المنشور

في الذكرى الأولى لرحيل وداد المسقطي

مرّت مؤخراً الذكرى الأولى لرحيل السيدة وداد المسقطي، التي غادرتنا في الثالث والعشرين من اكتوبر 2019، لتفقد حركتنا النسائية إحدى قاماتها المخضرمة التى تركت إرثاً سيظلّ باقياً في مجمل العمل الإجتماعي التطوعي، هي التي آمنت بأن غاية ما قدمته كان كرامة المرأة وتمكينها والتوعية بحقوقها، دون أن تسعى لشهرة أو عائد.
ولم يثنها منصبها الوظيفي الرفيع كمديرة لإدارة الموارد البشرية والمالية في وزارة النفط عن إعطاء العمل النسوي والتطوعي الوقت والجهد اللازمين، ولم يحل دون إصغاءها لأنين وآهات النساء وأطفالهن في ردهات المحاكم، ولاعن معاناة المرأة في أي موقع، وخاصة المرأة البسيطة المغلوبة على أمرها، بل عملت بدأب ومنذ العام 1982 مع زميلاتها في لجنة الأحوال الشخصية حتى تكللت الجهود بصدور قانون أحكام الأسرة الموحد في عام 2017 وإن لم يرق إلى مستوى الطموح.
في العام 1976 تقدّمت الفقيدة وداد وزميلاتها في جمعية نهضة فتاة البحرين إلى وزارة التربية والتعليم لفتح فصول محو أمية النساء، قبل أن تتبناه الوزارة عندما فتحت مدرسة النبيه صالح للبنين، فاستطاعت الفقيدة بحنكتها وذكائها وقدرتها على تلمس إحتياجات المرأة ومواكبة التطور الحاصل في منظومة العمل الإجتماعي التطوعي في العالم، أن تحدث نقلة نوعية في عمل الجمعية، ليتحول من عمل خيري إلى عمل نسائي نوعي ملتزم ومدافع عن قضايا المرأة وحقوقها.
شاركت وداد المسقطي في مؤتمر بيجين +5 الذي عُقد بمقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك عام 2000، وشاركت في القمة التى أُقرت بها إستراتيجية النهوض بالمرأة العربية في الأردن عام 2002، ووضعت الفقيدة على طاولة الحوار في لقاءات الجمعية، إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) التى وقعت عليها مملكة البحرين، وعرّفت ببنودها وأهمية التوقيع عليها والإلتزامات المترتبة علي الدولة الموقعة وإلتزامات المجتمع المدني في إعداد التقرير الأهلي موضحة تحفظات المملكة عليها وأهمية رفعها، وكل ما يتعلق بالإتفاقية وبلجنة السيداو ومهامها في الأمم المتحدة.
أخذت على عاتقها حمل رسالة الرعيل الأول من مؤسسات الجمعية في عام 1955، ولم تدخر جهداُ لرفع إسم الجمعية وتوسيع مشاريعها والمؤسسات التابعه لها، وفي فترة رئاستها للجمعية عام 1995 تمّ وضع حجر الأساس لمركزالنهضة الأسري، والذي سمي فيما بعد بمركز عايشة يتيم للإرشاد الأسري التابع للجمعية، ولم يكن يهدأ لها بال إلا بعد أن تطمأن على حسن سير أي مشروع وإرساء دعائمه، وما ولادة فكرة تأسيس مشروع دعم المرأة المعيلة في عام 2009 إلا نتاج إحساسها بمعاناة المرأة التى تتولى إعالة أبنائها وأهمية تمكينها وإستقلاليتها إقتصاديا.
في العام 2001 شغلت رئاسة لجنة لجنة صياغة النظام الأساسي للإتحاد النسائي، حيث كانت عضوة في اللجنة التحضيرية للإتحاد الذى ناضلت مع زميلاتها من اجل قيامه بكل تصميم منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى إشهاره في العام 2006.
وأصبحت في عام 2016 عضوة اللجنة الإستشارية للإتحاد النسائي، وحرصت من هذا الموقع على تقديم كل الإستشارات التي تعزز مكانة الإتحاد وتبقيه صوتا معبرا حقيقياعن طموحات المرأة ومدافعاً عن حقوقها، ولم تتغيب عن الجمعية إلا عندما اشتدّ بها المرض، ولكن ثقتها بأخواتها ورفيقاتها في الجمعية وماغرسته فيهن من تفانٍ وإخلاص، وما كرسته وأرسته من قواعد للعمل الإجتماعي النقابي وخبرة يجعلها تطمئن وتنام قريرة العين بأنهن سيواصلن مسيرتها بتقدم وثبات.