المنشور

جمعية العمل وأمانتها المركزية بين الواقع والطموح

إن خطوة استحداث منصبين قياديين لدى (جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد«) وهما منصب الأمين العام للجنة المركزية الذي كان يشغله المناضل عبدالرحمن النعيمي، الذي نتمنى له الشفاء والصحة. ومنصب الأمين العام لجمعية العمل الوطني الذي يشغله الاستاذ ابراهيم شريف الذي فاز بالتزكية لولاية أخيرة خلال المؤتمر الرابع للجمعية الذي عقد في 27 يونيو 2008م.. هي خطوة جاءت امتدادا وتماشيا للاقتراح بقانون بشأن الأحزاب السياسية، الذي طرحته كتلة النواب الوطنيين الديمقراطيين على مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الأول.
لقد تميزت خطوة جمعية العمل الوطني باستحداث (منصب الأمين العام للجنة المركزية) عن سائر الجمعيات السياسية الأخرى في مملكة البحرين، التي جميعها اقتصرت أدوار قياداتها على (الأمين العام لهذه الجمعية أو الجمعية الأخرى تلك).. بجانب (المكتب السياسي) المنتخب من اللجنة المركزية.. ولعل ما نفخر به قولا بهذا الصدد ان خطوة جمعية العمل الوطني السالفة الذكر.. هي خطوة وطنية ومبدئية تنسجم مع تاريخ الحركات الوطنية في البحرين والمتمثلة في (هيئة الاتحاد الوطني وجبهة التحرير الوطني وجبهة تحرير الخليج والجبهة الشعبية).. مثلما تتماشى هذه الخطوة الوطنية والمبدئية وأنظمة تشكيل الأحزاب السياسية التي هي جوهر النظم الديمقراطية.. وبحسب ما تعبر العضوية لدى الجمعية عن المعايير النوعية والكيفية، وما يتمخض عن مختلف شروطها الأرقى والأفضل، وأنظمتها الإدارية ولوائحها التنظيمية ولجنتها المركزية ومكتبها السياسي ولجانها الثقافية والاجتماعية والفكرية والسياسية الأدبية القائمة على مبدأ تكريس المسئولية الوطنية والمبدئية، ومضاعفة المهمة المجتمعية والسياسية والديمقراطية، إيمانا بمبدأ الالتزام الفكري والانتماء الأيديولوجي. ولعل ما يبعث على فخر الجميع أن الأمين العام للجنة المركزية لجمعية العمل الوطني المناضل عبدالرحمن النعيمي، الذي انتخب من بعده مؤخرا الاستاذ إبراهيم كمال الدين أمينا عاما للجنة المركزية.. هو أن الأب الروحي لجمعية العمل المناضل عبدالرحمن النعيمي قد انتخب لهذا المنصب الرفيع كتكليف لا تشريف لعوامل تعود أسبابها الجوهرية، أنه كان المناضل الأول والمناضل المميز والمناضل الفريد والمناضل الذي استحق ان يطلق عليه تسمية (الأب الروحي لمناضلي الجمعية ومناضلي الجبهة).. ولكونه اتسم بصفات انسانية ونضالية يفتقدها الكثير من الآخرين.. فهو الذي تميز بصفحة النضالات المضيئة وتألق بـ (مشاوير) ودروب التضحيات الرائعة.. لكونه كان شديد البأس، شامخ الرأس، قوي الإرادة، ثابت الخطوت، راسخ النهج، متألق التاريخ الوطني، قادرا على سبر الواقع ومحللا للأحداث، كفاءة بتسطير التاريخ حاضرا مثلما خلقه ماضيا، معروفا بالحزم والبسالة، متوقد الذهن قوي البصيرة، عميق الحصافة، نير الفكر، ناضج الوعي، بليغ الإدراك، حاضر البديهة، فطين الكلام، متواضع الحديث واللسان، مناضلا من أجل الوحدة الوطنية، نابذا للتعصب بجميع أشكاله الطائفية والفئوية والحزبية، مالك الحجة والبرهان والدليل، طويل الباع وعميق الخبرة والممارسة، أسمى بنفسه ومكانته وارتقى باسمه وسمعته وسلوكاته، فأصبح موضع ثقة جميع من حوله ومن رفاقه. إن هذه الصفات الإنسانية والنضالية، وهذه المميزات الفكرية والمبدئية، وهذه القيم الأخلاقية والسلوكية التي تحلى بها المناضل عبدالرحمن النعيمي، وتجلى بها بكل ما تحمله الكلمة من معاني صدق ومصداقية التضحيات الكبرى، هل سنجدها فيمن سيخلفونه في تبوؤ المنصب الرفيع والمسئولية الكبرى؟ وهل ما أسلفناه من سيرة ذاتية للمناضل عبدالرحمن النعيمي تنطبق أو تنسحب على من جاء وأتى من بعده بصياغة الشخصية المناضلة المنشودة من أجل حمل المسئولية التاريخية الكبرى على أكتافه وتحمل المهمة الوطنية على كواهله؟ هل اللجنة المركزية لجمعية العمل الوطني برئاسة الاستاذ ابراهيم كمال الدين ستكون على درجة من الكفاءة والجدارة.. بدلا من انقيادها وراء تنظيمات تيار الإسلام السياسي أو إيمانها بما يرفع من شعارات إسلامية من خلال مرجعيتها الدينية؟ هذه الأسئلة ستظل أجوبتها معلقة في الهواء، ما لم يثبت الأمين العام الجديد للجنة المركزية كفاءته. إنه من الأهمية بمكان القول إنه حينما أسلفنا الذكر بعدم انجرار جمعية العمل وراء تنظيمات تيار الإسلام السياسي، فإن هذه المناشدة تأتي انطلاقا من إيمان المناضلين الحريصين الوطنيين التقدميين والديمقراطيين على مكانة (جمعية العمل الوطني الديمقراطي) والذود عن هويتها وتاريخها، والحفاظ على التوازن ما بين استقلاليتها (فكريا وأيديولوجيا) وما بين (نشاطاتها وفعالياتها السياسية والقواسم الوطنية المشتركة)..والإيمان بأسبقية (القضايا المبدئية على القضايا السياسية).. بقدر مناشدة المخلصين الأمين العام الجديد للجنة المركزية ابراهيم كمال الدين أن يخرج جمعيته من الشرنقة التي تحاصر جمعية العمل الوطني، ضمن إطار التحالف الرباعي الذي يهيمن عليه تيار الإسلام السياسي.. وبحسب إقامة التحالف بالمقابل مع التيار الديمقراطي وخاصة (جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي).. فهذا هو المخاض العسير من الدرس العظيم للأمين العام للجنة المركزية السيد ابراهيم كمال الدين في أن يثبت جدارته ويؤكد كفاءته، بعيداً عن التعصب الفئوي أو الحزبي أو الطائفي، وأن يرتقي بجمعيته التي تميزت بتشكيلتها التنظيمية عن سائر الجمعيات السياسية الأخرى.. بقدر ما يستوجب أن يقتدي بالأمين العام للجمعية الاستاذ ابراهيم شريف، الذي كتبنا مقالة نشرناها قبل شهر تقريبا في جريدة «أخبار الخليج« الغراء أي بتاريخ 18 يوليو 2008م حول الوحدة الوطنية التي دعا إليها.. بحيث جاءت افتتاحيتها «لقد جاء تصريح الأمين العام لجمعية العمل الوطني الاستاذ ابراهيم شريف مؤخراً حول عدد الموقعين على نداء من أجل الوحدة الوطنية الذين بلغ عددهم (100) شخصية وطنية مبعث فخر الشعب البحريني«. إن الجميع يخاطب الأمين العام للجنة المركزية ابراهيم كمال الدين ان يكون على درجة من المسئولية.. وخاصة أنه يخوض أول تجربة (نضالية حزبية) بالغة الصعوبة تناط بأعناقه، اقتضى منه تحمل أعبائها وتجاوز تداعياتها وصعابها بنجاح واقتدار.. وإلا ستمثل هذه التجربة شعارا براقا وجميلا قد لا يجدي نفعا.

صحيفة اخبار الخليج
15 اغسطس 2008