المنشور

خليفة: على البحرين منع ومعاقبة «جميع» من يبثُّ خطابات الكراهية، العريبي دعا إلى إنشاء مرصد صحافي مستقل لمتابعة ما ينشر محليّاً

خليفة: على البحرين منع ومعاقبة «جميع» من يبثُّ خطابات الكراهية

العريبي دعا إلى إنشاء مرصد صحافي مستقل لمتابعة ما ينشر محليّاً

ندوة «المنبر التقدمي» بمدينة عيسى تحت عنوان: «الإعلام وتأثيره على الوحدة الوطنية» - تصوير : أحمد آل حيدر
ندوة «المنبر التقدمي» بمدينة عيسى تحت عنوان: «الإعلام وتأثيره على الوحدة الوطنية» – تصوير : أحمد آل حيدر

مدينة عيسى – حسن المدحوب

18 أكتوبر 2016

طالبت الكاتبة الصحافية ريم خليفة «الجهات الرسمية بمنع جميع من يبث خطابات الكراهيَّة القوميَّة أو العنصريَّة أو الدينيَّة التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف، مشددة على أهمية «التفريق بين حريَّة الرأي، والوحدة الوطنية، وخطاب الكراهيَّة في لغة الإعلام المحلي».

وأوضحت خليفة، في ندوة أقيمت في جمعية «المنبر التقدمي» في مقرها بمدينة عيسى مساء الأحد (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، تحت عنوان: «الإعلام وتأثيره على الوحدة الوطنية»، أن «خطابات الكراهية محرَّمة في العهد الدولي، ويجب على الدول التي صادقت على العهد (والبحرين إحدى تلك الدول) أنْ تمنع مثل هذا الخطاب وتعاقب عليه، والمنع هنا يجب أن يشمل الجميع، بمعنى ألا تتمّ معاقبة جهة دون أخرى، ولا يفسح المجال لنوع معيَّن من الأشخاص والجماعات فيما يعاقب آخرون إذا ارتكبوا الخطأ ذاته، فالممنوع دوليّاً وإنسانيّاً هو ما يجب أن يكون ممنوعاً على الجميع من دون استثناء».

من جهته، دعا عضو جمعية «المنبر التقدمي» حسين العريبي إلى «إنشاء مرصد صحافي مستقل، يتولى إصدار دليل مهني، يضع فاصلاً بين حرية التعبير التي تكفلها الحرية الصحافية، والمضامين الصحافية التي تتجاوز حرية التعبير لتصل إلى خطاب الكراهية».

وفي ورقتها، قالت الكاتبة الصحافية ريم خليفة: إن «وسائل الإعلام تطورت بشكل عام في السنوات الأخيرة، ليصبح لها منافس حالي يتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقود منافسة مع جميع وسائل الإعلام التقليدية، كالفضائيات والصحف، وذلك بسبب قدرتها السريعة على نقل ونشر المعلومة، لكن المعلومة التي تنتشر، الكثير منها لا يتعدى سوى التحشيد عبر استخدام خطابات الكراهية المناهضة للوحدة الوطنية، وهذا الخطاب تسمعه أيضاً على منابر خطب صلاة الجمعة، وتقرأه فيما يكتبه دعاة الكراهيَّة، وتشاهده على شبكات التواصل الاجتماعي وصولاً إلى ما تبثُّه المنظَّمات الإرهابيَّة من التلذُّذ بتعذيب وقتل البشر الذين يختلفون معهم».

وأضافت «وعليه، فإنَّ الإشكاليَّة التي تواجهها المجتمعات العربية، ومنها المجتمع البحريني، وخاصة بعد أحداث العام 2011 وحتى اليوم، تتمثَّل في كيفيَّة التفريق بين حريَّة الرأَي، الوحدة الوطنية، وخطاب الكراهيَّة في لغة الإعلام المحلي، فحريَّة الرأي، المنصوص عليها في المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسيَّة، لها حدود وضعتها المادة (20) من العهد الدولي، والتي تنصُّ على «الحظر بالقانون أيَّة دعوة إلى الكراهيَّة القوميَّة أو العنصريَّة أو الدينيَّة التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف».

وأردفت «يعتبر ذلك محرَّماً في العهد الدولي، ويجب على الدول التي صادقت على العهد (والبحرين إحدى تلك الدول) أنْ تمنع مثل هذا الخطاب وتعاقب عليه، والمنع هنا يجب أن يشمل الجميع، بمعنى ألا تتمّ معاقبة جهة دون أخرى، ولا يفسح المجال لنوع معيَّن من الأشخاص والجماعات فيما يعاقب آخرون إذا ارتكبوا الخطأ ذاته، فالممنوع دوليّاً وإنسانيّاً هو ما يجب أن يكون ممنوعاً على الجميع من دون استثناء».

وبينت أن ذلك «هو ما يؤثر على خطاب الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي؛ لأنه يكون ليس دقيقاً في نقل ما يجري في العالم، فهو يأخذ بأيّ خبر، ويقلبه رأساً على عقب، ليقول إنَّ في بلدان أخرى تتمُّ تصفية المعارضين، مثلاً، وبالتالي يكرّر كلاماً غير علميّ وغير صحيح، يتم تسويقه بصورة لا تخلو من البطش من أجل تقسيم المجتمع وتجيّره لخدمة أجندات خاصَّة».

وأشارت إلى أن الإعلام الحر والمحترف يحتاج إلى بيئة مساندة، وثقافة داعمة، لكي يمكن اعتماد مواثيق شرف لضبط المهنة ذاتيّاً مهما يكن ذلك ممكناً، ولنأخذ مثلاً مدونة قواعد السلوك للصحافيين المحترفين التي تعتمدها جمعية الصحافيين المحترفين الأميركية، فهذه المدونة تطرح دليلاً إرشاديّاً لمن يعملون بالصحافة ويتحملون المسئولية عن المعلومات التي يقدمونها، بغض النظر عن وسيلة النشر».

وأكملت «وبحسب جمعية الصحافيين المحترفين، فإن التنوير الذي يضطلع به الصحافيون هو عمل ريادي يهدف إلى تحقيق العدالة وتثبيت الأسس الديمقراطية، ولذلك يجب أن تكون الصحافة أخلاقية أيضاً، وأن تسعى جاهدة لضمان التبادل الحر للمعلومات الدقيقة والنزيهة والشاملة، كما أن الصحافي الأخلاقي يجب أن يتصرف دائماً بنزاهة».

وواصلت الكاتبة الصحافية ريم خليفة «وقد طرحت الجمعية المذكورة أربعة مبادئ كأساس للصحافة الأخلاقية، وهي: ضرورة تقصي الحقائق وكتابة التقارير عنها، تقليل الضرر، التصرف بشكل مستقل، والعمل بمسئولية وشفافية».

وبيّنت أنه «ينبغي على الصحافيين شرح الخيارات والإجراءات المتبعة للجمهور، وتشجيع الحوار المدني بشأن الممارسات الصحافية والتغطية والمحتوى الإخباري، مع ضرورة الاستجابة السريعة للأسئلة بشأن دقة التغطيات الخبرية ووضوحها وضمان الإنصاف في إعدادها. إضافةً إلى ذلك، يجب الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها على وجه السرعة وبشكل بارز، ويلزم شرح التصحيحات والتوضيحات بعناية ووضوح. وهو ما يعني أن الصحافة الأخلاقية هي مشعل التنوير في المجتمعات المتحضرة من خلال بث المبادئ التي تدعو وتستخدم لغة الوحدة الوطنية؛ لأن من خلالها تصبح المقياس الحقيقي الذي تساق إليه الحياة العامة مع معايير الديمقراطية والتعددية واحترام الآخرين، والاعتراف بكراماتهم المتأصلة والتي لا يجوز التعدي عليها تحت أي عذر كان».

وذكرت أن «مراقبين مثل أستاذ اللسانيات والفيلسوف الأميركي نعوم تشومسكي قال قبل ثلاثة أعوام في منتدى بون للإعلام: إن «إدخال قوانين أكثر تقييداً في معظم بلدان العالم، له تأثير خطير على حرية التعبير وغيرها من الحقوق (…)، كما أن مثل هذه التدابير قصيرة النظر أيّاً كان مسماها، قد تنزلق إلى مطب الاستفراد بالرأي الواحد الذي يقصي الطرف الذي لا يريد هذا الرأي، وبالتالي يقضي على التعددية وتماسك المجتمع الواحد». وهو ما يعني أن التعددية في الإعلام هي انعكاس لتعددية داخل المجتمع، وهي لابد أن تكون جزءاً مكمّلاً من تطوّر المجتمعات، وهذا لن يتحقق – كما قال تشومسكي – إلا من خلال وجود إعلام حر ومستقل ينقل الرأي الآخر بسلاسة ولا يعتدي على الرأي المختلف».

وقررت «ولذلك هناك ضرورة وحاجة في البحرين إلى وقفة صادقة؛ لمناصرة المادة (19) من العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنيَّة والسياسيّة، ولتفعيل المادة (20) من العهد ذاته، بصفته الإلزاميَّة. وخاصة في ظل غياب ميثاق شرف حقيقي وتنويري لأخلاقيات العمل الصحافي الذي ترى فيه بعض الحكومات نوعاً من التدخل، أو أن الصحافة عليها خطوطٌ حُمْرٌ من كل جانب قد تخنق مسيرتها وتحوّلها إلى مجرد صحافة وإعلام علاقات عامة».

وأفادت خليفة «في إطار المبادئ الأربعة لمدونة قواعد السلوك للصحافيين المحترفين (جمعية الصحافيين المحترفين الأميركية)، فإنه بالنسبة إلى المبدأ الأول، فإنه ينبغي أن تكون الصحافة الأخلاقية دقيقة وعادلة، وأن يكون الصحافيون شرفاء وشجعاناً في جمع وإعداد التقارير وتفسير المعلومات، وأن يتحملوا المسئولية عن دقة عملهم، والتحقق من المعلومات قبل نشرها، واستخدام المصادر الأصلية كلما أمكن. كما ينبغي عرض الخبر ضمن سياقه، والاعتناء بصورة خاصة بمنع تحريف أو تبسيط أية قصة خبرية أثناء نشرها أو مراجعتها أو تلخيصها. كما ينبغي تحديد المصادر بوضوح، إذ من حق الجمهور الاطلاع على أكبر قدر من المعلومات لكي يتمكنوا من تحكيم عقلهم بشأن موثوقية ودوافع تلك المصادر».

وتابعت «كما ينبغي السعي بجد إلى السماح لمن يعنيهم الأمر بالرد على أي انتقادات أو اتهامات بارتكاب مخالفات، وأن يقف الصحافي الأخلاقي مع إعطاء صوت لمن لا صوت لهم، وتجنب التنميط في كتابة الأخبار والتقارير».

وأكملت خليفة «المبدأ الثاني للصحافة الأخلاقية يتعلق بتقليل الضرر لأولئك الذين يكتب عنهم الخبر، والزملاء وأفراد الجمهور، بصفتهم بشراً يستحقون الاحترام».

وواصلت «ولذلك، فإن على الصحافيين موازنة حاجة الجمهور للحصول على معلومات مع احتمال التسبب بضرر لهم، كما ينبغي إظهار التعاطف مع أولئك الذين قد يتأثرون بالتغطية الإخبارية، والتصرف بحساسية عند التعامل مع الأحداث، وضحايا الجرائم الجنسية، والمصادر أو الأشخاص الذين يفتقرون إلى الخبرة أو غير قادرين على إعطاء الموافقة. كما يجب الأخذ في الاعتبار الاختلافات الثقافية في النهج وأساليب معالجة المواضيع، فالحق في الحصول على المعلومات ليس معناه تبرير النشر أو البث من دون أي اعتبارات أخرى».

وشرحت أن «المبدأ الثالث للصحافي الأخلاقي هو التصرف بشكل مستقل؛ لأن الهدف الأكبر والأساسي للصحافة هو خدمة الجمهور، وعلى الصحافيين – بحسب جمعية الصحافيين المحترفين الأميركية – مثلاً، رفض الهدايا والمزايا والرسوم، وتسهيلات السفر والمعاملة الخاصة، وتجنب القيام بالأنشطة السياسية أو خارج المهنة الصحافية وغيرها، والتي قد تؤثر في سلامة العمل الصحافي أو نزاهته، أو ما قد يؤدي إلى فقدان المصداقية. كما ينبغي الحذر من مصادر المعلومات التي تقدم المزايا أو المال، مع ضرورة تمييز الأخبار عن الدعاية والإعلان، وتجنب التغطيات التي لا توضح الحدود الفاصلة بين التحرير الخبري والتحرير الإعلاني».

وختمت خليفة «المبدأ الرابع للصحافي الأخلاقي يتطلب العمل بمسئولية وشفافية؛ لأن الصحافة الأخلاقية تعني تحمل مسئولية العمل وشرح القرارات للجمهور».

من جانبه، قال عضو جمعية المنبر التقدمي حسين العريبي «تتنامى الدعوات هذه الأيام لصون الوحدة الوطنية للمجتمع البحريني على خلفية ما خلفته الأزمة الاجتماعية التي خلفتها الأحداث السياسية في (فبراير/شباط من سنة 2011)».

وأضاف العريبي «هذه الأزمة أدت تداعياتها إلى اتساع الهوة بين مكونات المجتمع البحريني، مما دعا إلى تكاتف كافة القطاعات الحيوية في المجتمع المدني لتجسير الفجوة بين فئات المجتمع لاستعادة الوحدة بين مختلف مكوناته».

وأردف «ولعل ما يسهم في تحوير الاختلافات السياسية داخل المجتمع البحريني إلى خلافات طائفية وعرقية، طبيعة المجتمع البحريني الذي يتميز بتنوع طوائفه وأعراقه».

وتابع «من هنا تكمن الحاجة إلى التعرف على تأثير الإعلام في اتجاهات الجمهور البحريني تجاه الوحدة الوطني، حيث يعد الإعلام من وسائل التأثير في الرأي العام، لما يمتلكه من ميزة سهولة التداول بين الناس بمختلف طبقاتهم وشرائحهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية أو اهتماماتهم الثقافية أو الاجتماعية وغيرها من الاهتمامات».

وأفاد العريبي «يشمل نطاق الإعلام عملية تكوين الرأي العام بهدف تكوين فكرة سائدة بين جمهور من الناس والقيام بدور قيادي مؤثر في تكوين اتجاهات الجمهور».

وواصل «كما لوسائل الإعلام عموماً دور مهم في تعزيز الوحدة الوطنية، حيث يزداد الطلب على الصحف مع اندلاع الأزمات وبروز القضايا التي تعد مثار جدل وانقسام بين أفراد المجتمع».

وذكر أنه «ولما كانت أزمة (فبراير) و(مارس/ آذار 2011)، من الأزمات الاستثنائية التي واجهتها مملكة البحرين، فإن عملية التعرف على مضامين وسائل الإعلام تعد من المسائل البحثية المهمة التي تعطي مؤشراً حول مسار الوحدة الوطنية خلال مرحلة أحداث (فبراير) والمراحل التي تلتها».

وأوضح أنه «بالحديث عن الإعلام فإن من المعلوم أن وسائل الإعلام التقليدية في البحرين تنقسم إلى ثلاث فئات: (مرئية، ومسموعة، ومقروءة) لكن حتى هذا اليوم لا توجد تشريعات تسمح بتعدد الإعلام المرئي والمسموع، وعليه فإن هامش التعددية في الإعلام التقليدي ينحصر في الإعلام المقروء، غير أن هذا الإعلام المقروء أيضاً يخضع في سياسته الصحافية لعدة عوامل، منها طبيعة النظام السياسي والقوانين والتشريعات التي تعزز صيانة وسائل الإعلام واستقلاليتها، ثم مصادر التمويل التي تؤثر على أجندة الوسيلة الإعلامية، وطبيعة المجتمع التي تسعى الوسيلة الإعلامية لمخاطبة توجهاته».

وأكمل العريبي «هذا ويعول على وسائل الإعلام للقيام بالعديد من الأدوار التي تساهم في نهضة المجتمع كأن تكون أداة تساعد في تكامل الدولة، وترابط وحدتها وتقريب الفجوة بين حكامها وجماهيرها، ونشر المعايير والنماذج العقلانية بين عناصر وقطاعات ومؤسسات المجتمع، كما مراقبة البيئة ورصد المخاطر التي تتهدد المجتمع، كما نقل المعلومات لمحاولة خلق حالة واسعة من الفهم لدى أفراد، حراسة المجتمع من إساءة استخدام السلطة عبر الرقابة والتوجيه – ومن هنا جاءت تسمية السلطة الرابعة، كما المساهمة في توحيد الأمة وتحقيق التماسك: إبراز الأهداف العليا التي تسهم في تماسك المجتمع وتوحده، حيث تسهم وسائل الإعلام في تعميق الهوية والتميز الحضاري والثقافي للأمة».

وتابع «ولطالما كان واضحاً تأثر وسائل الإعلام في البحرين بطبيعة النظام السياسي، حيث تأسست صحيفة البحرين وهي أول صحيفة بحرينية في العام 1939م من قبل رائد الصحافة المرحوم عبدالله الزايد وقد دفعها نظام الحماية البريطانية لدعم سياسة الحلفاء في مواجهة دول المحور خلال الحرب العالمية الثانية، وقد تم وقف نشاطها على مشارف نهاية الحرب العالمية الثانية، ما فسره العديد من المراقبين بسبب سحب نظام الحماية البريطانية تمويله للصحيفة نتيجة انحراف سياستها التحريرية عن مصالح نظام الحماية البريطانية بطرحها للنقاش مجموعة من المطالب الوطنية التي لم تتماشَ مع سياسات القوى الاستعمارية آنذاك».

وأضاف «وقد استمرت حالة الشد والجذب بين الصحف البحرينية ونظام الحماية البريطانية خلال الحقب السياسية المختلفة التي مرت على البحرين إلى أن حل المجلس الوطني في العام 1975 وإصدار قانون أمن الدولة الذي أدى إلى جمود نشاط الصحافة البحرينية واقتصارها على نقل الأخبار الرسمية والهامشية».

وأكمل «وبعد سنوات طويلة عادت الحيوية للصحافة البحرينية مع صدور ميثاق العمل الوطني في (14 فبراير 2011) مؤكداً: لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بأية طريقة أخرى من طرق التعبير عن الرأي أو الإبداع الشخصي، وبمقتضى هذا المبدأ فإن حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة مكفولة في الحدود التي بينها القانون».

وواصل العريبي «وبذلك شهدت البحرين في تلك الفترة انتعاشاً للصحافة وتنامي عدد الصحف التي وصلت إلى 14 صحيفة في العام 2012، بعد أن كانت مقتصرة على 3 صحف قبل إصدار ميثاق العمل الوطني».

وأوضح أن «هذه التعددية في الصحف عكست بطبيعة الحال التباين السياسي داخل المجتمع البحريني، وأصبحت الصحافة ساحة لطرح التباينات السياسية وتنمية الاستقطابات التي شهدتها الفترة من (فبراير 2001) تاريخ صدور ميثاق العمل الوطني، وحتى ما بعد (فبراير 2011) تاريخ تفجر الأزمة السياسية في البحرين».

وأشار إلى انه «على رغم أن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر الصادر عن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في (أكتوبر من العام 2002)، نصت على: «لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وفقا للشروط والأوضاع المبينة في هذا القانون، وذلك كله دون المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية».

واستدرك «إلا أن الإعلام الرسمي والتابع عمل خلال الأزمة وبعدها بصورة سيئة على إثارة الإحساس بالخطر الجمعي في المجتمع، وتعزيز النعرات الطائفية، وربط التحركات الجماهيرية بالأجندات الخارجية، ونشر حالة التهويل والخوف في أوساط الجمهور بشكل ممنهج، ما أدى إلى تعميق الشرخ بين أفراد المجتمع، وقد استمر هذا الدور بعد مرحلة السلامة الوطنية، كما استخدم التلفزيون الرسمي كوسيلة لمحاكمة المعارضين والنشطاء والتحريض عليهم، كما لعبت الصحف الموجهة دوراً لا يقل سوءاً عبر الطعن في وطنية المعارضين، وازدراء معتقداتهم، والطعن في شرفهم، وتصويرهم أنهم لا يمتون بصلة إلى الوطن وثقافته وثوابته».

وشرح أن «هذا الدور لم يقتصر على الفترة التي صاحبت الأزمة بل إن هذه السياسة التحريرية أصبحت سمة طاغية من سمات المرحلة السياسية التي تعيشها البحرين اليوم ما يدعو قوى المجتمع المدني والسياسي إلى التفكير جدياً في التوجه إلى منصات إعلامية بديلة عبر الاستغلال الأمثل للإعلام الاجتماعي في نشر قيم المصالحة الوطنية، وأهمية التعايش السلمي، وإثراء السلم الاجتماعي في دولة تتمتع بسلطة قانون عادل يؤكد مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة بين كافة فئات المجتمع دون تمييز بينهم، ويوفر بيئة ديمقراطية تحترم الثراء التعددي للمجتمع البحريني».

وقرر العريبي «وعليه توصي هذه الورقة بالاهتمام بوسائل الإعلام الاجتماعي كأداة تأثير واسعة الانتشار في تطوير الممارسة السياسية، حيث تعد وسائل الإعلام الاجتماعي وسيلة مباشرة للاتصال بالجماهير، كما أنها وسيلة لا تخضع للقيود الرقابية الشديدة التي تخضع إليها وسائل الإعلام التقليدي ويعول على هذه الوسائل في تنظيم الجماهير وتحشيدهم نحو غايات إنسانية مشتركة كإنشاء شبكة وطنية اجتماعية داعمة لاستعادة الوحدة الوطنية بين أبناء المجتمع ومناهضة كل المساعي البغيضة للتفرقة فيما بين مكوناته، والتأكيد على المطالب الحقوقية والسياسية المشتركة بين مختلف فئات المجتمع البحريني والدفع بتحفيز كتلة اجتماعية قادرة على حمل لواء هذه المطالب. لكن على القوى المدنية والسياسية أن تلتفت في هذا الجانب إلى أن الفضاء الإلكتروني لا يكفي وحده لتحقيق هذه الغايات بل يجب أن يكون الفضاء الإلكتروني وسيلة لترجمة مشاريع فعلية على الأرض، لكي تحقق هذه الوسائل أهدافها».

وأكمل «هذا وتبين دراسة حديثة أجريت على 20 بلداً أوروبيّاً أن أسباب الفاعلية السياسية تأثرت بشكل كبير بدرجة تعرض الأفراد لنظام تعليمي يشجع على ذلك، إلى جانب محتوى قنوات التلفزيون المشجع على الفعالية السياسية، كما محتوى شبكات الانترنت».

وتابع «هذا وتوصي الورقة من جانب آخر، بدعوة رؤساء تحرير الصحف لتولي مسئولياتهم في صون الوحدة الوطنية عبر تخصيص مساحات أكبر من المواضيع الصحافية بأشكالها المختلفة لتعزيز ثقافة الحوار، والقبول والتعايش، والتسامح، وأهمية الوحدة الوطنية، والتأكيد على أهمية توافر قدر من المهنية والحرفية لدى المحررين، بما يراعي الالتزام بأخلاقيات العمل الصحافي، وتشجيع إدارات الصحف لنشر المواضيع التخصصية المبنية على الأساليب العلمية في التحليل والنقد، وخاصة في صفحات الرأي.

وختم العريبي «كما ندعو لإنشاء مرصد صحافي مستقل، يتولى إصدار دليل مهني، يضع فاصلاً بين حرية التعبير التي تكفلها الحرية الصحافية، والمضامين الصحافية التي تتجاوز حرية التعبير لتصل إلى خطاب الكراهية، إلى جانب رصد المضامين الصحافية المحرضة على الكراهية، والمحفزة للنعرات الطائفية، ونشر تقارير دورية في هذا الخصوص تعرض للرأي العام والمجتمع البحثي على حد سواء».

العدد 5155 – الثلثاء 18 أكتوبر 2016م الموافق 17 محرم 1438هـ