المنشور

هل نصغي لأصوات الناس؟

طوال الأسابيع الماضية؛ كان موضوع التأمينات، ومنظومة التقاعد عامة، مالىء الدنيا وشاغل الناس في البلد،، فجرى تناوله في الصحافة وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وكان أيضاً محل اهتمام من قبل السلطة التشريعية، مع كل الملاحظات التي نعرفها عن طريقة تعاطي مجلسي الشورى والنواب مع الأمر، وفي نتيجة ذلك جاءت مبادرة جلالة الملك، بضرورة التريث في إقرار التعديلات المقترحة من قبل الحكومة على القانون المنظم للموضوع، واتاحة فرصة لاجراء المزيد من المشاورات حول جوهر هذه التعديلات وطبيعتها، هو ما عنى، حكماً، أن هذه التعديلات مرفوضة شعبياً، ويمكن القول برلمانياً أيضاً.

وقد وضع المنبر التقدمي على عاتقه، وقبل فترة طويلة سابقة لتقديم هذه التعديلات، مهمة التنبيه إلى المخاطر الكبيرة المحيطة بمنظومة التقاعد وحقوق المتقاعدين في البحرين، إن على شكل ندوات ضمن ملتقاه الأسبوعي، او على شكل ورش وحلقات عمل، وعلى صفحات هذه النشرة، بالذات، نشرنا العيد من المعالجات الرصينة والمسؤولة للمسألة بأقلام مختصين ومتابعين، سواء كانوا من كوادر “التقدمي” أو من الكفاءات الوطنية من خارجه.

وفي الفترة الأخيرة انخرطنا مع كافة مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الوطنية وكل الشخصيات الوطنية، لا في نقد المآخذ الكبيرة على التعديلات المقدمة من الحكومة للسلطة التشريعية، وتبيان أوجه الخطورة فيها، وإنما أيضاً لاقتراح الحلول والمخارج السليمة والموثوقة للخروج من هذه الأزمة الكبيرة التي تمس حقوق عشرات الآلاف من المتقاعدين اليوم، فضلاً عن من ينتظرون التقاعد قريباً او بعد حين.

 وبيّن المنبر التقدمي، سوية مع كل المخلصين في هذا البلد، أن المشكلة، في جوهرها، ليست في القانون، وإنما تكمن أولاً؛ وقبل كل شيء، في سوء إدارة الصندوق، وفي الفساد المستشري داخله، فضلأً عما يحوم حول طريقة إدارة استثمارات  الصندوق من شبهات، وأنه يتعين، في البداية، معالجة هذه الآفات المعروفة والمُوثقة في تقارير لجان التحقيق في أوضاع الهيئة، أكانت هذه اللجان برلمانية، أو حتى من ديوان الرقابة المالية في تقاريره السنوية.

بين دفتي هذا العدد مجموعة كبيرة من التوصيات وضعتها لجنة مختصة انبثقت عن حلقة حوارية أقامها “التقدمي” الشهر الماضي، وهي توصيات كفيلة بأن تأخذ بأوضاع منظومة التقاعد نحو الطريق الصحيح، وهي تلتقي مع ما قدمته الحركة النقابية وسواها من مؤسسات المجتمع المدني من مقترحات حول الغاية ذاتها.

فهل تجد هذه التوصيات آذاناً صاغية من المعنيين، هل سيصغون لأصوات الناس؟

نشرة التقدمي العدد 129 اغسطس 2018