المنشور

بناء الكتلة الديمقراطية – 1

بدايةً، أرجو ألا ينصرف الاعتقاد، من وحي المقال أعلاه، عن بناء الكتلة الديمقراطية نحو الهاجس الانتخابي، ونحن قد دخلنا عام الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، لأننا نسعى في هذا المقال، ومقالات تالية، إلى مناقشة ضرورة بناء كتلة ديمقراطية بأفق استراتيجي، وليس فقط بأفق انتخابي، تفرضه الانتخابات القادمة. لكن، رغم ذلك، فإننا ننطلق هنا من ضرورة جعل استعداد مكونات التيار الديمقراطي، قوى وشخصيات لخوض انتخابات 2010، منطلقاً جدياً لوضع أسس بناء هذه الكتلة، التي يجب ألا تظل شعاراً يُرفع، وإنما تتحول إلى مبادرات فعلية على الأرض تزداد الظروف نضوجاً لها. في هذا المجال علينا التذكير بأمرين لهما علاقة مباشرة بحديثنا هذا: الأول: هو ما خطته المكونات الأساسية للتيار الديمقراطي، ممثلةً في المنبر التقدمي وجمعية «وعد» والتجمع القومي من خطوات، وان كانت أولية، في اتجاه اللقاء وتلمس طرق التنسيق فيما بينها، خلال الشهور الماضية، ورغم محدودية ما أنجز في هذا السياق حتى الآن، بالقياس لما هو منتظر من الجمعيات الثلاث، الا انه من المتعين النظر الى هذه اللقاءات على انها خطوة الى الأمام، يتعين التمسك بها والحفاظ عليها من اجل تطويرها، وتجاوز حالة التباطؤ التي مرت بها خلال الأسابيع الماضية، بسبب انشغال بعض الجمعيات بحسم موقفها من الانتخابات القادمة، إن بالمشاركة أو بعدمها، وآن أوان بلورة اتجاهات التنسيق في وثيقة مكتوبة، والأهم من الوثيقة ذاتها إيجاد آليات دائمة لتفعيل هذا التنسيق والارتقاء به إلى مراتب جديدة. أما الأمر الثاني فهو ما توصلت له كل من جمعية التجمع القومي وجمعية «وعد» على التوالي من حسم أمرهما بالمشاركة في انتخابات 2010، بعد نقاش داخلي في صفوف الجمعيتين حسمته الهيئات القيادية فيهما أخيراً بقرار المشاركة، علماً بأن المنبر الديمقراطي كان قد حسم أمر المشاركة منذ العام 2002، انطلاقاً من الرؤية السياسية لـ «التقدمي» التي ارتأت في المشاركة الخيار الصائب والأكثر واقعية، بصرف النظر عن المكتسبات الانتخابية، فالمشاركة هي فعل سياسي ايجابي، برهنت التجربة حتى الآن على صوابه. اليوم أصبحت الجمعيات الثلاث على أرضية سياسية واحدة فيما يتعلق بالموقف من الانتخابات القادمة، وهذا يوفر العامل الذاتي الضروري لتدعيم الحاجة الموضوعية للمزيد من تلاقي هذه الجمعيات حول آفاق التنسيق تجاه المهام الآنية المباشرة، وبينها الاستحقاق الانتخابي بطبيعة الحال الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى شهور، وتجاه المهام ذات الطابع الاستراتيجي الأبعد، التي لن يمكن انجازها بدون بناء الكتلة الديمقراطية القوية التي تشكل الجمعيات الثلاث نواتها الصلبة، والتي ستكون مفتوحة بطبيعة الحال للقوى والشخصيات والتجمعات الأخرى، حين تنطلق عجلة هذه الكتلة في المسار المطلوب. أهمية بناء هذه الكتلة الديمقراطية بوصفها استحقاقاً موضوعياً لازماً، يتجاوز رغباتنا جميعاً التي نفترض أنها خيرة، وتنطلق من الحرص على وحدة التيار الديمقراطي، لتتصل بالمصالح المباشرة لكل مكونٍ من مكونات تيارنا الديمقراطي على حدة، ولمجمل التيار الديمقراطي عامة، الذي لن يفي بما هو منتظر منه إذا استمر في حال التشتت الراهن. غداً نكمل.
 
صحيفة الايام
5 يناير 2010