المنشور

جواد وهشام

عُدت مساء أمس الأول اثنين من عناصرنا الوطنية في‮ ‬مستشفى السلمانية،‮ ‬هما جواد العكري‮ ‬والمهندس هشام الشهابي‮. ‬كان الدكتور عباس هلال قد هاتفني‮ ‬قبل ليلة ليخبرني‮ ‬بأن الرجلين‮ ‬ينامان هناك‮.‬ وقادنا الحديث مع الدكتور عباس،‮ ‬للتأمل في‮ ‬سيرة هذين الرجلين اللذين‮ ‬يحملان على كتفيهما تاريخاً‮ ‬وطنياً‮ ‬مشرفاً‮ ‬من النضال والتضحية،‮ ‬رغم أنهما ليسا،‮ ‬في‮ ‬اللحظة الراهنة،‮ ‬من نشطاء جمعيات التيار الديمقراطي،‮ ‬لكنهما بقلبيهما وانحيازاتهما الوطنية والتقدمية العميقة معنا بكل جوارحهما،‮ ‬بل أنهما في‮ ‬قلب اهتمامات هذا التيار،‮ ‬ومن دُعاة وحدته‮.‬ جواد العكري‮ ‬هو واحد من ابرز النشطاء الطلابيين في‮ ‬مطالع السبعينات الماضية،‮ ‬واضطلع،‮ ‬فترة دراسته في‮ ‬سوريا،‮ ‬بدورٍ‮ ‬مُهمٍ‮ ‬في‮ ‬تأسيس الاتحاد الوطني‮ ‬لطلبة البحرين،‮ ‬مذ كان عضواً‮ ‬في‮ ‬اللجنة التحضيرية التي‮ ‬تشكلت لتأسيس الاتحاد،‮ ‬الذي‮ ‬أُنتخب عضواً‮ ‬في‮ ‬مؤتمره التأسيسي،‮ ‬ومن ثم أُختير عضواً‮ ‬في‮ ‬أول لجنة تنفيذية للاتحاد ومسؤولاً‮ ‬عن الثقافة والإعلام فيها‮.‬ كما أن جواد كان من بين ضحايا قانون أمن الدولة،‮ ‬ومن بين الذين قضوا أطول المدد في‮ ‬المعتقل بموجب أحكام هذا القانون الجائر،‮ ‬حيث مكث فيه أكثر من سبع سنوات متواصلة منذ اعتقاله،‮ ‬مع العشرات من مناضلي‮ ‬الحركة الوطنية والديمقراطية،‮ ‬في‮ ‬أغسطس ‮٥٧٩١.‬ أما هشام الشهابي،‮ ‬الذي‮ ‬عاد من بريطانيا في‮ ‬أواخر الستينات‮ ‬يحمل شهادة في‮ ‬الهندسة،‮ ‬فقد أصبح من مؤسسي‮ ‬وقادة اللجنة التأسيسية للاتحاد العام للعمال والموظفين وأصحاب المهن الحرة التي‮ ‬كانت ائتلافاً‮ ‬عمالياً‮ ‬ووطنياً‮ ‬ناجحاً،‮ ‬وبرز اسمه كدينامو في‮ ‬التحرك الذي‮ ‬سبق انتخابات المجلس التأسيسي‮ ‬عام ‮٢٧٩١‬،‮ ‬في‮ ‬إطار التجمع الذي‮ ‬عرف في‮ ‬حينه باسم الكتلة الشهابية نسبة إلى لقبه،التي‮ ‬كانت تتحاور في‮ ‬طريقة التعاطي‮ ‬مع خطوات الدولة‮ ‬يومها،‮ ‬قبل أن تقرر كل من جبهة التحرير الوطني‮ ‬البحرانية والجبهة الشعبية مقاطعة انتخابات المجلس التأسيسي،‮ ‬وهو قرار خضع للمراجعة النقدية فيما بعد‮. ‬ هؤلاء الرجلان،‮ ‬جواد وهشام،‮ ‬واللذان نتمنى لهما الشفاء العاجل،‮ ‬يُشكلان نموذجاً‮ ‬للعشرات،‮ ‬لا بل المئات،‮ ‬من مُناضلي‮ ‬حركتنا الوطنية والديمقراطية الذين قدموا أجلّ‮ ‬التضحيات من أجل رُفعة مكانة هذه الحركة،‮ ‬مُقدمين المثل الرائع في‮ ‬التواضع ونكران الذات،‮ ‬وهي‮ ‬السمات التي‮ ‬جُبل عليها مناضلونا في‮ ‬التيار الديمقراطي‮ ‬الذين جمعتهم السجون والمعتقلات والمنافي،‮ ‬وهما بهذا السلوك السوي‮ ‬المُشرف‮ ‬يقدمان الصورة المُشرقة لمناضلينا أمام حالات النرجسية المَرضية التي‮ ‬يزيدها الوقت تضخماً،‮ ‬والاستعراض الأجوف الذي‮ ‬أوصل هذا البعض إلى حالٍ‮ ‬لا‮ ‬يستدعي‮ ‬أكثر من الشفقة‮.
 
صحيفة الايام
21 سبتمبر 2008