المنشور

توحيد المزايا.. أم خطة إنقاذ عاجلة؟!

كل الشكر للنقابي حسن الماضي عضو مجلس ادارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية الذي حمل على عاتقه ملفا من بين اهم الملفات، وفضل ان يطوف به ومنذ فترة منتديات الجمعيات السياسية والديوانيات والمجالس الشعبية بحثا عن مساندة شعبية توقظ وعي الجميع بمخاطر ما ينتظرنا جميعا وما يتربصنا من تبعات جراء إهمال هذا الملف الذي أجد انه يعني كل بيت وكل فرد في مجتمعنا البحريني، لما له من انعكاسات خطيرة لا ترتبط فقط بمستحقات المتقاعدين وحقوقهم المشروعة في حياة كريمة أكدها الدستور وميثاق العمل الوطني، وانما ترتبط ايضا بكون هيئة التأمينات الاجتماعية من المفترض أن تكون هي المستثمر الأكبر في هذا البلد بالنظر الى حجم ما تديره من أموال واستثمارات تفوق بالفعل حتى استثمارات الحكومة ذاتها.

في أمسية أقامها المنبر الديمقراطي التقدمي مؤخرا تناثرت فيها بواعث الخوف والقلق لدى الحضور وهم من مختلف المشارب، استطرد حسن الماضي في شرح حجم ما يعترض التأمينات الاجتماعية من مخاطر حقيقية لازلت اجهل سلبية التعاطي الرسمي معها على الرغم من ان هذا الملف سبق ان اثير بقوة في الفصل التشريعي الأول عندما شكلنا حينها لجنة تحقيق في فساد هيئتي التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد، حينها عاشت البحرين من اقصاها الى اقصاها في متابعة حثيثة لما طرح تحت قبة البرلمان آنذاك من ارقام وحقائق مفزعة وفساد امتد لأكثر من ربع قرن من الزمان وعلى مدى ثمانية شهور، كانت فيها الصحافة ووسائل الإعلام تنقل معظم ما يدور ويقال في مجلس النواب الى الناس حيث خيمت مشاعر القلق من المستقبل على الجميع، رفعت بعدها المعالجات المطلوبة والتوصيات وتبعتها التعديلات على قانون التأمينات الاجتماعية بأمل ان تنشغل الحكومة بإصلاح الأوضاع في الهيئتين، وكان من بين ثمار توصياتنا تحقيق الخطوة الرائدة بدمج الهيئتين والتوجه نحو دمج المزايا للصناديق الثلاثة الخاص والعام والعسكري سعيا لتمتين الوضع المالي للهيئة وتمديد عمرالصناديق الثلاثة، وإعادة هيكلة مجلس الإدارة وإرجاع الكثير من الملايين والعقارات الضائعة والمضيعة، حيث غابت ابسط قواعد المحاسبة والرقابة وفعلت القرارات الفوقية وغير المدروسة فعلها في مالية الهيئتين، وكانت صرخة وجع واستغاثة تحمل في تموجاتها مخاوف الناس، وكم تمنينا ان يصل صداها بعيدا لتوقظ بفعلها ضمائر من يعنيهم الأمر!
في تلك الأمسية استعرض المحاضر معاناة ممثلي العمال داخل مجلس الإدارة وآليات التصويت وتمرير القرارات فيه، كما استعرض غياب الرقابة الداخلية وإدارة الاستثمار وهذه الاخيرة كم وكم تحدثنا فيها مطولا على ما اذكر مع الحكومة وعبر الندوات وفي وسائل الإعلام، وبعد مرور أكثر من سبع سنوات من المؤسف ان نسمع ما يجعلنا اكثر قلقا على أوضاع الهيئة الجديدة! فهل من العقل والحكمة ان تدار الهيئة التي تبلغ احتياطياتها قرابة الأربعة مليارات دينار من دون وجود طاقم إدري واستمثاري محترف؟ وهل عقمت بلادنا أن تلد من يكون قادرا على إدارة تلك الاستثمارات بفاعلية، لتجد إدارة الاستثمار ضالتها في موظفين من ذوي التخصصات البعيدة كل البعد عن مجال الاستثمار.
سعادة وزير المالية من جهته أجاب على سؤال لأحد الأخوة أعضاء كتلة المستقلين البرلمانية حول توحيد المزايا ووضع الهيئة بما يوضح حجم البيروقراطية وبطء الإجراءات والقرارات وآليات عمل الهيئة، حيث الاجتماعات التي تمتد لسنوات وشهور، وحتى القرارات المنتظرة منذ فترة لازالت تتطلب المزيد من الاجتماعات والتوافقات التي ربما تأتي او لا تأتي، اضف الى ذلك عدم حسم ما إذا كان الصندوق العسكري سوف يضم للهيئة أم لا، وهل سيؤخذ باقتراح الحكومة الجديد حول السن التقاعدي، وغيرها الكثير ما يتطلب عملا سريعا من قبل مجلس إدارة الهيئة الجديد، في الوقت الذي ينتظر فيه الآلاف من المواطنين من المتقاعدين وغيرهم قرارات سريعة ووضوح لرؤية الهيئة ولتوجهات الدولة حيال مسألة غاية في الأهمية، حيث لا ينتظر الزمن كثيرا في العادة، علاوة على ذلك فان اهمية وجود نظام تقاعدي تحتاج الى اكثر من الحديث حول زيادة الاشتراكات وحدها، فمتانة النظام التقاعدي هي ضمانة استراتيجية باتت مطلوبة، كما لا يمكن تحت اي ظرف التعاطي مع أموال ومدخرات الناس وحقوقهم عبر اجتهادات عابرة، بل عبر رؤية واضحة تتكامل وأهداف الدولة على اكثر من مستوى..

باختصار نظامنا التقاعدي برمته يحتاج الى رؤية جديدة وصناديقنا التقاعدية تحتاج الى خطة إنقاذ سريعة قبل ان يصبح الحل متعذرا والكلفة مضاعفة على الجميع!


صحيفة الايام
26 يناير 2011