المنشور

التقاعد ليس قضية إجرائية #ارفعوا_أيديكم_عن_التأمينات

تقدمت الحكومة إلى مجلس النواب بمشروع تعديلات على قانون التقاعد والتأمينات الاجتماعية، تنص صراحة، ودون مواربة، على أن تتخلى السلطة التشريعية عن رقابتها على أداء صندوق التقاعد والتأمينات، بأن يعهد لمجلس إدارة الصندوق، غير المشهود له أصلاً لا بالكفاءة ولا بالنزاهة، حرية وضع ضوابط وقواعد عمل الصندوق بما فيها تحديد نسبة الاشتراك وسن التقاعد وإعادة النظر في المزايا التي بمنحها القانون المعمول به للمشتركين في الصندوق ممن تقاعدوا ومن سيتقاعدون في المستقبل.

تشكّل في البحرين رأي عام موحد برفض هذه التعديلات، حيث اتفقت كافة شرائح المجتمع البحريني من مختلف المشارب على هذا الموقف، مما حمل مجلس النواب على التصويت بالإجماع برفض التعيلات المقدمة من الحكومة.

في مجلس الشورى سمعنا بعض الأصوات المتحفظة والممتنعة عن تأييد التعديلات، لكننا سمعنا أيضأً أصواتاً سمجة، لم تكتف فقط بتزيين وتسويق التعديلات المقترحة من الحكومة، وإنما أيضاً أساءت لمئات الآلاف من أبناء وبنات الشعب، الذين توحدوا في الموقف ضد هذه التعديلات لأنها تمس حقاً أصيلاً لهم، وتنال من المدخرات التي أنفقوا وينفقون العمر من أجل أن تتحول إلى مرتب تقاعدي لهم بعد مغادرتهم الوظيفة، وفي النهاية صوّت مجلس الشورى بغالبية أعضاءه بالموافقة على التعديلات

عاشت البلد بعدها حلاً من الترقب والجدل، حول مصير هذه التعديلات، خاصة بعد أن طلعت هيئة رئاسة مجلس النواب ب”تخريجة” الطلب من جلالة الملك إحالة مشروع التعديلات للمحكمة الدستورية، وهي “تخريجة” أغفلت أن مشكلتنا مع هذه التعديلات ليست في كونها تنطوي على شبهة دستورية، وإنما في كونها “تُشرّعن” السطو على مدخرات المؤمنين في الصندوق، مشكلتنا ليست إجرائية أو دستورية، وإنما هي مشكلة تطال حقوق الناس وأموالهم، وبالتالي فإن تقزيمها بهذه الطريقة وتصويرها على أنها محض إجرائية، ما هو إلا تمهيد لتمرير مارفض شعبياً وبرلمانياً بطرق ملتوية.

في غمرة ذلك، تلقى المواطنون والفعاليات المجتمعية والسياسية بترحاب توجيهات جلالة الملك بالتريث في البت بالتعديلات المقترحة، وإعطاءها فرصة للنقاش والحوار، كي لا تسلق سلقاً، وقد تشكلت لجنة مشتركة ضمت ممثلين عن مجلسي النواب والشوري والحكومة للنظر فيها، وبلورة رأي حولها، لكن المؤمل ألا تكون قرارت هذه اللجنة التي يغيب عنها ممثلو النقابات والمجتمع المدني، نهائية، وأن يخضع ما ستتوصل إليه، بدوره، للنقاش المجتمعي، قبل أن تحال إلى المجلس القادم.

إفتتاحية نشرة التقدمي لشهر يوليو 2018.