المنشور

النص الكامل لمقابلة جريدة الوسط مع الأمين العام للمنبر التقدمي د. حسن مدن

 


كشف الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن عن لقاء مرتقب يجمع قيادتي المنبر التقدمي والعمل الديمقراطي بهدف تنسيق المواقف والخروج برؤية موحدة للتيار الديمقراطي في البحرين.

وقال مدن في لقاء خاص بـ ” الوسط “: ” إن مصلحة العمل السياسي في البحرين تقتضي وحدة هذا التيار وهناك في الفترة الحالية قناعة مشتركة أكثر مما كانت عليه في السابق نحو تغليب هذا التوجه، ونأمل أن يتم قريبا لقاء أولي بين قيادتي الجمعيتين للتأسيس للمستقبل “.

وأضاف ” يبدو التيار الديمقراطي منفعلا بالأحداث وليس فاعلا لها، بمعنى أن هناك قوى أخرى تؤسس واقعاً على الأرض ويجد التيار الديمقراطي نفسه متفاعلا معها ولكن ليس هو الذي بادر لإحداثها والسبب في ذلك يعود إلى غياب الإرادة المشتركة لمكونات التيار الديمقراطي خاصة في الظروف الحالية التي نشهد فيها انحسارا لهذا التيار وصعودا للتيارات الإسلامية “.

وأكد أن التيار الديمقراطي يمتلك عامل قوة يتمثل في نوعية الكوادر المنتمية إليه وان هذا التيار يتصف بالخبرة المتراكمة وسعة الأفق. ولكنه قال: ” لا يتميز هذا التيار بالقوة العددية وإنما النوعية بخبرته، وكوادره، وسعة افقه ولكن هذه الايجابيات أو عناصر القوة ليست مستثمرة بشكل صحيح بسبب أن التيار الديمقراطي لايزال مشتتا ويبني تحالفاته بصورة غير موحدة “. 
  



النص الكامل لمقابلة جريدة الوسط
 مع الأمين العام للمنبر التقدمي حسن مدن
 


أجراها جميل المحاري 
نُشرت الأربعاء تاريخ 17/9/2008
 
أكد أهمية تجنب سلبيات وحساسيات الماضي

مدن: مصلحة العمل السياسي في البحرين تقتضي وحدة التيار الديمقراطي


 


0    من الملاحظ في الفترة الأخيرة غياب بريق الجمعيات السياسية, فلم تعد هذه الجمعيات هي المسيطرة على الشارع كما لم تعد هي المحرك الأساسي للملفات الساخنة, هل يعني ذلك أن العصر الذهبي للجمعيات السياسية قد ذهب بغير رجعة أم أن ذلك لا يعدو كونه فترة مؤقتة؟ 


-   إن العمل السياسي لا يمكن أن يكون على إيقاع واحد دائما, فحتى لو عدنا الى تاريخ النضال الوطني والديمقراطي في السنوات السابقة للإصلاحات نجد أن العمل    السياسي لم يكن يسير على وتيرة واحدة فهناك فترات من النهوض والصعود من التحرك السياسي والجماهيري وهناك أيضا مراحل من الانكفاء والتراجع تحت تأثير الضربات القمعية ونتيجة للتحولات التي تحدث في المجتمع,ولذلك يجب أن لا نتعاطى مع الحالة الراهنة بصفتها حالة دائمة ومستمرة الى ما لا نهاية. أعتقد أن لدى الحركة الوطنية والسياسية في البلد إمكانات الاستنهاض إذا ما أدركت أسباب هذا التراجع, كما اعتقد بان احد محفزات الحيوية السياسية في البلد هو إعادة الزخم للمشروع الإصلاحي للوضع الذي كان عليه في مراحله الأولى وأظن أن ذلك ليس من مسئولية الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وحدها وإنما مسئولية الدولة بالدرجة الرئيسية.

0     وماذا عن الملفات الساخنة كالتجنيس و التمييز و التقرير المثير و دفان السواحل وغيرها, هل أصبحت من الماضي وتم تجاوزها؟ 

-    هذه الملفات لم تنتهِ بطبيعة الحال لأنها لم تُحل, فلا تزال هذه الملفات مفتوحة وربما ستزداد تفاقما مع الوقت إن لم يجرِ حلها, إن الزخم الذي اكتسبته هذه الملفات جاء في فترة كانت فيها جمعية الوفاق وهي الجمعية التي تمثل قوة رئيسة في المعارضة خارج البرلمان وكانت هي وبقية الجمعيات سواء المقاطعة أو المشاركة تتعاطى مع هذه الملفات في إطار التعبئة العامة حول الإصلاحات السياسية, ومع دخول الوفاق في المجلس النيابي أصبحت مرتهنة لحد كبير بالآليات والتعقيدات التي تحكم الإيقاع البرلماني وهو إيقاع بطيء بطبيعة الحال وفي ظل هذا العمل البرلماني الذي لم يرافقه برنامج  موازي وسط الشارع و مؤسسات المجتمع المدني نشأت الحالة الراهنة. لا يمكن للعمل البرلماني أن يكون بديلا للعمل السياسي الجماهيري, إذ انه احد أشكال العمل السياسي وليس الوحيد. 

0    وهل يعني ذلك أن جمعية الوفاق وبدخولها العمل البرلماني خسرت أكثر مما كسبت إذ أنها خسرت قسم كبير من الشارع الذي تحول الى حركة حق في حين أنها لم تحقق شيئا كبيرا من خلال البرلمان؟ 

-    إن أسباب هذه الخسارة كثيرة ولا تعود لمسألة دخول البرلمان فقط , تقديرنا أن مشاركة الوفاق في التجربة البرلمانية خطوة صحيحة لان وجودها في هذه المؤسسة أفضل من غيابها وهذا ما كشفت عنه تجربة فترة المقاطعة, لكن المشكلة تعود الى أن الأولوية المطلقة أعطيت للعمل البرلماني وأغفلت أشكال التحرك السياسي والجماهيري الأخرى والعلاقة مع الجمعيات السياسية غير الممثلة في البرلمان, وأيضا هناك سبب آخر هو أن هناك قوى تريد إفشال الوفاق داخل المجلس وإظهارها بمظهر القوة العاجزة عن إحداث أي تغيير, وكان بالإمكان المساعدة في حلحلة كثير من الأمور التي طرحتها الوفاق في المجلس ليس من اجل مصلحة الوفاق تحديدا وإنما من اجل مصلحة المشروع الإصلاحي والتحولات الديمقراطية في البحرين، وأرى أن هذا الإخفاق الذي يواجهه العمل البرلماني وينعكس بدرجة الأساسية على الوفاق كونها قوة المعارضة الوحيدة داخل المجلس الان هو احد أسباب حالة الإحباط الذي تحدثت عنها في السؤال الأول. 

0    وهل يرجع إخفاق الوفاق ولو بشكل بسيط الى غياب تنسيق الوفاق مع الجمعيات المعارضة الأخرى وخصوصا في طرح الملفات الساخنة في البرلمان, إذ اخذ مثلا على الوفاق عدم تشاورها مع الجمعيات الأخرى عندما طرحت استجواب الوزير عطية الله؟ 

-    إن الخطأ لم يقع الان وإنما برز خطأ الوفاق عند الانتخابات إذ كان من الأجدى للمصلحة الوطنية ولمصلحة الوفاق نفسها أن تتشكل قائمة انتخابية تضم قوى المعارضة المختلفة سواء تلك التي كانت حليفة مع الوفاق في فترة المقاطعة أو تلك التي شاركت في المجلس السابق ولكن تلتقي مع الوفاق على قاعدة الكثير من المشتركات, خاصة وان هناك نواباً ابلوا بلاء حسنا في الفصل التشريعي الأول، وكان بإمكان الوفاق أن تستفيد من خبرتهم في هذا المجال, الوفاق اختارت أن تهيمن على الدوائر التي كانت لديها فيها أغلبية بشكل كامل، ولا ننكر أنها قدمت أشكالا من الدعم لمرشحين آخرين في دوائر أخرى ليست لديها القوة الحاسمة فيها ولكن ذلك لم يكن كافيا لإحراز نجاحات أخرى غير التي أحرزتها الوفاق, والنتيجة أن الوفاق وجدت نفسها وحيدة في مجلس قائم على حسبة مذهبية وطائفية, وموضوعيا لم يكن ينتظر من هذا المجلس سوى المصير الذي آل إليه. عندما يتقابل ممثلون عن الطوائف أو المذاهب فإنهم سيتواجهون على هذه القاعدة في غياب عناصر وطنية يمكن أن تشكل حلقة وصل أو جسراً بين المكونات المختلفة للمجلس وللمجتمع، وتضفي طابعا وطنيا على الملفات التي تطرح، لأن المشكلة الآن هي أن أي ملف تطرحه الوفاق حتى وان يكن في جوهره ملفا وطنيا يعني المجتمع كله فانه عرضة لان يوصم بالصفة المذهبية أو الطائفية لأنه أتى من الوفاق وهذه هي المعضلة. 

0   ولكن حتى بعد ذلك فان الوفاق قد استبعدت الجمعيات الأخرى خلال طرحها للملفات؟ 

-    بعد الانتخابات جرى حديث عن تشكيل “مطبخ مشترك” للجمعيات السياسية، في تقديرنا هذه الفكرة جاءت متأخرة لان المطبخ كان يجب أن يتشكل قبل ذلك أي أثناء فترة الانتخابات من خلال الدخول في قائمة واحدة حيث أن هذا المطبخ سينشأ تلقائيا من خلال وجود القوى المختلفة في المجلس. بطبيعة الحال فان الوفاق الان هي محكومة بالإيقاع البرلماني وهو إيقاع مختلف تماما وربما الجمعيات السياسية لا تستطيع مجاراة هذا الإيقاع, البرلمان الذي يحكم عمل الوفاق وهذا هو وجه الصعوبة. 

0   ولكن بعد تشخيص المشكلة هل هناك نظرة مستقبلية لتلافي هذا الخطأ؟ هل هناك تنسيق منذ الان للاتفاق على شيئا ما؟ 

-   إن ذلك ما نأمله وهو أن يستخلص الجميع هذا الدرس, فإذا  أُريد للمعارضة أن تكون فعالة في المجلس فيجب أن تكون موحدة فعليا وليس موحدة بالاسم فقط, نعم هناك الكثير من الأمور التي يتم الاتفاق عليها ولكن عندما نصل الى الاستحقاقات الانتخابية يجري استبعاد هذا الموضوع, إن التجربة كشفت خطأ هذا الخيار ونأمل أن يجري تصحيح هذا الخطأ في الانتخابات المقبلة والأمر يتوقف بدرجة أساسية على الوفاق وهناك تجارب عديدة يمكن الاستفادة منها, وهنا يمكنني أن أقدم مثلا حزب “أكيل” القبرصي فقد كان هذا الحزب – في فترات سابقة – حزبا جماهيريا في قبرص ويتمتع بقوة كبيرة ويستطيع أن يحرز أغلبية ساحقة في الانتخابات ولكنه مع ذلك كان يراعي التعقيدات الموجودة في البلد و يعطي مجالا للتعاون مع القوى الأخرى واعتقد أن بإمكان الوفاق الاستفادة من مثل هذه التجربة أو غيرها. 

0   حالة الإحباط التي يمر بها الشارع يرى البعض أنها ليست نتيجة ممارسات الحكومة والقوى الموالية وإنما هناك أيضا الجمعيات السياسية التي أرادت أن تحقق مكاسب من خلال تحالفاتها, فمثلا تحالف جمعية “وعد ” مع الوفاق -التي لا تشترك معها فكريا أو ايدولوجيا- في حين كان من البديهي إن تتحالف ” وعد” مع المنبر الديمقراطي الأقرب لها, كيف تنظرون في المنبر الى تحالف وعد – الوفاق؟ 

-    لا نريد أن نعود للماضي كثيراً, دائما  كانت لدينا وجهة نظر وهي انه من الأجدى أن يتوحد التيار الديمقراطي وان يتعاطى مع المكونات الأخرى من المعارضة من موقع مشترك وليس من مواقع فئوية, لان مصلحة العمل السياسي في البحرين تقتضي وحدة هذا التيار, الان الجميع يشكو من غياب الصوت الموحد للتيار الديمقراطي والانعكاسات السلبية لذلك، واستطيع أن أقول انه في حالات كثيرة يبدو التيار الديمقراطي منفعلا بالأحداث وليس فاعلا لها، بمعنى أن هناك قوى أخرى تؤسس واقعاً على الأرض ويجد التيار الديمقراطي نفسه متفاعلا معها ولكن ليس هو الذي بادر لإحداثها و السبب في ذلك يعود الى غياب الإرادة المشتركة لمكونات التيار الديمقراطي, إذ لا تستطيع جمعية منفردة سواء المنبر التقدمي أو ” وعد” أن تعمل بمعزل عن بقية مكونات التيار الديمقراطي خاصة في الظروف الحالية التي نشهد فيها انحسارا لهذا التيار وصعودا للتيارات الإسلامية, لدينا عامل قوة يتمثل  ليس في القوة العددية وإنما النوعية للتيار الديمقراطي بخبرته، بكوادره، بسعة افقه ولكن هذه الايجابيات أو عناصر القوة ليست مستثمرة بشكل صحيح بسبب أن التيار الديمقراطي لا زال مشتتا و يبني تحالفاته بصورة غير موحدة.
         إن تجربة الانتخابات الأخيرة في 2006 كشفت أن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه التحالفات السياسية مع خارج التيار الديمقراطي مدى محدود, ففي الأخير أنها مصالح انتخابية لا احد سيتنازل طوعا أو مجانا عن مكاسب يعتقد بأنه أحق بها. 

0    لو رجعنا للتاريخ قليلا فما الذي حدث في بداية تحول التيارات السياسية الى جمعيات وانتقال عمل هذه التيارات والأحزاب من العمل السري الى العمل العلني إذ كان هناك حديث عن توحد جبهة التحرير الوطني البحرانية والجبهة الشعبية في البحرين في جمعية سياسية واحدة لماذا فشل هذا المشروع ومن الذي أفشله؟ 

-    إن فشلنا في بناء جمعية سياسية واحدة للتيار الديمقراطي يعود بدرجة أساسية الى الإرث الثقيل للحساسيات الموروثة منذ أيام العمل السري وعدم قدرة أطراف التيار الديمقراطي على تقديم التنازلات الضرورية لبعضها البعض والرغبة في أن تكون هناك هيمنة أو حظوة لهذا الطرف أو ذاك. 

0   وهل انتم في المنبر الديمقراطي قدمتم التنازلات المطلوبة؟ 

-    تيار جبهة التحرير في حينه طالب بأن تكون له درجة تمثيل تتلائم ومكانته، وعندما تشكل المنبر في تلك الفترة لم يكن الهدف أن يكون بديلا عن “جمعية العمل الوطني الديمقراطي الموحدة” وإنما كانت الفكرة هي لملمة صفوف تيار جبهة التحرير ليكون قوة دعم للتيار الديمقراطي الأشمل لأننا أتينا بعد فترة قمعية شديدة وظروف صعبة وكان هناك تشتت في مكونات جميع التيارات الديمقراطية على حدة ولذلك كان السعي للملمة صفوف العناصر المحسوبة على جبهة التحرير, ولكن هذه الخطوة نُظر إليها في حينها على أنها جمعية بديلة وفيما بعد أخذت الأمور مجرى آخر, والدليل على ذلك هو أن عناصر جبهة التحرير التي شاركت في تأسيس جمعية العمل لم تنسحب من عضوية الجمعية وإنما احتفظت بعضويتها وفق هذا التوجه. 

0   ولكن بعد تشكيل الجمعيتين الم يكن من الأجدى التنسيق بينهما بدلا من الدخول في تحالفات أخرى؟ 

-    الان هناك توجه مشترك بين “المنبر التقدمي” وجمعية “وعد” للقاء، وهناك قناعة مشتركة أكثر مما كانت عليه في السابق نحو تغليب هذا التوجه ونأمل أن يتم قريبا هذا اللقاء الأولي بين قيادتي الجمعيتين للتأسيس للمستقبل, ونحن نقول أن هناك صعوبات وتعقيدات تعيق وحدة التيار الديمقراطي أو التنسيق فيما بينه, من بينها الحساسيات المورثة فهناك جيلا من أعضاء هذين التنظيمين نشأ في ظل هذه الحساسيات ويجب أن نبذل جهودا كبيرة للتغلب على ذلك من اجل البناء المشترك وان ذلك لن يتم إلا من خلال عمل ميداني مشترك يختبر فيه عناصر التنظيمين أنفسهم ويتعاطوا في ملفات مشتركة لتنشأ الرفقة الكفاحية في العمل. الجانب الآخر ربما يعود الى اختلاف بعض التقديرات حول الوضع السياسي في البحرين, فليس بالضرورة أن تتطابق وجهة نظر المنبر التقدمي مع وجهة نظر وعد في كل التفاصيل المتصلة بالحراك القائم في البلد، ومثل هذا الخلاف يمكن أن ينشأ في داخل كل تنظيم على حدة فما بالك بتنظيمين من خلفيات مختلفة بعض الشيء وليست متطابقة, هذه الأمور يجب أن نحسبها جيدا لكي نؤسس بصورة متأنية متدرجة وواعية أي يحب أن نعي الصعوبات ولا نتجاهلها لكي لا نتعثر ونعود إلى ما كنا عليه. 
نحن حريصون على أن لا نحرق المراحل وإنما نعمل وفق خطة بعيدة الأمد عبر حوارات مستمرة حول ما يدور حولنا في البحرين والتأثيرات الإقليمية على البلد وطبيعة البرامج السياسية والاجتماعية للتنظيمات الأخرى التي نتعامل معها من خارج التيار الديمقراطي هذه المسائل يجب أن تكون مثار بحث ونقاش هادئ وموضوعي ليس بهدف تسجيل النقاط على بعضنا البعض وإنما بهدف الوصول الى المشتركات. 

0   البعض يحمل قيادتي الجمعيتين مسئولية التباعد وعدم التنسيق ؟ 

-    إن القيادات تعبر عن سياسات مقرة من قبل الجمعيات, فالمسالة ليست شخصية كوجود عداوات أو ما شابه ذلك وإنما المسألة هي مسالة سياسات وأراء وتقديرات مختلفة للأمور وهي موجودة داخل كل جمعية وتنعكس بطبيعة الحال على القيادة أولا وتنعكس بصورة أوسع على الكوادر والقاعدة لأنه كلما اتسعت الخلافات كانت انعكاساتها اكبر وأوسع.

كما انه بسبب أن كل من الجمعيات تعمل بصورة منفردة فمن الطبيعي أن تفكر بمكتسباتها. لكننا نؤكد انه لكي نذهب إلى الأمام، علينا أن ندع الماضي خلفنا، علينا أن ننطلق من الحاضر باتجاه المستقبل، ونترك سلبيات وحساسيات الماضي جانباً، فإن دخلنا في هذه الدوامة لن نخرج منها. ما جرى قد جرى، علينا التفكير في التالي: ماذا نريد أن نعمل في المستقبل. 

0   ما تقيمكم لما قام به مجلس النواب حتى الان وهل ترون بان المجلس السابق كان أفضل حالا من المجلس الحالي؟ 

-    أرى أن الفصل التشريعي الأول كان أفضل, لا أتحدث هنا عن منجزات كبيرة حققها البرلمان الأول، ولكن بالعودة الى المناقشات التي طبعت ذلك الفصل التشريعي فاننا نجدها أكثر جدية وأكثر ملامسة للقضايا التي تشغل الناس وخاصة قضايا الفساد والسرقات وقضايا الحريات, البرلمان الحالي بسبب تركيبته وغياب العناصر الوطنية عنه انشغل بالقضايا ذات البعد الطائفي والمذهبي وذلك ما يهيمن على مناخ العمل في المجلس حاليا, ويمكن أن نأخذ مثلا ملف الفساد في صندوقي التقاعد والضمان الاجتماعي كان من انجح الملفات التي تناولها البرلمان السابق وبروح وطنية مشتركة إذ لم يتحدث احد بأن النواب الشيعة هم الذين طرحوا هذا الملف ولكن عملت الكتل المختلفة رغم الخلافات الموجودة بينها على مقاربة هذه المسائل بروح مختلفة عن التي تسود المجلس الحالي بحيث أن أي استجواب أو أي قضية تطرح الان تأخذ طابعا طائفيا, فإذا كان الوزير شيعيا فان النواب الشيعة يشكلون حصانة وإذا كان العكس فان النواب السنة يقفون مع الوزير السني المستهدف وهذا الأمر لم يكن يحدث في المجلس السابق على الأقل ليس بهذه الحدة, وفي رأيي فان الفضل الأكبر في ذلك يعود الى وجود كتلة النواب الديمقراطيين رغم صغر عددها فان الفكرة ليست في العدد دائما ولكن في طبيعة الطرح الذي تقدمه. 

0   في رأيك ما هي أهم الملفات التي يجب أن تطرح خلال دور الانعقاد المقبل؟ 

-   موضوع الفساد, فهناك تقارير الرقابة المالية التي صدرت منذ أن بدأ الفصل التشريعي الثاني وهي تتضمن وقائع فادحة من أشكال الفساد والتجاوزات المالية والإدارية في أجهزة الدولة ويمكن أن تشكل مادة لمسائلة الكثير من كبار المسئولين في الدولة, هذه التقارير لم يتوقف أمامها المجلس بقدر ما توقف امام قضايا مُفرقة وغير قادرة على تحقيق الإجماع المطلوب داخل المجلس وفي حالات كثيرة انصرف الى قضايا تافهة بالمعنى الحقيقي للكلمة مثلا عندما انشغل بموضوع ربيع الثقافة أو عندما انشغل بحفلة مطربة أتت الى البحرين, اعتقد أن ملف مثل ملف الفساد واعني الفساد في العصب الرئيسي هو الذي يجب تناوله استنادا على معطيات كثيرة يمكن للنواب أن يستفيدوا منها. 
  
  
  
0    جرى تداول رسالة على الانترنت من شخصٍ يدعي انه عضو بجمعيتكم وفحواها أن المنبر استلم أموالاً من الدولة لشراء مقره الجديد. ما تعليقكم؟ 
  
  
-    أشكرك على هذا السؤال، لأننا كنا بصدد الرد على هذا الادعاء، الذي أقل ما يقال فيه انه سفيه وسخيف، وليس أسفه وأسخف منه سوى من يُروجه.
   نعم لقد اشترينا مقراً جديداً دائماً للمنبر، بعد أن طلب  أصحاب المقر السابق بالزنج إنهاء عقد الإيجار لحاجتهم للمبنى، وعرضنا الموضوع في اللجنة المركزية  وفي لقاء داخلي مع الأعضاء، حيث ارتأينا ضرورة التحرك لشراء مقر دائم بدل الانتقال إلى مقر مستأجر مؤقت آخر. وبالطبع واجهتنا مشكلة تأمين المبلغ الضروري لشراء هذا المقر في ظل الغلاء الفاحش في أسعار العقارات اليوم، حيث تعذر علينا شراء مقر في العاصمة بسبب ذلك، إلى أن وقع اختيارنا على مبنى ملائم في مدينة عيسى بسعر مائة وخمسة وسبعين ألف ديناراً، سددناها على دفعات، حيث بقيت الدفعة الأخيرة التي سوف نسددها خلال الفترة القريبة القادمة.
وقد أطلقنا حملة تبرعات بين أعضائنا وأصدقائنا لتأمين أقصى ما نستطيع من مال، بدأناها بأعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية البالغ عددهم خمسة وثلاثين عضواً، تبرعت الغالبية الساحقة منهم بما لا يقل عن ألف دينار من كل واحد، وكان من أوائل المتبرعين وفي مقدمتهم الرئيس الفخري للمنبر المناضل والرمز الوطني المحامي أحمد الشملان، وانطلقت الحملة نحو أعضاء المنبر الذين يقدر عددهم بالمئات،كل  حسب طاقته وإمكانياته، واعرف أحد كوادرنا أخذ قرضاً من البنك  حتى يتمكن من التبرع.
كما أسجل هنا الموقف المشرف لعمال ونقابيي المنبر الذين فصلوا من عملهم في شركة” البا” في سنوات قانون أمن الدولة، ونالوا مؤخراً تعويضات نتيجة تحرك نقابي طويل، فما أن استلم هؤلاء تعويضاتهم حتى سارع كل واحد منهم بالتبرع بألف دينار، واشترك معهم في ذلك بعض من نالوا التعويضات من غير أعضاء المنبر، ولهم منا كل التقدير والشكر.
والشكر موصول أيضاً لعدد من قادة جبهة التحرير الوطني وكوادرها السابقين، ممن ليسوا أعضاء في المنبر اليوم الذين لم يبخلوا بالتبرع.
كما أشكر خريجي الجامعات السوفيتية وجامعات البلدان الاشتراكية الأخرى، فخلال عدة عقود منذ مطالع الستينات في القرن العشرين حتى التسعينات منه، بعثت جبهة التحرير الوطني البحرانية بالمئات من الطلبة للدراسة الجامعية في الاتحاد السوفيتي، وبعد ذلك إلى البلدان الاشتراكية الأخرى مثل بلغاريا وألمانيا الديمقراطية  وهنغاريا وكوبا، ففي الوقت الذي كان التعليم الجامعي حكراً على أبناء الذوات أخذت جبهة التحرير هؤلاء من بيئاتهم الفقيرة والمعدمة في القرى والأحياء إلى الجامعات، وهؤلاء اليوم باتوا أطباء ومهندسين ومحامين ومحاسبين ومعلمين، وقد توجهنا إلى هؤلاء جميعا بنداء بأن يردوا بعض الدين للتنظيم الذي بعثهم للدراسة والتأهيل، ومع أن الكثيرين منهم ليسوا أعضاء في المنبر ومنصرفين إلى أعمالهم، ألا أن عدداً كبيراً منهم فاق توقعاتنا لم يترددوا في التجاوب مع حملة التبرعات التي أطلقناها، وتبرعوا بسخاء، واستغل هذه المناسبة لأناشد بقية الأخوة من الذين لم يصلهم ندائنا بسرعة التبرع.
وأخيراً أتوجه بالشكر القلبي الجزيل باسم قيادة وأعضاء المنبر للشخصيات الوطنية والليبرالية المستقلة الذين ساعدونا بتبرعاتهم، تقديراً منهم لدور المنبر وحضوره في المجتمع، واحترامهم لمواقفه حتى لو اختلفوا مع بعضها.
لقد أظهر أعضاء المنبر وأصدقائه من مناضلي ومناصري التيار الذي يمثله حرصهم على منبرهم ودوره ومستقبله، بوقفتهم المشرفة معنا لشراء المقر، وهذا بالطبع يغيظ الحاقدين الذين يزعجهم وجود المنبر وسياسته المبدئية والواقعية.
كل مستندات ووصولات هذه التبرعات متيسرة في المنبر ومتاحة للأعضاء وللجهات المعنية بالرقابة، فليس لدينا ما نخشاه أو نخفيه.