التحديات الشاخصة ولإفشال ورفض مشاريع الفتنة والتشطير إلتي تعمل عليها قوى خارجية وداخلية باتت أكثر وضوحا، ولن يتأتى لنا ذلك الا عبر إرساء دعائم ومقومات راسخة تعزز من وحدة وتلاحم وتماسك نسيجنا الوطني بكل مكوناته بعيداً عن أدران الطائفية بكافة صورها وأشكالها، والدفع نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المرتكزة على تعزيز الأمن والاستقرار وجوهر وقيم المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية .

اقرأ المزيد

الصائغ: الطبقة الوسطى في الخليج تتآكل

قال رئيس جمعية الاقتصاديين جعفر الصائغ إن «دول مجلس التعاون الخليجي نجحت في صناعة أثرياء من غير شعوبها أي من العمالة الوافدة العاملة فيها، غير أنها فشلت في حماية الطبقة الاجتماعية الوسطى من مواطنيها من التآكل والتقلص». وبيّن الصائغ في ندوة قدمها في جمعية المنبر التقدمي في مدينة عيسى مساء الأحد (27 مارس/ آذار 2016) في مقرها بمدينة عيسى، تحت عنوان «الطبقة الوسطى الواقع والتحديات»، أن «في الخليج بشكل عام تشهد الطبقة الوسطى تراجعاً في دورها الاقتصادي في الوقت الراهن، وذلك بسبب بروز طبقة الأغنياء، والتوزيع غير العادل للثروة، والارتفاع في التضخم».

وأوضح أن «ذلك ستكون له نتائج سلبية على الاقتصاد حيث سيهدد الاقتصاد الخليجي، وهذا يرجع إلى عوامل عدة منها عدم استغلال الموارد المتاحة، غياب التنمية البشرية القادرة على الإبداع والابتكار ومساندة جهود التنمية، عدم نجاح سياسات تنويع مصادر الدخل، فلايزال الاقتصاد الخليجي يعتمد على القطاع النفطي بشكل كبير».

وشدد الصائغ على أن «يجب القول هنا إن الحكومات لا تتحمل وحدها المسئولية عن تراجع الطبقة الوسطى، فالأفراد يتحملون المسئولية أيضاً فهناك غياب لثقافة الادخار والاستثمار، وشيوع ثقافة الاستهلاك، وكذلك عدم التزود بالمعرفة لاستخدام الأدوات المادية، وبالتالي ظهرت مشكلات ناجمة عن الاستخدام الخاطئ للمال».

وقال الصائغ في مستهل الندوة: «يتفق الجميع من الاقتصاديين ورجال والسياسة على أن الطبقة الوسطى ‹› middle class›› تلعب دوراً محورياً في التنمية، وأنها صمام الأمان لتقدم وازدهار المجتمع اقتصادياً واجتماعياً».

وتابع «فكلما كانت هذه الطبقة مستقرو ومطمئنة وارتفع عددها كلما ارتقى المجتمع إلى مستويات أفضل وأرقى في النمو والتقدم، وأصبح قادراً على تحقيق أهدافه الاستراتيجية والتقدم إلى مصاف الدول المتقدمة، وعلى ذلك ينصح الاقتصاديون متخذي القرار السياسي والاقتصادي بضرورة الاهتمام بهذه الطبقة وحمايتها والعمل على توسعتها لتشمل أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع». وأشار إلى أن «النظام الاقتصادي الذي يفشل في حماية وزيادة هذه الطبقة يكون نظاماً فاقداً للحكمة والرؤية الاقتصادية البعيدة المدى ونظاماً يتميز بالفوضى وسوء التدبير».

وذكر أن «هذه الطبقة التي يجب أن تكون محمية وتحت الرقابة المباشرة من قبل مهندسي النظام الاقتصادي، هي مصدر النمو والازدهار والاستقرار الأمني والاجتماعي ومصدر رئيسي للابتكار والإبداع».

وأردف الصائغ أن «الطبقة الوسطى التي اجتهد علماء السياسة والاقتصاد والاجتماع في تعريفها وتفسيرها وتحديد دورها في التنمية ألفت عليها كتب ونظريات، ولاتزال تشغل فكر المحللين والكتاب، فمنذ العام 1775 عندما أطلق عليها هذا الاسم الكاتب الايرلندي جيمس برادشو الذي قال إنها تتوسط موقعاً بين طبقة النبلاء وطبقة الفلاحين في أوروبا وحتى يومنا هذا لاتزال هناك اجتهادات عديدة تتعلق بالمفهوم وفلسفة ودور هذه الطبقة».

وواصل «أما عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر فعرفها بأنها الطبقة التي تجلس في وسط الهرم الاجتماعي، أي أنها تكون بين الطبقة العاملة الشعبية الكادحة الفقيرة والطبقة العليا الثرية الارستقراطية البرجوازية والتي تتمتع بفوائض مالية ضخمة. وقد ذهب بعض المفكرين إلى أن هناك عوامل رئيسية تعمل على التحديد الطبقي للمجتمع تشمل ملكية الأرض، وملكية رأس المال، والنسب، واستقلالية المنصب ومواقع القوة».

وأوضح أن «تمركزها الاجتماعي الوسطي له مؤشرات كثيرة منها مستوى الدخل، حيث تتمتع بمستوى دخل يمكنها من ممارسة دورها في الاستهلاك العام حيث تمثل عنصراً أساسياً في حجم الطلب العام ومن ثم الداعم الرئيسي لنمو الناتج المحلي الإجمالي. كما تتمتع بقدرة إجمالية على الادخار ومن ثم الاستثمار وزيادة حركة دوران رأس المال».

وأفاد بان «تتمتع هذه الطبقة بمستوى جيد من التعليم والثقافة والمعرفة والمهارات العملية التي تمكنها من شغل الوظائف التي يخلقها الاقتصاد الوطني في القطاعات المختلفة، الأمر الذي يعني أن متخذي القرار الاقتصادي يعتمدون اعتماداً كلياً على أفراد هذه الطبقة كأداة اقتصادية مهمة في عملية تنفيذ الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية وهي بذلك تمثل الضمان لبناء مستقبل زاهر للأجيال القادمة».

وتابع «في الاقتصادات المستقرة يتم التعامل مع مكونات هذه الطبقة على أنها خزينة من رأس المال البشري المثقف الواعي أو كما سماها البعض بأنها ذات رأس مالي ثقافي».

ولفت إلى أن «هذا يعني أن هذه الطبقة تعتبر العمود الفقري للمجتمع لما لها من مساهمة اجتماعية اقتصادية فعالة، وقد ذهب الكاتب برادشو إلى وصف هذه الطبقة بالرأسمالية التي صارعت طبقة النبلاء وقادت الثورة الفرنسية حيث نجحت في الإطاحة بالنظام السياسي القديم وذلك بفضل ما تمتلكه من مال ووعي وعلم وثقافة».

وأكمل الصائغ أن «ما يميز طبيعة هذه الطبقة هي أن حجمها متغير دائم ويعتمد نموها على تحسن ونمو الاقتصاد الكلي والوضع المالي للبلد، وأن حجمها قد يتناقص مع ضعف البيئة الاقتصادية وسوء استخدام الموارد المتاحة وعدم ملاءمة السياسة الاقتصادية. فكلما ازدهر الاقتصاد وتحسن وضعه المالي وتنوعت مشاريعه التنموية ومصادر الدخل وزاد الاستثمار في قطاعات التعليم والصحة نمت هذه الطبقة وأصبحت قادرة على استقبال قادمين جدد من الطبقة الأدنى الفقيرة».

وأضاف أن «نمو هذه الطبقة وتحسن وضعها المعيشي وقدراتها المهنية والعلمية مرهون بوجود استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي وبتبني سياسة اقتصادية فعالة وقادرة على استغلال الموارد المتاحة في تنويع القاعدة الإنتاجية بحيث ألا يعتمد الاقتصاد على قطاع معين وإنما على القطاعات الاقتصادية المختلفة».

اقرأ المزيد

المرأة الحديدية

درست ديلما روسيف، رئيسة البرازيل السابقة، الاقتصاد، وقاومت مرض السرطان حتى انتصرت عليه. يشبّهها البعض بالمستشارة الألمانية ميركل لما هي عليه من قوة وعزم وإصرار، وهو ما أظهرته حتى بعد قرار البرلمان البرازيلي بتنحيتها عن منصب الرئاسة، في الكلمة الأخيرة التي ألقتها قبل مغادرتها القصر الرئاسي مقرة: «وقعتُ في أخطاء، لكن لم أرتكب جريمة»، معبرة وبتصميم عن عزمها على مواصلة «القتال» لتعود إلى الرئاسة ثانية، ولا تعني بالقتال هنا أنها ستحمل السلاح، وإنما إظهار العزم على خوض معركتها مع خصومها حتى النهاية، عبر القانون، تماماً كما لجأ الخصوم إلى القانون لإزاحتها.
 
ولو كانت أمريكا اللاتينية تعيش ظروف سبعينات القرن العشرين لما تردد هؤلاء الخصوم بإزاحتها عبر انقلاب عسكري، على دأب الجنرالات في تلك المرحلة، بالإطاحة بالرؤساء الشرعيين الذين وصلوا إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع كما فعل الجنرال بينشويت مع الرئيس التشيلي المنتخب سلفادور الليندي، لكن زمن الانقلابات العسكرية، كما زمن الكفاح المسلح أصبحا ماضياً في القارة التي ولجت اللعبة الديمقراطية، لتنقل المعركة من ساحة السلاح إلى ساحة السياسة.
 
توصف ديلما روسيف أيضاً بالمرأة الحديدية وهو نفسه اللقب الذي كان يطلق على مارغريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطاني الأسبق، التي لم تكن تجد غضاضة في أن توصف بأنها «الرجل الوحيد» في حكومتها، في إشارة إلى طغيان شخصيتها على باقي فريقها الحكومي. ومثلها لم تجد روسيف غضاضة في تقريع وزرائها علناً، ولا غضاضة في القول للصحفيين، ولو على سبيل المزاح: «أنا المرأة الفظة الوحيدة في البرازيل ومحاطة برجال لبقين».
 
ولدت لأب بلغاري، وهو محامٍ يساري الميول هاجر إلى البرازيل في نهاية عشرينات القرن العشرين هرباً من الاضطهاد قبل أن تصبح بلغاريا تحت الحكم الاشتراكي. من الأب، على ما يبدو، ورثت البنت البالغة اليوم ثمانية وستين عاماً، ميوله اليسارية، ما عرضها للاعتقال والتعذيب فترة الحكم العسكري بين الستينات والثمانينات الماضية، حين حكم عليها بالسجن ست سنوات، قضت منها، سجينة، ثلاثاً على الأقل.
 
عنها قال معلمها رئيس الجمهورية السابق لولا دي سيلفا الذي عينها وزيرة: «لقد وصلت ومعها حاسوبها الصغير. وبدأنا نتناقش وشعرت بأن لديها شيئاً مختلفاً». ورغم أنها ليست من الوجوه التاريخية في حزب العمال، إلا أن دي سيلفا حين عزم على عدم ترشيح نفسه دفع بها مرشحة لرئاسة البلاد خلفاً له، ففازت في ولايتين متتاليتين بالمنصب، ما جعلها تتفاخر في وجه من أطاحوا بها: «لقد عزلتم الرئيسة التي جاءت بأصوات 54 مليون ناخب». 
اقرأ المزيد

ما بين قوة فرد العضلات والقوة الناعمة..روسيا نموذجاً

اختارت مجلة “الايكونومست” البريطانية الشهيرة وضع الجزء العلوي من صورة الرئيس بوتين داخل مجسم حديدي مجوف لعملاق بعضلات مفتولة يستعرضها على طريقة لاعبي كمال الأجسام، وعنونت الصورة بكلمتين موحيتين “القوة الخارقة..الجوفاء” (Hollow superpower) ، وجعلت من هذا التصوير موضوعا لغلاف عددها الأسبوعي الذي يغطي الفترة 19-25 مارس 2016.
 
وقد أفردت لهذا الموضوع 5 صفحات كاملة من بينها افتتاحية المجلة التي حملت عنوان الغلاف إياه (القوة الخارقة..الجوفاء)، فيما خصصت الصفحات 16 و 17 و 18 للحديث عن حرب بوتين في سوريا بغرض رفع أسهم شعبيته داخل روسيا، بحسب المجلة. ومواصلة لتغطية الدور العسكري والسياسي الروسي في سوريا، أفردت المجلة صفحتها رقم 31 للحديث عن الجانب السياسي والدبلوماسي الذي مثلته المبادرة الروسية الأمريكية المشتركة لحل الأزمة السورية.
 
في المقدمة، ما أن تبدأ في قراءة موضوعها حتى تتأكد من صحة مقولة “إن بعض الكتب تُقرأ من عناوينها”. فلقد حفل بمفردات عدائية ساخنة، هي مزيج من التهكم والسخرية والكيد والتحريض الصريح للولايات المتحدة ولحلف الناتو لاتخاذ “مبادرات” حربية ضد روسيا، ونشر مزيد من القوات الأطلسية في جمهوريات شمال البلطيق السوفييتية السابقة، ولكأني بكاتب تلك المقدمة أراد تمثيل حالة الغضب والحنق البالغين وهو يخط مقدمة العدد.
في الموضوع الثاني الذي حمل عنوان “استراتيجية المسرح” (الحربية)، فإن صفحاته الثلاث (16،17،18)، كُرست تماما للهجوم الشخصي على الرئيس الروسي بالاستعانة بالخطاب الاعلامي البريطاني الكلاسيكي المنتمي لسنوات الحرب الباردة..من كيد وقدح وذم في روسيا وتسقيط طاقاتها الاقتصادية بالحديث عن مفعول العقوبات الغربية ضدها. ولم تنس المجلة في معرض هجومها الغاضب على الرئيس الروسي، الإشادة بخطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي أعلنها في شهر فبراير الماضي، القاضية بزيادة مخصصات الانفاق العسكري الأمريكي في بلدان وسط وشرق أوروبا، بما فيها دول البلقان، الى 3.4 مليار دولار، قبل أن تنهي المجلة موضوعها بتحدي الرئيس بوتين ارسال قوات برية لأوكرانيا وسوريا بدلا من سياسة الاستعراض الجوي. 
   
واستكمالا للتغطية الواسعة التي حظيت بها روسيا ورئيسها في هذا العدد من المجلة المذكورة، فقد أفردت لهما موضوعا ثالثا (صفحة 31) حمل عنوان “مفاجأة روسيا في سوريا..بوتين صانع سلام”، انصب للتقليل من شأن ما أسمته المجلة “مفاجأة بوتين الجديدة”، المتمثلة في قرار سحب معظم القوات الروسية من سوريا واطلاق جولة جديدة من محادثات السلام بين أطراف الصراع في سوريا. إذ ترد المجلة على بوتين بالقول إنه لم يسحب كامل قواته، فلازال هناك 12 طائرة حربية على الأقل مرابضة في طرطوس بالقرب من اللاذقية ستواصل تحليقها من هناك، ولازال هناك حوالي 1000 من المستشارين العسكريين والقوات الخاصة متواجدين  للرد على أي طارىء، ولازالت منظومة صواريخ أس-400 منصوبة على الأراضي السورية. والنتيجة، بحسب المجلة، أن بوتين وفر مبلغ الثلاثة ملايين دولار يوميا، هي تكلفة عمليته العسكرية في سوريا، في ذات الوقت الذي أبقى على وجوده هناك. ولا تنس المقالة أن تبدي أسفها على تضاؤل ما أسمته التفاهمات الأمريكية الروسية لتقسيم سوريا الى ثلاثة أقاليم، اقليم غربي يمتد من اللاذقية في الشمال نزولا حتى العاصمة دمشق، وتحكمه غالبية علوية، واقليم في الشمال الشرقي يحكمه الأكراد السوريون، وما تبقى يشكل الاقليم الثالث الذي ستحكمه غالبية سنية سيتم توفير الدعم الجوي الغربي والروسي لها لتحرير مدينة الرقة من سيطرة داعش.
 
الآن وبعيدا عن لغة الحرب الباردة التي لازالت تغلف الخطاب الاعلامي البريطاني الكلاسيكي، وبضمنه مجلة الايكونومست، فإن الموضوعية تقتضي التسليم بصوابية جوهر ما ذهبت اليه المجلة في عددها المشار اليه آنفا، وهو لجوء روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين لسياسة فرد العضلات العسكرية الضاربة كأداة لتحقيق الأهداف السياسية. في ذات الوقت الذي صارت فيه الولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما تميل أكثر لاتباع سياسة “القوة الناعمة” أو “القيادة من الخلف” كما سماها الرئيس أوباما نفسه، ولكن من دون التخلي عن “سياسة العصا الغليظة للقوة العسكرية الضاربة” الأثيرة دائما لقلوب قادة المؤسسة الأمريكية الحاكمة، والتي أمنت للولايات المتحدة على مدار العقود السبعة الأخيرة، هيمنة كونية شاملة. 
 
سياسة استخدام قوة “العصا”، لها أكلاف باهظة ولها متطلبات لا تستطيع كبريات الدول تحملها اذا لم تكن “عوائدها” المادية والاستراتيجية تفوق تلك الأكلاف. الصين مثلا لا تفضل مجاراة الولايات المتحدة في استخدام “عصاتها” العسكرية لتعضيد وتعزيز وتوسيع قوتها الاقتصادية “الضاربة” ونفوذها العالمي. هي أميل الى “الانتشار” الاقتصادي الهادىء في “أعالي البحار”، كالقارتين الافريقية والأمريكية اللاتينية. حتى واشنطن بدأت تستشعر وطأة الكلفة الباهظة والمتزايدة لاستمرار وظيفتها القيادية العالمية باستنفار (واستخدام إن اقتضى الأمر) كافة أذرعها، العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، على مدار الساعة. وسمعنا خطابات المرشح الجمهوري دونالد ترامب، التي انتقد فيها حلفاء بلاده الأوروبيين الذين يتقاعسون عن تقاسم أكلاف الجهد القيادي الأمريكي العالمي مع بلاده، قبل أن يطالبهم بدفع جزء عادل من تلك الأكلاف.
 
هل نجحت روسيا في توظيفها لـ”عصاها” العسكرية الضاربة؟ وهل بوسعها المداومة على هذا التوظيف “كلما اقتضت الحاجة”؟..يمكن القول بشيء من التحفظ أنها نجحت فعلا في جورجيا (استعادتها لأوسيتيا الجنوبية التي احتلتها جورجيا لبضعة أيام في عام 2008)، وفي أوكرانيا (استعادة شبه جزيرة القرم وسيفاستوبل من أوكرانيا في عام 2014)، وفي سوريا (منع سقوط النظام السوري وإعادة تثبيته في مفاوضات الحل النهائي للأزمة السورية). ولكنها لا تستطيع تأمين عنصرالاستدامة لمثل هذه النجاحات المبنية على ذارع القوة، لأن طاقتها الاقتصادية لا تسعفها كما هو حال الولايات المتحدة التي تتمتع حصريا بامتياز احتكار صك عملتها واجبار العالم على تداولها. 
اقرأ المزيد