المنشور

الحناء شعار وهدف انتخابي.. يا للعجب!!


كيف تختار شعارا معبرا وعميقا بدلالات متعددة لها تأثيرها النفسي والدعائي على الناخب، خاصة الأنثى المعنية بإغراء «الحناء» كهدف سياسي وانتخابي. وبدلا من رفع مستوى ثقافة الناخبين من قبل مترشحين يفترض فيهم وعيا طليعيا متقدما لتنوير المجتمع واحترام عقله وكيانه «إذ ليس بالحناء يحيا الإنسان» وإنما بالإنتاج والكرامة وبناء مجتمع متطور أكثر من شعار «حنونا من حناكم» فهو شعار دعائي يناسب حفلات الزواج في ثقافة شعبية، اقرب لدعاية شامبو وصابون ومعجون حلاقة وأسنان. بدت لي مسألة «الحناء المجاني» التي طرحها مرشحنا النيابي الجديد نوعا من التسلية السياسية في أزقة فريجنا فهم وجدوا فيها تسلية رمضانية وحدوته يومية، فعجائز الفريج الذاهبات لصناديق الاقتراع لا يفكرن في حناء مجاني وإنما بزيارة للعمرة وأي أمر مفيد لهن ولشيخوختهن، أما إذا كانت مصيدة مرشحنا لناخبات في عز الشباب والزواج ومناسبات الأعياد، فهن بالتأكيد لا يردن حناء مجانياً على حساب كرامة المرأة البحرينية التي لا تقبل بوضعها في الحضيض والتنقيص من قدرها وكرامتها بدونية دعائية اسمها «الحناء المجاني» إذ بهذا النوع من المستوى في العمل الدعائي الانتخابي نهينا مشروع «تمكين المرأة» الذي سعى إلى رفع وتطوير الدور السياسي للمرأة حاضرا ومستقبلا.

ليس عن طريق الحناء كمغناطيس جذاب، وإنما لخلق امرأة واعية ومنتجة تنتظر دورها السياسي والتنموي، الذي يفوق أصابع الأنثى الطيبة المخدوعة بأكذوبة «الحناء المجاني» وكان من المفترض أن تكون الدعاية أوسع واكبر بإضافة عبارة إعلانية للحناء بأنها مجانية لأربع سنوات تكون مترافقة مع مرشحنا الجديد. كان أجدر له البقاء في دائرة البلديات، والتي لم يبرهن بأنه ناجح فيها نجاحا فائقا وكافيا يثير الإعجاب، فليس بعد برامج قمامات البلدية وملاعب الأطفال في حدائق المنطقة من نقصان إلا أن نحنّي نساء الدائرة، فهذا ما ينقص نساء دائرتنا فقدانهن حناء مجاني.
صدمت بمستوى الهدف الانتخابي لمرشحنا، وقرأت من خلفه أزمة القيادة السياسية في الكتلة، التي أجازت لمرشحها تمرير هدف بمستوى «الحناء المجاني» ونست أن تنصح مرشحها باختيار أغنيات تراثية عن الحناء لدغدغة النساء بالزواج طالما هن عازبات، فهم كالعادة يعاملن النساء ككائن في مرتبة عاشرة وهم يصممون لها أهدافاً من نوع الحناء المجاني، فهي كفيلة بجذبهن بطريقة سحرية لصناديق اقتراعهم فقط . من اجل الحناء وثقافتنا الشعبية نهدي مرشحنا أغنية كانت ترددها نساء البحرين في زمن غابر تقول: «حناج عيين (عجين) حناج عيين ولي دزوج على المعرس بالج تستحين» وبما إن الأغنية واضحة معالمها الدلالية في ليلة الدخلة، فان الناخبات الجدد من الجيل الجديد لا يعرفن سر الحناء ولا حتى أبعاد مقولة ومثال «حنونا من حناكم» فهذه أيضا أدهى وأمر ولا يجوز لتيار توظيفها فهي برمزيتها وبعدها الدلالي تعني تعبيرا آخر، فالحناء والمشموم في ثقافتنا الشعبية تعبير واضح لمن هم على دراية بإرثنا الشعبي وثقافته العميقة، وبين اللغة والخطاب المباشر لتلك الجملة هناك خلفية أخرى لها في زمن الجيل المنصرم معنى، فله غزله لكون المجتمع يومها كان خجلا، والرجل عليه أن يبادر لكسر حياء المرأة، لهذا كان على الرجل أن يقول للمرأة وهي تتزين بالحناء وللرجل المنتظر، حنينا من حناج للمفرد وللمجموع / الجمعي والمجتمع حنونا من حناكم .

فهل بلغت الجرأة بتخطي الخطاب الديني إلى خطاب كهذا مغلف عبر نافذة التراث، الذي يجهل مرشحنا فهمه وأبعاده. لا نلوم جهالة الكثيرين من المترشحين، ولكنني رغم بلوغي الثانية والستين لم اقرأ وأصادف هدفا لمرشح نيابي «حناء مجاني» وشعارا أكثر عجبا هو شعار حنونا من حناكم. كدت اشك في الشعار هل هو سذاجة سياسية، ضحك على «ذقون» الإناث، أم إن صاحبها لديه محل لتجارة حناء النساء وهذه فرصة لما بعد الانتخابات، حيث تبدأ الدعاية التجارية دائما بتعبير مجانا ثم عليك الدفع لكي لا يصبح الحناء مجانيا بعد ذلك. رفقا بنا يا مرشحنا «الهمام» وبعقلنا وبتاريخ البحرين السياسي، فقد كانت شعاراتنا وأهدافنا التي طرحناها في انتخابات الدورة الأولى 2002 أعمق بكثير من «الحناء المجاني» وحنونا من حناكم.

غفر الله لك لهذه البضاعة السياسية الكاسدة، وليغفر الله لناخبة ستكون الحناء المجانية دافعا للتصويت الفاسد في تسعيرته حناء مجانية، وهي واضحة بأنها غش ملتو للبضاعة الانتخابية، فبدلا من الدفع نقدا يتم الدفع عينيا بحناء مجانية!! هل هناك أوضح من هذه اللعبة البائسة. كان شعارنا «انتخبوا الشعب وحده الحصان الرابح» فيما اليوم ندعو الناخبين بشعارات الحناء، التي ذكرتني بحناء الرجال لمعالجة الأمراض وغيرها. في 23 أكتوبر علينا التربص للأيادي التي تحنت لنعرف كم هي مخدوعة. بالنسبة لي سأقف كالدنجوان يوم الانتخابات لقراءة أنواع فن الحناء في ناخبات الدائرة. لا أجد كلاما أكثر مما كتبت، إلا أن أقول «شر البلية ما يضحك» فقد فاز في انتخابات عام 2010 الحناء كأفضل هدف وشعار انتخابي، ليس في البحرين وحسب بل ولكل شركات الحناء العالمية وماركاتها المتنوعة.
 

اقرأ المزيد

هل شاخت «أوبك» وهي في الخمسين؟

قبل نصف قرن، في مثل هذه الأيام (14 – 16 سبتمبر/ أيلول) من العام 1960 اجتمع في بغداد ممثلو خمس دول، هي إيران، العراق، الكويت السعودية وفنزويلا. بنتيجة هذا اللقاء أعلنت ولادة كارتل النفط العتيد: منظمة الأقطار المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك).
بعد تأسيسها أصبحت أوبك لاعباً حاسماً في سوق النفط العالمية. والآن يبلغ عدد أعضاء أوبك 12 بلداً، بعد أن التحق بالمنظمة كل من قطر، ليبيا، الإمارات، الجزائر نيجيريا، أنغولا والأكوادور. وتبلغ حصة أوبك في الوقت الحاضر 40 في المئة من إنتاج النفط العالمي وثلاثة أرباع احتياطي العالم من الذهب الأسود.
عادة ما تركز اجتماعات أوبك التي تعقد في مقرها في العاصمة النمساوية (فيينا) على مسألتين تعتبرهما الأساس دائماً: حصص إنتاج وحصص تصدير النفط بعد تحليل التناسب بين العرض والطلب عليه في الأسواق العالمية. وقد ظل هدف أوبك الرئيس هو ألا تزيد إمدادات النفط على الكميات الممكن بيعها، كي لا يؤدي ذلك إلى حدوث انهيار كبير لأسعار النفط. في الوقت نفسه ظل قادة أوبك حريصين عادة على عدم حدوث ارتفاع كبير في أسعار النفط، خشية أن يؤدي ذلك إلى حدوث الأزمات الاقتصادية، ما قد يؤدي بدوره إلى ضرب أسواق النفط بسبب الهبوط الحاد في الطلب عليه.
وهكذا، فقد أصبحت أوبك مجرد أداة لتنظيم الأسعار لا أكثر. أما أهداف المنظمة الحقيقية يوم قيامها فقد كانت غير ذلك. فالدول المؤسسة لأوبك أرادت آنذاك أن تبين للدول المتقدمة تطور وعيها الوطني وقدرتها على كسر الهيمنة التي تمارسها شركات النفط الكبرى على سوقه العالمية. وقد استعرضت البلدان العربية المصدرة للنفط تلك القدرة حين أعلنت في العام 1973 حظراً نفطياً على أميركا ودول الغرب الأخرى بهدف تحقيق انسحاب إسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة بنتيجة عدوان العام 1967. حينها حذر المستشار النمساوي برونو كرايسكي من أن ارتفاع سعر النفط لأربعة أضعاف مستوياته العام 1972 يمكن أن يؤدي إلى بروز مظاهر الأزمة في الاقتصاد العالمي.
وقد أجبرت تلك الأزمة بعض الدول الغربية على منع استخدام السيارات أثناء عطل الآحاد، وحفزتها على البحث عن مصادر الطاقة البديلة وإدخال نظام التوقيت الصيفي. وبنجاحه في خفض اعتماده على نفط أوبك اعتقد الغرب أنه أضعف هيمنة أوبك في سوق الطاقة بشكل تام ونهائي.
أما بلدان أوبك فتعتقد أن هدف تأسيس المنظمة قبل خمسين عاماً قد تحقق، حيث ضمنت أوبك لدولها الأعضاء حق التصرف الكامل بثرواتها الطبيعية بعد أن كانت غارقة في الفقر. وهذا ما حاول تأكيده وزير الثروات الطبيعية في الأكوادور ورئيس المنظمة الحالي ب. موريس.
من جهتهم، يتخذ سياسيو واقتصاديو الغرب موقفاً حيال نشاط أوبك. فمدير معهد الحقوق الجارية الاقتصادية الألماني دانييل تسينير ينادي عملياً بحظر أوبك: «الكارتل» كما هو معروف يعمل لصالح أعضائه. وهذه المصالح تقضي باستمرار ارتفاع أسعار النفط أو أن تبقى كميات النفط المطروحة في الأسواق محدودة. ولهذا وذاك يتعين على المستهلك دفع الثمن. وهذه هي الإجابة المبسطة لسؤال: «لماذا يتعين حظر أوبك؟».
أما خبير أكبر مركز تحليل في ألمانيا للقانون المالي التسليفي التابع لدويتشه بنك، تيودور أورتس، فيرى بأن من الممكن، بل من الواجب الاتفاق مع هذا الكارتل، لكنه يجب التفكير في الضمانات أيضاً.
ويذكّر خبير الطاقة في مركز التحليل التابع لمصرف دويتشة بنك في فرانكفورت على نهر الماين، جوزيف آور، بأن بلدان أوبك خفضت إمدادات النفط للأسواق العالمية مرتين عن عمد خلال عقد واحد من السنوات. وفي كل مرة أدى ذلك إلى ركود اقتصادي كبير في الغرب. وهكذا فإن تكثيف الجهود وتوسع الأعمال من أجل استغلال مكامن النفط في بحر الشمال، التوجه لبناء المحطات الكهرونووية لتوليد الطاقة في ألمانيا أو التوسع في إدخال التكنولوجيات الموفرة لاستهلاك الطاقة، كل ذلك يعدُّ بشكل رئيسي نتيجة لممارسات أوبك.
لكن الحقيقة الواقعة هي أن الدول الغربية استطاعت أن تجرد أوبك من الأهداف المبدئية التي قامت من أجلها. واستطاعت أن تختزل المعركة في حلبة الصراع على الأسعار فقط. وتركت إلى الصفوف الخلفية الأهداف الأهم كدمج قطاع النفط بشكل عضوي في اقتصادياتها الوطنية واعتماد تجارة النفط كأساس لبناء علاقات تجارية واقتصادية متكافئة تخدم مصالح التنمية الحقيقية في البلدان المنتجة كما تستجيب لحاجات التطور العالمي عامة.
في الوقت الحالي يرى بعض الخبراء الألمان أن الفزع حيال أوبك قد تم تبديده، وأن ما يثير قلق الغرب الآن هي تهديدات أخرى، في مقدمتها جوع الصين المتزايد للطاقة، ومحاولاتها وضع عمليات استخراج النفط في العالم تحت سيطرتها. وهم يخشون من أن هذا يمكن أن يؤدي إلى نقص في إمدادات النفط العالمية. لكن البعض الآخر يحذر من أنه لا يجب إسقاط أوبك من حسابات الغرب. وقد تكون أوبك تغط الآن في أحلام، كونها لا تسيطر سوى على نحو 35 في المئة من استخراج النفط حول العالم. لكنها، مع ذلك، وبعد 15 – 20 سنة، حيث سيستنزف كثير من حقول النفط المنتجة في مناطق أخرى، ستعاود حصة أوبك في الإنتاج العالمي إلى الارتفاع إلى نحو 50 في المئة. وعليه فستعود هذه المنظمة من جديد لتصبح أقوى مما كانت في السابق. ولذلك يرون بأن على الغرب تكثيف الجهود من أجل البحث بشكل جدي عن مصادر بديلة للطاقة.
أما مصالح بلدان أوبك الحقيقية في القرن الحادي والعشرين فتقتضي الجمع بين الأهداف الأساسية لقيام المنظمة قبل خمسين عاماً والواقع الذي يتنبأ به الخبراء بالمكانة القادمة لدول أوبك في الإنتاج العالمي للنفط والتخطيط من أجل احتلال دول المنظمة لمكانها اللائق في الاقتصاد العالمي وفي التقسيم الدولي للعمل ليس كمستخرج ومصدر للنفط فقط.
 
صحيفة الوسط
13 سبتمبر 2010

اقرأ المزيد

المواجهة الأمريكية – الإيرانية

هذه المواجهة محوريةٌ وخطرةٌ في المشرقِ العربي الإسلامي خاصةً، فمن جهة يرفض النظامُ الإيراني أبجدياتَ الحداثةِ الراهنة من ديمقراطية علمانية وتعايش سلمي بين الأنظمة المختلفة نظراً لسيطرةِ العسكر الديني على السلطة، ومن جهةٍ ثانية فإن سياسةَ الولايات المتحدة جعلتها المتحكمة الرئيسية في الوضع السياسي العالمي، وتضعُ مصالحَها التجاريةَ التي هي مصالح كبريات شركات النفط والصناعة وغيرها كقانونٍ عالمي لا يجوز تغييره ويتجلى ذلك في ازدواجيات السياسة والثقافة.
ففي الوقت الذي عملتْ فيه على تصعيد إسرائيل كقوةٍ خارج نطاق القانون، عملتْ على استصغارِ المجتمعِ الإيراني وعلى كتمِ تطورهِ الحر.
كما عملتْ على تجميدِ تطور المجتمعات العربية الدينية المحافظة بحيث وجدنا سياستَها نفسَها تنتقدُ ما آلتْ إليهِ الأمور من تفاقم العودة للوراء والتفتت.
لم تتحولْ الديمقراطيةُ العلمانية كقانونٍ للدولِ الغربية ووجدتْ نفسَها خلال القرون السابقة تكرسُ الأنظمةَ الدينية المحافظة، وإنشاء إسرائيل هو نفسه نموذج صارخ على تأسيس دولة دينية عسكرية.
ولهذا فإن القراءةَ الأمريكيةَ الدينية لتطور المجتمع الإيراني تتشكلُ تحت هذه المظلة، وعقبَ عدة عقود من السيطرة انتجتْ لنا نظاما دينيا متشددا.
ونظراً لتكريس النظام الإيراني نفسه في سياساته الخارجية الدعائية ضد إسرائيل لكسب الشعبيتين الداخلية والخارجية، وهو أمرٌ كرستهُ الأنظمةُ والجماعاتُ الشموليةُ العربية، فقد صار هدفاً لابد من هزيمته.
هزيمة إيران صارت هي بؤرة السياسة الأمريكية، وهي الهدف الأول من أغلبِ تحركاتها، وهي تستغلُ المسألةَ النوويةَ من أجلِ مشروعية الضربة التي تريدها، لأخذ الثأر من عدة عقود من الاذلال.
من هنا تتحرك عبر بيادق الشرق الأوسط لتشكيل هذه اللعبة الكبيرة، وهناك جبلٌ من الأحقادِ والموادِ السياسية والدرامية في حقل الثأر هذا، ولاتزال المعركةُ مع العراق في ذكرياتِها الانتصارية المثيرة، وتَعقدُ مماثلةً واعيةً بين النموذجين العراقي والإيراني السياسيين، وتتصور انه ربما حالفها الحظ كما حالفها الحظُ مع النموذج العراقي الذي سقط كبيتٍ من ورق المشتعل حتى الآن.
من الناحية المذهبية السياسية كان نظام صدام قد حطمَ علاقاته بالقوى السنية الواسعة التي ارتكزَ عليها بعد أن أخفقَ في مشروعه (العلماني الشمولي) وبعد أن دمر منذ زمن بعيد علاقاته بالجماعات النضالية العربية الحقيقية.
ليس ثمة مشروع ديمقراطي علماني لدى كل من إيران وأمريكا، وكلتاهما تكرران الحروبَ السياسيةَ الدينية للعصور الوسطى. لكن أمريكا تأتي من البوابة المفترضة للغرب الحداثي، وهو غير صحيح بل تأتي من نموذج الحرب الصليبية اليهودية الآن، وهي لها إنعكاساتها الكبيرة الخطرة.
ولا تفيد بعض التراجعات الصغيرة عن هذه الحرب بل تتطلب تحولا استراتيجيا للغرب (الغازي) نحو العلمانية الديمقراطية وتجاوز نموذج الدولة الدينية الذي صار إشكالية كبرى.
فهذا النموذج سوف يغرق العالم الإسلامي في المزيد من الثارات والحروب، فهزيمة سريعة للنظام الإيراني هي غير ممكنة، بل إن أي ضربة سوف تعزز شعبية النظام ويجند الملايين لإحداث تمزيق هائل في كل ما بنته الولايات المتحدة من سياسات.
لا شك أن تطور الديمقراطية العلمانية في كل من أمريكا وإيران يعتمد على بعضه بعضاً، فكلما اقتربتْ السياسةُ الأمريكيةُ من الشعبِ الأمريكي ولم تعبرْ فقط عن مصالح الشركات الكبرى، فهمتْ مشكلات الشعوب، مثلما أن الشعب الإيراني يتلمسُ طريقَه لتجاوز النظام الشمولي الديني للعسكر ولشيوخ الدين المحافظين بصعوبات شديدة، ولكن هذا لن يتحقق إلا بالدماء الغزيرة التي ينزفها الشعبان الأمريكي والإيراني، (والشعوب المغلوبة على أمرها العائشة وسط مرمى النيران بين العدوين) ثم يكتشفان محدودية مثل هذه المعارك.
والطوائف التي تؤيد كلا من الفريقين تتصارع وتمزق دولها، ثم في أثناء المعركة الواعدة ستدمر ما بقي.
المواجهة كارثة بكل المقاييس، وإنتاج مثل هذه الحماقة الكبرى في السياسة الراهنة، فهو توسيع الصراعات وإنتاج دمار غير مسبوق.

صحيفة اخبار الخليج
13 سبتمبر 2010

اقرأ المزيد

كيف نتدبر شؤون الوطن؟

علينا الإقرار وبمسؤولية وطنية عالية أن وطننا اليوم في مهب العاصفة الآتية نذرها من الوضع الإقليمي الذي قد يتعرض، ولا قدر الله، لانفجارات خطرة ستطال شظاياها المحيط كله، وقد حرصنا طوال المرحلة السابقة أن نؤكد على قيمة الوحدة الوطنية لمجتمعنا وأن نجعل منها شعاراً لأنشطتنا ومرتكزا للخطاب الذي نوجهه للمجتمع إدراكاً لأمرين متلازمين.
فهذه الوحدة كانت ضمانة من ضمانات الاستقرار والعيش المشترك المتآخي والعمل من اجل الحقوق السياسية والاجتماعية المشتركة لأبناء وبنات هذا الوطن بعيدا عن التحيزات المذهبية والطائفية، التي نشأنا على تربية سياسية وأخلاقية تنبذها، ونسعى لأن نُوَّرث هذه القيمة لأبنائنا من بعدنا.
هذا هو الأمر الأول أما الثاني فهو أن هذه الوحدة تتعرض لمخاطر كبرى ستدفع هذا الوطن نحو متاهات لن يكون من السهل أن يخرج منها سالماً، وستكون خسائرها فادحة على الجميع وبدون استثناء، بما في ذلك على اللاعبين لعبة الطائفية أنفسهم في أي فريق كانوا.
فالوحدة الوطنية لكي تكون فعلاً لا قولاً أو شعاراً يجب أن تحمل معها مضامينها الاجتماعية والسياسية الحقة، التي لا يمكن إلا أن تبدأ بأمرين: الأول هو تكريس قيمة المواطنة المتساوية المتكافئة في الحقوق والواجبات، والتي تتطلب النأي عن كافة أشكال التمييز أو المحاباة على حد سواء، والثاني هو تكريس قيمة دولة المؤسسات والقانون التي تتطلب خضوع الجميع: الدولة وأفراد المجتمع لبنود القانون بما فيه من حقوق وجزاءات.
فلكي نعزز روح الانتماء الوطني ونجعله الأعلى بين بقية الانتماءات يتعين أن نجعل جميع أبناء هذا الوطن يشعرون بأنهم متساوون في شروط العيش المشترك على أرض هذا الوطن، ومثل هذا الشعور كفيل بأن يفكك ركام الشكوك وعدم الطمأنينة والحذر، وأن يشيع مناخاً من الثقة والتآلف.
وعلى صلة بذلك فان احترام القانون والالتزام بأحكامه، والنظر إلى الدولة بصفتها مظلةً للمجتمع كله معنية بتطبيق أحكام هذا القانون، الذي لا يجب أن يتوقف العمل في سبيل تطويره وتوسيع دائرة الحقوق التي ينص عليها، هو شرط من شروط الدولة الحديثة وضمانة من ضمانات التطور الآمن والمستقر للمجتمعات.
تكثفت في الآونة الأخيرة مجموعة من التطورات السلبية التي تتطلب معالجة مسؤولة من الجميع، ومثل هذه المعالجة تتطلب، بدورها، المصارحة حول جوهر وشكل الخطاب السياسي الذي دفع بالأمور نحو هذا المآل، وكذلك المصارحة حول البيئة التي تنتج مثل هذا النوع من الخطاب، وفي هذا السياق نُثمن تأكيد جلالة الملك في كلمته الأخيرة على أن العملية السياسية في البحرين التي ابتدأت منذ سنوات مستمرة.
وهو أمر أعاد تأكيده وزير العدل حين قال إن الأوضاع الأمنية لن تؤدي إلى تأجيل موعد الانتخابات، والطموح أن يفتح ذلك الأبواب أمام معالجة شاملة يتفق عليها الوطن من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان ومنع أي تراجع عن الحريات، والبناء للمستقبل على قاعدة المشاركة الشعبية، وهو أمر له أن يؤسس لحال أفضل، ولكن ذلك لن يتم بصورة تلقائية، فدون ذلك شروط أخرى ملازمة له لابد من استيفائها.
 
صحيفة الايام
13 سبتمبر 2010

اقرأ المزيد

مطارحاتٌ فكريةٌ -3- … شيءٌ عن الماضي السّديم والحاضر الملتبس !


استكمالاً للسّجال النظري المتفاعل، الذي كنا قد طرحناه في الجزء الأول التمهيدي من هذه المطارحات، قبل فترة وجيزة، ودعوتنا الصادقة للأخوة، الكتاب والقراء ومعشر المهتمين، بضرورة أولوية الحوارات الفكرية البنّاءة، الجادّة والندّيّة، عبر هذه النافذة التقدمية الحرّة (الحوار المتمدن) .. في محاولة لفهم أوضاعنا وواقع بلداننا العربية وحتى بعض البلدان الشرق أوسطية الاسلامية -غير العربية المرتبطة بالعرب بوشائج الوصال الثقافي والمصير المتقارب- للوصول إلى قراءة علمية دقيقة للعوامل المتحكمة بمشهد مجتمعات تلك البلدان، في شتى المجالات السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية.. الخ.. أي مشهد سوسيولوجيتها المعاصرة، بل وحتى بنيتها السيكولوجية الفريدة، بسلبيتها الطاردة للحداثة والمنتجة لقيم الاستبداد، الذل والخنوع! .. وذلك لأنه ببساطة بدون الفهم العلمي العميق، الدقيق والشامل للظروف الموضوعية والذاتية، المتأتّية من مستجدات الوضع الدولي في مستهل قرننا الحالي – الواحد والعشرين- وشتّى تأثيرات الظروف الجديدة وتداخلاتها –غير المسبوقة- على منظومتنا العربية-الإسلامية العتيقة، لا يمكننا على الإطلاق، حتى التفكير في حلمنا لتحقق واقعٍ آخر لدنيا العرب والإسلام ليحل محل الواقع المزري الشاذ الحالي، المتجسّد في منظومة استبدادية متخلفة تجثم على صدر المواطن “المحروم من أولى الحقوق الأولية كإنسان” على هذه البسيطة والمشحون ذهنه بخرافات عقيمة من الوعي الزائف، تعود إلى ثقافات قرونوسطية أحادية إقصائية بطريركية ( أبوية ذكورية).. بمعنى إن المواطن العربي والإسلامي يئنّ بين مطرقة الاستبداد-المادي- وسندان فكر متخلف ظلامي –معنوي- لا أمل ولا فكاك له من الخروج من بين فكّي هذين الوحشين، إلا بتكاتف كافة الجهود- من إيّما جهة أتت- ذي المصلحة في التغيير والتنوير والتقدم.

على ذلك وانسجاماً مع الأفكار والرؤى المذكورة أعلاه… نود في هذا الجزء من السلسلة أن نطرح-كما وعدنا سابقا- دستة من الأسئلة المحورية الأولية، التي تمسّ ملفات أساس لمحنة الوضع العربي المعاصر.. وهي أسئلة تتمحور بالطبع حول الجانبين النظري-المعرفي والعملي-التطبيقي. لكنها منصبّة في هذا المقال على تاريخ، تكوين ووحدة العرب فحسب..على أن نطرح تباعاً أسئلة أخرى في الحلقات القادمة من هذه المطارحات، آملين أن نصل في نهاية المطاف لمحصّلة الآراء الأكثر صِدقيّة، واقعية وعقلانية فيما نرمي إليه في تبلور رؤية إستراتيجية منسجمة وموضوعية، تعيننا نحو مقارعة واقعنا الأليم!.. والأسئلة المشروعة والحائرة، التي تبحث عن إجابات شافية، أدناه:

• ما هي أسباب تراجع دور العرب التدريجي عن مسرح الحياة الدولية منذ مطلع الألفية الثانية، الذي شهد تقهقر متواصل لألف عام؟!..أي منذ مقتل، رجل الدولة -من الطراز الأول- والألمعي الكبير : “المأمون” وهدم “دار الحكمة” !

• لماذا إنقطعت عملية التراكم المعرفي العلمي والتقدم الحضاري، التي شهدتها المنطقة العربية–مشرقها ومغربها- وتخومها العديدة من الكيانات الإسلامية.. قبل تلك الفترة؟..وما علاقة ذلك بفتوى”الغزالي” التاريخية الرجعية، الداعية لقفل باب الإجتهاد ؟

• ما هي حقيقة مجد العرب التليد؟! هل هو واقع أم أسطورة ؟! متى كان ذلك المجد بالضبط؟.. أفي عصر الانحطاط الألفي الثاني المذكور؟ أم في القرون الأربعة الأخيرة من الألفية الأولى؟ وماذا كان قبل ذلك؟.. هل صحيح أنه كان عصر الجاهلية الأولى؟!

• ما هي حقيقة “الحضارة العربية – الإسلامية” الملتبسة؟ ما هي مكوناتها، مميزاتها، خصائصها وإنجازاتها ؟ ماذا قدمت لشعوبها وللعالم؟

• ما هي تركيبة البُنية الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية للمنظومة العربية- الإسلامية في العصرين القديم والوسيط؟ وهل طرأ جديد على هذه البنية في العصر الحديث؟

• ما هي طبيعة وخصوصية بنية المجتمعات العربية اليوم؟ وما هي تركيبة المنظومة العربية السياسية المعاصرة؟ ما هي خصوصيتها وفرادتها؟.. هل توجد منطقة إقليمية أخرى في العالم شبيهة لها؟

• لماذا المنظومة العربية، كانت ومازالت، طاردة لقيم الحداثة، التنوير والتقدم وحاضنة للموروثات العتيقة، المنتجة للإستبداد؟

• هل صحيح أن غالبية العرب عاشوا ردحاً من الزمن من كدح الذميّين؟ تُحركهم العصبية القبلية والبداوة.. وأنهم لا أهل للصنعة ( حسب ابن خلدون)؟!

• هل النفط نقمة على العرب..وسبب تخلفهم المعاصر؟ وجذر الاقتصاد الريعي السائد في الإقتصاديات العربية؟

• ما هو دور البيئة الصحراوية في تشكل الذهنية العربية؟ وإلى أي مدى أثر هذا العامل الموضوعي (الوسط الجغرافي) في إعاقة أي نوع من التكامل العربي؟

• ما هو دور التابو الجنسي،المولِّد للحرمان الجنسي في تشكيل الشخصية العربية، غير الواثقة من نفسها، والمشحونة بعقدٍ ودونيات عديدة، أهمها : التباهي، حب الظهور واليقينية ؟!

• هل العرب يشكلون أمة أو قومية منسجمة؟! وما الفرق بينهما؟ وماذا عن الأقوام الأخرى أو المكونات الأصغر لشعوب واثنيات -غير العربية- في البطن العربي..أو حتى في التخوم؟

• ما هي حقيقة الأقليات في الوطن العربي الكبير؟! بالرغم من حجم تلك “الأقليات” الكبير.. كالامازيغ، الكورد وغيرهم؟هل ممكن التعايش المنسجم دائماً مع المكون غير العربي؟ ما هي الشروط المستقبلية لذلك الانسجام والوفاق المأمولين؟

• ماهي شروط وحدة العرب؟ هل هي حتمية؟.. قهرية أم طوعية؟ هل هي مفيدة بالضرورة؟ ما هي معيقاتها؟ شكلها؟.. فيدرالية؟ كونفيدرالية؟

• ما هي آفاق هذه الوحدة المأمولة؟ ما المدى الزمني التقريبي لها؟ ومن أين يأتي ضمان إستدامتها؟

• هل من الممكن، بعد التجارب المريرة للوحدات العربية الفوقية والتعسّفية-العسكرتارية- الحديث عن الوحدة العربية في الأفق المنظور، وضمن نفس المشاريع والبرامج العتيقة؟!

• هل من الممكن للمنظومة الاستبدادية العربية الحالية من تحقيق وحدة، أو حتى تعاون اقتصادي حقيقي؟

• من هي القوى السياسية والطبقات الإجتماعية، التي من مصلحتها أن تسعى حثيثا لتحقيق الوحدة العربية وبشكل منسجم لمصالح وحقوق الأقليات غير العربية؟

• هل المؤسساتية الفعلية للمجتمع المدني، بما فيها ضرورة فصل المؤسسة الدينية عن المؤسسة المدنية، والحريات والحقوق الديقراطية.. شروط أساسية للتقدم في مشروع الوحدة العربية ؟

• هل من الممكن أن تتعايش منظومات إقتصادية- إجتماعية متبايتة وأنماط سياسية مختلفة في بوتقة واحدة ضمن منظومة الوحدة العربية المأمولة والمستقبلية؟!

• إلى أية درجة لعب الإنتماء الثنائي : ” العروبة” و”الإسلام” كمتّكأين ورُكنين أساس لتجسيد الشخصية العربية ثقافياً، فكرياً وسيكولوجياً.. الخ..؟ وهل كان وما يزال ذلك التماثل – بإيجابيته وسلبيته- يشكل العامل المعياري لتقدم العرب أو تخلفهم؟!…على أية حال، قد نخصص مقالاً على حِدة – ضمن هذه السلسلة- لنقاش المسألة الدينية والطائفية- المذهبية، في دنيا العرب .

هذا طرحٌ لمواصلة السّجال، في صيغة أسئلة محورية – تترى وتتوارد- حول تاريخ، حاضر ومستقبل العرب.. والطموح المشروع لوحدتهم وتقدمهم، في حاجة إلى مقارعة منهجية.. وأجوبة علمية دقيقة من شتى الزوايا: التاريخية، الدولية، السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، الدينية وحتى الطبقية!
 
 
الحوار المتمدن – العدد: 3122 – 2010 / 9 / 11

اقرأ المزيد

د. حسن مـدن “للبلاد” تؤلمني افتراءات البعض وحملاته التحريضية ومواقفنا ضد كل ممارسات العنف واضحة ولا نخفيها


أبدى أمين عام المنبر التقدمي د.حسن مدن في مقابلة أجرتها صحيفة البلاد عن استياءه الكبير لحملة التشويه التي يقودها البعض ضده وضد “التقدمي” لتشويه صورة مرشحيه ومنع نجاحهم عبر إدعاءات وتلفيقات وتطاول هو في حقيقة الأمر تطاول على تاريخ حزب له جذوره الضاربة في تربة هذه الأرض، وأكد على حق الترشح مكفول للجميع  بعد أن أخفقت الجهود في حمل الوفاق على الدخول في قائمة وطنية مشتركة.

وفي ما يلي النص الكامل للقاء: 
  أجرى المقابلة: حسين خلف
 
 
س:  تعرض ويتعرض المنبر التقدمي جملة انتقادات حادة بعد قرار ترشح عدد من أعضائه في دوائر مثلها في الفصل التشريعي السابق نواب من المعارضة كيف تقرأون هذه الانتقادات، وهل ترون فيها أحقية أم تناقضا؟.
 
 
أتساءل لماذا هذه الحملة على المنبر التقدمي لأنه ترشح في دائرتين من الدوائر التي مثلها في المجلس السابق نواب من الوفاق، علماً بأننا تنافسنا مع الوفاق في ست دوائر في انتخابات 2006، كما أن جمعيتي وعد والعمل الإسلامي نافستا الوفاق في منطقة النعيم في انتخابات ذلك العام، ولم ينتقدنا احد على ذلك أو يعترض عليه.
سأكرر ما قلناه مؤخراً مراراً، فقد لجأنا الى الترشح في دوائر تمثلها الوفاق بعد أن أخفقت جهودنا في حمل الوفاق على الدخول في قائمة وطنية مشتركة تمثل جمعيات المعارضة، وبات من حقنا وحق سوانا أن يترشح في أي دائرة في غياب الاتفاق على مثل هذه القائمة، ثم لماذا الخوف من المنافسة أليست هي طبيعة الانتخابات في كل الدنيا؟
لا يوجد وجه وجاهة واحد في هذه الحملة المتشنجة ضدنا بسبب هذا الترشح.
 
س:  كيف تم اختيار المنبر للدوائر التي سينزل فيها مرشحوه… ما هي المعايير؟
 
 
سنترشح بقائمة من ثلاثة إلى أربعة مرشحين، في دوائر وجدنا أن حظوظ خوض حملة انتخابية جيدة فيها متيسرة بسبب كونها دوائر مختلطة ، تضم فئات وشرائح متنوعة، بما يمكننا من طرح خطابنا الوطني الجامع.
حرصنا على الا يكون عدد مرشحينا كبيرا حرصا  منا على تركيز جهودنا، وحرصنا على أن تكون الدوائر منوعة وليست ذات لون طائفي واحد.
 
س:  هل ترون حظوظا عالية لمرشحي المنبر التقدمي للفوز؟
 
يهمنا في المقام الأول خوض حملة انتخابية جيدة والاتصال بأبناء شعبنا في الدوائر التي سنترشح فيها والتعريف بمرشحينا وببرنامجنا الانتخابي وخطنا السياسي، ونعتقد أن هناك فرصاً طيبة لنا في أن نحقق نجاحات على هذا الصعيد. أما الفوز فلا  أحداً يستطيع أن يضمنه منذ ألان.
 
 
س:  لمح البعض وصرح آخرون بأنكم  تلقيتم وعودا من الجانب الرسمي بدعمكم في الانتخابات، هل هذه معلومات صحيحة أم مغلوطة من وجهة نظركم؟
 
شخص المنبر التقدمي هذه الادعاءات التي يسوقها بعض السفهاء على أنها تندرج في نطاق الحملة الانتخابية المضادة لمرشحينا، وما تتحدث عنه في سؤالك محض افتراء، الهدف منه تشويه صورة مرشحينا ومنع نجاحهم عبر هذه الادعاءات والتلفيقات والتطاول الذي هو تطاول على تاريخنا كحزب له جذوره الضاربة في تربة هذه الأرض.
لا يوجد لدينا أي اتصال ثنائي مع الدولة، وحتى عندما طرحنا مبادرتنا للحوار الوطني  في فبراير/ شباط من العام الماضي سعينا للقاء مع الدولة لطرح أفكار المبادرة عليها، ولم نتلق رداً، ايجابياً كان أو سلبياً. وفي حدود معلوماتنا فانه لا توجد جمعية من جمعيات المعارضة في الوقت الحاضر على اتصال بالدولة، إذا ما استثنينا جمعية الوفاق من خلال كتلتها النيابية.
ومن الطبيعي أن تطالب الجمعيات السياسية وهيئات المجتمع المدني الدولة بأن تظهر حرصها على الشراكة مع المجتمع وتفاعلها مع أطروحاته.
 
س:  كتبت في بعض المقالات أن التيار الوطني اليساري هو تيار لم يمارس العنف ولمحت للدولة بأنه هو التيار الذي يجب تقريبه..  قيل انت هنا تخطب  ود الدولة وربما تستجديه؟
 
نحن لا نستجدي أحدا. قوتنا في خطنا السياسي الذي يعرفه الجميع، وهو خطاب أسسه المرحوم أحمد الذوادي ورفاقه منذ بدايات المشروع الإصلاحي، وهو استمرار للخط السياسي لجبهة التحرير الوطني البحرانية.
أين هي العبارة التي يفهم منها استجداء الدولة في المقال الذي ربما تعنيه، لقد استشهدت  بتعليق كتبه احد القراء على مقال نشر في إحدى الصحف المحلية، عقد فيه مقارنة بين أساليب العمل النضالي السلمي في فترة قانون أمن الدولة التي مارسناها، وبين أشكال العنف والتخريب التي شهدناها في السنوات الأخيرة، وكنت في ذلك أحث الجميع على ملاحظة الفارق بين النضال السياسي المسؤول وبين استهداف الممتلكات العامة.
موقفنا واضح ولا نخفيه فنحن ضد ممارسات العنف، ونعتقد أنها ألحقت ضرراً كبيرا بكل القوى المناضلة من اجل الديمقراطية وأثرت على مصداقيتها، وأوجدت الذرائع لتغليظ الإجراءات المقيدة للحريات  وأفقدتنا الكثير من المكتسبات التي يرقب الجميع الآن صواب رؤيتنا عندما كنا ولا نزال نردد بضرورة العض عليها بالنواجد من اجل البناء عليها للتأسيس لمستقبل أفضل لهذا الوطن وشعبه من قبل السلطة التنفيذية وهي إجراءات شملتنا في المنبر التقدمي كما شملت سوانا من قوى المعارضة .
 
س:  تم انتقادك بشدة  وقيل انك حرفت تاريخ الحركة الوطنية التي مارست عنفا في بعض المراحل، لماذا تنكر ما هو ثابت في تاريخ الحركة بل كان محل افتخارها؟
 
تم انتقادي من قبل من؟ أتمنى أن يكون لديك وقت لتعود لوسائل إعلام المنبر التقدمي لتجد أن ما كتبته ينطلق من رؤية المنبر وأعضائه، كما إني أتمنى أن تعود إلى نص المقال الذي كتبته بهذا الخصوص في جريدة الأيام،  لتجد إني  تحدثت  عن مرحلة قانون أمن الدولة تحديدا ولم أتحدث عن فترة الهيمنة البريطانية التي استهدف فيه الشعب المستعمرين باستخدام السلاح، ونفخر نحن مناضلو جبهة التحرير بدور رفاقنا في هذا المجال.
وعلى سيرة استهداف جبهة التحرير الوطني البحرانية لقادة جهاز الاستخبارات البريطاني عام 1966، فاني أحيل القارئ الكريم إلى ما ذكره رفيقنا الراحل مؤخراً عبدعلي محمد احمد في كتابه “الذكريات والوصايا” الصادر عن المنبر التقدمي حين يذكر بالحرف الواحد: “أمام المطالبة الملحة للأعضاء (يقصد أعضاء جبهة التحرير) بعمليات مماثلة صدر منشور داخلي هو”الشرارة” يعلن أن جبهة التحرير قررت تبني الخط السياسي في العمل واستبعاد العنف المسلح لأنه الطريق الصحيح والمناسب لظروفنا”( الكتاب ص 70).
 
س:  ما هو  رأيك في مقالات الدكتور عبدالهادي خلف التي هاجمك فيها، وهل المعلومات التي أوردها فيه كانت صحيحة أم لا؟، وأيضا ما أورده ناشط محسوب على جمعية وعد من انك رفضت أثناء وجودك في الإمارات التبرع لعلاج الراحل احمد الذوادي؟
 
بالنسبة للشخص المذكور في الشق الأول فانه لا يهمني ولا يعنيني الرد عليه، لأني أكبر من ذلك.
أما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال فيؤلمني ان تصل نذالة وخسة البعض وانحطاطه للدرجة التي تجعل المرء مضطراٌ لأن يتحدث في شيء شديد الخصوصية، فليس لائقا أن نتباهى بأننا ساعدنا رفيقاً مريضاً على تحمل نفقات علاجه في ذلك الزمن الصعب.
أنا ليس فقط تبرعت للمساهمة في علاج المرحوم أحمد الذوادي عندما كنت بالإمارات فهذا واجب، وإنما كنت أيضاً طرفاً في حملة جمع تبرعات من أصدقاء آخرين، بحرينيين وإماراتيين، والشخص الذي حمل المبلغ الذي جمعناه للمرحوم أبو قيس في باريس حيث كان يتعالج  ما زال حياً يرزق، كما أن عائلة المرحوم التي كانت آنذاك وما تزال تقيم في الإمارات على اطلاع جيد بالموضوع.
وهذه التبرعات مني ومن سواي تمت بالتنسيق مع رفاقنا في دمشق آنذاك، وليس من شأن هذا الشخص أو اختصاصه أن نبلغه بما فعلنا، فليس هناك ما يدعو للتباهي إزاء آلام قائد وطني كبير مثل احمد الذوادي، سأظل أفخر ما حييت بأنه هو من دعاني للترشح لرئاسة المنبر التقدمي خلفا له عندما اشتد به المرض في عام 2002، رغم الفارق الكبير بين شخصي المتواضع وبينه بمكانته التاريخية ومهاراته القيادية.
 
س:  ما طبيعة علاقتكم الآن بقوى المعارضة خصوصا جمعيتي وعد والوفاق ، ألم تتأثر هذه العلاقة؟

رغم اختلافنا مع الوفاق في بعض المسائل إلا أن علاقتنا الثنائية قائمة على التقدير والاحترام المتبادل.
بالنسبة لوعد فإننا مستمرون في تنسيق مواقفنا في إطار علاقة أطراف التيار الوطني الديمقراطي، التي تضم بالإضافة للتقدمي ووعد جمعية التجمع القومي، ونحن حريصون على توطيد هذا التنسيق.
 
س:  كيف تقرأون الأحداث الأمنية الأخيرة هل تساندون إجراءات وزارة الداخلية وقوى الأمن أم لكم موقف ما من الاتهامات الموجهة لعدد من المعارضين؟
 
أعرف انك صحفي جيد وتتابع الأمور بعناية، ولا شك انك اطلعت على بيان المكتب السياسي للمنبر التقدمي الصادر بتاريخ 15 أغسطس 2010  الذي حددنا فيه موقفنا مما يجري في البلاد.
فعبر “التقدمي” عن القلق الشديد جراء المناخ المتوتر وأعلن رفضه المبدئي القاطع لكافة ممارسات العنف واستهداف الممتلكات العامة والخاصة ومرافق البنية الأساسية، وضرورة ترشيد الخطاب السياسي، باستثمار قنوات التعبير المتاحة في طرح قضايا الوطن، والعمل على تطوير الممارسة الديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية وتأمين الحياة الكريمة للمواطنين وتأكيد مبدأ المواطنة المتكافئة في الفرص والحقوق والواجبات.
وحول توقيف عدد من المواطنين أكد “التقدمي” على ضرورة توفير الضمانات القانونية الضرورية لهم في التحقيق والمحاكمة العادلة والشفافة، وسرعة إطلاق سراح من لم توجه لهم أي تهم من قبل النيابة العامة.
وفي هذا المجال فان المنبر التقدمي يؤكد على مبادئ مبادرته الشاملة للحوار الوطني التي طرحها في فبراير 2009، والتي نصت على التزامات متبادلة بين الدولة والقوى السياسية،  تتضمن احترام هيبة الدولة ورموزها وترشيد الخطاب السياسي والنأي به عن لغة التحريض والتحشيد، وإطلاق آلية حوار وطني شامل تشترك فيه كافة القوى المعنية يتناول المسائل المؤدية لتعزيز مناخ الثقة وتطوير نهج الإصلاح السياسي والديمقراطي.
ولا شك أيضا انك اطلعت على البيان الثلاثي الذي أصدرناه مع وعد والتجمع القومي بتاريخ  الرابع من سبتمبر الجاري، وعبرت فيه عن بالغ قلقها من الوجهة التي تتطور فيها الأوضاع، خاصة على صعيد المساس بالحريات العامة، بما فيها حرية التعبير، وكذلك الاستنفار الطائفي الذي يُعمق الشرخ في المجتمع، ويؤدي إلى المزيد من التباعد بين مكوناته.
والجمعيات الثلاث إذ تعيد التأكيد على ما سبق أن أعلنته من رفض قاطع ومبدئي لكافة أشكال التخريب والحرق والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وتمسكها بأساليب العمل السلمي التي يضمنها القانون من أجل الإصلاح السياسي والبناء الديمقراطي، فإنها تطالب بالالتزام بالضمانات القانونية في التعامل مع المتهمين، في التحقيق معهم، وإحالتهم إلى النيابة العامة على وجه السرعة، وإطلاق سراح من لم توجه لهم أي تهمة، والتأكيد على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
  كما ندعو إلى التحقيق في التقارير التي تتحدث عن حالات تعذيب، التزاماً بنصوص الدستور والمواثيق الدولية، وحرصاً على سمعة مملكة البحرين، وحفاظاُ على ما حققته من تقدم في مجال حقوق الإنسان.
وترى الجمعيات الموقعة على هذا البيان أن الحفاظ على مستوى الحريات المتحقق في البلاد يأتي في مقدمة المهام، أمام بعض الإجراءات الباعثة على القلق، وبينها التقييد على حرية المنابر الناطقة باسم الجمعيات السياسية من صحف ومواقع اليكترونية، ومن ذلك إغلاق الموقع الاليكتروني لجمعية الوفاق بدون العودة للقضاء، وكذلك فرض قيود على نشرات الجمعيات السياسية.
وتهيب جمعياتنا بكل القوى والشخصيات والمنابر السياسية والمجتمعية للعمل على وقف انزلاق الوضع نحو المربع الأمني والشحن الطائفي، وترى أن مسؤولية كبرى تقع على عاتق التيار الوطني الديمقراطي من قوى وشخصيات في هذا المجال، لأنها القادرة على تجاوز الانحيازات الفئوية وحشد الجهود نحو عمل وطني واسع يحمي البلاد والمجتمع مما لا تحمد عقباه من تداعيات وتطورات.
 
س:  تحدث جلالة الملك عن برنامج للاصلاح الديني لتحديد من يصعد للمنبر الديني ويعظ الناس، ما هي وجهة نظركم ازاء البرنامج وفكرته؟
 
 
من حيث المبدأ فنحن  مع إبعاد دور العبادة عن الشؤون السياسية، وأن تنصرف نحو المهام التي أنشئت من أجلها، أما تفاصيل الموضوع فأعتقد ان مجال بحثها  عائد  للدولة وللقائمين على المنابر الدينية، وإصلاح الخطاب الديني بات مطروحا حتى من داخل  بعض المؤسسات الدينية ذاتها ومن قبل أطراف عديدة  منذ فترة.
 
 
س:  طالبت مؤخرا في احد مقالاتك بتحالف انتخابي من القوى الديموقراطية لدخول المعترك النيابي، هل تشرح أسس هذه الفكرة وهل هذا يعني طلاقا مع الإسلاميين المعارضين خصوصا ؟
 
التيار الديمقراطي بحاجة لتوحيد جهوده وإبراز وجهه المستقل ليس في الانتخابات وحدها وإنما بشكل عام، فتلك ضرورة من ضرورات اضطلاعه بالدور المطلوب منه.
هذا لا ينفي أبدا المجالات التي يمكن التعاون والتنسيق فيها مع الجمعيات الأخرى،  في الملفات موضوع الاتفاق.
 
صحيفة “البلاد” 12 سبتمبر 2010
 
 

اقرأ المزيد

نحو انطلاقة جديدة للوطن

في الخطاب السامي لجلالة الملك بدت نبرة التسامح ممزوجة بنبرة الحزم تجاه ما يدور في بلادنا منذ أسابيع، كما قدمت الكلمة السامية لجلالته عدة مؤشرات لا شك أنها ترسم لبعض التوجهات السياسية خلال الفترة القادمة، كان أبرزها على الإطلاق التأكيد على أن مسيرة البناء والنماء ومخططات الإصلاح الاجتماعي والسياسي والثقافي ستستمر، لتترافق مع مشاريع دعم أسس دولة الحق والقانون والديمقراطية والازدهار الاجتماعي والاقتصادي، علاوة على ما أكده جلالته من توجيهات للسلطة القضائية والدينية بالتأكيد على ضرورة أن من يعتلي منابرها يجب أن يتمتع بالكفاءة والوسطية والقبول بالآخر لإفراغ كل عوامل الفتنة والتنازع والاختلاف، وذلك ضمن برنامج شامل للإصلاح الديني، نرجو أن يكتب له النجاح والاستمرار، فذلك بالضبط ما دأبت مجاميع واسعة من أبناء شعبنا ومن شرائح مختلفة، طيلة السنوات الماضية على المطالبة به حتى نستطيع أن نبتعد تدريجيا عن دعوات الغلو والتطرف والخصومة المتعبة لمقومات وقوام هذا الوطن، تلك الدعوات التي لم تنتج لنا سوى ذلك الخطاب الطائفي المذهبي الصرف الذي لا يعنيه الوطن بكل تاريخه ومستقبله، ويهتم أصحابه ودعاته فقط بتثبيت مواقعهم ومصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية، وقد جاءت بكل تأكيد على حساب المصلحة الوطنية الجامعة التي تاهت بكل أسف وسط ذلك الخطاب التجزيئي والفئوي، وانعكست بطرق شتى على المزاج العام للناس وأضعفت عرى اللحمة والوئام بينها، فكان فعلها كما النار في الهشيم دون أن تجد رادعا حقيقيا لوقفها. أما وقد جاء الوقت لمراجعة ووقف هكذا خطاب، فان الحاجة تبدو ملحة لتشجيع هذا النهج وتحفيز مقوماته من أجل إعادة الاعتبار للوطن والناس، نحو لحمة وطنية تكون بحق رافعة حقيقية لوطن لا يعرف الفرقة والتناحر بين مكوناته، وحتى يتم نبذ ذلك الفكر التجزيئي الطائفي البغيض ولجم دعاته أينما وجدوا، وعدم السماح لهم بالعبث بمقومات هذا الوطن وضمائر الناس، والإصرار على العودة مجددا إلى الطريق القويم إلى حيث الازدهار والتقدم والانسجام بين مختلف مكوناته، فقدر هذا الوطن أن يعيش منسجما متوافقا لينعم كما حلمنا به مستقراً هادئاً تظلله الحكمة والمزيد من الرشد السياسي والموضوعية تجاه كل ما يدور في ساحاته بين فترة وأخرى، ليصبح بعدها لزاما علينا جميعا التدليل على قدرتنا على استعادة زمام المبادرة للانطلاق بالوطن مجددا، ولكن ليس لجهة التصعيد وإنما لجهة استتباب الأوضاع وإشاعة أجواء التفاؤل والثقة، لتفويت الفرصة على من يتحين سوءا بالوطن وبالمسار الإصلاحي الذي توافقنا عليه، فالتصعيد وفي كل اتجاه مهما صاحبه من مبررات يظل غير مقبول أبدا، فسمعة البحرين إذا ما استمرت موجة الانفلات الأمني والتخريب وما سيترافق معها من تصعيد ستتضرر حتما وسنحتاج بعد ذلك لوقت ليس بالقليل لاستعادتها مجددا، ويحق للناس أن تستذكر بشيء من الحنين الممزوج بقدر ليس يسير من القلق ما أشاعته فينا جميعا أجواء الميثاق حينها من ثقة بالمستقبل وما هيأته فينا من أمل ورغبة للخروج من عنق الزجاجة الذي كلفنا غاليا طيلة قرابة ثلاثة عقود.
فقد عكست الحالة الأمنية التي تعيشها البحرين منذ فترة بكل أسف مزاجها بقوة على الكثير من وجوه الحياة في البلاد وعلى أكثر من صعيد، وكان ذلك ملموسا في معظم نقاشات المجالس الأهلية والديوانيات الرمضانية وفي أحاديث الناس اليومية، حيث كانت هواجس القلق والإرباك حاضرة باستمرار، وبصيغ متعددة ومتباينة، إنه واقعنا الراهن الذي علينا أن نعترف انه استطاع أن يطبع حياتنا بمسحة حزن وترقب مشوب بكثير من الإحباط والحذر. لذا نرى أنه من الحكمة بالنسبة لنا جميعا مؤسسات وأفراد حكومة ومعارضة، أفراد ومؤسسات، نخب وعامة الناس، ضرورة التفكير في كيفية الخروج من هذا الوضع الذي نرجو أن لا يستمر طويلا، وليكن خطاب جلالة الملك منطلقا لنا لتحقيق ذلك، وليبقى المستقبل رهنا بقدرتنا جميعا على مغادرة حالة انعدام الثقة ومشاعر التوجس والخوف من الآخر، إلى حيث يكون الوطن ومصالح الناس، وضرورة التمسك بما تحقق من مكتسبات اجتماعية وسياسية واقتصادية والبناء عليها للنهوض مجددا بهذا الوطن وشعبه وحتى نكون بحق بناة لصرح شامخ يستحق أن يكون وطنا جامعا نفخر به وتنعم به أجيالنا القادمة.
 
صحيفة الايام
8 سبتمبر 2010

اقرأ المزيد

حمى الانتخابات قد بدأت


مع قرب موعد الانتخابات النيابية والبلدية المزمع إقامتها في اكتوبر القادم بدأت سخونة الأنتخابات تظهر مع إعلان المرشحين في الجرائد والمنتديات ووسائل الإعلام، كل على شاكلته في الاعلان، فمنهم من أعلن مبكراً ومنهم من ينتظر ويتريث في الاعلان عن ترشحه والسبب عائد إلى معرفة من المنافسين الذين سيخوضون الانتخابات معه في نفس الدائرة، فهنالك العديد من المرشحين قد بدأوا حملاتهم الانتخابية طبعاً بشكل غير رسمي من خلال التصريحات في الجرائد وبقية وسائل الاعلام، الكل من المرشحين يتسابق في التصريحات من أجل الوصول إلى الناخبين وارضائهم ولكي يظهرون أمام ناخبيهم بأفضل صورة من أجل تسهيل الحملة الانتخابية و التصويت لهم يوم الانتخابات.

 كثيرة هي أعداد المرشحين الذي أعلنوا ترشيحهم للمجالس النيابية والبلدية مع قرب الانتخابات، فنحن وبعد  مرور8 سنوات من عمر التجربة الأصلاحية لجلالة الملك التي تعد جديدة على شعب البحرين فأننا سنخوض الانتخابات للمرة الثالثة ويجب علينا البدء في هذه المرة باستعراض النواقص والعجز في التجربة الأولى والثانية فهنالك العديد من الملفات والقضايا العالقة التي يجب حلحلتها مثل البطالة والتجنيس وعلى رأسها ملف الاسكان الذي إلى الآن لم يجد أي حل والطلبات الاسكانية في تزايد مستمر فقبل 4 سنوات كانت الطلبات الاسكانية قد وصلت الى حدود 45 الف طلب اسكاني واليوم وبعد إنتهاء الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب قد وصلت الطلبات الاسكانية إلى أكثر من 60 ألف طلب اي إن العدد في تزايد مستمر والمشكلة في تفاقم وسوف تتعقد في حال عدم إيجاد الحلول المناسبة والبدء فيها.

ان المرشح الذي فكر أو سيفكر أن يرشح نفسه لخوض الانتخابات يجب عليه أن يكون صادقاً مع نفسه أولاً لكي يكون صادقاً مع الناخبين ويجب عليه وضع برنامج إنتخابي واضح ونقاط عريضة قبل الموعد الرسمي لإعلان الترشح وذالك من أجل الوصول إلى قناعة لدى الناخب بالمرشح، بأن يكون من يمثله في المجلس النيابي المرتقب  ليس فقط من أجل الدعاية والبهرجة الاعلامية التي تكون فقط قبل الانتخابات وحينها وبعدها، وعندما يفوز المرشح بالانتخابات ينسى من كان له الفضل في إيصاله إلى المجلس وهم الناخبون، أن قوة المرشح تكمن في قوة اتصاله وتواصله بالناخبين واهل دائرته طبعاً قبل يوم الانتخابات وبعده حتى لو لم يستطع الفوز بالانتخابات،هنا تكمن مصداقية المرشح مع أهالي دائرته.
   

اقرأ المزيد

تهيئة المسرحِ السياسي للضربة


إن الكثيرَ من التحولاتِ السياسية التي تجرى بهدوءٍ أو برعونةٍ على مسرحِ الشرقِ الأوسط هي تهيئةُ المسرح من أجل الضربة القادمة على إيران، فإيران مستمرةٌ في رفضِها إخضاعِ قدارتها العسكرية المتنامية للسقف الذي تحددهُ الدولُ الكبرى الغربية.
والقوى الغربية لا تترك شيئاً للمصادفة أو القَدر، بل تدرسُ كل شيءٍ وتضع خططاً محددة، إذا رفض الخصم البقاء تحت السقف المسموح به للتسلح ولهذا فهي تضربه باستباقية قتالية.

ثمة حالةٌ من الغرورِ لدى الأجهزة العسكرية الإيرانية وبأنها قادرة على أن تقلبَ الطاولة على هذه الدول، فهي ليست كطالبان أو الدول الصغيرة التي لا حول ولا قوة لها.
تهيئةُ المسرحِ جرتْ بقوةٍ وسرعة في العراق، فانسحبتْ القواتُ الأمريكيةُ بأغلبيتِها في سرعةٍ قياسية، وغُيرتْ مهمامُ القوى الباقية فيها، وهذه كانت أهم عمليةِ تنظيفٍ لساحة الشرق الأوسط، فمع بقاء القوات الأمريكية في العراق تغدو هدفاً سهلاً لعمليات انتقام رهيبة، أو تؤخذ حجة لاحتلال إيراني للعراق.

كذلك كانت الساحة الثانية في فلسطين، والالزام القسري للقيادة الفلسطينية للقبول بالمفاوضات الجديدة، رغم عدم تنفيذ الحكومة الإسرائيلية أي تنازلاتٍ طُرحتْ عليها من قبلِ المفاوضِ الفلسطيني وإصرارها على مشروعاتها الاستيطانية، لكنها وافقت على المفاوضات لأهداف مشتركة مع الولايات المتحدة تجاه إيران، ولبقاء الحكومة اليمينية المتطرفة التي تخشى أن تميد الأرض بها عبر انتخابات جديدة أو عبر تحريك الأطراف الإسرائيلية ضدها.

في حين ان الأطراف الفلسطينية المؤيدة لإيران تقوم بأعمال عنف وتفجر ألفاظ الثورة وصواريخ اللغة في السماء، متأكدة من صمود إيران.
والحكومةُ المصريةُ بدورها قامت بتنظيف سيناء من الصواريخ المخبأة في كهوف الجبال والأمكنة الأخرى، بعد أن أنكرتْ حدوث الضربات الصاروخية من الجانب المصري، وهذا تعبيرٌ عن اتساعِ التمشيط والخطة المشتركة الجارية الواسعة لتنظيفِ المنطقة من أسبابِ التوتر ومن خلايا الهجوم المضادة في حالةِ توجيه الضربة لإيران.

عمليةُ المصالحةِ الوطنية اللبنانية واللقاءات السعودية والسورية تدخل في استراتيجية التهدئة هذه، لمنع تحويل لبنان لساحةٍ كبيرة لردود الأفعال الناتجة من الهجوم المنتظر المحتمل، وهي ساحة مفتوحة لكل الأطراف.

وكان توجيه الاتهامات لحزب الله باغتيال الحريري يدخل في هذا السياق، فبدلاً من أن يكون الحزبُ مُهاجماً سياسياً لإسرائيل كما حاول أن يقوم بذلك خلال الأشهر الأخيرة وبعمليات المناوشات والتحدي للقوات الدولية في جنوب لبنان، تم جرهُ للدفاعِ عن نفسه، وُوضع في زاوية معينة، لكي تُشل يداه عن الهجوم، أو أن يُضرب بشكلٍ له (مبررات) قانونية دولية.

لكن التهدئات هذه يشوبها دائماً عدم الحسم النهائي، فالأطراف كلها قد تعود للصدام، أو تغدو المفاوضات بلا قيمة حقيقية، ولهذا فإن الجهود الأمريكية قد تكون ضائعة.
ولذلك كانت التهدئاتُ المتعددةُ في الساحة السياسية العراقية تدور في حلقة مفرغة وغدت مسألة عدم وجود حكومة منتخبة مسألة مثيرة للقلق شعبياً ومناطقياً وعالمياً، لكن وجود ساحة سياسية عراقية قلقة مضطربة مفيد للصقور في الحرس الإيراني، وربما يغدو حتى الاستيلاء على الحكم أو القيام بتدخلات عسكرية إيرانية واسعة في العراق احتمالين ممكنين مع حدوث الضربة التي سوف تغير خريطة الشرق الأوسط.
التهدئة الواسعة وحل المشكلات العنيفة في الدول المختلفة، وضرب الجماعات العنفية بسرعة وحسم عنيف، هي أجزاء من هذه الاستراتيجية.

وجاء إفتتاح مفاعل بوشهر وتعاون روسيا في ذلك والحديث عن هجوم إسرائيلي متوقع، ثم إعلان أمريكي بأن المفاعل سوف يحتاج إلى سنة من أجل أن يكون قادراً على التخصيب الواسع لليورانيوم المؤدي لإنتاج قنابل نووية، جزءاً من الحرب الإعلامية النفسية للطرف الإيراني والجمهور العام في المنطقة لتقبل الضربة.

ويبدو ان ثمة تقنيات عالية جداً سوف تُستخدم في هذه العملية الخطرة على السكان والحياة في المنطقة، لكن التغيير الأمريكي الواسع النطاق لمسرحِ الشرق الأوسط والجهود المحمومة لفرض السلام والاستقرار لا يصلان في الواقع إلى جذورِ المشكلات فهي مجردُ مسكناتٍ لمريضِ الشرق الأوسط الموزع بين العوز والاضطراب حتى تمر العملية الحربية.
 
أخبار الخليج 7 سبتمبر 2010
 

اقرأ المزيد

ســماد الطائفية!


أذكر تصريحاً صحفياً، منذ سنوات، منسوباً إلى الشيخ عادل المعاودة قال فيه إن 15% من أعضاء مجلس النواب طائفيون، وقد بدا لنا، يومها، أن هذا التصريح متفائل جداً. فإذا صح تقدير المعاودة هذا، فإن ذلك يعني أن هناك ما نسبته 85%، وهم بقية النواب غير طائفيين.
لكن المشكلة هي اننا لا نعرف ما هو المعيار الذي إليه استند أبوعبدالرحمن في هذا التحديد الذي قال بكامل الثقة وبطريقة توحي بدقة الحساب. ودون أن ندخل في جدل حول النسبة وحول المعيار الذي بموجبه حددت، بوسعنا القول انه حتى بافتراض أن هؤلاء لا يشكلون أكثر من 15% فإنهم نجحوا في إضفاء الطابع الطائفي على أداء البرلمان، ونقلوا الأمر خارجه، أي إلى المجتمع.

والشيخ المعاودة محق في ما يذهب إليه من أن الطائفية لم تنشأ بسبب البرلمان، فهي سابقة له، وهي ذات جذور ضاربة في مرافق ومناحي شتى في الدولة وفي المجتمع، لكن البرلمان، بطريقة الأداء الموتور للكثير من أعضائه، ساهم في تغذية تربتها بالمزيد من السماد المشبع بسمومها. وها هم النواب ينقلون هذه الأجواء إلى حملاتهم الانتخابية المبكرة فيزيدون الأوضاع تسمماً. بحيث إننا نطالع برامج ووعوداً انتخابية لا تخاطب سوى الغرائز الطائفية البغيضة، ولا تغلب الهم الوطني المشترك الذي يجمع أفراد هذا الوطن في قارب واحد، إن غرق فسيغرق جميع من هم فيه، لا فرق في ذلك بين من يتحدر لهذا المذهب أو ذاك.

على كل حال، من الإجحاف أن نحمل مجلس النواب أو بعض أعضائه مسؤولية كل المثالب والبلاوي في هذا البلد، ودون أن نعفيهم من حصتهم من هذه المسؤولية، علينا القول إن استشراء الغلواء الطائفية بات أمراً مقلقاً ويحتاج إلى مبادرات حقيقية، على الصعيد المجتمعي العام للتغلب عليه أو الحد منه على أقل تقدير، خاصة وان التأثيرات الآتية إلينا من المحيط الإقليمي المجاور تساهم في إشعال الأوار الطائفي بطريقة تبدد ما تكرس من تقاليد التسامح والعيش المشترك لأبناء الفئات المختلفة.

ويتعرض مناخ التسامح هذا لمخاطر التقويض جراء التجييشات الطائفية من هنا ومن هناك، حيث تزداد غلبة الطابع الفئوي والطائفي على الكثير من المناشط، ويتمترس أبناء كل طائفة خلف زعاماتهم وشعاراتهم الفئوية، ويبهت دور الزعامات الوطنية المعبرة عن الوجدان الوطني المشترك لشعبنا لصالح قيادات ميدانية ذات نفس طائفي، لا تستطيع أن ترى ما هو أبعد من حدود الحي الذي تنتمي إليه.

الغائب الأكبر عن لعب دوره المناط به في هذا الظرف الدقيق هو التيار الديمقراطي الذي مازالت جهوده مشتتة، متنازلاً عن دوره المستقل في توجيه الحركة الشعبية بشعارات وطنية عامة ذات طابع ديمقراطي وتقدمي، فلم تعد الناس تفرق كثيراً بين أداء القوى الديمقراطية وأداء القوى الأخرى، لأن القوى الديمقراطية لا تطرح نفسها على صعيد الممارسة بصفتها بديلاً وصاحبة رؤية وبرنامج مختلفين.

وفي الظرف الدقيق الذي تجتازه البلد اليوم، سياسياً وأمنيا، حيث تبرز الحاجة لدور جامع يذكر البحرينيين بما يوحدهم، ويضع حداً للفزعات الطائفية بكافة تلاوينها، فان الأبصار تتوجه نحو هذه القوى بالذات لتكون في مستوى هذا التحدي.
 

اقرأ المزيد