Search Results for: كتلة تقدم

إذا نطقت «الوفاق» فعلينا الطاعة ! (1-2)

منذ أن دخلنا مرحلة الإصلاح السياسي وولج معنا التاريخ البحريني ردهة سياسية جديدة ’ وجدنا خطابا سياسيا غريبا يترافق مع مسيرة الجمعية الدينية التي تحاول تسييس أمورها وتسييس الأمور الأخرى على هواها ’ وتوزع المفردات كيفما تشاء وتصرح بروح من الاستعلاء والغطرسة الخفية تارة والمعلنة تارة أخرى . نتذكر خطاباتها في الشهور الأولى من الإصلاح ثم الميثاق ’ حيث امتلأت القاعات زعيقا وتلويحا باستحقاقات وملفات نراها هذه الأيام متلكئة ومنسية بل ومستعدة أن تساوم عليها في الأروقة الخفية. واصلت تلك الجمعية مسيرتها السياسية برداء متلون ’ فلكي لا تتهم بالطائفية منذ بريقها ’’ الخارجي اللندني ’’ لجأت إلى مغازلة المعارضة الوطنية ذات الصبغة اليسارية (التحرير والشعبية) بل وتنقلت الأدبيات والمنشورات من هياج اللغو الطائفي إلى عبارات جديدة قدمها المستشار السياسي ’ حيث وجدنا مفردة العصيان المدني تضاف إلى خطاب طائفي لا يبتعد عن مفردات – لاتزال حتى هذه الأيام جزءا من مفهومه كعبارات الاستيطان والغزو – لم تستوعب هذه المعارضة العرجاء أنها ماعادت مقبولة للطائفة أولا وللشعب البحريني أخيرا ’ فهناك رؤى متعددة وتغير في المسار السياسي للسلطة وتنوع وتبدل في الوضع العالمي الجديد ’ حيث الديمقراطية وحقوق الإنسان صارت في أولويات العالم المعاصر دون أن تغفل الأمور الأخرى ’ فصارت المعارضة اللندنية متعلقة بوهم تلك المفاهيم في الخارج مثلما ’ تعلقت بعض أذيالها في الداخل بخطاب العنف والفوضى المقارب لنهج الإرهاب ’ فلا توجد معارضة عاقلة تصب سخطها على محطات كهربائية هي في الأساس ملك عام للناس. وسواء وافقت أم لم توافق هكذا معارضة ’ وفاقيون وغير وفاقيين’ فان نتيجة التربية السياسية السابقة والحالية المستمرة ’ تساهم في تأليب الصبية والشبان بأجندة تسعدها كونها وضعت على صدرها ’’ وشاح المعارضة من الدرجة الرفيعة !’’ .لم نقل شيئا حول تلك الأوسمة العليا من التصنيفات السياسية ’ والتي أسعدت رفاقنا القدماء من الجبهة الشعبية وصغارهم الجدد الذين اتشحوا بهذا الرداء ’ الذي ربما أوهمهم بأنهم سياسيون من الطراز الرفيع طالما منح نفسه لقب معارضة وأخرى موالية . كان هذا التصنيف يوازي تصنيفات أخرى وتفسيرات عدة ’ من ضمنها نهج المقاطعة النيابية فهي تليق بروح المعارض فيما الموالون يشاركون ’ وجدنا ذلك الخطأ والفاجعة متجليا مرة أخرى كون المشاركين من المعارضة السابقة ما قبل المشروع الإصلاحي أيضا وطنيين ’ ليس بفعل الوشاح الممنوح من الوفاق وإنما ممنوح من حركة التاريخ كواقع يضاهي قوة الحقيقة ’ ولكن ما حدث هو العكس تحول الوفاق أثناء المقاطعة إلى وطنيين ومعارضين وصرنا نحن موالون منزوعا منهم ’’ دسم الوطنية ’’ لكي نتناسب والرجيم السياسي للإخوة في الوفاق وغيرهم . لا احد يحتاج لتشخيص الحقيقة فهي موجودة وقائمة ’ والمفردات الحماسية لا يمكنها إخفاء وجه تلك الحقيقة طالما إن الوطنية صك تاريخي لا تمنحه المرجعيات على هواها ’ فهي خارج سطوتها الدينية وحالة هوسها السياسي الغريب في الإفصاح عن مفردات التأثيم ’ فنجد أنفسنا أشبه بمحاكم تفتيش قديمة منحت المؤمنين خارج نطاق الكنيسة صكوك الغفران. بتنا نحن بين الغفران والتأثيم نواجه تلامذة صغاراً في عالم السياسة ’ فبعد ان انخرطوا بعد المقاطعة في اللعبة السياسية البرلمانية ’ وبرهنوا على كونهم صغارا في تكتيكات هذه اللعبة ’ وتمترسوا خلف ممارسات ازدواجية كثيرة ’ ابتداءً من فرض استبدادية النص في البيانات السياسية المشتركة (سداسية ورباعية وثلاثية وغيرها ) وانتهاء بصمت مطبق عن قضايا كثيرة تفصح عن هويتهم الحقيقية المحلية والإقليمية والعالمية ’ فالانتقائية من طبيعة الوفاق ’ فهي تصمت […]

Read more

قراءة في المشروع الاجتماعي “للتضامن الأهلي”

أن المشروع الاجتماعي الذي يسعى إلى إقامته (فاضل الحليبي) عضو المكتب السياسي بالمنبر الديمقراطي التقدمي، والنهوض بحقائقه ومفاهيمه.. وهو تأسيس جمعية جديدة تحت مسمى “جمعية التضامن الأهلي في المنامة”.. هو مشروع وطني يستحق التقدير من قبل الجميع.. وحين نقول الجميع.. فاننا قصدنا بهذا الصدد هو الشعب البحريني بجميع فئاته ومشاربه، ومختلف طبقاته وانتماءاته.. لأن هذا المشروع الوطني.. وهو مشروع جديد يطرح على الساحة المجتمعية المحلية، ولتميزه بدلالاته النوعية واتسامه بمغازيه الكيفية، وخاصة ان هذا المشروع قد يتزامن طرحه وفترة الحملات الانتخابية البرلمانية القادمة، والاستاذ فاضل الحليبي هو أحد اعضاء المنبر الديمقراطي التقدمي، وكان الدافع لذلك هو الحرص على الحفاظ على النسيج الاجتماعي، وترسيخ اللحمة الوطنية، من خلال لقاءاته أهالي منطقته، عبر مشروعه الوطني، الذي يمثل همزة وصل ما بين الناشط الاجتماعي، والناخبين، بقدر ما هو تجسيد ما بين ابناء الوطن الواحد. ومن هذا المنطلق يبقى القول الملح ان هذا المشروع الوطني استوجب ان يكون نقطة البداية والانطلاقة، في استقطاب أفراد الشعب والناخبين على حد سواء، وعلى صعيد مناطق مملكة البحرين كافة، حسبما يكون أداة دعم وتشجيع في حفز المترشحين، في مختلف الدوائر الانتخابية في البلاد، ودفعهم إلى الاقتداء بهذا المشروع الوطني والمبدئي والأخلاقي يستلهمون منه الرؤى الواضحة في تقبل الرأي الآخر، واستنارة المواقف لأصحاب تلك العقول المتحررة وإيمانها بأن المواطنين هم سواسية في الحقوق والواجبات أمام سيادة القانون والدستور من دون تفرقة ولا تمييز. طالما هذا المشروع حمل في مضامينه مكافحة التعجرف والتعصب، ونبذ الطائفية والمذهبية، ومحاربة التمييز بجميع أشكاله المقيتة، ومثلما أقيم هذا المشروع على مبدأ الوحدة الوطنية بإرساء مفاهيمها ودعائمها ما بين المجتمع الواحد، والإيمان بهذه الوحدة “عنوانا” للنهوض بالوطن وتقدم المجتمع.. فإن هذا المشروع قد تجلى جوهره بمبدأ التعددية ومفاهيم التنوع، واختلاف الأنماط الفكرية والثقافية.. لانصهار مغازي هذا المشروع أولا بأجندة الخطاب التقدمي الديمقراطي المتحرر للمنبر الديمقراطي التقدمي.. ومن ثم ثانيا توجيه هذا المشروع إلى مترشحي مختلف التيارات والانتماءات، وفي مقدمتهم مترشحو تيار الإسلام السياسي لدى مختلف الجمعيات الدينية (الاصالة والاخوان والوفاق وأمل) وغيرها من الجمعيات الدينية.. إذ يخاطبهم هذا المشروع بالتوقف عن أي ممارسات للاصطفافات الطائفية والانقسامات المذهبية، والكف عن غلواء السلوكات غير الديمقراطية. ومثلما هذا المشروع الوطني يخاطب قوى ومترشحي تيار الاسلام السياسي، بعدم التعصب للصورة النمطية ذات البعد وذات الانتماء الواحد للطائفة الواحدة.. فإن ثمة مشروعا وطنيا وحضاريا آخر قد يخاطب (السلطة التنفيذية) في مملكة البحرين.. وهو مشروع (مبدأ التعددية الحزبية والسياسية) يخاطبها لفتح المجال أمام القوى السياسية، المتمثلة في الجمعيات السياسية (الوطنية والديمقراطية) بالسماح بتحويلها الى تنظيمات حزبية تتعدد في النهج وتختلف في البرامج وتتميز بالفكر والايديولوجيا، وذلك تجاوبا مع (الاقتراح بقانون) بشأن الاحزاب السياسية، الذي طرحته كتلة النواب الوطنيين الديمقراطيين على مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الاول. ولعل القول يبقى صحيحا ان المشروع الوطني المتمثل في (جمعية التضامن الاهلي) هو حينما هدف بالدرجة الاولى الى تصفية الاجواء الملبدة بغيوم الطائفية والمذهبية والفئوية، ومحاولة تنوير عقول بعض الطائفيين والمذهبيين، وتنقية المناخ السياسي والاجتماعي والانتخابي، بتهيئة مواطنين مؤهلين (مترشحين وناخبين) لحمل مسئولياتهم الوطنية ومهامهم الاجتماعية، والساعين الى تماسك نسيج المجتمع وترسيخ الوحدة الوطنية.. فإن مشروع مبدأ التعددية السياسية والحزبية، قد يعبر عن فكرة تحديثية متطورة وحضارية لجوهر النظم الديمقراطية.. وبحسب ما ينسجم هذا المشروع، وتاريخ القوى السياسية والحركات الوطنية في البحرين، منذ بدايات عقد العشرينيات من القرن الماضي.. فإن هذا المشروع.. مشروع (مبدأ التعددية السياسية) يمثل رافدا من روافد القوى الوطنية (الواقعية والعقلانية والناضجة […]

Read more

الدولة العلمانية والمسألة الدينية : تركيا نموذجاً

    (I) لا أنوي في هذه المداخلة تقديم محاولة لفضّ الاشتباك والتشابك والشربكة الحاصلة كلّها بين معاني الدين والعلمانية والليبرالية والديمقراطية والمجتمع المدنيّ، وذلك في الجدالات والمناقشات والسجالات العربية العامة والخاصة المحتدمة منذ فترة غير قصيرة حول هذه الموضوعات الحيوية بالنسبة لنا جميعاً اليوم. بدلاً من ذلك، سأقارب الموضوع انطلاقاً مما يقال ويُحتجّ به على نطاق واسع في بعض تلك المناقشات، من أنّ العلمانية – كفكرة ودولة وممارسة وتطبيق – نشأت في أوروبا بسبب من الحروب الدينية الدموية الشهيرة هناك، وعلى خلفية صراع المجتمع المدني البورجوازي الصاعد وقتها وقواه مع الكنيسة والإقطاع، ممّا لا ينطبق على الإسلام وأراضيه، لأنّه ليس في الإسلام كنيسة أو ما يشابهها أصلا. وبما أنّ الحديث عن الدولة العلمانية والمسألة الدينية يدور هنا على هذه الخلفية الحربية – الصراعية، وجدت من المناسب الدخول في موضوعي عبر التركيز على النزاع الحادّ والحادّ جداً الجاري منذ فترة غير قصيرة – في أراضي الإسلام وغير الإسلام- على ضبط معنى الإسلام ذاته وتحديد تعريفه والهيمنة على فحواه وطبيعة تطبيقاته. ولا شكّ عندي أنّ هذا الصراع المستمرّ للسيطرة على معنى الإسلام وتعريفه يشكّل الجزء الأهمّ من المسألة الدينية اليوم في عالمنا العربي، وبخاصة عندما ينحلّ هذا النزاع ويُبتذل إلى مستوى التناحر الدمويّ الأهليّ العنيف والمديد بين طوائف الدين ومذاهبه وملله ونحله في المجتمع الواحد، كما شاهدنا ونشاهد في أكثر من دولة عربية وبلد إسلاميّ في الوقت الحاضر. أمّا الأطراف الرئيسية الداخلة في هذا الصراع على ضبط معنى الإسلام والسيطرة على تعريفه، كما تمكّنتُ من رصدها وتصنيفها، فهي على النحو التالي : أوّلاً، أنظمة سياسية وحكومات وأجهزة دولة ومؤسّسات دينية رسمية تديرها نُخب من رجال الدين، تعمل كلّها على الدفاع عن ما يمكن تسميته هنا بـ”إسلام الدولة الرسميّ”، وعلى صياغة تعاليمه وتوجّهاته صياغات مناسبة وفقاً للظروف والأحوال المتبدّلة، وعلى نشره وبثّه عبر الوسائل المتوفّرة للدولة وأجهزتها. ونجد النموذج الأعلى لهذا النوع من الإسلام في إسلام البترودولار لدولتين مثل العربية السعودية وإيران، وهو إسلام مدعوم جيّداً جدّاً، ليس محلياً وإقليميا فقط، بل ودولياً أيضًا وفي شتّى أنحاء العالم، مدعوم بجبروت الدولة المعنية وبأس أجهزتها الأمنية المتنوّعة وبقوّة أموالها الوفيرة وإغراءاتها. معروف أنّ العقيدة الأساسية لإسلام البترودولار الإيراني هي “ولاية الفقيه”، في حين أنّ العقيدة الأساسية لإسلام البترودولار السعوديّ تقول : “القرآن دستورنا”، بما يعني أننا لسنا بحاجة إلى أيّ دستور مهما كان نوعه، لأنّ الحكم المطلق هو الأفضل والأنسب للإسلام الحقيقيّ والأصيل. ولا أعتقد أنّي أبالغ حين أقول إنّ كلّ دولة من دول العالمين الإسلامي والعربي اليوم، قد طوّرت لنفسها نسخة مناسبة وطبعة ملائمة من إسلام الدولة الرسميّ هذا، تستعملها في خدمة مصالحها الحيوية وغير الحيوية داخلياً وخارجياً من ناحية أولى، وفي مناوءة وإحباط المصالح المشابهة لدول أخرى منافسة لها أو متخاصمة معها، من ناحية ثانية. ثانياً، أما الطَرَف الثاني في هذا الصراع على ضبط معنى الإسلام والسيطرة على تعريفه وتفسيره وتأويله، فنجده على الجانب الآخر البعيد من إسلام الدولة الرسمي، وأعني بذلك الإسلام الأصولي الطالباني التكفيري الجهادي العنيف، بأجزائه المتكثرة وفئاته المتنوعة وتنظيماته المتفرعة، وعقيدته الأساسية هي : “الحاكمية”، ومنهج عمله شبه الوحيد تقريباً هو “التكفير والتفجير” بلا مقدّمات وبلا نظر إلى العواقب أو النتائج مهما كانت. هذا هو الإسلام الذي احتلّ الكعبة سنة 1979 بقيادة جهيمان العتيبي، واغتال الرئيس أنور السادات سنة 1981، وخاض معارك إرهابية دموية خاسرة في سوريا ومصر والجزائر، وهو الإسلام الذي نفّذ ضربات 11 أيلول/سبتمبر سنة […]

Read more

في انتظار انطلاقة التيار الوطني الديمقراطي

منذ تدشين المشروع الإصلاحي تطلع قطاع يشغل نسبة لا بأس بها من الشارع السياسي البحريني إلى بروز تيار وطني ديمقراطي يعبر عن طموحاته، ويميز برامجه عن القوى السياسية الأخرى. ويشكل الرافعة السياسية التاريخية التي بوسعها أن تنتشل هذا المجتمع، من خلال عملية تطويرية سلمية، من موروثات «قانون أمن الدولة»، إلى آفاق المشروع الإصلاحي الرحبة. وعلى امتداد السنوات العشر الماضية برزت بعض المحاولات الفردية والجماعية، آلت نسبة عالية من عضويتها إلى الجمعيات الثلاث: «وعد»، و»المنبر التقدمي»، و»التجمع القومي»، التي شكلت، في نهاية المطاف، وككتلة سياسية القوة الرئيسية المنظمة نسبياً في ذلك التيار. لكنها، وللأسف الشديد، لم تتمكن من التحول إلى «نوتة المركزية»، ومن ثم امتلاك القدرة على قيادته أو استقطاب رموزه السياسية الأساسية غير المنظمة لأسباب كثيرة، موضوعية وذاتية من بين أهمها وأكثرها تأثيراً: 1. استمرار السلطة في حربها على التيار الوطني الديمقراطي، فمهما قيل عن معارك السلطة التنفيذية مع التيارات السياسية الأخرى، تصر تلك السلطة على استمرار معاداتها لهذا التيار. يمكن تلمس ذلك في «المنغصات»، السياسية التي لا تتوقف عنها السلطة ضده، والتي تعبر عن نفسها أحياناً في تعطيل أنشطة منظماته المدنية، أو زجّه في معارك ثانوية تستنزف قواه، وتجرّها قسراً، نحو معارك هامشية، بدلاً من تركيزها على المعارك الرئيسية. 2. عدم ثقة ذلك التيار في نفسه، وشعوره بصغر الحجم مقارنة مع التيارات الأخرى، سلطوية كانت أم معارضة، الأمر الذي يقزم من سلوكه، ويضعه في مؤخرة المسيرة بدلاً من قيادتها. بل يبدو الأمر أسوأ من ذلك، حينما تقطف تيارات أخرى ثمار الجهود التي يبذلها ذلك التيار. والحديث هنا عن مسار تاريخي، وليس إلى حوادث متفرقة هنا أو هناك، أو مرحلة زمنية قصيرة. 3. تخثر تبعات العلاقات التاريخية بين فصائله، وتحولها إلى كتل من العقد السياسية التي لاتزال تحكم العلاقات القائمة بينها حتى يومنا هذا، والتي تمارس أدواراً سلبية ذات أوجه متعددة، تحدّ من انطلاقة ذلك التيار، وتعزز عوامل التناحر، بدلاً من إبراز عناصر التنسيق، إن لم نقل التوحد، كي لا نتهم بالتفاؤل المفرط، مما ينهك قوى التيار ويرغمها على التآكل من الداخل. تلك كانت مقدمة ضرورية للتمهيد للتوقف عند، ومناقشة ما ورد في مقابلة رئيس جمعية التجمع القومي الديمقراطي حسن العالي مع إحدى الصحف المحلية، والتي استوقفتني عندها تلك الفقرة التي أجاب فيها العالي على سؤال «إلى أين وصلت مسودة التيار الديمقراطي؟». ملخص رد العالي كان أن جمعيات التيار الوطني (المقصودة هنا: «وعد»، والمنبر التقدمي» و»التجمع القومي»)، قد أوكلت إلى «المنبر التقدمي» الذين كُلِّفوا بصياغة مسودة تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات «جمعيات التيار»، مضيفاً، أنه «متى ما تم الانتهاء منها سيدعون (أي الجمعيات) إلى اجتماع بغية إقرار الوثيقة. …وبعد إقرار الوثيقة التي ستنص على أن الجمعيات الثلاث هي نواة للتيار الوطني الديمقراطي، نأمل أن تتشكل آلية من بينها لتباشر الاتصال بكافة أطراف التيار الوطني الديمقراطي من جمعيات وأفراد من خارج إطار الجمعيات الثلاث وذلك للحوار معها». في البدء هناك نقطة لابد من التأكيد عليها وهي أن معالجة موضوعة «التيار الوطني الديمقراطي» هنا، ليست بأي شكل من الأشكال رداً شخصياً على الأخ رئيس التجمع القومي الديمقراطي، الذي نكنُّ له كل التقدير وللكثير مما جاء في تلك المقابلة. لكن طالما إن مسئولية بلورة «المشروع الوطني الديمقراطي» هي مهمة وطنية، فليس هناك من مناص لأن يدلو بدلوه من يرى في بروز ذلك التيار الوسيلة الأكثر جدوى، إن لم تكن الوحيدة، التي بوسعها، أن تنتشل البحرين من حالة التسمر السياسي التي تعيشها، ومن مستنقع الطائفية […]

Read more

التــعليم النوعي‮ ‬يخــــرجنـــا مـــن مـــأزقنـــا الحضــــاري

في‮ ‬أبريل الماضي،‮ ‬وفي‮ ‬إحدى ابتداعاتها الفكرية التنموية المتجددة لتنويع قاعدتها الاقتصادية،‮ ‬افتتحت سنغافورة ثلاثة أبراج مهيبة تضم كازينوهات عالمية المستوى تريد من خلالها محاكاة مدينة لاس فيغاس وجزيرة مكاو المجاورة‮. ‬وكانت من قبل قد أضافت قطاعات اقتصادية جديدة إلى سلسلة القطاعات التي‮ ‬تشكل صرحها الاقتصادي‮ ‬الناهض ومنها قطاع الهندسة الحيوية وقطاع صناديق التحوط الإقليمية‮.‬إلا أن التعليم‮ ‬يبقى هو الأولوية رقم واحد والذي‮ ‬تفوقت في‮ ‬مناهجه لحد تحولها إلى تجربة نموذجية صارت تستوردها بعض الدول المهتمة بتطوير مناهجها التعليمية‮.‬روسيا أيضاً‮ ‬اختارت أن‮ ‬يكون التعليم أولوية تنموية وطنية،‮ ‬إلى جانب تحديث جيشها‮.‬ماليزيا التي‮ ‬كانت حتى وقت قريب‮ (‬إلى ما قبل مطلع ثمانينيات القرن العشرين الماضي‮)‬،‮ ‬دولة فقيرة‮ ‬يبلغ‮ ‬متوسط دخل الفرد فيها أقل من ألف دولار،‮ ‬جُل سكانها الذي‮ ‬كان‮ ‬يبلغ‮ ‬آنذاك‮ ‬14‮ ‬مليوناً‮ (‬اليوم‮ ‬27‮ ‬مليون نسمة‮) ‬يعملون في‮ ‬زراعة المطاط والموز والأناناس وصيد الأسماك،‮ ‬فإنها تقف اليوم في‮ ‬مصاف كبرى القوى الاقتصادية الصاعدة في‮ ‬آسيا‮ ‬يُتوقع لها بموجب خطة‮ ‬2020‮ ‬التي‮ ‬وضعها مهاتير محمد قبل مغادرته السلطة طواعية في‮ ‬عام‮ ‬‭,‬2003‮ ‬أن تصبح رابع قوة اقتصادية في‮ ‬آسيا بعد الصين واليابان والهند‮.‬والفضل كل الفضل في‮ ‬ذلك‮ ‬يعود للتعليم أولاً‮ ‬وأخيراً،‮ ‬حيث قرر مهاتير منذ البدء،‮ ‬منذ أن أصبح رئيساً‮ ‬للوزراء في‮ ‬عام‮ ‬1981‮ ‬أن‮ ‬يكون التعليم والبحث العلمي‮ ‬على رأس الأولويات التنموية لحكومته،‮ ‬حيث اختص التعليم وتدريب وتأهيل الحرفيين بحصة وفيرة من ميزانية الدولة،‮ ‬وركز على البحث العلمي‮ ‬وتعليم الإنجليزية‮. ‬كما ابتعث عشرات الآلاف من الماليزيين دون تفريق بين انتماءاتهم الدينية‮ (‬حوالي‮ ‬18‮ ‬ديانة‮) ‬للدراسة في‮ ‬أعرق الجامعات العالمية‮.‬ الهنـد كما نعلم من الدول الرائـدة في‮ ‬مجال التعليم الأوَّلي‮ ‬والثانوي‮ ‬والفني‮ ‬‭(‬Primary‭, ‬Secondary and Vocational Education‭)‬،‮ ‬ويعود الكثير من الفضل في‮ ‬نهضتها الاقتصادية إلى التعليم ومناهجها التعليمية الموازية لمناهج التعليم في‮ ‬البلدان المتقدمة سواء في‮ ‬فروع علم اللسانيات أو العلوم التطبيقية والإنسانية‮.‬الهند هذه بالذات،‮ ‬وهي‮ ‬التي‮ ‬مازالت محسوبة على منظومة البلدان النامية شأنها شأن الصين،‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬تسترعي‮ ‬الانتباه هذه الأيام باتجاهها نحو فتح آفاق جديدة أمام قطاعها التعليمي،‮ ‬غير مكتفية على ما هو ظاهر بما حققته من منجزات تعليمية أهلتها لأن تكون إحدى القوى الكبرى في‮ ‬العالم في‮ ‬إعداد وتأهيل وتخريج آلاف الكوادر العلمية والفنية،‮ ‬وتزود بها سوق العمل الهندي‮ ‬وأسواق العمل العالمية،‮ ‬لاسيما العمالة التقنية التي‮ ‬تسجل طلباً‮ ‬متزايداً‮ ‬من جانب الدول الرائدة في‮ ‬تكنولوجيا المعلومات‮.‬اعتمدت الهند على إمكاناتها وطاقاتها الذاتية في‮ ‬إطلاق مشروعها النهضوي‮ ‬وفي‮ ‬القلب منه التعليم والتدريب،‮ ‬ومع ذلك فقد شجعت لاحقاً‮ ‬المؤسسات التعليمية العالمية الرائدة والمستثمرين الدوليين على الاستثمار في‮ ‬قطاع التعليم الهندي‮ ‬ذي‮ ‬العائد العالي‮ ‬على الاستثمار،‮ ‬إلا أنها لم تكن لتسمح لهذه المؤسسات التعليمية العالمية بإنشاء حرم جامعي‮ (‬أرض الجامعة ومبانيها التابعة‮) ‬كما هو الحال بالنسبة للجامعات الهندية‮. ‬فلقد كان مسموحاً‮ ‬للجامعات والمعاهد والكليات الجامعية الأجنبية بتبادل البرامج والمواد التعليمية وإنشاء الشراكات مع المؤسسات التعليمية الهندية‮. ‬وكانت القيود على التدريس وعلى أجور الطاقم التعليمي‮ ‬سبباً‮ ‬في‮ ‬تحديد حجم الاستثمار الأجنبي‮ ‬المباشر في‮ ‬التعليم العالي‮. ‬في‮ ‬شهر مارس الماضي‮ ‬اتخذ مجلس الوزراء الهندي‮ ‬قراراً‮ ‬يسمح لمؤسسات التعليم العالي‮ ‬العالمية بإنشاء حرمها ومبانيها الجامعية،‮ ‬وأحيل القرار في‮ ‬صورة مشروع قانون إلى البرلمان الهندي‮ ‬للمصادقة عليه‮. ‬ويتوقع الكثيرون أن‮ ‬يسهم هذا القانون في‮ ‬إحداث نقلة نوعية أخرى جديدة في‮ ‬قطاع التعليم الهندي‮.‬هذا القانون الجديد‮ ‬يستجيب لحاجة الهند المتزايدة لمواكبة ومقابلة متطلبات الزيادة السنوية في‮ ‬عدد المقاعد الدراسية للتعليم العالي‮ ‬التي‮ ‬تزداد سنوياً‮ ‬والتي‮ ‬تتراوح […]

Read more

الحركات العمالية: هل ثمة من أمل؟

كان النضال الطبقي خلال السنوات الثلاثون الأخيرة، شأنٌ ذي جانب واحد إلى حد ما، حيث كان رأس المال يوجه ضربهُ للعمال على مدار العالم. وعندما حدث الركود الاقتصادي اتخذ اقتصاد معظم العالم الرأسمالي المتقدم موقف الهجوم، بدءً من سبعينيات القرن الماضي، مُستوعبٌ في الحال أن أفضل الطُرق للحفاظ على الهوامش الربحية في فترة نمو اقتصادي متقطع بطيء هي تخفيض تكاليف العمالة.        الحركات العمالية: هل ثمةَ من أمل؟ (1)    بقـــــلم: Fernado E. Gapasin and Michael D. Yates ترجمة: غريب عوض   كان النضال الطبقي خلال السنوات الثلاثون الأخيرة، شأنٌ ذي جانب واحد إلى حد ما، حيث كان رأس المال يوجه ضربهُ للعمال على مدار العالم. وعندما حدث الركود الاقتصادي اتخذ اقتصاد معظم العالم الرأسمالي المتقدم موقف الهجوم، بدءً من سبعينيات القرن الماضي، مُستوعبٌ في الحال أن أفضل الطُرق للحفاظ على الهوامش الربحية في فترة نمو اقتصادي متقطع بطيء هي تخفيض تكاليف العمالة. فبدأت الحكومات ومنظمات التسليف الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتطبيق سياسات أدت بشكل متزايد إلى شعور العمال بعدم الاطمئنان على وظائفهم.    أدت قائمة من الأجراءات التي أتخذها أعداء الطبقة العاملة إلى القرأةَ المُزعجة التالية: تخفيض المعاشات والفوائد، والانتاج الهزيل (وما يتبعهُ من زيادة في إصابات العمل والمشاكل الصحية المصاحبة، التي قل ما تهتم بها الهيئات الأهلية هذهِ الأيام)، أغلاق المصانع وتدمير المجتمعات، والحرب الأيديولوجية الناجحة التي يشنُها اليمين، وتفكيك دولة الرعاية الاجتماعية، وخصصة الخدمات العامة، ورفع الرقابة الحكومية، وفرض الضرائب الارتدادية، وبرامج الانضباط الهيكلي، واقتطاع التكاليف من العائدات وتغريب العمل، والاتفاقيات التجارية المضادة للعمال، والعنف المباشر ضد العمال. ويجب الإشارة بشكل خاص للأوضاع في ما يُسمى سابقاً دول ”الكتلة الشرقية“. لقد شَهِدت هذه الدول سرِقات ضخمة في الممتلكات الاجتماعية وتحويلها إلى ممتلكات خاصة. هذ مع القضا على جميع أشكال الاستهلاك الاجتماعي تقريباً نتج عنهُ تفشي البطالة بين عشرات الملايين من الناس وتفشى العمالة المهمشة بين عشرات الملايين من الناس الآخرين، وموت عشرات الملايين من العمال ومن المحالين على التقاعد قبل أن يحين وقتهم. وقد شهدت الصين ضربة شديدة وُجهت إلى حقوق العمال ونمو الاستِغلال الفظ.    وبجانب الضرر المباشر الذي يُصيب العمال نتيجة للحرب الطبيقية التي يشنها أرباب العمل، قام هؤلاء أيضاً بإعادة هيكلة التوظيف بشكل جذري. على مستوى العالم، هناك مئات الملايين من الناس الذين هم أما عاطلين عن العمل فعلاً أو هُم في وظائف هامشية غير رسمية. وهذهِ المجموعة تضمُ الملايين من الفلاحين المُهَجّرين الذين يعيشون في المناطق الاخطبوطية الحضرية الرثة المُحيطة بالمُدن العملاقة في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. ومن بين بقية الطبقة العاملة، أنتشرت بسرعة أنواع متعددة من التوظيف العرضي – عمال البيوت، والعمال المؤقتين، وعمال المقاولات، وعمال التوظيف الذاتي (وعمال استغلال النفس). وقد قل كثيراً حجم التوظيف الكامل، حتى في الدول الغنية، عنهُ عما كان عليه بين جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية. زد على ذلك، أن العمال الذين كانوا في فترة ما ضامنين لوظائفهم ومطمأنين عليها، تحتم عليهم الآن مواجهة احتمال خسارة وظائفهم وهم ويُجبرون على الانتقال من مكان إلى آخر ضمن دولهم وإلى دول أخرى بحثاً عن وظيفة، مما جعل الطبقة العاملة في كل دولة متنوعة الأعراق والأجناس. وأصبت ضغوطات العمل ومخاطرهِ في تزايد في كل مكان. وغنياً عن القول، أن جميع هذهِ التغيُرات تخلق الصعوبات للعمال الذين يحاولون تنظيم أنفسهم في اتحادات نقابية وتنظيمات سياسية. كما يجب التأكيد أيضاً على أن من المحتمل أن المرأة في جميع أنحاء العالم آخذةٌ بشكل […]

Read more

جليل الحوري سيأتي اليوم

يشارك عمالنا اليوم عمال العمال الاحتفال بعيدهم السنوي المجيد في الأول من مايو. منذ التحولات الإصلاحية في البلاد أصبح هذا اليوم عطلة رسمية، وهو مطلب قديم قدمت الطبقة العاملة البحرينية تضحيات جليلة في سبيل أن يكون واقعاً. منذ الخمسينات والنواة العمالية المناضلة تحتفل بهذا اليوم سراً، في سنوات لاحقة اتسعت دائرة الاحتفالات وتحولت إلى مسيرات واعتصامات في الأول من مايو تطالب بإقراره عطلة رسمية. كتلة الشعب البرلمانية في المجلس الوطني عام 1974 تقدمت باقتراح بإعلان الأول من مايو عطلة رسمية، ولم تكن الحكومة وحدها من وقف ضد الاقتراح، بل شاطرتها كتل برلمانية أخرى مصابة بالفوبيا من كل ما يمت للفكر التقدمي والإنساني بصلة، لكن عمال البحرين وقادتهم الشجعان أقاموا في تلك السنة احتفالاً مهيباً في نادي البحرين بالمحرق. ورغم التضييق على الحريات في السنوات اللاحقة ظلّ عمالنا يحييون المناسبة بصورٍ وأشكال مختلفة، بينها إصدار المنشورات وتبادل التهاني وتوزيع الحلويات. ليس غير ذي مغزى أن عمال البحرين ومناضليها سيتذكرون اليوم وبكل إجلال واحداً من رواد النضال في سبيل النقابات وفي سبيل إحياء الأول من مايو، النقابي العنيد والشجاع جليل عمران الحوري الذي رحل وهو في قلب اعتصام الاحتجاج على تسريح المصرفيين منذ أسبوع واحد فقط. لم تمهله الأقدار لكي يشارك رفاقه مسيرة اليوم بجسده، لكنه بروحه المحلقة حواليهم سيكون حاضراً بقوة تضاهي حضوره كل سنة. في العام الماضي، وفي الأعوام التي تلته، كان جليل عمران مع رفاقه من النقابيين المخضرمين في مقدمة صفوف المسيرة العمالية التي تجوب شوارع البحرين. كان مقدار سعادته الطفولية كبيراً لأن شيئاً مما ناضل في سبيله قد تحقق، لكن النضال ذاته لم يتوقف في سبيل صون الذي تحقق وفي سبيل المزيد من الحقوق.في العام الماضي، وبهذه المناسبة كتبت عن خاطر خطر في ذهني بالمناسبة، وأنا أرى جليل عمران وعباس عواجي وجعفر الوداعي وأحمد سند البنكي وغيرهم الكثيرون من رفاقنا العمال يسيرون مبتهجين في مقدمة المسيرة العمالية بهذا اليوم. لقد أفنى هؤلاء زهرات شبابهم في السجون وفي الملاحقة لأنهم كانوا يحلمون ويعملون في أن تنشأ في البلاد نقابات عمالية تدافع عن حقوق الشغيلة، وأن يكون الأول من مايو عطلة رسمية، تكريماً لأصحاب السواعد السمراء التي أخذت من شمس البحرين لونها. بوسع كل منا أن يتخيل مقدار البهجة في نفوس هؤلاء وسواهم من ذلك الرعيل، فبعض ما حلموا به قد تحقق، فها هي النقابات العمالية قد تشكلت، والأول من مايو أصبح عطلة رسمية، بعد أن كان التفوه بفكرة الاحتفال يقود إلى السجن.  

Read more

خليج توبلي وجريمة اغتصابه

لا يمكن فصل العلاقة الطبيعية بين خليج توبلي وجزيرة النبيه صالح ومن كـُتب له وهو طفل أن يقطن منطقة أم الحصم أو على ضفاف ساحل خليج توبلي من جهة الشمال لا يمكن أن تفارق مخيلته تلك الطبيعة البكر لخليج توبلي وسحره الخلاب في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي عندما كانت مياهه الزرقاء الداكنة تفوح بعطر الطبيعة الندي.   فساحله الملاصق شمالاً لمنطقة أم الحصم كان نقطة تجمع الأهالي والمشدودة أنظارهم نحو الفردوس الأخضر الذي كان يتوسط بحر الخليج وهي جزيرة النبيه صالح ذات الحضارة التاريخية ومزار الأهالي وبخاصة النسوة مع أطفالهم لإقامة النذور على الضريح بقرية النبيه صالح كـُن النسوة يقدمّن النذور ويستأجرن “العبرة أو البانوش” للانتقال إلى جنة خليج توبلي قرية النبيه صالح الصغيرة والتي كانت محاطة بسياج من الحزام الأخضر الداكن والأجواء الباردة بأرضها الخصبة المليئة بينابيع المياه الحلوة وبرك السباحة والتي كانت من شدة صفائها لا يمكن أن تخفي مياهها سطح القاع وضيائه.  وأهالي القرية كانوا جزءاً من تلك الطبيعة الصافية ببساطتهم وطيبتهم، كانت تلك القرية محط ولائم قرب المسجد ومزارات متكررة لأهالي المناطق المحيطة بخليج توبلي والذين كانوا ينتقلون بالعبّارة والقوارب التي تتهادى على سفح المياه الزرقاء معتمدة على “الخطرة والمجاديف والأشرعة”، في حركتها فلم تكن في تلك الساعة المحركات البحرية في قاموس البحر، كان خليج توبلي في تلك الآونة ثروة بحرية ومرقداً طبيعياً للعديد من أنواع السمك والحياة البحرية، إن كل تلك الطبيعة وجمالها الخلاب أصبح في خبر كان وأطلال مرثية في أذهان من عاشوا تلك الفترة وقُرت عينهم بتلك الطبيعة الخلابة.  فاليوم تحولت الجزيرة إلى كتلة إسمنتية والكل يتباكى على نباتات “القرم” المنقرضة والجميع يستصرخ محطة توبلي للصرف الصحي لوقف تدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة في مياه الخليج والمناشدات للجهات المسؤولة وأصحاب القرار على قدم وساق تـُطالب بوقف عمليات الدفع العشوائي وعملية سرقة المتنفذون لمساحات وأجزاء شاسعة من مياه خليج توبلي، ربما قد تكون للحضارة والتقدم والمدنية نصيب في تغيير الطبيعة وجغرافيتها لكن ما جرى ويجري في خليج توبلي جريمة بيئية وطنية يتحمل مسؤوليتها أصحاب القرار والمسؤولون بالدولة ممن أجازوا وشرعوا وشاركوا في اغتصاب خليج توبلي وتدميره والقضاء على ثرواته الطبيعية وحولوا مياهه إلى أتربة مدفونة لتقام عليها قصور وفلل وأصحابها لا يشكون من أزمة سكن لديهم، بل من جشع لا حدود له. وأولئك هم ذاتهم من أسهم بتدمير واختفاء العديد من السواحل والمحميات الطبيعية. وخليج توبلي جزء من ذلك والمخاطر الذي تحاصره اليوم وتخنق أنفاسه وأنفاس أهالي المناطق المحيطة به يتفرج عليها المسؤولون بالدولة وكأنهم يشيعون جنازة الخليج يوماً عن يوم في ظل غياب القرارات النافذة وسيادة القانون لفرض خط الدفان وتحديده فتلك قضية تتقادم وتـُعلك منذ العام 2006 وإلى يومنا هذا ناهيك عن خط الارتداد المسمى الجديد والذي ستكون عملية تطبيقه خاضعة لتعدد مراكز القرار!! وقد تبلغ كلفته 140 مليون كتعويض لملاك الأراضي في ظل شح الموازنة. نعم يتباكى المسؤولون في هذه الفترة من أجل تنظيف خليج توبلي الذي بلغت ارتفاع الرواسب والمخلفات على قاعه حوالي 5 أمتار وتقلصت مساحة المياه فيه من 21 كيلومتر مربع إلى 13 كيلومتر مربع من جراء عمليات الدفن العشوائي وكلفة عمليات التنظيف قد تصل إلى 15 مليون. لقد تحول خليج توبلي من محمية طبيعية وثروة طبيعية إلى مجمع للقاذورات وتفريخ للملوثات البيئية.  وكما اغتصبت في بدايات الأمر جزيرة النبيه صالح جوهرة خليج توبلي لتتحول أراضيها إلى فلل وقصور لوزراء ووكلاء وزارة لا طائل منها للمواطن […]

Read more

هزيمة اليسار في الانتخابات العراقية

لم يحصل اليسار العراقي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، خاصة الحزب الشيوعي العراقي الجسم الرئيسي العريق لهذا اليسار، على أي مقاعد!تاريخٌ عريقٌ وبطولاتٌ وتضحياتٌ جسام على مدى عقود منذ أن تأسس هذا الحزب سنة 1934، لم تشفعْ له بالحصول على مقعد واحد، بينما انهمرتْ المقاعدُ على القوى الطائفية والقومية المحافظة القبلية! نتائج مذهلةٌ مخيبةٌ، لكنها تعكسُ تاريخاً مليئاً بالصراع الاستقطابي الحاد، الذي بدأ بين الشعب العراقي والاستعمار البريطاني، وواجهته النظام الملكي.إن التناقضات التاريخية في عقود القرن العشرين الأولى بين الاستعمار والاتحاد السوفيتي، انعكستْ على مجملِ الصراعات العالمية، وكانت الفصائلُ المؤيدةُ لرؤيةِ السوفيت في الاشتراكية والتغيير الدولي، قد دخلتْ في صراعاتٍ استقطابية ضارية ضد الأنظمة. موقفان ايديولوجيان يعكسان صراعاً رأسمالياً ذا مستويات مختلفة، وقد تبدى شكلاً كأنهُ صراعُ الاشتراكية والرأسمالية، لكنه كان في الحقيقة صراعُ التجاربِ الرأسمالية الوطنية في العالم النامي، ضد الاستعمار المانع لتطورِها واستقلالها. وكان إدخال هذا الصراع من الطرف العراقي تحت هذه المظلة الايديولوجية قد كلفَ الكثير من استنزافِ قواها في معارك سياسية وايديولوجية طاحنة بين تشكيلاتِ اليسار نفسها وبينها وبين تشكيلات البرجوازية الليبرالية والقومية والجماعات الدينية في العقود التالية للثلاثينيات خاصة. واستطاع الحزب الشيوعي العراقي بتلك التضحيات الكبيرة والمثابرة و(المساعدة) من الاتحاد السوفيتي أن يتحولَ إلى التنظيم السائد بين القوى السياسية الشعبية.لقد اشتغلَ بقوةٍ على تصعيدِ نموذج الاشتراكية، بتلك الرؤية غير الدقيقة لمسألةِ الاشتراكية، وهي ليستْ سوى تأييدٍ للرأسمالية الحكومية الشرقية، وعدم معرفة جذورها وإشكالياتها، وقد ظهر ذلك واضحاً في عدم حسم الرؤية باتجاهِ تشكيلِ مجتمعٍ رأسمالي ديمقراطي تحديثي، وبالتالي بضرورةِ تجميعِ القوى كافة خلال تلك العقود الاستنزافية من الشهداء لتجربةٍ مغايرةٍ هي الديمقراطية غير (الاشتراكية) الشمولية تلك. وبالتالي فإن سلسلةً كبيرةً من الأخطاء تجمعتْ وتكشفتْ وانفجرتْ عبر الصراع مع البعثِ وبالتحالف معه خلال تشكيله الرأسمالية الحكومية الدكتاتورية التي صارتْ دمويةً بشكلٍ كلي وساندها (السوفيت) أنفسهم! فكأن الدكتاتوريةَ الروسيةَ المؤيدة من قبل الحزب الشيوعي قد تجسمتْ في العراق نفسه، وغرزتْ أسنانَها الضاريةَ في لحم اليسار! إن عدمَ قيامِ الحزبِ بتنميةِ العناصرِ الديمقراطيةِ الجنينية في الثقافةِ والسياسة والحياة الاجتماعية العراقية، بل كرس نقيضَها في الدكتاتورية، ارتدت عليه وهو يحملُ أحلامَ البسطاءِ والعمال والفلاحين في التغيير للحصول على قوتهم وحقوقهم وثرواتهم المضيعة بين القصور والحروب وجماعات الحكم العنيفة!إن هذا التاريخَ الطائفي المحافظَ الراهنَ هو نتاجُ التاريخِ السابق القافزِ على الظروفِ والمتجاهلِ للموضوعيةِ والخصائصِ الشعبية البسيطة. إن المراهقةَ السياسيةَ في زمنٍ ماضٍ تتحولُ إلى عقابٍ سياسي في زمنٍ آخر حاضر، من قبلِ هذا الشعبِ نفسهِ الذي لم يُفهم، وتم تجاهل مستوياته وشبكاته الاجتماعية المحافظة وسيطرة الحكوماتِ المتخلفةِ ورجالِ الدين الأميين إسلامياً عليه. والقفزةُ الفارغةُ للامام تتحولُ إلى قفزةٍ مؤلمةٍ للخلف! إن الشعبَ ليس كتلةً صماء، يتجرد خارج التاريخ، بل هو تكويناتٌ تتبدلُ مع تطورِ الحياةِ وأساليبِ الإنتاج والعيشِ والثقافةِ، وإذا لم تكرسْ فيه تلك التكوينات الديمقراطية الجنينية وغرست فيه تكويناتٍ دكتاتورية، فستكون أنت أول ضحاياه! لقد كان النظامُ الدموي السابق هو التتويجُ الهائلُ لبذورِ تلك الدكتاتوريات المتعددة، وقد أطلقها إلى عنانِ السماء، وفتت الخريطةَ العراقية إلى فسيفسائها الطائفية وأعادها لعقود طويلة للوراء. كان الوقوف ضد النظام السابق وهزيمته ضرورة بقاء لشعبٍ سُحل، لكن الديكورات الديمقراطية الغربية تبقى مثل الديكورات الروسية الاشتراكية، إذا غدت مجرد مناورات بين النخب السياسية، والتلاعب داخلها لا يشكلُ ديمقراطية حقيقية كما حدث في البداية، من دون العودة للشعب، والنضال معه، وتغيير ظروفه الصعبة، وبالصراع مع الأقليات الطائفية الاستغلالية المتخلفة، والوطنية والعلمانية والديمقراطية هنا لا معنى لها إذا […]

Read more

بين أملاك الدولة وملف الحريات والانفتاح

على مدى الأسبوعين الماضيين انشغلت البحرين بملفين لازالت تفاعلاتهما محل حراك اجتماعي وسياسي، وهما ملفا الفساد والتحقيق في أملاك الدولة وملف الحريات العامة وقضية الانفتاح بشكل عام، وهذا الأخير كان محط اهتمام كبير من قبل قطاع واسع من كبار التجار والمستثمرين وغرفة تجارة وصناعة البحرين ومجاميع واسعة من المواطنين والمقيمين في البحرين، وقد تمثلت تلك الجهود في زيارات واجتماعات متواصلة مع القيادة السياسية والسلطة التشريعية، وربما كان البيان المشترك الذي صدر عن صاحبي السمو الملكي رئيس الوزراء وولي العهد، بدعم الحريات ومزيد من الانفتاح بمثابة الحافز الذي شجع مجاميع كبيرة للمطالبة كل بحسب موقعه للحفاظ على سقف الحريات وحالة انفتاح مسؤول يستدعي عدم التراجع والإقدام على خطوات غير مدروسة، وكان صوت التجار والمستثمرين وما يمثلونه من مؤسسات مالية وتجارية هو الصوت الأبرز، وهذا أمر طبيعي ومتوقع على أية حال، حيث اظهر القطاع التجاري والصناعي حيوية كبيرة ربما نشهدها للمرة الأولى تجاه ما يدور في هذا الشأن، نرجو أن تستمر مستقبلا في العديد من الملفات ذات الشأن الوطني العام نظرا لما يمثله التجار من دور وما ينتظرهم من مهمات في عهد الانفتاح والإصلاح، كما أننا نرجو أن تكلل تلك الجهود بتوافقات وطنية تضع مصلحة الوطن أولوية قصوى لا تقبل التهديد والمساومة، بعيدا عن الارتجال والتخبط أو حتى مجرد القبول بتغليب المصالح الوقتية أو قصر النظر السياسي والاجتماعي، كما يحصل كثيرا بكل أسف حين تعاطي بعض الأطراف مع قضايانا الاقتصادية والاجتماعية.وعلى الجانب الآخر كان ملف الفساد والتحقيق في أملاك الدولة حاضرا وبقوة، نظرا لما يمثله هذا الملف من أهمية بالغة بالنسبة لكل أبناء البحرين من الأجيال الحالية واللاحقة أيضا، كون الأملاك العامة للدولة هي جزء رئيس من الأموال العامة وثروات هذا الوطن، وبالنظر إلى حيثيات التعاطي البرلماني مع هذا الملف الهام، فانه من الإنصاف القول أن لجنة التحقيق البرلمانية التي أرى أنها عملت في ظروف صعبة للغاية طيلة أكثر من تسعة وعشرين شهرا، تستحق التقدير على ما قامت به من عمل هو باعتراف أعضاء اللجنة لا يمثل إلا جزءا من كم مهول من الوثائق والخرائط والبيانات التي تاه بل ضاع جزء كبير منها بين التسجيل العقاري وبين وزارتي العدل والمالية، في سجال كشف بوضوح حجم التجاوز والتعدي على الأملاك العامة الذي أملته ظروف غياب الرقابة طيلة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وفي هذه الجزئية بالذات، طرحت ندوة المنبر الديمقراطي التقدمي يوم الأحد الماضي والتي كانت تحت عنوان “أملاك الدولة.. مقاربة لملفات الفساد” وتحدثت فيها شخصيا إلى جانب رئيس جمعية الشفافية المهندس عبد النبي العكري، طرحت تساؤلات عدة تسترعي الانتباه بالفعل، مفادها.. ماذا لو تم الأخذ بمقترح كتلة الشعب في المجلس الوطني في العام 1973 الخاص بتسجيل كافة أملاك الدولة والحفاظ عليها؟.. هل كانت الأمور يا ترى ستصل إلى ما وصلت إليه من ضياع لتلك الثروات والأراضي والسواحل والفشوت والتي من الصعب تقدير قيمتها الحقيقية في ظل تقادم الزمن وتفاوت القيمة الحقيقية لها؟ بل هل أن أهميتها تكمن فقط في قيمتها السوقية؟ في الوقت الذي نشهد تعارضا في الخطاب الرسمي بين جهة وأخرى حول شح الأراضي أو وفرتها؟! ففي حين يعلن وزير المالية أنه لا توجد أزمة أراض في البحرين نجد أن خطاب وزارة الإسكان يتحدث باستمرار عن أزمة حقيقية في الأراضي مما راكم بدوره أكثر من 50 ألف طلب إسكاني تجد الدولة اليوم صعوبة كبرى في التعاطي معها.وعلى العكس من تعاطي الحكومة، فان تعاطي القوى السياسية مع هذا الملف جاء موفقا […]

Read more