المنشور

د.حسن مدن يقول معركتنا ليست مع التيارات الإسلامية‮. ‬معركتنا من أجل تثبيت المسار الديمقراطي‮ ‬في‮ ‬البلد وتعزيزه‮.


أكد أمين عام المنبر التقدمي د. حسن مدن أن التحالف الاستراتيجي الوحيد الذي يمكن أن يدخل فيه المنبر هو تحالف أطراف التيار الديمقراطي لوجود أسس جدية لهذا التحالف. مشيراً في لقاء مع الوطن إلى أن المنبر يحمل وجهة نظر في العمل السياسي وهو مقتنع بسلامتها فكريا وعمليا.
وأوضح مدن أن التيارات اليسارية والقومية تعاني من الضعف والإحباط في مقابل قوة تأثير التيارات الإسلامية معللاً ذلك بالدعم الحكومي الذي حظيت به التيارات الإسلامية بغض النظر عن نشاطها في مراحل مختلفة، في مقابل ملاحقة وقمع وسجون ومنافٍ حظي بها التيار الديمقراطي.
ويوضح حسن في هذا اللقاء رأية بشأن عديد من القضايا الجدلية الخاصة بالمنبر وعلاقاتها وتحالفاتها رؤيتها للأوضاع السياسية على الساحة المحلية.

؟ هل هناك قياديون في ‘التقدمي’ قادرون على أخذ مكان د.حسن مدن في حال لم يرشح نفسه للرئاسة؟

– نعم بالطبع، فـ’التقدمي’ يمثل تياراً مهماً في الحركة الوطنية والسياسية في البحرين وبه كثير من الطاقات والكوادر ذات الخبرة، وبه وجوه شابة واعدة قادرة على قيادة عمل المنبر في المراحل المقبلة.
؟ نحن على مشارف دورة رابعة لجمعيتكم، فهل سترشح نفسك للرئاسة في هذه الدورة؟
– مؤتمرنا الرابع الذي انعقد مؤخراً، لم يتضمن انتخابات جديدة للقيادة، وهذه ستكون مهمة المؤتمر العام الخامس الذي سينعقد بعد عام من الآن. بالنسبة لي سأواصل عملي في نشاط المنبر بكل طاقاتي وقدراتي من أي موقع. وسبق لي أن عبرت عن رغبتي في أن يختار المنبريون أميناً عاماً آخر من أجل تجديد الوجوه وتأكيد الممارسة الديمقراطية.

؟ العمل التطوعي يعاني مشكلة في الكوادر الشبابية

؟ التيارات اليسارية في الغالب تعاني من نقص في الكوادر الشبابية، فهل يعاني المنبر من هذه المشكلة؟

– العمل التطوعي بشكل عام والسياسي بشكل خاص يعاني مشكلة في الكوادر الشبابية، لكن في المقابل المسألة لا تقاس دائماً بالكم وإنما بالنوعية، فيمكن أن نجد بين الوجوه الشابة في المنبر التقدمي وغيره من الجمعيات كوادر تمتلك طاقات ومواهب وتتمتع بميزات قيادية تؤهلها أن تتبوأ مواقع بارزة في جمعياتها.

؟ هل لديكم خطة لاستقطاب الشباب في المنبر؟

– نعم لدينا لجنة الشباب والطلبة التابعة للمكتب السياسي وهي تولي عناية خاصة بالكوادر الشابة وتدريبها وتأهيلها للعمل السياسي وتعطى اهتماماً خاصاً لدفع الشباب نحو الفكر الديمقراطي والتقدمي باعتباره الخيار الصحيح القادر على الإجابة على الأسئلة الكثيرة التي تشغل هذا الجيل. ومع تقديرنا للاتجاهات الأخرى فإنها حتى لو حققت انتشاراً جماهيرياً واسعاً، فإن ذلك لا يقترن بالعمل وفق برنامج مستقبلي قادر على الإجابة على الإشكالات الكبيرة التي يواجهها المجتمع والجيل الجديد بصورة خاصة.

؟ مرّ المنبر التقدمي في مؤتمر الجمعية العمومية قبل الأخير بإشكال معين، فهل استطاع المنبر الخروج من هذا الإشكال بحيث لا تتكرر في المستقبل؟

– نعم.  استطعنا أن نتعدى هذا الإشكال بعد شهور قليلة من المؤتمر وتداعياته، ويعمل ‘التقدمي’ الآن بصورة طبيعية وبدرجة من التجانس ووحدة الموقف والرؤية وفي اتجاه الخط الفكري والسياسي الذي يقدمه للمجتمع، ويمكنني القول إن الوحدة الداخلية للمنبر هي اليوم أقوى من أي وقت مضى منذ تأسيسه، ولدى كوادر المنبر وأعضائه وجمهوره حرص كبير على صون هذه الوحدة وتوطيدها، وبالمناسبة فإننا عقدنا مؤتمرنا الرابع في نهاية فبراير (شباط) الماضي تحت شعار يتصل بتوطيد وحدة المنبر وتعزيز دوره في عملية البناء الديمقراطي.
ومن الطبيعي، وكما هو الحال في أي جمعية أخرى، يمكن أن يكون هناك تفاوت في الآراء والتقييمات حول بعض المسائل، خصوصا ونحن نعمل في واقع معقد وسريع التحرك، وهذا أمر صحي وطبيعي فنحن لسنا كتلة صماء، ولكن هذه الآراء المختلفة تنطلق من خط سياسي وفكري عام غير مختلف عليه في المنبر، وقد جسدنا ذلك بإقرار ثلاث وثائق مهمة في المؤتمر تتصل بالرؤى الفكرية والسياسية والتنظيمية للمنبر، بعد مناقشات مستفيضة، على شكل ورش وحلقات عمل سبقت عقد المؤتمر.
وأعضاء ‘التقدمي’ حريصون على أن لا تتكرر الإشكالات السابقة، وأن نمضي قدماً للمهام التي تنتظرنا والملقاة على عاتقنا، ولا يمكن التصدي لها إلا من خلال وحدة صفوفنا.


؟ كيف تصنف المشكلة التي مر بها المنبر، هل هي فكرية أم تنظيمية؟

– العمل السياسي له تعقيداته الكثيرة، ونحن تيار قديم في العمل السياسي اعتاد العمل تحت الأرض في ظروف العمل السري، والنقلة من العمل السري إلى العمل العلني فرضت تحديات جديدة غير مسبوقة بالنسبة لنا، فما هو ملائم في ظروف العمل السري ليس شرطاً أن يكون ملائماً في مثيله المعلن، والمجتمع أيضاً من حولنا يمر بتحولات فكرية وسياسية كثيرة، فالتيار اليساري في العالم كله وليس لدينا فقط يواجه اليوم قضايا جديدة تختلف حولها التقديرات، وأي تنظيم سياسي في هذا الوضع المعقد من الممكن أن يتعرض لبعض العقبات، ولكن المهم أن يمتلك الحيوية والقدرة على تجاوزها والاستفادة من دروسها وأن لا تتكرر نفس الأخطاء في المستقبل وهذا ما نسعى إليه في حقيقة الأمر.

؟ ما نراه ليس بالضرورة ما يراه الآخرون

؟ هناك من صرح بأنه توجد جمعيات سياسية معارضة ولكنها تعطل عمل المعارضة، ما رأيك في هذا القول؟

– هناك تقديرات مختلفة للوضع السياسي لكل جمعية من الجمعيات المعارضة، وما نراه نحن ليس بالضرورة هو ما يراه الآخرون، وفي المقابل نحن لا نريد أن نُحمل أحداً لأن يتبنى وجهة نظر المنبر في العمل السياسي، لكننا مقتنعون بسلامة خطنا السياسي والفكري، وهو خط صاغته مؤتمراتنا المتعددة منذ أن تأسس المنبر، وكذلك هيئاتنا القيادية المنتخبة، وبين الحين والآخر نعقد لقاءات تشاورية مع أعضائنا نعرض فيها لسياسة المنبر تجاه المستجدات، ونستمع لملاحظاتهم وانتقاداتهم. نحن تنظيم ديمقراطي، وقراراتنا تتخذ بصورة جماعية.
وفيما يتصل بعمل المعارضة، علينا أن نفرق بين تلك القرارات التي تتخذ بصورة جماعية، وهي المعيار أو الحكم، أما أن ينفرد طرف أو أكثر بقرارات وممارسات تترتب عليها نتائج سلبية ويطلب من الآخرين تحمل نتائج عمله، فهذا أمر يجب الوقوف إزاءه وقفة نقدية.

؟ هل حدثت استقالات من المنبر سواء في اللجنة المركزية أو المكتب السياسي؟

– هناك أحد أعضاء اللجنة المركزية إبتعث في دورة دراسية طويلة من جهة عمله فقرر أن يترك مكانه للعضو الاحتياط حتى لا يظل هذا الموقع مُجمداً، ولكن استقالات بمفهوم الاستقالة لا توجد.

؟ ما رأيك في أداء المعارضة؟

– نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة نشأت خريطة سياسية جديدة أبرز معالمها هي إن الكتلة الأكبر في المعارضة (الوفاق) أصبحت مشاركة في العملية البرلمانية، وهذا فرض معطيات جديدة يجب أخذها بعين الاعتبار، لأن الوفاق صارت أمام مهمة التعامل بآليات عمل مختلفة عن التي كانت متبعة خلال فترة المقاطعة، وأصبح للوفاق شركاء جدد في العمل البرلماني وهي معنية بأن تمد جسوراً معهم وتدخل في تسويات واتفاقات وعلى المعارضة أن تدرك الوضع المستجد الذي نشأ الآن.
 وفي تقديرنا لا يمكن للأمور أن تعود إلى ما كانت علية في العام ,2002 يجب على المعارضة أن تفتش عن وسائل عمل وتنسيق يناسب الظرف الجديد، وحلم العودة إلى المرحلة السابقة حلم غير واقعي، وعلينا أن ندرك أيضاً تنوع قوى المعارضة، فهي ليست تياراً واحداً، وإنما مجموعة تيارات: تيار إسلامي وآخر قومي وثالث يساري، ولكل من هذه التيارات أساليب عمله وآرائه المختلفة. ولا يمكن للتيار الديمقراطي أن يعمل بآلية جمعية الوفاق الخاضعة بإرادتها للمرجعية الدينية، ولا يمكن أن نتصور قيام أي تنسيق بين القوى المختلفة لو أسقطنا من حسابنا هذه الحقيقة.
هذه التغييرات تستدعي أكثر فأكثر ضرورة وحدة التيار الوطني الديمقراطي بمكوناته اليسارية والقومية، فهذا التيار مشتت وموزع على أكثر من محور تنسيق. هناك حديث عن تيار قومي – إسلامي، وعن تنسيق ديمقراطي – إسلامي، ولكن لا يوجد حديث عن وحدة التيار الديمقراطي نفسه، وهذه هي المشكلة الكبرى التي تشكل مصدر الخلل الذي يقع فيه التيار الديمقراطي، ونحن من جانبنا ندعو أن تلتقي الأطراف الوطنية التقدمية والقومية الديمقراطية جميعاً، وأن تبني تياراً واسعاً على قاعدة ما يجمعنا من نظرة علمانية للأمور ومن موقف وطني وتقارب في التكتيك السياسي وطريقة التعاطي مع الوضع في البلد والمنطقة، وأن تشكل وحدة هذا التيار أحد مرتكزات وحدة المعارضة.

؟ لا يمكن الحديث عن وحدة معارضة مكوناتها متشتتة

؟ ماذا عن وحدة المعارضة؟

– لا يمكن الحديث عن وحدة المعارضة بينما مكوناتها متشتتة ويختلف الأمر لو كان هناك تنسيق سابق بين المنبر التقدمي ووعد والتجمع القومي وجمعية الوسط الإسلامي لتشكيل قاعدة تعاون مع الجمعيات الإسلامية، ولا يجب أن يفهم التنسيق بين أطراف التيار الديمقراطي بأنه موجه ضد الإسلاميين … ليس هذا الهدف، الهدف هو تقوية المعارضة، ويجب أن نبدأ بتقوية مكوناتها وفي الجانب الآخر يجب تقوية كل جمعية على حدة.

؟ كيف تقيم أداء المعارضة تحت قبة البرلمان؟

– في دور الانعقاد الأول كان أداء الوفاق مرتبكاً ولم يكن بالمستوى المطلوب وفي تقديرنا كان خطأً فادحاً أن تنزلق الوفاق إلى الموافقة على لجنة التحقيق في ربيع الثقافة، وأن تبني أولوياتها بصورة مختلفة بحيث أصبحت استجواب وزيرة الصحة السابقة في مقدمة أولوياتهم وكان هناك قصور في التنسيق مع الجمعيات السياسية المعارضة خارج المجلس.
وكنا نأمل أن تشكل قائمة انتخابية واحدة للمعارضة وبطبيعة الحال سيكون للوفاق الحصة الأكبر ولكن الوضع كان سيكون أفضل بكثير لو ضمت القائمة مرشحين عن المنبر التقدمي ووعد وأمل. كان هناك نواب على قدر من الكفاءة والخبرة برهنوا عليها في المجلس السابق كان الأصح لو أن الوفاق دعمتهم واستفادت من طاقاتهم، وبالتالي لن نكون بحاجة إلى تشكيل مطبخ للمعارضة لأن هذا كان سيكون تحصيل حاصل.

؟ الساحة تعاني حالة من الركود السياسي أعني ركود نشاط الجمعيات السياسية فما السبب؟

– العمل السياسي لا يمكن أن يكون على وتيرة واحدة ولا يمكن أن تكون حركة الجماهير في حالة من المد والصعود دائما، وطبيعة العمل السياسي أن يكون هناك صعود ومد حيناً، وتراجع وجزر حيناً آخر، وأنت لا تستطيع أن تستمر في أسلوب عمل سياسي واحد طوال الوقت. لكل ظرفٍ سياسي آلية مختلفة ولكن اتفق معك إن هناك حالة من الإحباط ربما سببها نتائج الانتخابات الأخيرة التي كرست القسمة الطائفية والمذهبية، لو أن المعركة الانتخابية أُديرت بشكل آخر وخرجت بنتائج أخرى ودخل إليها عدد من النواب الوطنيين لربما اختلف الأداء البرلماني إلى حد كبير واختلف المزاج السياسي في البلاد ككل.

؟ كان هناك نوع من التقارب مع الوسط العربي الإسلامي، أصبح بعدها نوع من الفتور ما السبب؟

– العلاقة مع الوسط العربي الإسلامي تشكلت أثناء ميثاق التنسيق السداسي الذي جمعنا نحن والوسط مع الجمعيات الأربع المقاطعة، إذ كانت لدينا مع الأخوة في الوسط تقييمات مشتركة تجاه الوضع السياسي في البحرين، وهذه المشتركات مستمرة حتى اليوم، وليس صحيحا أن المساحة المشتركة من التعاون والتفاهم مع الأخوة في الوسط لم تعد موجودة إذ لا يزال بيننا أشكال من التواصل.

؟ فيما لو أثيرت الدعوة لقيام تحالف رباعي، فهل تستجيب المنبر؟

– ما المقصود بالرباعي؟ التحالف الرباعي السابق سقط باعتراف قادته من رؤساء الجمعيات، ولكن نحن ندعم أي جهد يؤدي إلى وحدة الجمعيات السياسية الحريصة على عملية الإصلاح في البحرين، وسنقف معها بلا تردد، ولكن الظروف الآن ليست ناضجة لبناء تحالف جديد لأنه مازال تقييم الجمعيات وحول أساليب التعامل مع الملفات أيضاً مختلفاً، لذلك لسنا مع الهرولة في بناء تحالفات جديدة. نحن مع التريث حتى نتيقن أن أرجلنا تقف على أرض صلبة، خصوصاً وأن المعارضة خرجت من تحالفات غير ناجحة، مثل التنسيـــــــــــق  السداسي الذي انهار والتحالف الرباعي الذي سقط وعلينا أن لا نكرر الأخطاء.

؟ نقف ضد معوقات التحول الديمقراطي

؟ ماذا عن الوضع السياسي القائم في البلاد؟

– نقف ضد معوقات التحول الديمقراطي وخصوصاً من قبل بعض أجهزة السلطة التنفيذية وهذا الأمر نقوله في بياناتنا ومواقفنا السياسية. المنبر مستمر في نهجه الذي رسم في مؤتمراته الأخيرة: البناء الديمقراطي الحق يتطلب تغييرا في أداء الحكومة، لا يمكن أن نقيم إصلاحاً دون إصلاحيين. الإصلاح لن يتم باستمرار الفساد والمحسوبية، ولابد من صلاحيات  حقيقية للمجلس المنتخب.
هناك شعور عام لدى الناس إن الزخم الذي كان عليه مشروع الإصلاح في بداياته تبدد، وإن عديداً من القضايا آخذة إلى التفاقم ويجب العمل الجاد على حلها، لأن من شأن هذا التفاقم أن يأخذ بالبلد إلى احتقانات كبرى، إذا لم نعاجل في حلها.
هناك إعاقة متعمدة لعمل مجلس النواب وتعطيل لصلاحياته الرقابية وهي أمور تجعل الناس تشعر بالإحباط والغضب.
ليس من المصلحة دفع الأمور في البلاد نحو التصادم والتوتير والمواجهة، وعلى عاتق الدولة تقع مسؤولية كبيرة في احتواء العوامل المؤدية لذلك.

؟ أحمد الذوادي رفع شعار التصالح مع التيارات الإسلامية ولكن المنبر لم تتخذ أي خطوة في التعاطي أو تكوين تحالف مع أي من التياراتالإسلامية الموجودة على الساحة؟

– نحن لسنا في خصومة مع التيارات الإسلامية ولكن أيضاً لسنا مجبرين على الموافقة على برامجها وأجندتها. هناك مناطق مشتركة مع بعض هذه التيارات الإسلامية ونحن نعمل بصورة مشتركة فيها ولكن هناك مناطق نختلف فيها بصورة جذرية فكرياً وسياسياً واجتماعياً ولدينا الجرأة لأن نقول ذلك.
معركتنا ليست مع التيارات الإسلامية. معركتنا من أجل تثبيت المسار الديمقراطي في البلد وتعزيزه. هذا هو نهج أحمد الذوادي الذي نواصل العمل بموجبه.

؟ ولكن بعض أطراف التيار الإسلامي لديه خصومة مع التيارات الليبرالية والعلمانية؟

– هذا شأنهم هم. ولكن يجب أن أشير إلى أن تيار المنبر الديمقراطي التقدمي منغرس في تربة البحرين وهو ليس على تضاد مع عقيدة الناس ولا مع عاداتها ولا أفكارها ولم تكن لدينا مثل هذه الرؤية في الماضي ولا الآن ولن تكون في المستقبل.

؟ إلى أين وصل مشروع التنسيق بين وعد والمنبر التقدمي؟

– بعد الانتخابات عقدنا لقاء واحداً فقط مع وعد بحضور المناضل عبد الرحمن النعيمي شافاه الله. جاء اللقاء من أجل تسليط الضوء على ما سمي بـ’المطبخ الوطني’ وكان هناك تفاوت في الرأي حول هذه المسألة، في هذا اللقاء اتفقنا على أن تكون هناك لقاءات دورية بين المنبر والعمل الوطني الديمقراطي من أجل التشاور وللأسف الشديد هذا الأمر لم يتم حتى هذا اليوم وأتمنى أن يتم بسرعة.

؟ لماذا لم نشهد إلى اليوم مساعي للتحالف بين المنبر ووعد على رغم وجود عديد من النقاط المشتركة بين الجمعيتين؟

– من وجهة النظر الموضوعية وعد أقرب تنظيم إلينا من حيث البنية الفكرية والرؤية الاجتماعية والتاريخ النضالي المشترك وطبيعة القاعدة الاجتماعية أيضاً التي نمثلها ونعبر عنها في المجتمع، ولكن هناك أسباب أدت إلى التباعد: هناك أمور موروثة من الماضي.. وهناك اختلافنا في تقييم الوضع في البحرين إبان انتخابات ,2002 إذا اخترنا المشاركة في الانتخابات ووعد رجحت خيار المقاطعة.
موضوعياً أيضاً أقول إنه لا مناص لتنظيمينا من التنسيق والعمل المشترك، وهذه قناعة قوية موجودة لدى قاعدة التنظيمين يجب ترجمتها في أفعال وخطوات مشتركة أكثر جدية. 

؟ لماذا لم تدخل المنبر إلى اليوم في تحالف استراتيجي إلى اليوم؟

– التحالف الاستراتيجي الوحيد الذي يمكن أن ندخل فيه اليوم هو تحالف أطراف التيار الديمقراطي لأن له أسس جدية موضوعياً، وللأسف الظرف المناسب لنشوء هذا التحالف إلى اليوم لم يتوافر. أما عن التحالفات الأخرى فإننا أميل إلى التريث حتى تتضح صورتها وأهدافها.

؟ هل هناك أعضاء من المنبر يتحسّسون من التحالف مع التيارات الإسلامية؟

– لا أعلم كيف شاعت هذه الفكرة.. اختلافنا مع هذا التيار هو اختلاف في البرنامج الاجتماعي، ليست لدينا معركة مع التيارات الإسلامية وهناك من يحاول ترويج هذه الفكرة غير الصحيحة لأسباب مغرضة.
والمنبر التقدمي يدرك أن التيارات الإسلامية مكون مهم من مكونات المجتمع البحريني وجزء منها طرف رئيسي في المعارضة.

؟ مصلحة البحرين ومصلحتنا في استقرار هذا الوطن

؟ اتهمت المنبر ووعد في الآونة الأخيرة بتبريرها لأعمال العنف عبر إسقاطها على وجود ملفات سياسية عالقة، فما تعليقكم؟

– أصدرنا بياناً مشتركا مع جمعيات سياسية أخرى بينها الوفاق ووعد حول الأحداث المؤسفة التي جرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كان بياناً متوازناً وموضوعياً باعتراف قوى واسعة والكثيرين من متابعي الشأن السياسي في البلد.
بالمثل أدنّا بشدة مقتل رجل الشرطة في كرزكان، وأصدرنا بياناً صريحاً وواضحاً بهذا الشأن دعونا فيه جميع القوى لعدم تقديم أية تبريرات لمثل هذه الاعتداءات، وهذا الموقف جرى التأكيد عليه في تصريحات أخرى لقياديين في ‘التقدمي’.
المنبر التقدمي يدين العنف ولا يقبل به ولا يلتمس له الأعذار، وكررنا هذا القول مراراً وأكدنا عليه في مواقفنا. وبالمثل ندعو الدولة لأن تغلب منطق الحوار والمعالجات السياسية على المعالجات الأمنية. علينا أن نتذكر أن أهمية خطوات جلالة الملك ومشروعه الإصلاحي تكمن في كونها شكلت مخرجا سياسيا لوضع أمني متفاقم، ونحن في حاجة لأن تسود هذه الروح في حياتنا دائما.

؟ هناك من يرى بأن المنبر التقدمي تيار ضعيف غير قادر على تحريك الشارع، وهو لا يمثل إلا شريحة بسيطة من المجتمع، فما تعليقك؟

– لسنا في وارد المبالغة من حجمنا، ولكننا لا نرضى أن يجري التقليل من مكانتنا في الحياة السياسية في البلد، وهي مكانة لا تحدد بالكم فقط، إنما بالسياسة الصحيحة والنهج الذي يحظى بتقدير من قوى وشخصيات وطنية مختلفة المشارب، وكذلك بالتاريخ الوطني والنضالي المجيد الذي يمثله تيارنا.
المنبر التقدمي قوة ذات تأثير في الحركة العمالية وفي صفوف النساء والطلبة، وفي القطاعات المهنية كالأطباء والمحامين والمهندسين وسواهم، وهناك شخصيات اجتماعية وسياسية مرموقة في المجتمع يعتز المنبر بأنها منخرطة في صفوفه.
إضافة إلى ذلك فإن تيار المنبر لا ينحصر في أعضائه فقط، وإنما في مناصريه ومؤيديه وفي أعداد كبيرة من الذين ناضلوا في صفوف جبهة التحرير الوطني على مدى أكثر من نصف قرن ومن أجيال مختلفة ومن الرجال والنساء، وهؤلاء جميعاً يشكلون سنداً للمنبر ودعماً له.

؟ هناك من يرى أن المعارضة مازالت تتعامل مع الملفات السياسية بطريقة تقليدية وتستخدم الخطاب القديم إن اختلف في الشكل وهو ذاته المضمون، فما رأيك؟

– المعارضة مطالبة بقراءة المستجدات الدولية والمحلية بعناية. الظرف الراهن في البحرين اليوم ليس هو نفسه الذي كان قبل سنوات، وعلى المعارضة أن تبرهن على كفاءتها ليس في انتقاد برامج الدولة فقط، وإنما في تقديم البدائل على شكل برامج اقتصادية واجتماعية تتميز بالمهنية والواقعية.
من جانب آخر فإن أجهزة عديدة في الدولة مطالبة بأن تغير منهجها وطريقة تعاطيها مع المجتمع إذا أرادت من المعارضة أن تطور أساليبها.
وليس مطلوباً من المعارضة أن تغير جوهر موقفها من المطالبة بالديمقراطية والتنمية المتوازنة والإصلاح السياسي، فالمضمون واحد، لكن الأسلوب هو الذي تغير أو يجب أن يتغير.

؟ هناك من يرى بأن التيار الديمقراطي يمثل النخبة وهو غير قادر على محاكاة الناس من خلال النزول إلى همومهم والاكتفاء بالندوات وغيرها أو ما أطلق عليها البعض بالتنظير، في مقابل إن التيار الديني أكثر ملامسة ومحاكاة للشارع، فهل هذا صحيح؟

– علينا الإقرار أن مكانة التيارات القومية واليسارية ومجمل التيار الديمقراطي العلماني قد ضعفت إزاء صعود التيارات الإسلامية. هناك تحولات موضوعية أدت إلى ذلك، ولا ننسى أن التيارات الإسلامية وفي مراحل مختلفة حظيت إما بالدعم الحكومي أو بغض الطرف عن نشاطها، فيما كان نصيبنا الملاحقة والقمع والسجون والمنافي، وترافق ذلك مع متغيرات دولية وإقليمية وتشوهٍ في طبيعة الحراك الاجتماعي – السياسي، وقصورات في أداء التيار الديمقراطي نفسه أدت إلى ما نحن فيه اليوم.
مازال التيار الديمقراطي يعاني من آثار ذلك، وهو مطالب باستنهاض قواه وتوحيدها وتطوير وتجديد أساليب عمله ليواكب المرحلة ويستعد للمستقبل، وهو يمتلك الإمكانات اللازمة، وفي مقدمتها طبيعة البرنامج الاجتماعي – السياسي الذي يملكه، ولا يتوافر عليه الآخرون.

؟ كيف تقرأ مستقبل الأوضاع السياسية في البحرين؟

– نحن ننظر إلى الأمور الإيجابية التي تحققت في مملكة البحرين من انفراج سياسي وأمني مهم منذ بدأ المشروع الإصلاحي إذا قارنا الأمور بما كانت علية في السابق خلال حقبة أمن الدولة، وهذا التحول يجب الحفاظ عليه، ولكن أيضاً عملية التحول الديمقراطية عملية تأخذ فترة طويلة وتتطلب تنازلات مهمة من قبل السلطة على صعيد توسيع صلاحية السلطة التشريعية وما يقتضيه ذلك من إصلاح دستوري يدفع في هذا الاتجاه وأن تنظر الدولة إلى الجمعيات السياسية وإلى المجتمع المدني بصفته شريكاً في عملية البناء وتتخلى عن النظرة القديمة القائمة على الخوف والخصومة والحذر مع المجتمع المدني.
مصلحة البحرين ومصلحتنا جميعاً في استقرار هذا الوطن وأمنه وتطوره الديمقراطي الجدي، وهذا لن يتحقق إلا بوجود توافقات تجنبنا التوترات والاحتقانات السياسية خاصة وإن بلدنا يقع في قلب منطقة ملتهبة ومتوترة قد تنعكس علينا بصورة سلبية إذا لم نحصن بيتنا الداخلي بشكل جيد.
وعلينا أن نولي عناية كبيرة في وحدات التيارات والاتجاهات الديمقراطية والعلمانية في هذا البلد لما تمثله من دعامة في البحرين الحديثة والمتطورة بعيدة عن التعصب، لأننا لا نريد أن تنزلق البحرين إلى الفكر المتزمت الذي يسيء إلى تراثها وتقاليدها في التنوير والانفتاح

أجرى اللقاء وفاء العم
جريدة الوطن

 18 مايو 2008