المنشور

قضية الفساد المليارية .. المنسية


قضية فساد ألبا/ ألكوا هي أكبر قضية فساد في تاريخ البحرين المعاصر -على حد ما نعلم- فوفقاً لما أكدته صحيفة ‘وول ستريت جورنال’ أن نحو ملياري دولار من مدفوعات ألبا كانت تقدم إلى شركات صغيرة في سنغافورة وسويسرا وأيسل جورني، وتبين من التحويلات المصرفية -بما لا يدع مجالا للشك- أن قطعاً من تلك المبالغ كان يحول لاحقاً لمتنفذين في البحرين على هيئة رشاً وعمولات!!

وتبعات تلك القضية مازالت تستنزف شريان المال العام إلى يومنا هذا.. فالصفقات التي أبرمت -والتي لاتزال سارية وستبقى كذلك حتى 2014- تستلّ من خزينة الشركة بحسب تقديرات العاملين في سوق لندن للمعادن ما يتراوح بين 50-60 مليون دولار شهريا ‘بحسب تقلبات أسعار الألموينا’ ورغم فداحة الخسائر لم نلتمس تحركات جدية حيال هذه القضية!!

ولولا الصحف الأمريكية التي نبشت الأمر؛ ولولا المحاكم الأمريكية التي تلقفت المزاعم وأوغلت في التحقيق فيها، لما أتى على الأمر ذكر.. فبالرغم من أن ألكوا ‘الشركة المتورطة’ هي شركة عملاقة تربطها مصالح متشعبة مع الجمهوريين وإدارة بوش -المتسيدة آنذاك- إلا أن المدعي العام قد حرك القضية من دون تردد، بل ورغم أن البحرين التمست من المحاكم الأمريكية الاكتفاء بتحريك القضية مدنياً إلا أنهم أبوا إلا الفصل فيها جنائيا -أولاً- باعتبار أن تقديم رشاوى وعمولات جريمة جلل لا ينظر إليها بخفة إلا في دولنا بطبيعة الحال..!!

في البحرين؛ ورغم الإحراج الذي مثلته القضية للدولة؛ ورغم الغطاء الذي وفره سمو ولي العهد بتوعده المفسدين بالمحاسبة وإن كانوا وزراء؛ إلا أن القضية لم تحرك أنملة في محاكم البحرين، وكأن المبلغ موضوع الحديث ‘فراطة’ لسنا بحاجة لاستعادتها أو وقف تدفقها إلى الخارج!!

وفي المقابل -وذراً للرماد في العيون- حركت ألبا قضية ضد اثنين من صغار الموظفين متهمةً إياهما بتقاضي عمولات!!
و نسأل رئيس مجلس إدارة ألبا هاهنا: إن كانت الشركة جادة -وسنحسن الظن بها ونزعم أنها جادة- في محاربة الفساد فلِمَ حركت قضية ضد هذين ‘اللذين سيحاكمان اليوم بالمناسبة’ وتغافلت عن الرؤوس التي لهمت ملايين الملايين؟! ومتى تعتزم رفع قضية جنائية أو حتى مدنية تتعلق بالمليار الذي ذهب من الحساب العام للحسابات الخاصة؟!

أتخال الشركة أن الولايات المتحدة ستكون أكثر حرصاً على مال البحرين من مسؤوليها؟! اعذروا لي سذاجة السؤال الذي أسحبه واستعيض عنه بالسؤال التالي: ألا تعتقد الشركة بأن عليها استحصال أمر بتجمد الصفقات المبرمة إلى حين البت في الدعوى الأمريكية وهو أضعف الإيمان!!

إن المحاكم الأمريكية لا تعبأ أعاد مال البحرين أم خرج من غير عودة.. فهمهم الأول هو تطهير الشركات والإدارات الكبرى من المفسدين والمتنفعين بالطرق الملتوية.. وإن كانت السلطات القضائية عافةً عن هذا الدور، فأين ممثلو الشعب عن هذا الملف الخطير.. كثير من النواب تعهدوا مراراً بأنهم سيفتحون تحقيقاً حول ملف ألبا، وعلى رأسهم عبدالحليم مراد وعبدالجليل خليل ولطيفة القعود، بل كتلة المنبر الوطني الإسلامي بأكملها، ومن ثم تراجعوا، ونريد هنا أن نعرف السبب: أهو الضغوط أم غيرها يا ترى؟!

هناك قضايا هامشية.. وهناك قضايا وطنية خطيرة.. فإلى متى سنظل منشغلين عن هذه بتلك؟!

للحديث – بلاشك- بقية..



الوقت 11 مارس 2009