المنشور

استهداف مصر

التفجيران الإرهابيان الأخيران في جمهورية مصر العربية اللذان استهدفا كنيستي مارجرجس بطنطا ومحيط الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، يأتيان في سياق مسلسل تفجيرات سابقة أسفرت، بدورها، عن سقوط ضحايا ومصابين.
وأتي التفجيران الغادران الأخيران قبل أيام من الزيارة المقررة لبابا الفاتيكان لمصر، كأن المجرمين من مخططي ومنفذي التفجيرات يريدون إرسال رسائل حول استهداف الأقباط في مصر، على غرار ما جرى للمسيحيين في مدن العراق المختلفة على أيادي عصابات «داعش» وسواها من تنظيمات إرهابية.
أكثر من ذلك، لا يمكن أن نفصل هذا المسلسل الإجرامي في استهداف أقباط مصر، عن المخطط الشرير الرامي لزعزعة الاستقرار واستهداف الوحدة الوطنية بين فئات الشعب المصري وتفجير الخصومات المذهبية والتناحرات، لتعم في مصر أيضاً الانقسامات الطائفية والفوضى التي نشهدها في بلدان عربية أخرى، على نحو ما نشهد في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها.
والمراد هو معاقبة مصر على ما اضطلع به شعبها وجيشها من دور مشهود في الحيلولة دون نجاح مشروع «أخونة» الدولة، وفي هذا تندرج الحرب التي تخوضها الجماعات التكفيرية في سيناء، ضد الجيش الوطني المصري وضد الدولة المصرية، ضمن مخطط شرير تقف خلفه دوائر خارجية نافدة وصهيونية لاقتطاعها من الدولة المصرية، وتحويلها إلى ساحة استنزاف لها، في سياق ما هو جارٍ في أكثر من مكان من تفكيك لوحدة الكيانات الوطنية العربية، وإعادة هندسة المنطقة على أسس مذهبية وطائفية وعرقية، لتمكين المشروع الاستعماري – الصهيوني من المزيد من التوغل والتمدد.
حين يدور الحديث عن مصر بالذات، فإنه يجري عن الدولة العربية الأهم من حيث الوزن الاستراتيجي والبشري والعمق التاريخي، وهي إلى ذلك عمود الخيمة العربية التي تتجاذبها الأنواء من كل جهة، ويراد إسقاط هذا العمود لتكتمل دائرة الإطباق على المنطقة كاملة، لذلك فإن حماية مصر هي مسؤولية عربية، بمقدار ما هي مهمة وطنية مصرية.
وقد أثبت الشعب المصري في محطات تاريخية فاصلة، إنه قادر على إفشال ما يحاك من مخططات ضد مصر ودورها، وبعض هذه المحطات الفاصلة ما زالت طرية في الذاكرة، حين فاجأ المصريون العالم مرتين، واحدة في 25 يناير والثانية في 30 يونيو، ورغم كل الصعاب والخطط الشريرة ضد مصر، فإن شعبها يمتلك من الإرادة والعزم والتصميم ما يجعله قادراً على إحباط ذلك.
إن ما تقوم به الدولة والجيش في مصر لمواجهة ما يحيق بها من مخاطر يحظى بدعم شعبي واسع، فالمجتمع، معني بدرجة لا تقل بهذه المهمة، التي تتطلب استراتيجية شاملة تشمل تجريم خطابات الكراهية والتطرف ومراجعة المناهج التعليمية والتربوية والبرامج الإعلامية.