المنشور

تحديات المرأة البحرينية في انتخابات 2010


في الأول من سبتمبر لعام 2009، دعا المجلس الأعلى للمرأة البحرينية مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات سياسية ونسائية وأهلية لمؤتمر صحفي لإعلان نتائج الدراسة التي نفذها المجلس بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة undp ، وبتحكيم من مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية…” بعنوان المرأة البحرينية في انتخابات 2006 الفرص والتحديات “.
 
في عام 2005، واستعدادا لانتخابات 2006، قام المجلس الأعلى للمرأة بتنفيذ برنامج عمل لتمكين المرأة سياسياً، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبعد الانتخابات وما صاحبها من نتائج مقلقة لوضع المرأة وتمكينها لوصولها لمواقع صنع القرار، وجد أنه من الضروري إجراء دراسة تقيم تلك التجربة الانتخابية للمرأة كمرشحة وناخبة، وقد تم تشكيل فريق من خبراء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يساعده باحثون محليون لإجراء تلك الدراسة التقيمية.
 
وقد خرجت علينا الدراسة بعدة توصيات مهمة، بينها توصيات إلى:
 
أولاً: الجهات الرسمية.

وما يهمنا في هذه التوصيات هي:
 
توسيع الفرص المتاحة للمنظمات النسائية لعرض مطالبها وطرح أفكارها عبر وسائل الإعلام !   كيف والمنظمات النسائية حرم عليها العمل في السياسة حسب قانون الجمعيات الأهلية.
 
ثانياً:- توصيات لمجلسي الشورى والنواب:-
 
أهم توصية هي اتخاذ التدابير المؤقتة لدعم المرأة وزيادة فرصها في النجاح وفق ما جاء في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ).
ما هي هذه التدابير….التدابير المؤقتة في اعتقادنا هي تغيير في قانون الانتخابات بإضافة مادة تسمح بإعطاء المرأة حصة للتنافس فيما بينها المسمى بنظام الكوتا. أو التمييز الإيجابي هذا أولاً، أما ثانياً فهو تغيير الدوائر الانتخابية من 40 دائرة إلى 10 دوائر على الأكثر لحلحلة الصوت الواحد.
 هناك توصيات كثيرة للمجلس الأعلى للمرأة، وللجمعيات السياسية والأهلية والإعلام والجمعيات النسائية.

لكن ما هي آلية تفعيل هذه التوصيات المهمة، هل سيباشر مجلس النواب والشورى اتخاذ قرار حاسم في التدابير المؤقتة. كنظام الكوتا، وتغيير الدوائر الانتخابية لا أعتقد ، فالمجلس الأعلى للمرأة ضد نظام الكوتا، وضد تغيير الدوائر الانتخابية حسب ما صرحت به الأمين العام لولوة العوضي في المؤتمر الصحفي.
 
إن تفعيل هذه التوصيات يتطلب وضع خطة واضحة وإقامة ورش عمل وندوات عامة في جميع مناطق البحرين، وليس فقط في المجالس الرمضانية والديوانيات.
 
وقد قسمت الدراسة أسباب إخفاق المرأة البحرينية في انتخابات 2006 إلى عدة عوامل:
 
عوامل اقتصادية.
عوامل مجتمعية وثقافية.
عوامل مرتبطة بأداء المرشحات.
عوامل مرتبطة بالمؤسسات الداعمة للمرأة وخاصة الجمعيات السياسية.

وعلى ضوء هذه العوامل وضعت التوصيات، التي يهمنا منها ثلاثة محاور، سنركز على تفنيدها لنتوصل إلى حقيقة وضع المرأة البحرينية بالنسبة لمشاركتها السياسية.
اتخاذ تدابير مؤقتة.
زيادة تفعيل التزامات البحرين الدولية ومراجعة التشريعات والقوانين التي تسهم في تعزيز المساواة بين الجنسين.
زيادة الاهتمام برفع المعرفة والوعي لدى المرأة للمشاركة في العملية السياسية.
 
لقد منح الدستور المرأة البحرينية حقها السياسي في المشاركة الانتخابية كناخبة ومرشحة، إلا أن هذا الأمر لم ينعكس على أرض الواقع لا في انتخابات 2002 ولا انتخابات 2006 حيث لم تحصل المرأة على أي مقعد باستثناء النائبة لطيفة القعود عام 2006 وبالتزكية!، وذلك على الرغم من ارتفاع نسبة مشاركة المرأة كناخبة إذ بلغت مشاركتها 51% من مجموع الناخبين.

أليست هذه مفارقة. أين الخلل؟ هل الخلل في المرأة نفسها؟ لماذا؟ وما هي الأسباب التي تجعل المرأة تحارب نفسها: أهي أسباب نفسية أم اجتماعية ؟ هل تملك المرأة استقلاليتها في اتخاذ القرار أم لا زالت تابعة للسيطرة الذكورية والمرجعية الدينية…..ونحن نسأل ما الذي يجعل المرأة تابعة للرجل؟ أهي الأسباب الاقتصادية؟ لا أعتقد أنها اقتصادية بالمطلق، لأن معظم النساء يعملن في جميع المجالات، فالمرأة إذاً نوعاً ما مستقلة اقتصادياً.

إنها العوامل الثقافية والدينية البحتة وهذا العامل بالذات لم تعطه الدراسة حقه في البحث مع أنه عامل مهم وأساسي،.فالتوجيه الديني من قبل رجال الدين، القائمة الإيمانية مثالاً، وبعض الفتاوي التي تحرم على المرأة المشاركة السياسية لعبت دوراً كبيراً في توجيه أصوات الناخبين من الجنسين…هنا مربط الفرس.

هل بالتوعية المكثفة نستطيع فك هذا الارتباط الديني المرجعي….أن تغير العادات والمعتقدات الاجتماعية والثقافية والأعراف ليست بهذه البساطة فما بالك إذا تدخل الدين في السياسة فهنا الطامة الكبرى….الحل هو في سن القوانين والتشريعات لبداية التغيير لهكذا نمط من التغيير.إن اتخاذ تدابير مؤقتة لدعم المرأة وفق ما جاء في اتفاقية سيداو…وهذه التوصية رفعت لمجلسي الشورى والنواب حيث هما المعنيان بالتغيير سواء بالإضافة أو الحذف، ووضعت من ضمن مواد عديدة احتوتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة دفاعاً عن حقوقها، بعد دراسة معمقة لأوضاع المرأة في العالم وما تعانيه من اضطهاد وأسباب هذا الاضطهاد من قبل لجنة المرأة في هيئة الأمم المتحدة، ووصلت إلى قناعة مؤكدة أن المرأة في جميع أنحاء العالم تحتاج لوضع تدابير مؤقتة لدعمها حسب خصوصية كل بلد.

ومن ضمن تلك التدابير إضافة مادة في الدستور أو في قانون الانتخابات تعطي المرأة حصة في بعض الدوائر يتنافسن من خلالها في الانتخابات. دول كثيرة في العالم سنت هذا النظام حتى في الدول الديمقراطية الراقية….فما أحوجنا نحن في العالم الثالث لمثل هذا النظام. أما حجج الرافضين لنظام الكوتا فهي حجج واهية لافتقارها للموضوعية وعدم ربطها مواد الدستور بالواقع الموضوعي والمعاشي، فالدساتير والقوانين ليست منزلة وليست مقدسة..هناك تخوف من البعض بأن الوضع الاجتماعي والحراك السياسي في البلد وسيطرة التيارات الإسلامية على مجمل الدوائر الانتخابية فإن حصة الكوتا النسائية ستكون بالضرورة من نصيب تلك الفئة.
ربما هذا صحيح ولكن العبرة في الأداء وفي المواقف ومؤازرتهن للتشريعات التي تصب في صالح المرأة. حينها ستعي المرأة أية فئة تقف مع حقوقها.                                                                                               
 
نشرة التقدمي أكتوبر 2009