المنشور

تعديلات دستورية تجاوزها الزمن


ما يمكن تأكيده في هذه المرحلة بالذات هو أن التعديلات الدستورية المنظورة أمام مجلس النواب والتي أفردت لها جلسة استثنائية أمس الخميس لمناقشتها، لن تسهم بأي شكل من الأشكال في خروج البحرين من المأزق السياسي، فهذه التعديلات « البسيطة » لا تلبي ولو القدر القليل من المطالبات الشعبية فيما يخص صلاحيات مجلس النواب المنتخب.
 
كتلة الوفاق البرلمانية كانت قد تقدّمت بتعديلاتٍ مماثلةٍ في مايو/ أيار من العام 2008. تلك التعديلات تضمنت «تقليص عدد أعضاء مجلس الشورى إلى نصف عدد الأعضاء المنتخبين، وتعطي رئاسة المجلس الوطني لرئيس المجلس المنتخب، بالإضافة إلى وضع القرار النهائي بشأن التشريع في يد مجلس النواب وليس مجلس الشورى»، ولكن للأسف فإن هذه التعديلات التي وصفتها الكتلة في ذلك الحين بتعديلات “جزئية “، تم رفضها من قبل مجلس النواب في العام الماضي بعد انسحاب كتلة الوفاق من المجلس.
 
ومثلما تم رفض التعديلات التي تقدّمت بها كتلة الوفاق، تم أيضاً رفض جميع المقترحات التي تقدمت بها جمعيات التيار الديمقراطي الثلاث (جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد»، جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي، وجمعية التجمع القومي الديمقراطي) خلال ملتقى الحوار الوطني.
 
في جلسة الأمس تم تأجيل مناقشة التعديلات الدستورية التي خرج بها «حوار التوافق الوطني» لمدة شهر كامل، وإرجاعها إلى لجنة الشئون التشريعية والقانونية من أجل مزيدٍ من الدراسة تباينت آراء النواب حول هذه التعديلات، فمنهم من رأى بأن «منع الخمور في البحرين هي أهم من التعديلات الدستورية»! ومنهم من وافق على المبادئ العامة لهذه التعديلات، ونائبان فقط من أصل 40 نائباً رفضوها، ورأوا بأنها تعديلات شكلية وطالبا بصلاحياتٍ أكبر للمجلس.
 
ما يبدو من خلال مناقشات النواب لهذه التعديلات أن أكثرهم لا يدركون ما هو حاصلٌ في الشارع، أو لا يريدون أن يدركوا ذلك! فالمجلس اكتفى بما قدمته الحكومة من تعديلات ولم تبادر أية كتلة أو مجموعة من النواب بتقديم تعديلات أوسع، وذلك «يبين مدى عدم قدرة مجلس النواب على إجراء أي تعديل دستوري ما لم تكن الحكومة مصدره» كما قال أحد خبراء القانون الدستوري في البحرين.
 
من المفترض أن يكون المجلس النيابي سيّد نفسه، وأن يعبّر بصدقٍ عن تطلعات المواطنين، وأن يكون مصدراً لتطوير التشريعات بما يلبي طموحات الناس في مجتمع ديمقراطي حقيقي، وأن يساهم بشكل فاعل في التنمية السياسية والاجتماعية، لا أن يكون عائقاً لكل ذلك، ينفذ ما يملى عليه، فمثل هذه التعديلات قد تجاوزتها الحالة السياسية في البحرين ولم تعد مقبولةً، فبعد هذا المخاض العسير لن يقبل الناس بأقل من مجلس تشريعي منتخب بكامل الصلاحيات، ودوائر انتخابية عادلة تحقق التوازن الاجتماعي والانتخابي في البحرين
 

صحيفة الوسط البحرينية – 17 فبراير 2012م