Search Results for: كتلة تقدم

أزمة التيار الوطني!

بدءا لابد من توضيح أنّه عندما يتم الحديث عن أطراف التيار الوطني من جماعات وعناصر ديمقراطية وتقدمية يسارية وليبرالية، فهذا لا يعني أنّ المنتمين إلى هذا التيار يحتكرون الوطنية لأنفسهم، وإنما المقصود هو نسبتهم إلى مرجعيتهم الوطنية في إطار اشتغالهم بالعمل السياسي، مثلما يوصف في المقابل المنتمون إلى التيار الإسلامي من إخوان مسلمين وسلفيين وناشطين إسلاميين شيعة استنادا إلى مرجعيتهم الإسلامية من دون احتكارهم الإسلام.   وبعد هذا التوضيح المستحق نأتي إلى الموضوع وهو أزمة التيار الوطني في الكويت، التي برزت على السطح خلال السنوات العشر الماضية، وجاءت نتائج الانتخابات الأخيرة لتكشف مدى عمق هذه الأزمة ومقدار اتساعها… فما هي طبيعة هذه الأزمة؟ وما هي أبعادها؟ وأين تكمن أسبابها؟ وكيف يمكن الخروج منها؟!   إنّ ازمة التيار الوطني في الكويت لا تنحصر في فقدانه التمثيل النيابي بعد الانتخابات الأخيرة، ولا هي أزمة تقلّص نفوذه الجماهيري وتراجع فعاليته السياسية، فهذه بالتأكيد وغيرها بعض مظاهر هذه الأزمة، ولكن الأزمة بالأساس هي أزمة الدور التاريخي لهذا التيار وطبيعة القوى الاجتماعية التي يمثلها وما يتصل بها من تناقضات.   فلقد كان التيار الوطني بتطلعاته التحديثية منذ ثلاثينيات القرن العشرين يمثّل القوة الرئيسية للحراك السياسي والاجتماعي والثقافي في ظل غياب تام للتيار الإسلامي عن ساحة العمل السياسي وانحصار دوره في النطاقين الدعوي والخيري… هكذا كان الأمر في العامين 1938 و1939 مع “الكتلة الوطنية” التي كانت تمثّل التنظيم السياسي للنخبة التجارية المستنيرة؛ وكذلك “كتلة الشباب الوطني” التي كانت تنظيمها الشبابي، حيث قاد هذا التيار الحركة الديمقراطية المسماة “حركة المجلس” عبر إنشاء مجلسي الأمة التشريعي الأول والثاني وصياغة أول دستور ديمقراطي وإقامة حكومة برلمانية لم يمتد بها العمر طويلا، وأعقبها قمع شديد وتراجع مريع…وفي الخمسينيات مثّلت “حركة القوميين العرب” الحزب السياسي الحليف للبرجوازية الوطنية الناشئة، وهي التي أسست في العام 1958 بالتعاون مع شباب تلك الطبقةالاجتماعية الصاعدة حينذاك تنظيمها السياسي العلني “الرابطة الكويتية”… ولاحقا عندما انتقل مركز الثقل في الحراك السياسي ليس في الكويت فحسب؛ وإنما في معظم بلدان المشرق العربي، من البرجوازية الكبيرة إلى الطبقة الوسطى والفئات الشعبية أو البرجوازيتين المتوسطة والصغيرة فقد أصبحت “حركة القوميين العرب” ومن ثَمَّ التنظيمات الثلاثة المنبثقة عنها بعد انشقاقاتها في العام 1968 مثل “الحركة الثورية الشعبية” ذات الوجهة اليسارية؛ و”حركة التقدميين الديمقراطيين” ذات الوجهة القومية التقدمية بقيادة الدكتور أحمد الخطيب، و”التجمع الوطني” بقيادة جاسم القطامي، هي التشكيلات الممثلة للتيار الوطني، وهي التي تصدّرت المعارضة الوطنية للسلطة في مجلس الأمة وخارجه، خصوصا على مستوى الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية والتصدي للنهج السلطوي، وإليها يعود الفضل في تأسيس ثم قيادة الحركة النقابية العمالية والحركة الطلابية وتكوين معظم مؤسسات المجتمع المدني الحديثة، واستمرت الحال كذلك إلى العام 1976 مع الانقلاب السلطوي الأول على الدستور، عندما شنّت السلطة أوسع حملة لتهميش التيار الوطني… وكان حلّ مركز تجمعها الجماهيري الرئيسي “نادي الاستقلال” هو الإجراء الرئيسي في هذا الاتجاه، في الوقت الذي عمدت فيه السلطة إلى دعم بعض أطراف التيار الإسلامي، وتحديدا “الإخوان” و”السلف”، وذلك بهدف محاصرة التيار الوطني وتقليص نفوذه… وكانت انتخابات 1981 بعد تفتيت الدوائر الانتخابية العشر إلى خمس وعشرين دائرة هي نقطة الانعطاف لإضعاف المعارضة الوطنية ومحاولة إقصائها عن التمثيل النيابي وبداية اقتحام التيار الإسلامي للساحة النيابية… وقد ترافق هذا مع ترتيبات مشابهة في عدد من البلدان العربية المشرقية وذلك في إطار الحرب الباردة بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي.   ومع أنّ قوى التيار الوطني استعادت تمثيلها النيابي في انتخابات 1985 وكانت لها مساهمتها الواضحة […]

Read more

تعديلات دستورية تجاوزها الزمن

ما يمكن تأكيده في هذه المرحلة بالذات هو أن التعديلات الدستورية المنظورة أمام مجلس النواب والتي أفردت لها جلسة استثنائية أمس الخميس لمناقشتها، لن تسهم بأي شكل من الأشكال في خروج البحرين من المأزق السياسي، فهذه التعديلات « البسيطة » لا تلبي ولو القدر القليل من المطالبات الشعبية فيما يخص صلاحيات مجلس النواب المنتخب.   كتلة الوفاق البرلمانية كانت قد تقدّمت بتعديلاتٍ مماثلةٍ في مايو/ أيار من العام 2008. تلك التعديلات تضمنت «تقليص عدد أعضاء مجلس الشورى إلى نصف عدد الأعضاء المنتخبين، وتعطي رئاسة المجلس الوطني لرئيس المجلس المنتخب، بالإضافة إلى وضع القرار النهائي بشأن التشريع في يد مجلس النواب وليس مجلس الشورى»، ولكن للأسف فإن هذه التعديلات التي وصفتها الكتلة في ذلك الحين بتعديلات “جزئية “، تم رفضها من قبل مجلس النواب في العام الماضي بعد انسحاب كتلة الوفاق من المجلس.   ومثلما تم رفض التعديلات التي تقدّمت بها كتلة الوفاق، تم أيضاً رفض جميع المقترحات التي تقدمت بها جمعيات التيار الديمقراطي الثلاث (جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد»، جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي، وجمعية التجمع القومي الديمقراطي) خلال ملتقى الحوار الوطني.   في جلسة الأمس تم تأجيل مناقشة التعديلات الدستورية التي خرج بها «حوار التوافق الوطني» لمدة شهر كامل، وإرجاعها إلى لجنة الشئون التشريعية والقانونية من أجل مزيدٍ من الدراسة تباينت آراء النواب حول هذه التعديلات، فمنهم من رأى بأن «منع الخمور في البحرين هي أهم من التعديلات الدستورية»! ومنهم من وافق على المبادئ العامة لهذه التعديلات، ونائبان فقط من أصل 40 نائباً رفضوها، ورأوا بأنها تعديلات شكلية وطالبا بصلاحياتٍ أكبر للمجلس.   ما يبدو من خلال مناقشات النواب لهذه التعديلات أن أكثرهم لا يدركون ما هو حاصلٌ في الشارع، أو لا يريدون أن يدركوا ذلك! فالمجلس اكتفى بما قدمته الحكومة من تعديلات ولم تبادر أية كتلة أو مجموعة من النواب بتقديم تعديلات أوسع، وذلك «يبين مدى عدم قدرة مجلس النواب على إجراء أي تعديل دستوري ما لم تكن الحكومة مصدره» كما قال أحد خبراء القانون الدستوري في البحرين.   من المفترض أن يكون المجلس النيابي سيّد نفسه، وأن يعبّر بصدقٍ عن تطلعات المواطنين، وأن يكون مصدراً لتطوير التشريعات بما يلبي طموحات الناس في مجتمع ديمقراطي حقيقي، وأن يساهم بشكل فاعل في التنمية السياسية والاجتماعية، لا أن يكون عائقاً لكل ذلك، ينفذ ما يملى عليه، فمثل هذه التعديلات قد تجاوزتها الحالة السياسية في البحرين ولم تعد مقبولةً، فبعد هذا المخاض العسير لن يقبل الناس بأقل من مجلس تشريعي منتخب بكامل الصلاحيات، ودوائر انتخابية عادلة تحقق التوازن الاجتماعي والانتخابي في البحرين   صحيفة الوسط البحرينية – 17 فبراير 2012م

Read more

الديمقراطية في بلد مسلم

ثمة نقاش دائر، ليس جديداً في الحقيقة، فلقد بدأت تجلياته منذ سنوات، ولكنه إكتسب زخماً إضافياً في ضوء التحولات والأحداث الجارية في بلدان عربية مختلفة، يتصل بمدى قابلية العالمين العربي والاسلامي للتحول الديمقراطي، دون أن تتهدد كيانات الدول القائمة الآن، ومع أن هذا النقاش إنطلق، في الأصل، من التحديات الناجمة عن عملية الدمقرطة التي يراد تعميمها في البلدان العربية والاسلامية وسط تعقيدات جمة ناجمة عن طبيعة التضاريس الاجتماعية والسياسية، في هذه البلدان، وقد دفع ذلك إلى صدارة الحديث العلاقة بين الاسلام والديمقراطية، وبشكل خاص ما مدى قدرة القوى الاسلامية التي دفعت وتدفع بها مخرجات الانتخابات إلى صدارة المشهد في الالتزام بالاليات الديمقراطية لتداول السلطة، بعد أن تتمكن هذه القوى منها.   ما هو جوهري في الأمر ضرورة التأكيد على ان لا تناقض بين ان يكون بلد من البلدان دينه الاسلام، وينتسب إلى العالم الاسلامي وبين الديمقراطية، وأنه بوسع البلدان التي تضم هذه الكتلة الضخمة من السكان المسلمين ان تبني الديمقراطية من دون أن يكون التزامها بالاسلام عائقاً في وجه ذلك كما تروج بعض الأوساط السياسية والأكاديمية التي تحرك حملة دعائية نشطة مفادها ان المسلمين، كتكوين ثقافي وتاريخي، غير صالحين لتقبل الفكرة الديمقراطية، وبالتالي بناء مجتمعات قائمة على أسس الدولة الحديثة بما تتضمنه من سن دساتير متقدمة تنص على الفصل الحقيقي بين السلطات وإطلاق الحريات العامة وضمان التعددية السياسية والفكرية.   في البدء التبس النقاش الدائر حول هذه المسألة بالموقف من المشاريع الخارجية المطروحة على المنطقة، ومن ضمنها مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تقترحه الادارة الأمريكية السابقة، التي لم تخفِ ميلها لممارسة ضغوط شتى على حكومات البلدان العربية والاسلامية من أجل قبول هذا المشرع وسط أشكال من الرفض والمقاومة أبدتها العديد من هذه الحكومات، بما فيها تلك المصنفة تقليدياً بأنها حكومات صديقة وحتى حليفة للغرب وللولايات المتحدة بصورة خاصة تحت عنوان رفض التدخلات والاملاءات الخارجية، كما تجلى ذلك في موقف مصر في عهد حسني مبارك مثلاً، بالقول إن الاصلاح يأتي من الداخل ولا يفرض من الخارج.   غير أن هذا النقاش يجب ألا يحجب الفكرة الأساسية في الأمر وهي ان الحاجة إلى الديمقراطية في العالمين العربي والاسلامي حاجة ملحة، ولا يجوز التذرع بأي حجة لرفضها، ومع الاقرار بأن بواعث الدول الكبرى لدمقرطة المنطقة تتصل بمصالحها هي، حيث تصمم خطاباً أيديولوجياً للدفاع عن هذه المصالح يتخذ من الديمقراطية عنواناً له.    الديمقراطية تظل حاجة وطنية خاصة بكل بلد من بلدان المنطقة، وانه يتعين في هذا السبيل بناء أدوات الديمقراطية وفي أساسها تبرز مهمة بناء مؤسسات المجتمع المدني بوصفها ركيزة من ركائز التحول نحو الديمقراطية لأن ذلك يساعد على ايجاد القاعدة الاجتماعية المنظمة المعنية بالدفاع عن هذه الديمقراطية وحمايتها وتهيئة سبل تطورها، لأنه لا ديمقراطية في غياب القوى الديمقراطية المؤمنة بها كخيار والمستعدة للذود عنها بوجه الكوابح الكثيرة والمتمثلة أساساً في القوى الاجتماعية المتنفذة التي اعتادت إدارة الأمور بعيداً عن فكرة دولة القانون والمؤسسات.    22 فبراير 2012

Read more

صعقــة النخــب !

في ظل الاجواء السياسية والاجتماعية والثقافية المشحونة والمضطربة في العالم العربي، منذ اندلاع حركة الاحتجاجات والهبات الشعبية مطلع العام الجاري، تطغى النزعات الكيدية والرغائبية المشبوبة بالعواطف المنفلتة ونوازع التشفي، على كثير من التداولات والقراءات التحليلية الذاتية للاوضاع الجارية. وقد يكون الاضطراب واللايقين هما القاسم المشترك في كل تداعيات تلك الانتفاضات الشعبية العارمة وغير المسبوقة التي اجتاحت العالم العربي شرقا وغربا ومحصلة نتائجها الأولى التي بدأت تترى رويدا رويدا. وبالكاد يستطيع المرء المراقب احصاء من تمكن، سواء من الأحزاب أو الحركات الاجتماعية أو النخب الثقافية المتوزعة، فرديا أو جماعيا، على قوس الاستقطابات الذي شُرِّعت أبوابه تحت وقع صيحات النفرة والفزعة المندفعة فجأة من كمونها المريب في اللاوعي – بالكاد يستطيع احصاء من تمكن من الابقاء على نفسه بمنجاة من هذا “التيه” الذي يصعب التنبؤ بمآلاته، خصوصا في ظل استمرار زخمه بموجات متقطعة، مستفيدة من الخزين الوفير للسخط المتولد من “بركات” الاستبداد بالغة الكرم والعطاء! حتى معشر الحكماء الذين أطلوا برأسهم لوهلة في خضم حالة البلبلة والاضطراب السياسي التي سيطرت على الشارع المصري ابان وفي اعقاب نجاح ثورة 25 يناير في اطاحة رأس وبعض من رموز النظام السابق، والذين كانوا من بين من أفرزتهم أحداث الثورة، كبارقة أمل توسم المحيطون بقوانين التطور الاقتصادي والاجتماعي للمجتمعات، فيها خيرا يمكن أن يبدد القلق الذي راح يتسرب الى نفوسهم جراء فداحة وهول مخاطر عدم السيطرة على جموح عوامل التفخيخ والتفجير المحدقة بدول المنطقة وشعوبها من كل حدب وصوب – حتى ذلكم النفر من الحكماء والعقلاء سرعان ما اختفى وذاب وسط الضجيج وموجات السخط العارم وتكالب المتكالبين. ما الذي يعنيه ذلك؟ … انه يشي، بمعنى من المعاني، ان “البنية التحتية” (Infrastructure)، للعقلانية وللتفكير العقلاني الرشيد في العالم العربي، غير متوفرة كما يستلزم أن تكون عليه، أو انها غير مكتملة الاركان والشروط في أحسن الاحوال. المجتمع المدني ضعيف البنية بسبب حداثة التكوين نسبيا (الحديث يدور هنا عن حالة المأسسة)، واستقلالية المؤسسات المعاصرة والأفراد هي الاخرى نسبية، حيث نجحت القوى المهيمنة على أجهزة التسيير الحكومية في تضخيم وتحويل الدولة الى تنين متغول ومتوغل في حياة المجتمعات العربية واحالت سكانها من مواطنين وفقا للنصوص الشكلية للدساتير السارية الى مجرد رعايا تابعين وخاضعين بأشكال مختلفة ودرجات متفاوتة لمشيئة ومزاجية السياسات المتقلبة لذلك الجهاز المتضخم والمتعول ولابتزازاته، المرئي منها والمخفي. ولعل هذا ما يفسر وجود كتلة بشرية، تصغر هنا وتكبر هناك، اختارت الصمت والفرجة والمراقبة من بعيد، مفضلة الانزواء العفيف والنأي بنفسها عن حالة الصراع اللامعقول التي أنشأها “القديم” كرد فعل مضاد وممانع لتقدم “الجديد” في غير موقع. وما درت هذه الكتلة ان انزواءها انما يساهم في تعقيد الموقف ويزيد بلبلته واضطرام نيرانه. مثلما يفسر أيضا ازدياد سخط ونقمة اولئك الشباب الثائرين الذين أشعلوا فتيل الثورات العربية اعتبارا من مطلع هذا العام وقدموا التضحيات الجسام من أجل استمرار زخمها حتى تحقيق أهدافها، وذلك بعد النتائج المحبطة والمخيبة لآمالهم التي أسفرت عنها انتخابات ما بعد الثورات. ويكفي للوقوف على ذلك القاء نظرة سريعة على عناوين عديد المقالات التي كرسها كتابها لنعي الديمقراطية العربية التي طالما شكلت حلما عربيا موؤودا. ونجد تجليات هذا السخط النخبوي على النتائج المثيرة لقلق أوساط مجتمعية واسعة على مستقبل الدولة المدنية ومسارات التحديث في العالم العربي، متجسدة في كتابات من قبيل “العرب يعيدون انتاج تخلفهم..ولكن عن طريق الديمقراطية هذه المرة” .. وفي محاولة اسقاطية لا تخلو من فطنة بالغة الصحة، يكتب وهيب أيوب مستحضرا التاريخ البعيد وتحديدا مقولة […]

Read more

جرأة نواة التيار الليبرالي ودورها

وحدها دون مشاركة أيٍّ من القوى السياسية الأخرى، عقدت الجمعيات الثلاث «وعد» و «المنبر التقدمي» و «التجمع القومي» مؤتمراً صحافياً أفصحت فيه عن تقويمها لمسار «حوار التوافق الوطني»، مصحوباً برؤيتها لآفاق ذلك الحوار واحتمالات انعكاسات مخرجاته على تطور الأوضاع السياسية في المرحلة المقبلة. تميز اللقاء بصراحة الجمعيات الثلاث وجرأتها التي عبّرت عنها مجموعة من الطروحات، وردت في وقائع ذلك المؤتمر الصحافي، والتي من بين أهمها: 1 – إصرار الجمعيات الثلاث على استمرار المشاركة في الحوار رغم معرفتها المسبقة برفض الكثير من المرئيات التي رفعتها، وعلى وجه الخصوص السياسية منها. تقول هذه الجرأة، المصحوبة بالثقة في النفس، إن الجمعيات الثلاث مستمرة في المشاركة، ولن يخرجها منها أيُّ شكل من أشكال المصادرة لمرئياتها، التي لن تتخلى عنها، بل وستحرص على وصولها إلى عاهل البلاد. 2 – حرص الجمعيات على شمولية الحل عوضاً عن تجزئته وحصره في الجانب الأمني، في وقت هو في أمسّ الحاجة إلى المعالجة السياسية الشاملة التي من الطبيعي، إذ ما انطلقت من مدخل شمولي متكامل، أن تمسّ عصب السياسات الاقتصادية، ولب المعالجات الاجتماعية، وجوهر التشريعات الحقوقية. من هنا تناضل الجمعيات الثلاث كي تقحم، بشكل طبيعي ومشروع، الحل السياسي الشمولي الناجح، بدلاً من الاتكاء على مجموعة من الحلول المتناثرة العرجاء. 3 – الوقوف بحزم، بعيداً عن أيِّ شكل من أشكال المهاترات أو الاستفزاز، في وجه المداخلات التي تحاول أن تلجم الحوار، وتحوله من منصة دينامية تؤسس لإدخال تطويرات جوهرية ونوعية على المشروع الإصلاحي، إلى مجرد إجراءات تجميلية خارجية، لن يعدو مفعولها تأثيرات العقاقير المخدرة بدلاً من الأدوية المعالجة (بكسر اللام). هذه الجرأة لم تأت من الفراغ، وليست أيضاً انعطافة عفوية في سلوك هذه الجمعيات، بقدر ما هي، كما تثبت الوقائع يومياً، تحولاً نوعياً في مسارها يحاول أن يستعيد مكانة هذا التيار في العمل السياسي، على النحو الذي كانت عليه الأحوال في منتصف السبعينيات من القرن الماضي. لا ينكر هذا التيار، الذي يمكن أن تشكل هذه الجمعيات نواته الصلبة، دور أيٍّ من القوى السياسية الأخرى، وفي المقدمة منها قوى الإسلامي السياسي التي لاشك أنها الحليف الطبيعي له، إذ لا يستطيع أيٌ منها التحليق وحيداً دون الآخر. وعلى هذا الأساس، فلربما أصبحت الظروف اليوم أكثر مناسبة لتبلور هذا التيار من خلال هذه النواة، كما باتت الأرضية أشد ملاءمة لنسج تحالف استراتيجي بينه وبين قوى المعارضة الأخرى وفي المقدمة منها تلك المنضوية تحت فئة الإسلام السياسي، والتي تشكل كتلة جماهيرية من الخطأ الاستهانة بها أو التقليل من أمرها في العمل السياسي في المرحلة المقبلة.  هذه الجرأة ستفقد بريقها ومبرراتها، ما لم تبادر هذه النواة الثلاثية كي تعمل في خطين متوازيين ومتكاملين: الأول يتجه نحو   الداخل لتعزيز صرح قوى التيار ذاته، والآخر يسير في اتجاه الخارج لنسج التحالفات الضرورية مع القوى الأخرى  صحيفة الوسط البحرينية – 24 يوليو 2011م

Read more

التيار الديمقراطي والحوار

بإعلان «وعد» عن نيتها المشاركة في الحوار تكتمل 3 من زوايا الشكل الخماسي للتيار الديمقراطي الذي سيمثل في الحوار: فإلى جانب «وعد»، هناك جمعيتا «المنبر التقدمي»، و «التجمع القومي»، أما الزاويتان الأخريان فهما من نصيب القوى الديمقراطية الأخرى، من جمعيات وأفراد؛ إذ سوف يتوزع التيار الديمقراطي داخل ردهات الحوار على مجموعتين أساسيتين، الأولى الجمعيات الثلاث التي مارست حضوراً سياسياً منظماً قوياً طيلة السنوات الأخيرة الماضية، والثانية الجمعيات والأفراد ممن ينتمون فكرياً، وليس تنظيمياً، للتيار الديمقراطي.   ولكي يعزز التيار الديمقراطي من حضوره، ومن ثم تأثيره في جلسات الحوار، ربما من المفيد إمعان النظر في القضايا التالية، التي تعين على إنجاح مشروع التأسيس لتيار ديمقراطي بحريني: الأولى، محاولة التداول، وإن كان بشكل غير رسمي، قبل بدء الحوار، من أجل بلورة ما يشبه الأرضية المشتركة بين مختلف الأطراف. ومهما كانت نتائج مثل ذلك التداول، فهي لابد أن تكون إيجابية، هذا إن أراد هذا التيار، تشكيل كتلة سياسية لها ثقلها الذي لا يستطيع أحد تجاوزه عند حساب موازين القوى المؤثرة في مسيرة الحوار والنتائج المتوقعة منه.   الثانية، محاولة نسج شكل من أشكال العلاقة مع ممثلي الإسلام السياسي، من جمعيات وأفراد، فليس من مصلحة الحوار اصطدام المعارضة ببعضها البعض، طالما خدم تحاشي هذا الصدام، ضمانات التحول نحو المملكة الدستورية، بما يقود له هذا التحول من قيم مدنية واجتماعية متحضرة.   الثالثة، الحرص على مد جسور التعاون، مع القوى المستقلة، بمن فيها من أفراد، ومن زاوية تحالفية طويلة المدى، تكون قادرة على التهيئة لكتلة سياسية، تحمل في أحشائها مقومات الصمود، والنمو، والاستمرار، بما يحقق التحول السلمي التدريجي نحو المجتمع المدني الذي تسيره آليات وقوانين المجتمعات المعاصرة. الرابعة، القدرة على ضبط إيقاع الحوارات، بما يضمن خروجها بقرارات حاسمة، بما يحقق الهدف الأسمى من المشاركة في جلسات الحوار، وهي إجراء التصليحات الجذرية الضرورية التي تمد المشروع الإصلاحي بعناصر القوة التي تحتاج إلى برامج التجديد، وخطط التطوير، على المستويات كافة: اقتصادية، اجتماعية، سياسية، وحقوقية.   ضمان نجاح هذا المشروع، مرتبط أساساً، بقدرة التنظيمات الثلاثة: «وعد»، و «المنبر»، و «التجمع»، على إزاحة أية عقبة، مهما كانت صغيرة من طريق العمل المشترك بينها أولاً، والانطلاق من ذلك نحو الفضاء الأكثر شمولية، والذي بوسعه إكمال إغلاق الشكل الخماسي الذي تشكل القوى الديمقراطية أضلعه الخمسة. ومن ثم فينبغي أخذ النقاط الأربع بشكل متكامل، فأي تجزيء لها، يمكن أن يضع العصا في عجلة محركها، ويحول دون تحرك الكتلة الديمقراطية البحرينية، الأمر الذي يمكن أن يعرض الحوار لمخاطر نحن في أمسِّ الحاجة للتكتل، وشحذ القوى لدرء تأثيراتها السلبية   صحيفة الوسط البحرينية – 22 يونيو 2011م

Read more

تقلبات غريبة لسياسيين

قلنا إننا بعد عقود من التحولات والصراعات اقتربنا من النضج، وأسست لنا التجربة السياسية الأخيرة قاعدة فكرية قوية، نفرز فيها ما هو الوطني وما هو الأجنبي، ما نبني عليه وننقده ونعالجه، وما هو خارج تجربتنا الوطنية. إننا تجاوزنا ما هو غير وطني، ما هو امتدادات  ايديولوجية لمشروعات الدول الأخرى والقوى الأخرى، وإننا على الرغم من خلافنا اقتربنا من الصراع الخلاق، الصراع الذي يقوي اللحمة، والصراع الذي يكشف أخطاءنا ويطور نسيجنا.توقعنا أو توهمنا ان تجربتنا التاريخية قد جعلتنا بمنأى عن أن يخطف عقولنا السياسية أحد، خاصة بعد أن انهارت إمبراطوريات  إيديولوجية.توقعنا أن القوى الجديدة قد استوعبت هذا الدرس وأن الوطني النضالي غير ممزوج ومتداخل بأجندة دول ومعارك خارجية لا تخصنا، خاصة ان ما تحقق يمهد لأشياء أكبر وأن الذين يريدون التغيير حققوا مواقع مهمة في المجلس الوطني والوزارات والبلديات والنقابات والحياة التعليمية والفكرية، كرسوا أسماء، شكلوا تنظيمات ومواقع مع الجمهور، نشروا شبكة من الصلات. ولكن فجأة يذهب هذا كله في الدخان السياسي. كل ما كُرس لأجلِ معارضةٍ برلمانية وكتل وأعمال ميدانية طويلة يزول بقصاصة من ورق.كل ما أردناه بأن هذه المعارضة المذهبية السياسية سوف تتطور وأن نرى علاقات متداخلة وطنية بين الكتل تؤسسُ نضالا بحرينيا صميما من داخل قنوات النظام، فهل كل ما بني هو مجرد سراب؟أو أن كل ما تخيلناه هو أوهام تعشش في رؤوسنا وليس لها أي انعكاس حقيقي في الخارج؟لا نفترض سوء النيات في الكثيرين من النواب والسياسيين ولكن كنا نريد فقط درجةً من الحصافة، نريد شعرةً واحدة فقط من الدهاء السياسي، لمسة صغيرة من بُعد النظر. فلنفترض أن ثمة تخلفاً في الحياة السياسية الاجتماعية الاقتصادية ولكن كيف تحرق كل أوراقك وتقدم انتحارك السياسي وتعلن استقلاليتك وتحرق كل السفن التي تسمح بعودتك إلى شاطئ بلدك؟ أفكر في هؤلاء كثيراً، هؤلاء الذين أُعطيت لهم فرصٌ لم تُعط لكل أجيالنا المناضلة السابقة: مناصب كبيرة وكراسي قوية وكتلة ومنابر وجمهور تحت يدهم يصرفونه ويدعونه كيفما شاءوا. ثم لا تمتلك الجماعة المؤتمنة ذرة من الحصافة، تفرط في هذه المقاعد الثمينة في المجلس، كأنها مقاعد في قهوة شعبية، أو سيرك، وكأن هذه المقاعد ليست ثمرة مهمة من نضال أناس يريدون تغيير معاشهم وتبديل حاراتهم الفقيرة وتحسين حياتهم. هذا يعطينا طبيعة هؤلاء الاخوة بأنهم شديدو العاطفة مهتاجون، لا يمتلكون هدوءًا سياسيا وبعدَ نظر، وأنهم لم يجعلوا أهدافهم متعددة، تتدرج بين البعيد والقريب، ووسائلهم متنوعة، وكلها تجري في فن الممكن، وفي فن السياسة الهادئ الديمقراطي وعدم إثارة الأعصاب إلى درجة الحرق والهستيريا.نعم، كان يمكن أن ترفع صوتك، وتعرف إلى أي مدى، وأن تطلب إلى حد معين، وأنت في كل هذا تستهدف التغيير الممكن، وبالتالي فإن معركة السياسة وأهدافها تكون معك، وتخرج من آثارها ونتائجها وأنت حائز شيئا مهما وثمينا.كان النضالُ الوطني السابق خاصة في تيار اليسار الوطني العقلاني يرفعُ لافتة مهمة هي (أن تناضل بأقل الخسائر الممكنة) من دون أن يدمرَ الأشياءَ العامة أو يُربك حتى المرور، لكن الجيل الجديد لا يعرف الثقافة التاريخية لشعب البحرين ونضاله، ولا يعرف التراكم وجعل المكاسب تعلو بصبر وحرص فها هو يبدأ من الصفر. بعد ربع قرن من الصراخ والنار وحشود السجون ينتهي في ذات النقطة التي بدأ منها. نعم، لديه كمية من التنظيمات والأشياء والمكاتب والأنصار ولكن كم هي المكاسب الآن؟ليست المسألة مسألة التدخلات الخارجية بدرجة أساسية، بل المسألة هي مستوى هذه القيادات والعقليات المتشنجة غير المراكمة لنضال صبور، وأي ثقافة راسخة في هذه الأرض، هي أشبهُ بالفقاقيع […]

Read more

مقتضيات بقاء موسى في منصبه

لم يشأ الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى البقاء على الحياد من طبيعة الأحداث السياسية المتسارعة التي مارت وتمور بها الساحة المصرية، على خلفية الثورة الشبابية والشعبية المصرية، حيث تدرج موقفه شيئاً فشيئاً على وقع سرعة وتيرة تطورات الحدث المصري الكبير، وصولاً إلى زيارة ميدان التحرير والالتقاء هناك بشباب الثورة، ثم، ومن بعد ذلك، طرح اسمه وتداوله ضمن مجموعات الحكماء التي اختيرت للتفاوض نيابة عن شباب ميدان التحرير قبل إسدال الستار على المشهد الأخير لنظام الرئيس حسني مبارك .   الآن تتجه مصر لإقامة الجمهورية الثانية (منذ قيام الجيش المصري بإسقاط الملكية في انقلاب عسكري عام 1952)، وهي في سباق مع الزمن لإعادة هيكلة نظامها العام وكامل منظومتها التشريعية وعلى رأسها الدستور، وأجهزتها التنفيذية والتشريعية والقضائية ووسائطها الإعلامية والثقافية .   وهي مقبلة عما قريب على انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة تختلف تماماً عن كافة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها مصر في ظل الجمهورية الأولى .   وكما صار معلوماً، ثمة شخصيات أعلنت مسبقاً نيتها الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة في مصر، من بينها وأبرزها الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير وعمرو موسى أمين عام الجامعة العربية .   طبعاً من حق عمرو موسى أن يطرح نفسه خياراً مناسباً للمصريين في مرحلة عبورهم الصعبة من نظام سياسي شمولي مغلف إلى نظام ومرحلة سياسية واقتصادية، يراد لها أن تكون مختلفة تماماً، تقطع مع الماضي بكل سلبياته وكوارثه، لقناعة بأنه يتمتع بكفاءة مهنية وجدارة وطنية وقومية تؤهله لأن يقدم نفسه للشعب المصري كمرشح رئاسي لمرحلة مصر ما بعد الحزب الوطني الذي ظل يحكم مصر، بواجهات مختلفة، على مدى نحو ستة عقود .   ولا ننسى أن عمرو موسى ظل يحظى بقدر غير قليل من الاحترام لدى أوساط واسعة من الشعب المصري نتيجة لبعض مواقفه السياسية المعلنة التي عبر عنها في مناسبات عدة والتي حملت بعض المضامين الوطنية والقومية المعبرة عن المصالح العربية الوطنية والقومية .   ومع ذلك، فإنه إذا كان لنا أن نبدي رأينا في النية التي عبر عنها عمرو موسى للترشح للانتخابات الرئاسية المصرية القادمة، من دون أن نقصد بطيعة الحال الإفتاء في ما خص خياراته الشخصية التي هو بالتأكيد سيدها وله مطلق وكامل الحرية في تحديدها وتقريرها، نقول إذا كان لنا أن نبدي رأينا المتواضع في ذلك، فلعلنا نرى أن استمرار موسى في منصبه أميناً عاماً للجامعة العربية، في هذه الظروف العصيبة والأحداث الجسيمة التي تمور بها منطقتنا العربية، ربما كان خياراً موفقاً له ولنا جميعاً كعرب نقف اليوم أمام مفترق طرق دقيق وخطير، يتمثل في تحول كتلة هائلة من الشباب العربي المحبط والمخنوق داخل صومعة نمط الحياة الرتيب والمقنن الذي وضع في إطاره، من حالة السكون السلبية إلى حالة الفعل المتحرك للتحرر من قيود تلك الصومعة الخانقة، في تعبير صريح لا لبس فيه عن أن الجديد لم يعد قابلاً للاستمرار بقبول حالة التعايش والتآلف مع القديم الذي هو بدوره لم يعتد يوماً على التجديد والمواكبة، معتبراً البقاء في صومعته الحالة الأكثر “صداقة وأماناً لبيئته” .   وهو ما تجسد في اندلاع حركات احتجاجية شبابية ضد الأوضاع القائمة، سرعان ما اتسع نطاقها بالتحاق معظم الفئات الشعبية بها تطلعاً لغد أفضل، الأمر الذي نتج عنه اهتزاز خطير في كافة مناحي منظومة الاستقرار والأمن الاجتماعي والاقتصادي الذي يشكل الركيزة الأساسية للحياة الطبيعية وعملية إعادة الإنتاج الكلية لأي جماعة بشرية قائمة ونشطة في المكان والزمان […]

Read more

اليسار البحريني… الآفاق المستقبلية 2 – 2

لكي لا يفقد المرء بوصلته الفكرية والسياسية، فالأفكار والمبادئ، هي التي ترسم خارطة طريق نحو تحقيق الأهداف، فبدون فكر فلسفي علمي من خلاله تقرأ واقع بلادك، وتدرس جيداً تلك الخصائص والموروثات الشعبية المتأصلة في وجدان الشعب، تكون خارج المعادلة، ففي البحرين، أثبتت التجربة النضالية لجبهة التحرير الوطني البحرانية، صحة ما جاءت به في برنامجها السياسي الأول في عام 1962، برنامج الاستقلال الوطني والحرية، والديمقراطية، والسلم، والتقدم الاجتماعي، والذي تعاطى وبواقعية مع الظروف في تلك الحقبة الاستعمارية، كما تعاطت جبهة التحرير مع الواقع الملموس لشعبنا من اجل الديمقراطية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية، ومن خلال تواجد أعضائها وأنصارها في التجمعات الشعبية، بما ذلك المآتم الحسينية، في المنامة والقرى.كتب احدهم مؤخراً في الصحافة المحلية، مقالة ذكر فيها، بان اليسار الماركسي، ويقصد جبهة التحرير الوطني، كانت اهتماماتها بالخارج، بالاتحاد السوفيتي وحضور مؤتمرات الأحزاب التقدمية والعمالية، ولا تهتم بالشأن المحلي، على هذا الأخ، أن يرجع إلى أدبيات جبهة التحرير الصادرة في الداخل، لكي يتعرف جيداً أين كانت تعمل وتناضل الجبهة، والمئات من أعضائها وأنصارها لازالوا أحياء، يمكن العودة إليهم، بالإضافة الى ما تم نشره في نشرة «التقدمي» الصادرة من المنبر الديمقراطي التقدمي، استطاعت أن تتكيف مع الخصائص والأوضاع المحلية، وتكون جزءا مؤثرا في الأحداث، مدرسة في النضال الوطني يجب أن يتعلم منها جيل الشبيبة، لهذا كان اليساريون البحرينيون منصهرين ومندمجين مع شعبهم، وكان شعار المنظمة الشبابية لجبهة التحرير، «اشدب» على نشرته المركزية «الشبيبة»، «سنناضل بلا كلل ونعمل بلا توقف ونعلم ونتعلم من الشعب»، لهذا يتطلب من أعضاء وأنصار اليسار البحرينيين، أن يكونوا مع الناس ويدافعوا عن قضاياهم ومطالبهم والنصرة لهم.اليوم في بلادنا نحتفل بالذكرى العاشرة للميثاق الذي حدث في البلاد في شباط «فبراير» من عام 2001، والذي على أثره انتهت حقبة سوداء، حقبة قانون امن الدولة السيئة الذكر، وحل محلها ميثاق العمل الوطني، وبرزت القوى السياسية للسطح «العلن»، بعد عقود من السنين من النضال الوطني السري، كان اليسار البحريني جزءا أصيلا وأساسيا من مجمل القوى الوطنية والديمقراطية المناضلة في البلاد، ففي حقبة الاستعمار البريطاني، قبل مرحلة الاستقلال الوطني في عام 1971، حدد اليسار البحريني، أهدافه وبوضوح من خلال برنامجه الذي أشرت إليه في البدء، وشخص مفهوم الدولة التي ينشدها، قيام نظام وطني ديمقراطي، يعني «الدولة المدنية الحديثة»، كان سباقاً في طرحه حتى في مرحلة التحرير الوطني، وفي مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني، وبناء الدولة، عزز مفهوم «الدولة المدنية» من خلال المطالبة بوجود الديمقراطية وسلطة تشريعية منتجة، هذا ما حدث بانتخاب مجلس وطني في ديسمبر 1973، والتي فاز فيها اليسار البحريني وحلفاؤه بثمانية مقاعد، من خلال «كتلة الشعب»، وأكد على أهمية الديمقراطية والحريات العامة والنقابات، «عمالية وطلابية ونسائية»، هذه المفاهيم النقابية والديمقراطية، ترسخت اليوم في الحياة السياسية الجديدة وان وجدت بعض المنغصات والتراجعات على صعيد حرية الرأي والتعبير في بعض الحالات «النشرات الحزبية» سحب الترخيص من بعض الجمعيات السياسية، أضرت بتطوير التجربة الديمقراطية في البلاد، اليوم تطرح أمام اليسار البحريني والقوى الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، مهمة تعزيز الحريات العامة والشخصية وتطوير الديمقراطية، بإبعادها السياسية والاجتماعية، وتطوير مفهوم «المواطنة الحقة» في الدولة المدنية، والتأكيد على الواجبات العامة والحقوق الدستورية والإقلاع عن ممارسة التمييز والغبن في الحياة العامة.صحيح في الفهم الماركسي لطبيعة الصراع في المجتمع، لا يمكن تجاوز الفوارق الطبقية والاجتماعية وهي موجودة وفي أحيان بقوة، حتى في البلدان النفطية، ومنها بلادنا ومن اجل تقليل تلك الفوارق والمظاهر الطبقية والاجتماعية في المجتمع، يتطلب من الدولة توفير عناصر ذلك […]

Read more

توحيد المزايا.. أم خطة إنقاذ عاجلة؟!

كل الشكر للنقابي حسن الماضي عضو مجلس ادارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية الذي حمل على عاتقه ملفا من بين اهم الملفات، وفضل ان يطوف به ومنذ فترة منتديات الجمعيات السياسية والديوانيات والمجالس الشعبية بحثا عن مساندة شعبية توقظ وعي الجميع بمخاطر ما ينتظرنا جميعا وما يتربصنا من تبعات جراء إهمال هذا الملف الذي أجد انه يعني كل بيت وكل فرد في مجتمعنا البحريني، لما له من انعكاسات خطيرة لا ترتبط فقط بمستحقات المتقاعدين وحقوقهم المشروعة في حياة كريمة أكدها الدستور وميثاق العمل الوطني، وانما ترتبط ايضا بكون هيئة التأمينات الاجتماعية من المفترض أن تكون هي المستثمر الأكبر في هذا البلد بالنظر الى حجم ما تديره من أموال واستثمارات تفوق بالفعل حتى استثمارات الحكومة ذاتها. في أمسية أقامها المنبر الديمقراطي التقدمي مؤخرا تناثرت فيها بواعث الخوف والقلق لدى الحضور وهم من مختلف المشارب، استطرد حسن الماضي في شرح حجم ما يعترض التأمينات الاجتماعية من مخاطر حقيقية لازلت اجهل سلبية التعاطي الرسمي معها على الرغم من ان هذا الملف سبق ان اثير بقوة في الفصل التشريعي الأول عندما شكلنا حينها لجنة تحقيق في فساد هيئتي التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد، حينها عاشت البحرين من اقصاها الى اقصاها في متابعة حثيثة لما طرح تحت قبة البرلمان آنذاك من ارقام وحقائق مفزعة وفساد امتد لأكثر من ربع قرن من الزمان وعلى مدى ثمانية شهور، كانت فيها الصحافة ووسائل الإعلام تنقل معظم ما يدور ويقال في مجلس النواب الى الناس حيث خيمت مشاعر القلق من المستقبل على الجميع، رفعت بعدها المعالجات المطلوبة والتوصيات وتبعتها التعديلات على قانون التأمينات الاجتماعية بأمل ان تنشغل الحكومة بإصلاح الأوضاع في الهيئتين، وكان من بين ثمار توصياتنا تحقيق الخطوة الرائدة بدمج الهيئتين والتوجه نحو دمج المزايا للصناديق الثلاثة الخاص والعام والعسكري سعيا لتمتين الوضع المالي للهيئة وتمديد عمرالصناديق الثلاثة، وإعادة هيكلة مجلس الإدارة وإرجاع الكثير من الملايين والعقارات الضائعة والمضيعة، حيث غابت ابسط قواعد المحاسبة والرقابة وفعلت القرارات الفوقية وغير المدروسة فعلها في مالية الهيئتين، وكانت صرخة وجع واستغاثة تحمل في تموجاتها مخاوف الناس، وكم تمنينا ان يصل صداها بعيدا لتوقظ بفعلها ضمائر من يعنيهم الأمر! في تلك الأمسية استعرض المحاضر معاناة ممثلي العمال داخل مجلس الإدارة وآليات التصويت وتمرير القرارات فيه، كما استعرض غياب الرقابة الداخلية وإدارة الاستثمار وهذه الاخيرة كم وكم تحدثنا فيها مطولا على ما اذكر مع الحكومة وعبر الندوات وفي وسائل الإعلام، وبعد مرور أكثر من سبع سنوات من المؤسف ان نسمع ما يجعلنا اكثر قلقا على أوضاع الهيئة الجديدة! فهل من العقل والحكمة ان تدار الهيئة التي تبلغ احتياطياتها قرابة الأربعة مليارات دينار من دون وجود طاقم إدري واستمثاري محترف؟ وهل عقمت بلادنا أن تلد من يكون قادرا على إدارة تلك الاستثمارات بفاعلية، لتجد إدارة الاستثمار ضالتها في موظفين من ذوي التخصصات البعيدة كل البعد عن مجال الاستثمار. سعادة وزير المالية من جهته أجاب على سؤال لأحد الأخوة أعضاء كتلة المستقلين البرلمانية حول توحيد المزايا ووضع الهيئة بما يوضح حجم البيروقراطية وبطء الإجراءات والقرارات وآليات عمل الهيئة، حيث الاجتماعات التي تمتد لسنوات وشهور، وحتى القرارات المنتظرة منذ فترة لازالت تتطلب المزيد من الاجتماعات والتوافقات التي ربما تأتي او لا تأتي، اضف الى ذلك عدم حسم ما إذا كان الصندوق العسكري سوف يضم للهيئة أم لا، وهل سيؤخذ باقتراح الحكومة الجديد حول السن التقاعدي، وغيرها الكثير ما يتطلب عملا سريعا من قبل مجلس إدارة الهيئة الجديد، في […]

Read more