المنشور

مقتطفات من نص (شجر النوم) – للشاعرة إيمان أسيري الذي القيت في المهرجان الخطابي والفني التضامني مع فلسطين بتاريخ 19 ديسمبر 2017

 

  • هناك، في تلك البلاد التي نعرفها، الرعاة والعصافير يشاهدون الحرية، في قيلولة الضحى، العصافير أكملت المشهد بتغريداتها، أعين النار غيرت المشهد بالمحو، لم الاهتمام؟

  • آلمني غناء النمل، اليوم طوى نفسه، والألم حارق، في التلفاز، الصغير يمسح الدم عن جسد أمه، بينما عشيرة النمل تغزوه.

  • بين الشاشات تُكمل الحروب حكايتها، بالقذائف تستهدف قلوبنا، فُرِضَ علينا كَتْمُ النظر، احتراماً لجنون الضباب.

  • في ملامح الجدار، شيءٌ من هندسة الوطن، لونٌ من الموت، حسرةٌ أصابت الجدار رغماً عنه، في انتفاضةِ الروح هوةُ نيزك، غربة وطن، أمنُ لاجئ استند إلى موت الجدار.

  • الكلام المضيء كثير في الثرثرة، لو كان محض أمنية، حولت الجغرافيا المتشابكة إلى حدائق افتراضية، لو كان، لرأيت الجلاد يتكاثر، في متواليات الصمت، يحفر القبور للحدائق الافتراضية.

  • ما زال اليوم قائماَ، بخفة يأخذنا إلى نهايته، بالأمس طائرات حربية أجبرتنا على تسلق الموت. الألوان في برودتها، سادها رماد مثقل بأنفاس الذين غادروا، قليلاً قليلاً، توارت عن الأنظار، أنّتْ، بكتْ، تمتمت: في أتون الحرب لا سيدَ سوى آلهة النار.

  • هؤلاء الذين نعرفهم، ما تعبوا من عدِّ قتلاهم، خلف شاشاتهم الثمينة، شريوا نخب أناقة الموت، والذين لم ينتهوا من إكمال الفقر، ما زالوا تحت الأنقاض.

  • إن الذين يضاجعون المال، فقدت دماؤهم بحرها، أخفت رؤوسها،

البحر في عريه مُرِغَت شواطئه بالجثث.

 إن الذين أماتونا، رغم صممهم، يزعجهم نشيدنا.

  • طائرته الورقية لم تقوعلى النهوض، بينها وبين يده الصغيرة، قامة شجرة، طائرة مغيرة أزاحت الشجرة عن الخيط، الطائرة بكل ألوانها، أصبحت شاهد قبره.

  • نقاط صغيرة، هي الأهداف، بين أرجلها هوة مخيفة، اللاءات التي أحببناها، في مرورها، أصابها العجز، هل نجرؤ على المرور هناك في تلك البلاد التي تعرفنا؟ هل نجرؤ لإنقاذنا؟

  • جثث منسوجة بالدم، تؤرجحها الريح، وأنا ألتقط أسماءها المنسية، توحلت قدمي بخيوطها، تسللت الرائحة طازجة، قلقة، مستغيثة، قبل أن أترك الصورالرطبة، رجوت الشمس أن تصحو.

  • لم تنته الحرب من سهرتها، ولم أنته من اعداد الطعام، كثيرا ما أفكر، ماذا لو نقص عدد المحاربين؟ هل ستكف الأمهات عن طهي الأحلام؟

  • الليل والنهار لم يكُفا عن السير، لم يتوقفا ليسألا، كيف ثَقُلا بالموت، أصبحا مُنهكيّن، شكلا تاريخاً مهلهلاً، مُدمّى، دُفعنا للعيش فيه قسراً.

  • اليومَ سأغسل هذه الأحلام الحربية، النافقة، سأرميها قطعة قطعة في الغسالة، سأستمع إلى أنينها المتصاعد من قهوتي، ومن نشرات الأخبار.

  • تؤلمني عيناي، شاشات متنمرة، مخالبها نارية، تلعب في ساحتي، لا أرضَ، لا بحرَ، لا سماءَ ثابتة، الموتُ بطل، لا يدع لي خياراً، سوى الركون إلى آلامي، والقبول بقوارب الجفاف.

  • مساكن تمطت للتوّ من النوم، جثمت عليها أنفاس الصواريخ، أعادتها للحفر مجدداَ.

  • وحدها النملة، صححت مسارها في التراب، بالقرب منها، علا صراخ طفل، ضاعت من عينيه الشمس.

  • في بيتي شجرتان، متشابهتان، إحداهما قديمة، كتاريخي، والأخرى لعصافيرها لعبة الحب، شجرتان، بعيداً عن الأرض متعانقتان،

فجأة، رأيتهما شعلة نارعلى شاشة التلفاز، بينهما علم الناتو.

  • مهملة ملامحه، مغطاةٌ بغبار دولي، نهض الموت، حزيناً، غادرته ابتسامته هذا الصباح، بحث عنها، ترجى مَنْ حوله، قادوه إلى رياض الأطفال.