المنشور

المنبر التقدمي يطالب بإنهاء كافة انتهاكات حقوق الانسان والتصدي للجرائم ضد الانسانية

بمناسبة اليوم العالمي لذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق

المنبر التقدمي يطالب بإنهاء كافة انتهاكات حقوق الانسان والتصدي للجرائم ضد الانسانية

 

    يصادف غداً الثلاثاء ٢٣ اغسطس اليوم العالمي لذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر الأطلسي التي عدت ضمن أسوأ انتهاكات حقوق الانسان على امتداد التاريخ البشرى لطول أمدها الذي بلغ أربعمائة عام وقارب حجم ضحاياها نحو ١٧ مليون انسان باستثناء اولئك الذين لقوا حتفهم أثناء نقلهم نتيجة ما عرف بجرائم ضد الانسانية والتي تتجلى اليوم في صور ومظاهر شتى في العديد من دول العالم تجرد الانسان من معاني الانسانية والكرامة وتعد وصمة عار على جبين الانسانية تندى لها ضمائر شعوب العالم قاطبة.

ان المنبر التقدمي وهو يستذكر هذه المناسبة التي تشكل حقبة سوداء في تاريخ البشرية، وينوه بما يعنيه    إحياء هذه الذكرى في ظل   عودة مظاهر جديدة لتجارة الرقيق الأبيض   والعبودية الحديثة التي     تمثلت في ممارسات إتجار بالبشر واستغلال النساء والأطفال    جسدياً   واقتصادياً وجنسياً، بجانب مظاهر عنصرية وتحيز وانتهاكات لحقوق الانسان، بجانب ما أفرزته   الصراعات و الحروب القائمة في بعض دول المنطقة من مظاهر عبودية شرسة تمثلت في شتى   انواع استغلال ضحايا الحروب والمشردين واللاجئين دون أدنى مراعاة للقيم الأخلاقية والإنسانية والحقوقية، فانه يدعوا الى اعتبار هذه المناسبة فرصة للتفكير فيمن عانوا او ماتوا تحت وطأة اي شكل من أشكال العبودية والعنصرية والاسترقاق واستغلال الانسان وانتهاك حقوقه، وفرصة لمراجعة كل الوسائل والسبل التي تنفذ منها المافيا الدولية وعصابات تجارة الرقيق الأبيض   وأولئك الذين يواصلون في هذه التجارة بسبل وسائل ملتوية ، كما يرى التقدمي ان هذه ايضاً فرصة مناسبة لرفع مستوى الوعي لدى الشباب في العالم حول مخاطر العنصرية والتحيز وكل أنواع الرق والعبودية.

وفى الوقت الذى يذكّر فيه التقدمي بهذه المناسبة وبانتهاكات الماضي فانه يدعوا الى تكثيف الجهود المحلية والإقليمية والدولية   من اجل إنهاء كافة أشكال انتهاكات الحاضر والتي منها ما وصف بانه النموذج الاول للعولمة، ولا سيما الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان، بجانب ما يتمثل من مساس بحقوق العمالة الوطنية والعمالة الوافدة، بجانب صور الاستغلال التي باتت تنتشر بصورة فجة في الكثير من الدول، ومنها تجارة الرقيق الأبيض التي أصبحت بحسب  منظمة اليونيسف    بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً مما يهدد مصير العائلات ووحدة الأبناء ويؤثر بطريقة سلبية على الطفولة في العالم، كما ينوه التقدمي بكثير من التقدير بجهود اولئك الذين عملوا بجد ويتواصلون بذل جهود كبيرة للقضاء على مختلف أشكال العبودية في العصر الحديث والتعديات على حقوق الانسان في البحرين وفى جميعاً أنحاء العالم .

22 أغسطس 2016

المنبر التقدمي

اقرأ المزيد

بيان قوى التيار الوطني الديمقراطي فى ذكرى استقلال البحرين

تحل اليوم الرابع عشر من أغسطس ذكرى استقلال البحرين ورحيل الاستعمار البريطاني عن بلادنا والاعتراف الدولي بالبحرين دولة عربية مستقلة ذات سيادة، وتعهد الحكومة حينها بانجاز العقد الاجتماعي الذي يؤكد على يكون الشعب مصدر السلطات جميعا، ووفقا لمواثيق الامم المتحدة وقراراتها التي اعلنت اعترافها باستقلال بلادنا في ضوء موافقتها على تقرير لجنة تقصي الحقائق الاممية التي أكدت تمسك شعب البحرين بانتماءه العربي وبتحديد مصيره في الدولة المستقلة ذات السيادة. هي ذكرى نصر وعلامة عزة للبحرين وشعبها الأبي، وهى ذكرى خالدة لا يجب أن تغيب عن ذاكرة البحرينيين جيلاً بعد جيل، ونضالات ابنائها وما قدموه من تضحيات وشهداء لمواجهة المستعمر من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
وإذا كان من المستغرب حقاً محاولة تغييب هذه الذكرى وتجاهلها أو حتى محوها من ذاكرة الشعب البحريني، فان قوى التيار الوطني الديمقراطي لتستذكر باعتزاز هذه المناسبة الوطنية الخالدة، وما تفرضه من معاني الولاء والانتماء لهذه الأرض،  وتدعو فى نفس الوقت إلى استلهام الدروس والعبر من هذه الذكرى وفي المقدمة منها التمسك بالوحدة الوطنية وعروبة البحرين والاستقلال الوطني ورفض التدخل في الشئون الداخلية، وهي جميعها دروس نحن اليوم فى أمس الحاجة للتمسك بها وتعميق الارتباط بذلك التاريخ الوطني المشرف .
ان قوى التيار الوطني الديمقراطي ترى فى هذه الذكرى العظيمة مناسبة للتأكيد على التمسك بالوحدة الوطنية ومناهضة ورفض كل أشكال التمييز والانشطار المجتمعي  وتشويه تاريخ الشعب البحريني ونضالات أبناءه ، وتدعو هذه القوى إلى تغليب الحلول الوطنية الخالصة لكل قضايا وشئون الشعب والوطن، على أية حلول أخرى لا تؤدى إلى ما ينشده ويتطلع إليه الشعب.
وترى هذه القوى ان الأجواء والمناخات الراهنة المقلقة والتي تتعاظم على وقع مجريات الأحداث الإقليمية تفرض على الأطراف والقوى ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني الأخذ فى الاعتبار بأنه ليس هنالك قضية فى الظروف الراهنة تتقدم على الوحدة الوطنية، ورفض كل بواعث الانقسام والفتنة وإثارة  الحساسيات والغرائز الطائفية والمذهبية.
كما تعبر هذه القوى عن بالغ قلقها من مجمل التطورات السياسية والأمنية والاجتماعية، وفي مقدمتها العراقيل والصعوبات التي تواجه العمل السياسي الوطني حيث تتصاعد الإجراءات الأمنية والقمعية والاستدعاءات والاعتقالات، وهي جميعها تلقي بظلالها على المشهد الوطني برمته وهو ما يعني استمرار وبقاء بلدنا في ذات المريع الأول للأزمة وتداعياتها والتي تزداد تأزماُ بمرور الوقت وتتناسل منها أزمات أخرى في ظل انسداد أفاق الحلول السياسية خاصة مع أطلاق العنان مرة أخرى للاصطفافات الطائفية والسماح بعودة التجاذبات الداخلية وإعادة إنتاج الخطابات المحرضة  على الكراهية والإقصاء، الأمر الذي يساهم في تمزيق نسيجنا المجتمعي وضرب وحدتنا الوطنية، وتهديد السلم الاهلي والاستقرار الاجتماعي، في ظل تفاقم الارتدادات الخارجية التي تفرزها الصراعات الإقليمية، بكل ما تحمله من مخاطر على أمننا الوطني والقومي.
لكل هذه الأسباب والمعطيات، تجدد قوى التيار الوطني دعوتها إلى فتح مسار للحوار الوطني الحقيقي والقادر على إيصال كل الأطراف إلى محطة الحلول السياسية الوطنية التوافقية والتعاطي مع هذا الخيار الذي لا مناص منه كضرورة وطنية واجتماعية وإنسانية، وبدون أدني شك أن مثل هذا الخيار يحتاج إلى إرادة سياسية ونوايا صادقة يمكن ترجمتها إلى خطوات ايجابية لتبريد الساحة والدفع بها في اتجاه التهدئة السياسية والإعلامية وأشاعه أجواء الثقة والأمل ووضع بلدنا على سكة الأمان والاستقرار وتحصين وضعنا الداخلي في وجه كل المخاطر والتحديات الداخلية والخارجية، كما لا بد من إعادة تنشيط المسارات السياسية التي تعزز الديمقراطية وتحترم الحريات وحقوق الإنسان، وتعلي من قيم المواطنة المتساوية.
كما تدعو قوى التيار الوطني الديمقراطي الى إطلاق  البرامج والمبادرات التى تترجم معاني الوحدة الوطنية، وتحقق أهداف ومصالح شعبنا الحقيقية المتمثلة في الانفراج الامني والسياسي عبر الافراج عن معتقلي الرأي والضمير، وبناء دولة المؤسسات والقانون وتشييد المملكة الدستوريةعلى غرار الديمقراطيات العريقة التي بشر بها ميثاق العمل الوطني.
وفي ذات السياق الوطني تطالب قوى التيار الوطني الديمقراطي الجهات الحكومية الرسمية بمعالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي باتت تشكل عبئا ثقيلا على المواطن وفي مقدمتها أعباء رفع الدعم والأسعار وتدني مستويات الدخل وارتفاع معدلات البطالة والتي تتفاقم جميعها في ظل استشراء الفساد وسوء التخطيط والتجنيس، وتدعو لمعالجة هذه القضايا بروح من المسؤولية الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تحفظ الحقوق وتصون الكرامة الإنسانية.
عاش شعب البحرين .. وعاش تاريخه الناصع ، وعاشت وحدته الوطنية ..
14 أغسطس 2016
“جمعية العمل الوطني الديمقراطي “وعد
جمعية المنبر التقدمي
جمعية التجمع القومي الديمقراطي

اقرأ المزيد

بمناسبة اليوم العالمي للشباب | المنبر التقدمي يدعو الى التعامل مع الشباب بمنتهى الوعي والمسؤولية

بمناسبة اليوم العالمي للشباب الذى يصادف يوم الجمعة الموافق ١٢ اغسطس من كل عام ، دعا  المنبر التقدمي عبر قطاع الشباب والطلبةكل الأطراف المعنية والمسؤولة والمهتمة بالشأن الشبابي الى وقفة تأمل ومراجعة لواقع الشباب البحريني ودراسة سبل النهوض بهذا الواقع من خلال سياسات وبرامج ومشاريع مدروسة تشكل قيمة نوعية في مسار التعاطي الجاد واللازم والمطلوب  مع قضايا وشئون الشباب ، وتوفر منظومة ممنهجة على أسس وطنية تتبنى وتشجع وتدفع الى مبادرات ذات جدوى حقيقي تجعل مجتمع الشباب يفكر ويعمل ويبدع ويبتكر ويعطى الفرصة للمشاركة في صناعة المستقبل وتجعله مسلحاً بالعلم والمعرفة والوعي بما يجعله بمنأى  عن أي استغلال او غلو او تعصب او تطرف او اي نوع من الاستقطابات التي تدفع الشباب الى مسارات سلبية او تغذى فيه افكار ونعرات طائفية ومذهبية  وكل ما يهدد مصلحة الوطن ويمس وحدته الوطنية وسلمه الاجتماعي ويعرقل فرص التقدم الحقيقي او تجعله ينخرط في معارك وهمية او تحديات لا علاقة لها بالمستقبل    .
ودعا قطاع الشباب والطلبة بالمنبر التقدمي جميع قوى المجتمع البحريني  الى الإدراك الواعي بطبيعة التحديات التي تواجه الوطن ، وقالت ان هذه التحديات استثنائية و كبيرة بكل المقاييس ، وتحتاج الى إرادة حقيقية وواعية وصلبة ضد كل ما يحاك للوطن والمواطنين ومن يريد لهم الانشطار ويدفع بهم نحو الانقسام والفتنة والتخندق الطائفي والمذهبي ، وتؤكد اللجنة على اهمية دور شباب البحرين ووعيهم في مواجهة هذه التحديات والمخاطر ، وتدعو في هذا السياق الى مبادرات شبابية موزونة تنهض بقدرات ووعي  الشباب باعتبارهم صناع المستقبل وعلى عاتقهم تقع المسؤوليات ، مبادرات نخلق آليات للحوار الجاد معهم حول مستقبل  الوطن وشئون شباب الوطن ويجعلهم يزرعون سنابل الأمل   .
ويؤكد القطاع ان البحرين لن يكون بوسعها التغلب على سلسلة المشاكل التي تغمر واقعنا الراهن الا عن طريق وضع الشأن الشبابي في صدارة الأولويات والاهتمامات خاصة عبر إيجاد نوع من التنسيق والتكامل بين الدولة والمجتمع ، بما في ذلك الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لرعاية الشباب ومساعدتهم في تجاوز مشكلاتهم أياً كانت ، من خلال أنشطة وبرامج نوعية متنوعة تولى الاهتمام والرعاية وتفسح المجال للشباب بان يكون لهم دور في صنع القرار والتخطيط ،والتحصن ضد الغلو والتطرف ، ولا بد ان يقترن ذلك بالإيمان  بان قدرات الشباب البحريني وتوجيهها في البناء والتنمية وتعميق مفاهيم الوحدة الوطنية ونبذ التعصب بكل اشكاله وانواعه ، يمكن ان تنمو بشكل كبير وتعطي أملاً في المستقبل ومواجهة ما فيه من تحديات ، وان كل ما هو مطلوب الوثوق بالشباب وإفساح المجال لهم وعدم التضييق عليهم والتعامل معهم بمنتهى الوعي والمسؤولية .

قطاع الشباب والطلبة في المنبر التقدمي

اقرأ المزيد

وثيقة المراجعة النقدية لموقف المنبر التقدمي من تحرك 14 فبراير وتداعياته

كما أقرتها اللجنة المركزية في اجتماعها المنعقد 

يومي الثلاثاء والآربعاء 14 و15 يونيو 2011

بتكليفٍ من المكتب السياسي للمنبر التقدمي في اجتماعه بتاريخ 2 أبريل 2011 تشكلت لجنة مكونة من الأمين  العام للمنبر وأمين السر ومسؤول قطاع النقابات لتقييم التحرك الذي شهدته البحرين منذ الرابع عشر من فبراير 2011، ومراجعة الموقف الذي اتخذه المنبر التقدمي من المشاركة فيه، بوضع مسودة هذه الوثيقة، التي راجعها المكتب السياسي في عدة اجتماعات، كما جرى الاستئناس برأي بعض كوادر المنبر التقدمي ورموزه حول مضمونها، ثم ناقشتها وأقرتها اللجنة المركزية في اجتماعها يومي 14 و15 يونيو 2011.

إن موقف المنبر من ذلك التحرك بُني على أساس التوجه العام للجنة المركزية في اجتماعها المنعقد بتاريخ 15/2/2011 والذي جرى الـتأكيد عليه في اللقاء التشاوري مع اعضاء المنبر مطالع مارس الماضي من منطلق الالتزام بالمطالب المشروعة في الملكية الدستورية، في إطار الشرعية  الدستورية والقانونية، وبالحقوق المعيشية للمواطنين والتي كانت عناوين هذا التحرك في البداية، وانسجام هذه المطالب مع أهدافنا ومطالبنا السياسية التي ينص عليها نظامنا الأساسي وبرنامج عملنا.

وقد انبنى موقفنا هذا من تراث التيار الذي يمثله “التقدمي” وتقاليده النضالية في الدفاع عن حقوق الشعب وفي العمل من أجل إصلاحات سياسية ودستورية جدية، وكان “التقدمي” حريصاً في بياناته ومواقفه ومداخلات قادته في اجتماعات الجمعيات السياسية والهيئات الشعبية المختلفة وفي وسائل الإعلام، على التأكيد الواضح والحازم بالتمسك بالوحدة الوطنية للشعب، وضرورة صونها، مبرزاً حقيقة أن الإصلاح والمشاركة الشعبية الحقيقية هما مطلبان لكل أبناء الشعب البحريني بمختلف الطوائف، بجانب دعوته للابتعاد عن أية شعارات وأهداف يمكن أن تحمل مدلولات مذهبية أو طائفية، مُبرزاً المشتركات الجامعة بين كافة مكونات شعبنا.
كما إنبنى موقف المنبر التقدمي على قناعته بضرورة التمسك بأساليب الاحتجاج السلمي، وتوجيه الجهود نحو أهداف الإصلاح السياسي والدستوري في اطار شرعية النظام القائم، ومن أجل توفير مستلزمات بناء المملكة الدستورية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني، بما تتطلبه من تداول سلمي للسلطة من خلال الآليات الديمقراطية، وإحداث تغيير إداري جذري يُحقق المشاركة الشعبية، ويبني أجهزة الدولة على معايير الكفاءة والنزاهة وصون حُرمة المال العام.

وكنا نرى ان فرصة سانحة قد نشأت في البلاد للدفع بإصلاحات سياسية ودستورية جذرية، تحت زخم التحرك الشعبي والمتغيرات في المحيط العربي، خاصة بعد انتصار ثورتي الشعبين التونسي والمصري، والانتفاضات الشعبية في ليبيا واليمن وتنامي النضال من أجل الديمقراطية في بلدان عربية أخرى، ولكن هذه الفرصة أعاقتها عوامل عدة، في مقدمتها الذهنية الأمنية التي تعاملت مع المطالبات الشعبية منذ بدء انطلاقها في 14 فبراير الماضي بروح القمع والتنكيل بالمحتجين، وأدت إلى سقوط عدد من الضحايا والجرحى مما دفع بالأمر نحو التأزم، وعدم ابداء الجمعيات السياسية المعارضة للمرونة الضرورية في التعاطي مع جهود ولي العهد لاطلاق حوار وطني بعد تكليفه بذلك من قبل جلالة الملك، وتفاعل الأحداث بعد ذلك حتى تحولت القضية الى ورقة تجاذب اقليمي وحتى دولي، وبلغ الأمر ذروته بالخط التصعيدي لبعض الفئات المنخرطة في هذا التحرك، والتي طرحت في مرحلة لاحقة منه شعارات اسقاط النظام، التي تبناها ما عرف ب”الائتلاف من أجل الجمهورية”.

وقد أكد المنبر التقدمي في إطار المواقف الجماعية للجمعيات السياسية او في الاتصالات التي أجراها قادته مع الأطراف المتشددة في المعارضة على موقفه بضرورة التمسك بالمواقف التي اتفقت عليها المعارضة، وعدم دفع الأمور نحو التصعيد من خلال بعض الفعاليات أو الشعارات، مما أدى إلى إضعاف وتشتيت الجهود الموجهة نحو الإصلاح الذي كنا نرى أنه كان ممكنا وواقعياً.

ان المنطلقات المشروعة والصحيحة للمنبر التقدمي بالمشاركة في التحرك  لم تمنع الوقوع في عدد من الأخطاء يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1 – مع ان سياسة المنبر التقدمي تجاه العمل السياسي في البحرين تنطلق من خطه السياسي العام ومن برنامج عمله، ومن المواقف التي عبر عنها خلال السنوات الماضية منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي، ألا ان حجم التحرك واتساعه بصورة غير مسبوقة وفي غياب الخبرة الملموسة في التعاطي مع أزمة سياسية  بهذه الضخامة، تُحتم الإقرار بأن المنبر لم يمتلك رؤية متكاملة لأبعاد التحرك الأخير والمسارات التي يمكن أن ينساق اليها، خاصة بعد أن جرى اختطاف دفة مساره في اتجاهات تصعيدية.

وبنى  “التقدمي”موقفه في المشاركة على الرغبة في ألا يكون منعزلاً عن الحراك الموجود في الشارع، دون أن يحلل العوامل التي طرأت على مجريات الأمور، ومن بينها المخاوف التي نشأت في الشارع السني، خاصة مع توجه بعض الأطراف لتضخيم هذه المخاوف، مما دفع الأمور نحو الاصطفاف الطائفي بين الدوار وجامع الفاتح، دون أن يكون هناك بديل ثالث جاهز كان يمكن للمنبر وكافة مكونات التيار الديمقراطي أن تكون نواته الصلبة.

2- رغم وجود رأي آخر متحفظ لبعض الرفاق في قيادة وقاعدة المنبر على طريقة مشاركتنا في التحرك، ألا أن تلك المشاركة  بُنيت على أساس رأي الأغلبية الساحقة في اللجنة المركزية والمكتب السياسي وكذلك في قاعدة المنبر، لكن يجب الإقرار بأن خطورة الأحداث وسرعة تلاحقها كانت تقتضي آلية تشاور أوسع وأكثر انتظاماً داخل هيئات المنبر القيادية، من أجل أن تعكس مواقف المنبر الجوانب المختلفة للرؤية وتكتسب طابعاً متفقاً عليه.

3- عبر المنبر التقدمي عن رفضه القاطع في اجتماعات الجمعيات السياسية وفي كافة اللقاءات التي تمت أثناء التحرك لإعلان بعض الحركات السياسية عن شعارات تصعيدية مرفوضة شعبياً وسياسياً مثل إسقاط النظام والتحالف من أجل الجمهورية، كما رفضنا المسيرات الاستفزازية مثل مسيرة الرفاع وقصر الصافرية، وكافة دعوات التصعيد والعصيان المدني وقطع الطرق ووضع المتاريس، والتجمهر أمام المرافق العامة كالمرفأ المالي ومستشفى السلمانية، والزج بالمعلمين والطلبة في الأحداث بطريقة أدت إلى إرباك العملية التعليمية، وتنظيم إضرابات غير متفق عليها، ودعونا لإيقاف هذه الأجندة نظراً لخطورتها البالغة على البلاد والوحدة الوطنية، وكونها تعطي المبررات الكافية للتدخل الأمني لضرب الحركة المطلبية، لكن تلك الحركة التصعيدية فرضت أجندتها الخطيرة على الشارع.

 وقد أخطأ المنبر في عدم الإعلان عن موقفه هذا للرأي العام وللمجتمع في بيان مستقل ليكون على بينة من موقفنا، ومن الجهود التي بذلناها  ضد التصعيد الذي بلغه التحرك حتى لو كان هذا الموقف سيثير حفيظة المشاركين في التحرك المذكور والمعتصمين في الدوار، وسيشتت الموقف الموحد  للمعارضة ، حيث لم يكن كافياً أن يذود  المنبرعن موقفه في إطار اللقاءات والاتصالات، والمساهمة في الجهود التي بُذلت لمنع التصعيد.

4- لعبت الماكينة الاعلامية الايرانية في طريقة تعاطيها مع الأحداث دوراً سلبياً في تأجيج المخاوف لدى قطاعات شعبية واسعة، وغذت المخاوف المحلية والاقليمية من الأجندة الايرانية في المنطقة، وكان على بعض العناصر القيادية في المنبر أن تكون أكثر يقظة وحذراً في تعاطيها مع وسائل الاعلام المحسوبة على ايران أو الناطقة باسمها، وبالأخص قناتي “العالم” و”المنار”، فمع أن من حق المنبر التقدمي كقوة سياسية أن توصل مواقفها ورؤاها حول القضايا المختلفة لوسائل الإعلام المحلية والخارجية ذات المصداقية والحيادية، ألا أنه كان يتعين عدم الانجرار للتصريحات لهذه القنوات، لأن هذه التصريحات، حتى لو لم تبعد في جوهرها عن رؤية المنبر التقدمي حول الأحداث والرافضة للتصعيد، جرى توظيفها في الماكينة الإعلامية الإيرانية التي أساءت للتحرك الشعبي في البحرين، وأطرته في إطار مذهبي، بما يتلاءم   ونوايا إيران وتطلعاتها.

5- بذل المنبر التقدمي طوال الأحداث الماضية جهوداً من أجل ترشيد النهج السياسي وعقلنته والعمل على عدم ابتعاده عن المطالب المشروعة للشعب من خلال الترحيب بمبادرة سمو ولي العهد للحوار الوطني ومبادئ الحوار التي أعلن عنها، والتأكيد على الحفاظ على الوحدة الوطنية كأولوية يجب التمسك بها من خلال مراعاة المطالب السياسية لكافة الأطراف وفتح قناة الحوار مع تجمع الوحدة الوطنية، والاستجابة لكافة المبادرات الوطنية للخروج من الأزمة.
لكن رغم الجهد الذي بذله كل من المنبر التقدمي والتجمع القومي في تخفيض سقف وشروط مرئيات الجمعيات السياسية السبع في التعاطي مع مبادرة ولي العهد لبدء الحوار الوطني ونجاحهما في تعديل مسودة هذه المرئيات في بعض الجوانب، ألا انهما لم يفلحا في فرض المرونة الضرورية في التعاطي مع مبادرة الحوار لأن الخط التصعيدي لبعض الجمعيات المعارضة، حال دون إقرار أمور أخرى  طالبنا بها.

 ويؤخذ على المنبر التقدمي انه فضل الالتزام بالموقف الموحد للجمعيات، الذي تم التوصل إليه في مرئيات الحوار التي جرى التقدم بها إلى ديوان ولي العهد، على أن يعلن موقفاً منفرداً أقرب إلى قناعاته من مسألة الحوار. واتسم هذا الموقف بسوء التقديرمن جانبنا، في التعاطي مع تلك المبادرة بمسؤولية سياسية عالية، من أجل إعطاء فرصة للحل السياسي، ولتجنيب المعارضة مسؤولية المساهمة في إفشال هذا الحل.

6 – إن نقطة الضعف الجوهرية التي يُعاني منها الحراك السياسي في البحرين خلال السنوات الماضية، والتي تجسدت بصورة بالغة في التحرك الأخير، هي غياب أو ضعف الدور المستقل للتيار الوطني الديمقراطي، بسب فشله في بلورة صيغة للعمل المشترك بين مكوناته المختلفة تميزها عن الأطروحات والمواقف الأخرى في المجتمع، وفق برنامج معبر عن القضايا المشتركة للشعب يعمل على دمج الهويات الفرعية في هوية وطنية جامعة، كرافعة للعمل في سبيل الديمقراطية وآفاق الحداثة والتقدم، ومحاربة الفساد المالي والإداري والعبث بالمال العام، ومن أجل حياة حرة وكريمة لكافة مواطني هذا البلد.

إن غياب هذه الصيغة التنسيقية للتيار الديمقراطي كان له أكبر الأثر في عدم وضوح الدور المستقل لهذا التيار، مما انعكس بدوره على موقف المنبر التقدمي نفسه، حيث لم يتبين المجتمع بصورة كافية الفروق الضرورية بين هذا التيار والتيارات الإسلامية المعارضة، في الخطاب وفي الأداء السياسي، رغم التجربة المُرة للانتخابات النيابية الأخيرة.

ان كافة مكونات التيار الديمقراطي مدعوة لمراجعة نقدية وشفافة في هذا الاتجاه، من أجل بلورة رؤية مستقلة لها في إطار المعارضة، تشكل بديلاً جامعاً لكل الرافضين للخيارات الطائفية وحملات التحشيد المذهبي وبث أجواء الكراهية، ولن يتم تحقيق ذلك إلا بالعودة لتراث وتقاليد الحركة الوطنية التي نجحت في حشد وتعبئة الشعب بكافة مكوناته في النضال الوطني والديمقراطي، والبدء الفوري بوضع الخطوات العملية الكافلة لوحدة هذا التيار، واستعادة دوره الطليعي في أوساط الجماهير البحرينية.

وعلى صلة بذلك، من الضروري التوقف عند الحملة غير المسبوقة ضد المنبر والتيار الديمقراطي عموماً، ومحاولة تحميله الإنحرافات التي واكبت الحركه المطلبيه وتشويه سمعته، والإساءة إلى قيادته، والتحريض عليه في ظل أجواء الشحن الطائفي.

 وتتشابك في هذه الحملة الظالمة الأقلام المحسوبة على التيار اللبيرالي والإسلام السياسي، بذريعة الحرص على التاريخ الوطني للتيار الديمقراطي؛ بينما هدفها الحقيقي زرع الشقاق في الحركة الديمقراطية، والتحريض على قياداتها والتدخل في شؤونها التنظيمية، وتأليب الرأي العام ضدها، الأمر الذي يخدم مصالح القوى المتضررة من التحولات الإيجابية التي أسس لها ميثاق العمل الوطني التي تسعى إلى الإنقضاض على قيم الإنفتاح والحداثة للمجتمع البحريني.

إن الحملة الشرسة والظالمة على قيادات المنبر, بالرغم من تاريخها وتضحياتها ومواقفها الفكرية والسياسية المنحازة للديمقراطية والعدالة الإجتماعية والتقدم، والموجهة ضد المنبر والقوى الوطنية كحركة وفكر تتطلب تعزيز الوحدة الداخلية ووحدة التيار الوطني الديمقراطي وتوثيق الصلة بجماهير الشعب، ومنظمات المجتمع المدني لنشر فكر الإنفتاح والوحدة الوطنية أمام الهجمة المحمومة على التيار الوطني وسموم الإصطفاف الطائفي البغيض.

والمنبر الديمقراطي التقدمي إذ يتقبل كل الإنتقادات للخطأ في التصدي بحكمة للمرحلة الصعبة التي مرت بها البلاد للأسباب التي شرحناها، فانه يؤكد على ثوابته الوطنية والتقدمية،  ويرفض التطاول على دوره الوطني، وتشويه مواقفه ووضعه في خانة ولاية الفقيه والطائفية والإنقلاب على النظام.

ومن هنا يصبح الحفاظ على وحدة المنبر وتعزيز بنيته التنظيمية من خلال النقد والنقد الذاتي وتوسيع الحوار الداخلي، مهمة أساسية لأعضاء المنبر وقيادته، وهذا يتطلب اعادة تفعيل دور المنبر السياسي والتنظيمي، واستئناف عمل جميع اللجان والهيئات في انجاز برامجها وخطط عملها، وأن تكون دروس التجربة السابقة حافزاً لتطوير عملنا، والتغلب على الصعوبات التي أفرزتها المرحلة السابقة.

*****

إن البحرين اليوم تواجه خطرين يجب تضافر جهود جميع القوى الخيرة في سبيل درءهما، أولهما هو الشرخ الطائفي العميق الذي نشأ في البلاد، وهو شرخ لم يألفه شعب البحرين ومن مختلف الأجيال، وللأسف الشديد فان ماكنة محترفة تعمل على تغذية وبث روح الكراهية الطائفية والتعصب المذهبي وتأجيجها، بإثارة مخاوف لا أساس لها في الواقع، وتلعب أجهزة إعلامية وقوى مجتمعية وسياسية دوراً مكشوفاً في ذلك.

إن قوى مختلفة تعمل على تقويض الوحدة الوطنية لمجتمعنا التي بنتها أجيال من البحرينيين منذ منتصف القرن العشرين، وصانها التيار الوطني الديمقراطي وعززها في النضال المشترك لأعضائه من كافة الطوائف والانحدارات الذين وحدتهم التضحيات والأهداف الوطنية، والمنبر التقدمي مصمم، سوية مع كافة الشرفاء والغيورين على هذا الوطن ومستقبله، على بذل كل ما في وسعه من جهود لمنع التمادي في السير على هذا الطريق المدمر للجميع وبدون استثناء، والمضي في طريق الاصلاحات السياسية، واعادة بناء الوحدة الوطنية للمجتمع وصونها.

أما الخطر الثاني فهو الاستمرار في نهج المعالجة الأمنية والقمعية للوضع القائم، والذي يتخذ مظاهر الانتقام والتنكيل والاعتقالات، وهو طريق ستنتج عنه المزيد من الجراح والآلام وتأجيج الوضع وتفاقمه سياسياً وإنسانياً، ورغم أن هذا النهج جرى تجريبه في السابق مراراً، ولكنه لم يؤد إلى إخراج البلد من حال الأزمة، والدفع بها نحو الاستقرار، والحل الصحيح هو في العودة إلى خيار المعالجة السياسية، برغبة الاستجابة للمطالب الإصلاحية التي تلتف حولها الغالبية الساحقة من القوى السياسية والشخصيات الوطنية وقادة الرأي العام في البلاد، من أجل تمكين البلاد من السير في طريق التنمية المستقرة وتأكيد مبادئ المواطنة المتكافئة، والحفاظ على المكتسبات التي تحققت في العقد الماضي وتطويرها، ومنع محاولات إعادة البلاد إلى الوراء.

وتشكل دعوة جلالة الملك لحوار وطني شامل في الأول من يوليو القادم فرصة ملائمة لاستخلاص جميع الأطراف، في الدولة والمعارضة، الدروس الضرورية من التجربة التي مرت بها البلاد، وعبثية التصعيد السياسي غير المحسوب والحلول الأمنية خاصة بالنظر إلى النطاق الواسع في حل الإشكال السياسي، وذلك لن يتم إلا بالتمسك بثوابت المشروع الإصلاحي، والذي كان ميثاق العمل الوطني بما نص عليه من تحويل شكل الحكم في البلاد إلى ملكية دستورية، المرتكز الأساسي له.

ولابد من تهيئة الظروف الضرورية لنجاح هذا الحوار الوطني من خلال وقف الاعتقالات وسوء معاملة المعتقلين، واطلاق سراح جميع من لم تُوجه لهم تهم، وضمان محاكمات عادلة للماثلين أمام القضاء، وانهاء التسريحات الجماعية الواسعة التي طالت أعداداً كبيرة من العمال والموظفين في القطاعين الحكومي والخاص، وإعادة جميع من سرحوا أو أوقفوا عن العمل مع الاحتفاظ بكامل حقوقهم القانونية، وكذلك اعادة الطلبة الذين  فصلوا إلى جامعاتهم ومدارسهم، ووضع حد للسياسة الإعلامية التي تبث روح العداء وتُحرض على الكراهية.

اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي
15 يونيو 2011

اقرأ المزيد

كلمة الأمين العام للمنبر التقدمي د. حسن مدن في افتتاح المؤتمر العام الخامس ل”التقدمي” 15 مايو 2009

الرفيق المناضل أحمد الشملان الرئيس الفخري لمنبرنا التقدمي
الأخوة الأفاضل الأمناء العامون وممثلو الجمعيات السياسية
الأخوة والأخوات الأفاضل ممثلو مؤسسات المجتمع المدني
الأخوة والأخوات ضيوف المؤتمر
الرفاق والرفيقات أعضاء المؤتمر

أُسعدتم صباحاً جميعاً

نرحب بكم في افتتاح أعمال المؤتمر العام الخامس للمنبر الديمقراطي التقدمي، ونتوجه بالشكر الجزيل لضيوفنا الكرام على تشريفهم لنا بحضور هذه الجلسة الافتتاحية، وعلى ما استمعنا إليه من كلماتهم الطيبة، متطلعين للمزيد من أوجه التعاون والعمل المشترك بيننا في القضايا التي تهم هذا الوطن ومستقبله، كما اتوجه بالشكر الجزيل لأعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر على ما بذلوه من جهود كبيرة في التحضير للمؤتمر لإخراجه بالصورة اللائقة.

في مثل هذا اليوم نفتقد وجوهاً عزيزة غالية علينا، كانت معنا في مؤتمرنا السابق قبل أن يغيبها القدر، وأخص بالذكر المناضلين أحمد الفاتح وجمال عمران اللذين رحلا عنا بعد عطاء نضالي طويل، كما نحيي أيضاً ذكرى المناضل جعفر الصياد أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني البحرانية الذي ذاق مرارات السجون والمنافي، ورحل عن دنيانا منذ أسابيع قليلة.

وعلى الدوام يظل حاضراً في قلوبنا وعقولنا القائد الوطني الكبير أحمد الذوادي الأمين العام لجبهة التحرير الوطني البحرانية وأول رئيس لمنبرنا التقدمي، وأحد رجالات البحرين الأوفياء الذين تركوا أقوى البصمات في تاريخها، ومن سيرته الكفاحية ونهجه السياسي تعلمنا ونتعلم.

كما نفتقد في مثل هذا اليوم قائداً وطنياً كبيرا وشجاعاًً آخر هو المناضل عبدالرحمن النعيمي، والذي لولا وضعه الصحي  لكان الآن  معنا في مقدمة الحضور في هذه القاعة، وأن نتمنى له الشفاء العاجل ليعود لمواصلة دوره الوطني الكبير.

أيها الأخوة والأخوات
أيها الرفاق والرفيقات،

ينعقد المؤتمر العام الخامس للمنبر التقدمي تحت الشعار الرئيسي الذي تجدونه أمامكم:” الحوار الوطني الشامل طريق لوقف التراجعات السياسية وصون الحريات ونبذ الطائفية”، وهذا الشعار يحيط، في تقديرنا، بالمفاصل الرئيسية للمهام التي تجابه البحرين في المرحلة الراهنة من تطورها السياسي.

ينطلق هذا الشعار في تقديرنا من الحاجة الملحة إلى تجديد الإصلاح ، والعودة إلى المناخ المفعم بالآمال الذي أطلقه المشروع الإصلاحي لجلالة الملك عند انطلاقته، حيث وجد المجتمع في ذلك انعطافة جدية تقطع مع المرحلة السابقة المثقلة بالقمع والإرهاب وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات، وقد استقبل الشعب تلك الخطوات بشعور عال من الابتهاج وبالأمل في الانتقال بالبحرين إلى وضع جديد، مختلف نوعياً عما كان سائداً.

وبالتأكيد فان مكاسب جدية قد تحققت على صعيد الحريات المكتسبة خاصة في مجال إطلاق حرية العمل الحزبي والنقابي واتساع مساحات التعبير، وتحرير المجتمع المدني من الكثير من القيود التي كانت تكبله في الماضي، فضلاً عما شهدته الصحافة ووسائل التعبير الأخرى من تطورات ايجابية.

لكن مع تأكيدنا على أهمية ما تحقق يمكن القول أن عملية الإصلاح السياسي تعاني، في جوانب شتى، من الجمود والمراوحة، حيث تراجعت الديناميكية التي طبعت الأمر عند انطلاقة المشروع الإصلاحي، ولم تتحول عملية الانفراج السياسي والأمني التي تحققت في البلاد إلى إصلاح سياسي وإداري مستمر، على النحو الذي توجهت نحوه الآمال، خاصة وأن المشروع الإصلاحي نفسه ساهم في رفع سقف الآمال والتوقعات  لدى الناس، تجاه الآفاق التي يتعين أن يذهب إليها الإصلاح والمجالات التي يجب أن يغطيها.

ويعود ذلك إلى عدة أسباب بينها عدم استعداد الدولة للمضي في استحقاقات الإصلاح، التي تتطلب تنازلات جوهرية، والقطع مع أساليب المرحلة الماضية، بما يحقق الشراكة الجدية بينها من جهة وببن المجتمع من جهة أخرى، ممثلاً في القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، والحزم في السعي لإزالة الأسباب التي أنشأت مناخ عدم الثقة بين الطرفين في المرحلة الماضية،، فنشأت عقدة من القضايا الموروثة في مختلف الجوانب بحاجة للحل، خاصة وأن السلطة التنفيذية استمرأت على مدار عقود، العمل دون أي شكل من أشكال الرقابة الشعبية والمساءلة البرلمانية.

ومن بين الأسباب أيضاً التغيرات التي طبعت الوضعين الدولي والإقليمي، بتراجع نهج دمقرطة أنظمة الحكم، خاصة بعد ما أفرزته التطورات من انفجار للهويات المذهبية والطائفية في العديد من بلدان المنطقة، وانعكاسات ذلك على وضع البحرين، والمأزق الذي بلغته سياسة المحافظين الجدد والاتجاهات اليمينية في العالم عامة، بسبب رعونة هذه السياسة، مما وفر غطاء مناسباً للعودة عن بعض تدابير الإصلاح التي شهدتها بعض بلدان المنطقة.

وأدى اندفاع بعض القوى إلى أشكال الاحتجاج العنيفة، وازدرائها لآليات العمل السياسي اليومي الصبور الذي يجمع التراكمات ويبني عليها، إلى مواجهات غير محسوبة، ترتبت عليها تداعيات ألحقت الضرر بمجمل العمل السياسي في البلاد، وأعطت السلطة التنفيذية الذرائع لتغليظ الإجراءات المقيدة للحريات، والإفراط في استخدام القوة في مناطق مكتظة.

في هذه الظروف أطلق المنبر الديمقراطي التقدمي مبادرته للحوار الوطني الشامل، التي دعت إلى تغليب الحلول والخيارات السياسية في مواجهة التدابير الأمنية من جانب أجهزة الأمن من جهة،  وممارسات العنف في الشارع من جهة أخرى، ودعونا الجميع إلى الاتفاق على كلمة سواء من خلال إعلان مبادئ يفرض التزامات متبادلة على الدولة وعلى القوى السياسية والمجتمعية على حد سواء.

وهي التزامات تضمن للدولة مهابتها واحترام رموزها والإقرار بالنظام السياسي في البلاد كما نصت عليه المادة رقم 1 من الدستور، ونبذ كافة الممارسات العنيفة مهما كانت درجتها، والاحتكام لآليات العمل السياسي، كما تلزم الدولة بإغلاق الملف الأمني بإطلاق سراح جميع الموقوفين والسجناء السياسيين ووقف المحاكمات ووقف كافة الممارسات الحاطة  بكرامة الإنسان، وفتح حوار بينها وبين المجتمع حول القضايا الخلافية.

وقد حظيت مبادرتنا للحوار الوطني باهتمام واسع سياسي ونيابي وإعلامي وشعبي، وجاء العفو الملكي عن الموقوفين والسجناء في ما يعرف بالقضايا  الأمنية، لتؤكد صواب النهج الذي ثابرنا عليه بالدعوة للحلول السياسية، ورداً بليغاً على الذين اعتبروا قضية المعتقلين خطاً أحمر لا يجوز الاقتراب منه.

في هذا الإطار نقيم بشكل ايجابي دعوة جلالة الملك للحوار الوطني، وقد رأينا دائماً أن للمجلس الوطني دور محوري في هذا الموضوع، وهو ما أكدنا عليه خلال لقائينا مع معالي رئيسي مجلس النواب والشورى حين تقديمنا لهما نص مبادرتنا للحوار الوطني، ولكننا من جهة أخرى نرى أن المجلسين الكريمين بتركيبتهما الراهنة، مع احترامنا الكبير لأعضائهما ولما يمثلونه، لا يعبران عن كامل ألوان الطيف السياسي والمدني في البلاد.

وانه من الضروري إذا أردنا حواراً جاداً، لا مظهرياً أو استعراضياً، أن يجري التفكير في صيغة لتمثل كافة القوى والشخصيات السياسية والمجتمعية غير الممثلة فيهما، فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدني، ومجموع هذه القوى والمنظمات والشخصيات تشكل ثقلاً سياسياً ومجتمعياً لا يمكن الاستهانة بقوته وتأثيره.

إن رأي المنبر التقدمي في هذا الإطار يتلخص في التالي: نريد للحوار أن يكون أولاً: وطنياً: بمعنى ألا يكون مجرد تفاهمات أو صفقات بين الدولة ورموز هذه الطائفة أو تلك، وإنما حوار على المستوى الوطني العام، ثانياً: نريد لهذا الحوار أن يكون شاملاً فلا يستثني أحداً من القوى الفاعلة على الأرض وفي المجتمع بصرف النظر عن درجة اتفاقنا أو اختلافنا معها، وثالثاً: نريد لهذا الحوار أن يكون علنياً، تحت سمع وبصر الجميع وبآلية متفق عليها، وأخيراً: يجب أن تكون الدولة طرفاُ أصيلاً في هذا الحوار، لا مجرد مستمعة أو مراقبة.

إن هذه الأسس مستوحاة من مبادئ مبادرة المنبر التقدمي للحوار الوطني، التي ما زلنا نرى أنها المبادرة الأكثر تكاملاً وتوازناً وواقعية، فهي ترسم خريطة طريق واضحة ليس فقط  للتغلب على الاحتقان الوقتي، وإنما تُجنب البلد أية احتقانات في المستقبل إذا ما تهيأت لهذه المبادرة سبل التفعيل الذي سنظل نعمل في سبيله، ومعنا في ذلك إرادة صف واسع من الجمعيات والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني الحية التي آزرت المبادرة مشكورة.

ونرى أن الوقت مناسب للإقدام على خطوات فعلية في هذا الاتجاه، من شأنها أن تجدد الإصلاح عبر فتح حوار جدي حول مجموعة من القضايا التي يجب أن تناقش وتُحل، والمتصلة بأوجه الإصلاح السياسي والدستوري، وفي هذا المجال نقيم ايجابياً التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس النواب مؤخراً ونرى فيها خطوة في الاتجاه الصحيح، اتجاه الإصلاح الدستوري الذي يوسع من الصلاحيات التشريعية للمجلس المنتخب، ويعمق من الإصلاح السياسي عامة.

ولا تقل أهمية عن ذلك ضرورة إعادة النظر في النظام الانتخابي المعمول به، الذي نراه نظاماً رجعياً وغير ديمقراطي، ولا يلبي الاحتياجات التمثيلية للقوى المختلفة تبعاً لوزنها ونفوذها، فهو يكرس المحاصصة الطائفية التي تقضي فعليا على فرص القوى الحديثة من تنظيمات ديمقراطية ومن فعاليات وشخصيات مدنية تمثل رجال الأعمال والنساء وسواهم.
وفي هذا الإطار فان المنبر التقدمي تقدم بمقترح بديل للنظام الانتخابي، بعيد عن التقسيمات المذهبية ومراع لفرص القوى الصغيرة والمتوسطة في أن تجد لها تمثيلاً في المجالس المنتخبة، ووضع حد لظاهرة الأصوات المهدرة، التي تضيع فرص فوز المرشحين الوطنيين والنساء وغيرهم.

ولا يمكن المضي قدماً في طريق الإصلاح دون حل عادل لآلام وجراح ضحايا مرحلة قانون أمن الدولة، عبر الإصغاء لمطالب التحالف الوطني للعدالة والإنصاف، وإقرار الدولة بما ألحقته أجهزتها من أذى جسدي ومعنوي بضحايا تلك المرحلة، ونكرر هنا موقفنا بهذا الصدد، بأننا لا نرمي من ذلك إلى التشفي من أحد أو إيقاع العقوبة عليه، وإنما نريد جبر الضرر، وتعويض الضحايا واستخلاص الدروس الضرورية من تلك الحقبة السوداء، لتكون عظة لنا جميعا في المستقبل، ولكي لا تنشأ مجددا الظروف التي أدت إليها.

كما ندعو إلى فتح مصارحة حقيقية حول سياسة التجنيس المتبعة من قبل الدولة، ويهمني أن أشرح موقفنا من هذه المسألة بدقة: نحن لا نحمل أية مشاعر بغضاء أو كراهية أو ضغينة لإخوتنا المجنسين من أية جنسية كانوا، فهم أخوة لنا في الإنسانية، ونتفهم الظروف التي تحملهم على الهجرة من بلدانهم جريا وراء ظروف معيشة أفضل، في عالم بات مفتوحاً للهجرة، كما اننا لسنا ضد التجنيس بصورة مطلقة، فنحن مع منح الجنسية البحرينية لمن يستحقها بالشكل الذي ينظمه القانون لمن استوفى شروط اكتسابها، خاصة من ذوي الكفاءات من معلمين وأطباء ومهندسين وسواهم ممن أسدوا خدمات جليلة لهذا الوطن.

ونحن ضد أي معالجة ذات طابع مذهبي أو طائفي لمسألة التجنيس، فالمسألة بالنسبة لنا لا تكمن في أي طائفة تكون لها الغَلبة العددية في المجتمع، لكننا نرفض التجنيس السياسي الذي ننظر إليه على انه قضية اجتماعية – اقتصادية خطيرة، فالبحرين بلد صغير المساحة مكتظ بالسكان ويعاني من نقص كبير في العديد من أوجه الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية، ومن ضعف في الكثير من أوجه البنية التحتية، فضلاً عن أشكال من الاحتقانات الاجتماعية والسياسية.

وبالتالي فانه لا يتسع لهذا العدد الكبير ممن يمنحون الجنسية البحرينية بصورة غير قانونية، فهذا ينم عن تفكير غير سديد لا يتبصر جيداً في المستقبل، وفيه هروب من الحلول الناجعة للمشاكل التي تعاني منها البلاد، عبر خلق مشكلة جديدة لا تقل خطورة، هي مشكلة المجنسين التي ستفاقم من الأوضاع وتزيدها سوءاً، وستخلق مشاكل لن تكون الدولة ذاتها بمنجاة من آثارها.

ومن العبث أن يجري الحديث عن الإصلاح دون سياسة واضحة للإصلاح الاقتصادي، موجهة لحماية مصالح الشعب الحيوية، خاصة الطبقة العاملة والفئات الكادحة، لأن أي خطط أو رؤى لا تتوجه نحو النهوض بالأوضاع المعيشية للمواطنين، وتلبية تطلعاتهم نحو حياة حرة كريمة توفر لهم العمل والسكن اللائق والخدمات الضرورية، لا تعني سوى الاستمرار في سياسة الإفقار للفئات الكادحة وتعظيم أرباح المتنفذين الغارقين في الفساد المالي والإداري حتى النخاع، والذين يرتكبون أبشع الجرائم بحق البيئة عبر الاستمرار في تدميرها بالردم المستمر للبحر وإزالة ما تبقى من أحزمة خضراء، والاستحواذ على الأراضي والجزر والسواحل، وتحويلها إلى ملكيات خاصة.

أيها الأخوة والأخوات

تحتل المسألة الطائفية حيزأ كبيرا من اهتمام المجتمع والقوى السياسية والاجتماعية فيه، حيث باتت الوحدة الوطنية والنسيج الوطني الذي تشكل عبر مخاض زمني طويل عرضة للمخاطر الجدية، خاصة بعد تفاقم ظاهرة الطائفية السياسية، التي باتت معلماً من معالم الحراك السياسي والاجتماعي في البلاد في الوقت الراهن، والتي تحظى بتشجيع من قوى نافذة في المجتمع وفي الدولة على حد سواء.

وتشير التجربة الحية إلى أن التيارات الطائفية تدفع البلاد نحو أفق مسدود، لأنها بحكم بنيتها الاجتماعية والفكرية عاجزة عن الخروج من الشرنقة المذهبية، وهو امر يلقي بظلاله الثقيلة على مجمل أدائها وخطابها السياسي، الذي لا يمكن أن يتحول، في ظروف الثنائية الطائفية في المجتمع البحريني، إلى خطاب جامع موحد للشعب.

وليس أدل على ذلك من المصير البائس الذي آل إليه مشروع قانون أحكام الأسرة، الذي رغم انه يشكل في محتواه العام تراجعاً عن فكرة قانون الأحوال الشخصية الشامل الذي طالبت به الحركة النسائية والمجتمع المدني البحريني، إلا أننا بلغنا حالا جرى فيه استبعاد الشق الجعفري من القانون، ومرر الشق السني منه، في تكريس جديد آخر للقسمة المذهبية، دون مراعاة لمعاناة النساء وحقوقهن.

أن المسؤولية التاريخية الكبرى في تقديم البديل عن هذه الخيارات تقع على عاتق القوى العلمانية والديمقراطية في المجتمع، التي عليها أن تتحلى بالشجاعة في الدفاع عن أطروحاتها، وصد الهجوم الإيديولوجي الذي يستهدف الفكرة العلمانية، كما لو كانت أمراَ دخيلاً على المجتمع، أو أنها مناهضة للدين.

العلمانية فكرة متأصلة في البنية الثقافية والفكرية للمجتمع البحريني منذ بدايات مشروع التنوير والنهضة والانفتاح منذ مطالع القرن العشرين على أيدي رواد الفكر والثقافة والعمل التطوعي في الأندية والمؤسسات الثقافية، ونحن اليوم، من مختلف مواقعنا، ورثة لهذا الإرث العظيم الذي رفع اسم البحرين عالياً وميزها عن محيطها، بما عرفت به من انفتاح وتسامح، وهذا المنجز التنويري لبلادنا يجب الحفاظ عليه وتطويره وحمايته من الهجوم الذي يستهدفه، والتأكيد على القيمة الإنسانية الكبرى للعلمانية التي لا تناقض الدين، وتكن أعظم تقدير واحترام لمعتقدات الشعب وعاداته وتقاليده.

وفي هذا الإطار علينا، كوطنيين وديمقراطيين، أن نواصل عملنا للتغلب على تشتت مكونات التيار الديمقراطي،  وقد خطونا خطوات أولى في هذا الطريق علينا المضي فيها بوتيرة أسرع، فإضافة إلى بعض الفعاليات المشتركة التي أقمناها مع رفاقنا في جمعية العمل الوطني الديمقراطي”وعد”، انتظمت خلال الشهر القليلة الماضية لقاءات دورية بين “التقدمي” و”وعد” والتجمع القومي، وأقرت لجنتنا المركزية في اجتماعها الأخير اقتراحاً سنتشاور حوله مع أخوتنا في “وعد” و” القومي” ومع القوى والشخصيات الوطنية الأخرى للإعداد لمؤتمر لمكونات التيار الديمقراطي في البحرين، تحضر له، بعناية، لجنة تحضيرية مشتركة، تحدد موعده ومحاور البحث فيه واليات النقاش حولها.

ليس أمامنا من خيار صحيح سوى المضي في هذا الطريق، فغياب صيغة تنسيق دائمة بين تنظيماتنا، وفق برنامج مستقل في رؤاه وتصوراته وتكتيكاته عن برامج القوى السياسية الأخرى ذات الطبيعة الفكرية المختلفة، أضاع الفرصة في تقديم البرنامج الديمقراطي البديل للموقف الرسمي المتردد في المضي بالإصلاح قدماً، ولموقف القوى السياسية والاجتماعية الأخرى الأسيرة لبنيتها الطائفية والمذهبية، التي تجعلها غير قادرة على أن تقدم طرحاً ديمقراطياً ووطنياً جامعاً، مما افقد الساحة السياسة من الدور المنتظر لهذا التيار، بما يؤهله له تاريخه الحافل بالتضحيات والتجارب وقوة التأثير، وكذلك برنامجه التقدمي العصري.

الحضور الكريم..

في مؤتمرنا هذا نتوجه بتحية التضامن الأخوي الكفاحي مع أشقائنا في فلسطين والعراق ولبنان وفي كل البلدان العربية في نضالهم من اجل الحرية والسيادة الوطنية والبناء الديمقراطي، كما نعبر عن مؤازرتنا لكل القوى الديمقراطية في مختلف بلدان العالم في نضالها ضد النهج العدواني للامبريالية وغطرسة القوة ونهج شن الحروب والفتن، ومن أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي وفي سبيل السلم العالمي.

الرفاق والرفيقات أعضاء المؤتمر،

يتأكد حضور منبركم الديمقراطي التقدمي في الحياة السياسية في البلاد، بصفته قوة مسموعة الكلمة، وتحظى أطروحاته ومبادراته بتأييد ودعم قطاعات شعبية وسياسية متزايدة، وأنظار الكثيرين تتوجه نحونا كقوة مُطالبة بدور أكبر في الحراك السياسي، وهذا يفرض علينا أن نصون وحدة المنبر مثلما نصون حدقات الأعين، ويسرني أن أؤكد للجميع أن الوحدة الداخلية للمنبر التقدمي هي اليوم أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى، وأن “التقدمي” سيمضي إلى الأمام موحد الصفوف، قوي العزيمة في التصدي للمهام التي تجابهه.

إن هذا التحدي يفرض علينا شحذ الهمم الكفاحية في الدفاع عن الحقوق المعيشية للناس، وأن نكون لصيقين بمعاناتهم ومعبرين عن طموحاتهم، والتمسك بالتقاليد النضالية لأجيال من رفاقنا الذين ناضلوا وضحوا من أجل وطن حر وشعب سعيد، في إظهار شجاعة الموقف، وفي التفاني في العمل، واستقطاب أعضاء جدد للتنظيم.

وفي سبيل هذا من الضروري ايلاء عناية كبرى لتطوير الوعي الفكري والنظري للأعضاء، فلا تنظيم تقدمي بدون أفكار تقدمية، وهو ما تؤكده التطورات الراهنة في العالم، حيث جاءت الأزمة المالية العالمية الأخيرة لتؤكد مجدداً الطابع الأناني الاستغلالي للرأسمالية، في صورتها المعولمة، ولتؤكد أن مستقبل البشرية وسعادتها هو في الخيار الذي يناضل من أجله اليسار في العالم كله: خيارالعدالة الاجتماعية والاشتراكية  وبالمثل، أيضاً، لا حركة تقدمية بدون تنظيم، مما يفرض علينا في المستقبل العمل على تطوير البناء التنظيمي للمنبر التقدمي ومنظماته الجماهيرية في التوجه للجماهير خاصة العمال والشباب والنساء.

في كلمات قليلة، أيها الرفاق والرفيقات، نحن في حاجة إلى أقوال أقل وأفعال أكثر.

في هذا المجال نحن مدعوون للعمل وفق مقولة المفكر والمناضل العظيم في تاريخ الحركة العمالية والديمقراطية العالمية  انطونيو غرامشي عن تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة، والمقصود هنا أن ندرك التعقيدات والمصاعب الكثيرة التي تحيط بنضالنا، وأن نتسلح بالإرادة المتفائلة وبالثقة في قدراتنا وطاقاتنا في التغلب على تلك المصاعب.

ونحن نستطيع ذلك: ببرنامجنا السياسي، برؤيتنا الفكرية، وبخبراتنا النضالية، وأخيراً بعزمنا القوي.

اقرأ المزيد

تهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيس التيار التقدمي الكويتي

الرفيق الأستاذ محمد نهار           المحترم

المنسق العام للتيار التقدمي الكويتي

 

تحية رفاقية،

  

الموضوع: تهنئة بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيس التيار التقدمي الكويتي

 

يطيب لي باسمي وباسم اعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية وأعضاء التقدمي بخالص التهنئة بالذكرى الخامسة لتأسيس التيار التقدمي الكويتي الذي جاء تأسيسه ليشكل نقلة وإضافة نوعية لنضال كافة القوى والتيارات التقدمية في المنطقة. 

 

 انتهز هذه المناسبة للتعبيرعن تقديرنا لدوركم واعتزازنا بالتواصل والتعاون معكم في كافة الأوجه التي تخدم اهدافنا وتطلعاتنا المشتركة وبلوغ ما ننشده لشعبينا البحريني والكويتي في الحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية. 

 

مرة اخرى سنظل نقدر دور التيار التقدمي الكويتي متمنين له بمناسبة ذكرى تأسيسه الخامسة، المزيد من النجاحات والتوفيق. 

  

  

هذا وتقبلوا منا فائق التحيات الرفاقية الخالصة،

  

 
خليل يوسف

الأمين العام للمنبر التقدمي

 

اقرأ المزيد

أزمة التعددية السياسية في الدول العربية

عندما نتحدث عن التغيير السياسي والاجتماعي نتحدث عن حاجة الشعوب إلى الحقوق المدنية والسياسية والدستورية والتعددية وحقوق الانسان عامة من أجل الغاء الاستغلال والقهر بأشكاله المختلفة، وغياب ذلك يعني ثمة فجوة كبيرة بين الدولة والمواطنين وهو أحد الأسباب المسؤولة عن تصاعد التوترات والاحتقانات.

ولا يمكن ان يكتمل البناء الديمقراطي ويتطور إلا بإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا يقتضي الالتزام بالحقوق والواجبات والوحدة الوطنية والولاء للوطن لا لغيره.

والملاحظ كما يقول الفقيه الدستوري محمد نور فرحات في كتابه “البحث عن العدالة” أن أغلب الدساتير العربية قد نصت صراحة على الحقوق والحريات إلا أن هذه النصوص الدستورية لم تؤد إلى إشاعة مناخ وفلسفة التعددية السياسية في المجتمع، أما لوجود نصوص دستورية أخرى تحظر إنشاء أحزاب الرسمي على باقي الأحزاب الأخرى، وأما لا حاله الدستور إلى التشريع العادي ليقيد هذه الحقوق والحريات وليصادرها نهائياً من خلال وسائل تشريعية أخرى.

وإذا ما أردنا الحديث عن التعددية السياسية، تجدر الإشارة إلى أن نصوص حقوق الإنسان تصبح فارغة المضمون في ظل بناء تشريعي يقوم على الإيمان العميق على مبدأ احتكار السلطة!

وعن هذه الإشكالية يتحدث فرحات وبإسهاب عن إنكار السلطات الحاكمة في أغلب الدول العربية لمبدأ التعددية السياسية، الأمر الذي كان وراء كثير من مظاهر الازمة العربية الراهنة، وهي أزمة يقول عنها بإيجاز: العجز عن أحداث تنمية اقتصادية – إجتماعية مستقلة متحررة من إسار التبعية عن تأمين العجز تأمين الحد الأدنى من احترام حقوق الانسان وتعدد مظاهر انتهاكات هذه الحقوق على مستويات مختلفة.

إن أزمة التعددية السياسية في الدول العربية نابعة من إصرار النظم العربية الحاكمة على تهميش المواطن عن المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصيره، وانفراد جماعة معينة أيا كان توجهها الاجتماعي والسياسي وأيا كان سند شريعتها باحتكار السلطة السياسية والانفراد باتخاذ القرارات، وهذا بحد ذاته، وفضلا عما فيه من مصادرة حقوق الانسان، يصيب حركات الفصل السياسي العربي بالتحجر والجمود والعجز عن مواجهة تغيرات الواقع الاجتماعي الديناميكي لأنه ينطوي على مواجهة هذا الواقع الذي يفرض كل يوم تغيرات جديدة برؤية سياسية ثابتة واحدة لا تغيير مما يجعل جماعات الحكم عاجزة عن لتعامل معه في نحو رشيد.

وعلى هذا الأساس وفي ضوء الواقع التشريعي في البدان العربية يصبح – في  رأيه- المطالبة بإعادة تشكيل البنية السياسية العربية لتأمين حق المواطنين في المشاركة السياسية وضمان الاعتراف الفعال بالتعددية السياسية من أجل السماح بتداول السلطة السياسية بين مختلف الجماعات الاجتماعية ذات الرؤي المتميزة، تصبح هذ المطالبة بإلحاح امراً لازماً ليس فقط إيماناً بجدوى الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وانما من أجل ترشيد الأداء السياسي العربي وكطريق وحيد للخروج من المأزق العربي الراهن.

ولا يقف الأمر عند هذه الإشكالية فهناك قضية على جانب كبير من الأهمية والخطورة وهي وضع مؤسسة الجيوش العربية في سياق التعددية السياسية في العالم العربي، وإذا تأملنا حقيقة الواقع السياسي في هذه الدول نجد (على جد تعبير فرحات) أن المؤسسة العسكرية العربية تباشر الحكم والسياسية إما بطريقة سافرة في شكل حكم عسكري معلن، وإما بطريقة غير سافرة من خلال موقعها المؤثر في قلب النظام السياسي العام. إذن فالحقيقة التي لا مجال للمجاملة فيها ان المؤسسة العسكرية قد احتلت موقعها طوعاً او كرهاً في قلب النظام السياسي العربي. ولكن المعضلة التي تتطلب توافر الجهود للتفكير في حل لها أن المؤسسة العسكرية العربية وإن أسهمت في صنع المسار السياسي للعالم العربي إلا أنها لا تعكس رؤى منسجمة ومتسقة من الناحية الاجتماعية من ناحية، وترفض بحكم تراثها العقلي من ناحية أخرى ان تعترف بحق الأطراف الأخرى في منظومة التعددية في الوجود والتأثير وتداول السلطة!

ومن أهم التحديات التي تواجه التعددية السياسية وأكثرها خطورة تتمثل – كما يراها فرحات – في موقع قيمة التعددية لدى عديد من الإيديولوجيات التي يطالب أصحابها بها كوسيلة للوصول إلى السلطة.

وبعبارة أخرى فانه إذا ما استعرضنا الخريطة السياسية في المجتمعات العربية فسرعان ما سنكتشف أنه رغم أن عديداً من الجماعات السياسية خارج السلطة تطالب بإلحاح بإشاعة مناخ التعددية السياسية كوسيلة لتداول السلطة وعدم إحتكارها، إلا أن نفي الآخرين والايمان بوحدانية الحقيقة التي تعلنها، تقعان في قلب بنائها الأيديولوجي، الامر الذي يضفي شكوكاً جدية حول ما إذا كانت هذه الجماعات تؤمن بالتعددية وبتداول السلطة كموقف مبدئي أم تتخذ هذه الشعارات كوسيلة للوصول إلى السلطة ثم يأتي بعد لك شأن آخر!

يصدق ذلك على الإسلاميين الذين تصر كثير من أطروحاتهم على نفى الآخرين وعلى أن التعددية تعني التناقض وليس التكامل، لأن حزب الله لابد وأن التناقض مع حزب الشيطان ويتنافى معه!

وهذه المطابقة بين الحقيقة الدينية والحقيقة السياسية سرعان ما تؤدي بطريق اللزوم والتداعي إلى أن تصبح هذه الحقيقة الأخيرة حقيقة مقدسة لا تقبل النقاش ولا التعايش أو الحوار مع غيرها، ويصدق ذلك أيضاً على بعض الأحزاب السياسية العربية المتطرفة التي تطالب بالديمقراطية والتعددية كخيار حضاري لإدارة المجتمع في حين أن ممارساتها السياسية لا تسمح بذلك!

اقرأ المزيد

غورباتشوف يعترف

لعلها المرة الأولى التي يعترف فيها آخر رئيس للاتحاد السوفييتي السابق، ميخائيل غورباتشوف، بمسؤوليته عن انهيار تلك الدولة العظيمة في عام 1991، بهذا الوضوح والصراحة.
لقد سبق له في مناسبات سابقة، بينها حديث أجرته قناة «روسيا اليوم» معه منذ سنوات أن أشار إلى مجرد أخطاء فادحة رافقت عملية إعادة البناء «بيروسترويكا» التي أطلقها، لكنه لم يقر بمسؤوليته المباشرة عما حدث، كونه على رأس الدولة والحزب الذي يحكمها.
في ذلك الحديث قال إنه كان عليه أن يرسل بوريس يلتسين إلى مكانٍ ما، قاصداً إلى السجن، بعد أن اتضح تورطه في الفساد وسرقة أموال الدولة، لكنه تجاهل القول إنه لولاه ما كان بوسع يلتسين أن يصبح بالنفوذ الذي حازه، فهو من أتى به من مدينة نائية في أقاصي روسيا، كان مجرد مسؤول حزبي مغمور فيها، ليسلمه مسؤولية العاصمة موسكو، ويفتح أمامه أبواب التدرج الحزبي، على مصاريعها.
ولما أدرك يلتسين ضعف الرئيس الذي أتى به، تسلق السلالم، لا بطريقة درجة درجة، وإنما بالقفزات السريعة إلى أعلى، حتى أفلح أخيراً، هو وعصابة نافذة من رجال المافيا ذوي الميول الصهيونية، على ما بات مؤكداً، لا في إقصائه من موقعه فحسب، وإنما لإزالة مسمى الدولة التي كان يرأسها من الخريطة، وتفكيكها إلى جمهوريات، تورطت، غير مرة، في الاقتتال ما بينها.
بعيد ذلك مباشرة أجرت قناة تلفزيونية غربية حواراً مع غورباتشوف عما سيفعله في اليوم الأخير له كرئيس لدولة زالت عن الخريطة، فقال إنه سيذهب في الصباح إلى مكتبه في «الكرملين» ليجمع أوراقه الشخصية كي يأخذها إلى بيته الريفي خارج العاصمة، وبالفعل توجه في ذلك الصباح مع سائقه إلى هناك، ولكن حراس البوابات الخارجية للكرملين منعوه، بأمر من يلتسين، من مجرد عبور البوابة، وأعادوه أدراجه خائباً.
ما قيمة الندم اليوم بعد أن وقع الفأس على الرأس، لا على رأس غورباتشوف وحده، ولا روسيا وحدها، وإنما كل الأمم والشعوب التي كانت ترى في وجود الدولة السوفييتية عاملاً من عوامل التوازن في السياسة الدولية، حتى وإن اختلفت مع عقيدتها السياسية والإيديولوجية، بمن فيهم العرب، رغم أن بعض بني جلدتنا هللوا ساعتها لذلك السقوط، فكانوا أشبه بأول الراقصين في عرسٍ لم يدعهم أحد إليه؟
متحدثاً عن الحلقة المحيطة به يومها قال غورباتشوف: «كانوا يسرقون روسيا، حتى الآن لا أستطيع مسامحتهم على ما فعلوا»، لكنه نسي التساؤل عما إذا كان التاريخ سيسامحه هو شخصياً على ما اقترفه. 
اقرأ المزيد