المنشور

بيان اللجنة المركزية للمنبر التقدمي حول الانتخابات النيابية والبلدية

 

عقدت اللجنة المركزية للمنبر التقدمي اجتماعاً استثنائياً لمناقشة وتحديد الموقف من الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة، والمقرر أن تجري في العام القادم (2018)، وكان هذا الموضوع محل نقاش وتداول في الأطر التنظيمية المختلفة في “التقدمي”، من خلال ورش وحلقات بحث داخلية شارك فيها أعضاء التنظيم، لبلورة الموقف من هذه الانتخابات، على خلفية تحليل الوضع السياسي القائم في البلد والمنطقة، كما بحث الموضوع باسهاب في المكتب السياسي ولجان “التقدمي” المختصة خاصة اللجنتين السياسية والبرلمانية.

وقد استمعت اللجنة المركزية إلى التقرير المقدم من مكتبها السياسي حول خلاصة تلك المناقشات والتي تركزت في النقاط التالية:

  • في إطار الخط السياسي والفكري للتيار الذي يمثله المنبر التقدمي في الحياة السياسية في البحرين، تاريخياً وحاضراً، فإن “التقدمي” ينظر إلى العمل البرلماني، وكذلك البلدي، بصفته شكلاً من أشكال العمل السياسي، وليس بديلاً عنه، فخوض المعركة الانتخابية للمجالس المنتخبة يمثل فرصة ملائمة للتنظيم للتفاعل مع أوسع القطاعات الشعبية، من أجل إيصال برنامجه إلى الجماهير، وتعريفها بخطه وبالأهداف التي يناضل في سبيلها، وبدوره في الحياة السياسية في البلد، وفي حال الفوز بمقاعد في هذه المجالس فإن ذلك يمنح التنظيم فرصة لأن يكون ممثلوه صوتاً للشعب فيها، مدافعاً عن حقوق الجماهير ومعبراً عن مطالبها وقضاياها، وأن يكونوا شركاء في سن التشريعات واتخاذ التدابير التي تخدم ذلك.

ومن هنا فقد تبنى التيار الذي نمثله موقف المشاركة في الانتخابات النيابية منذ التجربة البرلمانية الأولى في سبعينات القرن الماضي، كما تبنى المنبر التقدمي موقفاً إيجابياً في التعاطي مع الدينامكية السياسية التي شهدتها البحرين بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني، وشارك في الدورات الانتخابية السابقة سواء بمرشحين من أعضائه أو بدعمه لمرشحين وطنيين آخرين، وفي الانتخابات التي لم يتقدم بها التقدمي بمرشحين عنه بالنظر للظروف الصعبة التي جرت فيها، كما حدث في انتخابات عام 2014، فإنه لم يدعو إلى مقاطعة تلك الانتخابات ونأى بنفسه عن كافة صور تخوين وإدانة من شارك فيها.

  • يعي “التقدمي” أوجه القصور الكثيرة والقيود المعيقة في عمل السلطة التشريعية، ولكنه يرى أن وجود ممثلي القوى الوطنية والشعبية في المجالس المنتخبة هو لمصلحة الدفع في اتجاه تغييرات إيجابية في البلاد، وفضح الفساد والتلاعب بالمال العام، والنضال من أجل آليات تشريعية ورقابية لتحقيق ذلك، وقد كشفت التجربة منذ العام 2011 حتى اليوم أن غياب المعارضة عن مجلس النواب، جعل منه مجلساَ ضعيفاً أبعد ما يكون عن الاضطلاع بالمهام المناطة به، واستطاعت السلطة التنفيذية تمرير الكثير من التشريعات والقرارات التي لا تحظى بالقبول الشعبي من خلاله، سواء تلك المتصلة بفرض المزيد من القيود على الحريات العامة، أو التي تمس الحياة المعيشية للمواطنين، بل أن مجلس النواب بدا في الكثير من الحالات حكومياً أكثر من الحكومة نفسها.

  • في تشخيص الوضع الراهن في البلاد، يلاحظ المنبر التقدمي وسواه من القوى الوطنية انسداد الأفق السياسي منذ أحداث فبراير/ مارس 2011، وغياب منهج حكومي لمعالجة واحتواء الآثار والتداعيات السلبية الكثيرة التي نجمت عنها، وفي مقدمتها الإجراءات القمعية كالاعتقالات والمحاكمات واسقاط الجنسيات، وهي ممارسات ما زالت مستمرة في العديد من أوجهها، فضلاً عن استمرار التضيق على الحريات العامة وعلى مؤسسات المجتمع المدني وعلى نشاط المعارضة وصل إلى حد رفع دعاوى بحل بعض الجمعيات السياسية المعارضة، وتسعير حال الانقسام الطائفي العميق في المجتمع، والتي تغذيها دوائر سياسية ومنابر إعلامية، من خلال التحريض والإقصاء والكراهية.
  • ويدرك المنبر التقدمي أن المشاركة في الانتخابات لن تؤدي إلى معالجة كل هذه الملفات، لكنه يرى أن وجود المعارضة في مجلس النواب وسواه من مجالس منتخبة سيساعد بدرجة مؤثرة في كسر حال الجمود السياسي التي تعيشها البلاد، وفي الدفع في اتجاه اطلاق آلية حوار وطني جدي بين الدولة وكافة القوى والشخصيات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني لوضع البحرين على طريق تسوية تاريخية، يجري عبرها احتواء الآثار السلبية للأزمة، والعودة إلى المناخ الايجابي الذي تحقق في البلاد غداة اقرار ميثاق العمل الوطني، وتحقيق الاستقرار وانجاز مهام التحول الديمقراطي، خاصة وأن المنطقة العربية سائرة في اتجاه تسوية الأزمات القائمة وانهاء الحروب وتركيز الجهود على محاربة الإرهاب بكافة صوره.

وعلى ضوء ما سبق فإن اللجنة المركزية تقر مشاركة المنبر التقدمي في الانتخابات القادمة، ببرنامج انتخابي يستند إلى برنامجنا السياسي وشعاراتنا الوطنية والأهداف التي نناضل من أجلها، وهي نفس الأهداف التي تعبر عن تطلعات جماهير شعبنا في الإصلاحات السياسية والدستورية ومحاربة الفساد المالي والإداري وحماية المال العام وتحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم الاجتماعي.

ويدعو “التقدمي” جميع القوى والشخصيات الديمقراطية إلى الانخراط في العمل على تشكيل كتلة وطنية مدنية لخوض الانتخابات بقائمة مشتركة، على أساس برنامج وطني لتجاوز الوضع المأزوم الراهن، وفتح الآفاق للتوافق الوطني الشامل، بالتجاوب مع المطالب الشعبية المشروعة في الاصلاح الدستوري والسياسي ومعالجة الملف الإنساني الشائك الناجم عن تلك الأزمة بما يحتويه من قضايا المعتقلين والسجناء والمشردين خارج وطنهم والمسقطة جنسياتهم، وإعادة الاعتبار لفكرة العيش المشترك وإيقاف خطابات التحريض الطائفي، وإعادة بناء الوحدة الوطنية، والذي يستدعي اتخاذ خطوات إيجابية ذات معنى تسمح باحداث انفراج سياسي يفتح طريقاً حقيقياً أمام سلامة الحياة السياسية في مملكة البحرين الحبيبة، منها إعادة توزيع الدوائر الانتخابية وفق نظام انتخابي عادل، قائم على مبدأ المواطنة المتكافئة، لا الاعتبارات الطائفية.