البرنامج السياسي للمنبر التقدمي

أقره المؤتمر العام الثاني للمنبر

 يناير 2005

منذ تشكيل المنبر الديمقراطي التقدمي في الرابع عشر من سبتمبر لعام 2001 وضع نصب عينيه مهمة صياغة برنامجه السياسي، وقدمت العديد من أوراق العمل والمقترحات المتصلة بالأفكار والأهداف التي يجب أن يتضمنها هذا البرنامج، وقد عرضت على المؤتمر العام الأول للمنبر الذي انعقد في ديسمبر 2002 مسودة اقتراح للبرنامج، لكن مجلس الإدارة الذي انتخب في ذلك المؤتمر شكل لجنة صياغة لوضع مسودة جديدة تقديراً منه أن المسودة الأولى جاءت غير ملبية لشروط البرنامج المنشودة،وقد عكفت لجنة الصياغة على إعداد المسودة الجديدة التي نوقشت في المنبر إما في جلسات عامة أو في ورش متخصصة، وفي خلاصة هذه المناقشات أدخلت تعديلات جوهرية على تلك المسودة تبلورت على ضوئها الصيغة الحالية للمشروع الذي أقره المؤتمر العام الثاني المنعقد في يناير 2005 وكلف مجلس الإدارة بإصداره.

يحدد هذا البرنامج الهوية السياسية – الفكرية للمنير الديمقراطي التقدمي، ويقدم تشخيصه للوضع الراهن في البلاد بعد انطلاقة مشروع الإصلاح، ويرسم خطة الأهداف والمهام التي يناضل المنبر في سبيل تحقيقها على الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية، في اتجاه العمل على توطيد مناخ الحريات العامة في البلاد وجعل عملية الإصلاح عملية راسخة غير قابلة للعودة عنها، وفي سبيل الدفاع عن المصالح الحيوية للجماهير الشعبية وتحقيق التنمية المستدامة المتوازنة.

المنبر الديمقراطي التقدمي امتداد تاريخي، سياسي وفكري، لجبهة التحرير الوطني البحرانية، وهو تنظيم جماهيري جامع يعبر عن مصالح الكادحين ويتسع لكل المناضلين من النساء والرجال، وبشكل خاص العمال والمستخدمين والموظفين والمثقفين والشبيبة والطلبة، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو المعتقد الديني، الساعين لبناء المجتمع الديمقراطي التعددي والدولة القائمة على قيم الحرية والمساواة والتقدم والعدالة الاجتماعية، ويؤمن بالديمقراطية أسلوباً ومنهجاً في حياته الداخلية وفي المجتمع.

وقد انبثق المنبر الديمقراطي كتنظيم سياسي يتبنى الأفكار التقدمية ومنهج التحليل العلمي الثوري وفق الفهم الجدلي المادي والتاريخي في إدراك الواقع المحلي وتشخيص العوامل الفاعلة والمؤثرة في تطوره، ودراسة آليات الحراك الاجتماعي والسياسي وسبل توجيهها لإنجاز مهام بناء الديمقراطية وإقامة دولة القانون والمؤسسات، والنهوض بالأوضاع المعيشية لجماهير الشعب وتأمين متطلبات العيش الحر الكريم لها، وإشاعة العدالة الاجتماعية، ويستلهم المنبر كل منجزات العلوم والتراث العربي الإسلامي والإنساني التقدمي والأفكار التنويرية والعلمانية.

وتأسس المنبر الديمقراطي التقدمي بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها أعضاؤه من المناضلين والمناضلات التقدميين ومن أجيال مختلفة، ممن تلقوا خبراتهم الكفاحية والعملية في ظروف النضال السري الصعبة في صفوف جبهة التحرير الوطني البحرانية والمنظمات الجماهيرية، خاصة في مجالات الشبيبة والحركة العمالية والحركة النسائية، وذلك بهدف تأطير جهود العناصر الديمقراطية والتقدمية من النساء والرجال في بنية تنظيمية متجانسة قائمة على أسس من مبادئ الديمقراطية والشفافية واحترام تعدد الاجتهادات والأفكار ضمن الرؤية الفكرية العامة للمنبر كما يحددها برنامجه ووثائقه السياسية والفكرية وقرارات مؤتمراته الدورية واجتماعات هيئات القيادية.

ويستند المنبر الديمقراطي التقدمي في هذا السياق على تراث نضالي حافل تعود جذوره لأكثر من نصف قرن، حيث تمكنت الطلائع العمالية والثورية الأولى من إدخال الأفكار التقدمية المعبرة عن مصالح العمال والكادحين في صفوف الشغيلة والحركة الوطنية والجماهيرية البحرينية، وقد تمرست أجيال من المناضلين في المعارك النضالية، الوطنية والطبقية، من أجل الاستقلال الوطني والحرية والديمقراطية، وفي سبيل الدفاع عن حقوق الشعب المعيشية وإرساء أسس بناء المنظمات النقابية والجماهيرية المدافعة عن هذه الحقوق في المجالات المختلفة، وقد قدمت هذه الأجيال التي يعبر عنها المنبر اليوم أصدق تعبير تضحيات كبيرة، من استشهاد واعتقال وسجون ومنافٍ طويلة، ويشكل هذا التراث الكفاحي رصيداً ثرياً للمنبر، ومدرسة تتعلم منها الأجيال الجديدة من الشباب الذين يجدون في الخط السياسي للمنبر تعبيراً عن طموحاتهم وتطلعاتهم في بناء غذٍ أفضل لهم ولوطنهم، يؤمن لهم حقوقهم الأساسية في العيش الكريم والعمل والتعليم، كما أن هذا التراث الحافل بالخبرات والتجارب يشكل ملهماً لأعضاء المنبر وأصدقائه وجماهيره في نضالهم في الظروف المستجدة من أجل إنجاز المهام الماثلة أمامهم.

ويعتبر المنبر الديمقراطي التقدمي جزءاً رئيسياً من الحركة الديمقراطية والشعبية في البحرين، وامتداداً لتقاليدها الكفاحية.  وهو من هذا الموقع يعد مشاركاً أساسياً في بلوغ التحولات التي شهدتها بلادنا في السنوات القليلة الماضية، منذ انطلاقة الإصلاحات التي دشنها جلالة ملك البلاد، حيث كان للنضال الدؤوب الذي خاضه مناضلو ومناضلات المنبر من مواقعهم الكفاحية في المرحلة السابقة للإصلاحات جنباً إلى جنب مع القوى الوطنية والديمقراطية الأخرى ومع مجموع الحركة الشعبية والجماهيرية في وطننا أثر حاسم في بلوغ هذه التحولات.

وفي الظروف الراهنة فأن المنبر الديمقراطي التقدمي يعمل جنباً إلى جنب مع التنظيمات السياسية الوطنية الأخرى ومع الحركة الديمقراطية الواسعة في البلاد لبناء تحالف ديمقراطي عريض من أجل تعزيز عملية التحول الديمقراطي وجعلها عملية غير قابلة للارتداد والنكوص عليها للوراء مجدداً، عبر تحقيق الفصل التام بين السلطات الثلاث، وتفويض السلطة التشريعية كاملة لمجلس النواب المنتخب وتعزيز صلاحيات المجالس البلدية، وبناء النقابات العمالية والمهنية والاتحادات الجماهيرية للنساء والطلبة وللقطاعات الاجتماعية الأخرى، وتفكيك ترسانة القوانين الرجعية التي وضعت في مرحلة قانون أمن الدولة والمحملة بروحه ونصه، والتي ما زالت سارية المفعول حتى اليوم، ووضع تشريعات ديمقراطية تتماشى مع المرحلة الجديدة ومتطلباتها، وتوسيع نطاق الحريات العامة، خاصة حرية التظاهر والتنظيم والاجتماع وحرية التعبير والنشر والصحافة، وبناء جهاز إدارة وطني من العناصر المخلصة والكفوءة، والقضاء على الفساد المالي والإداري ومحاسبة المتورطين فيه.

ويؤكد المنبر على أهمية مبدأ المواطنة المتساوية، وتوفير الحقوق المدنية والديمقراطية والتعددية السياسية، وحق المواطنين في اختيار العقيدة وممارسة الشعائر الدينية بكل حرية، وتكريس قيم ومبادئ التسامح الديني والاجتماعي، ونبذ الطائفية بجميع مظاهرها ورفض التمييز بين المواطنين على أساس العقيدة أو المذهب، وإعطاء المرأة كامل حقوقها، ومساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات في ضوء قانون عصري ديمقراطي للأحوال الشخصية، والعمل على إقامة المجتمع المدني ودولة القانون.

وعلى الصعيد الخليجي فأن المنبر يعد نفسه جزءاً من التيار الوطني الديمقراطي الواسع في بلدان مجلس التعاون الخليجي، وشريكاً أساسياً في الأنشطة والفعاليات والمبادرات الرامية إلى تطوير عرى التعاون والتنسيق بين دول المنطقة وصولاً إلى تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى منظومة للوحدة الخليجية التي تحقق السوق الخليجية المشتركة والمواطنة الخليجية وضمان حرية التنقل وإزالة الحواجز والحدود بين هذه البلدان، بما يتلاءم واستحقاقات الوضع الإقليمي والدولي الجديد القائم على فكرة الكيانات الكبرى، وبما يتسق والتاريخ المشترك بين شعوب المنطقة وتداخلها العائلي والروحي والثقافي.

ويناضل المنبر في إطار حركة النضال الوطني والقومي والاجتماعي العربي من أجل الإصلاحات الديمقراطية الحقيقية في البلدان العربية وتداول السلطة، وبناء مؤسسات المجتمع المدني المستقلة، ومحاربة الفساد المالي والإداري وإيجاد آليات الرقابة الشعبية والبرلمانية الكفوءة والمستقلة على أداء الحكومات والأجهزة التنفيذية، وضمان التعددية السياسية والفكرية وحقوق الإنسان وكرامته وتمكين المرأة سياسياً واجتماعياً وإدارياً.

وعلى النطاق العالمي فإن المنبر الديمقراطي التقدمي يناضل في إطار الحركة الديمقراطية والعمالية العالمية وحركة مناهضة توحش العولمة والليبرالية الجديدة التي تجتاح أسواق العالم من خلال تدويل رأس المال واستشراء نفوذ الشركات عابرة القارات ومتعددة الجنسيات، والتي تؤدي إلى إفقار شعوب البلدان النامية وتهميش اقتصادياتها الوطنية وإلحاقها بحركة رأس المال العالمي الذي يعيد صياغة التقسيم الدولي للعمل في اشد صوره فظاظة ووحشية، ملحقاً بذلك أشد الأضرار ليس فقط بالمصالح الوطنية للشعوب وإنما أيضاً بثقافاتها وقيمها الروحية وتراثها الوطني ورموزها الثقافية.

طالب شعبنا بحقه في المشاركة في القرار السياسي في مختلف المحطات النضالية التي خاضها إبان حقبة الاستعمار وبعدها.  فقد طالبت بذلك الحركة الإصلاحية في عام 1923، وتلتها التحركات العمالية في 1938 كدليل على نشوء بواكير الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة الحديثة التكوين، مروراً بالتحركات الشعبية الواسعة إبان حركة هيئة الاتحاد الوطني في أعوام1954- 1956ولانتفاضة الشعبية المجيدة في مارس 1965 والتي جسد فيها شعبنا ملاحم بطولية في مواجهة الظلم والاستعمار، والتحركات العمالية في عام 1968 وعام 1972.  وقد تمخض عن هذا النضال الطويل نيل البلاد للاستقلال الوطني وصدور أول دستور للبلاد في عام 1973، الذي أقره المجلس التأسيسي المكون من (42) عضواً، (20) منهم يمثلون السلطة التنفيذية و (22) تم انتخابهم من قبل الشعب بالاقتراع العام السري المباشر.

ويعد دستور 1973 وإجراء أول انتخابات تشريعية في البلاد من أهم المكتسبات التي حققها شعبنا بعد أن نال استقلاله الوطني عام 1971، إذ اشتمل هذا الدستور على الأحكام والأسس التي يقوم عليها نظام الحكم في البلاد وأهمها:  (أن الشعب مصدر السلطات جميعاً، وإن سيادة القانون هو أساس الحكم في الدولة، وأن استقلال القضاء ضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات، وأن المواطنين يتمتعون بحق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية).

وقد شكلت مرحلة الحياة النيابية الأولى القصيرة واحدة من أخصب مراحل النضال العمالي والمطلبي في سبيل الحقوق النقابية والمعيشية، واضطلع نواب (تكتل الشعب) المدعوم من قبل جبهة التحرير الوطني البحرانية بدور بارز في طرح القضايا الوطنية الرئيسية في المجلس الوطني وفي تبني مطالب الطبقة العاملة والجماهير الكادحة، ورغم مناخ الانفراج النسبي آنذاك إلا أن الممارسات القمعية لأجهزة الدولة الأمنية لم تتوقف، ووجدت أبرز تعبيراتها في حملة الاعتقالات الواسعة ضد النشطاء السياسيين والنقابيين في يونيو 1974.

لم تتحمل القوى الرجعية ذلك الحيز من الحريات والرقابة البرلمانية، خاصة وإن شهيتها للإثراء غير المشروع قد انفتحت مع زيادة أسعار النفط، لذلك سارعت بتصفية الحياة النيابية وشنت حملة قمعية من الاعتقالات والتعذيب ضد مناضلي الحركة الديمقراطية والتقدمية في أغسطس 1975، متذرعة برفض المجلس الوطني وبإجماع أعضائه مشروع بقانون بشأن تدابير أمن الدولة.

ترك حل المجلس الوطني وتعطيل العمل بأحكام الدستور في 26 أغسطس 1975 وضعاً معقداً، فأصبحت السلطة التنفيذية هي المشرع للقوانين، وعطلت الأحكام الخاصة بالمؤسسات الدستورية مثل النيابة  العامة والمحكمة الدستورية، وديوان الرقابة المالية، وساد مرسوم بقانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة، وشاع في البلاد القمع والتنكيل ومصادرة الحريات، وأطلقت أيدي الأجهزة الأمنية التي عاثت في البلاد فساداً وامتلأت السجون بالمناضلين والمدافعين عن القضايا الوطنية والديمقراطية واستشهد العديد منهم تحت وطأة التعذيب، ونفي العديدون، وصودرت حرية التعبير عن الرأي،.

وترافق ذلك مع استشراء الفساد المالي والإداري والتعدي على المال العام الذي بلغ مستويات غير مسبوقة خاصة مع ازدياد المداخيل النفطية واتساع تشييد مشاريع البنية التحتية التي أطلقت شهية المفسدين وأدت إلى ثراء فاحش مفاجئ للشريحة المتنفذة المتورطة في هذا الفساد، والتي لم تتورع عن إلحاق أفدح الأضرار بالبيئة  المحلية من ردم عشوائي لمساحات واسعة من البحر وإزالة بساتين النخيل والمساحات المزروعة وتحويلها إلى غابات من الإسمنت أو أراضٍ خالية للمضاربة في أسعارها.

لقد أدخلت مجمل هذه السياسات البلاد في مأزق سياسي تفاقم مع انخفاض العوائد النفطية بعد انطلاقتها الأولى غداة حرب أكتوبر المجيدة، وهو الأمر الذي أنعكس في تردي الخدمات الاجتماعية عموماً، وتراجع التزامات الدولة في مجالات التعليم والصحة والسياسة الإسكانية، خاصة وأن ذلك ترافق مع مظاهر التمييز على أسس طائفية ومذهبية وقبلية، مع تفاقم المظالم الاجتماعية وازدياد معدلات البطالة مما أسهم في خلق حركات احتجاج جماهيرية واسعة عبرت عن حجم التذمر والاستياء الشعبيين، حتى لو ارتدت طابعاً فئوياً، خاصة وإن الضربات المتتالية ضد الحركة الديمقراطية والتي بلغت ذروتها في اعتقالات ومحاكمات عام 1986 ضد كوادر ومناضلي ومناضلات جبهة التحرير الوطني ومنظماتها الجماهيرية قد أنهكت هذه القوى وحدت من دورها في قيادة وتوجيه الحركة الشعبية.

وفرض هذا الوضع على نضال شعبنا وقواه الوطنية مهام جديدة، أهمها إعادة العمل بأحكام الدستور وإعادة الحياة النيابية، وخاض جولات من التحركات المطلبية والنضالات في سبيل استعادة الحياة الدستورية والبرلمانية من أبرزها العريضة النخبوية في عام 1992 بمبادرة من كوادر جبهة التحرير والقوى والشخصيات الوطنية والديمقراطية الأخرى و تتوج هذا النضال بالعريضة الشعبية عام 1994 التي وقع عليها قرابة خمسة وعشرين ألفاً من المواطنين وما تلاها من تحركات مطلبيه في النصف الثاني من التسعينات.

كان الخروج من هذا المأزق مهمة وطنية عاجلة لإنقاذ الوطن من الوضع الصعب الذي بلغه، وهي المهمة التي تلاقت عليها أوسع الفئات الشعبية والوطنية من الاتجاهات المختلفة، وهو ما أدركه ملك البلاد، الأمير يومذاك، بعيد تسلمه مسؤولية الحكم حين أعلن عن خطواته الإصلاحية التي تلاحقت حتى ظهرت على شكل مشروع لإطلاق الحريات العامة والتحول نحو الملكية الدستورية، وهو المشروع الذي أيده الشعب بما يشبه الإجماع في الاستفتاء الذي جرى على ميثاق العمل الوطني الذي دشن انطلاقة التحولات الجديدة، التي أطلقت المبادرات الشعبية الواسعة في التنظيم وفي العمل السياسي العلني، خاصة بعد إلغاء التدابير الأمنية السابقة والإفراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين والسماح بعودة المنفيين والمبعدين وإلغاء قانون أمن الدولة البغيض.

عكس صدور دستور 2002 حجم التعقيدات التي تسمَ عملية التحول السياسي الذي تشهده البلاد، لأن حجم التعديلات التي أدخلت على الدستور تجاوز في العديد من أوجهه ما نص عليه في ميثاق العمل الوطني وما جرى التوافق عليه قبيل التصويت على الميثاق، وأظهرت هذه التعديلات محدودية استعداد الحكم للإقدام على تنازلات جوهرية في مجال تقاسم السلطة مع الشعب، ورغبته في الإمساك بالخيوط الرئيسية في العملية السياسية، وهو ما تمثل خصوصاً في توزيع سلطة التشريع بالتساوي بين المجلسين المعين والمنتخب بالصورة التي تصادر مبدأ الفصل بين السلطات وكون الشعب مصدراً لهذه السلطات، الذي يقتضي تفيض السلطة التشريعية كاملة لممثلي الشعب المنتخبين.  وقد كشفت التجربة القصيرة من عمر الحياة النيابية الجديدة عن صعوبات عدة أمام المجلس المنتخب في ممارسة اختصاصه التشريعي ودوره الرقابي كما هو متعارف عليه في النظام البرلماني، وخلق ذلك صعوبات ومعوقات أمام مجلس النواب في إقرار مشروعات القوانين التي يعترض عليها مجلس الشورى، وفي تأخير وضع الاقتراحات بقوانين في صيغة مشروع قانون من قبل الحكومة، وفي أحكام أخرى نص عليها الدستور الجديد تعطي السلطة التنفيذية هيمنة أوسع على أعمال السلطة التشريعية عما كان عليه الحال في دستور 1973.

وشكلت حزمة المراسيم بالقوانين الصادرة عن السلطة التنفيذية خلال الفترة الواقعة ما بين صدور الدستور في 14 فبراير 2002 وانعقاد أول اجتماع للمجلس الوطني في 14 ديسمبر 2002 دون أن يتوافر لها شرط الضرورة اللازم لإصدارها، تجاوزاً لمبادئ ميثاق العمل الوطني ولأحكام الدستور، وخلق حالة من الشك والقلق على مستقبل المسيرة الإصلاحية وآفاقها، وفضلاً عما تضمنته هذه المراسيم من تعديات على الحريات والحقوق العامة فقد كشف التطبيق العملي لبعض أحكام هذه المراسيم بقوانين عن مشاكل فنية وإجرائية عديدة.

شخص المنبر الديمقراطي الوضع السياسي المركب الناشئ في البلاد حينها، وقدّر أن المشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية تستجيب لشروط العمل السياسي الهادف لاستخدام القنوات المختلفة من أجل طرح القضايا والهموم المعيشية والمطالب السياسية للمنبر ومجمل الحركة الشعبية في البلاد، والعمل من داخل الأطر القائمة لتطوير أدائها، خاصة وأن المناخ الجديد الناشئ في البلاد والذي يتميز بالانفراج السياسي وقدر معقول من الحريات العامة يأتي بعد المرحلة الصعبة التي عاشتها البلاد على مدار عقود طويلة.

ويرى المنبر أنه على الرغم من أهمية ما أنجز سياسياً منذ بدء مشروع الإصلاح إلا أن الطريق نحو استيفاء شروط الملكية الدستورية ما زال طويلاً.  إن أبرز المهام السياسية الشاخصة في المرحلة الراهنة تتركز في التالي:

أولاً:  على صعيد الإصلاح الدستوري

1. الانطلاق مما تحقق من مكتسبات والعم لعلى تطويرها في اتجاه إرساء استكمال أسس التحول نحو الديمقراطية من خلال إنجاز التعديلات الدستورية الضرورية، وفي مقدمتها حصر السلطات التشريعية والرقابية في مجلس النواب وإعادة النظر في دور وقوام مجلس الشورى لتصبح العضوية فيه لممثلي هيئات المجتمع المدني والنقابات، على أن تنحصر مهمته في إبداء المشورة.

ويضع المنبر المسألة الدستورية في صلب مهماته النضالية وينظر إليها بوصفها مسألة سياسية قانونية مزدوجة، وشأناً وطنياً عاماً يشمل المجتمع البحريني برمته، ويرى أن حالها يستلزم توافقاً وطنياً من قبل جميع الفعاليات من القوى الوطنية في المجتمع، وتعاطياً إيجابياً مع المؤسسات الدستورية القائمة.

2. تكريس أعراف الممارسة الديمقراطية في البلاد في اتجاه بناء مملكة دستورية قائمة على التداول السلمي للسلطة وفق قواعد العملية الانتخابية.

3. تفعيل واحترام الحقوق والحريات والواجبات العامة المنصوص عليه في الباب الثالث من الدستور، وفي المقدمة منها حرية الرأي والبحث العلمي، وحرية تكوين الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية، وحق التعبير عن الرأي وحق الاجتماع العام والخاص، والحق في السلامة البدنية والذهنية، وغيرها من الحقوق والحريات التي نص عليها الباب المذكور من الدستور.

4. العمل على تكريس دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان القائمة على التعددية السياسية، والتأكيد على ضرورة توسيع الحريات العامة وصيانة حرية التفكير والتعبير وحق التنظيم، وحرية الصحافة والنشر، وتفعيل ما نص عليه الدستور بهذا الخصوص، والعمل على إصدار التشريعات اللازمة، لتنظيم مثل هذه الحقوق والحريات، كقانون الصحافة والنشر، والأحوال الشخصية، والنقابات المهنية، وغيرها …  على أن لا ينال هذا التنظيم من جوهر الحقوق والحريات التي تنظمها هذه القوانين.

5. التمسك بالمبادئ التي جاء بها ميثاق العمل الوطني وأكد عليها الدستور وفي المقدمة منها، مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث مع تعاونها، ومبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، وحق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، وأن الشعب مصدر السلطات جميعاً، وأن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وأمام القانون لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

6. العمل على تفعيل دور مجلس النواب وربط نشاطه بمجمل النضال السياسي والاجتماعي في البلاد وطرح القضايا الوطنية التي تمس مصالح وحقوق الشعب للمناقشة والمساءلة، ودعم جهوده في إصدار التشريعات المتعلقة بذلك، وفي الرقابة على الأعمال الحكومية والإدارية.

ثانياً:  على صعيد الإصلاح السياسي والتشريعي

1. تكريس الحياة الحزبية في البلاد، عبر وضع قانون للأحزاب السياسية ينظم عمل هذه الأحزاب وعلاقتها مع الجهات الرسمية ومع المجتمع.

2. إعادة النظر في توزيع الدوائر الانتخابية، من خلال تنظيم جديد لها يضمن مساواة المواطنين في حقوق التشريح والانتخابات، ووضع قانون انتخاب ديمقراطي بديل يؤمن للقوى السياسية والاجتماعية المختلفة فرص الوصول إلى المجالس المنتخبة.

3. تعديل القوانين النافذة بما يحررها من القيود المفروضة على الحريات العامة، ويطورها لتتلاءم والمرحلة الجديدة التي دخلتها البلاد.  إن ذلك يقتضي مراجعة كافة التشريعات التي أصدرتها السلطة التنفيذية خلال الحقبة الماضية بإلغائها أو تعديلها، على أن تكون متوافقة مع أحكام الدستور والميثاق، والمواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ويقتضي ذلك أيضا إصدار تشريعات جديدة ترفع من شأن كرامة الإنسان وتصون حقوقه وحرياته.

4. العمل من أجل انضمام البحرين للمواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي لم تنضم إليها بعد، ومساندة ودعم نشاط الهيئات الحقوقية والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان في نشر ثقافة حقوق الإنسان وفي الدفاع عن حقوق وحريات المواطن البحريني.

5. توسيع صلاحيات المجالس البلدية باتجاه اللامركزية، وتحويلها إلى سلطات محلية فعلية، وفك التداخل بين مهامها وبين أداء الأجهزة التنفيذية والحكومية وخاصة وزارة البلديات، وإرساء أسس العمل البلدي الراسخ الموجه نحو تطوير الخدمات الضرورية للمواطنين في مناطقهم السكنية وتشييد مرافق الخدمة البلدية التي تستجيب لاحتياجات السكان.

6. بناء مؤسسات المجتمع المدين المستقل على أسس ديمقراطية وترسيخ دورها بوصفها ضمانة من ضمانات البناء الديمقراطي المنشود بما يوسع دور الفضاء الأهلي ويعمق من مساهمة المنظمات غير الحكومية في الحياة السياسية والاجتماعية العامة، انسجاماً مع تقاليد المجتمع البحريني والتي أفرزت العديد من المؤسسات الأهلية في المجالات الاجتماعية والبيئية والثقافية والشبابية وسواها.

7. محاربة الفساد المالي والإداري واحتواء بؤر الفساد ومحاسبة المتورطين فيه، وإعادة الأموال العامة التي جرى التصرف فيها لأغراض شخصية، ووضع اللوائح والأنظمة التي تضمن حرمة المال العام وتصونه من أوجه التلاعب المختلفة وتكفل محاسبة ومقاضاة كل من يثبت ضلوعه في الفساد.

8. النضال ضد كافة أشكال التمييز على أساس الجنس أو العرق أو المذهب أو الطائفة، وتكريس مفهوم المواطنة والمساواة في جميع الحقوق والواجبات، خاصة في فرص التوظيف والترقية وشغل المناصب المختلفة، ونبذ سياسة التمييز ضد مناطق بعينها في الخدمات العامة ومرافق البنية الأساسية وتوزيع هذه الخدمات بالتساوي على جميع المناطق، ووضع تشريع يحرم التمييز بكافة صوره.

9. تحقيق المصالحة الوطنية عبر الاعتراف بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مرحلة قانون أمن الدولة، وتسجيل اعترافات المتورطين في التعذيب واعتذارهم للضحايا وللشعب، وتعويض هؤلاء الضحايا من شهداء ومعتقلين وسجناء ومنفيين أو ذويهم مادياً ومعنوياً جراء ما تعرضوا له من انتهاك لحقوقهم.

10. إعادة تنظيم وزارة الداخلية ولأجهزة الأمنية عبر بحرنتها وتخليصها من العناصر الأجنبية وبنائها على أسس وطنية، وإبعاد رجال الأمن الذين تورطوا في جرائم التعذيب والقتل في المرحلة الماضية، وإعادة تأهيل الجهاز الأمني بروح احترام حقوق الإنسان، والحقوق السياسية والمدنية عامة، وصوغ علاقة جديدة بين هذه الأجهزة والمواطنين تنهي الإرث الثقيل للمرحلة الماضية التي سادت فيها لغة القمع.

11. انتهاج سياسية خارجية تراعي المصالح الوطنية والقومية للبحرين وتنحاز لأهداف النضال العربي في سبيل الوحدة والديمقراطية وتحرير الأراضي العربية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته الوطنية المستقلة على أراضيه، ورفض الإملاءات الخارجية، وإزالة الوجود العسكري الأمريكي من البلاد لما يمثله من مساس بالسيادة الوطنية.

ثالثاً:  على صعيد الإصلاح القضائي

يرى المنبر الديمقراطي التقدمي في استقلال القضاء دعامة أساسية من دعامات الديمقراطية وسيادة القانون، وضمانة أساسية للحقوق والحريات التي نص عليها الدستور، وأن وجود سلطة قضائية مستقلة يتطلب تفعيل ما نص عليه الدستور في الفصل الرابع المتعلق بالسلطة القضائية وعلى وجه خاص ما تقضي به الفقرة (ب) من نص المادة 104 من الدستور على أنه (لا سلطات لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز بحال التدخل في سير العادالة، ويكفل القانون استقلال القضاء).  وتعتبر الخطوات التي قام بها المجلس الأعلى للقضاء بفتح باب الترشيح لشغل المناصب القضائية خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز دور القضاء واستقلاليته.

وكذلك كان الحال بالنسبة لإنشاء المحكمة الدستورية المختصة بالرقابة على دستور القوانين واللوائح، وفي تشكيل دائرة إدارية بالمحكمة الكبرى المدنية تختص بنظر المنازعات التي تكون الحكومة طرفاً فيا والمتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون أو التعويض عنها رغم ما يعتريها من مآخذ، في اتجاه تثبيت دعائم الشرعية وسيادة القانون بتقرير حق القضاء في الرقابة على مشروعية الأعمال الحكومية والإدارية وفي رقابته على دستور القوانين واللوائح.

ولتعزيز دور السلطة القضائية واستقلاليتها، ويتعين اعتبارها “سلطة” وليست وظيفة خاضعة لنفوذ السلطة التنفيذية، كما يتعين الاهتمام بالكادر القضائي بحيث يكون العاملون فيه من ذوي النزاهة والكفاءة وحاصلين على تدريب ومؤهلات مناسبة في القانون، وأن يضمن القانون للقضاة استقلالهم وأمنهم وحصولهم على أجر ملائم، وإن يحق لهم كغيرهم من المواطنين التمتع بحرية التعبير والإعتقاد وتكوين الجمغيات والتجمع،، كما يستلزم التفعيل تطوير الأجهزة والمؤسسات القضائية، وفي المقدمة منها مجلس القضاء الأعلى بحيث يكون منتخباً من طرف القضاة أنفسهم ليصبح وحدة السلطة المسئولة عن تعيين القضاة وترقيتهم وتأديبهم وتحديد اختصاصاتهم.

وللارتقاء بالقضاء من واقع الوظيفة التابعة للسلطة التنفيذية إلى مستوى السلطة المستقلة الفاعلة، يتعين احترام وتنفيذ الأحكام الصادرة من القضاء دون تمييز أو محسوبية من قبل أجهزة السلطة التنفيذية وفي المقدمة منها مراكز الشرطة، كما يتعين التأكيد على الدور الكبير للقضاء الواقف (المحامون) في تعزيز سلطة القضاء وخدمة العدالة، وفي حقهم بتحويل جمعيتهم (جمعية المحامين البحرينية) إلى نقابة تتمتع بكافة الصلاحيات في تنظيم ممارسة مهنة المحاماة حتى تأخذ دورها في النهوض بالمهنة وحمايتها.

أولاً:  عرض موجز

ظل الاقتصاد الوطني البحريني، حتى بعد مرور سبعين عاماً على بدء تصدير النفط في العام 1934، يعتمد على الإيرادات النفطية كمصدر أساسي لحقن دورات النمو الاقتصادي.  ولا يزال النفط يضطلع في المتوسط بحوالي ثلثي الإيرادات في الموازنة رغم كون حصته تشكل خُمس إجمالي الناتج المحلي، أخذاً بعين الاعتبار الأهمية الكبرى للإنفاق الرأسمالي – من خلال الموازنة – بالنسبة لدورة النمو الاقتصادي في اقتصاد يتسم بهيمنة الدولة على القسم الأعظم من مصادر نموه.

ولقد شكلت حقبة سبعينيات القرن المنصرم، منعطفاً فارقاً في التنمية الوطنية الشاملة.  ففي سياقها يشير تحليل اتجاهات التطور الاقتصادي منذ ارتفاع أسعار النفط في عام 1973 – على اثر حب أكتوبر المجيدة وحظر تصدير النفط العربي إلى أسواق البلدان الأمريكية والأوروبية الداعمة للعدوان الإسرائيلي – إلى أن الاقتصاد الوطني البحريني شهد صعوداً للقطاعات الخدمية وكذلك الاستثمارات غير المباشرة المتقلبة بتقلب الظروف الجيو – اقتصادية، وذلك على حساب القطاعات الإنتاجية.

لقد شهدت الفترة التي أعقبت حل المجلس الوطني وتعليق الدستور في أغسطس عام 1975، اشتداد المركزية السياسية التي أنتجت بدورها مركز القرارات، بما فيها الاقتصادية، وأدت إلى ترهل الجهاز الحكومي وسيطرة الهاجس الأمني على الإدارة الكلية والاستيعاب الوظيفي وطبيعة الاستثمارات، مما انعكس سلباً على الكفاءة الإدارية والاقتصادية، وأفرز تشوهات في سوق العمل وأدى إلى تفاقم الاختلالات في الهيكل الاقتصادي.

لقد ظل الاقتصاد الوطني يعاني من خلل بنيوي مزمن تمثل في وجود قطاعات إنتاجية وخدمية متقدمة ومرتفعة الإنتاجية، تسهم في خلق القسم الأعظم من الناتج المحلي الإجمالي (النفط، الألمنيوم، القطاع المصرفي وغيرها) التي تعتمد على العمالة الوطنية أساساً، لكنها في نفس الوقت محدودة القدرة على استيعاب مزيد من هذه العمالة يقابل ذلك بقية قطاعات الاقتصاد الوطني المتدنية الإنتاجية وقليلة الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي، لكنها توظف القسم الأكبر من إجمالي العمالة في البلاد، وغالبيتها من العمالة الأجنبية غير المؤلهة نوعياً.  ويسمح تدني أجورها بجلب المزيد منها مما خلق تضخماً في أعداد العمالة الأجنبية على حساب المهارات وإدخال التقنيات، إلى جانب التضخم الوظيفي الذي يتسم به قطاع الدولة، حيث البطالة المقنعة.  وهكذا أدى ويؤدي تشوه البنية الاقتصادية ليس إلى العجز عن استيعاب الموارد المالية من النفط وإعادة توظفيها إنتاجياً، وإلى تدني الأجور والإنتاجية إلى حدود بعيدة وحسب، وإنما تشوه في التركيبة السكانية أيضاً، بكل ما جره ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية وأمنية في غاية السلبية على المجتمع.

ولذلك أضحت البلاد أقل قدرة على مجابهة تحديات تلك المرحلة بما انطوى عليه ذلك من تفويت للفرص التاريخية التي وفرتها طفرتا تصحيح أسعار النفط في عامي 1974 و 1979.

وإذا كانت تلك سمة خليجية عامة، فإن عدم الاستقرار السياسي في البحرين وهيمنة الحكومة الشديدة على الاقتصاد طوال تلك الحقبة، قد تسببا في تباطؤ معدلات النمو قياساً بالبلدان الخليجية الأخرى (باستثناء إسعافات أسعار النفط المرتفعة)، مما جعل التحديات التنموية المستقبلية أشد وطأة على بلادنا من بقية شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي.

ثانياً:  القطاع الخاص

على خلفية هذا الوضع الذي لم يترك للقطاع الخاص البحريني متسعاً للحركة، إذ جعله رهناً لابتزازات جهاز الدولة البيروقراطي المركزي الذي ظل يتحكم في سيرورة الحياة الاقتصادية على صعيدي كل من الاقتصاد الكلي والجزئي، وكذلك بما يجود به الإنفاق الحكومي من خلال الموازنة على المشاريع الاستثمارية المحلية، وخاصة مشاريع البنية الأساسية – على هذه الخلفية سيطر التردد والوجل على حركة القطاع الخاص البحريني وإحجامه عن الاستثمار في قطاعات الإنتاج المادي (الصناعي أساساً) التي تحقق قيماً مضافة حقيقية، وهو ما يوافق على أية حال طبيعته وتركيبته الاجتماعي.  وقد أسهم كل من استشراء الفساد الإداري والمالي وانعدام الشفافية في الإفصاح ونشر المعلومات، بقسطه في هذه الناحية.  وبهذا وُضع نشاط القطاع الخاص موضع المتعيش على الإنفاق العام للميزانية والمساعد على إعادة تدوير وضخ موارد النفط المالية إلى الخارج.  كما جعل هذا التقسيم القطاع الخاص ينزع نحو المشاريع ذات الربح السريع والأجور والتقنيات المتدنية.  وبتحرره من الضرائب أصبح متحرراً من التزاماته الاجتماعية.  وترتبياً على ذلك فقد كان من الطبيعي أن يفتقد القطاع الخاص للنشاط السياسي والفكري في المجتمع، إلا ما ندر.

لقد كان من الطبيعي أن تعكس تلك الأوضاع الاقتصادية المرتبكة والمتقلبة نفسها آثاراً سلبية على كثير من فئات وشرائح المجتمع الدنيا والوسطى فقراً وبطالة وتمييزاً،  وأن تطال بتداعياتها السلبية مجالات السكن والتعليم والصحة العامة مقارنة بذات الأداء وعلى نفس المستويات في بقية بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبالتبعية فقد أنتجت هذه الأوضاع احتقانات اجتماعية عبرت عن نفسها في أشكال مختلفة من الاحتجاجات والانتفاضات، وإضعاف للمناخ الاستثماري العام.

ثالثاً:  تشخيص الحالة الاقتصادية الراهنة ومكان خللها

وهكذا فإننا بتنا اليوم أمام وضع اقتصادي غير مريح لا يتمتع فيه الاقتصاد الوطني البحريني بإمكانيات الاستدامة الداخلية (حتى ولو حقق مكاسب ظريفة ناتجة بالدرجة الأولى عن دورات ارتفاع أسعار النفط)، نظراً لانخفاض معل الاستثمار العام والخاص عند قرابة 14%، والذي يتوجب رفعه إلى نسبة لا تقل عن 20% كمتوسط عام من إجمالي الناتج المحلي لضمان تلك الاستدامة، وعدم كفاية وسوء إدارة الإيرادات المالية للدولة ما أفضى إلى استمرار الدولة على إصدار السندات لتمويل العجز المتراكم في الموازنة، حتى إنه يخشى إذا ما تراكم هذا العجز بفعل عدم السيطرة على الإنفاق من أن يؤدي إلى تآكل الاحتياطي العام للدولة نتيجة لاستخدامه في دفع قيمة الديون المستحقة كما حدث في عام 1990، الأمر الذي قد يضيق الخناق على الدولة في بحثها عن مصادر أخرى للإيرادات لتغطية قيمة القروض المستحقة ما قد ينطوي على مخاطر تردي الوضع المالي للبلاد.  ووراء هذا التوجه يكمن المجهول المقلق متمثلاً في خطورة توريث ديون ثقيلة مستنزفة للأجيال القادمة.

وتشكل العمالة الأجنبية قنبلة مؤقتة في سوق العمل والاقتصاد الوطني، حيث وصلت نسبتها إلى 62% من إجمالي قوة العمل النشطة اقتصادياً مقابل 38% فقط للعمالة البحرينية التي كانت إلى ما قبل عقدين تقريباً تشكل ثلثي إجمالي قوة العمل النشطة اقتصادياً.  ومعضلة هذه القنبلة أن أسلاك شرارتها موصلة إلى أكثر من موقع.  فهي تضغط على مستويات أجور العمالة الوطنية وبالتالي على مستويات معيشتهم، وهي تضغط على الجوانب الحقوقية المترتبة على وجودها لتخلق بذلك مشكلة سياسية للدولة غير معلومة العواقب، ناهيك عن الأضرار الفادحة والخطيرة التي تخلفها على ميزان المدفوعات وعلى مختلف موارد ومرافق الدولة كالخدمات الصحية والتعليمية والسكنية وغيرها التي تتعرض للضغط والاستنزاف المتواصلين.

وقد ضعفت قدرة الدولة كثيراً على استقطاب الاستثمارات المحلية والخليجية والأجنبية، الأمر الذي تؤكده البيانات الرسمية والدولية.

يقابل كل ذلك في الجهة الأخرى غياب الرؤية المستقبلية الإستراتيجية الشاملة ذات الأهداف الواضحة والجهاز التخطيطي المعني بوضع هذه الإستراتيجية ومتابعة تنفيذها.

وإضافة إلى التحديات الموضوعية المتمثلة في محدودية المساحة الجغرافية وارتفاع الكثافة السكانية (عدد السكان إلى الكيلومتر المربع الواحد)، مقابل احتمالات تحول البلاد قريباً إلى مستورد صافٍ لإمدادات الغاز الطبيعي، نتيجة لقرب نضوب احتياطياته، فضلاً عن وجود خلل كبير في الموارد المائية ينطوي على عجز خطير، وذلك بنسبة الاستهلاك إلى القدرات الإنتاجية والخزين المائي الجوفي، فإن أبرز وأخطر خلل يتهدد استقرار الاقتصاد والمجتمع البحرينيين اليوم هو استمرار تحكم سلعة واحدة هي النفط في مصير ومسار الاقتصاد الوطني رغم المحاولات التي بذلت لتنويع مصادر الدخل الوطني.  ومن ذلك الخلل تتفرع الاختلالات التالية:

1. هيمنة الدولة على عملية التنمية، بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، ما نجم عنه وقوع كافة أعباء التنمية على كاهلها.

2. ضيق دائرة مصادر التمويل المحلية المخصصة للاستثمار، نظراً لسوء تعبئة الموارد الداخلية المتمثلة في أموال الأوقاف والتقاعد والتأمينات الاجتماعية وأموال القاصرين والصندوق الخيري وغيرها لهذا الغرض.

3. أخذاً بعين الاعتبار ما تشكله الأرض، كأحد عناصر الإنتاج الأساسية، من أهمية بالنسبة للتنمية الوطنية المستدامة بكل تشعبانها، فإن التعديات الجائرة والقاسية التي طالت أراضي البلاد براً وبحراً طوال تلك الحقبة الصعبة، واستخدامها أداةً لإعادة توزيع الثروة لصالح الفئات المتنفذة وفئات اجتماعية بعينها وكوسيلة للدفع والتعويض، قد أفقد الدولة سيطرتها على أهم عوامل الإنتاج ومقومات التراكم الأساسية.

4.عطب الجهاز الحكومي وترهل إدارته بفعل مركزيته الشديدة وتسلل أمراض الفساد المالي والإداري والمحسوبية والبيروقراطية، حتى تحول فيه الفساد إلى ما يشبه الإسفنجة التي تمتص عصارة التنمية الوطنية، فضلاً عن عدم حسن إدارة هذا الجهاز المعطوب للمشكل التنموي الرئيسي سالف الذكر.  أي بالاستثمار في المستقبل من خلال مصادر الحاضر المتاحة.

5. ارتفاع معدل النمو السكاني (2.7% سنوياً) قياسياً إلى إمكانيات النمو المتاحة مما يؤثر سلباً على معدل نمو دخل الفرد.

6. وجود بطالة مزمنة بمعدلات تفوق كثيراً ما يسمى بالمعدل الطبيعي للبطالة بمعايير الرأسمالية وهو 5% من إجمالي قوة العمل النشطة اقتصادياً.  ويقابل ذلك إغراق متعمد ومدمر للسوق المحلية بعمالة أجنبية رخيصة وغير ماهرة.

رابعا:  مشروع الإصلاح في ظل المأزق التنموي ورؤية المنبر للإصلاح الاقتصادي

في ضوء ما تقدم من عرض موجز للإرث الثقيل الذي خلفته فترة تغييب الحياة الدستورية والديمقراطية والسياسية، وما خلفه كل ذلك من أجواء مشحونة بكل أسباب الاضطراب والركود المجتمعيين، جاء مشروع الإصلاح السياسي ليوفر للمرة الأولى فرصة وإمكانية تجاوز ذلك المأزق التنموي الشامل.

والمنبر إذ يأخذ بعين الاعتبار مجمل المعطيات سالفة الذكر فإنه يرى بأن مرحلة الإصلاح هذه تطرح أمام الدولة والمجتمع مهام تغيير هذا الواقع الاقتصادي باتجاه التنمية المستدامة وتلبية حاجات تطور المجتمع والدولة على الطريق الديمقراطي.

وللخروج من هذه الأزمة الاقتصادية الاجتماعية والهيكلية المستحكمة يرى المنبر ضرورة اعتماد السياسات والآليات الاقتصادية التالية:

1) ضرورة الانتقال من خيار اقتصاد السوق المستند بالمطلق لقوى السوق العمياء، إلى خيار اقتصاد السوق الاجتماعي المؤمن والحافظ للتوازنات المجتمعية والعازل لأسباب التوترات الاجتماعية وعدم الاستقرار، وهذا يتطلب إحداث نوع من التوازن بين الحرية الاقتصادية والاحتفاظ بدور الدولة المرجح في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، باعتبارها المنظّم والراعي لعملية التنمية الاقتصادية – الاجتماعية الشاملة.

2) العمل على استعادة التوازن في الاقتصاد الوطني من خلال اتخاذ الإجراءات واعتماد الآليات التالية:
إنشاء هيكل وزاري جديد نوعيا يعتمد الكفاءة والفاعلية والانحياز للمصلحة الوطنية الكلية، كمعايير لازمة في هذا التشكيل الحكومي وفي أدائه، وذلك في إطار عملية شاملة، دائمة ومتجددة، لمحاربة الفساد المالي والإداري.

وضع إستراتيجية اقتصادية وطنية ذات أبعاد زمنية ثلاثية:  قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل (سنة وخمس سنوات و 25 سنة) بمشاركة مختلف مكونات المجتمع من سلطة تشريعية وعمال وأصحاب أعمال وحكومة ومعارضة سياسية وشخصيات مستقلة في صياغة أهدافها ووضع الخطوط العريضة للسياسات المطلوب تنفيذها، وعلى أن يعهد إلى مجلس أعلى للتخطيط يتمتع بالاستقلالية والشفافية يتم تشكيله من بين الكفاءات البحرينية الاختصاصية المتميزة، وضع تلك الإستراتيجية ومتابعة مراحل تنفيذها.

3) تحديد خيارنا التنموي:  يتسم أداء الإدارة الاقتصادية الحكومية الكلية بانعدام الرؤية المستقبلية (الإستراتيجية)لطبيعة الخيار الذي تنتهجه البلاد وتسير فيه.  إذ يغلب عليه القفز والتنقل المرتجل من نشاط تنموي إلى آخر في فترات زمنية متقاربة، حيث يقع الاختيار تارة على تنويع القاعدة الإنتاجية، ثم سرعان ما ينتقل التركيز إلى السياحة العائلية، فالسياحة الترفيهية ومن ثم السياحة النظيفة فالرياضة.  ثم تجري محاكاة التجارب التنموية الآسيوية بنفس الطريقة المتحولة من نموذج تنموي إلى آخر.

ولذا فإن المنبر يشدد على ضرورة تحديد خياراتنا التنموية بدقة وروية، أخذا في عين الاعتبار مطالب المجتمع وطموحاته والبناء عليها وذلك وفقاً لقدراتنا و مواردنا المادية والبشرية، وفي إطار إستراتيجية التنمية سالفة الذكر.

4) تتضمن هذه الإستراتيجية المحاور الأساسية التالية:

– تنويع القاعدة الاقتصادية والإنتاجية بهدف تقليل اعتماد الموازنة على إيرادات النفط، وذلك بتعزيز وتوسيع الصناعات التفريعية المعتمدة على النفط والألمنيوم والطاقة وتنشيط السياحة وإنشاء قطاعات اقتصادية جديدة لاسيما في فروع الاقتصاد المعرفي مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والكمبيوتر وغيرها من فروع الاقتصاد الجديد.

– إعادة هيكلة وتنظيم سوق العمل بهدف استعادة النسبة الغالبة لقوة العمل البحرينية مقابل قوة العمل الأجنبية في إجمالي قوة العمل النشطة اقتصاديا.  وذلك في إطار إصلاح الاقتصاد الشامل وإعادة بناء هيكله، وباستخدام الأدوات التشريعية والاقتصادية، وفي مقدمتها الأجور و حدها الأدنى بحيث لا يصبح إصلاح سوق العمل مؤلما اجتماعيا.

– الاستثمار في الموارد البشرية باعتبارها رأس المال المتجدد والضامن للاستدامة التنموية ، وذلك من خلال إحداث تغيير نوعي في المناهج التعليمية يتم من خلالها تعظيم كم ونوع المواد العلمية والفنية وإدراج إلزامية تعلم اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة الاقتصاد العالمي ابتداء من الفصل الدراسي الأول للمرحلة الابتدائية ، وكذلك الاهتمام بتطوير نوعية التدريب الحكومي والخاص، بما يضمن مواكبة العملية التعليمية لمتطلبات سوق العمل المتغيرة باستمرار.

– زيادة نسبة الاستثمار العام والخاص في إجمالي الناتج المحلي، والعمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتعضيد مصادر التمويل المحلية المحدودة ، وذلك من خلال تهيئة المناخ المحفز للاستثمار الوطني والأجنبي، خاصة بإزالة كل المعوقات البيروقراطية وغير البيروقراطية المنفرة للمستثمر البحريني، وكذلك سن تشريع متطور يحدد ضوابط الأجنبي بما يستجيب لحاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية الشاملة.

–  دعم وتطوير المشاريع الإنتاجية الصغيرة و المتوسطة ورعاية مستثمريها بالحوافز والتشجيع والإعفاءات، بما في ذلك إسنادهم فنيا وإداريا وإنتاجيا و تسويقيا وماليا في حدود المتاح من إمكانيات.

– إعادة حصر وتجميع كافة أصول وموارد الدولة، ويضمن ذلك حصر الأراضي البرية والبحرية ومنع التصرف فيها، وإعادة استملاك الدولة للمواقع التي تستدعيها ضرورات المنفعة العامة، بما في ذلك إعادة تخطيط الأراضي وتحديد مناطق الأحزمة الخضراء والمناطق السياحية والصناعية والسكنية والتجارية والسواحل والجزر، وكذلك ضرورة الاستغلال والاستثمار الأمثل لممتلكات وأراضي الأوقاف الجعفرية والسنية بما يخدم المخطط التنموي العام.

– حصر كافة ما تبقى من احتياطيات المملكة من الموارد الطبيعية من نفط وغاز ومياه وثروات بحرية وسمكية والعمل على صيانتها والحفاظ عليها وتنميتها مع استخدامها الاستخدام الأرشد صونا لاستدامة عملية التنمية ولحقوق الأجيال القادمة.

– تكوين صندوق لاحتياطي الأجيال القادمة تودع فيه فوائض دخل النفط ويخضع لإدارة نزيهة وكفء خاضعة لإشراف ورقابة مجلس النواب.

– العمل على استعادة المكانة التجارية الرائدة التي كانت تحتلها البحـرين في منطقة الخليج على مدى العقود الماضية كنقطة ترانزيت مثالية لتجار المنطقة ، وذلك من خلال إزالة كافة الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي تعترض سبل الانسياب الطبيعي والسلس للبضائع والسلع ورؤوس الأموال، ونبذ الهاجس الأمني الذي عمل على تجفيف منابع حركة التجارة الخارجية للبلاد.  وعن طريق ذلك فتح الطرق التجارية البرية والبحرية إلى الأسواق الخارجية الكبيرة في العراق وإيران وأفغانستان وآسيا الوسطى وما بعدها.

– لقد غدا من ضرورات دولة المؤسسات الديمقراطية والقانون والتنمية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة، إعادة النظر في دور ومكانة القطاع الخاص في التنمية، وذلك بإزالة كافة القيود والمعوقات الإدارية والبيروقراطية التي تعترضه كي يصبح أكثر قدرة على التطور الذاتي والدفع والمشاركة في عملية تطور الدولة والمجتمع عموماً.

– أخذاً بعين الاعتبار مراجعات المؤسسات المالية العالمية وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لسياستها الخاطئة الخاصة بالخصخصة الموعزة في غير دولة من دول “العالم الثالث”، فإن من الأهمية بمكان عدم مسايرة “الموضات” الاقتصادية العالمية وضمنها “موضة” الخصخصة بصورة ميكانيكية غيرة مدروسة، خصوصاً وإن مؤسسات وشركات الدولة الأساسية تعمل بمعايير تجارية ربحية تشكل مرداً أساسياً وثابتاً من موارد الموازنة العامة.  إضافة إلى أهمية تقنين عملية الخصخصة من خلال سن قانون خاص بالخصخصة يتضمن معاييرها ومقوماتها ويحافظ على أصول وموارد الدولة، ويحول دون أن يكون المحتوى الأساسي للخصخصة هو إعادة اقتسام الملكية لصالح الفئات الأكثر تنفذاً، ويجنب المجتمع مغبة الآثار الاجتماعية المؤلمة للخصخصة، خصوصاً فيما يتعلق بالتفاقم البطالة وتراجع الخدمات الاجتماعية.

ويؤمن المنبر الديمقراطي التقدمي أنه ليس عن طريق الخصخصة وحدها يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوره المأمول في عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية، بل أن الأهم تشجيعه للدخول في أنشطة اقتصادية جديدة وواعدة تساهم في إعادة البناء الداخلي الهيكلي للاقتصاد، وترتقي بنوعية العمالة الوطنية إلى مستويات أعلى.

– بالنظر إلى كون ميزانية الدولة بمثابة بيان سنوي لدور الدولة في دعم وتوجيه النشاط الاقتصادي في إطار خطة التنمية الاقتصادية الاجتماعية، فإن المنبر يرى أن من الضروري أن تعد الميزانية بشكل سنوي بدلاً من سنتين لتعزيز الدور الرقابي والشفافية، وعلى أن تعكس الميزانية تحكم الدولة في موازنة الميزانية وتغليب الإنفاق الاستثماري على الإنفاق الاستهلاكي وقيام مشاريع منتجة صانعة للشواغر الوظيفية والفرص الاستثمارية الجديدة.  وسيعمل على أن تهدف الميزانية إلى ترشيد الإنفاق العام وعقلنته، مع أهمية ألا يتحول الانضباط الإنفاقي إلى سياسة انكماشية بسبب الإدارة البيروقراطية الخاطئة لعملية التحكم في الإنفاق، ولكي تعمل الدولة أيضاً على خفض عجز الميزانية المتصاعد والتحكم فيه بخفضه إلى الحدود الدنيا أو إزالته حسب الحاجات الحقيقية للتطور الاقتصادي والاجتماعي، والعمل على تعديل تركيبة إرادات الميزانية لصالح الإيرادات غير النفطية بما يعني تنويع القاعدة الاقتصادية والإنتاجية، وجعل الضرائب العادلة مورداً هاماً من موارد الميزانية، والعمل على إعادة توزيع المصروفات بتوجيه الدعم الأساسي للخدمات العامة كالصحة والتعليم والإسكان والضمان الاجتماعي وخفض الإنفاق المبالغ فيه على التشكيلات العسكرية كالدفاع والأمن العام والاستخبارات وضغطها في حدود الحاجات الوطنية المعقولة، وكذلك ضبط بنود الإنفاق على إشادة البنية التحتية بنبذ سياسة التنفيع واعتماد المناقصات النزيهة.

– تشكيل أدوات السياسة المالية المتمثلة في الرسوم والضرائب، وأدوات السياسة النقدية المتمثلة أساسا في سعر صرف العملة الوطنية ومعدلات أسعار الفائدة المصرفية، بعض أبرز آليات التدخل الحكومي الرشيد لضبط إيقاع الحركة الاقتصادية، وعليه يعتبر المنبر الديمقراطي التقدمي أن إقرار نظام عادل للضرائب غير المباشرة، بشكل أساساً مهماً من أسس الإصلاح الاقتصادي الحقيقي، وفي إطار هذا الإصلاح، نظراً لتراجع الموارد الطبيعية، فإن المنبر يعمل ويدفع باتجاه أن يلعب النظام الضريبي دوره الاجتماعي الاقتصادي في امتصاص فائض الدخول، كأداة لإعادة توزيع الدخل الوطني لصالح الفئات الأدنى في المجتمع وتعزيز دور الدولة في التنمية الاقتصادية والرعاية الاجتماعية، وعلى أن يشكل أداة فعالة للشفافية والإفصاح في أنشطة القطاع الخاص والرقابة عليها وتوجيهها، ويرسخ بالمقابل الجور التمثيلي والسياسي لدافعي الضرائب في المساءلة والرقابة السياسيتين تجاه مؤسسات الدولة، ويجسد الالتزام الاجتماعي للقطاع الخاص بقوة القانون.  لقد غدت مسألة الضرائب المباشرة واحدة من أهم أدوات الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي بالنسبة لكافة بلدان مجلس التعاون الخليجي الشقيقة.  كما يرى المنبر فيما يتعلق بضرورة انتهاج سياسة نقدية واستخدام  أدواتها بفاعلية وضرورة إعادة النظر في ربط الدينار البحريني بالدولار الأمريكي وحده أو اعتبار العملة الأمريكية مثبتا لسعر صرف العملة الخليجية الموحدة، لما ترتب ويترتب عليه من إفراغ السياسة النقدية من محتواها وانفصام الإجراءات النقدية عما تتطلبه حالة الدورة الاقتصادية، وإمكانية تسببها في خسائر اقتصادية ومالية كبيرة في حالات الانخفاض الكبير في سعر صرف العملة الأمريكية حسب حالة أو حاجة الاقتصاد الأمريكي.

– وفي إطار السياسة المالية، يرى المنبر أهمية المبادرة بتقديم حزمة مقترحات إلى المجلس النيابي لتطوير سوق البحرين للأوراق المالية وأدواته كسوق إصدار ثانوي يشكل حجر الزاوية بالنسبة لجهود استقطاب رؤوس الأموال الوطنية والعربية والأجنبية، وهنا فإن المطلوب من وزارات الدولة المعنية أن تنسق فيما بينها لإصدار مؤشرات اقتصادية دورية تقيس الأداء الاقتصادي العام وتوفر مصدراً أساسياً للمعلومات بالنسبة للمستثمرين المحليين والأجانب.

وفي هذا الإطار يوجه المنبر الديمقراطي التقدمي إلى أهمية تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة بهدف تحديثها وتغيير توجهات الوكالات التجارية منها لتجنب استحقاقات العولمة الاقتصادية وتحديثها من جهة، ولتدعيم سوق الأسهم والأوراق المالية من جهة أخرى.

– يعد أتساع نطاق ظاهرة القروض الشخصية وما يترتب عليها من مخاطر ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية معقدة ومربكة لعملية الحراك المجتمعي.  وإن المنبر في الوقت الذي يعزو فيه تنامي هذه الظاهرة إلى عدم كفاية مداخيل الأغلبية الكاسحة من قطاعات الشعب أمام تنامي متطلباتها المعيشية والحياتية، وإلى تشجيع نمط الحياة الاستهلاكي غير المعقول، وإلى السياسات الائتمانية قصيرة النظر التي يتصف بها معظم إدارات البنوك التجارية من حيث تفضيلهم تمويل القروض الشخصية على تمويل المشاريع متوسطة وطويلة الأجل – فإنه يطالب بإعادة النظر في هذه السياسات البنكية، بما في ذلك إعادة هيكلة توظيفاتها المالية واستحداث  مؤسسات وأدوات لتخفيف وطأة هذه القروض على المواطنين وترشيد إنفاقهم.

– وفيما يتعلق بالشفافية الحكومية، فإن المنبر إذ يثمن الخطوة الإصلاحية في هذا المجال والمتصلة بإنشاء المجلس الأعلى للمناقصات، فإنه يشدد على ضرورة استقلالية هذا الجهاز وعلى مراجعته لمجلس النواب في كل ما يتعلق بالمناقصات الحكومية التي ترد إليه، بما في ذلك موافاة المجلس دورياً بتقرير عن نشاطاته، وذلك ضماناً لسلامة الإجراءات المعتمدة وتوكيداً لمبدأ الشفافية ذي الأهمية بالنسبة للجهد المشترك في الحفاظ على المال العام.

5) أن تتضمن الإستراتيجية التنموية المقترحة الأبعاد الاجتماعية التالية في إطار سياسة اجتماعية قائمة على مبدأ العدالة الاجتماعية والحرية المستندتين إلى أداء اقتصادي فعال:

أ . خلق نوع من التوازن بين معدلي النمو الاقتصادي والنمو السكاني بضمان أسبقية الأول على الثاني، وذلك للحفاظ على المعدلات المتراكمة لدخل الفرد السنوي في إجمالي الناتج المحلي.

ب. إن الأجور المتدنية في بلادنا هي نتيجة لتشوه البنية الاقتصادية وسوق العمل، وللتوزيع وإعادة التوزيع غير العادل للدخل الوطني في المجتمع، وهي في نفس الوقت سبب أساسي من أسباب تدني الإنتاجية وتراجع الاقتصاد وانتشار الفقر ومظاهر التخلف في المجتمع.  وإنه لما كان إصلاح الأجور يشكل حجر زاوية لأي إصلاح اقتصادي فإن المنبر يرى أن من الضروري الأخذ بنظام الحد الأدنى للأجور المطلق والمتحرك الذي يوحد سوق العمل ويحول دون غلبة العمالة الأجنبية فيه، ويحمي الكادحين من الوقوع تحت خط الفقر، فضلاً عن مساهمته في زيادة القدرات الشرائية للمواطنين وتوسيع السوق الداخلية في البلاد.  وانطلاقاً من هذا الحد الأدنى المطلق للأجور تبنى الحدود الدنيا التفاضلية للأجور بحسب القطاعات والمستويات التعليمية، ليشكل الحد الأدنى للأجور وتصحيحه الدائم منطلقاً لبناء سلم أجور عادل قائم على أساس مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي.  ويدعو المنبر للأخذ بمبدأ الحد الأدنى للأجور على مستوى مجلس التعاون الخليجي، الأمر يهيئ مناخاً أفضل لتفعيله على مستوى كل بلد ويجعله منطلقا لإصلاح سوق العمل الخليجي عموماً.

ج. تطوير نظم حوافز مادية ومعنوية مقرونة بتحسين ظروف العمل بما يحقق زيادة إنتاجية العمل وجعله متعة وقيمة إنسانية كبرى.

د. على اختلاف تقديرات معدلات البطالة في المملكة، إلا أنها تبقى عالية بالمقاييس العالمية، إذ تقدر بعشرات الآلاف بينما يفوق تعداد العمالة الأجنبية المائة ألف.  ويرى المنبر أن الحد من ظاهرة البطالة يتطلب معالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد وسوق العمل المحلي إضافة إلى تمكين العمالة الوطنية من النفاذ إلى أسواق العمل في الدول الشقيقة لمجلس التعاون الخليجي، واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص على أساس الكفاءة وتجريم التمييز في كافة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.  وإذ يسجل النبر استغرابه لاستمرار الاعتماد على العمالة الأجنبية وزيادة أعدادها في أجهزة الدولة ومؤسساتها الإنتاجية التابعة مثل شركة نفط البحرين (بابكو) وشركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، فإنه يطالب بسرعة  العمل على تصحيح هذه الأوضاع.

هاء.  فئات الطبقة الوسطى:  أدت سياسات الأبواب المشروعة والسياسات الاقتصادية الارتجالية وانتشار الفساد المالي والإداري على نطاق واسع الى تنامي عملية الإفقارفي الأوساط الشعبية صعوداًلتطال فئات من الطبقة الوسطى التي يخشى من استمرار تآكلها، وهو ما سيعكس أضراراً فادحة ومخاطر جمة على بنيان المجتمع والدولة وأساساتهما.  من هنا فإن المنبر الديمقراطي التقدمي يؤكد على أن تأخذ هذه القضية الاهتمام الذي تستحق لدى واضعي الإستراتيجية الوطنية الشاملة بدعم الدولة لمبادرات ممثلي صغار المنتجين وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

و. فئات المجتمع الدنيا ومكافحة الفقر:  بالرغم مما تنشره المعطيات الرسمية حول معدلات النمو الاقتصادي، إلا أن فئات المجتمع الدنيا آخذة في الاتساع بحيث أن عدة عشرات من آلاف العائلات تعيش تحت خط الفقر.  وتعود هذه الظاهرة إل عدة أسباب، أهمها:  تفاقم ظاهرة البطالة، انحدار مستوى متوسط الأجور منذ التسعينات وحتى الوقت الراهن، غياب الحد الأدنى للأجور، تراجع المهن والحرف التقليدية وتدهور فئات الطبقة الوسطى بما يرفد الفئات الدنيا بمزيد من الأعداد.  وينم كل ذلك عن سوء في توزيع الدخل الوطني بحيث أن خيرات النمو الاقتصادي تعود على فئات قليلة من المجتمع.  وإذ يضعف ذلك القوة الشرائية لدى غالبية المواطنين فإنه يعود بدوره سلباً على السوق المحلية والاقتصادية ككل.  وأمام هذه المشكلة الخطيرة يرى المنبر بأن تعتمد إستراتيجية التنمية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة خيار مكافحة الفقر والبطلة والتهميش الاجتماعي الهادف إلى معالجة تلك الأسباب ولإنقاذ الفئات الدنيا في المجتمع من هذه الآفات وجعلها تعيش في دائرة العيش الكريم بتحويل القادرين على العمل إلى قوى منتجة تتمتع بالعمل اللائق، وغير القادرين إلى الاطمئنان إلى مظلة حماية اجتماعية تتسم بالكافية والانتظام.

ز. ضرورة أخذ الحيطة والحذر فيما يتعلق بحسن استثمار أموال الهيئة العامة لصندوق التقاعد والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بما يخدم التوازن بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي للتنمية ويصون حرمتها من التدخلات الحكومية المتعسفة في تحديد واختيار مجالات توظيفها، وبما يحقق عوائد مضمونة ومأمونة المخاطر، ويحميها من تذبذبات معدلات التضخم وأسعار الصرف، ويجعل من هذه الأموال مصدراً هاماً من مصادر النمو المحلية.  ويؤكد المنبر على استقلالية ودمج الهيئتين، مع تمثيل الدولة كطرف ضامن، وتوحيد المزايا بين المؤمن عليهم في قطاعي الدولة والخاص، وعلى أهمية رقابة حقيقية من قبل نواب الشعب والاتحاد العام لنقابات العمال على أداء هاتين المؤسستين الوطنيتين بما يضن حقوق المؤمن عليهم.

ح. ويؤكد المنبر على ضرورة امتداد مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل تفعيل قانون العمل فيما يتعلق بالضمان ضد البطالة، خصوصاً مع اشتداد توجهات الخصخصة.  ويرى بهذا الصدد أنه يجب التفريق بين التأمين ضد البطالة الممنوح للعمالة القائمة والمنتظمة في أعمالها وبين ا لأخرى المستجدة في أعمالها، من حيث استحقاق الأولى لهذا التأمين وعلى أن تتحمل الدولة وقطاع الأعمال قسطهما من هذه التغطية التأمينية، بحيث تكون مساهمة أصحاب الأعمال متناسبة طرداً مع استغنائهم عن العمالة الوطنية.  كذلك العمل على ضرورة ضمان الشيخوخة وحماية المهمشين اجتماعياً وذوي الاحتياجات الخاصة.

ط. تشريع وإنشاء نظام للضبط والرقابة خاص بأنشطة مصادر الأموال العامة المتناثرة الأخرى مثل أموال الأوقاف الجعفرية والأوقاف السنية وصندوق أموال القاصرين وصندوق الأعمال الخيرية التابع لوزارة الشؤون الإسلامية وغيرهما بما يحصر هذه الأموال ويصونها ويحدد أوجه استثمارها الآمن ويعبئها كمورد من موارد التمويل الداخلي لخدمة الاقتصاد الوطني للبلاد.

ي. الاهتمام على نحو خاص بتطوير الموارد البشرية باعتبارها أفضل وأجدى الأصول للاستثمار الطويل الأجل في ظل التغيرات النوعية التي طرأت على عناصر وأساليب الإنتاج ومتطلبات الاقتصاد الجديد.  وفي هذا الصدد يدعو المنبر الديمقراطي التقدمي إلى إصلاح جذري للتعليم والتدريب بما يحقق هذه الغايات.

ك. نظراً لما سببته السياسات السابقة من تفاوت نوعي في المعيشة ليس بين المواطنين فقط، بل والمناطق الجغرافية فإن المنبر يرى أهمية العمل على تقليص وإزالة الفوارق التنموية والخدمية بين المواطنين وبين المناطق الجغرافية دون تمييز.

6) أن تأخذ إستراتيجية التنمية بالحسبان وضع القطاع غير المنظم في الاقتصاد البحريني، الذي بات من الضروري معرفة ا لأوضاع الاقتصادية لمختلف قطاعاته كالزراعة وصيد الأسماك والحرف والمهن المختلفة والظروف الاجتماعية للعاملين في هذه القطاعات وتحديد وزنها الحقيقي في سوق العمل وفي الناتج الإجمالي المحلي، والعمل على زيادة مساهمتها فيه، وتشجيع نمط العمل التعاوني في هذه القطاعات وإسنادها من قبل الدولة بهدف الحفاظ عليها كقطاعات تقليدية ومهمة ترفد بقية قطاعات الاقتصاد الوطني، وتطويرها والحفاظ على مستوى البحرنة المرتفع بين العاملين فيها.  ويرى المنبر أهمية العمل على إزالة أسباب تعثر تجربة الجمعيات التعاونية الاستهلاكية كنمط اقتصادي يجسد أحد الأشكال الهامة للتكافل الاجتماعي، وتقديم أوجه الدعم المختلفة للارتقاء بأوضاعها الداخلية وقدراتها التنافسية، كما يقتضي الأمر شمول العاملين في هذه القطاعات بمزايا التأمينات الاجتماعية بعد التقاعد أو العجز أو الوفاة.

7)  إنهاء مختلف مظاهر الاقتصاد الموازي القائم على الكسب غير المشروع كإحدى النتائج السلبية الخطيرة لعمليات الفساد والإفساد المتفشية في أجهزة الدولة والتي تؤدي إلى خسارة خزينة الدولة لأموال طائلة من الإيرادات المفترضة، متجسدة بهذا الصدد تحديداً في خرق القوانين الخاصة بإصدار وتداول السجلات وتأشيرات العمل للعمالة الأجنبية، بما في ذلك العمالة السائبة والعمولات غير المبررة أو خارج نطاق القانون ومزاولة أعمال ومهن دون ترخيص أو تأهيل، والعمل بنظام الكفيل بالنسبة للعمالة الأجنبية كظاهرة غير حضارية، ووقف الاعتداء بهدف الاستيلاء على أراضي ومياه وممتلكات الدولة والممتلكات العامة أو استئجارها للاستثمار بأثمان بخسة خارج إطار السوق وتحت أي غطاء.

8) تحقيقاً لهدف الكفاءة والنزاهة والشفافية فيما يتعلق بأداء كبار مسئولي أجهزة الدولة، فإن المنبر الديمقراطي التقدمي يتعلق بأداء كبار مسئولي أجهزة الدولة، فإن المنبر الديمقراطي التقدمي يؤكد على ضرورة سن، والعمل بقانون إباء الذمة قبل تولي هذه المسؤوليات وبعد مغادرتها، وعلى الفصل الصارم بين الوظيفية العامة والأعمال الخاصة ووقف التداخل والتأثير المتبادل بينهما على كافة مستويات الأجهزة التنفيذية والوظيفية.

9) يشكل مجلس  التعاون لدول الخليج العربية العمق والامتداد الطبيعي للدولة والمجتمع البحرينيين بسبب الخصائص التاريخية والجغرافية التي تميز إقليم هذه المنطقة العربية.  ولذلك فإن المنبر يرى أن من الضرورة بمكان الارتقاء بمستويات التعاون التي بلغتها بلدان المنظومة الخليجية لتصل إلى درجة التكامل الخليجي في كافة مجالات النشاط الاقتصادي، بما يشمل ذلك تفعيل الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون والاتفاقيات الأخرى، وإزالة كافة الحواجز والمعوقات أمام انسياب حركة البضائع ورؤوس الأموال وقوة العمل، والتحرك بفاعلية أكبر ووتيرة زمنية أسرع فيما يتعلق بإقرار العملة الخليجية الموحدة باعتبارها منعطفاً حقيقياً مكملاً لإنجاز الاتحاد الجمركي، وفي هذا الإطار فإن هناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر بشكل جذري في واقع التجارة البينية الخليجية وفي وضع البحرين في نظام تقسيم العمل الخليجي والإقليمي.  ويرى المنبر الديمقراطي التقدمي أن تتحمل الحكومة مسئوليتها في إزالة الإجحاف الذي تواجهه المنتجات والفعاليات التجارية والصناعية من قبل بعض الدول الشقيقة، بما يعد تجاوزاً لبنود الاتفاقية الاقتصادية الموحدة ومبدأ المواطنة ا لاقتصادية الخليجية، وكذلك مبدأ المعاملة الوطنية نافذ المفعول في العلاقات الاقتصادية الدولية، مما يستدعي سن قانون يؤمن المنافسة العادلة.

وينظر المنبر إلى أن التعاون الفعال في إطار مجلس التعاون وصولاً إلى التكامل بحاجة إلى امتداداته وروابطه الإقليمية العضوية مع جيرانه في العراق واليمن وإيران في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والثقافية والبيئية والسياسية والأمنية وفي سوق العمل وغيرها، إذ تعتبر هذه المنطقة بكاملها مجالاً جغرافياً وحيوياً واحداً، إن الارتقاء بأشكال التعاون الإقليمية هذه يحسن من أوضاع منطقتنا كتكتل إقليمي في علاقاتها الاقتصادية الدولية، كما يشكل لبنة هامة على طريق تحقيق أمل بناء السوق العربية المشتركة.

10) إذا كانت العولمة بشكل عام نتاج طبيعي لتاريخ تطور وتدويل الإنتاج والأسواق وأسواق العمل، وبذلك فهي تشكل ظاهرة موضوعية، إلا أن الدول الرأسمالية المتقدمة، أو مجموعاتها، تعمل على تحوير هذا الاتجاه التاريخي الموضوعي باتجاه التعديل المستمر لتوازنات مصالحها الخاصة في شكل إعادة اقتسام العالم من جديد اقتصادياً وجيو – سياسياً، خاصة بعد غياب الاتحاد السوفياتي واشتداد التناقضات بين هذه الدول، وفي حين جعلت نزعات العولمة هذه، الأمريكية خاصة، بلداننا من بين رقعة صراعاتها تحت مسميات حرية التجارة واختراق حدود الدول الوطنية وسلطان رأس المال المالي العالمي، فإن من مصلحة شعبنا أن يناصر الحركة العالمية لشعوب العالم من أجل العولمة البديلة، التي تحتسب مصالح تطور العالم والبشرية في إجمالها بشكل تكاملي.  إن بلادنا ومنطقتنا ليست ملزمة بالانخراط العشوائي وغير المحسوب في العولمة، من خلال استسهال عملية تحرير قطاعاتنا السلعية والخدمية بصورة مجانية وغير متكافئة.  وفي ظل عضوية مملكة ا لبحرين في منظمة التجارة العالمية وارتباطها باتفاقيات ثنائية للتجارة الحرة، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأمريكية، يشدد المنبر على ضرورة دراسة أفضل السبل لضمان تكافؤ العلاقات مع تلك الدول والحصول على أقصى المنافع الوطنية المتاحة وتوظيفها لخدمة أهداف التعاون الاقتصادي والتنمية والتكامل الإقليمي، والتنسيق التام ع الدول الشقيقة الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعلى أن يلعب مجلس النواب دوره المطلوب في وضع ومراقبة تنفيذ السياسات بهذا الخصوص، كما أن من الأهمية بمكان اعتماد التعاون الاقتصادي والتجاري بين المنطقة ومختلف التكتلات الاقتصادية العالمية كالاتحاد الأوروبي واليابان والصين ومجموعة الآسيان وغيرها، خياراً اقتصادياً دولياً مكملاً لالتزاماتنا آنفة الذكر ومحققاً لمبدأ توازن المصالح في العلاقات الاقتصادية الدولية.

  خاضت الطبقة العاملة البحرينية نضالاتها منذ نشوئها في قلب صناعة النفط في الثلاثينات من القرن الماضي في شركة النفط البريطانية “بابكو”، وكان البدء الفعلي للتحركات العمالية المنظمة في عام 1938 حين خاضت الطبقة العاملة أول تحرك منظم وواع للمطالبة بحق التشكيل النقابي وتحسين ظروف وشروط العمل، ويعد هذا التحرك نقطة الانطلاق للحركة العمالية المنظمة في السنوات اللاحقة في مواجهة الاحتكارات الأجنبية البريطانية المهيمنة على اقتصاد البلاد آنذاك، وفي النضال من أجل انتزاع حق العمال في تكوين نقاباتهم للدفاع عن مصالحهم.

وتواصلت نضالات الحركة العمالية في السنوات التالية وقامت بعدة تحركات وصلت ذروتها في الأعوام 1954 – 1956 حين اندمجت مع الحركة الوطنية الديمقراطية التي قادتها هيئة الاتحاد الوطني في انتفاضة شعبية واسعة، ولعبت الطبقة العاملة دوراً هاماً في تغيير موازين القوى الطبقية لصالح الانتفاضة وقيادة الهيئة، واستطاعت في هذا المنعطف التاريخي أن تنتزع مكسباً تاريخياً هاماً هو تأسيس اتحاد العمل البحريني الذي ضم الغالبية الساحقة من العمال، وأدى في عام 1957 إلى رضوخ الحكومة بإصدار قانون العمل الذي نص بصراحة على أحقية العمال في تشكيل نقاباتهم، هذا الحدث ترك أثره البالغ، في المرحلة اللاحقة، على صعيد مواقف وتخطيط وسائل وأشكال عمل ونضال الطبقة العاملة دفاعاً عن مصالحها.

وبعد تراجع الحكومة عن تنفيذ بنود قانون العمل المتعلقة بالتشكيل النقابي اثر تصفية هيئة الاتحاد الوطني بدأت الحركة العمالية بتأسيس لجانها السرية التي تصلّب عودها واستطاعت أن تستقطب العمال إليها وإعداد كوادر عمالية جديدة أختبر معدنها وبرز دورها في الانتفاضة الجماهيرية في عام 1965 حين أقدمت شركة نفط البحرين “بابكو” على تسريح مئات من العمال في خطوة لتسريح 1500 عامل، على إثرها انطلقت انتفاضة مارس المجيدة التي شاركت فيها مختلف فئات الشعب البحريني ورفعت مطلب إعادة المفصولين والسماح بتشكيل النقابات، وقد قمعت الانتفاضة بهجمة شرسة من قبل السلطة واعتقلت القيادات العمالية والوطنية وفرضت حالة الطوارئ ودخلت البلاد في أزمة سياسية حادة.

ومع تزايد عدد العمال بدأت الحركة العمالية تعيد ترتيب أوضاعها وإعادة تنظيم نفسها في لجان عمالية سرية استعداداً للنضالات المطلبية القادمة التي لم تتأخر، حيث قامت عدة تحركات عمالية في عام 1968 لتشكيل النقابات في بعض المرافق الحكومية ومنها على وجه الخصوص إضراب عمال الكهرباء، وقد جوبهت هذه التحركات بالاعتقالات والنفي، ولم تتوقف الإضرابات العمالية بل استمرت مطالبة بحق التشكيل النقابي، وقد توجت جهود العمال بتكوين “اللجنة التأسيسية للاتحاد العام للعمال والموظفين وأصحاب المهن الحرة” التي وضعت على عاتقها مهمة العمل على إطلاق الحريات النقابية والسماح بتشكيل التنظيمات النقابية، وقد تقدمت هذه اللجنة بطلب الإشهار إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بعد أن جمعت الآلاف من تواقيع العمال والموظفين، ودخلت في مفاوضات معها لوضع أسس العمل النقابي، إلا أن الوزارة وبعد أن اتسعت القاعدة العمالية للجنة أوقفت المفاوضات معها بإيعاز من وزارة الداخلية.  وعلى إثرها أدرك العمال رفض الحكومة السماح لهم في إقامة تنظيمهم النقابي، فقاموا بتنظيم تحرك كبير في الحادي عشر من مارس 1972 استقطب مختلف فئات الشعب البحريني.  وقد حملت هذه التحركات الحكومة على الإعلان عن نيتها تشكيل مجلس تأسيسي لصياغة دستور للبلاد أعقبه إجراء انتخابات للمجلس الوطني كأول هيئة تشريعية في تاريخ البلاد في عام 1973م.

شهدت فترة الحياة النيابية القصيرة في السبعينيات قيام العمال في أربع مواقع إنتاجية بالمبادرة بتشكيل نقابتهم في عام 1974، وهي نقابة العاملين في وزارة الصحة، نقابة العاملين في “ألبا”، نقابة العاملين في الإنشاء والبناء ونقابة العاملين في إدارة الكهرباء.  إلا أن ذلك لم يدم طويلاً، حيث أقدمت السلطة على حل المجلس الوطني واعتقال معظم القيادات العمالية والوطنية ودخول البلاد حالة الطوارئ وسيادة قانون أمن الدولة الذي فرض وعلى مدى ثلاثة عقود سياسات قمعية لإسكات الأصوات المنادية بالديمقراطية وحق التشكيل النقابي.  ومن نتائج هذه السياسة تم فرض تنظيمات عمالية شكلية بقرارات وزارية وذلك لغرض تثبيتها كبديل عن النقابات العمالية وتمييع نضال الطبقة العاملة البحرينية، إلا أن الحركة العمالية وتكيفا مع هذه الظروف انتقلت إلى العمل السري لمواصلة نضالها تحت راية “لجنة التنسيق بين اللجان والنقابات العمالية” والأطر العمالية السرية الأخرى.

أتاحت مرحلة الإصلاح إمكانية صدور قانون النقابات العمالية بمرسوم رقم (33) الصادر في 24 ديسمبر 2002 واعتبار الأول من مايو إجازة رسمية تعطّل فيها جميع الوزارات وإدارات الحكومة والشركات الخاصة للاحتفال بعيد العمال العالمي، وهذه مكاسب عمالية تحققت بفضل نضال الطبقة العاملة والحركة العمالية طوال العقود السبعة الماضية، مما يطرح على الحركة العمالية مهمة صيانة هذه المكاسب وتعميقها والعمل من أجل دعم الحركة النقابية لتأخذ دورها في حل المشكلات المتراكمة خلال العقود الثلاثة الماضية خاصة البطالة المتفاقمة والفقر الذي تعاني منه جماهير العمال وتدني الحماية الاجتماعية، وإحداث التغييرات الإيجابية المتصلة بالجوانب المادية والمعيشية والسكنية والصحية والنفسية في حياة جماهير الشغلية عامةً، وإيجاد قانون شامل للضمان الاجتماعي وقانون الحد الأدنى للأجور.

يرى المنبر بأن من أهم مسئوليات ومهام الحركة العمالية تتمثل في التالي:

1. الدفاع عن حقوق العمال الشغلية ضد أي شكل من أشكال الظلم والاستغلال.

2. النضال من أجل سن القوانين التي تقر حرية التنظيم النقابي في مختلف مواقع العمال سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص.

3. توسيع صفوف الحركة العمالية وتوحيدها على أسس ديمقراطية بما يضمن استقلالية النقابات العمالية وحرية التنظيم النقابي، وإجراء

    انتخابات ديمقراطية لكافة الهيئات القيادية في النقابات.

4. النضال من خلال النقابات العمالية لتثبيت سياسة اقتصادية، توفر الموارد اللازمة للتنمية الاقتصادية المستدامة، وإيجاد فرص عمل جديدة

    واستيعاب العاطلين عن العمل.

5. النضال من أجل أن تكون النقابات طرفاً أساسياً في وضع السياسات الاجتماعية والاقتصادية.

6. العمل من أجل تحسين إنتاجية العمل عن طريق تحديد حد أدنى للأجور يضمن العيش الكريم، ويتناسب مع متطلبات الحياة وغلاء المعيشة

    ومتابعة مستوى الأجور وأوضاع العاملين والشغيلة بشكل دوري ومنتظم.

7. العمل من أجل مساواة الأجر بين الرجل والمرأة لقاء العمل المتساوي دون تمييز.

8. منع تشغيل الأحداث تحت أية ظروف ومعاقبة المخالفين.

9. سن القوانين اللازمة للتعويض عن البطالة وتطبيق نظام للضمان الاجتماعي يضمن حقوق مختلف فئات الشغيلة والموظفين أثناء العمل أو

    بعد مدة انتهاء الخدمة.

الحركة النقابية

ينظر المنبر إلى الحركة النقابية بصفتها العمود الفقري للحركة العمالية، والأداة الأساسية لتوحيد صفوف العاملين في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية.  لذا فإن “أهداف الحركة النقابية  ومهامها ومسئولياتها وواجباتها هي مهام وواجبات الحركة العمالية بشكل عام والتي تتمثل في المرحلة الحالية في الآتي:

أ – دعم وحدة الحركة النقابية البحرينية من خلال إطارها النقابي: الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، والعمل على تكريس التقاليد الديمقراطية في أداء قيادة الاتحاد وهياكله التنظيمية المختلفة، وإشاعة أعراف العمل النقابي الصحيحة التي تضمن استقلالية الإتحاد وفعالية أدائه.

ب – العمل على تطوير قانون النقابات العمالية وإصدار قانون النقابات المهنية، وتفعيل تلك القوانين في الحياة العملية وتطبيقها في جميع الشركات والمؤسسات والوزارات وغيرها من المرافق الخاصة والحكومية بحيث يصبح حق تشكيل النقابات مكفولاً للجميع بدون استثناء، كما نصت عليه المادة 27 من الدستور والبند الخامس من الفصل الأول من ميثاق العمل الوطني، والعمل على إصدار قانون عمل جديد يتناسب والظروف الجديدة.

ج – دعم الحركة النقابية من اجل إيجاد قانون موّحد لصندوقي التقاعد والتأمينات الاجتماعية. إذ يرى المنبر أنه لا يجوز التفريق والتمييز بين المواطنين العاملين في القطاع الخاص والقطاع العام، ويجب ان يتساوى جميع المواطنين في معاشات التقاعد، وأن يتوّفر للجميع نظام شامل للنظام الاجتماعي يحقق للعمال ضماناً ضد العجز الكلي والجزئي والشيخوخة والبطالة، وضمانات لحماية الأمومة والطفولة وغيرها.  ويرى المنبر إن توحيد تلك القوانين والضمانات ضرورة تقتضيها راحة المواطنين واستقرارهم النفسي والعائلي.

د – نظراً لأن لأزمة البطالة انعكاسات غير مباشرة على سرعة تدني الأجور وهبوطها وتدهور الحياة المعيشية للعمال وزيادة شدة العمل عليهم في ظروف وشروط عمل مهنية، ولأنها ظاهرة مرشحة للاتساع خاصة بعد تنفيذ بنود اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وما تفرضه من سياسات اقتصادية تهدف إلى خصخصة المشاريع العامة وإعادة الهيكلة التي ستؤدي بشكل حتمي للاستغناء عن الكثير من الأيدي العاملة الوطنية وبالتالي زيادة حدة البطالة.  لذا فإن المنبر يرى بأن مواجهة هذه المشكلة تتطلب تضافر الجهود الصادقة لوضع حلول جذرية للتخفيف منها، وتتحمل السلطة التنفيذية الجزء الأكبر من هذه المسئولية بالشراكة مع المؤسسة التشريعية ومنظمات المجتمع المدني وفي مقدمتهما النقابات العمالية لوضع إستراتيجية وطنية شاملة وخطة عملية مدروسة تضع في الحسبان تحقيق المسائل التالية:

1 . خلق جهاز توظيف عملي وجاد بوزارة العمل والشئون الاجتماعية بعيداً عن العمل البيروقراطي والدعائي.

2 . تفعيل قانون التامين ضد البطالة وقانون الضمان الاجتماعي.

3 . تحسين مخرجات التعليم وخلق مراكز التدريب المهنية بشكل يلبّي حاجة السوق.

هاء – معالجة موضوع العمالة الأجنبية بواقعية وبروح المسئولية بعيداً عن النظرة الشوفينية، وأن تعتبر مسألة حقوق العمال الأجانب من الثوابت التي ترتكز عليها مهمة بناء حركة نقابية قوية ومتماسكة مسلحة بوعي نقابي يستند إلى الحقوق العالمية التي كفلتها المواثيق والمعاهدات الدولية والتي تؤكد على عدم التمييز بين العمال بغض النظر عن جنسهم ومعتقداتهم وأفكارهم ومذاهبهم وجنسياتهم.

و – تفعيل دور المرأة في المنظمات النقابية لما لذلك من مردودات إيجابية في التنمية والإنتاج، وذلك على أساس المساواة التامة وعدم التمييز بينها وبين العامل. والمنبر يؤكد إن استقرار وضع المرأة في العمل سواءً من الناحية النفسية أو الوظيفية سوف يكون العامل المكمّل لنيل المرأة حقوقها كاملةّ دون انتقاص، وداعماً لأركان الكيان النقابي بما يسهم في تطوير الحركة النقابية في البحرين.

ح – ضرورة إقامة معهد للثقافة العمالية بالتعاون مع المنظمات المهنية والاجتماعية والسياسية، وبدعم من الجهات الحكومية ومؤازرة وتشجيع من أصحاب الأعمال.

أولا: قضايا المرأة

لعبت المرأة البحرينية طوال المسيرة النضالية لشعبنا دوراً هاماً، وتحملت جنباً إلى جنب مع الرجل أعباء هذا النضال ومسؤولياته.  إلا أن الواقع الراهن لوضع المرأة لا يزال يتسم باستمرار التمييز ضدها، ولا يضمن لها حقوقها الاجتماعية والسياسية. إن المنبر الديمقراطي إذ يعمل على تطوير آليات مشاركة عضواته من النساء في أنشطته المختلفة واستقطاب المزيد من النساء إلى صفوفه، وصياغة خطط وبرامج بغية تحقيق هذا الهدف، فإنه يساند نضال المرأة في سبيل مساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات، ووقف مختلف أشكال الاضطهاد والتمييز، من خلال تحقيق الأهداف التالية:

1 . الالتزام باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ورفع تحفظات مملكة البحرين على بنود هذه الاتفاقية.

2 . ضرورة الإسراع بسن قانون موحد للأحوال الشخصية ينصف المرأة ويمنحها كافة حقوقها، وينطلق من المعايير المرعية دولياً.

3 . اعتبار العنف ضد النساء جريمة يعاقب  عليها القانون وخرقاً لحقوق الإنسان، وتأمين شروط ومستلزمات وملاحقة مرتكبيها قضائياً.

4 . دعم مطالب النساء العاملات لرفع أجورهن وتحسين ظروف عملهن وضمان حقهن في الأجر المتساوي مع الرجل، وتشجيع انخراطهن  في الحركة النقابية.  

5 . تأمين إجازات الأمومة مدفوعة الأجر في حالة الولادة، وبما لا يقل عن ثلاثة شهور، بالإضافة إلى إجازة بدون مرتب لغاية عام.

6 . حظر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو إجازة الأمومة وفرض جزاءات على المؤسسات والشركات التي لا تلتزم بذلك.

7 . توسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية، واعتماد نظام الحصة الانتخابية للنساء (الكوتا) بصفته تدبيراً مؤقتاً يؤمن للمرأة إمكانية التمثيل ف ي المجالس البلدية ومجلس النواب، والعمل في سبيل توسيع مساهمة المرأة في المؤسسات المهنية والثقافية وهيئات المجتمع المدني  عامة.

8 . وضع البرامج الخاصة بنشاطات المرأة ورفع مستواها الثقافي وفي مجال التوعية بحقوق المرأة وتدريب وتأهيل قيادات نسائية شابة       لتبوء مناصب قيادية.

9 . دعم جهود الجمعيات النسائية من أجل إشهار الإتحاد النسائي البحريني ليصبح مؤسسة فعالة تدافع عن قضايا المرأة وحقوقها ومشاركتها السياسية.

10 . وضع إستراتيجية بعيدة المدى في تنمية النساء، والقضاء على الأمية في صفوفهن وتعميم الخدمات الضرورية اللازمة لإدماجهن في الحياة العامة.

11 . تعزيز العلاقات وأواصر التعاون بين الهيئات والمؤسسات النسائية المحلية وبين المنظمات النسائية الخليجية والعربية والدولية بما يخدم الأهداف المشتركة لنضال النساء.
 
ثانياً:  قضايا الطفولة

 
يعاني الأطفال والأحداث في البحرين من نتائج السياسة العامة التي سادت على مدى العقود السابقة ممثلة في ظواهر خطيرة تفاقمت بسبب غياب الإصلاح كانتشار المخدرات والجريمة في صفوفهم، واتساع عمل الأطفال في ظروف بالغة السوء والمهانة، وانسداد آفاق التعليم والعمل والخدمات الثقافية والاجتماعية في وجوههم.

إن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو وسعادة جميع أفرادها وبخاصة الأطفال، مما يتطلب ان تولى الحماية والمساعدة اللازمتان لها كي تتمكن من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها داخل المجتمع، ويرى المنبر أنه ينبغي تربية الأطفال بروح المثل والقيم الإنسانية السامية وخصوصا السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والإخاء، لذا فإنه يعمل على تحقيق الأهداف التالية:

1 . تحسين خدمات المناطق والأحياء والقرى الفقيرة عبر المشاريع الاقتصادية والتعليمية والثقافية المترابطة، بما ينعكس إيجابياً على  أوضاع الأسرة والطفل.

2 . إصدار قانون للتعليم الإلزامي للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.

3 . تطوير جهود وزارة التربية والتعليم في مكافحة الأمية وتحويلها إلى حملة شعبية مستمرة.

4 . إنشاء مراكز ثقافية متعددة للطفولة والناشئة، وبرامج رعاية الأطفال المبدعين.

5 . توفير المساعدة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بإنشاء معاهد خاصة تؤمن لهم التعليم والتدريب، وخدمات الرعاية الصحية، وخدمات التأهيل، والإعداد لممارسة مهنة، والفرص الترفيهية بصورة تؤدي إلى تحقيق الاندماج الاجتماعي للطفل ذي الحاجات الخاصة ونموه الفردي، بما في ذلك نموه الثقافي والروحي.

6 . تعميم رياض الأطفال و دعم جهود الجهات الأهلية المختلفة في نشر رياض الأطفال في كل مناطق وأحياء المملكة.

7 . سن تشريع يمنع عمل الأحداث ويفرض جزاءات على أرباب العمل الذين لا يلتزمون بذلك.

8 . سن تشريعات لحماية حقوق الطفل في المجالات المختلفة بما ينسجم والاتفاقيات والمعايير الدولية المرعية.
9 . نشر ثقافة الطفل في مجلات الأدب والمسرح والتلفزيون وسواها ودعم جهود الكتاب والفنانين في تطوير الإبداع الأدبي والفني الموجه   للطفل .

يعد المجتمع البحريني مجتمعاً فتياً يشكل الشباب ممن هم تحت الثلاثين من العمر الغالبية الساحقة من أفراده، ويؤمن المنبر بأن كفاح حركة الشباب والطلبة في البحرين شكل على الدوام جزءً حيوياً مع كفاح الحركة الوطنية والتقدمية في البلاد، وكانت مطالبها، هي مطالب الشعب، كما كان الشباب هم القوة العددية الحاسمة في كافة أشكال ومظاهر النضال التي خاضها شعبا.

بدأ التعليم الرسمي في البلاد في عام 1919 حين افتتحت أول مدرسة للبنين، وفي عام 1928 تم افتتاح أول مدرسة للبنات، وفي الخمسينات ازداد عدد المدارس الحكومية في المدن والقرى، وتطور الوعي الاجتماعي والوطني للطلبة، وازداد عدد الطلبة الدارسين في خارج البلاد، وتم في بيروت في عام 1945 تأسيس أول حلقة طلابية، كانت بمثابة أول تجمع طلابي بحريني وتم بعدها بعقد من الزمن، في عام 1955 تأسيس العديد من الروابط في عواصم عربية وأجنبية مختلفة، وقد تتوج قيام التنسيق بين هذه الروابط بتأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج في 25 فبراير عام 1972، ليكون أداتهم النقابية الموحدة.  أما في داخل البلاد فقد تأسس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الداخل في 16 مارس 1968، ونشط هذا الاتحاد بصورة سرية في صفوف طلبة الثانويات والمراحل الدراسية الأخرى، وكان يصدر نشرةً سرية باسم “صوت الطلبة” التي طرحت العديد من قضايا وهموم الطلبة ومشاكل النظام التعليمي.  وفي عام 1974م وضمن توجه لبناء منظمة لبناء منظمة شبابية جماهيرية ديمقراطية قوية تم دمج هذه الاتحاد مع شبيبة جبهة التحرير، لينشأ في نتيجة ذلك اتحاد الشباب الديمقراطي البحراني “اشدب”. وفي فترات لاحقة أبان فترة القمع والإرهاب في ظل قانون أمن الدولة تأسست العديد من اللجان الطلابية السرية في الداخل تحت راية “أشدب” وتوجيهه.

ومنذ الانفراج السياسي في فبراير عام 2001، تبذل عدة محاولات من الطلبة لتأسيس اتحاد طلابي، والتغلب على الصعاب والعراقيل التي تعيق إنجاز هذه المهمة.  ويرى المنبر الديمقراطي ضرورة الاستفادة من تجربة الاتحاد الوطني لطلبة البحرين في الخارج، على أن يتشكل اتحاد على أسس وطنية يضم كل الاتجاهات والأطراف الوطنية والاجتماعية في الجامعة، ويأخذ بالحسبان التنوع والتعدد في المجتمع، ويبتعد عن الطائفية والمذهبية والعرقية، وأن تتشكل له فروع في خارج الوطن حتى يحقق النجاحات والمكتسبات للطلبة جميعاً.  وأن يتأسس اتحاد آخر لطلبة الثانوية، بعد أن تجري انتخابات فرعية في المدارس الثانوية للبنات والبنين لاختيار مجالس طلابية فيها ومن ثم الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي لانتخاب اتحاد عام لطلبة الثانوية

وفي هذا المجال فإن المنبر الديمقراطي التقديمي يناضل من اجل تحقيق الأهداف التالية:

1 . خلق جيل من الشباب الوطني الواعي، يستلهم تراث شعبنا الكفاحي، ينبذ الطائفية والفئوية، وتأسيس حركة شبابية وطنية ديمقراطية عبر

     تشجيع قيام المنظمات والتجمعات الشبابية.

2 . تامين التعليم الجامعي المجاني للشباب، وتوفير فرص العمل للخرجين والعاطلين من الشباب البحريني تأمين ضمان اجتماعي مجزي

     ضد البطالة، وتوفير السكن اللائق وتقديم المساعدة لهم من خلال التسهيلات والقروض الحكومية والميسرة.

3 . نشر الثقافة والمعرفة الإنسانية في صفوف الشباب، وتشجيع المبدعين من الشباب على العطاء في مجالات الإبداع الأدبي والفني

     المتنوعة: القصة، الشعر، الموسيقى، المسرح، وتطوير قدراتهم الذهنية والإبداعية.

4 . تعديل سن الانتخاب للمجالس البلدية ومجلس النواب ليصبح ثمانية عشر عاماً للجنسين.

5 . محاربة تجار المخدرات والدعارة الذين ينشرون سمومهم في صفوف الشباب، ويتسببون في مظاهر الانحلال الأخلاقي وضياع مستقبل

     العديد من أبناء الجيل الجديد، وذلك عبر سن تشريعات رادعة لمن يروج هذه الظواهر.

6 . تشجيع ودعم تأسيس مجلات وصحف متخصصة في شؤون الشباب، وتطوير المبادرات الإيجابية والهادفة لجيل الشباب في المجالات

     والميادين المختلفة.

7 . الاهتمام بالتربية البدنية للجيل الجديد عبر تطوير البنية الأساسية للأنشطة الرياضية المختلفة، وتوفير الرعاية والدعم المادي والمعنوي

     للأندية الرياضية، والعناية بأبطال الرياضة من أبناء الوطن وتأمين تفرغهم بما يحقق العيش الكريم لهم ولأسرتهم.

8 . وضع البرامج الخاصة بالشباب وتدريب وتأهيل قيادات شابة لتبوء مناصب قيادية.

9 . إيجاد آليات مرنة، وتوفير الإمكانيات الضرورية لوضع الإستراتيجية الوطنية للشباب التي أشرفت عليها الأمم المتحدة موضع التطبيق،

     ومراجعة ذلك بين فترة وأخرى لتقييم النتائج وتصحيح الأخطاء التي تكشف عنها الممارسة.

التعليم هو أحد الأعمدة الأساس في بناء المجتمعات وتنميتها، وله دور كبير في صياغة مستقبلها وتحقيق أوجه تقدمها الاقتصادي والسياسي والحضاري، وتزداد أهمية هذا التعليم في عصرنا بوصفه عصر المعرفة والمعلومات.

ويلعب التعليم دوراً محورياً في التأثير على مستوى تطور وتنمية المجتمع البحريني كونه مجتمعاً شبابياً.  كما أن للتعليم دور في تربية وتثقيف الأجيال وفي إنتاج الوعي والثقافة.  هذا بالإضافة لما كان للتعليم من أثر في رفد الحركة الاجتماعية والديمقراطية بالزخم الشبابي منذ مطالع القرن العشرين، ودوره المنتظر في التطور الديمقراطي اللاحق للمجتمع.

لقد شهدت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الفائت تطورات كبيرة في قطاع التربية والتعليم.  فقد تنوع التعليم ونما مستواه المدرسي والجامعي.  وجرى توسع في أعداد الطلبة والمدارس والمعلمين.  كما جرت محاولات لربط التعليم بالاقتصاد الوطني واحتياجات السوق.  وطرحت العديد من المشاريع التربوية التحديثية الكبرى على الساحة التعليمية كمشاريع تطوير مستوى ومحتوى المناهج التعليمية وطرق التدريس وتأهيل المعلم وتطوير الإدارة والبيئة المدرسية.

إلا أن مشكلات محورية تعيق التعليم عن أداء دوره الهام في تخريج أجيال شابة مسلحة بالتخصص العلمي والوعي الوطني والفكري والثقافي، مؤهلة لتحمل المسئوليات في مجتمعها وقادرة على مواكبة معطيات عصرها. كما لم يتمكن التعليم من تقديم بديل وطني للعمالة الأجنبية ولفئات مهنية أجنبية ذات سيطرة متوسطة العليا في بعض فروع الاقتصاد الوطني.

ومن جانب آخر تركت ظروف الوضع السياسي ما قبل المشروع الإصلاحي بصماتها الثقيلة على العملية التعليمية برمتها.  وأحدثت سياسات الخصخصة غير المدروسة في التعليم فجوة واضحة بين نظامي التعليم الحكومي والخاص سببت انقساماً في العملية التعليمية الوطنية.

وانطلاقاً من الإيمان بالدور المحوري للتعليم في تحقيق تطور المجتمع وتقدمة، وبناء على معطيات واقعه الراهن وإشكالاته،

يطرح المنبر الديمقراطي التقدمي رؤيته الهادفة لتحقيق النقلة التحديثية المطلوبة في التربية والتعليم بمملكة البحرين من خلال الخطوط العريضة التالية:
 
1 . صياغة التوجهات الأساسية للتعليم وأهدافه بما يتلاءم ومسار التحول الديمقراطي في
      مجتمعنا.
 
2 . ارتكاز خطط التربية والتعليم في المملكة على الدعائم الأربعة المعنية بالتربية للقرن
     الواحد والعشرين الصادرة عن اليونسكو عام 1996.
 
3 . اعتماد مبدأ الدراسة والتخطيط والتقويم للمشاريع التربوية المستجدة قبل التنفيذ
     وخلاله وبعده.
 
4 . تطوير المؤسسة المدرسية من خلال:
 
–   تقليص عدد المتعلمين في الصفوف. 
–   زيادة عدد المدارس والمعلمين والطواقم الفنية والإدارية المتخصصة.
–   التوسع في تجهيز المدارس بأحد الأجهزة والمواد العلمية والمختبرات ومراكز
مصادر التعلم وتفعيلها.
–   توظيف التقنيات التربوية الحديثة في التعليم والتعلم.
–   تطوير البيئة والمنشأة المدرسية بما يخدم العملية التعليمية التعليمة.
 
5 . تطوير المناهج التعليمية من خلال:

 
–   تحريرها من الحشو والتضخم.
–   مواكبتها لثورة الاتصالات وتدفق المعلومات واغنائها بتوظيف التقنيات التربوية
    المتطورة.
–   ربط محتواها باحتياجات تطوير الاقتصاد الوطني وسوق العمل.
–   ربطها باتجاهات التحول الديمقراطي للمجتمع بتفعيل تدريس مقررات المواطنة
     وحقوق الإنسان والنظام السياسي.
–   تحسين صورة المرأة البحرينية في المناهج وإبراز دورها المتكافئ في المشاركة
     والتنمية.
 
6 .  تحديث طرق التدريس بما يتلاءم واحتياجات المتعلمين ومعطيات ثورة المعلومات
     والاتصالات،  ومنح الطالب دوراً محورياً في العملية التعليمية التعلمية  بالتحول
    لاستراتيجيات التعلم الذاتي والابتعاد عن طرق التلقين والحفظ. بالإضافة للتفاعل مع
     طرق التدريس المستجدة عالمياً وعربياً.
 
7 .  اعتماد منهجيات التفكير العلمي التحليلي في تعليم وتطوير التربية الإبداعية
      للمتعلمين.
 
8 .  منح العناية التربوية والتعليمية الأزمة لذوي الاحتياجات الخاصة من المتعلمين.
 
9 .  تنشئة المواطن الحر المسئول بغرس قيم إبداء الرأي والنقد واتخاذ القرار واحترام
      العمل والوقت وتحمل المسئولية نحو الذات والآخر والبيئة.
10 . منح الاهتمام الخاص بتدريس تاريخ البحرين السياسي الاجتماعي والثقافي في كل
       من التعليم العام والخاص، مع إبراز دور الشعب البحريني وقواه وأجياله المتعاقبة
       في صناعة ذلك التاريخ.
 
11 . تقوية التواصل بين البيت والمدرسة لتحقيق الانسجام اللازم بين المؤسستين
       التربويتين الأساس في المجتمع وتفعيل دور مجلس الآباء.
 
12 . تنشئة أجيال تؤمن بالعمل الوطني والتطوعي بمشاركة المؤسسات التعليمية في
       العمل الاجتماعي وخدمة المجتمع.
 
13 . ايلاء التعليم الصناعي والمهني والعلمي مكانة مركزية في النظام التعليمي بالمملكة
       والتوسع في المدارس و المعاهد التقنية.
 
14 . تطوير الإشراف على التعليم الخاص المدرسي والجامعي بما يضمن التزامه بمفاهيم
       وقيم الانتماء والمواطنة تحقيقاً لتجانس المسار الوطني في التعليمين، وبما يحول
       دون غلبة الطابع التجاري على مؤسسات التعليم الخاص.
 
15 . تمهين التعليم من خلال:
 
–   العناية الفائقة بترشيح واختيار المعلم الكفء. 
–   تأهيل وإعادة تأهيل المعلم مهنياً وتقنياً بشكل مستمر على مدى سنوات خدمته. 
–   تمكين المعلم من تحقيق ذاته مهنياً بمنحه دوراً ورأياً فاعلاً ومشاركة في صنع القرار
    التعليمي.
–   الاهتمام بأوضاع المعلمين وتحسين مستوى معيشتهم.
–   ضمان تكافؤ الفرص والأخذ بمعيار الكفاءة في التعيين ومنح الحوافز والترقيات
    للمعلمين.
 
16 . ايلاء التعليم الجامعي الاهتمام اللازم من خلال:
 
–   ضمان الالتحاق بالتعليم الجامعي المجاني لكافة المتفوقين وأبناء الطبقات الفقيرة
    ومحدودة الدخل.
–   ضمان تكافؤ الفرص والأخذ بمعيار الكفاءة في قبول الطلبة وفي تعيين الهيئات
    الأكاديمية والتعليمية بالجامعة الوطنية.
–   تبؤ الجامعة الوطنية لدورها التنويري في الحياة الفكرية والثقافية والحضارية
     بالمجتمع.
–   ضمان استقلالية التعليم الجامعي وتوفير فرص البحث العلمي وحريته.
–   تطوير النظم الأكاديمية وفقاً للمستجدات العلمية العمالية وللتحويلات الديمقراطية في
    المملكة.
–   طرح التخصصات العلمية الملائمة لاحتياجات الاقتصاد الوطني وسوق العمل.
 
17.  مواصلة الجهود من اجل القضاء على الأمية اللغوية والثقافية والتقنية في المجتمع البحريني.
 
18 . تطوير تعليم الكبار وتلبية احتياجات التعليم المستمر وتأهيل المواطن مدى الحياة.
 
19 . إرساء الممارسة الديمقراطية في العملية التعليمية وإدارتها من خلال:
 
–   الاستقلالية الحقيقية للجامعات والمعاهد الوطنية واللامركزية في عمل المدارس بتفعيل
     نظام المدرسة كوحدة تربوية مستقلة.
–   توسيع نظام مشاركة المعلم والطالب في صنع القرار التعليمي من خلال نقابة المعلمين
     واتحادات الطلبة الممثلة لجميع المعلمين والطلبة والمدافعة عن حقوقهم، إلى جانب
     تفعيل دور المجلس الإداري بالمدارس وجالس الطلبة بالمدارس والجامعات.
–   إشراك مؤسسات المجتمع المدني في مناقشة السياسة والخطط التعليمية قبل طرحها
     وأثناء وبعد تنفيذها.
–   اعتماد الشفافية في إمداد المهتمين بالبيانات والإحصاءات المتعلقة بالتعليم.
–   تنظيم الدورات وورش العمل التدريبية للمعلمين والإداريين في موضوعات الممارسة
    الديمقراطية .

تعرف الصحة على أنها ليست مجرد الخلو من العاهات والمرض، بل هي حالة من المعافاة الكاملة جسمياً ونفسياً واجتماعياً وروحياً.  فالصحة مرتكز أساسي من مرتكزات التنمية في أي مجتمع، وأحد أهدافها الرئيسية.  فمجتمع لا يتمتع أفراده بمستوى صحي جيد لا يتحل على الإنتاجية الضرورية لإنجاز التنمية الشاملة المطلوبة.

وهذا يتطلب التصدي للعوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر سلباً على صحة المواطن وتتأثر بها في آن واحد.  ويأتي على رأس هذه العوامل آفتاً الفقر والبطالة اللتان يمكن لهما أن تهددا حياة الفرد وصحته، مما يزيد من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للفرد ولأسرته.  ولقد كفل الدستور البحريني وفق المادة الثامنة منه الحق لكل مواطن في التمتع بالرعاية الصحية الشاملة، وألزم الحكومة بضمان هذا الحق لكل أفراد المجتمع دون تمييز. كما نص ميثاق العمل الوطني في البند السادس من الفصل الأول على مسؤولية الدولة في ضمان عدم تعرض المواطن للأخطار المالية بسبب الشيخوخة أو العجز أو المرض.  وهنا تبرز أهمية الموائمة بين المستوى الصحي والعدالة الاجتماعية، إذ أن التوزيع غير العادل للثورة يحدث تمايزا في مستوى الصحة بين الأفراد.

 

وعليه، فان المنبر الديمقراطي التقدمي يولى اهتماماً كبيراً لموضوع الصحة ويسعى من اجل تحقيق الأهداف التالية في هذا المجال: 

 

  1. حماية حق المواطن في التمتع بمستوى صحي راقي وتوفير الخدمات الصحية عالية الجودة.

  2. الفساد المالي والإداري في الحقل الصحي، وإلغاء التمييز بين المواطنين في الحصول على الخدمات الصحية.

  3. المطالبة بسن التشريعات والقوانين والتصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية صحة الفرد والمجتمع.

  4. المطالبة بوضع نظام صحي مخطط على أساس علمي مسنود بالقرائن، ووضع الإستراتيجيات التي تستجيب لحاجات المواطنين الصحية وتلبي طموحاتهم.

  5. الاهتمام بتدريب الكوادر في مجال الطب والخدمات المساندة، وإتباع الشفافية في الترقي ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب بعيداً عن المحسوبية والتمييز.

  6. إدراج البرامج الصحية ضمن الخطط التنموية الشاملة وتخصيص الموارد اللازمة للنهوض بالمستوى الصحي للمواطنين والمجتمع.
    وضع خطط وبرامج لتأهيل ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوجيه الجهود لتقديم الدعم اللازم لهم وتطوير قدراتهم السلوكية والنفسية والجسدية، وتأمين سبل العيش الكريم لهم.

  7. توفير الرعاية والاهتمام بالفئات الأكثر عرضة للأمراض و المخاطر المسببة لها مثل المسنين والأطفال وإقامة دور رعاية لهم.

  8. المطالبة بانتهاج نظام الرقابة على البيئة المهنية وصحة العاملين في المصانع والمعامل والمؤسسات الصناعية وما شابهها لضمان السلامة الصحية لهم.

  9. إتباع مبدأ الشفافية في توفير المعلومات حول ما يتعلق بالصحة وتزويد المواطنين بها.

الثقافة حسب تعريف منظمة “اليونسكو” هي جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمع بعينه، وفئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان، ونظم القيم والتقاليد والعادات، وهي بالتالي لا تقتصر على التعابير والمنجزات والمفاهيم والقيم الأدبية والفنية والعلمية، وإنما تمتد لتشمل كل المضامين الفكرية والعلمية والوجدانية والقيمية في مختلف مجالات وظواهر السلوك الاجتماعي.

تشكل الثقافة ركنا من أركان بناء الوطن وأعمدته.  وكان للثقافة الوطنية في البحرين دور مهم في صياغة هوية المجتمع، بوصف هذه الثقافة تلك المظلة الواسعة من الرموز والأفكار والإبداعات والتقاليد والحرف.  وأدت التطورات الاجتماعية الحاسمة في المجتمع البحريني مع انتشار التعليم وتصاعد نفوذ الحركة الوطنية إلى بروز حركة ثقافية ديمقراطية في مجالات الإبداع المختلفة، قدمت العديد من الأسماء والمواهب البارزة التي ذاع صيتها داخل الوطن وخارجه.  وقد عانت الثقافة البحرينية طوال العقود السابقة من عمليات التهميش والعزل نظراً لارتباطها بالنضال الوطني والاجتماعي، بحيث قاد ذلك التهميش إلى مشكلات عميقة في حقول الآداب والفنون والإعلام.

وفي ظروف التحول نحو الديمقراطية الناشئة اليوم في البلاد، فإن الثقافة يجب أن تلعب دوراً حيوياً في خلق أنماط وعي وسلوك جديدة، إذا ما توفرت لذلك شروطه التي يناضل المنبر الديمقراطي في سبيلها وتتمثل بدرجة أساسية في:


أولاً: على الصعيد الثقافي

  1. إدخال مفهوم التنمية الثقافية في العمل الأجهزة الرسمية والإدارية ومؤسسات المجتمع المدني بالشئون الثقافية والتربوية، والعمل على فصل الجهاز الرسمي المعني بالثقافة عن وزارة الإعلام، من خلال تشكيل هيئة مستقلة للثقافة والتراث الوطني، تحتضن كافة الاتجاهات والطاقات الثقافية والإبداعية في المجتمع، وتعنى بشئون التنمية الثقافية من أوجهها المختلفة.
  2. صياغة إستراتيجية ثقافية شاملة تشمل تشييد مرافق بنية تحتية للثقافة من مسارح ودور سينما ومراكز ثقافية للأطفال والناشئة في مختلف محافظات ومناطق المملكة تهيئ الخدمات الثقافية الضرورية.
  3. وضع سياسة لحماية الآثار الوطنية وتحويلها إلى أماكن جذب سياحي وتعريف الأجيال الجدية من التلاميذ والطلبة على تاريخ بلادهم، والتوسع في بناء متاحف متخصصة، بما فيها المتاحف التعليمية، ووقف التعديلات على المواقع الأثرية الكثيرة التي تزخر بها أراضي البحرين من قبل المستنفذين وسماسرة الأراضي والمتاجرين فيها واستعادة الأراضي التي تم السطو عليها.
  4. تنظيم مهرجانات ومسابقات ثقافية دورية في مجالات الإبداع الفني والثقافي والعناية بتشجيع حركة النشر المحلي ودعم المبدعين والكتاب في طباعة وتوزيع نتاجاتهم الإبداعية وكتبهم.
  5. رفع  الحواجز والقيود عن كافة الأنشطة الفكرية والإبداعية وإعطاء المبدعين من  أدباء وفنانين ومثقفين المكانة التي يستحقونها عبر نشر نتاجاتهم محلياً وعربياً وعالمياً. وتطوير مقراتهم، وضمان حق جمعياتهم ونقاباتهم في تشكيل الوفود لحضور المؤتمرات والمهرجانات والندوات والمعارض التي تشارك بها مملكة البحرين في الخارج.
  6. صوغ علاقة جديدة للموقف من الموروث الشعبي، بهدف إعادة توظيف ما ينطوي عليه هذه الموروث من عناصر وقيم إيجابية وفق رؤية عصرية لإثراء الثقافة المعاصرة، وإنضاجاً للشخصية الوطنية وتجليسها على متكأ راسخ في البيئة المحلية  وفي التاريخ، ويشمل ذلك تأمين شروط العناية بالفنون الشعبية، بإنشاء دور حديثة متكاملة للفرق المعنية بهذا النوع من الفنون، وحفظ التراث الإبداعي الشعبي ودعم جهود جمعه وتدوينه، وتدريسه في الجامعات والمدارس.
  7. تطوير ثقافة الطفل، وتقديم المواد الإنسانية لثقافته والخالية من العنف والقيم العنصرية والخرافة والكراهية.


ثانياً: على الصعيد الإعلامي

  1. صوغ سياسة إعلامية جديدة ترمي إلى تعزيز الثقافة الوطنية وتمكين القوى السياسية والاجتماعية من الاستفادة من الأجهزة الإعلامية المختلفة في طرح آرائها ومواقفها بما يعكس التعددية السياسية والاجتماعية في البلاد.
  2. ضرورة العمل لمنع احتكار التلفزيون والقناة الفضائية البحرينية للنشاط الرسمي فقط، وإعطاء تيارات المجتمع المختلفة والمبدعين والمثقفين حقوق المشاركة في مختلف أنواع البرامج والمساهمات الفكرية والسياسية.
  3. العمل من أجل حرية البث الإذاعي والتلفزيوني وإنشاء قنوات فضائية مستقلة.
  4. العمل من أجل حرية الثقافة بإلغاء قوانين النشر التي تتيح  الحكومة التدخل في تعيين رؤساء التحرير وفي تقييد النشر، والعمل من أجل إطلاق حرية إصدار المطبوعات المختلفة، وحق التنظيمات السياسية في أن يكون لها صحافة ناطقة بإسمها.

البحرين غنية بمواردها البحرية التي كانت أحد المصادر الرئيسة للرزق، وببساتينها المليئة بالأشجار المثمرة وبمواردها المائية حيث كانت زاخرة بعيونها الطبيعية، وساهم في ذلك اتساع مساحة الرقعة الحضرية وثرائها بالحياة الفطرية والتنوع البيولوجي، وشكل ذلك مقوماً مهماً للسياحة البيئية وعنصراً رئيسياً للاقتصاد ومصدراً مهماً للدخل الوطني، إلى جانب مورد النفط.

ومنذ منتصف سبعينات القرن الماضي بدأت مؤشرات التدمير البيئي وتدهور الموارد البيئية تشكل ظاهرة مأساوية، حيث اختفت أعداد كبيرة من الأشجار المختلفة الأنواع ذات الأهمية الاقتصادية، وأزيلت العديد من غابات النخيل.  وبدأ بفعل ذلك وشكل متصاعد تدهور الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي، إلى جانب تناقص وحتى شحة مخزون المياه العذبة، وتسبب ذلك في تملح ملحوظ للأراضي الزراعية، كما تدهورت أيضاً الثروة البحرية وشهدت البحرين عملية انحسار ملحوظ في مستوى المخزون السمكي.

وحدث ذلك نتيجة تضافر مجموعة من العوامل من أهمها الاستغلال غير الرشيد والاستنزاف المتواصل لتلك الموارد، إلى جانب تفشي ظاهرة المحسوبية والفساد الإداري الذي فتح المجال للمتنفذين للسيطرة على المواقع ذات الأهمية الاقتصادية والبيئية، كالمناطق الزراعية الخصبة التخطيط، وغياب الوعي المؤسسي والمسئولية البيئية مما تسبب في تجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة، ودفن مواقع مهمة لتكاثر الأحياء البحرية مثل المرجان والربيان والأسماك.

ويشكل التلوث البيئي معضلة حقيقية في البحرين، وتعد البيئة البحرية أكثر الأنظمة البيئية عرضة للتلوث في البلاد، كما أن نظام البيئة الأرضية والغلاف الجوي ليس أوفر حظاً، وتساهم في عملية التلوث المتصاعدة حالات الحروب المستمرة في المنطقة والتلوث النفطي دائم الحدوث في مياه الخليج ال1ي تسببه البواخر النفطية، إلى جانب تلوث الهواء الناجم عن أبخرة المصانع ومحطات تنفس المجاري المتواجدة بالقرب من المواقع السكنية، خاصة مع ضعف الرقابة البيئية وانعدام التخطيط السليم للمشاريع التنموية والعمرانية والصناعية.

يتسبب تدهور الموارد البيئية وتلوث الأنظمة البيئية في حدوث الأضرار الجسيمة والإخلال بتوازن الأنظمة البيئية، ويترك ذلك أثره المباشر على واقع الأمن البيئي، كما يتسبب أيضاً في حدوث الأضرار الاقتصادية والمعاشية والاجتماعية ويؤثر بشكل سلبي على صحة وسلامة الإنسان في بلادنا.

شكل التطور المطرد في الفقه البيئي الدولي والإقليمي قوة تأثير مهمة على واقع العمل البيئي في البحرين، وفي سياق ذلك تم إصدار مجموعة من المراسيم القانونية المنظمة للأنشطة المختلفة ذات الارتباط بالقضايا البيئية، والتي من أهمها المرسوم رقم “3” لسنة 1975، بشأن الصحة العامة، والمرسوم رقم “7” لسنة 1980، بإنشاء لجنة حماية البيئة، والمرسوم رقم “5” لسنة 1981، بشأن صيد الأسماك، والمرسوم رقم “21” بشأن حماية النخيل، والمرسوم رقم “6” لسنة 1984، بشأن تنظيم الصناعة، والمرسوم رقم “1” لسنة 1991 بشأن الصرف الصحي وصرف المياه السطحية، والمراسيم الأخرى المختلفة الاتجاهات ذات الارتباط.

وفي تطور لاحق ومن أجل تصحيح الوضع القانوني في الشأن البيئي أصدر القانون رقم “2” لسنة 1995 بشأن حماية الحياة الفطرية، والقانون رقم “21” لسنة 1996 بشأن البيئة، ووضع هذان القانونان قواعد مرحلة جديدة في مفهوم العلاقة مع البيئة وتنظيم الإدارة البيئية فيما يخص تنظيم اتجاهات حماية الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي، وتخطيط الأنشطة التنموية والاقتصادية والصناعية ومكافحة حالات التلوث البيئي والتقليل من أضرارها البيئية والصحية.

وتقر قواعد القانون البيئي الوطني في مملكة البحرين إلى حد ما بنظرة الفقه البيئي الدولي في مجال إقرار الحقوق البيئية للمجتمعات المحلية، ويتعزز ذلك في المبادئ الذي يؤكدها ميثاق العمل الوطني والدستور كنظام قانوني وهما يشلان ضمانة مهمة لحماية مصالح المجتمعات المحلية البيئية، بيد أن ذلك يتطلب توفر القرار السياسي الداعم لتلك المبادئ كمظلة مهمة لتأكيد تلك الحقوق وحمايتها وتجسيدها لتكون واقعاً ملموساً.

لكن على الرغم من ذلك كله فإن هناك ثغرات ونواقص جدية تضعف من قوة القانون وتعيق الجهود الطموحة لحماية البيئة والحفاظ على حقوق الأجيال الحالية والمقبلة، وتتمثل تلك النواقص في ضعف القانون ذاته، حيث لم يعد يتماشى ومستوى تطور المشكلات البيئية، ولا يتوافق والمعايير الحديثة للفقه الدولي لبيئي، إلى جانب الخلل البارز في آليات الإدارة البيئية.  إن ذلك يحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة شاملة لتصحيح واقع العمل البيئي بما يحقق الأهداف الإستراتيجية لحماية البيئة وتنميتها.

انطلاقاً من تلك الرؤى والمنطلقات حول الواقع البيئي وما يحيط به من ظروف قانونية وإدارية ومشكلات مرتبطة بمنهج ومفاهيم تجديد سياسات البلاد البيئية، فإن المنبر الديمقراطي يعمل على تحقيق التالي:

إقرار إستراتيجية وطنية للبيئة يتم على أساسها إعادة ترتيب وجدولة أولويات القضايا البيئية ضمن منهج علمي مدروس، مرتكزة على أسس ومبادئ المصلحة الوطنية وحقوق المجتمعات المحلية البيئية وتكافؤ الفرص في الاستفادة من استثمار الموارد البيئية واستغلالها بأسلوب رشيد في إطار مبدأ العدل والمساواة الاجتماعية التي تقرها قواعد المواثيق الدولية الإنسانية والبيئية ويكفلها ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين.

وقف عمليا تدمير الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي وحماية المناطق الساحلية ووقف نشاطات تجريفها والسيطرة عليها، وإقرار حقوق المجتمعات المحلية والتاريخية في الاستفادة من تلك السواحل، ووقف عمليات الدفن للمناطق الحيوية ذات الأهمية البيئية والاقتصادية.

حل مشكلات تلوث الأرياف والمناطق السكنية الناجمة عن المصانع والمشاريع التنموية الأخرى، ومحاربة مختلف أشكال التدمير البيئي والنشاطات الضارة بصحة الإنسان.

السعي لجعل إقامة المحميات الطبيعية وإقرار مبدأ الوقف البيئي للمناطق ذات الأهمية البيئية والاقتصادية كقاعدة قانونية لحماية حقوق الأجيال الحالية والمقبلة في الاستفادة من خيرات الإرث البيئي لتأمين سبل العيش الكريم ولتحقيق الحياة المستقرة والآمنة.

العمل بالوسائل القانونية المتاحة التي تكفلها قواعد القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان ودستور البحرين ونظامها القانوني في الشأن البيئي، في إيجاد النظام القانوني الذي يقر بمبادئ حقوق المجتمعات المحلية في رفع الشكاوى والتقاضي والمطالبة بالتعويض عن الأضرار البيئية والحق في التقييم الاجتماعي للأثر البيئي للمشاريع كمنهج قائم معترف به ضمن نظام الرقابة البيئية، وكذلك تثبيت مبدأ تحريم الأنشطة الضارة بالبيئة والإنسان ضمن قواعد التشريع البيئي للمملكة.

إقرار قواعد متطورة للتشريع البيئي ترتكز على المعايير الدولية الحديثة في مجالات حماية البيئة وتضمن إيجاد نظام قانوني وإداري فاعل قادر على تنظيم جهود العمل البيئي وتحقيق مرتكزات الأمن البيئي بمختلف اتجاهاته لتأمين متطلبات الحياة الكريمة للشعب البحريني.

العمل على جعل مسائل حماية البيئة جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية والتخطيط العمراني والتطور الصناعي والاقتصادي، وإزالة مختلف أشكال المحسوبية والفساد الإداري التي تتسبب في عملية مختلف أشكال المحسوبية والفساد الإداري التي تتسبب في عملية التدمير والتدهور البيئي والسعي للحد من عمليات الردم العشوائي وغير المدروس والذي لا يرتكز على المعايير البيئية كأساس للتخطيط، وكذلك وقف عمليات تجريف الأراضي وتدمير الحياة الفطرية والتنوع البيولوجي واستنزاف الموارد وذلك بالارتكاز على المنهج البيئي الحديث في تحقيق التنمية المستدامة.

تقوية البناء المؤسسي البيئي وذلك بهدف إيجاد مؤسسة بيئية كفوءة تضم كوادر بيئية قديرة يتم اختيارها على أسس ومعايير الكفاءة والمقدرة في الإدارة لتحقيق أهداف حماية البيئة، ومدعومة بغطاء سياسي يمكنها من تحقيق وظائفها وأهدافها وتجسيد مبادئ حماية البيئة والحفاظ على حقوق الأجيال الحالية والمقبلة.

تجسيد مبدأ الشراكة الاجتماعية والحق في صناعة القرار البيئي وإعطاء مساحة كافية من الحرية لمؤسسات المجتمع المدني في المساهمة المباشرة في إقرار الإستراتيجية الوطنية والخطط البيئية والضبطية القضائية ومكافحة حالات التلوث الطارئة وذلك ضمن خطة مدروسة لتدريب الكوادر البيئية.

العمل على تجسيد واقع مشاركة القطاع الخاص في التنمية البيئية، وتقنين الضريبة البيئية على استغلال واستثمار الموارد البيئية وتلويث المحيط البيئي وذلك في إطار تغيير شامل ضمن استراتيجية بيئية مدروسة لإحداث التحول النوعي في قواعد التشريع الوطني البيئي.

يمر العالم العربي بمرحلة مخاض صعبة وواعدة، ذلك أن المتغيرات العميقة التي عصفت بالبلدان العربية في السنوات الأخيرة، جاءت نتيجة تراكمات طويلة قادت إليها السياسات الخاطئة التي سارت عليها الأنظمة العربية على اختلاف توجهاتها السياسية والاجتماعية، نظراً لتغييب الحريات الديمقراطية وإشاعة سياسات القمع وتكميم الأفواه ومحاصرة المجتمع المدني، والحيلولة دون بناء منظماته المستقلة، وملاحقة الناشطين فيه، واحتكار السلطة والثروة وفرض حكم الحزب الواحد أو العائلة الواحدة، وعلى مدار عقود متواصلة استشرى الفساد واستغلال النفوذ من أجل الثراء الفاحش وتعميم ثقافة الاستبداد مما أفضى في نهاية المطاف إلى أزمة خانقة على الصعد المختلفة:  سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، حاولت بعض الأنظمة العربية الهروب منها عبر شن الحروب والتدخلات العسكرية في البلدان المجاورة وهو ما وجده أبرز تجل له في سياسة النظام المقبور في العراق، الذي دفع البلاد نحو الخراب، وأخيراً جعلها مستباحة للاحتلال الأمريكي.

إن طبيعة الأزمة التي يعيشها العالم العربي تستلزم مراجعة نقدية للتجارب النضالية السابقة وتحديد وصوغ برنامج بديل نوعياً يعيد بناء حركة التحرر الوطني العربية ويستنهض الجماهير العربية بصورة تجعلها قادرة على استيعاب وتنظيم أوسع الفئات والقوى الاجتماعية والدفاع عن مصالحها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بالارتكاز على تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتكاملة، ولتحقيق هذه الغاية يجب العمل على:

اعتبار المسألة الديمقراطية مسألة جوهرية ومفتاحاً للتحول الايجابي للمجتمعات العربية نحو المستقبل، مما يتطلب حشد كل القوى والفئات الاجتماعية حول هذه المسألة في اتجاه إنهاء احتكار السلطة والثروة، وإقامة مؤسسات برلمانية منتخبة انتخاباً حراً مباشراً في انتخابات نزيهة وتحقيق مبدأ تداو السلطة على قاعدة التعددية الحزبية والحملات الانتخابية التي تتنافس فيها البرامج السياسية المتعددة، واشتراك المجتمع المدني وهيئاته في الحياة السياسية والاجتماعية ليغدو شريكاً أساسياً في صنع مستقبل بلداننا.

وضع خطة إستراتيجية اقتصادية لانتشال الوضع الاقتصادي من أزمته الخانقة حسب ظروف كل بلد عربي.

محاربة ميول التعصب والتطرف، وأفكار الإرهاب والعنف بجدية وعقلانية وذلك عن طريق نشر ثقافة التسامح، وتحديث أنظمة التعليم وعصرنتها، وتقوية مؤسسات المجتمع المدني المختلفة.

التحرك الشعبي العربي لدعم القضية الفلسطينية ودعوة جميع القوى الفلسطينية، وبالتعاون والتنسيق مع القوى الديمقراطية في العالم للضغط دولياً لإحياء وتفعيل قرارات منظمة الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، في اتجاه إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.

إنهاء وجود القواعد والقوات العسكرية الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة.  والسعي لإيجاد الحلول للأزمات الإقليمية عن طريق منظمة الأمم المتحدة وبمشاركة دول المنطقة ذاتها.

التنسيق مع الأحزاب الديمقراطية والتقدمية العربية الشقيقة وتبادل الخبرات والتجارب النضالية في جميع المجالات الحزبية والجماهيرية النقابية والشبابية والطلابية والنسائية وغيرها، وتشجيع الحوار الفكري بينها للوصول إلى رؤى موحدة حيال متطلبات التغييرات الجذرية المطلوبة.

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تبوأت الولايات المتحدة الأمريكية قيادة العالم الأحادي القطب، كما شهد العقد الأخير للقرن العشرين صعود التيار الأكثر يمينية في ا لحياة السياسية الأمريكية. 


وقد تم خلق الأرضية المادية للعولمة الاقتصادية عبر تحقيق الترابط بين الدول من خلال تدفقات رأس المال ونشوء الشركات متعددة القوميات وتدويل عمليات الإنتاج نفسها.  وأصبحت العديد من المؤسسات الاقتصادية والسياسية الليبرالية وعدم تدخل الدولة في الاقتصاد وتصفي وتدمر كل الأنظمة التي لا تخضع لهيمنة آليات السوق وتمنع أو تحد من عمليات التراكم.  ويعاد تنظيم الهياكل الإنتاجية بما يناسب التقسيم الدولي الجديد للعمل الذي يتميز بتركيز الأموال والخدمات والتكنولوجيا والمعرفة في الشمال، وجعل الإنتاج الذي يتطلب العمالة الكثيفة والرخيصة في الجنوب.

لقد أضرت حركة رأس المال حتى بتجانس الطبقة العاملة، إذ أن العمالة الأجنبية حين تنتقل من الأطراف إلى المركز بسبب تحرك رأس المال فإنها تستبعد من العمل في القطاعات الاقتصادية الإستراتيجية باعتبارها عمالة متدنية المستوى، ويزداد اضطهاد فئات العرقية والعنصرية والنسائية وتتحول الطبقة العاملة شيئاً فشيئاً إلى طبقة غير متجانسة تنخرها العنصرية والعرقية مما يؤثر على قدرتها النضالية.

أما العنصر الثقافي – الأيديولوجي للعولمة فيتمثل في ترويج الثقافة الاستهلاكية وتبرير التنافس الفردي على أنه أعلى قيمة من رفاهية الجماعة.  ويتم كبح جماح أي عمل جماعي يسعى لتحقيق تغيير اجتماعي، ويتم اختراق وإفساد وإعادة تشكيل المؤسسات الثقافية والهويات الجمعية والضمير العام بتحويل مساره إلى البحث عن البقاء والاستهلاك الشخصي، وتعميم الثقافة البصرية التي تركز على التأثيرات الفورية وعلى الجرعة الحسية وذوبان العلاقات والصور، واختلاط الرموز كأدلة على اختراق الثقافة الاستهلاكية لبنى المجتمع في العمق، مما يغرق الناس في أوهام الاستهلاك ويشيع التسطيح الفكري من خلال استشراء سطوة الإعلام المرئي الذي يهندس العالم كله وفق نموذج واحد، كانعكاس للتدويل الواسع لرأس المال الذي يفرض بدوره أنماط سلوك محددة في الذوق وفي نمط الحياة عامة.

على الصعيد السياسي لا يمكن إلا ملاحظة الميول المتناقضة للتطورات الموضوعية، فالمعطيات الجديدة تفرض الديمقراطية بوصفها أسلوب حكم وحياة جديداً وبديلاً للأنظمة الشمولية والديكتاتورية، إلا أن العولمة في واقع الأمر تقف على نقيض هذا الموقف لأنها تسعى لإشاعة النظام الاجتماعي الذي يلبي مصالحها باعتماد نموذج الدولة الليبرالية الجديدة.

وعلى صعيد مشابه فإن العولمة الثقافية والسياسية ذات وجهين، فهي إذ تسعى لتنميط العالم ثقافياً وإعلامياً وقيمياً فإنها بالمقابل تستثير وتحرض عوامل “المقاومة” والرفض في بنى الثقافات الأخرى التي يراد عولمتها قسراً، مما يخلق ميلاً متزايداً يرتدى في حالات كثيرة مظاهر عنيفة على نحو ما نجده في موجة الإرهاب التي تجتاح العالم، بهذا المعنى فإن العولمة تعمل وفق آليتين متناقضتين تدفعان بنتائج متطرفة في الحالين.

وانطلاقاً من هذا الواقع العالمي الجديد، يمكن ملاحظة وتأكيد الحقائق الموضوعية التالية:

– تراجع دور منظمة الأمم المتحدة لصالح تفرد القرار الأمريكي، وضعف دور المنظمات العالمية الأخرى مثل حركة عدم الانحياز وسواها.

– ازدياد عسكرة العلاقات الدولية واللجوء للحلول العسكرية لحل النزاعات العرقية والحدودية.

– سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى السيطرة على الطاقة في العالم والتحكم بها وذلك عن طريق إحكام قبضتها على منابع النفط في العالم.

 – استغلال الولايات المتحدة محاربة الإرهاب تارة والامتناع عن إنتاج أسلحة الدمار الشامل ضد الدول التي لا تسير في فلكها بتهديدها بالمقاطعة والحصار الاقتصاديين أو تهديدها عسكرياً بالاحتلال المباشر وتغيير أنظمتها السياسية مستغلة بذلك منبر الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الدولية تارة أخرى.

– اتخاذ الصراع الطبقي القائم في عصر العولمة أشكالاً متعددة، منها الصراع بين عمال وكادحي كل دولة ومستغليهم من رأسماليين من جهة، وبين شعوب العالم والإمبريالية الأمريكية من جهة أخرى، وكذلك بين الشمال والجنوب.

إن هذا الوضع يتطلب المزيد من التضامن بين الشعوب من أجل رفض تنميط العالم وإخضاعه لمركز واحد يدار من خلاله، وفي هذا الإطار تكتسب أهمية خاصة الحركة العالمية الآخذة في النمو ضد العولمة مثل المنتدى الاجتماعي العالمي وسواه من أطر وهيئات، وكذلك حركات الدفاع عن البيئة، والحركات المعبرة عن النساء والأقليات والقوى المهمشة باعتبارها شكلاً من أشكال مواجهة الرأسمالية المتوحشة التي لم يؤد مشروعها إلا لزيادة رقعة الفر لدى الشعوب وتوسيع الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة.

وتزداد أهمية وحدة قوى التقدم والديمقراطية والسلم في العالم وذلك من خلال تقوية العلاقات الأممية الكفاحية للأحزاب الديمقراطية والتقدمية في العالم أجمع.  كذلك الانخراط بصورة فاعلة ضمن حركات المناهضة للعولمة وإنضاج وتكريس مفهوم وواقع العولمة البديلة وتشكيل الجبهات التي تضم جميع قوى السلم والتقدم والديمقراطية على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي.  وبديل العولمة الرأسمالية ينبغي أن يكون مشروعاً شعبياً يطور وعياً عابراً للقوميات وإستراتيجية سياسية عالمية ملازمة لها تربط المحلي بالقومي والقومي بالعالمي.  كما ينبغي أن يتضمن تعميق الممارسة الديمقراطية في المنظمات الشعبية والنقابات والأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة والحركات الاجتماعية الجديدة، بما يسهم في المزيد من حيويتها وضخ دماء وأفكار جديدة في صفوفها.