المنشور

كلمة التيار الديمقراطي في الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطيني يلقيها نائب الأمين العام للشؤون السياسية الرفيق فلاح هاشم

كلمة التيار الديمقراطي في الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطيني يلقيها نائب الأمين العام للشؤون السياسية الرفيق فلاح هاشم

الأخوة والأخوات الحضور الكريم … السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نحيكم جميعاً في هذه الوقفة التضامنية مع شعبنا العربي الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال والعدوان الصهيوني العنصري.

في هذه اللحظات التاريخية والمصيرية التي تواجه فيها الأمة العربية وقواها الوطنية والقومية والتقدمية تحديات ومخاطر كبرى، وفي ظل متغيرات دولية وإقليمية متسارعة تستهدف الدول العربية وحق شعوبها في الحرية والكرامة، ومصادرة حقها في الدفاع عن وجودها.

في هذا المنعطف التاريخي حيث تغرق بعض الدول والأنظمة العربية في صراعاتها وفي حروبها الطائفية والمذهبية، تأتي إنتفاضة الشعب العربي الفلسطيني الشقيق لمواجهة العدو الصهيوني المحتل، لتكون صفحة جديدة ومشرقة وسط هذه العتمة القاتمة التي تلف السماء العربية وتمثل بحق معركة نضالية باسلة وتصميماً بطولياً دفاعاً عن هويته الوطنية وعن وجوده ومقدساته وعن حقه في الحياة والعودة والاستقلال، كما تمثل رفضاً وتصدياً لكل السياسات والإجراءات الصهيونية العنصرية الرامية إلى ترسيخ الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 وفي إطار هذه الرؤية المبدئية يمكن اعتبار هذه الهبة الفلسطينية الجديدة، التي جاءت بعد إقدام العدو الصهيوني على إجراءاته وخطواته القمعية الوحشية، ولجوءه إلى تركيب ما عرف بالبوابات الإلكترونية في المسجد الأقصى لتفتيش المصلين وتضييق الخناق عليهم في أداء صلاتهم الأمر الذي رفضه الفلسطينيون، وقاوموه بشدة وقدموا في سبيل ذلك تضحيات جسام تمثل في سقوط عدد من الشهداء والجرحى، وهم يتصدون لإجراءات المحتل الجائرة التي تمثل إمتداداً لسياساته منذ أن احتل المسجد الأقصى في عام 1976م حيث يتعمد الإمعان في سياساته الوحشية وخطواته الاستفزازية التي تستهدف قدسية الحرم القدسي الشريف ومنع رفع الآذان وإقامة الصلوات بما في ذلك صلاة الجمعة وهي سياسات وإجراءات لم تتوقف يوماً، وكان آخرها ما أقدم عليه هذا العدو يوم الجمعة قبل الماضي بتاريخ 14 يوليو الجاري، وهو ما أشعل شرارة هذه الإنتفاضة الباسلة وإظهار عزيمة هذا الشعب على طريق مواجهة المحتل وتحرير الأرض.

إننا نؤمن إيماناً مطلقاً بأن الشعب الفلسطيني الذي يخوض هذه المواجهة مع الكيان الغاصب.  إنما يخوضها نيابة عن الأمة جمعاء ويخوضها دفاعاً عن أرض الرباط، وعن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الأمر الذي يستدعي من كافة العرب والمسلمين وكل أحرار العالم وقفة تنسجم مع حجم تضحيات وبطولات هذا الشعب الأبي خاصة بعد أن تأكد بما لا يقبل الشك بأن إقدام العدو المحتل على خطواته التصعيدية والعنصرية إنما يتم في إطار سياساته المعلنة في تهويد المدن ومصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات وتشريد أهلها في إطار حرب الإبادة التي يتبعها عبر القتل والتدمير والإغتيالات وفرض العقوبات الجماعية وتدمير المدن والقرى الفلسطينية وفرض إجراءات التهويد خاصة في مدينة القدس لجعلها عاصمة أبدية للكيان المحتل.

وإذا كان ما أطلق  شرارة الهبة الحالية هو تعدي سلطات الإحتلال على الأماكن المقدسة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى، ولعب الباعث الديني دوراً كبيراً في استنهاض الفلسطينيين دفاعاً عن مقدساتهم، لكن علينا، إلى جانب ذلك، أن نشدد على الطابع الوطني لهذه الهبة، من حيث هي هبة كل الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين ومن مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية ضد سلطة محتلة مغتصبة للأرض ومصادرة للحقوق.

وهذا البعد الوطني للهبة الفلسطينية هو ضمانة استمرارها، وأن تتحول إلى رافعة قوية لديمومة النهوض  الحالي، لكسر حالة المراوحة التي تمر بها القضية الفلسطينية بعد المازق الذي قاد إليه نهج أوسلو المدمر ومشاريع التسوية المذلة.

وبفضل الوقفة البطولية للمقدسيين وللشعب الفلسطيني عامة فإن سلطات الإحتلال التي وجدت نفسها مضطرة للتراجع عن قراراتها التعسفية، تحاول، كعادتها، المناورة في ألا يكون هذا التراجع كاملاً، وأن تستعيض عنه باجراءات أخرى تحمل الطابع التعسفي نفسه.

إننا أذ نحيي بكل إجلال وإكبار تضحيات شعبنا العربي الفلسطيني فإننا نؤكد مواقفنا الثابتة في دعم نضالات وبطولات هذا الشعب الأبي ونرى بأن طريق النضال بكل أشكاله هو الطريق الصائب والسليم لبلوغ الأهداف على طريق تحرير كل شبر من أرض فلسطين المحتلة وإرجاع كل الحقوق المغتصبة.

كما نحيي بإجلال أرواح كل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن فلسطين والأمة، وفي ذات الوقت ندعو كافة أبناء الأمة العربية والإسلامية إلى التحرك للتعبير عن مواقفها المتضامنة مع الشعب الفلسطيني وتقديم كل أشكال الدعم والعون له لمواجهة العدوان والإحتلال والإرهاب الصهيوني.

أيتها الأخوات والأخوة:

إن قوى التيار الوطني الديمقراطي تؤكد في هذه الوقفة التضامنية، أن قضية فلسطين هي قضية الأمة بأسرها، وأن تفاعلنا مع قضية الشعب الفلسطيني هو واجب وطني وقومي وإنساني من أجل تعزيز نضاله ونيل حقوقه في التحرير والاستقلال، ومواجهة المحتلين وكسر إرادة المعتدين الصهاينة وأفشال كل مشاريعهم الإستعمارية العنصرية وما من مسؤوليتنا الوطنية والقومية كشعوب وقوى وطنية هو هذا التراجع المفجع الذي نراه في المواقف الرسمية العربية والتخلي عن إلتزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، خضوعاً للمشيئة الأمريكية ومشاريعها وأهدافها العدوانية في المنطقة، وهو ما أدخل القضية الفلسطينية في مأزق المراوحة والتسويات والاتفاقات المذلة.

ونؤكد في هذا السياق على ضرورة التمسك بالثوابت الوطنية والمبدئية الرافضة للإحتلال وحق مقاومته بكل الأشكال والوسائل النضالية المتاحة ورفض كل محاولات التفريط بالقضية الفلسطينية وكل محاولات وأشكال التطبيع مع العدو الصهيوني أو التعامل معه في الوقت الذي يجري إطلاق يد المحتلين الصهاينة للإمعان في سفك الدم الفلسطيني وتكريس احتلال الأرض والهيمنة الصهيونية.

وفي هذا الصدد نؤكد على جملة من المبادئ والثوابت:

1.   تأكيد حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه وعن مقدساته وتحريرها من العدو المحتل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما نؤكد على أهمية ترسيخ البعد الوطني لهذه الإنتفاضة من حيث هي هبة لكل الفلسطينين مسلمين ومسيحيين ومن مختلف القوى والإتجاهات الفكرية والسياسية، وفي هذا السياق لابد من الإشادة وتثمين دور الكنيسة الأرثوذكسية ومطرانها الشجاع في تأكيد الجوهر الوطني لهذه الإنتفاضة الفلسطينية.

2.   ضرورة أن تعي القيادات الفلسطينية على مختلف توجهاتها خطورة المرحلة والتخلى عن نزاعاتها وخلافاتها السياسية والحزبية وتوحيد مواقفها وجهودها واستنهاض كل الطاقات الوطنية الفلسطينية وضمان استمرار واتساع هذه الإنتفاضة وتأكيد عدالة قضية هذا الشعب واستعداده للتضحية مهما طال الزمن ومهما كانت الكلفة عالية.

3.   الدعوة إلى حشد كل طاقات وإمكانيات الأمة العربية وقواها المناضلة لمواجهة المحتل الصهيوني ومجابهة كل التحديات والأخطار التي تفرض على أمتنا.

4.   رفض كل ثقافات الاستسلام للعدوانوالهزيمة ورفض كل أشكال التطبيع والتسويات المذلة مع المحتل وتجريم كل القوى والأنظمة المتورطة فيها.

5.   ندعو كل الأنظمة والحكومات إلى ضرورة عدم منع أو التضييقعلى المبادرات الشعبية والجماهيرية في الدول العربيةالمساندة لحق فلسطين والمقاومة والدفع بأتجاه شد أزر الجماهير الفلسطينية المناضلة والتي بلغت مرحلة اليأس من أداء قيادتها.

عاشت فلسطين حرة عربية

المجد والخلود لشهداء فلسطين والأمة  … والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

اقرأ المزيد

بيان قوى التيار الوطني الديمقراطي بخصوص الميزانية

الخروج من الأزمة بحاجة لاعادة هيكلة الاقتصاد والسياسة على أرضية الاصلاح والمشاركة الشعبية

التيار الديمقراطي يحذر من خطورة وتداعيات تفاقم الوضع المالي للدولة

أبدت قوي التيار الديمقراطي قلقها من تفاقم الدين العام وخطورة تداعياته على التنمية واستقرار الأوضاع الاقتصادية وذلك في ضوء اقرار موازنة 2017 و 2018 دون وجود رؤية واضحة لكيفية معالجة العجز المالي الضخم وسداد الديون المتراكمة.

وكانت جمعيات التيار الديمقراطي قد أصدرت بيانا بعد طرح مشروع الموازنة العامة، الذي جاء متأخرا 8 شهور في مخالفة لأحكام الدستور، طالبت فيه بمكاشفة المواطنين بحقيقة الأوضاع المالية وخطة الحكومة لمعالجتها واقترحت تشكيل مجلس أعلى لادارة الأوضاع الاقتصادية والمالية بمشاركة المجتمع المدني وفي الوقت نفسه معالجة الملفات الأمنية والحقوقية والسياسية الراهنة.

إن الموازنة المقرة تشكو من نواقص عديدة مثل عدم ربط الموازنة بالبرنامج الحكومي المقر للسنوات 2015-2020، وضعف الشفافية في مواقع عديدة مثل كيفية استخدام أموال المارشال الخليجي ودخل مصفاة النفط ومصير ايرادات أقساط الاسكان التي يدفعها المواطنون، وسياسات الرسوم والضرائب ومنها المبالغ المتوقع تحصيلها من ضريبة القيمة المضافة، وأسئلة أخرى مقلقة حول الدين العام

كما ان دعاوي السلطتين التنفيذية والتشريعية بأن احد المكاسب الرئيسيّة للميزانية هي الحفاظ على مكتسبات المواطنين هي دعاوي لا أساس لها من الدقة اذ انه تم زيادة العديد من الرسوم على المواطنين وهناك تلويح بزيادة سن التقاعد وفرض رسوم على الخدمات الصحية، كما ان كافة زيادات الرسوم على القطاع الخاص سيتم تحميلها على كاهل المواطن، عدا عن كوّن إقرار ميزانية مثقلة بأعباء الدين ودون أهداف تنموية واضحة، وباعتبارها المحرك الرئيسي لعجلة النمو الاقتصادي، لا بد ان يلحق الضرر الشديد بالمستوى المعيشي للمواطنين في المدى المتوسط ، لقد واصل الدين العام صعوده القياسي فسجل 8.9 مليار دينارا في نهاية 2016، اضافة الى أكثر من مليار دينار استلفتها وزارة المالية من البنك المركزي ولم تسجل كدين عام، فبلغ ما يزيد عن 83% من اجمالي الناتج المحلي. وخلال السنوات العشر الماضية، ارتفع الدين العام بوتيرة أعلى بكثير مما يتطلبه مجرد تغطية العجز السنوي المعلن، مما يؤكد مخاوفنا بأن العجز، وبالتالي النفقات، كانا أكبر بكثير مما هو معلن عنه، لتصبح النتيجة واضحة للعيان. فقد صعد الدين العام في سنوات الطفرة النفطية من حوالي مليار دينار عام 2006 الى 5.6 مليار قبيل انهيار أسعار النفط في نهاية 2014 ثم اضيفت 4.3 مليارات أخرى في عامي 2015 و 2016، وبات من شبه المؤكد ان نصف دخل البلاد من النفط سيذهب العام القادم لتسديد فوائد الدين العام.

ومن جهة أخرى كشفت موازنة البنك المركزي للعام 2016 استمرار الهبوط الكبير في احتياطي البنك من العملات الأجنبية، من 2.3 مليار دينار في 2010 إلى 1.1 مليار في 2016، وأصبح احتياطي البنك المركزي لا يكوّن إلا 41% من مجموع موجوداته بعد أن كان يشكل 95% منها في 2010. هذا القدر المحدود من الاحتياطيات لا يغطي سوى 78 يوما من واردات البلاد، الأمر الذي يشكل قلقا كبيرا على قدرة البلاد على مواجهة الاستحقاقات المالية وعلى استقرار العملة المحلية.

وعقب زيارتهم البحرين في مارس من العام الجاري، أبدى خبراء صندوق النقد الدولي قلقهم من الوضع المالي حيث أفادو أن العجز والدين العام سجلا 18% و 82% على التوالي من اجمالي الناتج المحلي (وهي أرقام أعلى من تلك التي صرحت بها الحكومة)، وتوقعوا أن يستمر العجز في الموازنة في حدود 12% خلال الأعوام القادمة مع ارتفاع هائل في الدين العام، أي أن الدين العام سيتخطى 100% من الناتج المحلي في منتصف عام 2018. ومن الصعب تخيل أن بالامكان الاعتماد على استعداد المستثمرين الدوليين والمحليين في تمويل العجز المالي إلى مالانهايه.

إن معالجة الأوضاع المالية الصعبة للبحرين تبدأ بالمكاشفة والشفافية الكاملة ومراجعة أخطاء المرحلة السابقة التي حققت فيها البلاد طفرة قياسية في مدخولاتها النفطية دون أن تسفر عن تكوين احتياطيات مالية كبيرة- كما في دول الجوار- تساهم في تخفيف وطأة مرحلة انخفاض أسعار النفط. إن دورة صعود وهبوط أسعار السلع مثل النفط أمر معروف ومتكرر حتى لغير ذوي الاختصاص، ومن المؤسف ان متخذي القرار لم يستفيدوا من خبرة صعود النفط في السبعينيات وانهياره في الثمانينيات وآثاره الخطيرة على الوضع المالي للدولة انذاك.

اننا في الحقيقة لا نرى أفقا في المدى القريب لارتفاع كبير في أسعار النفط يعيد التوازن للمالية العامة للدولة، فأسعار النفط في الأسواق المستقبلية لا تزيد عن 55 دولار حتى 2020، والاستثمارات لن تتدفق في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة، لذلك فان خيارات الدولة محدودة وتحتاج الى تظافر كل الجهود الوطنية من أجل اعادة هيكلة الاقتصاد والسياسة في البلاد.

في مجال خفض النفقات، فان أولى الخيارات التي يجب العمل عليها هو تقليص النفقات المتضخمة للجهاز الأمني والعسكري والأجهزة البيروقراطية وتقليص عدد الوزارات، وانهاء عمل الهيئات التي لم تثبت جدواها، وتقليص عدد كبار المسؤولين، وسحب امتيازات الشرائح العليا من موظفي القطاع العام.

وفي مجال الايرادات، يجب ضمان ادخال كافة ايرادات الدولة في الميزانية بما فيها الإيرادات الفعلية للنفط وإيرادات ممتلكات، كما أن الوقت أزف للتفكير في وضع نظام ضريبي يدفع بموجبه الغني ضريبة على الدخل والثروة بدل أن يتحمل المواطن البسيط كلفة الرسوم المتصاعدة وضريبة القيمة المضافة، خاصة الثروة من الأراضي التي وُهبت منذ استقلال البلاد، شريطة أن يرافق ذلك تحقيق تطور في النظام النيابي يمنح مجلس النواب صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع تسمح بتحقيق مبدأ “لا ضريبة بدون تمثيل” بالتوازي مع محاربة الفساد وإخضاع الفاسدين للمحاسبة والمسائلة  وتفعيل تقارير ديوان الرقابة المالية.

أمام هذه الأوضاع المالية التي تنذر بأوضاع خطيرة على أمن البلاد الاقتصادي ومستوى معيشة المواطن، فاننا لا نجد بدا من تكرار الدعوة الى شراكة مجتمعية كاملة بحيث يشارك الجميع في اتخاذ القرارت الصعبة وتحمل المسؤولية على قواعد العدالة والتكافل وديمقراطية القرار.

قوى التيار الوطني الديمقراطي

جمعية التجمع القومي الديمقراطي

جمعية المنبر التقدمي

جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)

اقرأ المزيد

غلق المسجد الأقصى خطوة صهيونية تصعيدية لتهويد القدس

قالت قوى التيار الوطني الديمقراطي إن قيام السلطات الصهيونية بإغلاق المسجد الأقصى ومنع الصلاة فيه يوم الجمعة الماضية، متذرعة بالاشتباك المسلح الذي وقع في الحرم القدسي صباح نفس اليوم، ما هو إلا خطوة مدروسة تندرج ضمن سياسة التهويد وإفراغ القدس من سكانها، وتحدياً لمشاعر ملايين العرب والمسلمين في كل مكان.

ورغم إعلان سلطات الاحتلال في وقت لاحق عن تراجعها عن ذلك القرار بعد تفتيش مكاتب الأوقاف والعبث في سجلاتها، إلا أنها نصبت أجهزة كشف معادن، وهو خطوة رفضتها الأوقاف الإسلامية الفلسطينية واعتبرتها عقابا جماعيا للمصلين الذين قاموا بأداء الصلاة خارج المسجد. فيما سمحت سلطات الاحتلال للمستوطنين باقتحام باحات المسجد الأقصى، حيث شرعوا باقتحامات استفزازية للمسجد من جهة باب المغاربة، وتنفيذ جولات بحرية كاملة فيه.

إن معركة الأقصى، التي باتت تتفاعل وطنيا وجماهيريا وإنسانيا ودوليا تأتي في وقت لا يزال العدو الغاصب المحتل يواصل تصعيد حربه الإجرامية التي تزايد وتيرة وسرعة تنفيذها في ظل حكومة الاحتلال الصهيونية اليمينية المتطرفة، مستهدفة اقتلاع وتشريد الفلسطينيين من أراضيهم ومدنهم خاصة مدينة القدس لجعلها عاصمة أبدية له.

إن هذه المعركة تعتبر اليوم واحدة من الصفحات المشرقة التي يخوضها الشعب الفلسطيني دفاعا عن المقدسات، وهي واحدة من أهم المعارك التي تستوجب التفاف كافة القوى الوطنية والقومية التقدمية ومعها الجماهير العربية وتصعيد كافة أشكال تضامنها مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ورفض كافة محاولات إجهاض هذه القضية المركزية من خلال فرض التسويات المذلة واشكال التطبيع مع العدو الصهيوني بمباركة وتشجيع وضغط بعض الأنظمة العربية.

إن جمعيات التيار الوطني الديمقراطي إذ تحي بكل إكبار وإجلال تضحيات شعبنا الفلسطيني ودفاعه عن مقدساته وأرضه وهويته الوطنية، فأنها تؤكد موقفها الثابت فى دعم نضالات وبطولات هذا الشعب الأبي ونحيى مقاومته الباسلة باعتبارها الطريق الصحيح والأمثل لنيل الحقوق المغتصبة. وللوصول إلى هذا الهدف النبيل، فأننا ندعو إلى توحيد رؤى وجهود كافة الفصائل والقوى الفلسطينية المناضلة ورص صفوفها لمواجهة وهزيمة كل السياسات العنصرية الصهيونية الرامية إلى ترسيخ الاحتلال والاستيطان وتهويد الأراضي الفلسطينية، كما نطالب بتعزيز تلاحم هذه القوى على طريق تحرير كل الأراضي المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

قوى التيار الوطني الديمقراطي

جمعية وعد

التجمع القومي

المنبر التقدمي

المنامة 18 يوليو 2017

اقرأ المزيد

مانديلا.. من ثمارهم يعرفون..!!

“الشجعان لا ينسون التسامح من أجل الآخرين.. وبلادنا لن تشهد اضطهاد وعنصرية البعض للآخر، العنصرية همجية سواء جاءت من رجل أسود او رجل أبيض، همجية تذهب بنا الى لا مكان غير المستنقعات، والى حروب عبثية يستحيل الانتصار فيها..”.

“ما يمكن أن يفرقنا ليس هو تنوعنا وأدياننا ولا ثقافاتنا، بل الذي يفرقنا هو أولئك الذين يتعلقون بالديمقراطية وأولئك الذين لا يتعلقون بها، بين أولئك الذين يؤمنون بالسلام كأقوى سلاح يمكن ان يتسلح به أي مجتمع او دولة لتحقيق التنمية والعدالة، وأولئك الذين لا يهمهم إلا أن نعيش في كوابيس تقض مضاجعنا وخلق أجواء تنغص حياتنا ولا تشعرنا بالسلم والطمأنينة”.

الكلام لرجل ليس من الإنصاف حصره في تعريف محدد، فهو لم يكن مجرد مناضل، او داعية للسلام، او مدافع عن حقوق الإنسان، او مجرد أول رئيس أسود في جنوب أفريقية، بل هو يجمع كل تلك الصفات، والأهم من ذلك انه كان بشكل خاص الإنسان الذي تكثفت إنسانيته الى حدود إيمانه بأن الديمقراطية وحماية حقوق الانسان صيغة إنسانية وحضارية ينبغي العمل والتضحية من أجلها والتمسك بها وحمايتها، حلم بالحرية، وبشرعية الحرية بدل «شرعية اليأس»، الحرية للجميع، وقاد ثورة الحرية في بلاده وأشعل جذوتها وتحول أيقونة للحرية في العالم، ربط العمل الوطني بالممارسة الصحيحة وبأرقى التعبيرات الإنسانية والأخلاقية، تجرد عن الأنانيات واحتكم الى ضميره ومصلحة وطنه وابتعد عن عقلية المزرعة والمنطقة والعرقية والعنصرية والطائفية، وكل ما يثير الفرقة والانقسام في بلاده، وركز على نشر ثقافة السلام وحقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تحقق المساواة التي قال إنه بدونها “لا يتحقق حق ولا نصرة لمبدأ، بل بغيابها لا يتحقق سوى الإعاقة الدائمة للشعوب”.

 نيلسون مانديلا، حياته مليئة بالثمرات والإنجازات التي لامست الأعماق وتلمست الآفاق، وكلما كانت الأعباء تتراكم على كاهله ازداد عنادًا في تحملها، يكفي التمعن فيما يمكن ان يقال في شأنه في هذا اليوم تحديدًا فهو يصادف اليوم الدولي لنيلسون مانديلا، فالأمم المتحدة أقرت 18 يوليو من كل عام، وهو يوم مولده، يومًا دوليًا لإحياء ذكراه، والتذكير بإرثه ودوره في إحياء ثقافة السلام والحرية والعدالة الاجتماعية، وخدمة الانسانية، وأي ثروة، وأي عطاء، وأي إنجاز يمكن ان يجمع المرء بأنه لا أغلى وأهم من تلك القيم والمبادئ رؤية وتأسيسًا وتوجيهًا وقيمة وفعلاً، وليس كما نراها الآن قيم ومبادئ يتمسك بها البعض في المناسبات ومواقف يطرحونها في الخطابات بديناميكية وحركة لا تمل، دون مرسى لها ولا عمل ولا إنجاز ولا أفق.

الرجل صارع نظامًا عنصريًا بغيظًا، نظام مارس سياسة تمييز عنصري غير مسبوق، سياسة اعتبرت كل من يركب باصًا للبيض جريمة، وكل من يدخل بابًا للبيض جريمة، وكل أسود يدرس او يسكن او يتواجد في الموقع الذي يتواجد فيه البيض يرتكب جريمة، وكل تدخل في شأن او اختصاص البيض جريمة، جرائم تلو جرائم تسجل ضد غير البيض، سجن نحو 27 عامًا، خرج من السجن وتولى حكم البلاد لفترة رئاسية واحدة (1994 – 1999) ضاربًا المثل والقدوة لغيره في عدم التشبث بالحكم تحت أي ذريعة او شعار، لإيمانه بأنه لا بد من نبض جديد لجيل جديد يتسلم الراية ويقود دفة البلاد وسفينتها الى الوضع الأحسن على الدوام، وبذلك وغيره أرسى الأسس السليمة الراسخة لقيام دولة ديمقراطية تكاد ان تكون الوحيدة في القارة الافريقية، وصف بأنه رجل قارة وليس رجل دولة واحدة.. وسجل اسمه على لائحة أبرز شخصيات التاريخ المعاصر.

في كتابه الشهير «رحلتي الطويلة في طريق الحرية» يقول مانديلا: «عندما خرجت من السجن ماشيًا على قدمي كانت مهمتي تتمثل في تحرير الظالم والمظلوم معًا، لقد مشيت في تلك الطريق الطويلة من أجل بلوغ الحرية، محاولاً ان أحافظ على رباطة جأشي، صحيح أنني ارتكبت بعض الأخطاء وفي تقدير خطواتي أحيانًا، لكني اكتشفت سرًا مفاده ان المرء ما ان ينتهي من تسلق تل شامخ، إلا ويتبين له ان هناك العديد من التلال الأخرى بانتظاره»، هل وجدتم سياسيًا او زعيمًا عربيًا يعترف بأنه أخطأ، او أساء تقدير خطواته تجاه عمل ما او وعد أهمل، او فساد اكتشف، او ذنب ارتكب، او التزام وئد، او حق لم يوضع في خانة الجعجعة والمضامين والنصوص المتشابهة المبرمة وشبه الأبدية التي لا تتغير ولا تبدل من واقع الحال شيئًا..!!

هل وجدتم من يدعو الى تحرير الظالم والمظلوم معًا، المنتقم والمنتقم منه، الجلاد والضحية، من يهتم بالسود ومعاناتهم، وفي نفس الوقت لا يغفل او يتجاهل مخاوف وهواجس البيض، من كافح ضد هيمنة البيض وضد هيمنة السود على حد سواء، انه مانديلا الذي لم يرد ان يستفيد طرف على حساب الطرف الآخر، كان يؤمن بأن العنصرية تفسد المذنب والضحية معًا، وبأنه لن يكون حرًا اذا أخذ حرية شخص آخر ظالمًا او مظلومًا، فذلك برأيه يجرد الإنسان من إنسانيته ويجعله سجينًا للكراهية والحقد وضيق الأفق، تعامل مع هذا الوضع على انه معركة مهما كانت ضراوتها ومشقتها لا يجب الاستسلام لها مهما استغرقت من وقت وتضحيات والمطلوب برأيه «إرادة وان نكون صادقين في التزامنا بالمعركة»، كان يرى ان مجرد حصول جريمة فصل عنصري آفة لا تمحى، ولا يجب السماح بها، وبتلك الرؤية والقناعة والروحية والارادة والنضال انتصر على التمييز العنصري، جنب بلاده حربا أهلية، وقادها الى بوتقة المصالحة الوطنية والتسامح وخطى بها خطوات جريئة على طريق التحرر والتقدم والديمقراطية والعيش بين كل مكونات الوطن في سلام، بصرف النظر عن دينهم او لونهم او عرقهم، يستذكر له قوله “إننا في جنوب أفريقية مقتنعون بأن المصالحة وبناء الدولة ستظل كلمات جوفاء اذا لم تكن مبنية على تصميم وعمل منظم وجهد منسق لاجتثاث جذور حقبة مقيتة من تاريخ جنوب أفريقية”..

نستذكر مانديلا في يومه الدولي ونستذكر كل نضالاته، وكيف تغلب على من أرادوا إهالة التراب على فكرة التسامح والقيم التي آمن بها ودافع عنها وحاولوا دفنها الى غير رجعة لاعتبارات ومصالح ليس بينها مصلحة الوطن، ومهم، بل بالغ الأهمية في ظل الظروف والأوضاع التي نعيشها اليوم، والصراعات المحيطة حولنا، والمحاولات التي لا تتوقف لجرنا الى حالة من الانشطار والفتن المستدامة، وخلق نزاعات ومحن ومآسٍ وفواجع ودمار يقف وراءها تجار حروب وانتهازيون، وحمقى، ورجال دين ينازعون سياسيي الطوائف وساروا في غيهم وانهمكوا ولا زالوا في كل ما يشكل اغتيالاً للمبادئ والقيم التي آمن بها وعمل من أجلها مانديلا.. نستذكر هذا الرجل وكيف حمل قضية وطنه وعرَّف العالم بها، وما يرتكبه النظام العنصري من همجية وجرائم، وقاد عملية بناء متواصلة مع التقويم والتصحيح المهم فيها. انها لم ترتكز على أي شكل من أشكال العفن الفكري والعبثي او الانفعالات التي ترفض تقبل الآخر والحوار مع الآخر والتسامح مع الآخر، وتنحاز الى الكراهية والعنف والإيمان بالأحادية وازدراء الحوار، وكيف انه لم يلجأ الى إعلام «رداح» ووسائل تتقن فن التفرقة بين المواطنين، بل لجأ الى كل ما يعزز الحوار والمصالحة والعيش المشترك بين مكونات المجتمع، لم يرَ فيمن عارضوه في فترة من الفترات ازاء موقفهم من البيض والدعوة الى إقصائهم بأنهم خونة او جهلة او كفرة، بل شركاء في الوطن، متساوون في الحقوق والواجبات، وملتزمون بالولاء للوطن، وليس للولاءات الصغيرة التي هي مجرد عالات على الوطن، ولذلك فضل الرجل ان يرتكن الى خيارات وطنية صرفة وليس انتهازية صرفة للتخلص من حقبة شهد العالم على ظلاميتها وانعدام إنسانيتها، وكم هو جميل، بل كم هو مهم ان نتمعن في الدروس والعبر التي يمكن ان نخرج منها من خلال سيرة مانديلا، ونقارن مع ما يجري في واقعنا العربي ومحيطنا المأزوم الذي يزدحم فيه هزليون واصحاب مآرب يريدون ان يمثلوا دور الأبطال فيما هم لا قيمة لهم ولا اعتبار ولا حضور ولا «رزة» متى استعاد المنطق شجاعته، وكذلك نقارن مع أفعال وممارسات وكتابات ومواقف وبرامج وارتباطات ورهانات وحسابات واهداف ليس لها برهان واحد على صلاحيتها، الخطورة فيها انها لا تؤدي إلا الى أنفاق لا نهاية لها، وأخطاء وخطايا لم نعد قادرين على عدها وحصد نتائجها وأثمانها، وفي المقدمة منها تلك التي تريد لنا العيش وسط حرائق يرقص حولها المجانين، او وسط جعجعات لا تقنع أحدًا ولا تقرب حلاً، ولا تقرب أحدًا من احد، مجتمع يزداد تفككًا وانفلاتًا للمشيئة الطائفية، وكلها أمور لم تعد تحتمل..!!

نكرر قصة كفاح مانديلا حافلة بالدروس والعبر، فقد كان الرجل القدوة والمثل ورائدا في المصالحة الوطنية وقاد بلاده الى بر الأمان، هي قصة هامة خاصة لمن يهمه ان تستعيد أوطاننا عافيتها، ولكل من يؤمن بأن الحلول السلمية لمعضلات الأوطان حتى وإن بدت مستحيلة تظل هي الأرخص، ولكل من لا يريد ان يكون مخدوعًا او مسايرًا للخديعة التي لا تفعل شيئًا سوى حشد المخلفات ولكل من يريد ان يكون له موطئ قدم في سجل التاريخ، هل يمكن ان يستفيد أولئك وغيرهم من تلك الدروس والعبر..؟

في الختام يراودني سؤال: كم مانديلا نحن فى أمس الحاجة إليه في عالمنا العربي..؟!

اقرأ المزيد

بلاغ صحفي عن اجتماع المكتب السياسي

عقد المكتب السياسي للمنبر التقدمي برئاسة الامين العام الرفيق خليل يوسف، اجتماعه الدوري مساء السبت الموافق الخامس عشر يوليو 2017.

وفي سياق متابعة تطورات الحال السياسية في البلاد، يبدي “التقدمي” تفاؤله وأمله بعودة جمعية العمل الوطني الديمقراطي “وعد” لممارسة نشاطها السياسي ضمن الجمعيات العاملة في البلاد بعد إعادة افتتاح مقراتها، آملاً أن يصار إلى إنهاء قضية المطالبة بحل الجمعية، لتواصل دورها في اثراء العمل السياسي في البلاد وبما يعزز دور ومكانة قوى التيار الديمقراطي ويساهم في تطوير التجربة الديمقراطية في البحرين.

كما أبدى الاجتماع أمله ان تساهم الجهود التي يقودها أمير دولة الكويت الشقيقة في حل الخلاف بين الدول الخليجية ضمن البيت الداخلي لدول الخليج، وهوما أكدّت عليه العديد من القيادات السياسية في دول المنطقة، كما دعا حملة الأقلام وكتاب الرأي إلى أن يكون موقفهم داعماً لتعزيز اللحمة بين شعوب المنطقة والابتعاد عن ما يثير الشقاق بينها.

وبخصوص قانون أحكام الأسرة الذي أقره مجلس النواب في جلسته الأخيرة الخميس الماضي ، فإن المنبر التقدمي، يؤكد على الآتي:

إن موقفنا الذي سبق وأن عبرنا عنه في عدة بيانات وفعاليات لازال كما هو بأهمية إصدار قانون للأحوال الشخصية موحد وعصري، والتأكيد على أهمية أن تخضع صياغة واقرار كل القوانين، بما فيها هذا القانون، للآليات الديمقراطية وبما يمكن ممثلي الشعب من إقراره وتعديله متى ما دعت الحاجة إلى ذلك كما هو متبع في جميع النظم الديمقراطية طالما آمنا بدولة ديمقراطية مدنية يسودها ويحكمها القانون.

إن القانون المقر تضمن العديد من المواد التي تكرس بعض الممارسات غير العادلة وغير المنصفة للمرأة خاصة، والضارة بمصالح الأولاد والمجتمع عامة، ولذلك وجهَ المكتب السياسي كلاً من قطاع المرأة واللجنة القانونية بتنظيم فعالية مجتمعية مع القوى والجمعيات المعنية بشؤون المرأة في هذا الخصوص تصاغ من خلالها الرؤية القانونية والحقوقية حول القانون المقر.

وفي هذا الإطار يدعو المكتب السياسي الحركة النسائية البحرينية، والاتحاد النسائي خاصة، وكل مؤسسات المجتمع المدني لموقف ينسجم مع أهداف تلك المؤسسات وما تمليه وتشرعه الاتفاقيات الدولية بشأن حقوق المرأة، كما يدعو النقابات والمنظمات العمالية لتحمل مسؤوليتها في توضيح ورفض ما تضمنه هذا القانون من تقييد لحق المرأة في العمل ومساواتها بأخيها الرجل، على خلاف ما تنص عليه إتفاقية العمل الدولية رقم 111 الخاصة بالمساواة وعدم التمييز في العمل وكذالك العهد الدولي للحقوق الإقتصادية والاجتماعية واللذين وقعت عليهما مملكة البحرين.

المكتب السياسي للمنبر التقدمي

مملكة البحرين

16 / 7/ 2017

اقرأ المزيد

تهنئة التقدمي بتحرير الموصل

الرفاق الأعزاء في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي

بعد التحايا الرفاقية، يتقدم إليكم المكتب السياسي للمنبر التقدمي في البحرين، ومن خلالكم لكافة مناضلي ومناصري حزبكم، وللشعب العراقي الشقيق بأحر التهاني بتحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، الذي أحكم الخناق على المدينة لمدة ثلاث سنوات، بعد أن أعلن منها إقامة دولته التي تمددت في مناطق أخرى من العراق وسوريا وبلدان أخرى.

إن هذا النصر الكبير الذي حققه العراقيون، جيشاً وشعباً، يرتدي أهمية عسكرية وسياسية كبيرة في مسار الحرب على الإرهاب الذي يمثله هذا التنظيم الذي يعد من أكثر التنظيمات همجية ووحشية وعداء للحضارة والتقدم، وإيذاناً بأن نهاية هذا التنظيم في العراق وفي البلدان الأخرى قادمة، وما كان هذا النصر ممكناً لولا التضحيات الغالية التي قدمها العراقيون الذين ضحى الآلاف منهم بأرواحهم ودمائهم في سبيل الحاق الهزيمة بداعش وكي لا تقوم لها قائمة مرة أخرى في العراق.

إننا إذ نبارك لكم ولشعب العراق وقواته المسلحة هذا النصر المبين، نشاطركم الموقف بأن الحرب على الإرهاب لم تنته، ولن تنتهي باستعادة ما تبقى في قبضة التنظيم من أراضٍ، وإنما عبر استراتيجية شاملة من مختلف الجوانب، تؤدي إلى اقتلاع الفكر الإرهابي من جذوره، وإزالة التربة الاجتماعية والفكرية التي تؤدي إلى نموه وتمدده.

وفي هذا المجال فإن أهمية كبرى للغاية ترتديها محاربة أوجه الفساد المستشري في أوساط النخبة السياسية الحاكمة، وانهاء نظام المحاصصات الطائفية، والقضاء على كافة أوجه التمييز والإقصاء لأي مكون من مكونات الشعب العراقي، وبناء نظام ديمقراطي عصري، وإدارة نزيهة، وضمان التعددية السياسية والمجتمعية، وإستعادة الدور المحوري للعراق كدولة ديمقراطية حديثة.

ونحن على ثقة من أن العراق دولة وشعباً سيستخلص دروساً ثمينة من التجربة المريرة التي عاشها خلال السنوات الماضية، من أجل مستقبل وضاء لكافة العراقيين، ينعكس ايجاباً على كامل المنطقة.

المكتب السياسي للمنبر التقدمي

البحرين

11 يوليو 2017

اقرأ المزيد

من المســـــؤول..؟!

المسؤول غير مسؤول.. !!

لا أحد يسأل عن المسؤول.. لا أحد يراجع.. لا حد يسأل.. ولا أحد يحاسب.. ولا أحد يبحث عن المسؤولية..!

ولا أحد يجيب على الأسئلة الكبيرة المثارة التي تخرج الى العلن دون تحفظ ودون جدوى ولم يصدر جواب على اي منها يطمئن، هذا هو واقع الحال تجاه أكثر من ملف، وأكثر من قضية، وطالما الحديث هذه الأيام ينصب على الميزانية العامة للدولة، والإجراءات والتدابير الصعبة والمؤلمة التي على المواطن ان يبتلعها برحابة صدر كما ابتلع غيرها بعد ان فوض أمره لله، وطالما ان التركيز ينصب على البحث عن تنمية الموارد المالية لدعم الميزانية بكل الطرق والوسائل فلا بأس من التذكير بموارد مالية عامة منسية، وهنا نتناول ملف المستحقات المالية المتأخرة لوزارات وجهات حكومية ظلت سنوات وسنوات دون مطالبات مستحقة، أموال تتراكم لتتجاوز مئات الملايين من الدنانير، دون ان تحرك اي جهة يفترض انها معنية ومسؤولة ساكنًا، وهذا أمر يقتضي أقصى درجات الانتباه والتحليل والمعالجة، والمحاسبة، خاصة بالنظر الى الوضع المالي الراهن، ووضع الموازنة العامة للدولة التي أصبح الكل على علم بحالها، وما نحن أمامه اليوم يؤدي بنا الى استنتاج بأن اللامبالاة وحتى التسامح عندنا لا حدود لهما لدرجة تفويت مساءلة اي مخطئ او مقصر عن أخطائه وكأن المسؤولية تبخرت من كل ناحية، وأحسب أن هذا كافٍ ليثير أسئلة تتزاحم مقرونة بشكوك في أمور مكشوفة..!!

نختار عينة، عينة ليس إلا، فالملف كبير وعريض وزاخر بوقائع كثيرة ويمكن تناوله او النظر اليه من اي جهة او منحى، ولا نخالنا نخطئ حين نكتفي بعينة هي أولاً من واقع ما نشرته ووثقته مؤخرًا صحافتنا المحلية ويمكن الرجوع اليها والى تفاصيلها في اي وقت، اللافت فيها انها لم تقابل بأي نفي او توضيح من أية جهة كانت يفترض انها معنية او مسؤولة، وثانيًا ان منها ما هو وارد ذكره في تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، ذلك يكفي ويزيد، مع ملاحظة انه قد يكون هناك حالات ووقائع اخرى مشابهة لم ترصد او تكتشف بعد، او لم يحين أوان رفع الغطاء عنها، لذا دعونا نكتفي ببعض ما هو منشور، فالقائمة طويلة وهي إجمالاً تحتمل أسئلة حساسة يتهامس بها الناس..

يمكن أن نبدأ بالإشارة الى متأخرات رسوم الإعلانات التجارية التي لم تدفعها شركات الإعلانات لوزارة الأشغال والبلديات التي بلغت 42 مليون دينار بحسب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في ملف الإعلانات، الرجل كشف عن ذلك في مؤتمر صحفي عقده بتاريخ 27 ابريل الماضي، إلا أن وزير الأشغال والبلديات أوضح في مداخلة له امام مجلس النواب بأن الأموال غير المحصلة من إعلانات الشوارع والطرقات بلغت 1.8 مليون دينار لا غير..!!

لا يقل من ذلك غرابة ما قرأناه بخصوص قيمة المستحقات المالية المتأخرة لوزارة الأشغال والبلديات على شركة خليجية تستثمر منتزه عين عذاري والتي تراكمت منذ توقيع العقد مع الشركة فى عام 2004، تصوروا، منذ نحو 13 عامًا دون مطالبة بالمستحقات المالية المطلوبة، او دون آلية تضمن استلام هذه المستحقات، وعلينا ان نلاحظ ثانيًا ان العقد يمتد حتى 2036 وهو ينص على ان تكون قيمة الانتفاع السنوي للمنتزه 9900 دينار وتزداد بنسبة 20‎%‎ كل خمس سنوات، وعليكم الحسبة..!!

أمر مدهش آخر لا ينبغي الاستهانة بدلالته، فقد قرأنا ان 2.6 مليون دينار هي مستحقات مالية لشركة نفط البحرين «بابكو» نظير تزويد شركة بمنتجات بترولية، وان الشركة لم تسدد ما عليها، بل وأغلقت مصنعها وغادرت البلاد، و«بابكو» لم يكن أمامها إلا رفع دعوى مستعجلة مطالبة بسداد المبلغ..!! دون ان يشار الى اي شيء عن الضمانات التي تم على اساسها البيع، وعلى اي أساس سمح بتراكم المستحقات المالية لتصل الى ذلك الرقم..!!

في السياق ذاته، نتوقف عند هذا الرقم، 3 ملايين و200 ألف دينار حجم المتأخرات المالية المتراكمة من قبل مستثمر مجمع تجاري والمستحقة لوزارة الأشغال والبلديات..!! واللافت للانتباه في هذا الملف هو إعطاء ذات المستثمر فرصة لتأجير مجمع تجاري آخر في منطقة سلماباد، ذلك ما أوضحه عضو مجلس بلدي بالمنطقة الشمالية..!! ويمكن ان نضيف الى ذلك هذا الرقم، 17 مليون دينار أعلن بأنها قيمة رسوم رعاية صحية لم يتم تحصيلها منذ سنوات..!!

ذلك قليل من كثير، وقائع موثقة ومنشورة ولم يمضِ على نشرها مدة طويلة، وإذا مضينا في التقليب في ذات الملف يمكن ان نضيف شيئًا مما ورد في تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية ففيها شهادات وتفاصيل كثيرة كانت صادمة في الفعل وفي رد الفعل على السواء وكلها من النوع الذي لا ينبغي ان تمر دون حساب، فتقرير عام 2014-2015 يشير الى ان قيمة متأخرات فواتير الكهرباء بلغت 170 مليون دينار، ومبلغ 730 مليون دينار متأخرات مستحقة للدولة على شركتي نظافة لقاء استخدام مدفن عسكر، ومبلغ قدره 307 ملايين دينار ايرادات غير محصلة من عقود الإعلانات، وفي تقرير عام 2015 نجد أمثلة اخرى يمكن ان تكون سندًا وذخرًا لواقع الحال الذي نحن بصدده، ومن بين ما زخر به هذا التقرير اشارة الى مبالغ لم تستحصل عن الذمم المالية المستحقة لشؤون العدل والتي بلغت 5.3 مليون دينار حتى يونيو 2014، يضاف الى ذلك ديون مستحقة لوزارة المواصلات من شركات طيران بلغت حتى 31 أكتوبر 2013 نحو 8.8 مليون دينار وذلك يوضحه تقرير 2015، أما تقرير 2016 فهو يشير الى ان المتأخرات في رسوم وإيجارات املاك بلدية غير محصلة قد بلغت 41 مليون دينار، و12.6 مليون دينار قيمة تعرفة المياه الجوفية غير المحصلة منذ عام 2006..!! كما يشير التقرير الى ان 259 مليون متر مكعب من الرمال استغلت دون مقابل..!!

كل تقرير من تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية يكشف عن أحمال ثقيلة من المتأخرات والمستحقات المالية للدولة، وما عرضناه إلا عناوين لعينة منها من الخطأ الفادح ان تطوى، واللافت أننا لم نجد نائبًا واحدًا راجع وبحث ونقب وسأل عن مصير هذه الأموال، ولماذا هذه الاستهانة الفجة في التعامل مع المال العام، ومن يتحمل المسؤولية عن هذا القصور والخلل، وعلينا ان ننبه كل نائب وكل مسؤول انه سيكون من السذاجة ان يظن بأن المواطن البحريني يبتلع وينسى مثل هذه الوقائع وما تعنيه، او انه يهضم فكر التماس الذرائع..!!

دعونا نتفق على شيء، أن المال العام لا ينبغي التعامل معه وكأنه حق ضائع، وان يكون التعامل معه مفتقدًا الى الجدية اللازمة والمسؤولية المفترضة، ولابد ان يكون هناك اجهزة رقابية على أعلى مستوى تراجع عملية التحصيل، وتضمن حسن ونزاهة مسارها، وتراجع العقود أولاً بأول، وتسأل وتحاسب وتضع الأمور في نصابها الصحيح، اجهزة حازمة لا تهادن ولا تدلل ولا تربت على الأكتاف، ولا تصرف النظر عن الأخطاء.. أخشى أننا ننفخ في «جربة» مثقوبة..!!

اقرأ المزيد

الماركسية بين الأمس واليوم – 6

شبحها ما زال يطارد الرأسمالية

الماركسية بين الأمس واليوم – 6

الدولة

          إن الدولة هي قوة قمع خاصة تقف فوق المجتمع وتعزِل نفسها عنهُ بشكل مُتزايد. وهذهِ القوة يوجد أصلها في الماضي البعيد. إلا إن أصول الدولة تتباين حسب الظروف. من بين الألمان والمواطنين الأمريكيين الأصليين ظهرت من الحرب عِصابة تجمعت حول شخصية زعيم الحرب. وهذا ما حدث أيضاً مع اليونانيين، كما نرى في الملحمة الشعرية لهوميروس Homer.

          في الأصل، يَمتع زُعماء القبائل بالسُلطة وذلك بسبب شجاعتهم وحِكمتهم وصِفات شخصية أخرى. أما اليوم، فإن سُلطة الطبقة الحاكِمة ليس لها علاقة بالصِفات الشخصية للقائد كما كان عليه الحال في عصر الهمجية. إنها مُتأصِلة في علاقات الإنتاج الاجتماعية الموضوعية وسُلطة المال. ربما تكون صِفات الحاكِم الفرد جيدة أو سيئة أو عادية، ولكن ذلك ليس هو المُهِم.

          لقد سبق أن أظهرت الأشكال الأولية للمجتمع الطبقي الدولة كالوحش، تلتهم كميات كبيرة من العمل، عن طريق تنظيم المُجتمع وترفع التعاون إلى مستويات أعلى من أي فترة سابِقة، لقد مَكَنت كميات كبيرة من قوة العَمل بأن تحتشد، وبهذا رفعت عمل الانتاج البشري إلى مُستويات لم يحلم بِها الإنسان.

          وفي الأساس، كُلُ هذا اعتمد على عمل جماهير الفلاحين. احتاجت الدولة إلى عدد كبير من الفلاحين لدفع الضرائب وتقديم عُمال السَخَرة – العامودين اللذين يتكأ عليهما المجتمع. أيٌ كان من يُسيطر على نظام الانتاج هذا يُسيطر على الدولة. إن أصول سُلطة الدولة مُتجذِرة في عِلاقات الإنتاج، وليس في صفاتٍ شخصية. إن سُلطة الدولة في مثل هذهِ المجتمعات كانت بالضرورة مركزية وبيروقراطية (دواوينية أو… حُكم المكاتب). في الأصل، كان لها صِفة دينية وكانت مُتداخِلة مع سُلطة طبقة الكُهان. ويقف على قِمتها الإله – المَلك، وتحت إمرتِهِ جيشٌ من الرسميين، كِبار الموظفين والنواميس والمراقبين، وإلى آخره. كانت الكِتابة تُعتبر في حد ذاتها رَهبة وفنٌ غامض ليس معروفاً إلا عند القِلة.

          ولهذا مُنذُ البداية كانت مكاتب الدولة غامِضة. وتظهر العلاقات الاجتماعية الحقيقية على شكل تكلف غريب. وهذا لا يزال قائماً. ففي بريطانيا تَتِمُ العناية بهذا الغموض بقصد من خلال الاحتفال والفخامة والتقاليد. وفي الولايات المتحدة تَتِمُ العناية بهذا الغموض بوسائلٌ أخرى: الإعجاب الشديد بشخص الرئيس، الذي يُمثّل سُلطة الدولة في شَخصة. إلا أنهُ بطبيعة الحال، أن كل شكل من سُلطة الدولة يُمثّل هيمنة طبقة واحدة على بقية المجتمع. وحتى في أكثر أشكالهُ ديمقراطية، فإنهُ يُمثّل دكتاتورية طبقة واحدة – الطبقة الحاكِمة – تلك الطبقة التي تملك وسائل الإنتاج وتُسيطر عليها.

          إن الدولة الحديثة هي وحشٌ بيروقراطي يلتهمُ كمية ضخمة من الثروة التي تَنتِجُها الطبقة العامِلة. يتفق الماركسيون مع الفوضويون بأن الدولة أداة وحشية للقمع يجب التخلُص منها. والسؤال هو: كيف؟ وبواسطة مَنْ؟ وما الذي سوف يحلُ مكانها؟ إن هذا سؤال أساسي لأية ثورة. وفي خِطاب لتروتسكي حول المذهب الفوضوي أثناء الحرب الأهلية التي تَلَت الثورة الروسية، لخص فيه بشكل جيد الموقف الماركسي من الدولة:

”يقول البُورجوازيون: لا تقترب من سُلطة الدولة؛ إنها الامتياز المُتَوارَث المُقدس للطبقات المُتعلِمة. ولكن الفوضويون يقولون: لا تقترب منها؛ إنها اختراع جهنمي، جِهازٌ شيطاني. اقطع صلتك بها. ويقول البرجوازيون، لا تلمسها، إنها مُقدَسة. ويقول الفوضويون: لا تلمسها، لأنها نَجِسة. وكِلاهُما يقول: لا تلمسها. ولكن نحنُ نقول: لا تلمسها فحسب، بل خُذها بيديك، واجعلها تعمل لمصالحك، من أجل التخلص من المُلكية الخاصة وعِتق الطبقة العامِلة.“ (كيف تتسلح الثورة، المُجلد الأول، 1918، ليون تروتسكي).

          توضِّح الماركسية بأن الدولة تتكون أساساً من اجسام مُسلحة من الرِجال: الجيش والشرطة والمحاكِم والسجون. ويُجادل ماركس ضد الأفكار المُشوَشة للفوضويين، حيثُ قال، بإن العُمال في حاجة إلى الدولة للتغلُب على مقاومة الطبقات المُستَغِلة. ولكن تلك المُحاججة لماركس حرفها البرجوازيون والفوضويون كلاهما. لقد تحدث ماركس عن ”دكتاتورية البروليتاريا“، وهو مُجرد مُصطلح دقيق وأكثر عِلمية للتعبير عن ”الحُكم السياسي للطبقة العامِلة“.

          واليوم لِكلمة دكتاتورية دلالات لم تكُن مَعروفة لماركس. وفي عصر قد أصبح مُتآلفاً مع جرائم هيتلر وستالين الوحشية، تستحضر رؤى كابوسية لوحش شمولي ومُعسكرات الاعتقال والبوليس السِري. ولكن مثل هذهِ الأشياء لم يكُن لها وجود بعد حتى في الخيال في عصر ماركس. فكلمة الدكتاتورية بالنسبة لكارل ماركس جاءت من الجمهورية الرومانية، حيثُ كان معناها وضعاً، في زمن الحرب، يتم تنحية القوانين المُعتادة جانباً لفترة مؤقته.

          إن الدكتاتور الروماني (”الشخص الذي يُملي)، كان قاضياً إسثنائياً لدية سُلطة مُطلَقة للقيام بمهام أوسع من سُلطة القاضي الاعتيادية. وكان المكتب في الأصل يُسمى سيد الشعب، بمعنى سيد جيش المواطنين. وبتعبير آخر، كان دوراً عسكرياً والذي دائماً تقريباً يتضمن قيادة الجيش في ساحة المعركة. وحالما تنتهي فترة التعيين، فإن الدكتاتور يتنحى عن منصِبهِ. إن فكرة الدكتاتورية الشمولية مثل دكتاتورية ستالين في روسيا، حيثُ تقمع الدولة الطبقة العامِلة من أجل مصلحة طبقة مُتَميّزة من البيروقراطيين، لو شَهِدَ ماركس تلك الفترة لصُعِق.

          ما كان من المُمكن أن يكون نموذجه مُختلِفاً. لقد أسس ماركس فكرَتُهُ لدكتاتورية البروليتاريا في كومونة باريس للعام 1871. وهنا للمرة الأولى، الحشود الشعبية وعلى رأسها العُمال أسقطوا الدولة القديمة وبدؤوا على الأقل بِمُهِمة تحويل المُجتمع. وبالرغم من عدم وجدود خطة عمل مُحددة وواضِحة، ولا قيادة أو تنظيم، إلا أن حشود الجماهير أظهرت درجة مُدهِشة من الشجاعة والمُبادرة والابتكار. وتلخيصاً لتجربة كومونة باريس، شَرَحَ ماركس وأنجلز: ”هناك شيء واحد قدمتهُ الكومونة على نحوٍ خاص وذلك أن الطبقة العامِلة لا يمكنها ببساطة أن تُمسك بزِمام الأمور آلة الدولة الجاهِزة، وتستخدمها لأهدافها الخاصة..“ (مُقدِمة الطبعة الالمانية 1872 من البيان الشيوعي).

          إن الانتقال إلى الاشتراكية – شكلٌ أعلى من المجتمع يرتكز على الديمقراطية الحقيقية والرخاء للجميع – لا يمكن تحقيقه إلا بالمُشاركة النشطة الواعية للطبقة العامِلة في إدارة المجتمع والصناعة والدولة. إنهُ ليس شيئاً يُسَلِمهُ البرجوازيين أو كِبار الموظفين البيروقراطيين الطيبين للعُمال عن طيب خاطر.

          تحت قيادة لينين وتروتسكي، اُقيمت الدولة السوفيتية لتسهيل جذب العُمال إلى مهام السيطرة والمُحاسَبَة، لضمان التقدم المُستمر لتخفيض ”المهام الخاصة“ للموظفين الحكوميين ولِسُلطة الدولة. وقد وُضِعت قيود حصرية على المعاشات والسُلطة وامتيازات كِبار الموظفين لِمَنع تشكيل طبقة مُتميزين.

          لم تَكُن دولة العُمال التي أسستها ثورة 1917 البلشفية بيروقراطية ولا شمولية. على النقيض من ذلك، قبل أن يستأثر ستالين Stalin بالسِلطة ويُبعد الجماهير، كانت أكثر دولة ديمقراطية وُجِدَت. إن المبادئ الأساسية لسُلطة السوفيت لم يخترِعها ماركس أو لينين. فهي تأسست على التجربة الملموسة لكومونة باريس، وعمل لينين على التوسع فيها فيما بعد.

          كان لينين العدو الدائم للبيروقراطية. كان دائماً يقول أن البروليتاريا لا تحتاج إلا إلى دولة ”دستورية التي سوف تبدأ بالاضمحلال فوراً ولا تستطيع إلا أن تضمَحِل.“ إن دولة العُمال الحقيقية لا تشبه الوحش البيروقراطي الموجود اليوم، وحتى الدولة التي كانت موجودة أيام روسيا الستالينية أقل منهُ وحشية. لقد تم وضع الشروط الأساسية لديمقراطية العُمال في واحدٌ من أهم أعمال لينين: الدولة والثورة:

  1. انتخابات ديمقراطية حُرة مع حق إعادة جميع الموظفين الرسميين.
  2. يُمنع منح موظف رسمي مرتباً أعلى من مُرتب العامل الماهر.
  3. لا يُسمَح بوجود جيش أو شُرطة مُتفرِقة، عدى الشعب المُسلح.
  4. تدريجياً، يجب أن يقوم الجميع بالمهام الإدارية بالتناوب. ”كُلُ طباخ يجب أن يكون قادراً أن يُصبح رئساً للوزراء – حينما يكون كُلُ فرد ’بيروقراطي‘ بالتناوب، لا أحد يستطيع أن يكون بيروقراطياً.“

كانت هذهِ هي الشروط التي وضعها لينين، ليس من أجل الاشتراكية أو الشيوعية المُكتَمِلة، وإنما من أجل المرحلة الأولى لدولة العُمال – مرحلة التحوّل من الرأسمالية إلى الاشتراكية.

          إن نواب مجالس سُوفيتات العُمال والجنود المُنتخبين لم يتشكلوا من سياسيين مُحتَرِفين وبيروقراطيين، وإنما تشكلوا من العُمال العاديين والفلاحين والجنود. لم يكُن جسماً غريباً أو سُلطة تقف فوق المجتمع، وإنما سُلطة ترتكز على المُبادرة المُباشِرة للشعب من الأسفل. إن قوانينها لا تُشبه القوانين التي تسُنها سُلطة الدولة الرأسمالية. إنها نوع من السُلطة مُختَلِفة كُلياً عن تلك الموجودة عموماً في الجمهوريات البرجوازية الديمقراطية البرلمانية من النوع الذي لا يزال سائداً في الدول المُتقدِمة في أوروبا وأميركا. كانت هذهِ السُلطة من نفس نوع كومونة باريس في عام 1871م.

          صحيح، في ظروف التخلف والفقر والأمية المُرعِبة، لم تتمكن الطبقة العامِلة الروسية الإحتفاظ بالسُلطة التي استولت عليها. لقد عانت الثورة من عملية الفساد البيروقراطي الذي أفضى إلى قيام الستالينية. وعلى النقيض من أكاذيب المؤرخين البُرجوازيين، لم تَكُن الستالينية نتاج البلشفية وإنما كانت عدوها اللدود. كانت عِلاقة ستالين بماركس ولينين شبيهة بعلاقة نابليون باليعقوبيين، أو عِلاقة البابا بالمسيحيين الأوائل.

          إن الاتحاد السوفيتي المُبَكر لم يَكُون في الحقيقة دولة على الاطلاق بالمعنى المُعتاد الذي نعرِفهُ، وإنما كان مُجرد التعبير المُنظم للسُلطة الثورية للشعب العامل. وبتعبير ماركس، كان ”شبه دولة“، تلك الدولة التي صُمِمَت كي تضمحل في نهاية المطاف وتذوب في المجتمع، لِتُمَهد الطريق للإدارة الجماعية للمجتمع من أجل مصلحة الجميع، دون قوة أو إكراه. ذلك، وذلك فقط هو المفهوم والتصوّر الماركسي لدولة العُمال.

اقرأ المزيد

وقفتان من أجل الحرية والسلام

الوقفة الأولى: إضراب الأسرى الفلسطينيين

لا  أعرف وأنا أكتب هذه السطور عن الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني منذ يوم الثلاثاء 17 أبريل من الشهر الماضي، عما إذا كان إضرابهم سيستمر  أم يتوقف وتتحقق مطالبهم المشروعة، ومن المعروف بأن تاريخ  17 أبريل تم إقراره من قبل منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 1974 كيوم للأسير الفلسطيني، ولكن هذا العام قرّر  الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الصهيوني بأن لا يمر اليوم  دون أن تكون لهم وقفة احتجاجية على أوضاعهم في تلك السجون، ليسمع العالم صرختهم  المدوية.

 يقول القائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي في بيان أصدره من سجنه الإنفرادي بتاريخ 4 مايو 2017 بعد  مرور ثمانية عشر يوماً من الإضراب: “يأتي هذا الإضراب للتصدي لسياسات الاحتلال الغاشمة المستمرة والمتصاعدة ضد الأسرى وذويهم. وإننا نؤكد على قرارنا على خوض هذه المعركة مهما كان الثمن، ولا شك لدينا أن أسرى فلسطين قادرون على الصمود والثبات والانتصار، ويتشرفون بالانتماء لهذا الشعب العظيم، صاحب المخزون النضالي الذي لا ينضب، كما يفتخرون بالتضحية من أجل هذا الوطن، مؤمنين بحتمية النصر”.

ويضيف: “إن الاستعمار الإسرائيلي يحاول من خلال الاعتقال اليومي الذي يطال آلاف الفلسطينيين سنوياً وعلى مدار سنوات الإحتلال، استنزاف الشعب الفلسطيني وشلّ قدرته على النضال ضد الإحتلال وحشي يستبيح مقدساتنا ومدننا وقرانا ومخيماتنا ويستبيح مدينة القدس الشريف، ويعتقل العشرات يومياً، ويخضع المعتقلين للتعذيب والتحقيق القاسي، ويلفق لهم لوائح اتهام، ويصدر بحقهم الأحكام الجائرة في المحاكم العسكرية والمدنية غير الشرعية والظالمة، ويمارس سياسة تشّكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وجرائمَ يجب مساءلة ومعاقبة المسؤولين عنها).

إنها بالفعل إرادة شجاعة تصدر من مناضل وقائد فلسطيني قضى سنوات طويلة في سجون الإحتلال الصهيوني، ومضى على سجنه الأخير منذ انتفاضة الأقصى في عام 2000، حوالي 17 عاما، يتحدى فيها  السجان الذي لم يستطع أن ينال من إرادته وصموده  وزملائه الأسري الفلسطينيين،  ولكن المخزي مواقف الدول العربية التي لم تفعل شيئاً لقضية الأسرى الفلسطينيين المضربين في سجون الاحتلال الصهيوني وهذا ليس بجديد بدول تهرول نحو التطبيع وإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع كيان محتل لا يقرّ حتى هذا اللحظة بقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، و الأمم المتحدة لا تفعّل قراراتها الصادرة منذ قيام دولة الكيان الصهيوني في عام 1948، ولا تستطيع إرغام الكيان على الانصياع  للقرارات الأممية في ظل هيمنة الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها على هيئة  الأمم المتحدة ، وأنظمة عربية لا تستطيع الدفاع عن  بلدانها وشعوبها، فهي غير قادرة على التصدي لدولة الإحتلال الصهيوني ووفق ممارساتها الوحشية والفاشية بحق الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل دحر الاحتلال الصهيوني وإقامة دولته الوطنية المستقلة.

الوقفة الثانية: السلام العالمي

 منذ الحرب العراقية الإيرانية في شهر سبتمبر  من عام 1980، حتى  هذه  الأيام لم تنعم منطقتنا بالأمن والسلام، حرب  تلي حرباً  والأكثر من هذا تزايد الإرهاب في المنطقة العربية بشكل لا مثيل له، في بداية الحرب طرح الرئيس السوفييتي الراحل ليونيد بريجنيف  عقد مؤتمر دولي للسلام  وأن تتحول بحيرة  الخليج  والمحيط الهندي إلى بحيرة سلام،  لكن لم تلقَ هذه المبادرة  الترحيب  من قبل الإمبريالية الأمريكية ودول الخليج العربي، وهذا يعود إلى الانقسامات في العالم بسبب الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والراسمالي في حينه، وانحياز بعض الدول لهذا المعسكر أو ذاك، لهذا  رفضت مبادرة أو  فكرة انعقاد المؤتمر الدولي للسلام في منطقتنا، لأن ليس من مصلحة الإمبريالية الأمريكية بأن يعم السلام والاستقرار فيها، طالما مصالحها لم تتضرر، و براميل النفط المحملة في البواخر الكبيرة تصل إلى موانئ  الولايات المتحدة الأمريكية بسلام، والأهم أن تستمر  بؤر التوتر والحرب في المنطقة وفي بلدان عديدة في العالم لكي تشتغل  مصانع الأسلحة الأمريكية والتي يعمل بها آلاف الأمريكان ويسيطر عليها ملاك الكارتلات المالية والصناعية الكبيرة.

تغير العديد من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية ولكن الإستراتيجيات  والسياسيات لم تتغير.  فمبدأها الثابت هو المصالح الدائمة، حيث  لا يهم  من هم الأصدقاء أو الحلفاء، طالما المصالح لم تمس ، وحتى لو تغيرت الأنظمة فالمهم هو المحافظة على المصالح، والرئيس الأمريكي الحالي  ترامب   مدافع أمين عن مصالح أمريكا، ويزايد على سلفه أوباما  في الدفاع عنها ، ولا يتورع في الإعلان عن موافقه الشعبوية واليمينية المعبرة عن جوهر وحقيقة الإمبريالية المتوحشة التي تريد أن تحافظ على وجودها الدائم في أكثر من بلد من بلدان العالم حتى لو اضطرّت أن تستخدم القوة العسكرية ضد هذا البلد أو ذاك لتفرض هيمنتها عليه.

 هاهي اليوم تثير القلق والتوتر في فنزويلا لإسقاط الرئيس والحكومة هناك لأنها لا تسير في فلكها، مثلما أسقطت من قبل مخابراتها “سي. آي. إي” حكومة السلفادور الليندي اليسارية  في عام 1973 في تشيلي، ودعمت العسكريين  الفاشيين، والعديد من الحكومات الوطنية في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، كما أسست ودعمت العديد من المنظمات الإرهابية والمتطرفة في العالم هذه طبيعة الإمبريالية الأمريكية، الهيمنة على الشعوب والبلدان بالقوة العسكرية الغاشمة التي لديها لتصبح القطب الأوحد في العالم تفرض إرادتها وشروطها، و تناهض وتعادي  أي دولة أو شعب يرفض نهجها وتحيك المؤامرات ضده لتعزز نفوذها وتحافظ على مصالحها بالضد من إرادة الشعوب في الحرية والاستقلال الوطني والتقدم الاجتماعي والسلم.

اقرأ المزيد

نظرية الميزة التنافسية

يتميز اقتصاد السوق باحتدام المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية في مختلف قطاعات الإنتاج الصناعي والخدمي والتجارة. وهذا يتطلب من كل شركة في أي قطاع من هذه القطاعات، بأن تحافظ على وجودها في السوق، ويتم ذلك عبر الاستمرار في ربحيتها وتنامي حصتها في السوق وبأقل تكلفة ممكنة.

 أما إذا تقاعست الشركة عن الابداع وتطوير منتجاتها السلعية، أو الخدمية وعن المثابرة في توظيف كل ما هو جديد في التكنولوجيا والأفكار الخلاقة المبدعة والتسويق النشط، من اجل ان تخلق لنفسها ميزة تنافسية تؤدي الى تفضيل العملاء منتجاتها عن سائر منتجات المؤسسات المنافسة لها في السوق، ومن أجل ضمان استمرار ربحيتها وبقاءها في الصدارة في المنافسة مع مثيلاتها من الشركات، وإذا لم يتم ذلك فإن المؤسسة ستجد نفسها في وقت ما خارج المنافسة ومن ثم خارج السوق، ومن ثم الافلاس.

لكن من واقع الممارسة في اقتصاد السوق، فإن هذه الميزة التنافسية سرعان ما يتم تقليدها من قبل المؤسسات المنافسة الأخرى. وهذا ما يستلزم من الشركة ان تخلق لها ميزة تنافسية لمدة أطول وأكثر استمرارية ((sustaining competitive advantage وعند حديثنا في مجال أدبيات الميزة التنافسية  يبرز دور المفكر والكاتب والخبير مايكل بورتر (المحاضر في جامعة هاربر) صاحب نظرية الميزة التنافسية، التي ناقشها في كتابين، والتي تهدف إلى إيجاد “استراتيجية الميزة التنافسية“، حيث يشرح فيها رأيه، كيف يمكن لكل مؤسسة أن تخلق لها ميزة تنافسية خاصة بها  تتميز بها عن غيرها من الشركات المنافسة لها في السوق، وتؤدي هذه الميزة لأن تكون منتجات هذه الشركة أكثر جاذبية وتفضيلاً من قبل العملاء، مما ينتج عنه  زيادة في أرباحها واستمرار بقائها في صدارة المؤسسات المنافسة لها في السوق. ولتوضيح تلك الميزة التنافسية نقدم للقارئ بعض الأمثلة التوضيحية.

  • تاجر يتميز عن غيره من المنافسين في السوق بالمثابرة دائما في سرعة استيراد ملابس حديثة متميزة، متماشية مع آخر ما استجد من الموضات الحديثة الجذابة وتلبي اذواق العملاء.
  • مطعم يتميز بتقديم اطباق طعام محددة وبمذاق فريد وشهي بأسعار معقولة، مقارنة بالمطاعم الأخرى المنافسة والمجاورة له في نفس المجمع.
  • يتميز أحد بنوك التجزئة الذي يتواجد مع عدد آخر من البنوك التجزئة في نفس الموقع ويمتلك مثل البنوك المنافسة له شبكة من الفروع في جميع المناطق من البلاد، وفي المجمعات ومزودة بأجهزة الصراف الآلي، إلا أنه يتميز عنهم باجتذاب نسبة أعلى من الزبائن، بسبب تميزه باحتساب عمولات الخدمة وأسعار فائدة أقل على القروض والتسهيلات المصرفية الأخرى المصاحبة وسهولة إجراءات المعاملات المصرفية من قبل موظفين أكفاء.
  • تتميز إحدى وكالات بيع الأجهزة الكهربائية المنزلية بجودة خدمة الصيانة ما بعد البيع عن مثيلاتها المنافسة في السوق مما جعل الزبائن أكثر تفضيلا لمنتجاتها.
  • تتميز إحدى مؤسسات انتاج السيارات بميزة تنافسية أكثر تفضيلا عن مثيلاتها المنافسة في جودة سياراتها الأكثر جاذبية للعملاء وبيعاً في الأسواق المحلية والعالمية مثل شركة تويوتا.

لذلك فإن أي مؤسسة اقتصادية تريد أن تحتفظ لنفسها بميزة تنافسية، فلابد أن تتضافر عوامل داخل المؤسسة تتمثل في نوعية الموارد والقدرات الإدارية الخاصة بالشركة، التي بها تبني عليها الميزة التنافسية التي تؤثر في سهولة أو صعوبة تقليدها. فكلما كانت هذه الموارد يصعب نقلها ويصعب تقليدها، ما يؤدي إلى أن تستمر الميزة التنافسية لمدة أطول. فإن اعتماد الميزة التنافسية على العديد من الموارد والقدرات الخاصة بإدارة الشركة، يجعل من الصعب معرفة أسباب هذه الميزة التنافسية وكيفية تقليدها. اما التأثير الخارجي يتمثل في ان التغير في احتياجات العملاء، أوفي التغيرات في التطبيقات التكنولوجية أو الاقتصادية أو القانونية، كل هذه المتغيرات الخارجية التي ترصدها ادارة الشركة وتعمل على الاستجابة والتكيف معها، والعمل على توظيفها في خلق الميزة التنافسية للمؤسسة لأنها تتمتع بالقدرة السريعة في رد فعلها على التغيرات الخارجية. التاجر الذي يستورد التكنولوجيا الحديثة والمطلوبة في السوق أسرع من غيره، يستطيع خلق ميزة تنافسية له عن طريق سرعة رد فعله على التغير في التكنولوجيا واحتياجات السوق. من هنا تظهر أهمية قدرة المؤسسة على سرعة الاستجابة للمتغيرات الخارجية.

 الميزة التنافسية التي تحققها المؤسسة قد تبقى لمدة قصيرة أو قد تبقى لمدة اطول. إذ ان المؤسسات المنافسة الأخرى سرعان ما تبادر الى تقليد تلك الميزة، ما يؤدي الى تلاشي تلك الميزة التنافسية. ونتيجة لذلك يستلزم من المؤسسة صاحبة الميزة التنافسية التي تم تقليدها، ان تعمد الى السعي الجاد لتبني ميزة تنافسية جديدة يكون تقليدها ليس سهلا. إذ يتطلب جهودا وقدرات في الموارد المالية والادارية، وتطبيقات تكنولوجية حديثة، التي قد لا تكون متيسرة لكل شركة منافسة لها في السوق، وبذلك تتمكن الشركة من الاستمرار في الميزة التنافسية لمدة اطول، ونجاحها في الاستمرار في الصدارة وتحقيق الأرباح.

أما عن واقع السوق المحلي فإن بعض المؤسسات التجارية والخدمية، تتفنن وتبرع في تضليل الزبائن وبيعهم بضائع معيوبة أو منتهية الصلاحية. إذ يعمد البعض الى تزوير الصلاحية. وبعض المؤسسات تتبارى في قدرتها على فرض مبالغ فيها مقابل اعمال الصيانة. كذلك المماطلة وتدني المستوى في تقديم الخدمة ما بعد البيع المتوقعة، وسببه الرئيسي هو الجشع والجهل بأدبيات المنافسة والتميز. أما السبب الآخر هو عدم وجود قانون حماية المستهلك التي تحمي مصالح المستهلكين وتجبر المؤسسات أن ترقى وتتطور في أساليب نشاطها الاقتصادي وتتميز في أداءها لجذب العملاء في بيئة تنافسية حرة ومنضبطة، تقوم على ارضاء الزبون، وعلى روح المبادرة والمغامرة المحسوبة، والذي بدوره يسهم في الازدهار الاقتصادي بشكل عام.

اقرأ المزيد