ان استجواب الشيخ احمد عطية الله وزير شؤون مجلس الوزراء يعني ان المستجوبين للوزير مارسوا حقهم الدستوري كنواب ولكن نعتقد ان المشكلة ابعد من ذلك اي تكمن في آلية الاستجواب المتبعة طبقاً لما نصت عليه اللائحة الداخلية للمجلس.
في احدى ندوات المحامي يوسف الهاشمي يقول: ان الآلية المستحدثة في الاستجواب المنصوص عليه في الدستور البحريني واللائحة الداخلية لمجلس النواب هي سبب الازمة التي يعاني منها المجلس حالياً عن طريق مراحل تدرج مرور الاستجواب بحيث اصبح الاستجواب يتطلب خمسة نواب على الاقل بدل واحد بالإضافة الى ادراجه على جدول الاعمال بغرض الاحالة الى اللجنة ويعتقد “الهاشمي” ان هذه الآلية في التعاطي مع الاستجوابات لا توجد في اي نظام برلماني او جمهوري في العالم.
وفوق هذا كله نعتقد ان الازمة التي نمر بها ليست في تلك الآلية فقط وانما ايضاً في وعي النواب الذين اصبحت تكتلاتهم وتحالفاتهم على اساس طائفي ولنا مثال على ذلك الاستجواب والامر يعود ومن دون شك الى تركيبة البرلمان الطائفية!!
حقيقة كنا نأمل ان يوفق نواب “الوفاق” في تحقيق اهداف الاستجواب من دون مزايدات سياسية ولكن لماذا لم ينجحوا؟؟ سؤال ينبغي على هذه الكتلة البرلمانية طرحه بامانة واخلاص وخاصة ان اندفاع هذه الكتلة نحو الاستجواب ربما كان تعويضاً عن ازمة سياسية ذاتية تتلخص في خبرتهم السياسية المحدودة او في الاداء البرلماني غير المقنع بالنسبة للجماهير الوفاقية الذين كانوا يتطلعون الى اداء افضل وكذلك الى انجازات لم تخطر على البال!
وبالتالي فإن ما رافق الاستجواب من انفعالات وتحديات شخصية وتجريح ربما له علاقة بتلك الازمة.
وما الفريق الآخر من النواب الذين اعلنوا عن تضامنهم ومساندتهم للوزير فهم منذ البداية شككوا في الاستجواب اعتقاداً منهم بعدم دستوريته وبالتالي لا نستغرب حينما ادانوا واستنكروا على الطريقة العربية اخطاء “الوفاق” تجاه الوزير.
اذن فالأزمة يا سادة هي ازمة آلية الاستجواب واداء وتكتلات طائفية هذا ما اثبتته الممارسة النيابية طيلة الدورتين من الفصل التشريعي الثاني الذي اشرف على الانتهاء وما تزال الرقابة البرلمانية متعثرة وما يزال الاداء البرلماني غير قادر على ملاحقة ومكافحة الفساد وعلى تكريس حقوق المواطنة والارتفاع بمستوى معيشة الفئات الاجتماعية الفقيرة والفئات الوسطى!
نعم هكذا كانت الممارسة النيابية التي وبكل اسف لم تدفع عجلة التنمية نحو الافضل!! ان البحرين التي نريد لها ان تكون نموذجاً للانفتاح السياسي والاصلاح الاقتصادي والتقدم الاجتماعي سوف تزداد ازماتها الداخلية تعقيداً ما لم تتفق الحكومة ومجلس النواب والشورى والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني الاخرى على الارتقاء بالعملية السياسية وعلاج اوضاعنا وازماتنا الاقتصادية والاجتماعية وفقاً للعدالة والمساواة.
ولهذا نقول: ومن دون هذا التوجه كم سيــكون مسـتقبل البحـرين متـعثراً اذا لم نتوجه الى تعزيز مكانتها الاقتصادية والتنموية.. وكم سيكون مستقبل الاصـلاحات الولـيدة متعثرة ايضاً ما لم نضع حداً للتصعيد الطائفي من خلال ترسيخ الوحـدة الوطنية في ظل المساواة في الحقوق والواجبات وكذلك ما لم تكف الجماعات والقوى الدينية المتشددة في مصـادرة الحريات والتكفير والتأثيم والتجريم والتخوين والتهديد بعودة البلاد الى عصور الظلام على النمط الطالباني أو الايراني.
اذن مرة أخرى فالازمة التي يشهدها بيت الشعب.. هي أزمة لها علاقة بلائحة المجلس الداخلية وبالاداء البرلماني وبتركيبة المجلس الطائفية.
صحيفة الايام
3 مايو 2008