Search Results for: كتلة تقدم

الحوار والتغيير… والديمقراطية البرلمانية

في مقالة سابقة على هذه الصفحة، قلنا إن الحوار الذي سينتقل من الشارع إلى طاولة المفاوضات، يجب أن ينتهي إلى جملة من الإصلاحات السياسية والدستورية التي تقود البلد إلى ديمقراطية حقيقية، وحياة سياسية واجتماعية متطورة. وقلنا إن مثل هذه الحياة التي ننشدها لبلدنا وشعبنا ترتبط بالإصلاح، بعيداً عن الاستبداد والفساد اللذين أنهكا البلد على مدى عقود طويلة. لذلك فإن كل القوى والأطراف المشاركة في الحوار مطالبة بالتوقف عند كل الأفكار والرؤى التي يمكن أن تغني الحوار وتساهم في بلورة مشروع سياسي متوافق عليه من قبل كل هذه القوى، لأن جميع هذه التصورات والأفكار مهما بدت متعارضةً أو مختلفةً، تمثّل خلاصة وجهات نظر القوى السياسية ورؤيتها للأحداث والتطورات التي شهدتها البلاد طوال العامين الماضيين. وكما يقال إذا كانت السياسة هي «فن الممكن» فإن الديمقراطية هي «فن المساومة»، وهذا يعني ضرورة البحث والتفتيش عن حلول مبتكرة، وغير مألوفة لمساعدة بلدنا على التخلص من المصاعب التي تحيط به من كل جانب. فقد علمتنا الأحداث الأخيرة أن سلوك نهج الحوار الحضاري يعني القطيعة التامة مع نهج العنف والفتنة الذي لا يمكن أن يخلف سوى الكوارث السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية، التي يكفي بلدنا ما طاله منها حتى الآن. ويمكن أن تكون البداية في الاتفاق على جملة من المبادئ التي لا تشكل أي خلاف بين القوى المختلفة، وعلى رأس هذه المبادئ وحدة الوطن واستقلاله وسيادته، ورفض أية تدخلات خارجية في شئونه الداخلية، بالإضافة إلى تأكيد عروبة البحرين وانتمائها العربي والإسلامي. كما يجب الاتفاق على حصر الخلاف بين الأطراف المشاركة في بعده السياسي فقط، من دون التعدي أو مصادرة حق بقية الأطراف في أن تكون لديها رؤيتها وتصوراتها للأحداث وأسبابها وسبل الخروج منها. وهذا يستدعي التخلي عن النظرة الاستعلائية التي تدعي احتكار الحقيقة، وبالتالي احتكار الوطنية وتمثيل الوطن، وجعل أيّ رأي معارض أو مخالف وكأنه خلاف مع الوطن. هذه نقطة جوهرية تقودنا إلى طبيعة النظام الديمقراطي الذي ينبغي التوافق على حدوده وسقفه، لأنه لا يكفي التغني بمحاسن الديمقراطية، أو الادعاء باعتمادها كنهج للحكم، بينما نحن غير قادرين على التعاطي مع أصولها وقواعدها المعروفة، بدليل ما هو حاصل على أرض الواقع من سلوكيات تتنافى مع أبسط معايير الديمقراطية. وهذا لا يعني أن الديمقراطية قادرة على إنهاء الخلافات أو الصراعات بعصا سحرية، لكنها حتماً ستكون عاملاً مساعداً في إدارة الخلافات بصورة حضارية، لأنها تملك من الوسائل والآليات ما يمنع أية خلافات من الانحراف إلى منزلقات طائفية أو عنصرية مدمّرة كما شهدنا خلال تطورات الأزمة. فالديمقراطية ليست انتخابات وصناديق اقتراع فقط، إنّما هي مجموعة قيم وإجراءات إذا ما غابت تغيب معها الديمقراطية المتعارف عليها في الدول العريقة التي يطمح ميثاق العمل الوطني في دفع البحرين إلى مصافها. وفي مقدمة هذه القيم احترام التعددية السياسية والفكرية والعقائدية، وكذلك احترام حرية الرأي والتعبير وحق التظاهر السلمي، والسماح بقيام الأحزاب السياسية، وهي أيضاً الشفافية التي تسمح بمواجهة الفساد ومحاسبة المفسدين، وقبل هذا وذاك، هي حرية نقد الدولة ومحاسبتها على أخطائها وتجاوزاتها، فهذه حقوق كفلها الدستور. ما نريد أن نصل إليه من هذا الاستطراد حول مفاهيم وأصول الديمقراطية هو مناقشة محور أساسي وجوهري يجب أن يكون في صدارة أجندة أي حوار قادم، لأنه يتعلق بموضوع خلافي بين المعارضة من جهة والدولة وبعض القوى السياسية الموالية من جهة أخرى، وهو الموضوع الخاص بمفهوم «الحكومة» المعبّرة عن الإرادة الشعبية، وطبيعة البرلمان الذي يمكن أن يفرز مثل هذه الحكومة، إذا ما تم الاتفاق أو التوافق بشأن هذه […]

Read more

بلادُ الإغريق .. غريقٌ يهفو للنجاة

  ما زالت تداعيات الأزمة المالية / البنيويّة الحالية للرأسمالية المعاصرة تترى وتتعمق في كل أرجاء المعمورة، لتتكثّف في المركز الرأسماليّ القديم (قارة أوروبا) أكثر منها في معمعان وقلب المنظومة الرأسمالية (الولايات المتحدة الأمريكية). وقد أضحى الصراع الإجتماعيّ / الطبقيّ واضحاً ومتبلوِراً، عبر السنوات القليلة الماضية، التي تلت الفقاعة المالية وثقوبها المهترئة في سنة 2008 ، في القارة العجوز؛ جنوبها بالذات، حيث الوعي العماليّ أكثر تقدماً منه في الشمال الأوروبيّ. والصراع الطبقيّ أكثر بروزاً للعيان، ليس فقط لأن العمال والشغيلة الأوروبية اللآتينية ( اليونان / إيطاليا / إسبانيا ) أدركوا وعانَوا أكثر من زملائهم الطبقيين من البروليتاريا الغربية والعالمية، من جرّاء سياسات التقشّف المجحفة كعلاج وحيدٍ ومؤقتٍ للأزمة المذكورة. بل لأن الشغيلة الاوروبية تعرضت أيضاً منذ عقود قليلة لهيمنة برجوازيتها – المحافظة خاصة- من خلال محاولة فرض منظومة الإتحاد الأوروبي العسكرتارية قسراً، في أغلب البلدان الأوروبية. ولو أن العملية تمّت تحت شعارات وهميّة ديماغوجيّة، من خلال الآلية الشكلية البيروقراطية للديمقراطية الأوروبية، حين بدى الظلم الطبقيّ والعسف الاجتماعيّ غير مرئيّين للمواطن الأوروبي العادي المخدوع والمخدّر حتى النخاع، بسبب سطوة “الميديا” وابواقها الجهنميّة، التي تبث – ليلاً ونهاراً- جرعات من “البروباغندا”، كأفضلِ وسيلةٍ وسلاحٍ فتّاكٍ للاستغلال الرأسمالي “الناعم” في المجتمعات الاوروبية المعاصرة، بشكلٍ تبدو فيه الأفراد أشبه بأشباحٍ لا يعرفون بعضهم البعض.. في جوٍ من الغربةِ النفسيّة، الإغترابِ الاجتماعيّ والتفكّكِ العائليّ. باتت أخبارُ الإضرابات العمالية، الحركات الجماهيرية، الإعتصامات والمواجهات بين الشغيلة والطبقة البرجوازية الحاكمة، ترد تباعاً من الدول الأوروبية، خاصة في الجنوب الأوروبي. ها هي اليونان أضحت ساحة حربٍ رئيسةٍ وميدانٍ لمواجهاتٍ يومية، بل صارت رأسِ حربةٍ لحركةِ الشغيلة الأوروبية قاطبةً.. إلى درجة أن المعارضة الراديكالية في اليونان ترفع شعار: “السلطة الشعبية” وضرورة؛ “كنس” الطّغمة البرجوازية اليونانية !؟ والسؤال الذي يدور في ذهن الرّاصد لهذا الصراع غير المسبوق في اليونان: هل بالفعل وصلت الأمور في هذا البلد، بشكلٍ صار بمقدور غالبية الشعب اليوناني إحداث تغييرٍ نوعيٍّ في منظومةِ الحكمِ البرجوازية / الرأسمالية؟! هل الظروف الموضوعية والذاتية ناضجة بما يكفي للدخول في هذا المعترك؟!؟ نعتقد أن الشواهد والمؤشرات لا توحي بمثل هذه الدرجة من التفاؤل وكأن البلد على أعتاب ثورة إجتماعية جذريّة، حتى ولو أن الصراع الإجتماعي وصل إلى مستوياتٍ غير مسبوقة. ومن هنا فإن المعارضة الجذريّة اليونانية متمثلةً أساساً في الحزب الشيوعي اليوناني، الذي يعتبر ثاني أقوى حزب شيوعي في أوروبا الغربية، بعد أكيل القبرصي (الحزب الحاكم في قبرص حالياً). كان بإمكان الحزب الشيوعي اليوناني سلك دربٍ أكثر واقعية وأسهل كلفة، بُغية تشديد الضغط المتواصل على اليمين التقليدي تدريجياً وتراكمياً ومرحلياً، بعيداً عن نهجٍ إنعزاليّ ملحوظ ، يتّسم بسياسة حادة غير منسجمة مع واقع الحال وموازين القوى المحلية / اليونانية، والإقليمية / الاوروبية في الوقت الحاضر، كون التركيبة اليونانية وصراعاتها الإجتماعية الحادة- مهما تكن جذرية- لاتؤهلها بعد للركون على أهدافٍ “شعاراتية” صعبة المنال في الظرف الراهن (السلطة الشعبية!). ليس فقط لأن جماهير ومناصري الحزب الشيوعي لوحدها لا تشكل أغلبية بإمكانها الإطاحة الفورية بسلطة رأس المال. بل بسبب أن اليونان كبلدٍ صغيرٍ هو في الواقع الفعلي جزءٌ من كل. وهذا الكل متمثل – بالطبع- في؛” منظومة أخطبوطية / سياسية / إقتصادية / اجتماعية / ثقافية ” أكبر وأقوى ألا وهي الإتحاد الأوروبي. ومن هنا فإنه لا يمكن الحديث عن “سلطة شعبية” في بلد أوروبي أو حتى عدة بلدان، بدون سيادة وعي اجتماعي / طبقي جامع وميلان شعبي واضح في الرأي العام الأوروبي يرنو […]

Read more

مزاج الجمهور المتحرك

لا نعرف ما السبب في أننا حين نتحدث عن مؤيدي الكرة نقول: جمهور الكرة، وحين نتحدث عن رواد المسرح نقول: جمهور المسرح، وكذلك الحال بالنسبة إلى جمهور الأغنية والسينما والشعر، ولكننا ما أن نقترب من السياسة حتى نتحدث عن الجماهير، أي نجمع الجمع، رغم أن عدد المهتمين بالسياسة في عالمنا العربي، لا بل في العالم كله، لا يقارن من حيث ضآلته بجمهور كرة القدم أو الأغنية مثلاً، لكن اكتفاءنا بالقول: جمهور السياسة لوصف من يهتمون بالشأن السياسي أو سيتابعونه يجعل القول قاصراً، كأننا نرى ضرورة الحديث عن عدد من »الجمهورات«، إن صح القول، لا عن جمهور واحد فقط . البعض يعزو هذه المفارقة إلى تعدد الآراء وسط من يهتم بالسياسة، وأن التيارات السياسية العربية هي وراء هذه المبالغة للإيحاء بأن لكل تيار سياسي جمهوره الخاص به، ولكن هذا القول لا يصمد للحجة، لأن أياً من هذه التيارات لم يكن يتحدث عن »جمهور« حين يعني مريديه ومناصريه هو فقط، وإنما عن الجماهير كلها توخياً للتعظيم والتفخيم والمبالغة . مفهوم الجماهير ابتذل كثيراً في بلادنا العربية، خاصة في البلدان المحكومة من قبل أفراد أو أحزاب شمولية كان همها إظهار تأييد هذه ال»جماهير« لها فكانت الأجهزة تحرص في المناسبات على حشد الشاحنات والحافلات، بل والقطارات، بأكبر عدد ممكن من الناس، بمن فيهم تلاميذ المدارس، بعد إخراجهم من أعمالهم وجامعاتهم ومدارسهم، وتأخذهم، أحياناً حتى من دون أن يدروا ما الموضوع، إلى الساحات العامة لتُحملهم اليافطات التي أُعدت مسبقاً . لكن الجمهور ليس كتلة صماء، إنه مجموعة هائلة من الأفراد، قد يوحدها شعور جمعي، عفوي، تلقائي، دونما توجيه في لحظة مصيرية، والجمهور إلى ذلك ليس حالة مستقرة، أو كتلة جامدة ، فهو قابل للحراك والانتقال من موقع لآخر تبعاً للمزاج العام والمؤثرات المحيطة به، ويمكن لهذا الجمهور أن ينقلب في وجهته رأساً على عقب كما تدل نتائج الانتخابات في البلدان المختلفة، أو تغير ميول هذا الجمهور عند المنعطفات . هناك من يتحدث عن موت مفهوم الجمهور، وفي بعض الأدبيات الأمريكية حديث عن النقلة من الخطابة بوصفها لازمة من لوازم الحشد الجماهيري، إلى الأحاديث العامة، أو ما يطلق عليه أحدهم سياسة الجلوس حول نيران المدفأة، حيث بإمكان المرء أن يبقى في منزله يتابع عبر التلفزيون ما يدور دونما الحاجة للذهاب إلى الساحة العامة أو حتى إلى ملعب كرة القدم لمشاهدة المباراة . لهذا القول ما يبرره بالقطع، مع تقدم وسائط الاتصال ووجود مجتمعات أتقنت التنفيس عن الاحتقانات الاجتماعية عبر آلية معقدة من وسائل الاتصال ونمط الاستهلاك وأشكال الاستيعاب الجماهيري والفكري، لكن ما جرى ويجري في العالم العربي خلال هذين العامين يُظهر أن الجمهور، بالمفهوم التقليدي الذي نعرفه منذ عقود، مازال حياً يُرزق ويؤثر، وفعاليته لا تزال على منوالها الذي كان وربما أشد، لا من زاوية أن دور هذا الجمهور كان حاسماً في صنع هذه التحولات فحسب، وإنما لأنها أظهرت أن مزاج هذا الجمهور على حالة من السيولة وعدم الثبات بحيث يمكن توجيهه وجهات مختلفة، لا بل ومتضادة، اعتماداً على مدى كفاءة اللاعبين السياسيين .

Read more

تصحيح “نهج”..!

شهد التجمع الجماهيري في “ساحة الإرادة” مساء الإثنين مجموعة من المفارقات ذات الدلالة التي يجب التوقف أمامها… إذ إنّه بينما كان هناك لفيف من شباب “التيار التقدمي” بينهم محمد قاسم؛ حسين الحربي؛ فيّ الرجيب؛ منصور المطيري، وخالد العازمي، بكل ما يعنيه تنوع انتماءاتهم الطائفية والفئوية والمناطقية من دلالة رمزية وطنية كويتية، يجولون ذهابا وإيابا في أطراف الساحة رافعين لوحاتهم التي تحمل شعارات “لا لتغيير النظام الانتخابي قبل الانتخابات”، و”لا لتفصيل النظام الانتخابي على مقاس السلطة”، و”ليرحل مجلس 2009 غير مأسوف عليه”، و”تغيّر الرئيس ولم يتغيّر النهج”، و”لا للانفراد بالسلطة … نعم للإصلاح الديمقراطي”… كان هناك، في مقابل هذا المشهد الرمزي الإيجابي الوطني، مَنْ يستثير النعرات الطائفية والعنصرية ويؤججها عبر لمز وغمز وأحيانا عبر تصريح مباشر في خطاب لا صلة له بموضوع التجمع ولا بأهدافه المعلنة… وفي السياق ذاته حدثت المفارقة الأخرى تلك الليلة عندما أعلن عريف المنصة للجمهور أنّه لا منصة غير منصة “نهج” ولا شعار يجب رفعه غير الشعار الذي رفعته “نهج”، مصادرا حقّ الآخرين في رفع شعاراتهم والتعبير عن آرائهم ومواقفهم في تجمع يفترض أنّه منعقد دفاعا عن الديمقراطية! إنّ مطالب التصدي لنهج الانفراد بالسلطة ومنع تغيير النظام الانتخابي قبل موعد إجراء الانتخابات، إنما هي مطالب ديمقراطية حقّة ومستحقة، وهي بالتأكيد ليست مطالب طائفية، ولكن البعض بحكم نزعاته الطائفية وحساباته الانتخابية الفردية لا يجد غضاضة في تناول الشأن الديمقراطي والوطني من منظور طائفي بغيض وضيق، ما يؤثّر سلبا على صدقية المحتوى الديمقراطي للقضية المطروحة ويسيء بشدة إلى الطابع الوطني المفترض للتجمع المقام. وهذا ما ينطبق أيضا على محاولة ائتلاف “نهج” الاستئثار بقرار المعارضة واحتكارها التحرّك الشعبي مع تهميشها المتعمّد أي طرف آخر ومصادرة حقّ الآخرين في التعبير عن مواقفهم، والتصرف وكأنّ “نهج” هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الكويتي، ما يلحق أفدح الأضرار بالحراك الشعبي؛ ويتسبب في إضعافه وتصويره وكأنه فعالية حزبية مقتصرة على حركة بعينها! وفي هذا السياق، فإنّه مع التقدير للبيان الصادر في 11 أغسطس الجاري عن نواب كتلة الغالبية في مجلس 2012، فإنّه من المهم توضيح حقيقة أنّ صفحة ذلك المجلس قد طويت بحكم القضاء الدستوري الملزم وبحكم الأمر الواقع القائم، ومعها طويت صفحة “الغالبية النيابية” ولم يعد هناك وجود واقعي لها، وإنما استمرت التسمية في جانبها الإعلامي… ومن هنا كانت أهمية الدعوة التي وردت في ذلك البيان بشأن تكوين جبهة وطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية لتكون مظلة واسعة للحراك الشعبي في هذه المرحلة، ولكن من الواضح الآن أنّه بعد انقضاء نحو ثلاثة أسابيع على صدور ذلك البيان فإنّه لم ينطلق على أرض الواقع أي تحرّك جدّيّ ملموس لإنشاء مثل هذه الجبهة الموعودة ما يعني أنّ الأمر لم يتجاوز نطاق البيانات الإعلامية، بل الأسوأ من ذلك أنّ التصريحات اللاحقة لبعض مَنْ أصدروا البيان ركزت على إمكانية دعوة نواب سابقين ومجاميع شبابية مع التجاهل الواضح لدعوة القوى السياسية الأخرى. باختصار، إنّ نهج “نهج” ونهج مَنْ كانوا نوابا يشكلون غالبية مجلس 2012 بحاجة إلى تصحيح وتغيير بنبذ النَفَس الطائفي عند بعض أطرافه؛ وبالتخلي عن نزعة احتكار القرار ومحاولات إقصاء الآخرين… حيث إنّه لا يجوز لمَنْ يرفع دعوات المطالبة بتغيير نهج السلطة أن يغض الطرف عن النهج الخاطئ والمواقف الضارة لبعض أقسام المعارضة!

Read more

استقلال البحرين

في  الثامن  و التاسع  من يناير 1968 قام  عضو البرلمان  البريطاني وزير  الدولة لشئون الخارجية  جورونوي  روبرتس Goronwy Roberts بزيارة   للبحرين  و دول الخليج و ذلك  لغرض توجيه  الانذار   لحكام الخليج   بقرار   حكومة   صاحبة  الجلالة بانسحابها العسكري  من  منطقة الخليج.  و بعد  اسبوع  من   هذه الزيارة و تحديدا في  السادس عشر من يناير   أعلن رسميا السيد  هارولد  ولسن Harold   Wilson  رئيس  حزب  العمال  و رئيس  وزراء  بريطانيا عن نية  بريطانيا الانسحاب  من  منطقة الخليج.   كان  وقع  هذا  الاعلان  سيئا  في   نفوس حكام الامارات الخليجية الذين  جاء رد فعلهم  الأولي  سلبيا  مطالبين بريطانيا  بالبقاء  مع  استعدادهم  لدفع    النفقات   العسكرية.    لكن   بريطانيا  أعلنت رفضها   هذا العرض و أكدت في  الثلاثين  من  يناير   1968أن  الانسحاب  سيتم في موعده  المحدد.   و   في  1 ابريل  1968 أعلنت  بريطانيا أن  القرار  الرسمي بالانسحاب  سيصدر  في 31 ديسمبر من عام  1971. في  الاجتماع   الذي    عقد   في دبي  ما  بين  الخامس و العشرين  و السابع و العشرين  من  فبراير  1968 تم    توقيع إتفاقية لاقامة الإتحاد التساعي   على أن يبدأ العمل بالاتفاقية فى  30 مارس 1968 . لكن  هذا  الاتحاد  الفدرالي   التساعي لم  يعمر  طويلا   اذ   لم يلبث  أن  فشل   بعد  سنتين  و  نصف  و  ذلك   بسبب   الخلافات   الحدودية  بين  السعودية  و  أبوظبي   و بين  ابوظبي  و  دبي  بالاضافة  الى  العلاقات  السيئة  بين  قطر  و  السعودية.  لكن  رغبة  البحرين  في تولي  منصب    قيادة   هذا  الاتحاد يعد  أحد  الأسباب  الرئيسية.  و لا  يقل  أهمية  عن  ذلك     خوف   أبوظبي   من  مطالبة  ايران  بالبحرين  و  عدم  استعدادها للوقوف    في  وجه  ايران   في  ذلك  الوقت.     و على  هذا  الأساس   قررت   البحرين و  قطر   العمل  على   بناء الاستقلال  المنفرد لكل  منهما  بعيدا  عن  بقية   الامارات  التي  أعلنت    في  الثاني من  ديسمبر   1971  عن  قيام اتحاد  الامارت  العربية    المتحدة   الذي ضم  جميع امارات  ساحل عمان    باستثناء  رأس  الخيمة  التي  انضمت  في  10 فبراير  1972 من بين  جميع  الامارات الخليجية  اختارت   بريطانيا  البحرين   أن  تتبع  مثال    الكويت  و أن   تنهي    اتفاقيات  العلاقات  الخاصة معها    و ذلك  بالرغم من  عدم  رغبة  حكومة  البحرين   في  السير  في   طريق  الاستقلال  السياسي.  و  تنفيذا   للمخطط  الهادف   للاستقلال  المنفرد للبحرين  حرصت  بريطانيا على تهيئة الوضع   السياسي  و  الاقتصادي   لاستقبال المرحلة الجديدة  و ذلك بجعل  البحرين تقف على  قدميها  و تعتمد  على نفسها.  يتحدث  السيد سايمون ويلسون  و هو نائب  السفير  البريطاني  في  البحرين   في الفترة ما بين 2001 و2005  فيؤكد   على مكانة البحرين  باعتبارها أهم مشيخة خليجية بالنسبة  لبريطانيا و  أنها  استضافت  أول مقيم بريطاني عام (1946) و ذلك بعد قرار بريطانيا نقل مقر المقيم البريطاني من بوشهر على  اثر  استقلال الهند في العام 1947 و انتقال المسئولية الادارية عن دول الخليج إلى وزارة الخارجية البريطانية في لندن. (  جريدة الوسط العدد : 2788 | الأحد 25 أبريل 2010 ) لم تمضي الا أيام  قليلة  على  اجتماع  دبي حتى جاءت   ذكرى  انتفاضة    مارس  65  لتتجدد الأحداث العنيفة في  البحرين في صورة مسلسل طويل   من  حرق السيارات التي  تخص  بريطانيين  و هنود و باكسانيين و بحرينيين  بما  في  ذلك  سيارتين   تخصان  الجيش  البريطاني . و قد  تواصلت  أعمال  الاحتجاج و  الاعتصامات  لتصل  الى محطة  الكهرباء   التي شهدت  في  شهر ابريل  1968  عددا من الاضرابات   القصيرة التي  لم   تكن لتؤثر  على  امدادات الطاقة   الكهربائية.   و قد تم  فك  الاضراب  و  تسوية  النزاع  في نهاية ابريل و ذلك بموافقة  الادارة  على تعديل  رواتب […]

Read more

عينات لبعض سمات “الدولة الآيلة إلى الفشل”

  ما بين تدشين الرئيس المصري الجديد محمد مرسي في كلمة تهنئة وجهها للمصريين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، لحملة قومية على مستوى البلاد من أجل وطن نظيف ودعوته الجميع للمشاركة فيها يومي الجمعة والسبت 20 و 21 يوليو 2012، وما بين وصف النائب في البرلمان التونسي عن الكتلة الديمقراطية محمود البارودي في جلسلة المجلس التأسيسي التونسي التي عُقدت عشية شهر رمضان المبارك للائتلاف الحاكم الذي يضم حزب النهضة (اخوان مسلمين) بزعامة راشد الغنوشي وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة المنصف المرزوقي وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر، تعليقا على عشوائية وتخبط رئيس الجمهورية في قراراته وآخرها القرار الجمهوري بتعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي قبل اقالة المحافظ السابق للبنك مصطفى كمال النابلي، بأنه يدير “جمهورية موز”.. وما بين تهريب النفط العراقي من قبل حكومة اقليم كردستان الى خارج البلاد وخاصة الى تركيا وايران بأسعار بخسة – ما بين كل هذه “العيِّنات” من “اللقطات” المتفرقة والمختارة من المشهد العربي العام، وتحديدا من البلدان التي شهدت تغييرات “بمساعدة” الغرب، يمكن للمرء المتفحص أن يلتقط خيطا استدلاليا رفيعا سوف يقوده الى ذات النتيجة التي آلت اليها الحال العربية برمزية أمثلتها الثلاثة سالفة الذكر.   ويمكننا، قبل الاسترسال، أن نضيف هنا عيِّنة رابعة نوجزها في الثأرية والكيدية الحاقدة التي أظهرها الاخوان المسلمون في مصر تجاه ثورة يوليو في ذكراها الستين بعد أن قيضت لهم الظروف التاريخية الصعود – بالملابسات المعروفة لذلكم الصعود – الى سدة الرئاسة في مصر المحروسة والتي وصلت في حضيضها لحد التعريض بزعيم الثورة وقائدها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر!   تعليق محمود البارودي الساخر في البرلمان التونسي، استدعى، كما هو متوقع من المستقر المعتاد في حميّتنا وفزعتنا “للكرامة المهدورة”، ردود فعل غاضبة وصاخبة من جانب الائتلاف الحاكم وخصوصا من جانب حركة النهضة الاسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، حيث تعالى الضجيج والصياح والطرق على المناضد في مشهد أشبه بحلبة صراع الديكة وفقا لتوصيف وكالات الانباء التي تناقلت الخبر.   وفي الاسترسال، دعونا نتوقف قليلا عند “اللقطة الرابعة” المتصلة بطبيعة الحال بـ”لقطة” العينة الأولى. طبعا شيء جيد أن يبدأ الرئيس المصري الجديد الدكتور محمد مرسي رزنامة عمله الرئاسي بتجريد حملة وطنية للنظافة، فهذا دليل عافية فكرية حضارية يتصل فيها القول بالممارسة العملية. ونتمنى بطبيعة الحال أن لا تكون هذه اللفتة محض نزوة رئاسية طارئة وانما هي نوع من النسج على الأقل على منوال التجربة الناجحة التي خلّفها وراءه محافظ الاسكندرية السابق محمد عبدالسلام المحجوب خلال الفترة من 1997 الى 2006 والتي قام خلالها بتحديث المخطط العام للمدينة واستراتيجية التنمية العمرانية الشاملة للمحافظة حتى عام 2017، والتي نفّذ بموجبها ورشة اعادة بناء وصيانة عدد كبير من منشآت ومرافق المدينة العامة ومنها كورنيش الاسكندرية الشهير، حتى لقّبه أهالي اسكندرية بمحبوب الاسكندرية..أو حتى الخديوي اسماعيل الذي أنشأ الشوارع والأحياء المصرية وأمدها بالانارة وبشبكة الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، وأنشأ جهة خاصة للاعتناء بنتظيم شوارع العاصمة والقيام بأعمال النظافة والصيانة والصحة. فلقد كانت النظافة ابان الملكية وحتى في العهد الناصري عنوانا للذائقة الثقافية الرفيعة لأن الثقافة كانت لها مكانة رفيعة في المجتمع المصري آنذاك، وذلك برسم المشاهد التي سجلتها وحفظتها عدسة الأفلام المصرية القديمة (أفلام الأسود والأبيض) والتي لازالت تنهض الى اليوم شاهدا على مناقبيات تلك الأيام.   ومع ذلك فان نظافة القلوب وحفظ العهود يأتيان، على ما نفترض، قبل نظافة الأمكنة التي يشغلها ويستخدمها الناس. ذلك ان لفتة […]

Read more

تكليف شعبي منقوص

في فرنسا أُجريت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في السادس من مايو الماضي بين الرئيس المنتهية ولايته نيكولاس سركوزي ومرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند، ولم تكد تمضي 24 ساعة حتى أُعلنت النتيجة بفوز هولاند. أما في مصر فقد أُجريت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها مرشح الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي والمرشح المحسوب على النظام السابق الفريق أحمد شفيق على مدى يومين (16 – 17 يونيه 2012). ورغم تقارب الكتلتين الانتخابيتين في البلدين (مع الفارق في إمكانيات البلدين طبعاً)، إلا أن في مصر حبس الناس أنفاسهم لمدة ستة أيام قبل أن تُعلن اللجنة العليا للانتخابات بصورة رسمية النتيجة بفوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة. منذ 25 يناير 2011 ومصر تتقلب فيها الأحوال بين مد وجزر لقوى الثورة التي اندلعت في هذا التاريخ في أعقاب ثورة الياسمين في تونس، ومد وجزر لقوى الثورة المضادة التي نجحت على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية في إرجاع قوى الثورة إلى المربع الأول أكثر من مرة، إلى أن جاءت “الثواني الأخيرة من عمر المباراة” لتحمل لكل القوى التي حلمت بيوم آخر مشرقاً بعد نجاحها في إزاحة رأس النظام، الخبر الذي ربما أعاد إحياء ذلك الأمل المكبوت منذ نيف وثلاثة عقود. لقد أعلن المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فوز المرشح محمد مرسي بمنصب الرئاسة المصرية. وجاء هذا الإعلان بمثابة “دش” بارد على ميدان التحرير وعلى ساحات أخرى في مصر المحروسة كانت متحفزة لردود أفعال لم يكن يعلم بمآلها إلا الله لو قُدِّر وجاءت نتيجة الانتخابات على غير ما تشتهيه أنفسهم وما ذهبت إليه توقعاتهم. ولكن وكما يقول المثل “بعد السكرة ها قد جاءت الفكرة”. فاز الدكتور مرسي والفرحة لا تكاد تسع الإخوان (المسلمين) في مصر. ولكن مهلاً، وقبل أن يركب الغرور بعض قيادات الحركة و”تشطح” بعيداً على نحو ما فعل أحدهم في احتفال المحلة الكبرى بفوزهم “التاريخي”، حين زعق في الحشد بأن فوز الدكتور محمد مرسي هو بداية انطلاقة مشروع الخلافة الإسلامية، أي أنهم سوف يصدِّرون نموذجهم – الذي لم يبدأ ولم تتشكل ملامحه بعد – إلى بقية أصقاع الجوار العربي وبقاع العالم الإسلامي النائية – نقول لهم تمهلوا قليلاً وعاينوا ودققوا في أرقام النتائج النهائية لفوز مرشح حزبكم (حزب العدالة والتنمية) في الانتخابات الرئاسية. الأرقام تطالعنا بالآتي: بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 51.8% حسب إعلان اللجنة العليا للانتخابات. حصل الدكتور محمد مرسي على عدد 13 مليون و270 ألف صوتاً بنسبة 48.27%. والآن لنحاول قراءة هذه الأرقام سياسياً: -    سوف يجد الدكتور محمد مرسي نفسه وجهاً لوجه مع واقع صعب للغاية لا يستطيع القفز عليه أو نكرانه، وهو ذلك المتمثل في حكمه لشعب منقسم إلى ثلاث فئات كبرى رئيسية، الفئة الأولى وهي المتمثلة في نسبة الـ 51.73% التي أعطته أصواتها، والفئة الثانية وتمثلها نسبة الـ 48.27%، وهي الفئة التي أعطت أصواتها للفريق أحمد شفيق، وهناك فئة ثالثة تصل نسبتها إلى 48.2%، وهي الفئة التي حجبت أصواتها عن المرشحين الاثنين، ذلك أن مجموع الذين أدلوا بأصواتهم بلغ 26 مليون ناخب من أصل أكثر من 50 مليون مسجل في القوائم الانتخابية.    ولو ترجمنا النسب عاليه إلى أرقام مطلقة فسنجد أن الكتلة الأولى المناصرة للدكتور محمد مرسي يبلغ قوامها بالتمام والكمال 13,230,131 (أي حوالي ثلاثة عشر مليون وأقل قليلاً من ربع مليون)، فيما يبلغ قوام الكتلة الثانية المناصرة لشفيق 12,347,380 (أي حوالي اثني عشر مليوناً و350 ألفاً). وتحوز الكتلة الثالثة الحاجبة لأصواتها – أو […]

Read more

المهمة التي لم تـنجــز

ستظل تلك المهمة الوطنية التي لم تنجز من قبل اطراف التيار الوطني الديمقراطي، موضع جدل ونقاش في صفوف الحريصيين على وحدة هذا التيار المناضل، ذو التقاليد النضالية والكفاحية على مدار أكثر من نصف قرن من النضال الوطني من أجل الحرية والأستقلال الوطني والعدل والمساواة والديمقراطية الحقة، وهي مسئولية تاريخية وجماعية لأطراف هذا التيار الوطني الديمقراطي، لا نستطيع التكهن متى سيتم تحقيق هذه المهمة الوطنية الماثلة أمام الشيوعيين والقوميين والديمقراطيين والشخصيات الوطنية، الوقت يمضي سريعاً والمهام والتحديات والتعقيدات في الساحة تزداد صعوبة وتعقيداً وكل يوم تنشأ ظروف واوضاع جديدة، والوضع السياسي يراوح مكانه ومؤسسة الحكم في البحرين غير جادة في موضوع “الحوار الوطني” والوضع الأقليمي والمنطقة ذاهبة نحو الأسوأ، بعد أحد عشر عاماً من طرح ميثاق العمل الوطني في فبراير 2001، وأطراف الحركة الوطنية الديمقراطية والتقدمية في البحرين لم تتفق على وحدة تيارها، مثلما جرى للعديد من أقرانهم في بعض البلدان العربية، بالرغم من أهمية قيام التيار، وما يمثله من تاريخ وتأثير على العديد من قطاعات شعبنا، بصفته قوى سياسية عابرة للطوائف والمذاهب، والجماهير الحريصة على وحدة هذا التيار تراقب وتنتظر تلك اللحظة التاريخية. ولكن يبدو بأن هناك جهات وأطراف متعددة المشارب والأهداف في البحرين لا يروق لها توحيد ذلك التيار الوطني الديمقراطي، تتوجس خوفاً وريبة من قيامه ووحدته، وتخشى من برنامجه الأجتماعي قبل السياسي، لهذا تعمل جاهدة على عرقلة وأعاقة قيامه، ولا تريد له أن ينهض، كي لا يتميز عن الآخرين في الساحة السياسية، ويمارس انشطته وبرامجه المعبرة عن وحدة شعبنا بكل طوائفه وفئاته.  هنا نريد أن نوضح أمراً في غاية الأهمية، وهو أن المرء لا يريد لهذا التيار الوطني الديمقراطي بعد ان يتوحد ويطرح برامجه وأهدافه ومشاريعه، بأن ينكفيء على نفسه وينعزل عن القوى السياسية المعارضة التي يتشارك معها في العديد من المطالب والاهداف السياسية، وان وجد التباين والاختلاف في هذه المسألة أو تلك، لطبيعة الصراع السياسي القائم في البلاد،هذا لا يعني بان يدخل معها في مناكفات لا طال منها. ان قيام التيار الوطني الديمقراطي، سيشكل قيمة اضافية ونوعية للعمل السياسي المنظم والمعارض، من هنا تبرز أهمية طرح فكرتان رئيستان وهما:  الاولى: التحالف الوطني وما هي عناصر وشروط قيامه، الثانية: الدولة المدنية ومقومات ومتطلبات تلك الدولة العتيدة.   أولاً: التحالف الوطني التحالف الوطني في العمل السياسي المنظم في البحرين، ليس فكرة جديدة، أو فكرة طارئة. عمليا وجد التحالف منذ ان بدأ النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني في البحرين والرجعية المحلية، وتحديداً منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، عندما تأسست هيئة الاتحاد الوطني، والتي تشكلت من قطاعات واسعة من شعبنا، وهي بمثابة تحالف وطني لأبناء شعبنا من فئات وطبقات متعددة وان غلب على الهيئة التأسيسية واللجنة التنفيذية فئة التجار والعوائل المعروفة في المجتمع. ولكن القواعد تنحدر من الطبقات الفقيرة والكادحة، التي ناصرت ووقفت إلى جانب القيادة، ولكن التحالف الوطني الأهم، الذي برز في انتفاضة مارس المجيدة في عام 1965م بين حركة القوميين العرب وجبهة التحرير الوطني البحرانية وبعض الشخصيات البعثية والناصرية، وكذلك اللجنة التأسيسية لأتحاد عمال البحرين في اعوام 1971-1972، كان تحالف وتنسيق بين أكثر من طرف من أطراف الحركة الوطنية البحرينية، بعد حل المجلس الوطني في أغسطس من عام 1975، بالرغم من الخلاف حول المجلس الوطني (المشاركة والمقاطعة)، (جبهة التحرير ، الجبهة الشعبية)، صدر بيان ثلاثي في الخارج موقع عليه من قبل أطراف الحركة الوطنية البحرينية، (جبهة التحرير، الجبهة الشعبية، حزب البعث، البحرين) يدين السلطات الحاكمة في البحرين بحل […]

Read more

أصوات حمدين صباحي

رغم حضوره في الحياة السياسية والحزبية والاعلامية في مصر خلال العقود الماضية، منذ أن كان طالباً في جامعة القاهرة، اشتهر بمناظرته مع الرئيس الأسبق أنور السادات عند لقائه مع طلاب وأساتذة الجامعة، وبكونه أحد الوجوه البارزة في حركة «كفاية»، الا أن التوقعات التي سبقت انتخابات الرئاسة في مصر لم تحجز له موقعاً متقدماً في عدد الأصوات التي سينالها.   حمدين خيَّب ظن واضعي تلك التوقعات، وأوشك أن يكون واحد من الاثنين اللذين سيتنافسان في الدور الثاني من الانتخابات للتأهل لمنصب أول رئيس لجمهورية مصر في انتخابات نزيهة وتعددية، رغم أن حملته الانتخابية تعد من أفقر حملات المرشحين، فبالمقارنة لما توفر لمنافسيه الأقوياء من دعم مالي وامكانيات لوجستية، سواء تعلق الأمر بالمرشحين الاسلاميين وخاصة مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي، أو اولئك المحسوبين على النظام القديم، وخاصة أحمد شفيق، فانه لم تتوفر لحامدين أي امكانيات مادية يُعتد بها، كون الفريق الداعم له لا يضم أحداً من كبار رجال الأعمال، كما انه لا يتوفر على مناصرة من المحيط الاقليمي، كما هو الحال مع منافسيه.    فالمرشح الاخواني استند على النفوذ الشعبي الذي لا مراء فيه للجماعة، وامكانياتها المادية الضخمة، ومصادر التمويل الداخلية والخارجية الكثيرة، فيما استند أحمد شفيق على القاعدة الاجتماعية والسياسية للنظام السابق، وهي قاعدة لا يصح الاستهانة بها، فهي تضم فيما تضم نخبة رجال الأعمال الكبار، وكبار رجالات المؤسسة العسكرية التي تحكم مصر منذ عقود، وبرع شفيق في توظيف مخاوف وهواجس الأقباط وبعض الشرائح الليبرالية من أن يحكم الاسلاميون مصر، وهي مخاوف غذاها سلوك الاخوان في الفترة التي تلت ثورة 25 يناير، وما أفصحوا عنه من ميل للاستفراد بمفاصل السلطة واقصاء القوى الأخرى.   رغم ذلك كان عدد الأصوات التي حصدها حامدين كبيراً، أخذا بعين الاعتبار أن نسبة من الأصوات الافتراضية له ذهبت للمرشحين الوطنيين الآخرين مثل هشام بسطاويسي وأبوالعز الحريري وخالد علي، وبنسبة من النسب الى عبدالمنعم ابوالفتوح الذي تأثرت بعض الشرائح الليبرالية بخطابه الاسلامي المعتدل، حيث حاول أن يميز به نفسه عن الاخوان الذي سبق له ان خرج من صفوفهم منذ عام، فيما عده البعض خطوة تكتيكية استباقية لخوض انتخابات الرئاسة   . أصوات حامدين صباحي هي أصوات الكتلة الثالثة في المجتمع المصري من وطنيين وتقدميين وليبراليين ونساء ومشاركين في صنع ثورة يناير، الذين يريدون القطع النهائي مع النظام السابق، ولكنهم، في الآن ذاته، لا يرون في الاخوان البديل الملائم لمصر، ويخشون أن يعودوا بها الى الوراء، بدل أن يدفعوا بها إلى الأمام، وقد برهنت هذه الكتلة الثالثة، حكماً مما حصده حامدين من أصوات، على اتساع قاعدتها الاجتماعية، وقدرتها على التأثير وعلى أن تكون ضمانة لمستقبل مصر، لكنها بالمقابل كشفت عن تشتتها وضعف تنظيم صفوفها.    والمحزن، أن هذه القاعدة المهمة نوعياً وعددياً قد أُخرجت فعليا من دائرة التأثير في صنع القرار خلال السنوات الأربع القادمة، بعد أن بات مؤكداً، فيما يبدو، أن المنافسة في الدور الثاني من الانتخابات ستنحصر بين مرسي وشفيق.  

Read more

الانتلجنسيا العربيــة

جاءت حوادث الانتفاضات العربية الشعبية ضد الاستبداد وتوابعها وتداعياتها المستمرة، والتي ذهبت مصطلحا متداولا عربيا وعالميا، اسمه “الربيع العربي”، جاءت مفاجئة وصادمة للجميع، بمن فيهم ممثلو الانتلجنسيا العربية (المحسوبين على الوسط الثقافي العربي الواسع)، خصوصا لجهة سعة نطاقها والقوى الاجتماعية العريضة ذات المشارب المختلفة المشاركة فيها، ولجهة فرضها حالة من الفرز العميق الذي أملته المواقف المتباينة التي حتمتها ظروف المرحلة على جميع مكونات المجتمع العربي وأطيافه المختلفة، ما كشف عن المآل الهش الذي انتهت اليه علاقات القوى المجتمعية على المستوى الكلي المجتمعي في خضم الحراك العارم ذي المباعث العرقية والطائفية والمذهبية الذي تعرضت له المجتمعات العربية على مدى العقدين ونيف الماضيين.   واذا كانت الشرائح المجتمعية الشبابية العريضة قد أثارت اعجاب وانبهار العالم أجمع بأدائها المبهر وحراكها الدؤوب والجسور في احداث النقلة النوعية في ستاتيكية البنى السياسية القائمة، فان أداء الانتلجنسيا العربية خلال عملية المخاض العسيرة التي عاشتها ولازالت المجتمعات العربية منذ مطلع العام الماضي هو الذي كان محيِّرا ومثارا للدهشة والجدل ليس فقط داخل الاقليم العربي وانما خارجه أيضا.   ورغم أهميتها في الرصد المعرفي التراكمي الضروري لاعمال التفكير والقياس والتقييم، فان القراءات المحلية التي لا تستطيع، بحكم الموروث الثقافي الغائر في اللاوعي الجمعي، الابتعاد عن بيئتها التي لازالت مشدودة الى ثقافة الفزعة والكيدية والغائية السياسية، ليست المصدر الوحيد الذي عكس تلك الحالة المتشظية التي بدت عليها – ولازالت – الانتلجنسيا العربية ابان التحولات العاصفة الي تمر بها المنطقة العربية. حتى المصادر الغربية هي الأخرى لاحظت باستغراب في قراءات تُقارب الموضوعية ذلك الغياب أو التواجد الهزيل للانتلجنسيا العربية عن أحداث “الربيع العربي” التي مارت ولازالت تمور بها الساحة العربية. في 29 اكتوبر 2011 كتب “روبرت وورث” في “نيويورك تايمز” عن غياب الانتلجنسيا العربية عن الربيع العربي بسبب ما أسماه “عقود من القمع من جهة وتغول الارثوذكسية الاسلامية السياسية من جهة ثانية”، مضيفا “أن كثيرين منهم منفيون رسميا أو قسرا واضطرارا ما أبعدهم عن التفاعل والمشاركة الفاعلة في حراك مجتمعاتهم”. وبموضوعية محقة يجد “وورث” الأعذار لما آل اليه حال المثقفين العرب من ضعف وتراجع وتهميش، اذ يقول بأن “التحول من القومية الى مطالب حقوقية مدنية والى الديمقراطية كان دوما حاضرا في خطاب المثقفين العرب. ولكن لغتهم العلمانية لم تجد لها أرضا خصبة في ظل تغول الاسلام السياسي”. ويستطرد في القول أن “حسن حنفي طالب في ثمانينيات القرن الماض باعتماد مقاربة العدالة الاجتماعية من داخل روح وفلسفة الاسلام في بناء الأوطان والمجتمعات فتلقى تهديدات بالقتل، وانه في حين وجدت أفكاره هذه لها صدى واسعا في بلاد بعيدة مثل اندونيسيا فانها حوربت في بلاده”.   وهناك تقييمات أخرى أقل تفهما وأكثر صرامةً في تناولاتها، السطحية العابرة والأخرى الرصينة العميقة، للموقف الملتبس، بوجه عام، للانتلجنسيا العربية ابان وبعد زوابع “الربيع العربي”. بعض تلك التقييمات يذهب الى أن كثيرا من ممثلي الانتلجنسيا العربية اختاروا بمحض ارادتهم نفي أنفسهم وهم داخل أوطانهم والنأي بها عن “مَواطن الزلل” والتوريط، فيما اختار آخرون مواصلة اجترار الماضي “التليد” الذي لا يكلف المرء عناء مشاركة الناس هموم البحث عن مخارج لمآزقهم التاريخية في النمو والتقدم المستدام. ويقارن بعض أصحاب هذه التقييمات بين الدور القيادي الذي لعبته الانتلجنسيا في أوروبا الشرقية في احداث التحولات الديموقراطية الكبرى أوخر ثمانينيات ومطلع تسعينيات القرن الماضي وبين دور التابع لحركة الاحتجاجات الشعبية العارمة الذي اكتفى به القسم الأعظم من الانتلجنسيا العربية في أحداث “الربيع العربي”. وهناك من الذين قرأوا واجتهدوا، من منطلقات تقييم منهجية […]

Read more