المنشور

كلمة التيار الوطني الديمقراطي في الذكرى الأربعين لاستشهاد سعيد العويناتي ومحمد غلوم

الأخوة الأمناء العامين لجمعيات التيار الوطني الديمقراطي ..

الأخوة والأخوات رفاق وأصدقاء الشهيدين

الأخوة والأخوات الحضور .

اسعدتم  مساءاً

منذ أربعين عاماً ونحن نُحيِي هذه الذكرى ليكون الشهيد محمد غلوم والشهيد سعيد العويناتي وقبلهم وبعدهم الكثير من الشهداء الذين قدمهم شعبنا قرابين فداء في مسيرة نضاله الوطني الديمقراطي من أجل أن نعيش في وطن تسوده  الحرية والعدالة والمساواة وتكون فيه إرادة الشعب هي العليا في تحقيق أحلامه (وأن نعمل معاً من اجل تأسيس الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والعادلة قوامها دولة المواطنة وعدم التمييز والديمقراطية الحقيقية)

منذ أربعين عاماً تعوّدنا جميعاً أن نُحيِي هذه الذكرى ليكون الشهداء حاضرين معنا ويكونا شهداء وشهود على ما نبذله نحن رفاقهم وأصدقاءهم من خطوات وأفعال تعبر عن ما ائتمنونا عليه في مواصلة الطريق النضالي الذي استشهدوا من أجله .. فهل نحن على العهد سائرون؟؟

في هذه الذكرى يحق للشهداء ان يُسائِلونا جميعاً عن ماذا فعلنا و الى أين نحن سائرون؟ لاشك بأن الشهيدين ونحن معهم كنا نحلم في بناء الوطن السعيد الذي لا يرجف فيه الأمل. وكنا نحلم في إرساء أسس الحرية والعدالة والمساواة بين كافة ابناء الوطن والسير معا في تعزيز مكانة الوحدة الوطنية والتأخي والتعاون بين كل مكونات المجتمع من أجل بناء هذا الوطن .

أيها الأخوة . . إن شهدائنا حين قدّموا أرواحهم فِداءً لتحقيق هذه الأهداف لم يكونا يعبأون بما ينثر حولهم من بذور الفتن الطائفية والتحارب بين قوى المجتمع. بل كانوا يزرعون الوعي لكيف أن نكون كتلة وطنية عابرة للطوائف وأن نكون تقدميون وطنيون مدركين لواقعنا الاجتماعي دون أن تغرّنا أفكارنا إلى نكران أفكار الآخرين ونصبح بذلك من العدميين .!!

لقد علّمنا الشهداء أن نكون مخلصين لأفكارنا وأكثر من ذلك أن نكون مخلصين للوطن وأن نذود بالنفس في الدفاع عن قضايا شعبنا ونقف مع مطالبه الوطنية المحقة نابذين العنف ورافضين له بشتى أشكاله ومن أي جهة كانت لا سيما رافضين له لأن يكون وسيلة في وضع الحلول لمشاكل الوطن .

أيها الأخوة والأخوات. .

إننا في الوقت الذي نُحيِي ذِكرى أحبة لنا قضى نحبهم وهم يحملون شعلة التغيير والإصلاح للوطن وكلنا نتذكر كيف كان الوضع السياسي بعد هجمة أغسطس وحل البرلمان عام 1975. وكيف كان للشهيدين ورفاقهم في الحركة الوطنية الديمقراطية من دور في وأد الفتنة وصون الوحدة الوطنية وتكثيف الجهود من أجل توحّد كلمة الشعب ضد قانون أمن الدولة والمطالبة بعودة الحياة البرلمانية والدفاع عن المعتقلين والمطالبة بإطلاق سراحهم وكثير من المطالب الشعبية التي توجس الحكم حينها من تنامي الوعي بمشروعيتها وتأثيراها. حتى جاءت الكارثة بفعل جريمة اغتيال المرحوم عبدالله المدني فكانت الفرصة الذهبية لأجهزة المخابرات بقيادة سيء الصيت هندرسون لاطلاق العنان لمخططاتها الأمنية لتمزيق الوحدة الوطنية ودق اسفين الخلاف بين القوى الإسلامية والديمقراطية وقد وظّفت ضعاف النفوس لتسويق هذا المخطط عندما أقدمت على شن حملاتها القمعية ضد القوى الوطنية وكوادرها ومناصريها الفاعلين على الساحة السياسية، وعلى رأسهم الشهيدين. واليوم عندما نستذكرهم بمثل هذه الذكرى نستحضر معهم المثل والدور الوطني في رفع مطالب الشعب من أجل إطلاق الحريات والعدالة والمساواة وحق ممثلي الشعب في المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرار، تلك المطالب التي مازالت قائمة وتهم كل افراد المجتمع دون أن تلقى أي اعتبار أو تقدير من الجانب الرسمي. ولعله من المعيب ما نلاحظه اليوم في تعمّد نفس القوى التي ارتضت لنفسها أن تكون خادمة لتنفيذ مخطط ضرب القوى الديمقراطية في عام 76 والتي راح ضحيتها الشهيدين والعشرات من المعتقلين الذين تعرّضوا لأبشع أنواع التعذيب أن ينبروا مرة أخرى في محاولة التذكير بنفس الأجواء التي سادت تلك الهجمة في تغذية النعرات الطائفية ودق اسفين الخلاف بين مكونات الشعب من قوى سياسية إسلامية وديمقراطية التي توافقت وتعاونت على الاستمرار في رفع راية مطالب الشعب وضحّت بالغالي والنفيس من أجل تحقيقها. داعين أهل العقل في هذه الجماعات بدلا من تبنّي ما روّجته لهم أجهزة الاستخبارات آنذاك في كيل الاتهامات جزافاً والتي لا تستند إلى واقع وحقيقة الجريمة في شيء من الوعي الوطني – ندعوهم اليوم بأن يضعوا يدهم في يدنا من أجل المطالبة بإعادة الاعتبار للشهيدين أولاً، ولكل من برّأهم القضاء من فعل الجريمة ثانياً، ولكل من تعرّض للاعتقال والتعذيب في تلك الحقبة، والمطالبة بالشروع في تطبيق عملية العدالة والإنصاف وجبر الضرر عن كل من تعرّض للاضطهاد والقمع من أبناء الشعب في الحقب السياسية المختلفة.

أمّا نحن في قوى التيار الديمقراطي الذين نحتفل اليوم بذكرى شهيدينا محمد غلوم وسعيد العويناتي وكما ذكّرنا في المرات السابقة .. لا يكفي أن نستحضر روح الشهيدين من دون ان نفرحهم بإنجاز ما قد حقّقناه من أمنياتهم.

سأترك أمر سرد الذكريات الجميلة مع الشهيدين وسرد مناقبهم النضالية والبطولية أحبتي من رفاق الشهيدين الذين حتماً سيقومون بالواجب ..

إلّا إنني وبالنيابة عن رفاقي رؤساء وأعضاء جمعيات التيار الديمقراطي اسمحوا لي أن أختم كلمتنا في هذه الذكرى بما اودعه الشهيدين من أمانة في عنقنا جميعاً بأن نترفع على كل خلافاتنا التاريخية التى اتعبتنا جميعاً وأثبتت التجربة النضالية لكل فصيل منا بأننا في أشد الحاجة إلى توحّدنا في تقوية التيار الديمقراطي ليلعب دوره التاريخي في بناء الوطن واجراء التغيير المنشود لتحقيق دولة الإصلاح والتقدم من خلال الدولة المدنية الديمقراطية التي تتساوى فيها الحقوق والمواطنة وتتحقق فيها العدالة والمساواة والكرامة لكافة أبناء الشعب وتمكين الشعب من المشاركة الحقيقية في اتخاذ القرارات المصيرية.

أمام الوفاء بهذه الأمانة .. فهل لنا أن نستحضر شهداؤنا في مثل هذه المناسبات بالإضافة إلى كونهم “أحياء عند ربهم يرزقون” بأن نستحضرهم معنا كشهداءً وشهود على ما نحن عازمون عليه في توحيد الصفوف من أجل خدمة الشعب والوطن؟.

فليكن شهداؤنا شهود علينا في تحقيق أحلامهم.

 وفي هذه المناسبة الجليلة نؤكد على التالي

أولاً: إنّ القوى السياسية في مرحلة اغتيال عبدالله المدني رحمه الله قد أعلنت بوضوح بأن نضالها السياسي هدفه تحقيق مطالب شعبية واضحة ولم تكن ضمن استراتيجتها عمليات الاغتيال وخاصة للمختلفين فكرياً وسياسياً معنا

ثانياً: نطالب بفتح ملف اغتيال المدني ومحاسبة من اغتال في السجون الشهيدين محمد غلوم والعويناتي وكشف قبر الشهيد بوجيري الذي دفن بتهديد لوالده بان لا يعرف أحداً مكان دفنه والبدء في عملية العدالة الانتقالية وانصاف ضحايا التعذيب والاستشهاد أسوة كما حدث في المغرب وجنوب افريقيا وإيرلندا كخطوة نحو المصالحة والاعتذار عن جرائم مُورِسَت بحق كوكبة من شعبنا من حقنا جميعاً أن نريح أرواحهم المعذّبة ويتم انصافهم وتعويضهم معنوياً أولاً ومادياً.

ثالثاً: كل شعوب العالم المناضلة والتي قدمت مئات الشهداء من أجل الحرية والاستقلال والعدالة والمساواة تحتفي بهؤلاء الشهداء ليبقوا خالدون في وعي وأذهان الأجيال الجديدة والشابة ولذا نتطلع إلى تقدير شهداء الوطن عبر يوم وطني للشهداء وتسمية شوارعنا باسماؤهم وتدريس نماذج من الشهداء لجيلنا الصاعد في المناهج الدراسية

المجد والخلود للشهيدين محمد غلوم وسعيد العويناتي ولكافة شهداء الوطن الذين سقطوا في كافة مراحل النضال الوطني من أجل نيل الحرية والكرامة ومن أجل العيش في وطن سعيد لا يرجف فيه الامل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته