المنشور

عاشق فلسطين

وفاءً لذكرى سلمان زيمان، أنتج المنبر التقدمي فيلماً تسجيلياً يحكي بعضاً من محطات مسيرة الرجل الوطنية والفنية، الفيلم الذي أبدع في كتابته وإخراجه أحمد الفردان، كان بمثابة وداع يليق بمن كتم الوطن في قلبه وخلّده موسيقياً وكلماتٍ وغناء. وليس الوطن الأصغر من كان يحمله زيمان بين ثناياه بل صوب وجدانه نحو فلسطين، حبه الذي قرنه بالوطن والأرض والأمل.
يقول سفير دولة فلسطين في المنامة خالد العارف، في أحد مقاطع الفيلم، إن عمل زيمان وفنه وعطاءه لفلسطين هو ما جعله يستحق لقب عاشق فلسطين. فيما استبعد الكاتب الدكتور حسن مدن أن يكون هناك فنان غير فلسطيني قدّم للقضية الفلسطينية بحجم ما قدّمه زيمان.
غنى سلمان زيمان فلسطين، كما رددت معه فرقة “أجراس” أشعار درويش والقاسم وغيرهما تراتيل العودة وحلم الطفولة بفجر جديد. تشربت أسماعي، كما أقراني، منذ الصبا بهذه الكلمات والأغاني التي زرعت في وجداننا اللبنات الأولى وأثارت الشرارة التي توقدت لاحقاً شعلةً تضيء وحشة الطريق لفلسطين.
منذ تلك اللحظة الفارقة، استشهاد محمد الدرة، انضمّ أبناء جيلي إلى من سبقونا من أجيال تحمل فوق عاتقها حمل القضية الفلسطينية، وتبيان ما تعنيه من أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفكرية بالأساس، وسرنا كما هم في درب لا رجعة فيه كان ولا زال أفقه القدس. ولكن الحرب لم تكن متكافئة أبداً، والصراع لم يكن يوماً نزيهاً. حملات دعائية منظمة مدفوعة الثمن ومدبرة بليل، أخذت تتسلل إلى أبناء اليوم وجيل الألفية زارعة ببطء وبحذر أفكارها الخبيثة ومفاهيمها المقلوبة ومفرداتها المغلفة، حتى باتت المسلمات والبديهيات على طاولة النقاش والتحاور.
توارد لذهني تساؤل بعد مشاهدة الفلم التأبيني لسلمان زيمان، ماذا كان سيقول عاشق فلسطين حينما يرى اليوم هذا التهافت على تغيير اتجاه البوصلة نحو اتجاه غير فلسطين، ماذا كان سيقول اليوم بعدما صرنا نسمي التطبيع سلاماً؟