المنشور

لا اصلاح من غير مصلحين حقيقيين


قضيــة سـاخنة


 


هل يمكن أن تنفذ عملية الاصلاح الاقتصادي من دون مصلحين حقيقيين مؤمنين

 بالاصلاح
 ومؤهلين فنيا واداريا وذمة ً  لتنفيذ خطط الاصلاح؟


الجواب هو قطعا بالنفي. فلا اصلاح من دون مصلحين.

 ،بيد ان الصورة التي تتقافز أمامنا على الاجهزة الاعلامية الرسمية وشبه الرسمية

لاتترك مجالا للشك في مدى جدية وجدوى الحديث عن الاصلاح المأمول

وهي تتناوب على مفاجأة الجميع بأنباء اعتلاء غير الكفؤين وغير المؤهلين

مهنيا وذمة ً لأعلى مراتب صناعة القرار الاقتصادي وادارة ملفاته الحساسة والشائكة

 ومنها اعادة الهيكلة والخصخصة ونحوها من قضايا تتعلق بالشكل المستقبلي

 لمكونات الاقتصاد الوطني البحريني وبطاقاته الانتاجية المادية والبشرية.


 


فما هي تعليقاتـكم؟
 


 
اقرأ المزيد

أميركا غارسة الشرور ومصدّرتها للعالم (5)

لمواصلة الكشف عن المعطيات التاريخية بشأن العلاقات الذميمة التي وقفها المسيحيون عبر رحلة طويلة في مسار التاريخ ضد اليهود، نستعرض النموذج التالي الذي يدل على الروح العنصرية البليدة التي مارسها اليمينيون والأصوليون المسيحيون من رجال الدين والساسة، بإغلاق أوروبا الغربية كل أبوابها في وجه اليهود، «ففي العام 1290 طرد اليهود من انجلترا، وفي العام 1492 طردوا من إسبانيا، وبعد ذلك بوقت قصير طردوا من البرتغال».
وقد ظل هذا العداء المسيحي العنصري لليهود، حتى في ظل الإصلاح الديني، كما هو واضح من الإقتباس التالي: «أبدى مارتن لوثر قائد حركة الإصلاح الديني، كرهاً ضد اليهودية واليهود، فقال: يجب أنْ يطرد اليهود من الدولة (ألمانيا) وأنْ يمنعوا من عبادة الله، وأنْ تصادر التوراة وسائر كتب الصلاة لديهم، وأنّ كتبهم يجب أنْ تحرق وبيوتهم يجب أنْ تدمر».
ونواصل البحث والإستقصاء في المسار التاريخي الذي يسجل للكراهية المسيحية العنصرية ضد اليهود، تلك الكراهية التي لم يسجل التاريخ العربي الإسلامي، أقل القليل من مثلها، إذ «… تحول الكثير من المسيحيين من كراهية اليهودية واليهود إلى نوع آخر من التمييز يدعى السامية الفلسفية التي تدعو إلى اعتبار اليهود الشركاء (المحبوبين)، ليس لأنّهم يهود ويُمارسون اليهودية، ولكن لأنّ لهم دوراً في خلاص المسيحيين».
وعند هذا الحد في مسار استنطاق أحداث التاريخ حول المواقف العنصرية المسيحية من اليهود، يسترعي الانتباه هذا التحول المفاجئ الذي لا يعززه أي معطى تاريخي أو ديني، والذي جعل اليهود «الشركاء المحبوبين»، ان لم يكونوا الضحية والوسيلة في تحقيق المصالح الرأسمالية للدول الغربية وأميركا، بالإضافة إلى «أنّ لهم دورا في خلاص المسيحيين»، وهنا يحس المرء عقدة الذنوب التي اغترفها الغرب المسيحي ضد دول وشعوب العالم. فماذا عسى أنْ يكون دور اليهود في خلاص المسيحيين؟ ومن أيّ الجرائم يكون الخلاص؟ فيما اليهود أنفسهم كانوا ومازالوا يُعانون من جرائم الغرب، وهذا ما ستتضح صورته بصورة مطلقة من الاقتباسات التالية:
«تجد السامية الفلسفية تعبيرها أيضاً في المسيحية الصهيونية، وهو موضوع بحثه الفلسطيني المسيحي جوناثان كتّاب في الفصل التاسع». ومع استمرار البحث والتدقيق في علاقات الأصوليين المسيحيين باليهود، وكيف أنها تتأسّس على مخططات جهنمية مبتدعة يتم في ثناياها دس السم في العسل، وعلى اليهود والفلسطينين والعرب والمسلمين بصورة خاصة، وشعوب العالم بصورة عامة، أن يتبينوا ما يحتويه المقتبس التالي من عبارات إنّ دلّت على شئ فإنما تدل على تدبير فكر جهنمي لا يقيم للأخلاق وللإنسانية وزناً، ولا بأس لديه بأنْ يبتدع من النور ظلاماً، ومن الجنة جهنماً، ومن الحب وسيلة لسفك الدماء البشرية ممثلة في الإنسان اليهودي، والعربي والمسلم بصورة عامّة… لنقرأ العبارة وما بين السطور من عبارات عدائية حاقدة صاغها عقل شرير في ابتداع أخطر الشرور: «لا يزال الأصوليون اليوم الإسلاميين بصورة عامة، من شدة «حب» معظمهم لإسرائيل، وهو الحب الذي يجعل اليهود مختلفين ومحكومين بالإبادة»!.
ولم يقف عداء الأصوليين المسيحيين لليهود عند حد ما قرأناه، حيث صيغت وسيلة لإبادة اليهود، فـ «مع ذلك فإن لمعظم الأصوليين ذوي النفوذ تاريخاً حافلاً بتعليم اتباعهم أن اليهود كانوا وراء كل متاعب العالم. ففي الثلاثينات كان الأصوليون، أمثال أرنولد جايبا رئيس تحرير صحيفة «أملنا» (أورهوب)، وجيمس جراي رئيس معهد مودي الإنجيلي، وجيرالد وينفورد مؤسس «المدافعون عن العقيدة المسيحية»… يعلمون أتباعهم بأنّ اليهود كانوا المحرضين على القيام بمؤامرة عالمية».
وتذهب السيدة غريس هالسل مؤلفة كتاب «يد الله» في تثبيت المزيد من وقائع التاريخ التي لابدّ لأيّ باحث من الرجوع إليها، إذ تقول: «لقد أسسوا – الأصوليين – مقالاتهم اللاسامية على «بروتوكولات حكماء صهيون»… التي تدعي أن اليهود خططوا لتدمير المسيحية (والإسلام)، ونسف الحكومات الديمقراطية والسيطرة على الإقتصاد العالمي ومن ثم على العالم».
وهنا أنبه إلى أنني لم أضف (الإسلام) كهدف للتدمير بصورة عفوية، ولكني استند في ذلك على مرجع موثق ورد على لسان جيمس روتشفيلد، في نداء له موجه إلى يهود العالم مثبت في كتاب «حكومة العالم السرية» (ص 167 – 169). وليس أفضل ما نختتم به هذه الحلقة الأخيرة من اقتباس العبارات التالية من الغلاف الخارجي لكتاب «من أجل صهيون»:
«النبوءات التي اثارت (حمى الألفية)»
«إعادة بناء الهيكل على انقاض المسجد الأقصى وقبة الصخرة»
«ارتقاء المؤمنين لملاقاة المسيح في الغيوم»
«معركة مجيدو (هارمجيدون) تقع قرب حيفا»
«ألف عام يحكم المسيح الأرض»
«حدد لنا الخراصون موقع APOCALYPOSESOON شهرمايو/ أيار من العام 2004 موعداً للبدء ببناء الهيكل والشهر ذاته من العام 2007 للانتهاء من بنائه، وبين البدء والختام ستكون دمشق قد دمرت وصارت ركاماً.
«نسجت الإدارة الأميركية من هذه النبوءة خطة للدهر بنت عليها خططها وأحلامها الإمبراطورية ونسبتها إلى الله لتسوغ بها سائر اختراقاتها لحقوق الإنسان وقيمه».
«فهل ستذعن الإنسانية لهذه النبوءات كقدر محتوم؟! أم ستكلها إلى قوانين التاريخ الصارمة التي يواصل الإنسان فيها سعيه للتقدم والارتقاء وللتخلص من الفساد وسفك الدماء، غير مكترث بنبوءات الخرّاصين».

صحيفة الوسط
18 ابريل 2008

اقرأ المزيد

على هامش مؤتمر الحوار الوطني الثاني

إن مؤتمر الحوار الوطني الثاني، الذي افتتح تحت شعار: (الثوابت الوطنية فوق الانتماءات الطائفية) يوم 29 مارس 2008م بفندق كراون بلازا يستحق الدعم والمساندة.. بقدر ما جاءت مساعي الجمعيات السياسية الحثيثة من أجل إنجاح هذا المؤتمر، وعلى رأسها (جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي) التي ترأست اللجنة التنسيقية، مبعث فخر واعتزاز الجميع. ولعل ما طرح من المشاركين من مختلف الجمعيات السياسية والحقوقية والمدنية والشخصيات الوطنية من كلمات ومداخلات وورش وتعليقات ووجهات نظر حول تماسك اللحمة الوطنية، ودحر الطائفية، وتجسير الوحدة الوطنية، ومناهضة المذهبية، ومكافحة الاصطفافات الطائفية، قد عكست طموحات الشعب وترجمت أحلامه وأمانيه.. أضف الى ذلك دعوة المشاركين إلى نبذ مظاهر التمييز ومراعاة التعددية الطائفية والاجتماعية في وحدتها وفي ظل روافد الحياة الحرة والعيش المشترك الكريم “بروح التسامح وقيم الديمقراطية” هي دعوة حضارية تجاوزت الصورة النمطية ذات البعد الواحد، بنبلها الانساني وقدسيتها الوطنية.. مثلما طالب المشاركون الدولة بتعزيز مفاهيم المواطنة على كفتي ميزان العدالة في الحقوق والواجبات من دون تفرقة ولا تمييز.. بحسب تأكيداتهم المطالبة برفع سقف الحريات لمؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها (السلطة التشريعية). بادئ ذي بدء يفخر الجميع سواء داخل المؤتمر أو خارجه بما استجلى به واقع مؤتمر الحوار الوطني الثاني من أفكار واراء وطنية للانتماءات التقدمية المستنيرة، واعطائها النتائج الخالصة حول محاور المؤتمر، وما تمخض عن طرح وجهات النظر لاصحابها المناضلين الذين امتلكوا روح الشجاعة الادبية وثوابت المواقف المبدئية.. ولكن أيا كانت النتائج بهذا الشأن، فإن اسئلة عديدة بالغة الاهمية تتماثل للأذهان.. هل خرج المؤتمر الوطني الثاني بنتائج واقعية ملموسة وخاصة ان المؤتمرين أعلنوا تقديم التوصيات فيما بعد؟ وهل ترجمت مختلف الورش والخطابات والكلمات حول الوحدة الوطنية من قبل الجهات الرسمية والجهات الشعبية على حد سواء الى واقع عملي على صعيد الممارسة والتطبيق؟ ما مدى مصداقية الشعارات الرسمية المتمثلة في السلطة التنفيذية، والشعارات الشعبية المتمثلة في المعارضة السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها السلطة التشريعية حول حق المواطنة المتكافئة في الثواب والعقاب والحقوق والواجبات، وازاء محاربة الاصطفافات الطائفية والنعرات المذهبية والعرقية؟ وما مدى تأكيدات بعض المؤتمرين بقول أحدهم: “ان الطائفية خط أحمر يجب عدم الاقتراب منه”؟.. هذه الاسئلة وغيرها تكمن أجوبتها في واقع الامر في جوهر واقع الجمعيات الدينية، بقدر ما تبرز تداعيات هذه الاجوبة وحقائقها في سياسة السلطة التنفيذية.. وما يتمخض عن تلك الاجوبة بكشفها موطن الخلل والثغرات، ومواطن النواقص والسلبيات. لعل القول يبقى صحيحا بهذا الصدد هو إذا أرادت (الجمعيات الدينية) تطبيق محاور مؤتمر الحوار الوطني الثاني حول “المجتمع المدني والوحدة الوطنية والاعلام والوحدة وتطوير التشريعات والقوانين المناهضة للطائفية ومحور الطائفية والمواطنة”.. فإنه يجب على تيار الاسلام السياسي ان يتخلى وينبذ معايير الانتماء ذي البعد الواحد، وذي الطائفة الواحدة، وذي الاصطفافات المذهبية، وذي صبغة الانتماءات الطائفية.. هذه الابعاد كافة تنصهر معالمها ومفاهيمها وتداعياتها في بوتقة الجمعيات الدينية لقوى تيار الاسلام السياسي (الوفاق والاصالة والمنبر الاسلامي والعمل الاسلامي والتوعية الاسلامية)، التي جميعها اعتمدت الولاء المذهبي على حساب الانتماء الوطني.. والطائفة على حساب الامة.. والمذهبية على حساب المواطنة.. وتبني مفهوم أيديولوجية العقيدة على حساب مبدأ التعددية السياسية.. بحسب ما مزجت هذه القوى الاسلامية السياسة بأجندة خطابها الديني.. وبالتالي أفرزت تلك الاجندة لخطاب تيار الاسلام السياسي برلمانا اسلاميا اتسمت تركيبته بطائلة الاصطفافات الطائفية، واقترنت تشكيلته بالتفتيتات المذهبية.. وبقدر ما تظل تلك الابعاد السالفة الذكر والملازمة لتيار الاسلام السياسي، فإن (تلك الابعاد) تظل بطبيعة الحال نقيضة لمحاور المؤتمر الوطني الثاني. غني عن البيان انه بقدر ما يتعثر تيار الاسلام السياسي بممارساته وبأجندة خطابه الديني نحو العديد من الثغرات والعثرات.. ولعل أهمها الاشكاليات الدستورية، وما يتمخض عن مطالبات الجمعيات السياسية بالتعديلات الدستورية من خلال التوازن ما بين (الجوانب السياسية والجوانب القانونية)، وفي عدم فصل هذين البعدين (السياسي والقانوني) عن بعضهما بعضا.. وكذلك قانون الجمعيات السياسية وقانون التجمعات والمسيرات، ولعل قانون النقابات العمالية في القطاع الحكومي هو الآخر محظور وبعيد عن التطبيق، بقدر غياب قانون الاحوال الشخصية المتقدم والعصري والمستنير. ولعل ثمة بروتوكولا دوليا لم توقعه مملكة البحرين.. صحيح ان مملكة البحرين قد وقعت العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق السياسية والمدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. ولكن يبقى الصحيح أيضا ان السلطة التنفيذية قد تحفظت على التوقيع الاختياري على البروتوكول للعهد الدولي، وبما جاء في (مادته الاولى) التي تقول: “تقر كل دولة طرف في هذه الاتفاقية تصبح طرفا في البروتوكول الحالي باختصاص في تسلم ودراسة تبليغات الافراد الخاضعين لولايتها الذين يدعون انهم ضحايا انتهاك تلك الدولة الطرف لأي من الحقوق المبينة في الاتفاقية”. في نهاية المطاف يمكن القول: ان ما هدف اليه المؤتمرون ويهدفون خلال المؤتمر الوطني الثاني، وخاصة منهم المستنيرين من الانتماءات الوطنية التقدمية والديمقراطية هو وجود ديمقراطية حقيقية، واصلاحات عامة تنسجم وطموحات وأهداف الشعب البحريني بمستوى تضحياته ونضالاته، وحريات سياسية واجتماعية ومدنية تتماشى وحقوق الانسان.. ولعل هذه الديمقراطية الحقيقية بمختلف أبعادها، فإنها تمثل روافد الوحدة الوطنية، وتجسد حق المواطنة، بمكانة المواطن الاعتبارية بمقاييس الحقوق والواجبات، بقدر ما تكافح الطائفية، وتناهض المذهبية، وتحارب الفساد بجميع صوره وأشكاله.. وبحسب ما تمثل هذه الديمقراطية عن مبدأ التعددية الحزبية، وسعيها إلى فصل الدين عن السياسة وفصل الدين عن الدولة.. مثلما تعكس مفاهيمها وحقائقها النهوض بالتعليم والصحة والاسكان والعدالة الاجتماعية.. والسعي الى تربية الاجيال المتعاقبة واعدادها وتثقيفها من خلال تدريس طلاب وطالبات المدارس والجامعات التربية الوطنية والثقافة الدستورية والقانونية وتاريخ البحرين السياسي والنضالي، وتدريس مادة حقوق الانسان، وما يتمخض عن اشاعة ثقافة ومفاهيم حقوق الانسان في البيئات التعليمية والتربوية والمجتمعية والاعلامية والسياسية من خلال (حق المشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات المصيرية كافة).. ليس هذا فحسب ولكن استطاعة هذا الانسان.. هذا الوطن.. التبوؤ بإنجازاته ونتاجاته وابداعاته، والتألق بتضحياته ونضالاته وعطاءاته على الصعد كافة، بمستوى مكتسبات وتضحيات الامم المتطورة على صعيد مختلف الميادين وشتى المجالات.
 
صحيفة اخبار الخليج
18 ابريل 2008

اقرأ المزيد

عدالة‮.. ‬لا إعانة‮..!‬

نبدأ هذه المرة بالتوقف عند لغة الأرقام،‮ ‬وهي‮ ‬أرقام ليس فيها تلاعب أو ضبابية أو تضليل،‮ ‬فهي‮ ‬أرقام منشورة ومعلومة للجميع وصادرة من أطراف رسمية،‮ ‬ونرى بأن هذه الأرقام‮ ‬يجب ألا تمر دون التوقف لأنها حافلة بالدلالات والمعاني‮ ‬التي‮ ‬يمكن أن تشمل أساساً‮ ‬كل من‮ ‬يجتهد في‮ ‬محاولة فهم ما‮ ‬يجب فهمه،‮ ‬والمؤسف أنها إجمالاً‮ ‬تثير الأسى والمواجع،‮ ‬وإن حاول البعض أن‮ ‬يثبت لنا عكس ذلك‮.‬
نلملم هذه الأرقام ونلقي‮ ‬الكرة في‮ ‬مرمى من هم معنيون بالتحليل والتشخيص،‮ ‬وفي‮ ‬مرمى من‮ ‬يفترض أن‮ ‬ينهضوا بمسؤولياتهم وواجباتهم‮:‬
‮٠٠٠‮٠١ ‬مواطن حجم الدفعة الأولى لمستحقي‮ ‬إعانة الغلاء‮.. ‬ووزيرة التنمية الاجتماعية بشرتنا بأن هناك قائمة أخرى في‮ ‬الطريق تشمل ‮٣٢٩٩ ‬مواطناً‮! ‬الوزيرة في‮ ‬تصريح آخر تزف لنا البشرى من جديد لتعلن بأن هناك أربع قوائم أخرى في‮ ‬الطريق‮! ‬أما هيئة الحكومة الإلكترونية فقد أعلنت في‮ ٢٢ ‬مارس الماضي‮ ‬عن أسماء ‮٨١٧٣٢ ‬من المستحقين من أرباب الأسر البحرينية في‮ ‬خطوة بالغة الإذلال والاستفزاز واهانة الناس‮.‬
تلك الأرقام التي‮ ‬يجب ألا نستهين بها تخص فقط الجانب المتصل بعلاوة‮ ‬غلاء المعيشة‮.. ‬ويمكن أن نضيف بالنسبة لهذا الموضوع استنتاجاً‮ ‬بأن إجمالي‮ ‬عدد القوائم الكلية للمستحقين للعلاوة من أرباب الأسر المعلن عنها رسمياً‮ ‬حتى الآن هو أكثر من ‮٠٤ ‬ألفاً‮ ‬على أقل تقدير،‮ ‬ذلك بخلاف القوائم التي‮ ‬في‮ ‬الطريق بعد استكمال أصحابها بياناتهم،‮ ‬علاوة إلى الجاري‮ ‬تسجيلهم حالياً‮ ‬في‮ ‬المراكز المعلن عنها،‮ ‬وبحسبة بسيطة بشأن عدد أصحاب الأسر التي‮ ‬بحسب المنظور الحكومي‮ ‬تستحق علاوة الغلاء سنتوصل إلى نتيجة مذهلة ومفجعة،‮ ‬خاصة اذا افترضنا أن متوسط عدد الأسرة البحرينية الواحدة‮ ‬يتكون على أقل تقدير أيضاً‮ ‬من ‮٤ ‬أفراد،‮ ‬ولكم أن تضربوا أخماساً‮ ‬في‮ ‬أسداس لتصلوا إلى نتيجة حتمية لها دلالاتها التي‮ ‬لا تخفى لا على ذوي‮ ‬البصر ولا البصيرة‮.‬
ومن‮ ‬يتابع المشاهد تباعاً‮ ‬قد‮ ‬يتوقف في‮ ‬مجال آخر عند أرقام أخرى أيضاً‮ ‬لها دلالة،‮ ‬أرقام تكشف ان المستحقين لإعانة التأمين ضد التعطل حتى نهاية الربع الأول من العام بلغوا ‮٢٧١٣١ ‬مواطناً،‮ ‬منهم ‮١٨٢٢ ‬من الجامعيين،‮ ‬في‮ ‬حين بلغ‮ ‬عدد طلبات المسجلين على قائمة انتظار صرف مبلغ‮ ‬الضمان الاجتماعي‮ ‬لدى وزارة التنمية الاجتماعية ‮٠٠٠٣ ‬طلب،‮ ‬وأن المعدل الشهري‮ ‬للطلبات الجديدة بلغ‮ ٠١١ ‬طلبات‮.‬
تلك الأرقام وغيرها كثير من نفس العينة‮ ‬يصر البعض على أنها تعكس جهود الدولة في‮ ‬النهوض بعبء المجتمع،‮ ‬وهي‮ ‬وجهة نظر نحترمها،‮ ‬ولكن لنا عليها تحفظات مردها قناعتنا بأن تلك الجهود لم تكن على قدر التحديات المعقدة،‮ ‬وهذه نقطة أساسية وجوهرية وبأن تلك الأرقام تعبر في‮ ‬أحد أوجهها عن واقع لا‮ ‬يسر لأنها دالة على مؤشرات اتساع دائرة العوز والحاجة والفقر،‮ ‬وهي‮ ‬دائرة باتت تتسع وتأخذ منحى‮ ‬يجب التنبه له في‮ ‬ظل الأزمات والظروف المعيشية السيئة التي‮ ‬ازدادت سوءاً‮ ‬بفعل التضخم والأسعار التي‮ ‬انفلت لجامها،‮ ‬وجعلت محدودي‮ ‬الدخل بل ومكسوري‮ ‬الظهر والطبقة الوسطى في‮ ‬تراجع وانكسار مستمرين،‮ ‬وأصبح مصيرها متروكاً‮ ‬تماماً‮ ‬لعناية القدر في‮ ‬غيبة رؤية واضحة وسياسات فاعلة تعالج الأزمات والظروف الراهنة قبل أن تستفحل وتتفاقم أكثر،‮ ‬ولو أن لدينا جهة تخطط وتتابع وترصد وتحلل لربما أدركنا أن الأمور تسير بخطى ثابتة إلى الأسوأ ثم إلى الأسوأ ثم إلى الأكثر سوءاً‮ ‬اذا ما استمر التعاطي‮ ‬مع مشاكل المجتمع من باب التسطيح وإبراء الذمة‮..!‬
لقد آن الأوان أن نسمي‮ ‬الأشياء بأسمائها وأن نعير الاهتمام الكافي‮ ‬لتصحيح الاختلالات التنموية والاجتماعية،‮ ‬وما تذبذب المصطلحات فيها بيــــن‮ “إعانة‮” ‬و”معونة”‮ ‬و”مساعدة‮” ‬و”منحة‮” ‬وأخيراً‮ “علاوة‮” ‬للخمسين ديناراً‮ ‬التي‮ ‬استحقت للآلاف من أرباب الأسر البحرينية،‮ ‬إلا أحد أوجه القصور في‮ ‬أساليب العمل في‮ ‬جميع الميادين،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك التعاطي‮ ‬مع مسألة تصحيح هذه الاختلالات،‮ ‬إن وجد هذا التعاطي‮ ‬أصلاً،‮ ‬بدليل أن مفاهيــــــــم‮ “‬العدالة الاجتماعية‮” ‬و”الأمن الاجتماعي‮” ‬وبمعزل عن المبادئ النظرية لم تتسرب إلى الخطاب الرسمي‮ ‬حتى الآن،‮ ‬وما نراه ونسمعه ونقرأه‮ ‬يثبت أن هذه المفاهيم لم تتبناها أي‮ ‬من الشعارات الطنانة والحذلقات الفكرية التي‮ ‬كانت تطرح أو تثار بمناسبة ومن دون مناسبة من قبل من‮ ‬يفترض أنهم معنيون بالأمر.أ ول ما‮ ‬يجب أن‮ ‬يفهمه هؤلاء المعنيون بالأمر أن هناك ضمانات دستورية لتحقيق العدالة الاجتماعية،‮ ‬بل إن الدستور نص صراحة على أن الاقتصاد الوطني‮ ‬أساسه العدالة الاجتماعية التي‮ ‬تحقق الرخاء للمواطنين،‮ ‬ومن وحي‮ ‬ذلك الاعتبار فإن المواطن رغم أنه‮ ‬يئن تحت وطأة تكاليف المعيشة لا‮ ‬يحتاج إلى إعانة أو مساعدة أو إغاثة أو منحة قدر حاجته إلى عدالة اجتماعية،‮ ‬وهذه العدالة لا تعني‮ ‬زيادة في‮ ‬الرواتب فقط،‮ ‬ولا المحافظة على دعم بعض السلع الأساسية،‮ ‬واذا استمر الوضع مقصوراً‮ ‬على هذه النواحي‮ ‬فسنظل نحرث في‮ ‬البحر‮.‬
إن العدالة الاجتماعية تأتي‮ ‬من خلال سياسات اقتصادية وتنموية فاعلة تركز على اقتصاد منتج ومواطن منتج،‮ ‬وقدرة تنافسية وتنمية مستدامة توفر للمواطن السبل التي‮ ‬تمكنه من العيش حياة كريمة ترفع من مستوى معيشته،‮ ‬وهي‮ ‬مسألة‮ ‬يجب أن ترتبط بالتخلص من الأمراض المجتمعية المرتبطة بلعبة المصالح الضيقة والمرهقة للمجتمع،‮ ‬ولا بد هنا لاكتمال المشهد من كبح فلتان الفساد المتعاظم والمتمادي‮ ‬والمعرقل الأول للنمو الاقتصادي،‮ ‬وهي‮ ‬قضية‮ ‬يجب أن تتصدر أولوية أي‮ ‬رؤية اقتصادية وتنموية‮. ‬
نريد باختصار سياسات لا تكبل الاقتصاد بانعدام العدالة بمعانيها وتوسع من الطبقة المتوسطة وتعالج تزايد الهوة والفجوة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع،‮ ‬وتوزع ثمار التنمية بشكل سليم على المواطنين،‮ ‬وتنطلق من قناعة بأنه لا خير في‮ ‬نمو أو تنمية لا‮ ‬يستفيد منها المواطن.
 
صحيفة الايام
18 ابريل 2008

اقرأ المزيد

حكايات من تاريخنا (57)

مراد غالب رحل عن دنيانا في شتاء هذا العام 2008 واحد من أبرز وأهم الشخصيات الدبلوماسية المصرية المحنكة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ألا هو الدكتور مراد غالب الذي تولى منصب سفير مصر لدى الاتحاد السوفيتي في فترة من أخصب فترات العلاقات المصرية ــ السوفيتية (1961-1971)، وهي نفس الفترة الأخيرة التي شهدت ذروة صعود وتراجع المد القومي الناصري في العالم العربي والتي شهدت داخليا التحول نحو الاشتراكية والتأميمات الواسعة، وقد انتهت هذه المرحلة بكل خصائصها كما هو معروف بنكسة 1967 فرحيل عبدالناصر عام 1970، فمجيء أنور السادات إلى سدة الحكم في نفس العام، حيث استدار بزاوية 180 درجة نحو اليمين بالتراجع والتنكر لكل مبادئ ثورة يوليو والإجهاز على المنجزات الناصرية المتحققة. ولعل مراد غالب هو من الشخصيات الناصرية القليلة النادرة التي رحلت عن دنيانا من دون أن تدلو بالكثير بدلوها من مذكرات وأحداث مهمة عن الفترة التي عايشها وكان شاهدا على أحداثها من موقع مسئوليته في السلك الدبلوماسي، ولاسيما أنه كان من السفراء القليلين الذين لعبوا دورا في غاية الأهمية والتأثير من موقع المسئولية في السياسة الخارجية المصرية خلال العقد الأخير من حياة جمال عبدالناصر 1960-1970 وعلى الأخص فيما يتعلق بتمتين دعائم جسور العلاقة بين مصر والاتحاد السوفيتي القوة الكبرى الحليفة والصديقة للعرب حينذاك. كما يمكن القول أيضا إن مراد غالب هو من الشخصيات المصرية الناصرية النادرة الذين حاولوا قدر المستطاع أن يدلوا بشهادات تاريخية تتوخى الموضوعية والإنصاف في الأحداث التي كان شاهدا عليها أو التي كان له أدوار معروفة ومؤثرة فيها. وهذا ما نلمسه في حوارات أحمد منصور معه في حلقات برنامجه “شاهد على العصر” التي أعادتها الجزيرة مؤخرا بعد وفاته على الرغم من طريقة أسئلة منصور التي يغلب عليها عادة الطابع الاستفزازي الأقرب إلى استجوابات “متهم” منها إلى حوار راق مع شخصية دبلوماسية لها احترامها ووزنها سواء اتفق المرء أم اختلف مع فكرها ومواقفها السياسية، ناهيك عن المقاطعات الفجة المتكررة لضيف الحوار والتحكم في تسلسل إجاباته ومحاصرته بوابل من الأسئلة الاستجوابية الاستفزازية المتدفقة حتى في عز إجاباته المهمة حول بعض المواقف والوقائع مما يثير استياء وسخط حتى المشاهد المتابع للحوار. على أي حال فإن المتابع ورغم هذا المناخ الحواري الاستفزازي الذي أدلى خلاله مراد بشهادته على العصر فإن أحاديثه لا تخلو من متعة وفائدة في اماطة اللثام عن الكثير من المواقف والقضايا التي عايشها سواء قبل اختياره سفيرا لبلاده في الاتحاد السوفيتي خلال حقبة خمسينيات القرن الماضي وقد كان حينذاك يعمل في البعثة الدبلوماسية بموسكو أم بعد تعيينه سفيرا منذ عام 1961 حتى عام .1971 وقد عاصر غالب الكثير من الأحداث التاريخية المهمة خلال كلتا الفترتين الخمسينية والستينية وأحاط بالكثير من أسرارهما بدءا من خلفيات ومقدمات أحداث العدوان الثلاثي 1956 وقبلها صفقة السلاح التشيكية بين مصر والاتحاد السوفيتي وخلفيات وأبعاد الموقف الأمريكي من العدوان ودوره في إفشاله إلى جانب الإنذار السوفيتي الشهير، ومرورا بجذور الصراع على تقاسم السلطة بين عبدالناصر وعبدالحكيم عامر منذ نهاية هذه الحرب والموقف السوفيتي واليسار المصري والسوري من الوحدة مع سوريا، وخلفيات زيارة خروتشوف لمصر عام 1964، وغير ذلك من الأحداث المهمة التي جرت في الستينيات وليس انتهاء بحرب يونيو 1967 وما تلاها من أحداث وتداعيات خطيرة. وكانت إجابات غالب في الحوار تتسم بالهدوء وبتوخي قدر معقول من الشفافية والمصارحة والنقد الذاتي الضمني وإن على استحياء للسياسات والمواقف الناصرية السلبية أو الخاطئة والتي كان هو مشاركا فيها على عكس الشخصيات الناصرية التي كانت لا تقبل أي تخطئة لعبدالناصر، وتدافع بلا حدود عن تلك السياسات والمواقف كما هو حال محمد حسنين هيكل على سبيل المثال لا الحصر. وفي إحدى حلقات برنامج منصور حكى غالب عن أسرار مهمة في علاقات مصر مع الكونغو في عهد المناضل الوطني السابق باتريس لومومبا في أوائل الستينيات، حيث كان سفيرا في الكونغو قبل تعيينه سفيرا في موسكو، وكشف كيف أنه تعرض لمحاولة تصفية هناك من قبل قوى الثورة المضادة، أو كيف لعب دورا في تهريب أفراد عائلة هذا الزعيم الوطني الى القاهرة. مراد غالب هو واحد من الشخصيات الدبلوماسية المصرية الكبيرة والمرموقة خلال الحقبة الناصرية، ولا شك ان رحيله من دون ان يدون مذكراته بالكامل خلال هذه الحقبة لهو خسارة فادحة لتأريخ وتوثيق هذه المرحلة. ولم يكن هذا الرجل يتوقع ان يترك عمله في تدريس الطب يوما حيث كان طبيبا في جراحة الأذن قبل أن ينخرط في سلك العمل الدبلوماسي عام 1953 غداة ثوة يوليو 1952 حينما اختير حينذاك الفريق عزيز المصري سفيرا لمصر فيما اختير غالب سكرتيرا بالسفارة، وتولى وزارة الخارجية والاعلام كوزير ثلاث مرات. وقدم استقالته كسفير لمصر في يوغسلافيا غداة زيارة الرئيس أنور السادات المشئومة للقدس المحتلة عام 1977.

صحيفة اخبار الخليج
17 ابريل 2008

اقرأ المزيد

حوار وطني

أحد عناوين افتتاحية «بانوراما لكل الأطياف»، كان هكذا: «كلنا مختلفون.. جميعنا متساوون!»، وقلنا إن هذا العنوان يصلح لأن يكون شعاراً لهذه المرحلة المغرقة بالحساسية المفرطة، وفي التاسع والعشرين من مارس/ آذار الماضي اجتمعت 500 شخصية وطنية تمثل جل الأطياف الوطنية والإسلامية بحركاتها السياسية والحقوقية المدنية، وكذلك الرسمية على طاولة واحدة لتناقش في حوار وطني، من المفترض أن يكون جاداً، قضية جد مهمة: هي الطائفية وأبعادها الخطيرة، فدهشنا من «الحجج المرمية على الطاولة، ولكنها لم تقنعنا»، فكان ما كان، ولم نعرف من الذي «سرق القرآن»، وفق تعبير إبراهيم بشمي.
كان يكفي أن تتفق خمسمئة شخصية وطنية ذات اتجاهات مختلفة على مناقشة موضوع، ليوم واحد أو لساعة، أن تثير شيئاً في داخلنا بـ «أنَّ في الأمر إنَّ»؛ ونتساءل: ما الذي يجمع هؤلاء المختلفين على موضوع واحد من صنعهم؟ هل ليبرر الواحد للآخر بأنه البريء الوحيد في الساحة من هذه الطأفنة القاتلة، أم لإثبات أن المرأة الحامل عذراء؟
حلقة «بانوراما» لهذا اليوم نتناول فيها عدداً من الموضوعات المتصلة بهذا الشأن الموجع، فهناك رصد ومتابعة لكل ما دار في جلسات مؤتمر الحوار الوطني، والتراشق بالكلام (وهذه ميزة طيبة، أفضل من التراشق بالرصاص، أو كاتم الصوت) كتبه الصحافي الشاب عيسى الدرازي، وفي الحلقة هذه هناك تشخيص عن «التمييز الطائفي والمواطنة» كتبه المحامي والناشط الحقوقي عيسى إبراهيم، يشير فيه إلى «وجود فارق في الشعور الفردي بالولاء للأشخاص.. والولاء الحر للوطن»، معتبراً أن «المشكلة والداء ليسا في الطائفية.. بل في وجود تمييز وصراع بين الطوائف».
في هذا العدد أيضاً رأي للفنان اللبناني مارسيل خليفة «الموسيقي الغائص في الموسيقى»، يقول «نحن بحاجة لحل يُحوِّل لبنان إلى بلد علماني بعيداً عن الطائفية»، مشيراً إلى أن «السؤال محرم في أنظمتنا.. وعندما نسأل يبدأ القمع».. وأخيراً وليس آخراً، نتناول عرض كتاب «مدخل إلى مشروع الدين المقارن» المهم، للمفكر السوري نبيل فياض، والمتصل بالحوار الوطني والوحدة الوطنية، التي يشير إليها بأنها «أقدس ما يجب تقديسه، وأغلى ما يجب الدفاع عنه، والحديث الكلامي عن الوحدة الوطنية غير مجدٍ مادامت كتبنا ومحاضراتنا وكلامنا خلف الأبواب المغلقة تعارضها بالكامل».
ويرى فياض هناك قواسم مشتركة للمناهج وإمكان التقائها «إذا لم يضع واحدنا بحسبانه نتائج مسبقة يكرس كل إمكاناته للبرهان عليها، كما ليس ثمة اعتراض أبداً أن يعتقد المرء أن شيئاً ما حقيقي من دون أن يمتلك دليلاً على ذلك سوى اعتقاده».
النطق ينتهي حيث يبدأ الحب، وفق تعبير أحلام مستغانمي في «ذاكرة الجسد»، حين تقول «الذي أعرفه عن أبي، ليس تلك الجمل الجاهزة لتمجيد الأبطال والشهداء، والتي تقال في كل مناسبة عن الجميع، وكأن الموت سوّى فجأة بين كل الشهداء، فأصبحوا جميعاً نسخة طبق الأصل».
 
صحيفة الوقت
17 ابريل 2008

اقرأ المزيد

من وحي‮ ‬ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬الكويت


ليست المرة الأولى التي‮ ‬تضطر فيها السلطات الكويتية لاستخدام القوة لتفريق متظاهرين من أبناء القبائل كانوا‮ ‬يحتجون على حظر إجراء انتخابات قبلية،‮ ‬على جري‮ ‬عادة هذه القبائل في‮ ‬كل انتخابات نيابية‮.‬
 وتقوم فكرة الانتخابات الفرعية على أن تنتخب كل قبيلة من بين أفرادها المتنافسين على عضوية مجلس الأمة شخصاً‮ ‬واحداً‮ ‬ليدخل الانتخابات الرسمية،‮ ‬ممثلاً‮ ‬في‮ ‬هذه الحال للقبيلة كلها التي‮ ‬يجب أن توجه أصواتها إليه بدلاً‮ ‬من تشتيتها على أكثر من مرشح،‮ ‬مما قد‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى تمكين مرشحين آخرين من أفراد قبائل أو قوى أخرى‮.
‬ في‮ ‬مراحل سابقة تغاضت السلطات عن هذه الانتخابات الفرعية تحاشياً،‮ ‬على ما‮ ‬يبدو،‮ ‬للمواجهات التي‮ ‬انفجرت أخيراً‮ ‬حين قررت هذه السلطات استخدام القوة لمنع الانتخابات‮.‬ الحكومة تقول إنها حظرت هذه الانتخابات لأنها تكرس الولاء للقبيلة بدلا من الدولة وتجرد بعض المواطنين من حق الترشح إذا لم‮ يكونوا مدعومين من القبيلة‮. ‬وهو رأي‮ ‬سديد،‮ ‬لأن بناء الدولة الحديثة‮ ‬يقتضي‮ ‬القطع مع أشكال الولاء القبلي،‮ ‬وإقامة تعاضديات جديدة مبنية على فكرة المواطنة المتساوية والمتكافئة في‮ ‬الحقوق التي‮ ‬تعلي‮ ‬من شأن الهوية الوطنية الجامعة على حساب الهويات الفرعية‮.
‬ لكن الدارس للتاريخ السياسي‮ ‬المعاصر للكويت،‮ ‬خاصة في‮ ‬الجزء المتصل منه بآليات التجربة البرلمانية في‮ ‬مراحلها المختلفة،‮ ‬لن تعوزه ملاحظة أن قوى في‮ ‬الدولة وجدت نفسها محمولةً‮ ‬على تشجيع الولاءات القبلية واستخدامها أداة في‮ ‬اللعبة الانتخابية في‮ ‬مواجهة القوى الوطنية والقومية التي‮ ‬كانت قلب المعارضة في‮ ‬المجتمع وفي‮ ‬مجلس الأمة في‮ ‬وقتٍ‮ ‬مضى‮.
‬ الاستخدام البراغماتي‮ ‬للولاءات التقليدية،‮ ‬المذهبية والطائفية وسواها،‮ ‬يحمل في‮ ‬طياته محتوى مزدوجاً،‮ ‬فأصحاب هذه الولاءات‮ ‬يمثلون بنىً‮ ‬راسخةً‮ ‬ومنظمةً‮ ‬تُدير شبكةً‮ ‬من المصالح الخاصة بها،‮ ‬وهي‮ ‬إذ تستقوي‮ ‬بدعم الدولة لها في‮ وقت من الأوقات حين تبتغي‮ ‬هذه الدولة مصالح منها،‮ ‬فإنها،‮ ‬في‮ ‬المقابل،‮ ‬تقاوم،‮ ‬وبمنتهى الجدية والحزم،‮ ‬أي‮ ‬محاولة من الدولة للسيطرة عليها وإخضاعها‮.‬ المراقبون‮ ‬يقولون إن القبائل في‮ ‬الكويت استطاعت التحايل على السلطات بإجراء الانتخابات بشكل مموه‮.‬
 في‮ ‬كلمات موجزات،‮ ‬قد تذهب القبيلة في‮ ‬اللعبة السياسية حدوداً‮ ‬معينة لضمان مصالحها،‮ ‬ولكنها حين تستشعر الخطر على بنيتها فإنها تنتفض مدافعةً‮ ‬عنها،‮ ‬لأنها من دون ذلك تكف عن أن تكون قبيلة‮.‬ هذا من جهة،‮ ‬لكن من جهة أخرى فإن هذا السجال‮ ‬ينبه إلى من هو على المحك في‮ ‬هذا كله ليست القبيلة إنما الدولة ذاتها،‮ ‬حين‮ ‬يتعين علينا طرح السؤال التالي‮: ‬إلى أي‮ ‬مدى تبدو الدولة في‮ ‬دول الخليج جادة في‮ ‬المضي‮ ‬في‮ ‬مشروع التحديث السياسي،‮ ‬الذي‮يتطلب،‮ ‬في‮ ‬مقدمة ما‮ ‬يتطلب،‮ ‬أن تنزع عن نفسها قماط القبيلة،‮ ‬لتنفتح على مكونات المجتمع الأخرى بروح الشراكة لا بروح الاحتواء.
 
صحيفة الايام
17 ابريل 2008

اقرأ المزيد

‮ ‬حقوق الإنسان عملة بوجه واحد‮ ‬‭(‬3-1‭)‬

تحركت عجلة العمل الحقوقي‮ ‬في‮ ‬البحرين بين مرحلتين مختلفتين،‮ ‬وان كانت الأولى تكملة للمرحلة الثانية،‮ ‬فهما حلقتان في‮ ‬سلسلة عمل واحد،‮غير أن المرحلة الأولى بدت ظروفها ومكوناتها وطريقة عملها مختلفة بسبب ان منظمة حقوق الإنسان ولدت في‮ ‬الخارج قبل مرحلة الانفتاح وتولي‮ ‬الملك سدة الحكم وإعلانه عن مشروعه الإصلاحي‮. ‬لهذا بدت العملية مختلفة من جوانب عدة،‮ ‬ولكن المنخرطين في‮ ‬الآلية لم‮ ‬يكتشفوا أنهم ما زالوا أسرى العملية السياسية الحزبية السابقة،‮ ‬وبأنهم مرتهنون لعواطف سياسية مشحونة بالماضي‮ ‬المتوتر،‮ ‬أكثر من رؤية جديدة تتطلبها المرحلة الثانية بمكوناتها الجديدة ومعطياتها المختلفة،‮ ‬والتي‮ ‬كانت بحاجة إلى معالجة مختلفة بالرغم من صعوبتها ومخالبها ومزالقها وشعابها الصعبة‮. ‬
ربما المرحلة الأولى كانت أسهل بكثير لدى معارضة تحمل مشروع العداء لسلطة تضطهدها وتحاربها،‮ ‬وان كانت فاقدة للشرعية من بعض الجوانب،‮ ‬إذ لم تكن المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان تقبل في‮ ‬عضويتها بكل سهولة منظمات لحقوق الإنسان تعيش خارج بلدها،‮ ‬ولكن‮ ‬يبدو أن التنازل النسبي‮ ‬للمنظمات الدولية وتواطؤها جعلها تقبل بتجاوز أطرها الداخلية،‮ ‬فوجدت نفسها في‮ ‬مأزق كيف بالإمكان تأسيس منظمات حقوقية في‮ ‬بلدان استبدادية،‮ ‬ترفض بالمطلق قبول هذا النوع من المنظمات؟‮ ‬
وتجاوزًا للظروف انخرطت التنظيمات السياسية مع دول لديها اوراق خاصة واجندة خفية ومن جانب آخر تحويل المشروع العالمي‮ ‬المتعلق بحقوق الانسان الذي‮ ‬احتل صدارة الأنشطة بشكل واضح بعد انهيار في‮ ‬المعسكر الاشتراكي،‮ ‬وتم الإعلان عن تفعيل مسألة حقوق الإنسان كيافطة أساسية وفي‮ ‬المعسكر المنهار وفي‮ ‬الدول والمنظمات الدولية،‮ ‬بل وانتعش بعض من أنشطة الأمم المتحدة في‮ ‬هذا الجانب إلى درجة شكلت فيها لجان حيوية من جديد إلى جانب عملها السياسي،‮ ‬بل وتداخل إلى حد وجدت فيها المنظمات السياسية أكثر استغراقا في‮ ‬هذا النوع من العمل،‮ ‬لكونه صار أكثر قبولا وحضورا في‮ ‬المحافل الدولية،‮ ‬بل وصارت المنظمات والدول تتعاطف مع هذا النوع من المنظمات والأنشطة،‮ ‬كونها اكثر قبولا وبالإمكان توظيفها من جانبين،‮ ‬الأول استخدامها في‮ ‬الضغط على دول بدأت تخرج من طاعة الدول الغربية،‮ ‬ففتحت لها نوافذ،‮ ‬وروجت لأصوات لم تكن تعبر عن تنظيمات سياسية ولا اتجاهات فكرية،‮ ‬بقدر ما كانت عناصر مثقفة لديها أجندتها الخاصة مع دولها،‮ ‬فكانت الدول الغربية حضنا دافئا لها باسم حقوق الإنسان‮. ‬
هذه الظاهرة وجدناها منتعشة حتى لدى الأحزاب الوطنية والتقدمية واليسارية،‮ ‬على الرغم من كونها سابقا تشك في‮ ‬طبيعة منظمات من هذا القبيل كمنظمة العفو الدولية وتصنيفها في‮ ‬خانة الجاسوسية والتضليل والخداع،‮ ‬فكانت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في‮ ‬مقدمة تلك الدول مهتمة بالجانب الإعلامي‮ ‬والسياسي،‮ ‬بينما اهتمت الدول الاسكندينافية وغيرها من الدول الغربية بتقديم كل التسهيلات القانونية والحقوقية للاجئين السياسيين القادمين من دول استبدادية وحروب طاحنة،‮ ‬فلم نجد هناك عناصر وأصواتا تلعلع إعلاميا،‮ ‬لكونها تدرك ان ذلك الباب مغلقا ولا‮ ‬يجوز إدخال الدول والمصالح في‮ ‬مسائل معقدة تضر بالطرفين‮ . ‬بينما واصلت الدول الاستعمارية لعبتها،‮ ‬مستخدمة ورقة حقوق الإنسان في‮ ‬مجالات متعددة بدت‮ ‬غريبة الملامح‮.‬
‮ ‬وقد برعت بريطانيا تاريخيا في‮ ‬تحريك المياه في‮ ‬الاتجاه الذي‮ ‬تراه‮ ‬يناسبها حتى لحظة تفجير مترو لندن،‮ ‬فكان عليها أن تغلق منافذ هؤلاء،‮ ‬الذين منحتهم اللجوء والتسهيلات السياسية والإعلامية،‮ ‬فبرعوا في‮ ‬ترويج خطاب جديد اسمه حقوق الإنسان في‮ ‬دولهم،‮ ‬بينما صمتوا صمتا معيبا حول حقوق الإنسان في‮ ‬دول صديقة لهم،‮ ‬يرونها ممولا ماليا في‮ ‬حركتهم السياسية والإعلامية،‮ ‬فأصبحوا فاقدين للمصداقية لكونهم‮ ‬يحملون أقنعة مزدوجة،‮ ‬فلم‮ ‬يكتشفوا أو تعمدوا أن‮ ‬يروا عملة حقوق الإنسان من وجه واحد لا‮ ‬غير،‮ ‬فكان الوجه السياسي‮ ‬وحده هو الأكثر طغيانا،‮ ‬ومن‮ ‬يقيد عجلته هم ساسة معارضون سابقا وما زال‮ ‬غالبيتهم كذلك،‮ ‬والبقية حاولت تحرير نفسها من الانحياز الأعمى لمنظمة من صلب طبيعتها الموضوعية والحياد والدقة في‮ ‬استقاء المعلومات من الأطراف المتنازعة أو التي‮ ‬وقع بها الانتهاك والتعدي‮ ‬أو التمييز والاضطهاد‮.
 
صحيفة الايام
17 ابريل 2008

اقرأ المزيد

شكراً عبد النبي سلمان


تعد خسارة عبد النبي سلمان كمثال من كتلة الوحدة الوطنية، في الانتخابات النيابية 2006 واحدة من الأمثلة البارزة على أن الكفاءة والتجربة أو الحضور السياسي أو الاجتماعي أو البرنامج الانتخابي  ليست هي معيار الفوز في المجالس المنتخبة في مملكة البحرين بل أن الذي كان يحدده هو اقتراب هذا المرشح أو ذاك من المرجعية الدينية،  مرجعية شيعية كانت أم سنية  .
 
 لكن في المقابل فان تصويت 2396 ناخب لعبد النبي سلمان في دائرة وفاقية مغلقة رغم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة التي استخدمت في مواجهته للحيلولة دون فوزه، قد كشف عن المكانة الوطنية التي كان يتمتع فيها أبو سلمان وعن الدور البارز الذي قام به خلال الفصل التشريعي المنصرم. فألف تحية وتحية إلى ألفين وثلاثمائة وستة وتسعين ناخباً، صوتوا للكفاءة .صوتوا لعبد النبي سلمان.
 
  إن هذه النسبة من التصويت التي حصلت عليها يا أبو سلمان لم تأت من فراغ بل هي شهادة من الناخبين على أن أنك كنت فارسا وشجاعا محاربا للفساد مع زملاءك  داخل مجلس النواب، ومازال ناخبيك وغيرهم يتذكرون مواقفك المشرفة لعل أبرزها ما كشفت عنه من فساد في الهيئتين: هيئة صندوق التقاعد وهيئة التأمينات الاجتماعية.
 
 وللبينة يمكن للمتصيدين  في الماء العكر الرجوع لما نشرته الصحافة عن المواقف الكبرى التي خضتها وزملاءك في كتلة النواب الديمقراطيين، ويمكن لأولئك المتصيدين في الماء النتن الرجوع أيضاً إلى محاضر جلسات مجلس النواب للفصل التشريعي المنصرم، ليعيدوا حساباتهم بأنك كنت في مقدمة صفوف النواب مقاتلاً ليس في ملف الفساد فحسب بل في جميع الملفات التي عرضت على المجلس وهي شاهد آخر على  إنك وزملاءك لم تكونوا تحتاجون إلي بينة من عبد الهادي خلف لإثبات نواياكم الجادة في محاربة الفساد والمفسدين.
 
    يا أبا سلمان أيها المقاتل من أجل العدالة الاجتماعية داخل مجلس النواب وخارجه، لم يكن ما أثرته عن الفساد في المجلس السابق بشهادة المتابعين المتواجدين في المعترك السياسي مجرد ( ضجة ) كما يتصور عبد الهادي خلف، وكان في إمكانك أن تفعل الكثير لولا القيود التي رسمها الدستور الجديد واللائحة الداخلية والنظام الانتخابي و(قوى الفضيلة) ، ولاشك عندي أنك تعتز بوطنيتك وعضويتك في المنبر التقدمي الذي لم يرسم إليك حدودا لدورك الشجاع وأنت تكافح الفساد بصوت وطني مرتفع، سوى ما رسمه برنامج المنبر السياسي والبرنامج الانتخابي الاسترشادي الذي ساهمت أنت في وضعه،  وأن ما أثاره عبد الهادي خلف في مقاله المنشور في صحيفة الوقت يوم الثلاثاء 8 أبريل 2008 العدد 778  بعنوان النواب والفساد ( بأن الجهة التي سلمت حقيبة السامسونايت وبها خمسون ألف دينار نقداً للمشرفين على مشاركة المنبر التقدمي هي التي رسمت لك هذا الدور) هو إسقاط أراد به تشويه الجهد الواسع والكبير الذي قام به المشرفون على مشاركة المنبر في انتخابات 2002 كما يفعل دائما في مقالاته، وأن ما كتبه في هذا المقال هو وهم وخيال صنع في السويد بعيدا عن المعترك السياسي الذي خضته مع رفاقك في المنبر التقدمي بشجاعة ونزاهة، وأن ناخبيك على يقين بأنه لم يكن لدورك يا أبا سلمان حدود سوى قيود السلطة التنفيذية.
 
وإن ما صرحت به عن الفساد في ( ألبا ) مؤخرا هو دليل علي أن عدم تمتعك بالحصانة البرلمانية  لم ينل من شجاعتك، وانك لم تكن تحتاج على الإطلاق لمثل هذا التصريح حتى ( تخترع تاريخاً لم يكن )، إذ يكفيك إنك مازالت في ذاكرة الوطن والمواطنين . ولو انك احتفظت بهذه الحصانة لأتقنت  كيف تستخدم وسيلة لجان التحقيق المغيبة في هذا الفصل التشريعي في كل ما تناوله تقرير ديوان الرقابة المالية بما فيه الفساد في ألبا.
 
  إن الأسئلة التي أشار إليها عبد الهادي خلف في مقاله المشار إليه تعليقاً على تصريحاتك حول الفساد في صحيفة الأيام تؤكد على صحة ونجاح مشاركتك ومشاركة المنبر التقدمي في انتخابات2002 ولا تؤكد على فشلها كما يتصور فهو حين يسأل (  ألم يكن وضعك أفضل من الآن عندما كنت نائباً تتمتع بالحصانة البرلمانية؟ فحصانتك وقتها كانت ستعطيك القوة على إثارة الموضوعات التي لا يستطيع الآخرون إثارتها … )، فذلك تأكيد على أهمية الحصانة البرلمانية ، ودليل على فشل المقاطعة لانتخابات 2002 التي احتمي بها وشجعها ، وعلى العكس تماما  فإن ما أثاره في مجمل ما كتبه يفتح الباب أمام سؤال هو لماذا يتجاهل عبد الهادي تسمية من لا يُسمّى وما لا يُسمى من المفسدين في مقالاته بدلاً من الحملة الظالمة التي شنها عليك وعلى المنبر التقدمي، وهو المتمتع بحصانة الدخول إلي البحرين وبحصانة (الشجاعة التاريخية)، أليس فيما يكتبه من اتهامات للمنبر التقدمي واليك هو ما تريده دولة المعز؟
 
ففي الوقت الذي ينهمك أعضاء المنبر التقدمي والمخلصون له في بناء هذا المنبر وتطوير دوره في الحياة السياسية في البلد بدأب وصمت وتواضع فان صاحبنا لم يضع لبنة  صغيرة واحدة في هذا المنبر، وجعل مهمته الوحيدة هي الإمساك بمعول الهدم والتعريض به، بشكلٍ يجعلنا نتساءل عن هدف ذلك وأبعاده.
 
    نعم يا أبو سلمان  قد ينهار المثقف عند سماع رنين المعز، لكن في السجن لم يسمع المثقفون المنهارون من كل القوى السياسية في البحرين ذهبا يرن، بل سوطا وكرباج رن على أجسادهم  لكنهم مازالوا في المعترك السياسي يكافحون في إطار المتاح وفي ظل الظروف الجديدة التي تعيشها البحرين، غير أنه قد يكون لرنين ذهب المعز وقع آخر على أولئك المثقفين اللذين يُسخرون أقلامهم ومواقفهم ويتجاهلون الحقائق ويقلبونها بعيدا عن هذا المعترك خدمة للمعز المبتهج بدورهم التخريبي.
 
    شكرا لك عبدالنبي سلمان أيها المثقف على ما قمت به وما تزال، فهو يحفزنا بلا يأس نحو أمل مشرق في وطن حر وشعب سعيد . ويجعلنا نعتز بأن المنبر التقدمي ينتمي إليه من أمثالك .
 

اقرأ المزيد

شهادتان في صناعة الفقر والثراء (2-2)

اذا كان المندوب السعودي السابق في اليونسكو محمد الديبان قد فضح في مقاله الذي استعرضنا اهم ما جاء فيه بالأمس نفاق مليارديرية بلاده وكشف تهافت ادعاءاتهم بالتبرع للأعمال الخيرية، كما فضح الدوافع المنفعية التي تقف وراء تبرعهم حتى بما يجودون من فتات، فإن الكاتب السعودي عيد الجهني رئيس مركز الخليج العربي للطاقة يكشف في مقال له بصحيفة “الحياة” السعودية عدد 1/3/2008م جوانب مهمة من الاسباب الرئيسية التي ادت الى موجة الغلاء الراهنة في دول الخليج ودور الحكومات والتجار في صنع الازمة واستغلالها للاحتكار وعدم التورع عن المضاربة في اسعار المواد الغذائية من دون وازع ضمير وطني وانساني وديني وذلك في ظل غياب الرقابة المشددة على التلاعب بالأسعار. يقول الجهني: ان وتيرة ارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية التي يعتمد عليها الفقراء ومتوسطو الدخل كقوت يومي ارتفعت بنسب مرتفعة لم يشهد لها مثيل حتى في ظل الكوارث التي حلت بالبشرية خلال القرن العشرين، وان هناك ما لا يقل عن 76 مليون فقير عربي يكتوون بنيران هذه الاسعار، وبخاصة في ظل اعتماد العالم العربي على اكثر من 90% من حاجاته الاساسية من الخارج. واذ يفند الجهني ذريعة دور ارتفاع اسعار النفط في خلق موجة التضخم والغلاء الراهنة والتي يلقيها الغرب جزافاً فإنه يكشف عن أن نسبة مساهمة النفط في حجم التجارة العالمية لا تتجاوز 8%، وان القيمة الحقيقية لسعر البرميل لا تتعدى 40 دولاراً اذا ما اخذنا بعين الاعتبار فارق اسعار الصرف بعد هبوط قيمة الدولار. وهنا يميط الجهني اللثام عن دور دول الخليج، ولاسيما التي تربط عملتها بالدولار، في التسبب في خلق المشكلة، كما يحذر الجهني من عواقب بقاء هذا الارتباط المقدس بالدولار الذي يشبهه بـ “الزواج الكاثوليكي” منذراً بالنتائج الكارثية التي تحدق بدول الخليج. ويعرج الجهني على دور آكلي السحت من التجار في تأجيج الأزمة من خلال استغلالها للمضاربة في الاسعار وممارسة الاحتكار بقصد فرض الاسعار المرتفعة التي ترضي جشعهم، ويستشهد بخطيب المسجد الحرام الشيخ اسامة خياط الذي قال: “ان من اسوأ الوسائل واخبثها واشدها ضرراً الاحتكار بقصد رفع الاسعار، ولاسيما في اقوات الناس الضرورية التي لا يستغني عنها احد”. ويجزم الجهني بأن لا أحد يستطيع انكار وجود محتكرين، وبخاصة في ظل غياب قوانين رادعة ومفعلة تنزل بهم اشد العقاب في هذه الظروف الضنكية الصعبة التي يرزح في ظلها السواد الاعظم من شعوب المنطقة. وفي ظل استمرار مثل هذه الأوضاع المأساوية الكارثية وتفاقمها يبين الجهني كيف تآكلت الطبقة الوسطى فما بالنا بحال الفقراء والمعدمين وحيث وصلت البطالة الى 60% في عدد من الدول العربية، وازداد عدد الاغنياء جنباً الى جنب مع زيادة الاعداد الهائلة من الفقراء وتعددت الاحتكارات وانفلت ضابط الامن الغذائي وتوفير الدواء بالأسعار المناسبة؟ ثم يستشهد الجهني بخطبة لإمام المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي يستشهد فيها بحديث للرسول (ص) في تحذيره للتجار “ان التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق”. ويختتم الجهني مقاله بالمطالبة مرة اخرى بفك الارتباط بالدولار والاستعاضة عن ذلك بسلة من العملات، ويطالب بتطبيق رقابات صارمة على الشركات والمؤسسات والتجار لمراقبة اسعار السلع والادوية وعدم المغالاة في رفعها من قبل ضعاف النفوس والمحتكرين. وفي مقالة اخرى لنفس الكاتب في صحيفة “الحياة” (عدد 5/4/2008م) يكشف دور الفساد في مراكمة هذه الثروات غير المشروعة وهو الدور الذي يفضي بالنتيجة – كارتفاع الاسعار والاحتكار – الى زيادة اعداد الفقراء. اي اننا امام ماكينة جهنمية واحدة لصناعة ظاهرتين متلازمتين في آن واحد، الأولى: زيادة اعداد الاثرياء مع ازدياد ثرواتهم الخرافية، والثانية: زيادة مطردة في اعداد الفقراء مع ازدياد معدلات بؤسهم وشقائهم اكثر من السابق. ويحذر الجهني في مقالته هذه المخصصة عن الفساد تحت عنوان “حتى لا يتحول الفساد في الوطن العربي الى كارثة” من ان الفساد اذا استشرى اصبح آفة تهدد الاقتصاد والتنمية وتضر بالبلاد والعباد، وتجعل الطريق ميسوراً لسيطرة فئة قليلة على اموال الدول والشعوب بغير وجه حق، لذا ينبغي ان يكون عقاب المفسدين قاسياً لكي يكون رادعاً. ولا يغفل الجهني عن حقيقة مهمة تعد من العوامل الموضوعية الرئيسية في خلق البيئة الصالحة لنمو الفساد وانتشاره وتتمثل فيما تلعبه الشركات الغربية الكبرى من دور في افساد الضمائر من خلال الرشاوى التي تدفعها للمتنفذين في القطاعين العام والخاص للفوز بالمناقصات الوهمية لترسو عليها وحدها في ظل غياب اجهزة رقابة وأنظمة ملزمة للشفافية. واذا كان الجهني قد استشهد بما حققه ديوان المراقبة السعودي من نجاح عام 2007م باستعادة مليار ريال سعودي جرى اختلاسها من خلال الفساد في الدولة واُكتشفت مصادفة بفضل “الرقابة اللاحقة” متسائلاً: فماذا عن الرقابات السابقة؟ مومئاً بذلك الى ان ما خفي اعظم، فإن هذه الضبطيات والاستعادات تكاد تكون في بقية اقطار مجلس التعاون شبه معدومة. والحال ان الجهني ورغم عمق تحليله السياسي الاقتصادي في كشف اسباب ازدياد الثروات بفضل المغالاة في رفع الاسعار والاحتكار والفساد وهي تؤدي بدورها الى صناعة الفقر فاته تناول دور غياب الديمقراطية او غياب تعميقها وتطويرها في خلق كلتا الصناعتين: الثراء الفاحش والفقر في آن واحد، وكلتاهما تهددان السلم الاجتماعي بأوخم العواقب في المجتمعات الخليجية المنكوبة بهما.
 
صحيفة اخبار الخليج
16 ابريل 2008

اقرأ المزيد