المنشور

المشاكل المعيشية تتفاقم .. والمستقبل غامض

هل يستطيع المواطن أن يتنبأ  لمستقبله، ويخطط لمراحل عدة  ما بعد  الجامعة / العمل  (إن وجد) / الزواج / السكن / …الخ ؟ والمصيبة الأعظم  فكيف هو حال المواطن الذي غادر تلك المحطات وأوضاعه المعيشية لازالت أكثر  تعقيداً، فهو لا يفكر في المستقبل بل كيف يستطيع العيش في الحاضر،  كيف يعمل ويكدح ليوفر  لقمة العيش لأسرته، يقول ماركس (العمال لا يستطيعون العيش بغير قوة عملهم)، وفي ظل  صعوبات وأوضاع  لا يستطيع تجاوزها بيسر  بل بالمشقة والتعب، السؤال الذي يطرح في هذه الأيام  لماذا  يتحمل المواطن  أعباء إضافية في حياته المعيشية  وراتبه أو الراتب التقاعدي بالكاد  يغطي مصاريفه  حتى  منتصف الشهر، هذا إذا لم يكن مرتبطاً بقروض بنكية أو سلف من فلان أو  علان.

 والسؤال الأهم  ماذا فعلت الدولة للمواطن؟ الذي تحمّله أعباء مالية إضافية، وكأنه هو المسؤول عن تراجع أسعار النفط وتزايد الدين العام في البلاد، ألا يكفي تدني الرواتب للمواطنين والقروض العديدة التي عليهم وإذا بهم يصحون كل صباح ليتفاجئوا بإصدار رسوم (ضرائب) جديدة عليهم، ولا نعرف من هم المستشارون الذين ساهموا في تلك الاستشارة الخارقة، لكن المعلوم إن ذلك تنفيذ لنصائح البنك الدولي وهي الكارثة بامتياز، وإذا أردتم الدليل فانظروا إلى ما فعلته هذه الاستشارات باليونان، ولا تكفي الضغوطات والأعباء المتفاقمة على المواطنين، فتطلق بالونات (جس نبض) كل يوم لمعرفة ردة فعل المواطنين وآخرها الحديث عن رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، وهذا ما يؤكده بعض النواب، بالرغم من أنه لم يحدد متى سيطبق ذلك، فوحده من لديه القرار يعرف اليوم والشهر والسنة.

التعليم / الصحة / العمل / الإسكان / البطالة

هذا الخماسي يشكل قلق دائما للمواطنين. نبدأ  بالتعليم حيث يتطلب توفير بيئة صحية لتعليم الأبناء، فبالعلم ترتقي الشعوب وتتقدم وتتطور وتزدهر، فإذا  قرأت عن التنمية المتطورة في هذه البلد أو ذاك، تأكد بأن مخرجات التعليم فيها تطبق وفق استراتيجية واضحة  المعالم، ولكن ما يجري في البلدان العربية بعيداً عن التخطيط الاستراتيجي،  ففي بلادنا  تحولت مخرجات التعليم طوال السنوات الماضية لحقل من التجارب  الفاشلة بالرغم من النتائج الإيجابية  التي يحققها العشرات وربما المئات من الخريجين من الطلبة المتفوقين في الثانوية العامة الذين يجب الاستفادة من طاقاتهم في توفير  التخصصات العلمية والعملية لهم لكي يبدع كل طالب وطالبة في تخصصه الذي كرس سنوات تعليمه من أجله ولكي  يساهموا بعد التخرج من الجامعة في بناء  وتطور وتقدم  بلادهم  مثلما حدث في البلدان المتقدمة التي بدأت نهضتها بتطوير التعليم، فيما واقع البعثات وتوزيعها على الطلبة المتفوقين عندنا بات في حال يرثى لها.

–    كان يضرب المثل بالبحرين  في الخليج في ثمانينات  القرن الماضي  في تطور خدماتها الطبية  المقدمة، وفي  مستوى الأطباء الاستشاريين العاملين في مجمع السلمانية الطبي  المتطور في تخصصات متعددة، امأ اليوم فقد تغيّر الحال اليوم وأصبحت المستشفيات والعيادات الخاصة  تستنزف أموال المواطنين الذين لا يستطيع الأغلبية منهم تسديد فواتيرها إلا من خلال  الديون أو  التأمين الصحي إن وجد، وفي العام المقبل سوف يطبق  التأمين الصحي وهي بداية خصخصة المستشفيات والمراكز الصحية، فعلى المواطن أن يكون جاهزاً لدفع فاتورة جديدة، تضاف إلى ما نعاني منه الآن من تردٍ في مستوى الخدمات الصحية التي تقدم للمواطنين ويشكي  العديد منهم تأخيراً في المواعيد ولشهور عدة بالرغم  من الأمراض المزمنة التي يعانون منها  ويحتاجون لعناية خاصة لكي  لا يسوء وضعهم الصحي بسبب بُعد المواعيد،  علاوة على تقاعد الأطباء الاستشاريين أصحاب الكفاءات والمؤهلات وتفرغ البعض لعياداتهم الخاصة، وتأثير تداعيات أحداث 2011 م وتزايد أعداد المراجعين بما فيهم المجنسين الجدد ما أثّر على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى  والمراجعين لمجمع السلمانية الطبي .

–  العمل / البطالة: تنص المادة 13 ( ب) من دستور مملكة البحرين على: ( تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه)، فيما العديد من المواطنين وبالأخص  الخريجين منهم لا يحصلون على وظائف  سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وهم ليسوا بالمئات  بل بالآلاف، حيث  لا يوجد رقم محدد لدى الجهات الحكومية أو المدنية، ولا تستطيع أي جهة  تحديد النسبة المئوية، إلا من خلال  جهة محايدة  ودقيقة وبشفافية لمعرفة الرقم الحقيقي وليس التقديري للعاطلين عن العمل بما فيهم غير المسجلة اسمائهم في سجلات وزارة العمل .

 –  الإسكان أو السكن، حق مكفول دستورياً في المادة 9 ( و) التي تقول (تعمل الدولة على توفير السكن لذوى الدخل المحدود من المواطنين) بالرغم من المحاولات التي تبذل من قبل  وزارة الإسكان منذ أكثر من عام ، إلا  أن الموضوع يحتاج لسنوات  لتقليص عدد مدة الانتظار إلى أقل من عشرين عاماً كما هو حاصل حالياً،  فعدد مقدمي الطلبات للإسكان يفوق 54 ألف طلب  وفقاً لما أعلن  من قبل وزارة الإسكان في الصحافة المحلية.

سوء الخدمات المقدمة للمواطنين ترجع لأسباب عدة منها عدم وجود تخطيط واستراتيجية واضحة، الفساد والمحسوبية والتجنيس، إضافة للوضع السياسي المتأزم والمستمر، المعالجات الخاطئة للعديد من القضايا والملفات، فكل هذا كلّف الدولة أموالاً طائلةً بدلاً من أن يستفيد منها المواطنون وتحل مشاكلهم وهمومهم المذكورة أعلاه.

أصبح العديد من المواطنين يشعرون بقلق كبير في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية منذ أن تمّ رفع الدعم عن العديد من السلع والمحروقات في العام الماضي 2016 م، والعجز في ميزانية 2017/2018 وتزايد الدين العام حتى وصل 13 مليار دينار بحريني وفي السنوات المقبلة سوف يتضاعف هذا الدين  مما يعني أنه على المواطنين شد الأحزمة استعداداً للأسوأ القادم.