Search Results for: كتلة تقدم

ما بعد فك لغز سقوط الطائرة الروسية

بعد مرور أسبوع بالتمام والكمال، يبقى الغموض مغلفاً أسباب سقوط الطائرة الروسية، يوم السبت 31 أكتوبر/تشرين الأول 2015 بالقرب من مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء المصرية والتي راح ضحيتها 224 من ركابها من السياح الروس وطاقمها في رحلتها المتجهة من مطار شرم الشيخ الدولي إلى مطار مدينة سان بطرسبرغ الروسية.     في البداية، ذكرت المصادر الأمنية في شمال سيناء أن المعاينة المبدئية توضح تحطم الطائرة الروسية في سيناء «بسبب عطل فني»، وأن «الطائرة سقطت بطريقة عمودية ما أدى إلى احتراق أجزاء منها وانتشار الجثث والأشلاء على مساحة تصل إلى نحو 5 كيلومترات».   الغريب أن سقوط الطائرة، حدث بعد 23 دقيقة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ حيث اختفت من على شاشات الرادار.  بيد أن عضواً في لجنة التحقيق المصرية لم يكشف عن هويته «تطوع» للتصريح لوكالة أنباء «رويترز» الاثنين 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بالقول «إن المحققين صاروا متأكدين بنسبة 90% أن سقوط الطائرة الروسية كان بسبب قنبلة وضعت على متن الطائرة». وهو ما يتفق مع ما كانت صرحت به المتحدثة باسم شركة الطيران الروسية «كوجاليمافيا» المشغلة للطائرة لوكالة أنباء «نوفوستي» ووكالة «إنترفاكس» الروسيتين، من «إنها تستبعد الخطأ البشري في الكارثة وإن الطيار لديه خبرة تصل إلى 12 ألف ساعة طيران، وإن الطائرة خضعت لكل إجراءات الصيانة».   ومع ذلك اختارت مصر وروسيا التريث في إصدار الحكم بشأن سبب سقوط الطائرة، استناداً إلى تعاطي الخبراء مع الحادث بحذر شديد، بحكم طبيعة عملهم التي تحتم الدقة التامة في مثل هذه الظروف قبل إصدار أي أحكام قاطعة. حتى بعد أن أعلن الفرع المصري لتنظيم «داعش» الذي يطلق على نفسه «ولاية سيناء»، عبر “تويتر” أنه أسقط الطائرة الروسية. في ذات الوقت الذي كانت فيه واشنطن ولندن ممثلتين في أعلى سلطاتهما، الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ووزير خارجيته فيليب هاموند، مهتمتين بسرعة نقل المعلومات الاستخباراتية التي حصلتا عليها، كما رشح فيما بعد، من «إسرائيل»، إلى الإعلام، ومفادها ضمناً أن الطائرة الروسية أسقطت بقنبلة زرعت داخلها. فكان أن رد وزير النقل الروسي ماكسيم سوكولوف في تصريح لوكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء بالقول «إن الادعاء بأن إرهابيين هم سبب تحطم الطائرة الروسية لا يمكن اعتباره دقيقاً»، مضيفاً «إننا على اتصال دائم بزملائنا المصريين وبالسلطات الجوية في مصر، وحتى الآن لا يملكون أي معلومة تؤكد تلميحات من هذا النوع». الكرملين بدوره قلل من أهمية الفرضيات التي أعلنتها واشنطن ولندن حول أسباب تحطم الطائرة الروسية في سيناء، معتبراً أن أي تصريحات تصدر عن جهات غير مرتبطة بالتحقيق، غير جديرة بالثقة. فقد قال ديميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي، الخميس 5 نوفمبر/تشرين الثاني في معرض تعليقه على تصريحات وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، حول «احتمال قوي» لوقوف «داعش» وراء الكارثة: «قلنا ذلك في السابق ونكرر مرة أخرى.. لا يحق لأحد باستثناء فريق التحقيق تقديم أي فرضيات أو التخمين بشأن أسباب الحادث». كما انتقدت موسكو الترجيحات البريطانية والأمريكية ووصفتها بالتكهنات. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحفي «أستغرب إعلان الحكومة البريطانية – وليس الخبراء – هذه المعلومات». فمن الواضح أن موسكو الرسمية كانت ترفض بشكل قاطع محاولات الربط بين كارثة الطائرة الروسية في سيناء والغارات التي يشنها الطيران الحربي الروسي في سوريا ضد التنظيمات الإرهابية وبضمنها تنظيم «داعش».  وهكذا نكون أمام موقفين غير متجانسين صادرين عن الجانبين الروسي والمصري المعنيين مباشرة بالحادث. موقف المستوى السياسي الذي رفض في البداية كل التكهنات والروايات […]

Read more

نواب.. غيابهم أقوى من حضورهم..!!

يفتقد كثير من النواب، بل معظمهم – حتى لا نقع في فخ التعميم – الى شواهد تؤكد تكدس المآخذات التي يسجلها الناس على أدائهم الهزيل والبائس معاً، هؤلاء النواب ليسوا اكثر ترفعاً عن شواهد لما حدث من فواجع برلمانية في الفصل التشريعي السابق، وكان أسوؤها تلك التي تخلى النواب طواعية عن صلاحياتهم في المراقبة والمساءلة والمحاسبة والاستجواب، في مشهد اختلط فيه سوء الأداء بسوء التمثيل السياسي وبالغايات والدوافع والمصالح المتشابكة، ووجدنا نواباً في موقف عميق في دلالته وهم يضعون ويقرون «حباً وكرامة» القيود التي جعلت من المجلس النيابي منزوع الدسم، وهذا موقف لم ولن يسجل ضد مجهول، بل ضد نواب ومن كانوا نواباً يفترض انهم كانوا يمثلون شعب البحرين نكلوا بقيم المساءلة والمحاسبة، وهي التي تشكل مرتكزات العمل البرلماني الحقيقي في كل برلمانات العالم، زهقوا روح هذه المرتكزات، وشيعوها على الطريقة المعروفة للجميع.. هل تذكرون..؟!!  ما قصر عنه المشهد البرلماني في الفترة الماضية او الراهنة تعوضه التصريحات الشرهة لنواب هذه الايام والمحفزة على زيادة قناعتنا بانه لن تكون هناك في الفترة المقبلة «لملمة» لما أهدر من صلاحيات، او مفاجأة لإنجاز، او دهشة إعجاب لأداء، وهذه حقيقة قد يكون النواب، او بعضهم على معرفة بها اكثر من غيرهم، ويبدو انه لا فرق عندهم، والأيام المقبلة كفيلة بترسيخ هذه القناعة حين يطرح للتداول قريباً أكثر من ملف في المقدمة منها التقرير الجديد لديوان الرقابة المالية والادارية وسنجد كيف سيتم التعاطي مع هذا التقرير، وكيف ستكون مخرجات هذا التعاطي، وإن كنا لا نتوقع جديداً له وزن وقيمة واعتبار يمكن ان يشكل الخلاصة سوى المراوحة والحلقة المفرغة وتأكيد المؤكد من ردح وشعارات مشروخة وتصريحات يتعثر فيها الكلام الفارغ بالمعميات الساذجة، وكل ما ألفناه وحفظناه، وليس اكثر من ذلك، رغم ان المعضلة هي ان هذا الوقت على وجه الخصوص يفترض ان يكون وقت مساءلة وحساب والتحرك لدفع عجلة الإنتاج البرلماني الى ما يلبي ولو الحد الأدنى من طموحات الناس الذين لايرون بالعين المجردة ثماراً تؤتى وكأنهم في انتظار «غودو»..!!انتزاع الصلاحيات البرلمانية الحقيقية هي المسألة الأكثر إلحاحاً الآن، وليس الاستثمار في تضييع الوقت والهدف بكثير من الإبداع والبراعة، وكأن ثمة من يريد لنا ان نعود دوماً الى نقطة الصفر التي لا نعرف فى الحقيقة اين هي..؟ ولماذا يراد ان نبقى عند هذه النقطة او قريبين منها او عند حدودها؟ هل لاننا لا نملك أرضاً صلبة في واقع ارادة الاصلاح؟ او ان هذه الارادة غير كافية او لا يراد لها ان تذهب الى حيث يجب ان تذهب؟ هل لأن العمل البرلماني ينظر اليه ويتم التعامل معه من باب لزوم ما يلزم؟ ولماذا لا يكون عودة بل انتزاع الصلاحيات التي اهدرت للمجلس النيابي، واضافة الجديد إليها من أولويات النواب؟ هل يكشف ذلك عن عجز النواب عن تحرير انفسهم من المراوحة والتوقف عن أداء شعائرها؟ على اي حال، وفي كل حال لا يتوجب علينا ان نجهل او نتجاهل بان الحال الهامشية هذه لا يمكن ان توجد وان تعاش وان تستمر إلا في وسط يقبل بها، او يتجاهلها على الأقل، وان الناس لا يمكن ان يضلوا قادرين على ابتلاع مزيد من الاهتراء في أداء النواب، حتى لو نال هؤلاء إشادات مناسباتية من هنا او هناك..؟ ليس عودة الصلاحيات هي وحدها التي يجب ان تكون من أولويات النواب، وإنما يضاف إليها ضمن ما يجب ان يضاف جرعة معقولة مما أسماه ماكس فيبر بـ «أخلاق المسؤولية» التي يستشعر فيها المرء حساباً لمواقفه […]

Read more

كوادر عمالية من الطراز الجديد

هذه هي الحقيقة التي عرفناها من خلال معرفتنا بواقع العمل السياسي وتعمقنا في جذور مسألة النضال لرفاقنا عبر مراحل عديدة مع نضال شاق في صفوف الطبقة العاملة البحرانية والذي وصل لمرحلة النضوج حتى ان تبلورت فكرة ضرورة تأسيس النقابات العمالية خصوصاً مع التطور الفكري في صفوف العمال واكتساب المهارات في مسألة النضال المطلبي في صفوفهم والتحركات التي حدثت خصوصاً في شركة بابكو من عام 1938 الى عام 1942 بحيث ان هذه المرحلة قد نضج فيها الوعي النقابي من خلال سلسلة الإضرابات والاحتجاجات ذلك نتيجة لظروف العمل الشاق والاستغلال البشع ضد العمال وجعلهم في ظروف عمل سيئة وتدني الأجور وظلم وتعسف المسؤولين الأجانب والظلم الاجتماعي.   في هذا السياق سوف يأخذنا الحديث عبر محطات مضيئة من تاريخ نضال الطبقة العاملة البحرانية خصوصاً بعد أن تشرب العمال بالوعي الوطني والذي مهد لاكتساب الوعي النقابي ذلك مع التلاقي والتحالف والترابط بين الحركة العمالية والحركة الوطنية البحرانية وهو قد ساهم في بروز ملكات الوعي الفكري في صفوف العمال ثم وجود عناصر لها صلة بالأفكار اليسارية ذلك في صفوف العمالة الوافدة حتى ان أصبحت ضرورة تأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية الفصيل المناضل الماركسي وحدث ذلك في 15 من فبراير عام 1955.   وقد ساهمت جبهة التحرير في دفع عجلة النضال في صفوف العمال وبشكل منظم عوضاً عن التحركات العفوية او الفردية.   وفي هذا الصدد أقرت السلطات البريطانية مع حكومة البحرين آنذاك بشرعية مطالب العمال في أحقية تأسيس النقابات العمالية ذلك مع اشتداد ضرورة النضال العمالي والوطني في سنوات الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي بحيث كانت التحركات الوطنية والعمالية قد أجبرت سلطات الانتداب البريطاني وحكومة البحرين على الموافقة على اصدار قانون العمل عام 1957 والذي جاء ثمرة لنضال شعب البحرين وفي المقدمة الجماهير الكادحة ثم كان قانون العمل يعتبر من القوانين المتقدمة على الأقل في منطقة الخليج العربي بحيث كان احد الافراد المشاركين في كتابة المسودة وهو من الخبراء الانجليز والذي كان ينتمي لحزب العمال البريطاني وهو الذي قد ساهم في تمرير مسودة القانون الذي نص بضرورة ان يكون للعمال حق تشكيل النقابات وكان ذلك لأسباب عديدة أولها عدم تشكيل خلايا سرية للعمال تتحول الى الجانب السياسي ثم من اجل حصر المطالب العمالية وجعل النقابة هي المخولة للتفاوض مع أرباب العمل بدلاً من شيوع الفوضى العارمة في حالة الاضراب او الاحتجاج، كما أن الأنشطة النقابية العلنية تعطي للنشطاء من العمال حق التحرك بحرية، متفادين الملاحقات والمضايقات او الفصل التعسفي ومن اجل ان يكون الجميع يعمل تحت مظلة القانون. إلا أن المماطلات من قبل السلطات في البحرين آنذاك وإصرارها على عدم قبولها بتشكيل النقابات العمالية حسب نصوص قانون العمل قد حرم العمال من تأسيس نقاباتهم في تلك الفترة.   أيضاً أن التعليم المبكر في البحرين قد ساعد في أن يخرج عمال مهرة متعلمون وقد استطاعوا أن يواكبوا مسار التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي خصوصاً مع فتح المدارس الصناعية، هذا الجانب قد ساهم في خلق كوادر عمالية ونقابية مثقفة واعية ومدركة لكل الأمور والتطورات خصوصاً من آمنوا بالأفكار الماركسية.. أيضاً كانت الحركات الوطنية قد ساهمت في ابتعاث الشباب في صفوف الحركة العمالية الى خارج الوطن لتلقي التعليم الأكاديمي والسياسي وعلوم الحركة الشيوعية والعمالية في العالم واتقان الادبيات للحركة النقابية خصوصاً في الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي، وقد لعبت هذه الكوادر العمالية مع القوى الوطنية اليسارية أدوار مؤثرة في صفوف العمال وسائر الكادحين.   وقد لعبو أدوار ناجحة […]

Read more

ثقافة اللاعنف بين الواقع والمأمول

الرفيقات، الرفاق،،، الحضور الكريم،،، أسعد الله مسائكم بكل خير.           في البدء أود أن أشكر المنبر التقدمي على إتاحته لي هذه الفرصة للتحدث حول موضوع مهم وهام، ألا وهو ثقافة اللاعنف وأهمية ترسيخها في وجداننا لتصبح جزء لا يتجزأ من كياننا ومن نسيج حياتنا وعملنا وتفكيرنا وأهدافنا الآنية والمستقبلية.           مع إتساع ونمو ظاهرة العنف إلى حدود ومجالات غير (مسبوقة) ومع بروز ظاهرة المواطن الإرهابي العالمي صار اللاعنف محور وهدف إستراتيجي لعمل مختلف الدول والأحزاب لمحاصرة نيران التطرف أولوية وهدف.           وفي ظل موجة العنف التي تجتاح عالمنا العربي ورائحة الدم والأشلاء التي تملأ حياتنا، لغتنا، إعلامنا، ثقافتنا، سلوكنا، يبدو الحديث عن لغة اللاعنف نوعاً من الترف أو من الخيال.           ولكن في مقابل ذلك، هنالك أمثلة عديدة لدول ولشعوب إختطت طريق ونهج اللاعنف في سبيل تحقيق أهدافها، وكما قال زعيم حركة “القوة السوداء” في جنوب أفريقيا ستيف بيكو، الناشط ضد نظام الفصل العنصري “أبارتيد” في جنوب أفريقيا في ستينيات وسبعينيان القرن الماضي والذي قتل على يد الشرطة في عام 1977، وكان يهدف لتغيير الوعي الأسود بمقولته الشهيرة “أقوى سلاح في يد القاهرين هو عقل” “وعي المقهورين”           واليوم يمكن للاعنف أن يشكل إستراتيجية كبرى سياسية أو فلسفية تنبذ إستخدام العنف أكان إرهاب دولة أو جماعات أو أفراد حتى وذلك في سبيل أهداف سوسيولوجية تواكب عمليات التغيير والإصلاح السياسي ومقاومة أشكال القهر والعنف والإحتلال.           كتاب جين شارب المقاومة اللاعنفية يدعو إلى وسائل أخرى وبدائل حقيقية من مثل كفاح اللاعنف والإنتفاضة والنضال بلا عنف وبشكل مرادف للقوة ولكن بالمسالمة على نـحو يحتاجه أكثر القرن الجديد أكثر من القرن العشرين لجهة التعقيد الحاصل في رسم الإستراتيجيات الصغرى والكبرى وإختلاف العناصر وموازين القوى والرأي العالمي الذي صار جزءاً رئيساً من هذه التحولات في دراسات النضال بوسائل اللاعنف.           إذ أن النضال اللاعنفي وفي زمن الثورات العربية يعطي المواطنين وسائل يستطيعون إستخدامها للحصول على حرياتهم والدفاع عنها ضد حكام ديكتاتوريين حاليين وفي المستقبل، في نوع من الإستراتيجية الكبرى المغايرة لإستراتيجيات سابقة إلى حد صار يسمح للشعوب نفسها أن تضع أجندة مستقبلية لأوطانها ودولها، وللإنتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.           علينا أن نتذكر أن هدف الإستراتيجية الرئيسية في مواجهة أنظمة الحكم الديكتاتورية لا يتوقف ببساطة عند القضاء على الديكتاتورية، بل يستمر حتى يتم وضع نظام ديموقراطي، ويجعل من نشوء ديكتاتورية جديدة أمراً مستحيلاً. كما يجب أن تكون أساليب النضال المختارة قادرة على المساهمة في تغيير توزيع قوى المجتمع المؤثرة من أجل تحقيق الأهداف والقضاء على الديكتاتورية وخلق نظام ديموقراطي عندها يصبح إستحالة ظهور ديكتاتورية جديدة.           من المعروف أن الشعوب ومؤسسات المجتمع المدني تكون ضعيفة في ظل وجود أنظمة الحكم الديكتاتورية، وتكون الحكومة في المقابل قوية جداً فإذا لم يحدث تغيير في موازين القوى هذه فإن الحكام الجدد يستطيعون، إن أرادوا أن يكونوا حكام ديكتاتورين كأسلافهم.           قبل عامين ونصف على وجه التقريب في07 نوفمبر 2012م، أقدمت الجمعيات السياسية المعارضة على خطوة مهمة وتاريخية في إصدار وثيقة اللاعنف، وبذلك فوتت الفرصة على كل من يدعي بأن هذه الجمعيات لها أجندات أخرى غير معلنة وبأنها تدعم الإرهاب كما تروج له السلطة والصحف الصفراء من أجل حرف الأهداف الحقيقة للعمل الوطني السلمي المطالب بالديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان.           فالحكم وعلى مدى أكثر من نصف قرن وهو يعمل على إشاعة فكرة بأن أي من المطالبين بالديمقراطية […]

Read more

أمريكا بين التعددية والعنصرية

  ينهض المجتمع الأمريكي كأحد أكثر المجتمعات العالمية تعددية . ويعتبر النظام السياسي الأمريكي النسيج المتنوع والمتعدد للمجتمع الأمريكي كإحدى مفاخره وانجازاته الحضارية التي لا يضاهيه فيها أحد . وهذه حقيقة لا يدانيها الشك، فالمجتمع الأمريكي هو في الأساس مجتمع مهاجرين، وتشجيع الهجرة إلى بلاد الأحلام، كانت – ومازالت – إحدى الدعامات الأساسية التي اعتمدت عليها الرأسمالية الأمريكية الناشئة في عملية تخليق التراكم الأوّلي لرأس المال . وبعد أن استقر المقام للمهاجرين الطوعيين الذين “نزحوا” من بلدانهم، الأوروبية بالأساس، في بلد “الأحلام” والفرص الواعدة المسماة آنذاك بأمريكا الشمالية البريطانية، هرباً من حياة العوز والضنك في بلدانهم، وبعد أن دانت لهم السيطرة على مصادر التراكم الرأسمالي في “عالمهم الجديد”، عمدوا، اعتباراً من مطلع القرن السابع عشر، وتحديداً منذ عام ،1619 على تهجير ملايين السود قسراً من مستعمراتهم في القارة الإفريقية، لاسيما بلدان غرب إفريقيا، ومن بلدان البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، لاستخدامهم في أعمال السخرة في مزارعهم وتشييد مدنهم وقراهم ونواحيهم وبناء معاملهم، وذلك بموجب أنظمة استرقاق نافذة . فكانت تلك إحدى أكبر عمليات تسخير ملايين الأيدي العاملة لتعمير الأوطان في التاريخ الحديث . وكان لابد لملايين السود ( في عام 1860 كان هناك 5 .3 مليون إفريقي مستعبدين في الولايات المتحدة نتيجة لتجارة الرقيق عبر الأطلسي)، الذين طحنتهم الظروف المشدَّدة للاستغلال والعنصرية الدموية، أن ينتفضوا عديد المرات وأن يثوروا على واقعهم المزري، وكانت ذروة انتفاضاتهم حركة الحقوق المدنية التي قادها رجال استثنائيون مثل مارتن لوثر كينغ ( 15  يناير 1929- 4 أبريل 1968)، والتي ركزت نضالها على مطلب الغاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة إلى أن اغتالته آلة النظام العنصري يوم الرابع من أبريل/ نيسان1968  . وقد اقتضت حاجة الرأسمالية لتجديد نفسها وازالة عراقيل تقدمها، الغاء نظام التمييز العنصري بما يتيح لأرباب العمل الوصول إلى كتلة ضخمة من احتياطي قوة العمل التي توفر مرونة عالية لسوق العمل وتجعل الانتفاع بها واستئجارها بأسعار خفيضة، متاحاً تماماً كما فعلت الرأسمالية في مرحلة نشوئها الأولى حين حررت ملايين الأقنان من اقطاعيات كبار ملاك الأراضي الزراعية مفسحة المجال أمامهم لانخراطهم زرافات في المانيفاكتورات والمعامل (الأشكال الجنينية للصناعات الأساسية للرأسمالية الصاعدة) . ولم يحدث ذلك بصورة طبيعية سلسة ومتدرجة، وإنما اقتضى الأمر خوض حرب أهلية طاحنة بين ولايات الجنوب الطامحة لتوسيع رقعة نظام الرق إلى خارج ولاياتها وولايات الشمال الرافضة لهذا التوسع، راح ضحيتها أكثر من 62 ألف من الجنود وعدد غير معروف من الضحايا المدنيين . وبدأ الغاء النظام العنصري بصدور قانون الحقوق المدنية لعام 1964 الذي حظر التمييز في الأماكن العامة والعمل والنقابات العمالية، ثم قانون حق التصويت في عام 1966 ، ولكن التمييز العنصري استمر في مختلف نواحي الحياة الأمريكية . اليوم أصبح للسود منافسون، فقد عمل رأس المال على مدى سنوات صعود ونضج الرأسمالية الأمريكية، على تهريب أكثر من 12 مليون شغيل إلى داخل الأراضي الأمريكية، معظمهم من بلدان أمريكا اللاتينية خصوصاً من المكسيك التي يبلغ طول حدودها مع الولايات المتحدة 3169 كيلومتراً . وفي حين تريد شركات وأوساط الأعمال المحسوبة على الحزب الديمقراطي اضفاء الشرعية على جزء من هؤلاء، فإن الحزب الجمهوري المعادي بتكوينه الأيديولوجي للأجانب والذي صار يقارب، إيديولوجيا، اليمين النازي الذي كانت تمثله منظمة كوك لوكس كلان، يرفض خطوات اضفاء الشرعية على الوجود الواقعي لملايين المهاجرين الأجانب في سوق العمل الأمريكية الموازية (السوق السوداء لليد العاملة)، مع أن هذا السوق الأسود هو الذي يوفر للاقتصاد الأمريكي المرونة […]

Read more

الوجوه المتعددة لعبدالله خليفة

كلمة د. حسن مدن في حفل المنبر التقدمي لتأبين الأديب عبدالله خليفة 9 ديسمبر 2014 الوجوه المتعددة لعبدالله خليفة     أولا: عبدالله خليفة الصديق  كنا ثلة من الأصدقاء نجتمع كل أسبوع، أحياناً في الهواء الطلق، في منطقة إسمها الهورة بالقرب من سلماباد يوم كان في البحرين بر. من أفراد هذه الثلة من رحل ومنهم من ندعو له بطول العمر: أول الراحلين وأبرزهم الشاعرالشهيد سعيد العويناتي، والشاعر علام القائد، وأخيراً عبدالله خليفة نفسه. من الباقين علي عبدالله خليفة وابراهيم بوهندي وسلمان الحايكي وعبدالقادر عقيل وأنا. كان العدد يزيد حيناً فينضم إلينا أصدقاء آخرون كايمان أسيري وعبد الصمد الليث وغيرهما، وأحياناً كان يقل، حين كان الشهيد سعيد العويناتي يعود لمواصلة دراسته في الجامعة ببغداد.  في هذه الجلسة الأسبوعية يقرأ الأصدقاء تجاربهم الابداعية وآخر كتاباتهم: في الشعر، وفي القصة القصيرة، ويعطي كل منا رأيه في تلك التجارب، وتجري متابعة جديد الحركة الأدبية والثقافية الفتية يومها بمضامينها وأشكالها الجديدة.  كانت البحرين ساعتها غير بحرين اليوم: مليئة بالوعود والأفكار الجديدة وممتلئة بحركتها الوطنية العابرة للمذاهب والطوائف، وبنهوضها العمالي وبتوقها للديمقراطية الذي جرى قمعه، فيما بعد، بقانون أمن الدولة وما نجم عنه من تدابير.  ذهب عبدالله خليفة إلى السجن شأنه شأن العشرات من مناضلي الحركة الوطنية ليمكث فيه سنوات، وأستشهد سعيد العويناتي تحت التعذيب، ووجدت نفسي وآخرين في منفى ظنناه طارئاً وقصيرا، فاستطال عقوداً، وتفرق الجمع.   ثانياً: عبدالله خليفة كاتب القصة القصيرة  ولج عبدالله خليفة عالم القصة القصيرة بعد سنوات قليلة من نشر قصص محمد عبدالملك ومحمد الماجد وخلف أحمد خلف وسواهم. في البداية كان ينشر قصصه باسم مستعار، وبحكم إشرافي على الصفحة الثقافية في مجلة صدى الأسبوع، فاني كانت دائم الالتقاء به في مبنى المجلة، حيث يأتي حاملاً قصصه الجديدة بذلك الإسم، كما كان ينشر بعضها باسمه الحقيقي. لا جدال ان عبدالله كان أكثر كتاب القصة القصيرة غزارة في الانتاج، وأطولهم استمراراً في كتابتها، حيث لم يتوقف عن ذلك حتى وفاته. ثالثاً: عبدالله خليفة الروائي  أتى عبدالله خليفة الى الرواية من باب القصة القصيرة. شِأنه في ذلك شأن محمد عبدالملك وآخرين من كتاب القصة القصيرة الذين تحولوا الى كتابة الرواية. كما في القصة القصيرة فان عطاء عبدالله الروائي هو الأغزر والأكثر تنوعا بين نظرائه، حكماً من المعطيات التي توفرت بعد رحيله يمكن القول انه ترك لنا نحو ثلاثين رواية، بعضها منشور وبعضها لايزال على شكل مخطوطات. تفاوتت موضوعات روايات عبدالله، ليندرج بعضها في إطار الواقعية النقدية، وربما الواقعية الاشتراكية في أعماله لأولى، وبعضها أتى في اطار الرواية التاريخية كما هو حال رواياته في السنوات الأخيرة عن الخلفاء الراشدين.  رابعاً: عبدالله خليفة الناقد  في ساحة أدبية ثقافية وأدبية يشح فيها النقد ويندر، لم يكتف عبدالله خليفة بعطاءه الابداعي في الرواية والقصة القصيرة، وإنما ولج باكراً عالم النقد الأدبي، فكتب مقالات ودراسات نقدية عن تجارب زملائه من الكتاب البحرينيين سواء المخضرمين منهم مثل محمد عبدالملك وأمين صالح أو حتى من الأجيال الجديدة. لم يكتف عبدالله بنقد التجارب الأدبية المحلية، السردية منها بشكل رئيس، وإنما انفتح على ساحة الابداع الخليجي في الكويت والامارات والسعودية وغيرها، وقدم الكثير من الدراسات في الملتقيات الأدبية الخليجية حول هذه التجارب. أكثر من ذلك انفتح عبدالله على الأفق النقدي العربي فكتب دراسات مهمة بينها بحثه المهم عن الرواية عند نجيب محفوظ.  خامسا: عبدالله خليفة الباحث في الفكر والفلسفة  بحكم مثابرته في البحث وانكبابه على البحث والمطالعة إستوى عبدالله خليفة على عدة فكرية […]

Read more

ما بعد الانكسار

    وما نيـــلُ المطالب بالتمــني        ولكن تُؤخذ الدنيا غلاباوَما استَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ       إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُمْ رِكابا       هذا هو لسان حال أمير الشعراء أحمد شوقي، وقد كان هذا هو ديدن جموع المثقفين الذين كانوا يوماً يجوبون المدن والقرى والنجوع والحارات المتوزعة على خريطة عالمنا العربي الكبير، مدفوعين بإقبال استثنائي على الحياة الحرة الكريمة والعزيزة، وبآمال عريضة في وطن عربي حر موحد ومستقل ومنصرف بكليته نحو البناء والتعمير والنهوض العلمي والثقافي . كانت تلك أيام طولها عقد كامل ويزيد، هو عقد الستينات تخصيصاً من القرن الماضي . يومها كان المثقفون العرب هم ضمير الأمة وكانوا مرجعيتها المناقبية . فبفضلهم كانت للكتاب قيمة “قدسية” خاصة لدى عموم الناس، نعم عموم الناس، من طلاب الجامعات والمدارس وعمال المصانع وسائر الموظفين العموميين، وليس فقط لدى النخب المثقفة، كما انتهى إليه حال الكتاب بعد غروب أيامه الزاهية لذلك العقد الفريد . كانت الهالة والمهابة اللتان يتمتع بهما مثقف تلك الأيام لا تضاهيهما سوى هالة ومهابة المعلم المدرسي لتلك الأيام الخوالي، ولكأن “حصانة” مجتمعية من نوع ما كانت تحيطهما . ولربما كان الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لتألق الانتلجنسيا العربية في تلك الأيام، هو ارتباطها ارتباطاً وثيقاً بنمط إنتاجي كان يسم كافة مناحي الحياة العربية ويشكل جوهر عملية إعادة الإنتاج الكلية التي تطبع الموقف العام لكل فرد تقريباً من أفراد المجتمعات العربية، بما فيها مجتمعات بلدان الخليج العربي قبل الطفرة النفطية الأولى عام ،1973 وذلك برسم الازدهار الثقافي الذي عاشته مجتمعاتها في تلك الفترة، حيث كانت للكتاب قيمة وتقدير خاص لدى كل المتعطشين للاستزادة من كل النتاجات الثقافية والفكرية والفنية والموسيقية التي كانت تترى تباعاً في بلدان المركز الحضري العربي، لاسيما القاهرة وبيروت، وكانت الأندية الثقافية تشكل جزءاً عضوياً من المكونات المؤسسية لنمط حياة مجتمعات النفط على الصعيدين الثقافي والاجتماعي، حين كانت الأنشطة المهنية والحرفية والصناعية التقليدية ما زالت محتفظة بمكانتها في الدولاب الاقتصادي، وبقدرتها على مغالبة التيار الجارف للصناعة النفطية الصاعدة بدفع من قفزات أسعار النفط في الأسواق العالمية . اليوم أصبحت صورة المثقفين العرب أو الانتلجنسيا العربية، مقلوبة رأساً على عقب . فما كادت هبات ما سمي ب “الربيع العربي” تُزيح الأردية التثاقفية التي كانوا يتلفعون بها حتى انكشفت هشاشة بنيتهم التحتية (Infrastructure)، وهي هنا التكوينات الفكرية والابستمولوجية والنفسية والمعنوية . حيث ظهروا خائري القوى ومسلوبي إرادة الموقف أمام إغراءات وإغواءات الانحيازات والحيازات التي هي طبقية مصلحية في الجوهر وإن تقافز الساقطون في حبائلها، للالتماس من الأعذار والحجج والمسوغات في السريع العاجل ما يبعدهم أو هكذا يتراءى لهم عن شبهة السقوط . .حتى وإن اضطرتهم ظروف هذا السقوط وضغوطه للدخول طرفاً في لعبة خلط الأوراق المفضية حكماً للانتقالة المأساوية من النقيض إلى النقيض . من موقع التنوير النهضوي إلى مواقع التخندق جنبا إلى جنب مع القوى الاجتماعية الحابسة على مدى التاريخ، بماضويتها، لديناميات التقدم والتحديث، ذوداً بكل تأكيد عن مواقعها ومصالحها . ولأن المرحلة هي مرحلة قحط وجدب (نقيض الخصب) وكساد فكري، فقد كان محتماً أن تُخلي زمرة المفكرين والمبدعين المتضائلة والمتناثرة أعدادهم على رقعة ضيقة من الجغرافيا الثقافية العربية، أن تخلي الساحة الثقافية العربية بالكامل لجحافل لا تعرف للثقافة من طريق سوى طريق الإعلام الذي صار اليوم العنوان الأبرز للثقافة العربية . وبما أن حرب الطوائف قد نجحت بامتياز في اختزال الثقافة في الإعلام، فلقد أضحت الثقافة هي الإعلام والإعلام هو الثقافة (في العالم العربي قصراً)، بعد اكتساح الإعلام لكافة […]

Read more

انتصار تونس عودة الإسلام السياسي إلى حجمه الطبيعي

لئن كانت التجربة الحداثية التونسية هي من أكثر التجارب العربية تقدمية وبروزا، فإن خروج تونس من الانتخابات التشريعية الأخيرة منتصرة بالمعنى السياسي للكلمة، من شأنه أن يؤسس لمرحلة جديدة من التجربة الديمقراطية الواعدة، حيث تم إجراء هذه الانتخابات بسلاسة وهدوء، ودون ضوضاء أو تدافع سياسي، واختار التونسيون ممثليهم بكل حرية، مما حدا بالمراقبين إلى القول: إن تونس قد أصبحت اليوم «المختبر» الذي ستُصنع فيه تجربة الديمقراطية في العالم العربي، الذي ما يزال يموج بالفوضى والاضطرابات، فبعد نجاح العملية الانتخابية لم يعد مهما – أمام انتصار تونس – من ينجح: اليمين أم اليسار أم الوسط، النهضة أم نداء تونس، ومن سيفوز بتشكيل الحكومة ورسم ملامح المرحلة القادمة؟ بالرغم من ان هذه الانتخابات قد أعادت الإسلام السياسي الى حجمه الطبيعي بعد ان كان في انتخابات 2011م استحوذ على 41% من مقاعد البرلمان، وذلك لأن التجربة التونسية قد أسست بذلك كله -رغم جميع التحديات والصعوبات والمخاطر التي تحيط بها – لنموذج عربي واعد للتداول السلمي على السلطة.نجاح تونس اللافت – وسط محيط إقليمي مضطرب – يعود إلى عدة عوامل، من أهمها في تقديري: أولا: نضج الشعب التونسي وتطلعه الدائم إلى تحقيق الحرية والديمقراطية وفق نظره واقعية متوازنة لا تغرق في الإيديولوجي، حيث يتميّز المجتمع التونسي بتركيبة اجتماعية منسجمة تحتل ضمنها شريحة الفئة المتوسطة مكانة أساسية من مجموع السكّان. وتعتبر هذه الشريحة صمّام الأمان والضامن الأساسي لتماسك البناء المجتمعي ولقوّة النسيج الاجتماعي وللاستقرار الاجتماعي بالرغم من الصعوبات الاقتصادية الجمة ثانيا: قوة المجتمع المدني التونسي الذي أسس لكتلة جبارة قادرة على فرض المعادلات السياسية أو التأثير فيها، حيث انتهت أسطورة النخبة وبرزت في المجتمع ما يمكن ان نسميه قوة الفاعلين الاجتماعيين، من نقابات (خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة) وأحزاب ومؤسسات ثقافية واجتماعية وحقوقية ونسوية، من كافة الفئات، حيث توجد في تونس منظمات شعبية هي أقرب إلى منتديات ثقافية ومهنية، تبرز آراء مختلف الحساسيات الفكرية والفئات الاجتماعية، وتشارك في ممارسة السلطة من خلال الضغط على الهيئات المنتخبة. حيث كان واضحا أن لقيام مجتمع مدني حر، تعددي، لا بد من وجود مجموعة من المنظمات والمؤسسات والهيئات، التي تعمل في ميادين مختلفة بصفة مستقلة، مثل الأحزاب السياسية، والجمعيات بمختلف أهدافها، والنقابات التي تدافع عن مصالح أعضائها، والمنظمات التي تهتم بالدفاع عن الأفراد وعن قضايا معينة، والأندية الرياضية والترفيهية وغيرها. وتوفر كل مكونات المجتمع المدني قناة للمشاركة الاختيارية في المجال العام وفي المجال السياسي، وتعد أداة للمبادرة الفردية المعبرة عن الإرادة الحرة، والمشاركة الإيجابية النابعة من التطوع، قصد المساهمة في التطوير والتحديث. ثالثا: دور المرأة التونسية كقوة مجتمعية وثقافية نضالية، في مواجهة الاتجاهات المحافظة التي برزت إبان حكم النهضة، وخصوصا عندما شعرت المرأة بأن مكتسباتها مهددة بالتراجع (خاصة في مجال الأحوال الشخصية) فاستنفرت قواها وصنع جهدها فارقا مهماً، فقد كانت المرأة التونسية إبان النضال ضد السياسات والنزعات الرجعية في مقدمة القوى المناضلة والرافضة لأي تراجع على صعيد المكتسبات الحضارية التي تحققت لها، ولذلك كانت من بين أهم القوى التي استنفرت قواها لمواجهة هذا التهديد الذي شكله الإسلام السياسي، ولذلك كان حضورها ونشاطها لافتا في هذه الانتخابات الأخيرة. رابعا: نضج القوى السياسية الأساسية (الإسلامية أو الليبرالية او اليسارية) والتي برزت كقوى معتدلة، تمتلك القدرة على إدارة الصراع لصالح تونس ولصالح الحرية، فحتى الإسلام السياسي التونسي في صورته التي تمثلها حركة النهضة، (في الحكم أو في المعارضة)، فقد كان واضحا انه ينأى نسبيا عن الخطاب التكفيريّ البدائيّ المتوحش، […]

Read more

قراءة في التعديلات ببعض أحكام القانون بشأن الجمعيات السياسية

        قراءة في القانون  رقم (34) لسنة 2014  بتعديل بعض أحكام القانون رقم (26) لسنة 2005  بشأن الجمعيات السياسية    المحامي / حسن علي إسماعيل ندوة المنبر التقدمي 31 أغسطس 2014   تقديم : في الوقت الذي يتطلع فيه شعب البحرين إلى حل يخرج البحرين من أزمتها السياسية والدستورية ، وإلى تحول ديمقراطي حقيقي تسود فيه الحريات وحقوق الإنسان وتسود  فيه حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بوجود نظام انتخابي عادل ونزيه ، وفي الوقت الذي تعجز فيه السلطة التشريعية عن إقرار تشريعات مر على وجودها زمن طويل كقانون الصحافة وقانون العنف الأسري ، وقانون حق أبناء البحرينية المتزوجة من أجنبي، وغيرها من القوانين ذات الصلة بالحريات العامة ، في كل هذا الوقت تقر هذه  السلطة على عجل تعديلا ت على بعض القوانين التي هي في الأصل ناقصة ومقيدة للحريات ، وابرز هذه القوانين التي تم تعديلها قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 إذ نص هذا التعديل على تشكيل مجلس أمانة عامة في محافظة العاصمة  بدلا من المجلس البلدي المنتخب فنال من حق المشاركة في الشئون العامة الذي كفله الدستور ، ومن بين هذه القوانين التي تم تعديلها أيضا القانون رقم (26) لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية لتزيد هذه التعديلات فوق القيود التي نص عليها قيود جديدة على العمل السياسي إذ سبق للمنبر التقدمي وسائر قوى المعارضة أن بينوا القيود التي أشتمل عليها قانون الجمعيات السياسية ، ويمكنكم الرجوع لورقة التقدمي التي تقدم بها في مؤتمر الحوار الوطني الأول الذي عقد بتاريخ 26 يناير 2006  بعنوان  ما مدى حُرية التنظيم السياسي في قانون الجمعيات السياسية ، منشورة على موقع التقدمي الالكتروني.   أهم التعديلات الجديدة  ومدى توافقها مع حرية العمل السياسي   لبيان أهم التعديلات الجديدة الصادرة بموجب القانون رقم (34) بتعديل بعض أحكام قانون الجمعيات السياسية على قانون الجمعيات السياسية ومدى توافقها مع حرية العمل السياسي نشير للمحاور التالية :   أولاً : استخدام مفاهيم ومصطلحات عامة تفتقر إلى التعريف القاطع ما يلفت النظر في قانون الجمعيات السياسية قبل التعديل لجوء المشرع إلى استخدام مفاهيم ومصطلحات عامة جدا تفتقر إلى التعريف القاطع، بل وتنطوي على نوع من الغموض. وهو الأمر الذي  من شأنه، أن يعطي جهة الرقابة على العمل السياسي  هامشا واسعا للعمل والحركة طبقا لرؤاها واعتباراتها السياسية، ويمكنها من إسقاط معاييرها وقيمها الخاصة على تفسيرها لتلك المفاهيم والمصطلحات بهدف تقييد نشاط وعمل الجمعيات السياسية ، منها على سبيل المثال ما نصت عليه المادة (3)( تسهم الجمعيات السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمملكة. وتعمل باعتبارها تنظيمات وطنية شعبية ديمقراطية على تنظيم المواطنين وتمثيلهم وتعميم الثقافة والممارسة السياسية في إطار من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والديمقراطية وذلك كله على الوجه المبين بالدستور وميثاق العمل الوطني.)    ، فمفهوم “التقدم السياسي والاجتماعي” المفترض أن تساهم في تحقيقه الجمعيات السياسية ينتابه الغموض، ولا يعرف كيف يقاس أو كيف يحكم على مساهمة هذه الجمعيات بأنها تحقق أو لا تحقق هذا التقدم. ثم ما هي مقومات “الوحدة الوطنية”؟ ومن هي الجهة التي تحدد هذه المقومات؟   وقد سارت التعديلات الجديدة على قانون الجمعيات السياسية على ذات النهج حين أضافت إلى المادة ( 4 ) من القانون المتعلقة بشروط تأسيس الجمعية أو استمرارها بند جديد تحت رقم ( 10 ) نص على ( ألا تستخدم الجمعية المنبر الديني للترويج لمبادئها […]

Read more

ورشة التيار الوطني الديمقراطي | ورقة أ. محمد المرباطي

  معالجات لبعض مظاهر ازمة اليسار 1- الطائفية :                 بعد احداث 14 فبراير 2011 شهدت جمعيات التيار الوطني الديمقراطي شكل من التصدع في العلاقات الداخلية تبلورت خلالها بعض مظاهر الأزمة التي تجلت في بعض المظاهر السيئة مثل الإصفافات الطائفية والعودة للجذور ، مما جعل من قوى وشخصيات التيار الوطني الديمقراطي تجد نفسها في مؤخرة الحدث وتطوراته اللاحقة ، وقد قابل هذه الضعف قوة التيار الإسلامي وجعل قوى اليسار في المؤخرة وهنا لا نعالج الخلفيات الطائفية او الإنتماءات التقليدية فالطائفية لا تعني ان تكون سنياً او شيعياً او مسيحياً او يهودياً او من اي دين او عقيدة اخرى بقدر كونها مشاريع سياسية ، فالمذاهب والأديان والعقائد عندما تستغل لمشاريع سياسية تحمل بصماتها وابعادها الطائفية الخطيرة والبغيضة ، حينها من الحماقة التحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وللطائفية اوجه متنوعة اخطرها الطائفية المبطنة تلك التي باطنها الحقد والكره ، وظاهرها الحب والمودة ، فالطائفية الظاهرة يمكن القضاء عليها ومحاربتها بشكل اسهل من الطائفية الباطنة ، التي تنخر جسد المجتمع وتقوم على تدميره وتفتيت اوصاله من الداخل ، فمن يضمر الحقد اسوأ ممن يجاهر به ، هكذا اصيب اليسار بعدوى الطائفية المبطنة ، وفعل فعله في تمزيق اوصاله  .         لقد اتصف اليسار بالتقدمية، ووصفت القوى الأخرى بالرجعية والتخلف وما شئت من المسميات التي تحط من شأنها ، وتضعها في خانة المسؤولية التاريخية عن التخلف والإرهاب والجهل والمرض ، وإعاقة التطور والمدنية … مقابل اليسار التقدمي الذي يعمل ابدا ليل نهار من اجل التقدم والاشتراكية والعدالة الاجتماعية ، والرفاه الاجتماعي ، ومحاربة العنصرية والطائفية ، ولكن هذه الشعارات البراقة كانت تخفي وراءها واقعا سيئاً ينبئ عن الأسباب الحقيقية لإنحراف بعض شخصيات اليسار في بلادنا.    2- الخلل البنوي في العلاقات  التاريخية  :                          لقد قام اليسار على خلفية  اساسها مرجعية الأفراد ) القيادات الكاريزمية ( بعبارة اخرى الشخصيات الملهمة ، التي تقوم على الهيمنة الحزبية ، من واقع ا لإعتقاد بالقدرات الخارقة للقيادة او للزعيم ، وهي حالة سلبية تميز بها الواقع السياسي العربي ، حيث تشترك الأحزاب والجماعات والأنظمة السياسية والدينية واليسارية العربية بهذه الخاصية ، وفي هذه الحالة اختلطت الهوية الحزبية بشخص الزعيم القائد ، الذي ادخل هذه الأحزاب والجماعات في  انماط سلطة الهيمنة الحزبية ، عندما اخذت بالزعامة الملهمة ) الكارزمية ( التي تقترب في طبيعتها وهيمنتها مع مفهوم القيادة التقليدية ، التي تقوم على الإعتقاد بشرعيتها الدائمة ، من هنا كانت البداية لإنحراف اليسار الرجعي ، عندما غلب الجانب التقليدي على طبيعة قياداتها الملهمة  ) الكارزمية ( ، ونتيجة لهذا اصبحت الجمعية او الحزب مختزلاً في القيادة ، في  اطار المركزية الحزبية المشوهة ، تحت شعار المركزية الديمقراطية التي نادى بها لينين في سلسلة مقالاته في صحيفة   الإيسكرا (الشرارة) ، يشرح فيها الشروط التي يتوجب توفرها في المنظمة الحزبية ، وقد جمعت في كتاب  ) ما العمل) الذي يتذكره اليساريون ، ولكن لينين عالج الظروف والأوضاع السياسية للواقع الروسي في اواخر القرن الثامن عشر ، وفي فترة نفيه إلى سيبيريا في ديسمبر 1895، وقد تكون تعقيدات الأوضاع الروسية جعلته يبتعد قليلاً عن الماركسية التي تبتعد عن المركزية كما جاء بها لينين ، فالماركسية تقوم على فلسفة جدلية التاريخ ( المادية التاريخية والمادية الجدلية ) التي تتعارض مع منطق الشمولية والثوابت اومركزية البناء المؤسسي سواء كان اجتماعياً اوحزبياً ، لذا فالمركزية الديمقراطية ليست من الأدبيات الماركسية . […]

Read more