المنشور

أمن الخليج العربي

رغم العواصف العاتية التي يعاني منها العالم العربي، إستطاعت دول الخليج العربي أن تحافظ على درجة معقولة من الاستقرار، رغم أنها لم تسلم بصورة تامة من ارتدادات وشظايا ما يجري في محيطها العربي من حروب وفتن، ولكن ذلك كله ظلّ تحت السيطرة، رغم قلق شعوب المنطقة من أن يطال بلدانها ما طال بلدان عربية شقيقة لها، فالفوضى إذ تعم فإنها لا توفر أحداً، خاصة مع المخططات والأجندات الدولية والإقليمية المنخرطة في مشروع “الفوضى الخلاقة” الجاري تنفيذه على قدم وساق.

وكان المطلب الذي تطرحه شعوبنا وقواها الوطنية هو العمل على تحصين جبهاتنا الداخلية، عبر التوافقات المجتمعية والحلول الوطنية لأية مشاكل داخلية تجابه بلداننا، كما هو الحال بالنسبة لوطننا الغالي، والنأي عن التجاذبات الإقليمية وعن الرهانات على حلول من الخارج، فالخارج هذا معني بمصالحه وطموحاته لا بمصالحنا، وهو غير معني باستقرارنا، فعينه على تمدد نفوذه ومواصلة استنزاف ثرواتنا.

ومن هذه الزاوية فإن شعوبنا تتطلع بكل حرقة وصدق إلى أن يجري تجاوز أزمة العلاقات الخليجية – الخليجية التي نشأت مؤخراً، وتسوية الخلافات بروح الحوار والتفاهم وتوحيد المواقف إزاء التحديات الماثلة أمامنا وفق القواعد التي أشرنا إليها أعلاه، خاصة وأننا مجتمعات مترابطة ومتداخلة عائلياً في نسيج لا يمكن تفكيكه.

خلال العقود الثلاثة الماضية خطت دول المنطقة خطوة، لا بل خطوات، في الاتجاه الصحيح بتشكيلها لإطار مجلس التعاون الخليجي كوحدة إقليمية تمتلك درجة كبيرة من التجانس، وبتمكنها من الحفاظ على استمرار هذا الكيان رغم بعض الخلافات، ورغم الهزات الكبيرة التي عرفتها المنطقة، لذلك يقلقنا أن يتعرض هذا الكيان إلى التصدع، في هذه اللحظة التاريخية الحرجة، التي تتطلب أكثر من السابق بلوغ التوافق حول موقف خليجي واحد ومتسق إزاء التحديات المصيرية لدول المنطقة، وصون سيادة بلداننا واستقلالها.

إن مجلس التعاون الخليجي لو أخذ كوحدات مستقلة لكنا إزاء دول صغيرة المساحة ومحدودة السكان، وحتى إذا أخذناه كمجموع فانه سيغدو مجموعا لهذه الوحدات الصغيرة، مع مراعاة أن الجمع بين وحدات متناثرة يضفي عليها قوة نوعية تتعدى التجميع الكمي، وعلى هذا نعول في أن نحافظ على ما تحقق من مكتسبات وتثبيتها لصون أمن بلداننا ودرء المخاطر عنها، وتجنيب شعوبها الخطر.