المنشور

اقتصاد وسياسة (Don’t Mix) #ارفعوا_أيديكم_عن_التأمينات

نستوحي هذا العنوان من خطاب الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي الذي ألقاه لدى لقاءه الجالية المصرية في جمهورية ألمانيا، حينها قال “جاز آند آلكهول دونت ميكس” بلغة انجليزية عامية أثارت حوله جولة من السخرية.

هذا الحادثة تستوحى من الواقع المزري الذي نعيشه في البحرين منذ فبراير 2011، هذا الواقع الذي أجهز على مكتسبات 10 سنوات من الانفتاح السياسي النسبي الذي طهرت على أثره السجون، وفتح المجال لكافة المنفيين السياسيين للعودة إلى أوطانهم، كما صيغ على أثر ذلك العهد البرلمان، وانتعش المجتمع المدني والسياسي، وأطلقت الحرية للصحف. لكن ردة الفعل على أحداث فبراير – مارس 2011 تشي بأن هذا العهد كان على علاته غصة للدولة العميقة التي تلقفت الفرصة للانتقام من “مرحلة” قصيرة من الانفتاح النسبي، فكان ما كان من تقييد لحريات المجتمع المدني، وحل الجمعيات السياسية والصحف، وتقييد حق حرية التعبير والتظاهر بحجج واهية على شاكلة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

كل هذه المظاهر كانت “مبلوعة” من الشعب البحريني الذي خبر الأزمات السياسية التي تتبع فترة وجيزة من الانفتاح السياسي كما حصل بعد استقلال البحرين عام 1971ثم تأسيس البرلمان في العام 1973 الذي سرعان ما حل في العام 1975. تلك الفترة وان شهدت إطلاق قانون أمن الدولة سيء الصيت إلا انها تزامنت مع طفرة الأسعار النفطية التي تلت حرب أكتوبر 1973، مما ساهم في تليين الأزمة السياسية عبر مشاريع ضخمة لتطوير البنية التحتية وبناء المدن الجديدة وتحسين متوسط الرواتب، وخلق فرص عمل جديدة، وكل تلك المبادرات التي امتصت من خلالها الدولة تداعيات الأزمة السياسية وحصرتها في النخب.

أما ما نعيشه اليوم فهو حرفياً “سياسة واقتصاد دونت ميكس” فالمواطن الذي صبر على الأزمة السياسية يجابه بتغول الرأسمالية المتوحشة دون هوادة على كل حقوقه ومكتسباته المعيشية بدءً من رفع الدعم عن السلع والمحروقات، ثم تمرير قانون الضمان الصحي الذي يثير هواجساً حول مستقبل الرعاية الصحية، ووصولاً إلى الكارثة الكبرى والتي تسعى للنيل من حقوق المواطنين في مستحقاتهم التقاعدية، هذه الحقوق التي يجمعها المواطن لسنوات من لحمه ودمه مهددة بالتبدد على يد سياسات متهورة تسعى لمعالجة أخطاء سنوات من الفسادين المالي والإداري من جيوب المواطن.

البحرينيون الثكالى صابرون على كل ما نالهم من أزمات سياسية، لكنهم اليوم جاهزون لمعركة حياة أو موت من أجل حقهم في العيش، فابعدو أيديكم عما تبقى من حقوقنا.

نشرة التقدمي لشهر يوليو 2018.