المنشور

صعود اليمين المتطرف في أوروبا

1– من هو اليمين المتطرف؟

1- اليمين المتطرف هو مصطلح سياسي يطلق على الجماعات والأحزاب والتطرف هو توصيف  لمواقفها السياسية في المشهد السياسي، والفرق بين اليمين التقليدي واليمين المتطرف، أن اليمين التقليدي الليبرالي او ما يسمى المعتدل يسعى للحفاظ على الحقوق والحريات و التقاليد وحماية الأعراف داخل المجتمع، والثاني كذلك ولكن الاختلاف يكمن في أن اليمين المتطرف في مواقفه يدعو للتدخل القسري واستخدام التشريعات واستخدام العنف للحفاظ على تلك التقاليد والأعراف في المجتمع الأوروبي المتمسك بها.

لذلك يتصف اليمين المتطرف في أوروبا بالتعصب القومي لجنسه، والتعصب الديني ومعاداة المهاجرين من المسلمين وغيرهم من الشعوب الإفريقية والآسيوية، حيث يرى أن ما يحدث من جرائم وسرقات هو بسبب زيادة الهجرة، وأن لدى المسلمين والأجانب عامة، عادات وتقاليد جاءوا بها من بلادهم الفقيرة، ترفض دخولها مثل تلك إلى بلدانهم الأوروبية.

2-أسباب صعود اليمين المتطرف

  • مع نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات حدثت تغيرات كثيرة في أوروبا نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الشرقية متمثلة في حلف وارسو وتأسيس الاتحاد الأوروبي نتيجة معاهدة ماستريخت 1992، نتيجة لما سبق، فإن الدويلات التي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بدأت تعود لأصولها العرقية وهو ما ساهم في ظهور النزعة القومية عند الكثير من الأوروبيين وانضمام مثل هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي فيما بعد.
  • في عام 2008، بدأت أزمة مالية عالمية اعتبرها البعض الأسوأ منذ الكساد الكبير 1929، أدت هذه الأزمة لانتشار البطالة والركود الاقتصادي.
  • ومع زيادة الهجرة بدأ بعض الأوروبيين ينظرون للمهاجرين كمزاحمين لهم في وظائفهم وخاصة المسلمين، وهنا ظهرت دعوات للتضييق على المهاجرين ودعوات عدائية ضدهم.
  • تدفق اللاجئين إلى أوروبا وما تبعه من حوادث إرهابية آخرها حادث بروكسل الذي راح ضحيته 34 قتيلًا و135 جريحًا.
  • خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أفضي في النهاية إلى ارتفاع أسهم أحزاب وحركات اليمين المتطرف في أوروبا بشكل غير مسبوق.
  • ومن عوامل صعود نجم اليمين المتطرف أيضًا سياسات الاتحاد الأوروبي الاقتصادية التي أدت إلى زيادة المخاوف من أن ذلك الاندماج سيأتي على حساب الخصوصية الوطنية والمحلية. ذلك عبر المفوضية الاوروبية التي بمثابة الحكومة المكزية التي تقر القرارت الاقتصادية و التجارة الداخلية و الدولية.
  • في 2011 ومع بداية ما عرف بالربيع العربي، ظهرت عدة صراعات في الشرق الأوسط من الأزمة السورية إلى الأزمة الليبية واليمنية وظهور تنظيم الدولة الإسلامية وتدهور الأحوال المعيشية للمواطن العربي كل ذلك أدى لزيادة الهجرة واللجوء لأوروبا.
  • زيادة منافسة المهاجرين على الوظائف الموجودة وفي ظل وجود نسبة بطالة، كل ذلك أدى لزيادة المخاوف عند الكثير من الأوروبين على هويتهم الثقافية وعاداتهم وتقاليدهم وعلى الجنس الأوروبي وأيضًا الخوف من تلاشي دولة الرفاهية.

3– بانوراما اليمين المتطرف في أوروبا؟

  • النمسا

في النمسا برزرجل سياسي يميني متطرف الى انتخابات الرئاسة، وهو نوربرت هوفر من حزب الحرية المعادي للمهاجرين في الجولة الأولى للانتخابات في أبريل 2016 حيث حصل على 35% من الأصوات، ولكن استطاع ألكساندر فان دير بيلين انتزاع الفوز في اللحظات الأخيرة، ولكن ما لبث أن أبطلت المحكمة الدستورية العليا نتيجة الانتخابات في الأول من يوليو وبذلك ستكون إعادة الانتخابات، وهي فرصة كبيرة لليمين المتطرف للوصول للرئاسة.

يشكل حزب الحرية اليميني 40 مقعدًا من أصل 183 مقعدًا في المجلس الوطني، وشعار الحزب “النمسا أولًا”، وقد ارتكزت حملة نوربرت هوفر  في الانتخابات الرئاسية على تقليل المنافع التي يحصل عليها المهاجرون وإعطاء النمساويين الأولوية في العمل.

  • بولندا

في الانتخابات البرلمانية التي عقدت في 2015، حصل حزب القانون والعدالة اليميني على نسبة 39% من الأصوات والتي مكنته بقوة لآن يدخل في الحكومة المشكلة.

  • المجر

سيطر حزب فيدس وفيكتور أوربان اليمينيين على آخر ثلاثة انتخابات مما جعل بعض الدول الأوروبية تتهم النظام المجري بالنظام الشمولي.

حزب جوبيك اليميني استطاع في انتخابات 2014   المتطرف المعادي للمهاجرين من الحصول على 20% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية مما جعله ثالث أكبر الأحزاب في المجر، والجدير بالذكر أن الحزب يدعو لإجراء استفتاء حول عضوية الاتحاد الأوروبي.

  • السويد

في سبتمبر 2014، تمكن الحزب الديمقراطي اليميني المتطرف استطاع في الانتخابات في سبتمبر 2014 من الحصول على نسبة 13% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية، ويدعو الحزب إلى وضع قيود كبيرة على الهجرة وإجراء استفتاء حول عضوية السويد في الاتحاد الأوروبي.

  • اليونان

حزب الفجر الذهبي  اليميني يعتبر من أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في اليونان، الذي تأسس هذا الحزب عام 1980، في 2012 دخل البرلمان بـ 18 مقعدًا، وقد وصفه المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان في 2013 بالنازي الجديد حيث له نظرة متشددة تجاه المهاجرين ويرى أن الاتحاد الأوروبي سبب دمار اليونان.

  • فرنسا

تأسس حزب الجبهة الفرنسي القومي عام 1972 ويترأسه حاليًا مارين لوبان، يتبنى هذا الحزب الخطاب العدائي تجاه المهاجرين ويسعى لتقليل الإعانات للمهاجرين مثل الرعاية الصحية، ودعت رئيسته لإجراء استفتاء حول عضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي بعد الاستفتاء البريطاني الأخير.

حصل الحزب على 27% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي عقدت في ديسمبر 2015، ومن المتوقع مشاركة لوبان في الانتخابات المزمع عقدها في 2017.

  • ألمانيا

في مارس 2016، تمكن حزب البديل الألماني من الحصول على نسبة 25% من الأصوات في انتخابات الولايات، رغم أنه قد فشل سابقًا في الحصول في 2013 على أية مقاعد في البرلمان إلا أنه من المتوقع أن يكون أول الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تصل للبرلمان الألماني منذ الحرب العالمية الثانية وذلك بعد استطلاعات للرأي أظهرت حصوله على 10-12%.

أما حركة بيجيدا التي  تدعي بأنها حركة مواطنين أوروبيين ضد أسلمة الغرب، فقد نظمت العديد من التظاهرات المعادية للمهاجرين المسلمين واللاجئين وتم اتهامها في أكثر من حادث عنف ضد المسلمين.

  • بريطانيا

حزب الاستقلال البريطاني  يعتبر هذا الحزب من أبرز الأحزاب اليمينية المتطرفة في بريطانيا الذي تأسس في عام 1993 كحزب معارض للاتحاد الأوروبي، وتمكن من الحصول على أعلى الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي في بريطانيا.

وتشير العديد من التقارير إلى ارتفاع شعبية هذا الحزب خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع ان يحصد المزيد من المقاعد في الانتخابات المقبلة.

4– ما هي الجهود المبذولة لمواجهة اليمين المتطرف في أوروبا؟

تشير التوقعات أن أحزاب اليمين المتطرف في سبيلها نحو تحقيق المزيد من المكاسب خلال الانتخابات برلمانية كانت أو رئاسية، وسيكون كل تركيزها على الأقليات والهجرة والتدهور الاقتصادي في حملاتها الانتخابية، ويمكن القول أن الجهود المبذولة لمواجهة اليمين المتطرف في أوروبا تنحصر في التالي:

أولًا: تجاهل الحركات والأحزاب اليمينية لهذه القوى و الاحزاب مثل الذي حدث بعد اعتداءات باريس في عدم دعوة حزب الجبهة الوطنية اليميني لمسيرة الوحدة ضد الإرهاب وهو ما قوبل بمسيرة مقابلة من الحزب بزعامة مارين لوبن في تأكيد أن هذه الوحدة المزعومة ضد الإرهاب ليست كاملة،

 ثانيًا: التركيز و التشهيرعلى الخطاب اليميني المتطرف و انتقاده تجاه أفكاره المعادية لتعددية وضد احترام الآخر ولأنه ضد الديموقراطية،

ثالثًا: فضح مواقف الاحزاب الاخرى تجاه الأحزاب اليمينية االمتطرفة من اجل تحجيم الاحزاب المتطرفة وتفكيك القاعدة الشعبية لهذه الاحزاب اليمينية المتطرفة.

5- ما هي تداعيات صعود اليمين المتطرف على المستقبل الأوروبي؟

التأثيرات المترتبة على صعود اليمين المتطرف في أوروبا تتركز في اربع نقاط:

  • أولهما، تأزم أوضاع الأقليات بأوروبا وخاصة المسلمين.
  • ثانيهما، زيادة نزعة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وخاصة بعد خروج بريطانيا.
  • تفكك الاتحاد الاوروبي
  • أواضعاف الاتحاد وإعادة هيكلته والتعديل في صلاحياته تجاه الدول الأعضاء.

يمكن القول أن هناك سيناريوهين متوقعين:

  • السيناريو الأول: استمرار الصعود اليميني المتطرف

وفقًا للإحصائيات التي أجريت مؤخرًا فإن الخط البياني لليمين المتطرف في تقدم مستمر، ومن الواضح أن العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يتعلق بها من الهجرة وزيادة العمليات الإرهابية سيؤدي لاستمرار هذا الصعود، وستكون الصورة أكثر وضوحًا بعد الانتخابات الفرنسية الرئاسية 2017 حيث مارين لوبان اليمينية لديها فرصة كبيرة للفوز.

  • السيناريو الثاني: التوجه إلى الانحدار

تشكل نسبة المعارضة لحزب الجبهة الوطنية الفرنسي بقيادة لوبان ما يقرب من 67%، و87% يعارضون الحزب الديموقراطي السويدي اليميني، والجدير بالذكر أن العديد من الأحزاب التقليدية ترفض التعاون مع الأحزاب اليمينية المتطرفة، وأخيرًا فإن قطاعات كبيرة في أوروبا ترفض هذه التوجهات مثل مشاركة 12 ألف شخص في تظاهرة بميونخ تحت شعار “افسحوا المجال .. اللاجئون مرحب بهم”.

5- فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامركية 2016

قبل الحديث في موضوع فوز ترامب في انتخابات  الرئاسة الامريكية يستلزم منا ان نلقي نظرة سريعة على الاقتصاد الامريكي الذي كان يعد بأكبراقتصاد في العالم، إلا أنها أصبحت أكبر دولة مديونة نتيجة حربها في فيتنام وافغانستان والعراق وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى كدول الشرق الاوسط وأمريكا اللاتينية، وتداعيات الأزمة الاقتصادية عام 2008 واستمرار آثارها على الاقتصاد الأمريكي.

 

الدين العام الأمريكي

هو مجموع الدين العام المقرر على الحكومة الاتحادية وهو جملة سندات الضمان المملوكة لأطراف خارج الولايات المتحدة إلى جانب سندات الضمان التي تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية والمملوكة لأطراف داخل الولايات المتحدة. ولا يشمل هذا الدين سندات الضمان التي تصدرها الحكومات المحلية وحكومات الولايات.

فاق الدين العام للولايات المتحدة الأمريكية حسب أرقام يوليو ٢٠١١ حاجز 20 ترليون دولار أمريكي وهو ما يناهز ٩٨٪ من الناتج المحلي الإجمالي. يبلغ نصيب الجهات الخارجية من هذا الدين ٩.٧ ترليون دولار أمريكي أما الباقي ومقداره ٤.٦ ترليون دولار فهو لأطراف داخل الولايات المتحدة كحكومات الولايات أو الحكومة الاتحادية[1]. ومما يمثله هذا الرقم أن كل مواطن أمريكي مدين بزهاء ٤٦ ألف دولار أمريكي منها ٣٠ ألف دولار أمريكي من نصيب دول العالم. أما حين يقسم الدين العام الأمريكي على عدد دافعي الضرائب الأمريكان فهذا يعني أن حصة كل واحد منهم هي قرابة ١٢٩ ألف دولار أمريكي. ووفقا للوتيرة الحالية فإن هذا المبلغ يزداد ٣.٨٥ مليار دولار يوميا[2]. وتتيح وزارة الخزانة الأمريكية للراغبين الفرصة للمساهمة في تقليص الدين الأمريكي العام عبر التبرع على موقع الوزارة أو بإرسال الشيكات إلى عنوان الوزارة بواسطة البريد. وقد حدا هذا التدهور في أرقام الاقتصاد الأمريكي مؤسسة موديز للتحليلات المالية إلى إنذار الولايات المتحدة من خفض وشيك في درجة الملاءة ما سيكبدها سعر فائدة أعلى من ذي قبل حين تضطر إلى الاستدانة[3] وكذلك فعلت مؤسسة ستاندرد آند بورز[4]. وتواجه الولايات المتحدة تحدي إعلان إفلاسها في الثاني من أغسطس ٢٠١١ وتدهور قيمة الدولار الأمريكي إذا لم تتمكن إدارة الرئيس باراك أوباما رفع سقف الدين العام الذي يخولها الاستدانة لإعادة ترتيب عمليات السداد. وفي حال عجزت إدارة أوباما عن إقناع الكونغرس الأمريكي برفع سقف الدين العام فإن أمريكا ستعلن إفلاسها للمرة الأولى في التاريخ[5]. وسوف تتكبد الدول التي تملك السندات الأمريكية الخسارة الأفدح وأولها الصين تليها اليابان ثم بريطانيا[6]. (من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة – أغسطس 2015)

أزمة سقف ديون الولايات المتحدة هي أزمة تتعلق بالجدل الذي دار في الكونغرس الأمريكي حول ما إذا كان يجب رفع سقف ديون الولايات المتحدة، وإذا حدث هذا، فما هو حجم هذا الرفع.كما نوقشت أيضًا سياسات الإنقاق والضرائب التي يجب أن تصاحب رفع سقف الديون،[1] كما نوقشت أيضًا التغييرات البنوية في وضع الميزانيات في المستقبل إذا كان يجب أن تصاحب أي من هذه التغييرات رفع سقف الديون.[2] الدين العام الأمريكي البالغ 14.4 تريليون دولار تخطى الحاجز الذي كان 16.1 تريليون دولار في أكتوبر 2013؛ ولا يوجد لدى وزارة الخزانة الأمريكية السلطة لإصدار أو تكبد ديون جديدة تتجاوز سقف الديون.[3] (نفس المصدر)

هذه القراءة المختصرة عن الدين العام الضخم الذي تعاني منه الولايات المتحدة الامركية تساعدنا على معرفة أسباب لجوء القيادة العليا في الكونغرس أو ما يسمى “المالية العامة” التي ترعى وتهتم بشؤون اقتصاد الدولة التي هي ملتزمة بمعالجة هذا الخلل في ميزان المدفوعات والعجوزات المالية الضخمة. فهذه المجموعة أو الاليغاركية المدافعة عن تلك السياسات العشوائية في السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية مثل تنفيد خطط استراتيجية للسيطرة على العالم واخضاع الشعوب واقتصادياتها للهيمنة الأمريكية عبر فرض العولمة واختراق اقتصاديات الدول والغاء نظام الحماية التجارية. ومن أمثلة هذه الخطط التآمرية مشروع الدكتور برنارلويس عام 1980 الذي يهدف إلى تغيير خارطة معاهدة سايكس بيكو وتقسيم الدول العربية إلى دويلات على أساس قومي وطائفي وعرقي. ويضاف إلى ذلك أوهام هنري كيسنجر اليهودي الصهيوني ووزير الخارجية سابقا، وهرطقات هينتجتون حول صراع الحضارات، متناسية ارادة الشعوب الحية وإصرارها على حريتها واستقلالها الوطني ووقوفها في مواجهة السياسات الإمبريالية التي تمارسها عصابة الكونغرس الامريكي ضد شعوب العالم وبدعم سافر من دول الاتحاد الأوروبي.

ونتيجة لفشل معظم السياسات الاقتصادية و السياسية الامريكية وتدخلاتها العسكرية التي التي تسببت في قتل الالاف من شعبها وآلاف المعاقين والمرضى نفسيا من الحروب في قيتنام وافغانستان والعراق وفي حرب الكويت العراق، ما أدى إلى تعاظم احتجاجات آباء وأمهات القتلى والمصابين والمفقودين. كذلك تنامي نفود الأمريكان الجدد الذين يتمتعون بمستويات تخصصية علمية عالية في مجال العلوم التطبيقية مثل علوم الفضاء والطب وتكنولوجيا المعلومات. علماً أن هذا الجيل الجديد معظمه ينحدر من أصول آسيوية ولاتينية لا تربطهم بالطغمة المالية العليا ولا باللوبي الصناعي والخدمي في الاقتصاد الأمريكي أي صلة، والغالبية منهم معارض للسياسات العدوانية تجاه الشعوب الأخرى تحت شعار المصالح الامريكية.

كذلك الهزائم العسكرية والسياسية  الناجمة عن تدخلات البيت البيض لدعم العناصر الارهابية التي انشأتها المخابرات الأمريكية وبتمويل من دول الخليج في العراق وسوريا وليبيا وذلك باعتراف وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في حملتها الانتخابية للرئاسة الأمريكية.

كل تلك الاخفاقات التي تعرضت لها القيادة العليا للرأسمال العام في أمريكا، ويضاف إلى ذلك فشل سياسات مركز القيادة العليا للرأسمالية المتمثلة في الاتحاد الأوروبي بسبب رفض معظم شعوب أوروبا لسياسات الاتحاد التي شجعت دخول الأيدي العاملة ذات الأجور الرخيصة من أوروبا الشرقية بعد سقوط المعسكر الاشتراكي وظهور الثورات الملونة. إضافة إلى تزايد الهجرة من شمال افريقيا نتيجة الارهاب في ليبيا وتونس ونيجيريا ومصر، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات وظهور الحركات والمنظمات والأحزاب اليمينية المتطرفة التي تتبنى سياسات معادية للمهاجرين.

هذا الفشل الذي لحق بالمالية الرأسمالية العامة في الولايات المتحدة الأمريكية  وأوروبا أجبر القيادة العليا في الكونغرس الآمريكي على الهبوط من الشجرة وتقديم تنازلات داخلية لاعادة البناء الاقتصادي، وخارجية فيما يخص روسيا و الصين والدول الأخرى وعلى مستوى الصراع في سوريا والعراق وليبيا وتونس ومصر، والاقرار بالشراكة في تبادل المصالح، وهذا التنازل المرحلي من أمريكا من خلال تصريحات ترامب للصحافة باعترافه أن هناك اقطاب عالمية وبهذا  التنازل سوف تخسر أمريكا سياسيا في ميدان الصراع ولكن منطق الشراكة يعطي أملاً قادماً. وسترينا الأحداث السياسية صحة هذه الرؤية من عدمها.  أما من يحاربوا بالوكالة المتهورون اللاعبون على حافة الهاوية فإن طموحاتهم سوف تتوقف. هؤلاء لا يملكون سلطة القرار.

لقد قامت دوائر القرار في النخبة المالية والسياسية الحاكمة بإعادة ترتيب الأوراق عبر تقديم تنازلات مرحلية، كان في أولها اختياررئيس مناسب لاصلاح الإقتصاد وخفض الدين العام وتبريد المناخ السياسي الخارجي وفك الاشتباك مع القوى المناهضة للهيمنة الامركية، ما يتطلب القبول بمبدأ الشراكة مع روسيا والصين.

ولهذا وقع الاختيار على ترامب الأنسب لهذه المرحلة الانتقالية التي ستصاحبها بعض الخسائر، الا أنها تساعد الولايات  المتحدة الامريكية فى التغلب على ما تواجهه من صعوبات، فترامب رجل أعمال يملك ثروة تزيد على 7مليارات دولار، ولم تفلح ما واجهته حملته الانتخابية من اشاعات  عبرالقنوات الفضائية  وشبكات التواصل الاجتماعي والصحافة في منع فوزه.