المنشور

بيان من التجمع القومي والمنبر التقدمي في ذكرى ميثاق العمل الوطني والحراك الشعبي

تمر هذه الأيام الذكرى السنوية السابعة عشر للتصويت على ميثاق العمل الوطني، الذي دشّن مرحلة جديدة أنهت الاحتقان الأمني والسياسي الذي عاشته البحرين بعد انهاء الحياة البرلمانية وفرض قانون أمن الدولة في السبعينات، وعكست نسبة التصويت العالية على الميثاق، اجماعاً شعبياً على مغادرة الماضي، وفتح صفحة جديدة في تاريخ الوطن شهدت في بداياتها تبييض السجون من المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين والغاء قانون ومحكمة أمن الدولة، وإعادة الحياة النيابية. كما تمر ايضا الذكرى السابعة لانطلاق الحراك الشعبي الذي جاء نتيجة تراكمات تعثر تنفيذ ما ورد في الميثاق على الصعد الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لقد أطلق التصويت على ميثاق العمل الوطني مناخاً من الحيوية السياسية في المجتمع البحريني تميزت بالتفاعل الشديد مع الشأن السياسي وتأسست العديد من الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، واتسعت مساحات حرية الصحافة والتعبير بشكل عام، وتحسن سجل حقوق الانسان في البحرين بصورة ملموسة بشهادة المنظمات الحقوقية الدولية.

وكان يمكن لهذه التحولات المهمة أن تؤسس لتحول نوعي في اتجاه بناء المملكة الدستورية الحديثة التي نصّ ميثاق العمل الوطني عليها، لو توفرت مناخات الثقة الضرورية للمضي في هذا الطريق، لكن سرعان ما نشأت عثرات أعاقت ما كان مؤملاً من خطوات تالية، بينها صدور دستور 2002 بخلاف ما بشر به الميثاق وبتغييب المعارضة عن المشاركة في وضعه، وما تلى ذلك من تفاعلات وآثار، تفاقمت مع الوقت حتى عبرت عن نفسها في التحرك الذي انطلق في فبراير 2011 تحت تأثير الهبات والانتفاضات الشعبية التي شهدتها بلدان عربية عديدة، وبشكل خاص بعد ثورتي تونس ومصر.

كان يمكن لهذا التحرك أن يفضي إلى تطوير التجربة الديمقراطية في البحرين، لو تغلبت الحكمة في التعامل معه من قبل كافة الأطراف لكن الامور سارت بخلاف ذلك وأدت إلى عودة الخيارات الأمنية في التعاطي مع الأزمة التي نشأت، حيث أعلنت حالة السلامة الوطنية، وما رافقها وتلاها من حملات واسعة من الاعتقال والمحاكمات ومن ثم اسقاط الجنسية، ومن أخطر نتائج ما جري يومها كان التصدع الكبير الذي لحق بالوحدة الوطنية للمجتمع البحريني الذي ما زلنا نعاني من آثاره حتى الساعة.

إن جمعيتي المنبر التقدمي والتجمع القومي تريان في مرور ذكرى ميثاق العمل الوطني فرصة ملائمة للعودة بالبلاد إلى الأجواء الإيجابية التي شاعت بعد التصويت عليه بما يشبه الإجماع، وما تلى ذلك من خطوات شجاعة من جانب جلالة الملك، قوبلت بترحيب وتفاعل شعبيين منقطعي النظير، وهذا ما يدل على أن بلوغ الحل لما تعاني منه البلاد اليوم ممكن باستعادة تلك الروح، وإطلاق آلية حوار وطني ومجتمعي شامل تعيد ترتيب الأولويات، فيكون التوافق السياسي، لا الحل الأمني، هو مدخل معالجة كافة مظاهر التأزم والاحتقان.

إن الحاجة لمثل هذا الحل الوطني العقلاني تزداد إلحاحا أيضاً أمام تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية في البلاد جراء الإنخفاض الكبير في عائدات النفط وما ترتب على ذلك من اجراءات تقشفية قاسية وارتفاع هائل في الدين العام، وفرض الرسوم والضرائب على المواطنين، وكل هذه، بالإضافة إلى العوامل السياسية، أسباب تؤكد الحاجة لإشراك المجتمع وقواه الفاعلة في رسم السياسات في المرحلة المقبلة، وهو أمر لن يتحقق باستمرار الوضع الراهن.

المنبر التقدمي

التجمع القومي

14 فبراير 2018