المنشور

ننظر وتنظرون


لم تمر على شعبنا حالة من الانقسام السياسي والطائفي كالحالة التي يمر عليها الآن بعد المحنة التي تعرضنا لها واستمرت تداعياتها بين شد وجذب حتى يومنا هذا ونتج عنها حالة تباعد مقيتة زاد من مقتها البعض طمحا في مكاسب او شهرة عمياء ستنطفي بانطفاء هذه المحنة، ولن يتم ذكرهم الا بأبخس التوصيفات، ولن تغني عنهم شهرتهم الآنية شيئا ولا هم يحزنون.
 
لم يكتف بعض مروجي الفتنة والبغي السياسي من استمرار حملات التغريدات اليومية عبر شبكات التواصل من النفخ الإجرامي لتزييد الهوة بين مكونات الشعب الذي عاش متآلفا متحابا طوال عمره وان تخللتها بعض الهفوات من هنا او هناك، او تصريحات لبعض المعتوهين تسببت في جدل او هرج ومرج.
 
إلا ان ما نمر به ما هو إلا أمواج تتلاطم في بحرين وليس بحر واحد، تكثر فيها الدعوات والمصطلحات، والتكتلات والائتلافات، وكل يقول ان تشكلاته ودعواته وتجمعاته من أجل المصلحة الوطنية ووحدته الوطنية، وكلما سمعنا عن صدور أمر جديد ودعوة جديدة، قلنا (ننظر وتنظرون) حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود، من وراء هذه الدعوات ومدى صدقها في حملها للهموم الوطنية، حتى وصلنا الى دعوة ومبادرة المصالحة الوطنية.
 
ولوضع النقاط على الحروف، لا بد ان نعترف ان لا الشعب ولا السلطة يقدران على تنفيذ هذه المصالحة الوطنية إلا بإرادة صادقة وحقيقية تبدأ بحل الملفات العالقة والجلوس على طاولة حوار جادة يتفق من خلالها المتحاورون على إنهاء كافة أشكال التوترات ووضع خارطة طريق سياسية متفق عليها للبدء في دخول مرحلة المصالحة الوطنية المبنية على أساس قوي، لا أن تكون مصالحة وقتية وهذا هو أمر في غاية الخطورة ويجب الانتباه إليه، عبر وضع خطط إستراتيجية لتفعيل المصالحات الوطنية الحقيقية.
 
الشجاعة ليست في إطلاق الدعوات فقط أو تشكيل الائتلافات والتكتلات أو التحالفات، الشجاعة هي ان نقول للمخطئ أخطأت بعيدا عن التقديسات التي يضعها بنو البشر، الشجاع هو الذي يقول ان مستقبل بلدي يجب ان لا يكون بيد السبابين والشتامين، ويستطيع ان يقول لهم من دون خوف كفوا حتى نستطيع ان نبني الوطن، بأمن وأمان، يحفظ فيه حق الإنسان وعرضه وماله، ويحترم فيه المعتقد، وتحفظ فيه الحقوق المدنية للمواطنين.
 
الأيام 31 يناير 2012