المنشور

شروط تسويات إرجاع المفصولين… أسوأ عقود الإذعان


على رغم ما خرج به تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق فيما يخص المفصولين من أعمالهم، والتأكيد على أهمية إرجاعهم لوظائفهم، إلا أن أغلب المؤسسات الحكومية والشركات مصرّة على الاستمرار في معاقبة هؤلاء المواطنين والانتقام منهم.
 
بدايةً، فإن اتخاذ قرار فصل أكثر من 3000 موظف من القطاعين العام والخاص والمئات من الطلبة من جامعاتهم على خلفية أحداث سياسية، إجراء لم نسمع به من قبل في أية دولة من دول العالم، ما حدا بجميع المنظمات العمالية والحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية إلى استنكار هذا الفعل والمطالبة بإلغائه فوراً.
 
تقرير لجنة تقصي الحقائق يشير إلى أن «المسئولين الحكوميين هيأوا علناً أجواء الانتقام من الذين شاركوا في التظاهرات والإضرابات… وصدر منهم تشجيع مباشر للشركات على فصل الموظفين… وأن الكثير من حالات الفصل التي زعم أنها تستند إلى التغيب عن العمل كان الدافع إليها في حقيقة الأمر الانتقام من الموظفين الذين اشتبه في ضلوعهم في المظاهرات، وهذا كان واضحاً للغاية في حالات الفصل من وزارة التربية والتعليم وشركة بتلكو وشركة طيران الخليج».
 
عملية الانتقام مازالت مستمرة حتى الآن وحتى بعد إرجاع عدد من المفصولين. وسواءً كانت عمليات الانتقام هذه تتم من خلال تغيير مسمى الوظائف وأماكن العمل أو التهميش، فإن ذلك لا يمكن أن يعتبر تنفيذاً لتوصيات لجنة تقصي الحقائق التي تعهدت الدولة بتطبيقها.
في الفترة الأخيرة قامت إحدى الشركات الكبرى بإجبار المفصولين منها على التوقيع على عقد عمل جديد يخالف دستور مملكة البحرين، علاوةً على مخالفته لقانون العمل في القطاع الأهلي، ما يجعل منه بحق نموذجاً لعقود «الإذعان» التي لا يملك الطرف الآخر إلا القبول بها أو البقاء دون عمل.
 
فعلى رغم ما تم إثباته من أن جميع قرارات الفصل كانت تعسفيةً، إلا أن الشركة من خلال العقد الجديد تلغي جميع مستحقات الموظفين بما في ذلك التأمين الاجتماعي خلال فترة الفصل، وتلزم الموظفين بعدم المطالبة بأية مستحقات كما تلغي حقهم في اللجوء للقضاء لإثبات حقوقهم المالية بإلزامهم بشطب أية دعوى أقاموها ضد الشركة سواء لدى وزارة العمل أو وزارة العدل.
 
من الشروط التي وضعت في عقد العمل الجديد والمخالفة لدستور مملكة البحرين أن يتعهد الموظف بـ «عدم ممارسة أي نشاط سياسي سواء بالقول أو الفعل وفي حال مخالفته لذلك فإنه يحق للشركة اتخاذ الإجراء التأديبي ضده بإنهاء خدمته من الشركة»، على رغم أن التوصية رقم 1456 من تقرير لجنة تقصي الحقائق «تناشد الحكومة ضمان ألا يكون الموظفون المفصولون قد فصلوا من أعمالهم نتيجة ممارستهم لحقهم في التعبير وحرية الرأي والتجمع أو الاجتماع».
 
هذا الشرط المضحك لا يحدّد أو يفسّر ما يقصده «بممارسة السياسة قولاً أو فعلاً»، فهل أن انتقاد أداء أي وزارة أو وزير في الحكومة يعتبر حديثاً في السياسة مثلاً؟ إن كان كذلك فإن الإشادة بالوزير هي ممارسةٌ للسياسة أيضاً في المقابل. وهل تحوّل دور الشركات لدينا الآن من مراقبة أداء الموظفين وجودة إنتاجهم إلى التجسّس عليهم ومراقبة آرائهم السياسية؟
 

صحيفة الوسط البحرينية – 24 يناير 2012م