المنشور

حقوق المفصولين من العمال

بالأمس القريب تم القبض على اثنين من كبار المسؤولين بشركة ألبا،‮ ‬وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن أبعاد اخطبوط فسادهم الممتد حتى اواسط اوروبا ومع كبرى المؤسسات المالية‮.. ‬واليوم تكشف لنا‮ “‬ممتلكات البحرين القابضة‮” ‬عن جريمة مالية اخرى والمتورط بها احد كبار المسؤولين،‮ ‬وهذه الجريمة اهدرت واضاعت من المال‮ ‬العام ما قيمته مليار من الدولارات ليصب في‮ ‬جيوب حفنة فاسدة ومرتشية قد باعت مع الدولارات ضميرها الإنساني‮ ‬وحسها الوطني،‮ ‬فكانت عملاقة في‮ ‬فسادها لدى شركة‮ “‬الكوا” ‬الامريكية‮.‬ اننا نفتخر اليوم بان كشف هذا الفساد ومحاسبة العابثين والمستهترين بثروات الوطن لهو من معطيات عهد الاصلاح ونهج المسار الديمقراطي‮ ‬الذي‮ ‬نطالب بتعزيزه وترسيخه واتساع رقعته وشفافيته حتى‮ ‬يكنس ويجتث اوكار الفساد ليس المالي‮ ‬وحسب بل الاداري‮ ‬والاخلاقي‮.. ‬ولا شك ان الفساد الاداري‮ ‬وانعدام القيم لهو امر‮ ‬غير منظور واكثر سترا وتمويها،‮ ‬وفي‮ ‬ذات الوقت هو الحاضن الاساسي‮ ‬والبذرة الاولى للفساد المالي‮ ‬ودهاليز السرقات والتلاعب بالمال العام‮.. ‬فالتلاعب باسعار ‮٠٥ ‬الف طن متري‮ ‬عملية تكشف‮ ‬غياب الرقابة الذاتية وهشاشة العلاقة بين الجهاز الاداري‮ ‬والتنفيذي،‮ ‬وبيت القصيد ان بعض القائمين عليها وبعض المديرين لدفتها ان لم‮ ‬يتمتعوا باخلاقيات المهنة وامانتها وقيمها فانهم لا شك‮ ‬يستنشقون ويتغذون على الفساد الاداري‮ ‬الوظيفي‮ ‬وهو بوابة الفساد المالي‮ ‬ومدعاته‮.‬ وكم عانت نقابة عمال ألبا من تعنت تلك الادارة مع المطالب العمالية البسيطة والمقدور على حلها وحسمها،‮ ‬مطالب حقوقية وشرعية‮ ‬يتم تأزيمها ومحاولات حرقها وطمسها والالتفاف عليها وهذا ما حصل ايضا مع لجنة التفاوض عن قدامى العمال المفصولين من جيل السبعينات والثمانينات والذين تقدموا بطلب تعويضهم او اعادتهم لاعمالهم طبقا للمكرمة الملكية والقرار الوزاري‮ ‬لمجلس الوزراء بهذا الصدد واسوة ببقية اخوانهم العمال ممن تم تعويضهم سواء بشركة ألبا او بالشركات الاخرى مثل بابكو وبتلكو،‮ ‬ان لجنة التفاوض عن اولئك العمال المفصولين لاقت الويل ورأت ظلام الليل من الادارة التنفيذية بالرغم من ان هذه اللجنة قد جاءت بكل الوثائق المطلوبة وتقدمت بنماذج التعويض المماثلة من شركتي‮ “‬بابكو وبتلكو‮” ‬الخاصة بالتعويض والتي‮ ‬اكدت من خلالها ان شركة ألبا تقف بالاتجاه المعاكس لاحترام الحقوق واليات التعويض المعتمدة‮. ‬ولنا ان نتصور ان قضية قدامى العمال المفصولين مضى عليها اكثر من سنتين وهي‮ ‬لا زالت تراوح مكانها وتعاني‮ ‬من عوائق تلك الادارة المأزومة‮.‬ ‮ ‬وبالرغم من مرونة لجنة التفاوض عن العمال المفصولين وقبولها بالحدود الدنيا من التعويض وبالشروط العديدة التي‮ ‬فرضتها الادارة،‮ ‬فلا زالت القضية عالقة في‮ ‬ادراج المسؤولين بسبب آلية عروض الشركة في‮ ‬التعويض والتي‮ ‬لم‮ ‬يكن بمقدور لجنة التفاوض القبول بها ولا‮ ‬يمكن ان تتفق مع العقل والمنطق خصوصا وان تلك العروض كانت هابطة وتستبعد ‮٧١ ‬معوضاً‮ ‬من قائمة المفصولين ودون مبرر او اثبات،‮ ‬والاغرب من ذلك انها تعتمد بعض الاسماء تارة وتستبعدها تارة اخرى بشكل عشوائي‮ ‬ودون قرائن ولتطالب لجنة التفاوض من جديد بالتباحث حول تلك القائمة والعودة للمربع رقم صفر‮!!‬ علاوة على ذلك عروض التعويض وآليتها لم تتفق قطعيا مع عروض التعويض الدارجة والمتعارف عليها،‮ ‬فعلى سبيل المثال شركتي‮ “‬بابكو وبتلكو” ‬تم تعويض عمالهم المفصولين بواقع ‮٠٢ ‬الفاً‮ ‬و ‮٧١ ‬الفاً‮ ‬كحد ادنى،‮ ‬اما بشركة البا فقد تم عرض الحد الادنى في‮ ‬التعويض بواقع ‮٠٠٠٢ ‬دينار فقط بحجة الاستناد لسجل فترات الانقطاع بالتأمينات الاجتماعية ونحن نتساءل لماذا لم‮ ‬يندرج وينطبق ذلك على مفصولي‮ ‬شركتي‮ “‬بابكو وبتلكو” ‬او على من سبق تعويضهم بشركة ألبا ذاتها؟ وهل عندما طالبت لجنة التفاوض عن العمال المفصولين بان‮ ‬يكون حال اولئك العمال المفصولين كحال اخوتهم من بقية العمال قد طلبت المستحيل وهل تعادل مطالبهم ما تم سرقته من المال العام؟‮!!‬ ان ادارة القضية بالتأزيم قد حرق حقوق اولئك العمال وطمس قضيتهم وبل استشرت عندما بعثت برسالة للجنة التفاوض بتاريخ ‮٦ ‬فبراير ‮٨٠٠٢‬م فحواها تهديد العمال المطالبين بحقهم في‮ ‬المكرمة الملكية والمشمولين بها‮.‬ ‮ ‬وحقهم في‮ ‬التعويض حيث افادت بتلك الرسالة ان عرضها في‮ ‬التعويض الاخير ساري‮ ‬المفعول حتى اوائل مارس وباسلوب فوقي‮ ‬ولكأن القضية في‮ ‬مزاد تجاري‮..!! وليس ضمن اطار المكرمة الملكية والمصالحة المجتمعية والوطنية التي‮ ‬جاءت لتعيد للعمال المفصولين ظلما حقهم وترد لهم اعتبارهم وتطوي‮صفحة الماضي‮ ‬الذي‮ ‬تحاول الادارة التنفيذية احياءه والتمسك به وعدم التخلي‮ ‬عنه،‮ ‬ولكأنها تريد ان تنزل العقاب من جديد بحق اولئك العمال المفصولين لا لذنب الا لانهم كانوا اوفياء لوطنهم وشعبهم ولحقوقهم والشركة تعلم قبل‮ ‬غيرها وبلا شك بانهم ليسوا ممن تلاعب بالمال العام واهدره وليسوا ممن زرع اوكار الفساد المالي‮ ‬والاداري‮. ‬بل كانوا ضحايا له،‮ ‬فلا‮ ‬يوجد من بينهم من فصل وهو متلبس بجريمة السرقة او الفساد وساحتهم طاهرة مليئة بشرف التضحية والوفاء،‮ ‬فبأي‮ ‬ذنب تأخذهم ادارة الشركة وعلى اي‮ ‬جريمة تعاقبهم وتكرر عقابهم عبر الزمن في‮ ‬مسألة تعويضهم،‮ ‬وكيف جعلت حقهم في‮ ‬التعويض مربوطا بأجل‮ ‬غير مسمى؟‮!‬

صحيفة الايام
21 مارس 2008

اقرأ المزيد

الوطن ليس مزاداً‮ ‬ولا مناقصة‮.. !‬

مهما جاءت ثمار نتائج أي‮ ‬جهود للتهدئة،‮ ‬أو أي‮ ‬صيغة توافقية لأزمة الاستجواب الراهنة التي‮ ‬مسكت بتلاليب مجلس النواب،‮ ‬والتي‮ ‬اتضح أمس الأول بأنها عادت مرة أخرى إلى المربع الأول،‮ ‬فإنه‮ ‬يجب أن لا نجيز لأنفسنا الغفلة عن تداعيات هذا الذي‮ ‬حدث،‮ ‬لأننا إن فعلنا ذلك فإننا نكون قد اخطأنا خطأ فادحاً‮.‬ أحسب أن أخطر التداعيات التي‮ ‬أفرزها هذا الذي‮ ‬جرى في‮ ‬مناخ نفترض أنه ديمقراطي‮ ‬وإصلاحي،‮ ‬هو هذا الشرخ المتمثل في‮ ‬الجو المشحون بكل بواعث القلق الذي‮ ‬يبدو أنه لن‮ ‬ينتهي،‮ ‬فقد لاحظنا أن الأمر ظهر كما لو أنه ارهاصات انقسام طائفي،‮ ‬حيث تحول المشهد إلى اولمبياد أظهرت فيه الكتل النيابية ما عندها من عضلات طائفية وسياسية وشخصية ومصلحية ونفعية في‮ ‬معارك خائبة ومفتعلة وغير منضبطة مهما تلفع أصحابها برداء الحكمة،‮ ‬وتبنوا عناوين وشعارات تدعو الى تغليب مصلحة الوطن ووحدة أبنائه،‮ ‬وإنجاح التجربة الديمقراطية التي‮ ‬باتوا‮ ‬يتلاعبون بها حسب مشيئتهم واهوائهم‮.‬ لقد بدا أن بعض النواب أصبحوا مستحقين بجدارة لميداليات ذهبية وفضية وبرونزية لأدوارهم وبطولاتهم في‮ ‬التصعيد والتأجيج والتأزيم والجنوح إلى المنزلق الطائفي،‮ ‬وربما تكفي‮ ‬المعاينة اليومية لتصريحات ومواقف هؤلاء النواب لنكتشف إلى أي‮ ‬مدى أضفي‮ ‬البعد الطائفي‮ ‬على نزاع سياسي‮ ‬بشكل‮ ‬يتعذر إنكاره،‮ ‬وهو أمر لا‮ ‬يتصل فقط بموضوع الاستجواب إياه فحسب،‮ ‬وإنما في‮ ‬مواقف أخرى سابقة ضٌخمت فيها القضايا الصغيرة لتصبح قضايا كبيرة تثير قدرا كبيرا من الالتباس،‮ ‬بل افتعلت مشاكل من لا شيء ليصبح واقعنا مخرق النسيج حينما اراد البعض أن‮ ‬ينتج شعوراً‮ ‬طائفياً‮ ‬وطموحاً‮ ‬طائفياً‮ ‬وولاءً‮ ‬طائفياً‮ ‬يتقدم ويطغى على أي‮ ‬ولاء آخر‮. ‬وامتد الشرخ القائم بفعل أيادٍ‮ ‬خفية إلى الشأن البلدي،‮ ‬حيث‮ ‬يمكن الاشارة كمثال فيما‮ ‬يمكن اختزاله تخفيـــفاً‮ “‬مشروع النويدرات الإسكاني‮” ‬حينما افتعلت اعتراضات ومنازعات وتدخلات حول أحقية أهالي‮ ‬عدد من القرى ومشروعية مطالبهم في‮ ‬توزيع الأراضي‮ ‬والمساكن،‮ ‬بعد أن تدخلت أطراف من نواب وبلديين ليشككوا في‮ ‬هذه الأحقية وطعنوا في‮ ‬مشروعية المطالب وسط كثير من الصخب والزعيق والتصعيد المبرمج لتجاذبات باتت تطرق من دون وجل،‮ ‬أثارت‮ ‬غباراً‮  ‬كثيفاً‮ ‬ذا لون طائفي‮ .‬ ووسط هذه الأجواء بدأنا نقتنع بأن بلادنا كان‮ ‬يمكن أن تكون في‮ ‬أوفر عافية لو لجم أصحاب السعادة النواب،‮ ‬ومعهم كثير من أعضاء المجالس البلدية أنفسهم حتى لا ننساق إلى المزيد مما أصبح واقعنا‮ ‬يعج به من مجهولات تدفع إلى اسوأ الاحتمالات والتي‮ ‬ربما باكورتها واطلالتها الدعوة التي‮ ‬طرحت لحل مجلس النواب‮.‬ ‮ ‬وإن كان البعض قد استنكر هذه الدعوة واعتبرها دعوة‮ ‬غير مدروسة ولا تصب في‮ ‬صالح المشروع الإصلاحي،‮ ‬وسط تأكيدات بأن الخلاف على الاستجواب سيبقى سياسياً‮ ‬ولن‮ ‬ينفلت من عقاله لينتقل إلى المنزلق الطائفي‮ ‬الذي‮ ‬برأي‮ ‬رئيس كتلة الوفاق سيبقى خطاً‮ ‬أحمر لا تتقدم عليه مصلحة أو استجواب‮ .‬ ما‮ ‬يهمنا أن هذا الذي‮ ‬يقال همساً‮ ‬وتردداً‮ ‬يضع اليد على القلب،‮ ‬والذي‮ ‬يقال أن ثمة أصابع تلعب وتحرك وتوجه وتؤجج وتؤزم،‮ ‬أو هكذا‮ ‬يبدو الأمر في‮ ‬أفضل الأحوال،‮ ‬ودعونا نعتبر هذا في‮ ‬اطار الظن‮ – ‬رغم أن بعض الظن إثم‮ – ‬وننطلق من قناعة بأن الوطن ليس مزاداً‮ ‬ولا مناقصة ولن‮ ‬يكون،‮ ‬ولهذا فمعيار الحكم على الممارسات الرديئة للنواب ولأطراف وقوى اللعبة السياسية‮ ‬يجب أن تتوقف فوراً‮.‬ ‮ ‬ولا‮ ‬يجب على الحكومة أن تبقى في‮ ‬دور المتفرج وكأن الأمر لا‮ ‬يعنيها،‮ ‬ولا‮ ‬يجب أن تجعل من الاختلاف على استجواب وزير أياً‮ ‬كان هذا الوزير عرضة لتجاذبات كتلك التي‮ ‬نشهدها اليوم في‮ ‬موقف‮ ‬يثير كثيراً‮ ‬من علامات التعجب حيال هذا الصمت المطبق مما‮ ‬يجري‮ ‬ويجري‮ ‬وأيضاً‮ ‬حيال حقيقة نوايا التعامل مع الاستجواب الذي‮ ‬هو أرقى أداة رقابية في‮ ‬يد البرلمان لا‮ ‬يجب تعطيلها أو تمييعها تحت أي‮ ‬ذريعة كانت‮ .‬ ما نريد أن نشدد عليه أن مسؤولية النواب،‮ ‬كل النواب،‮ ‬وكل الكتل،‮ ‬والقوى السياسية،‮ ‬والحكومة ستكون على المحك تجاه التجربة الديمقراطية الوليدة‮ ‬،‮ ‬فإذا انتهى الحال الى‮ “‬لا مسؤول ولا مسؤولية‮”..‬ ‬سيبقى الهم والهاجس والسؤال هل ارادة التوجه نحو الديمقراطية متوفرة أم لا؟؟؟

صحيفة الايام
21 مارس 2008

اقرأ المزيد

الجمعيات تبحث ترتيبات الحوار الوطني… والانعقاد في 29 الجاري


 
الجمعيات تبحث ترتيبات الحوار الوطني… والانعقاد في 29 الجاري
 
 

بحث الاجتماع الموسّع للجمعيات السياسية الترتيبات النهائية المعنية بتنظيم مؤتمر الحوار الوطني الثاني، والذي استضافته جمعية المنبر الديمقراطي التقدّمي مساء الأربعاء الماضي.

وتم خلال الاجتماع تدارس الجوانب التنظيمية للمؤتمر الذي سيعقد في 29 مارس /آذارالجاري. والذي ستشارك فيه مختلف أطياف وقوى المجتمع المدني بالإضافة إلى ممثلين عن السلطتين التشريعية والتنفيذية .

واستعرض رئيس اللجنة العليا التنسيقية للمؤتمر علي البقارة مع منسقي اللجنتين التنظيمية والإعلامية المتابعات التي جرت في شأن الإعداد والتحضير للمؤتمر ودور الجمعيات وإسهاماتها في مختلف الجوانب كافة .

ومن جهة أخرى اجتمعت اللجنتان التنظيمية والإعلامية على هامش الاجتماع المذكور، مع ممثل معهد التنمية السياسية خالد العوضي وتم مناقشة جميع الترتيبات والالتزامات المتصلة بالمؤتمر لكون المعهد الداعم للمؤتمر، حيث قدم دعماً مالياً قدره 20 ألف دينار، وأثنى رئيس اللجنة التنسيقية العليا على هذا الدعم، وشدد على أهمية المؤتمر، وقال: إن جميع الجمعيات السياسية البالغ عددها 13 جمعية مدركة لهذه الأهمية خصوصاً أنّ مشاركة جميع الأطياف من قوى المجتمع المدني التي تشكل النسيج الوطني ستكون حاضرة في هذا المؤتمر من جمعيات سياسية ومهنية، وبرلمان، وحكومة، ونقابات، وصحافة، واتحادات، وشخصيات وطنية، كلها دعيت للمؤتمر الذي سيناقش محاور مهمّة هي على النحو الآتي : المجتمع المدني والوحدة الوطنية، الإعلام والوحدة الوطنية، القوانين والتشريعات ضد الطائفية والتمييز، الطائفية والمواطنة.

وأشار البقارة إلى أن عددا من الجمعيات وغيرها من الأطراف ستقدم أوراق عمل للمؤتمر الذي ستبثق عنه أربع ورش عمل وستبحث في العديد من القضايا والموضوعات المهمّة .

وقال إنّ المخزون والمشترك بين أبناء الوطن لا حصرَ له، واستدعاء هذا المشترك واستثماره بالشكل الأمثل هو المطلب الملح الذي ينبغي ألا يتقدّمه أي شيء آخر، وهو الوقوف ضد كلّ أشكال التفرقة وإثارة النعرات الطائفية وطأفنة كلّ قضايا الوطن ، والتي تمثل في مجموعها الهدف الأساسي من وراء عقد هذا المؤتمر .
 
الوسط  16 مارس 2008
 
 


 
بدء التحضيرات النهائية لمؤتمر الحوار الوطني
 
 

 بدأ العد التنازلي لمؤتمر الحوار الوطني الثاني الذي سيعقد في التاسع والعشرين من الشهر الجاري إذ استضافت جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي مساء يوم الأربعاء الماضي اجتماعاً موسعاً للجمعيات السياسية المعنية بتنظيم المؤتمر من أجل بحث الترتيبات النهائية للمؤتمر الذي ستشارك فيه مختلف أطياف وقوى المجتمع المدني، إضافة إلى ممثلين عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
واستعرض رئيس اللجنة العليا التنسيقية للمؤتمر علي البقارة مع منسقي اللجنتين التنظيمية والإعلامية المتابعات التي جرت في شأن الإعداد والتحضير للمؤتمر ودور الجمعيات وإسهاماتها في مختلف الجوانب التنظيمية.
من جهة أخرى اجتمعت اللجنتان التنظيمية والإعلامية مع ممثل معهد التنميــة السياســية خالد العوضي، إذ جرى بحث كافــة الترتيبــات والالتزامات المتصلة بالمؤتمر في ظل دعم المعهد للمؤتمر بمبلغ 20 ألف دينار ‘وهو الأمر الذي كان محل ثناء من رئيــس اللجنة التنسيقية العليا.
وشدد البقارة على ‘أهمية المؤتمر’، مؤكدا أن ‘جميع الجمعيات السياسية البالغ عددها 13 جمعية مدركة لهذه الأهمية لجمعه معظم النسيج الوطني من جمعيات سياسية ومهنية، وبرلمان، وحكومة، ونقابات، وصحافة، واتحادات، وشخصيات وطنية’.
وأوضح أن ‘المؤتمر سيستعرض عدد من القضايا ذات الطابع الأولوية كالمجتمع المدني والوحدة الوطنية، الإعلام والوحدة الوطنية، القوانين والتشريعات ضد الطائفية والتمييز، الطائفية والمواطنة’.
وأشار إلى أن ‘العديد من الجمعيات وغيرها من الأطراف ستقدم أوراق عمل للمؤتمر الذي ستنبثق عنه أربع ورش عمل ستبحث في القضايا والموضوعات المهمة’.
وقال إن ‘القضايا والأرضية المشتركــة بين أبناء الوطن لا حصر لها، واستدعــاء هذه الأرضــية واستثمارها بالشكل الأمثل هو المطلب المُلِحُ الذي ينبغي ألا يتقدمه أي شيء آخر، وهو الوقوف ضد كل أشكال التفرقة وإثارة النعــرات الطائفيــة وطأفــنة قضايــا الوطن، والتي تمثل في مجموعهــا الهــدف الأساســي من وراء عقد هذا المؤتمر’.
الوقت 16 مارس 2008

اقرأ المزيد

مؤتمر الحوار الوطني


هذا المؤتمر المزمع عقده قريباً تحرص لجنته التنسيقية على مشاركة جميع الجمعيات السياسية والأهلية والمهنية فيه، وتتطلع جادة إلى حضور ومشاركة الجانب الحكومي حتى تكتمل حلقات المؤتمر. في تقديرنا، إن المؤتمر يأتي في ظروف تجاذبات طائفية بالغة الخطورة، وبالغة الأسف، من حيث انعكاساتها وتداعياتها في المشهد العام.. وإذا ما تركت الأمور وحالة التجاذب الطائفي البغيض والمخيف هكذا لتتصاعد على نحو تفتيتي وتمزيقي رهيب، فإننا سنواجه كارثة حقيقية وكبيرة لا يعلم مداها إلا الله. فالله الله في وطنكم وفي وحدتكم الوطنية وفي نسيجكم الاجتماعي يا من تشعلون نار الفتنة الطائفية، ويا من تغذونها مستغلين الأجواء والمناخات، ومستثمرين استسلام البعض لهذا الطوفان الطائفي، واللعب على أوتاره، والرقص على دماره لمصالح مؤقتة وآنية ستكون نتائجها وبالاً على وطنكم وبلادكم وشعبكم ما لم تنتبهوا، وما لم تعودوا وتكفوا عن الوسيلة الأخطر التي تستغلونها للوصول إلى مكاسبكم الفئوية والذاتية الضيقة. بصراحة، البحرين بتكوينها الاجتماعي والديمغرافي لا تتحمل اللعب بنار الفتنة الطائفية بهذا الأسلوب، وبهذه الطريقة التي لم نشهد في بشاعتها مثيلاً من حيث لغتها ومن حيث خطابها ومن حيث كلماتها، رغم أن كل القضايا والمشاكل والأزمات العالقة كانت موجودة وكانت بمستوى أعظم، إلا أن القوى الوطنية والمثقفين والمفكرين والكتاب والسياسيين – يومها – لم يلعبوا بنار الفتنة الطائفية، بل تصدوا لها بحسم وبقوة وبمبدأ ثابت وواضح هو أن الانزلاق إليها بداية النهاية.. فكيف تسمحون اليوم لأنفسكم بإثارتها بهذا الشكل الخطير والمخيف، ومن دون إحساس حقيقي بالأمانة وبالواجب الوطني. من هذا المنطلق، ننظر إلى المؤتمر الوطني المقبل في توقيت مهم، باعتباره الفرصة الوطنية الحقيقية لطرح القضية الأخطر »الظاهرة الطائفية« وتداولها بكل صراحة وتجرد، لا للبحث عن مبررات لها، ولا للبحث عن شماعة نعلق عليها كنوع من التبرير والتسويغ والتمرير.. ولكن لمواجهتها بكل حسم ومن دون أن نعطي للمبررات المعروفة أي فرصة تتنفس وتنفث الطائفية من خلالها سمومها بيننا.. ولندرك جميعاً أن الطائفية البغيضة المتجلية في كل شيء والمحاصرة لكل شيء ليست بأسباب مباشرة من الأزمات والقضايا والملفات العالقة والشائكة التي حولها البعض هنا والبعض هناك إلى أوراق طائفية، في لعبة الطأفنة الخطيرة، وبدلاً من أن تكون هذه الأزمات والقضايا والمشاكل العالقة الشاخصة عاملاً من عوامل تعزيز الوحدة الوطنية على أرضية الهموم المشتركة، كما كانت في المراحل الوطنية السابقة، نرى البعض هنا والبعض هناك ممن يتصدرون قيادة المشهد العام وقد حولوها واستغلوها في خطابات طائفية بغيضة فعلت فعلها الخطير في الوجدان العام، وفرزت المشهد على أساس طائفي ومذهبي مغرق ومستغرق في عصبيته.. فمتى كنا وكانت البحرين هكذا؟! نفهم تماماً وتفهمون معنا أن الطارئين على السياسة والطارئين على المشهد قد لعبوا لعبتهم الطائفية التي أتاحتها لهم ظروف ومناخات، ولكننا اليوم جميعاً متفقون تماماً على أن الطأفنة اخترقت واقعنا العام على خلفية ما قادنا اليه الطارئون، ووضعتنا أمام طريق مخيف مجهول، وقد آن الأوان حقيقة وواقعاً لأن يتحمل كل فرد وليس كل جماعة وجمعية فقط مسؤوليته الوطنية وأمانته، فيعلنها حرباً لا هوادة فيها ولا تراجع عنها ضد الطائفية وضد الطأفنة البغيضة.. نحتاج الى ثقافة الوحدة الوطنية، وحدة المسير والمصير القادرة على أن تجعل من الأزمات ومن المشاكل رافعة ودافعة للوحدة الوطنية، لا أن تكون كما هو حاصل سكيناً طائفية تتمزق على أنصالها المذهبية والعصبوية المطأفنة وحدتنا الوطنية.. استذكروا تاريخكم الوطني في المؤتمر الوطني المقبل، وتصدوا بحسم لكل ما هو طائفي بغيض قبل فوات الفوت.. فطوفان الطائفية لن يرحم أحداً
 
الأيام 20 مارس 2008

اقرأ المزيد

شيء من الذاكرة «3-3»

فجأة، أصبح صغار الحي ‘مقاومين للمستعمر المحتل’، وسلاحهم الفعّال كان آنذاك ‘فلاتياتهم’، وخام هذا السلاح لصناعته واستخداماته المتعددة فيما بعد متوافرة في منطقتنا بكثرة (أشجار ‘لكنار ولصبار’، وجلود ‘اتيوب’ السيارات أو الدراجات الهوائية، وخيوط الخياطة لتبيت الجلد في غصنين متقابلين على شكل 7 بالعربي)، أما قذائفنا؛ فهي أحجار ‘الكنكريت’ الصغيرة نلتقطها بسرعة خاطفة من أية زاوية نقف عليها، لكن الأكثر ذخيرة تأثيراً كانت ‘التيلة’ و’الصجمة’، حيث يستخدمها القناصة الماهرين، أمثال: (حسين الحايكي، عزيز برني، أحمد تقي الصباح، وعبد الخالق الصباح) وآخرين يشهد لهم أهالي الحيّ دقة تصويبهم وقناصتهم للفريسة المستهدفة عن بعد، سواء كانت عصفوراً أو بلبولاً أو بشراً من جنس ‘الشرطة السرية’ التي تداهم بيوت الطين. كان الصبية يركزون على هؤلاء الأخيرين في مراكزهم الحساسة من الجسم، حيث يستهدفون كل مكونات رأس الإنسان الذي من وجهة نظرهم ‘مرتزق’، وإن كان مواطناً بحرينياً، لأنه يخدم ‘الاحتلال’؛ وهنا تبقى ‘عيون وآذان وخشوم وروس الشرطة المكشوفة’ أهداف أساسية للتصويب عليه من مسافة بعيدة تقاس بعشرات المترات. يتجمع الصبية في المسجد الكبير، المقابل لجسر المحرق، الذي كان يومها كحال فقراء الحي، ‘خربة’ تتكون من أعمدة عتيقة آيلة للسقوط، أو ساقطة بالفعل على الأرض، وبينها أحجار ‘افروش’ [1] رقيقة متلاصقة بين عمود وآخر، ونسمي العمود ‘اسطوانة’ يتوزع الأطفال للاختفاء وراءها بانتظار التعليمات من قائد المفرزة ‘الجنرال حسين الحايكي، أو عزيز برني اللذين يضعان ‘الخطط العسكرية’، فيحددون لنا الأهداف وساعة الصفر لإطلاق ‘القذائف الصاروخية’. في البدء يندبون مستطلع يرصد الشارع من ‘الدردور’ [2] الأول على جسر المحرق، ويمر بالساحل على جانبي الجسر لتقضي أجياب الشرطة، والشرطة المترجلة والانجليز، وتقوم ‘الاستخبارات العسكرية للمقاومة’، ببث المعلومات لـ’القيادة العليا’، وتقوم هذه الأخيرة بإصدار الأوامر بناءً على هذه التعليمات. جاءنا ذات يوم حسين الحايكي فأصدر الأوامر وقال: شباب استعدوا (….) هناك سبعة شرطة قادمين من منطقة الحورة إلى منطقتنا. جهزوا ذخيرتكم المعتبرة (التيّل والصجم)، هذه المرة ‘خلوهم يتعفرتون’ انتقاماً لاعتقال ثلاثة أشخاص دفعة واحدة (علي ورضي وعبد الله) وإصابة جواد ميلاد بالرصاص في صدره .. ركّزوا على ‘العين والخَشِم والإذن’ .. نريد أن ‘انبطط’ آذانهم وعيونهم، وانكسر خشومهم، أولاد ‘……’، أطلقوا طلقة واحدة صائبة واهربوا إلى بيوتكم من المسجد، إلى الخرابة .. إلى البيت!!.. إياكم الركض على الشارع الرئيس الممتد من الجسر إلى داخل رأس الرمان، ربما سيارة شرطة تلتقيكم في مصادفة عمياء، سواء كانت آتية من المحرق أو المنامة والعكس فتكشفكم. رد الجميع: صار .. صار، ‘يا ولد حوّام’ [3] .. سننتقم!!. بالفعل، جاءت الشرطة إلى الاستراحة مقابل مستودع المؤيد للأخشاب (التشبرة) في محاذاة المسجد الكبير بالضبط، وما هي إلا لحظات صمت رافقتها تعليمات من ‘الجنرال’ الحايكي وحدد المهمات لكل واحد فينا، حتى ‘تعفرت’ السبعة وصرخوا من شدة ألم الإصابات الدقيقة والخطيرة .. ثم هربنا بحسب التعليمات من المسجد إلى الخرابة فـ’الدواعيس’ الضيقة .. فالبيت، لكننا لم نسمع من الراديو نتائج ‘عمليتنا البطولية’ التي ‘عفرتت’ سبعة شرطة في كمين محكم. تبقى أشياء كثيرة في ذاكرة الطفولة، لا يمكن أن تنسى عن أيام انتفاضة مارس المجيدة قبل 43 عاماً، والصبية الصغار كبروا، فمنهم من أصبح عاملاً أو نجاراً، أو بحاراً، أو فناناً في الرسم، ومنهم من مثل منتخب البحرين في كرة القدم، وفيهم من صار حكما دوليا في كرة الطائرة والسلة .. وكثير من هؤلاء درسوا في الخارج بفضل التنظيمات السرية آنذاك، وآخرون بعثتهم وزارة التربية والتعليم مشكورة، والشكر موصول لجماعة ‘بابا عود’.

[1] افروش: أحجار بحرية رقيقة تستخدم لتغطية القبور في المقابر والبناء في البيوت.
[2] دردور: فتحة في الجسر لتحرك المياه من الشمال إلى الجنوب.
[3] حوّام: نسبة إلى منطقة برأس الرمان تسمى حالياً الحياك، وبيت حوّام يعني بيت الحايكي، وحوّام جد سلمان الصحافي والشاعر سلمان الحايكي، وفي هذه المنطقة يوجد بيت الفنانين المرحومين أحمد السني وشقيقه حسين، كما يوجد بيت المناضل علي دويغر، أحد كبار جماعة ‘بابا عود’، أطال الله عمره.
 
صحيفة الوقت
20 مارس 2008

اقرأ المزيد

حكايات من تاريخنا (56)

أم “لينين” المصري كم في حياتنا السياسية العربية من جنود وجنديات مجهولين لعبوا ادواراً مهمة في حركات بلدانهم السياسية ولم يحظوا بالتكريم الذي يستحقونه لا خلال حياتهم ولا بعد مماتهم، لا بل جرى اهمال او طمس تلك الادوار وغيبت عن الذكر في اعلام وتاريخ تلك الحركات ليقتصر الذكر والتكريم على من سنحت لهم الفرصة للشهرة بفضل البروز الاعلامي بوجه حق او من دون وجه حق أي لمجرد ما يتمتعون به من قدرات ومهارات في ابراز وتلميع انفسهم اعلامياً. وأحسب ان الجنود والجنديات المجهولين في الحياة السياسية بكل بلد عربي موزعون على كل التيارات والاحزاب السياسية المعارضة من دون استثناء، بالرغم من ان ادوارهم، كما قلنا، بالغة الأهمية ولا تقل أهمية عن ادوار مشاهير ورموز الحركات السياسية ان لم تفق عليها. وعلى الصعيد النسائي، ومادمنا في اجواء الاحتفال بيوم المرأة العالمي، فلعل واحدة من هذه الجنديات المجهولات على الصعيد العربي المناضلة المصرية اليسارية الراحلة سعاد زهير والدة الكاتب والمخرج المسرحي المعروف “لينين الرملي” وزوجة المناضل اليساري الراحل فتحي الرملي. وحينما كنت في القاهرة اثناء الدراسة الجامعية لطالما لفت نظري وشد انتباهي بقوة اسم ابنها هذا “لينين” فوق افيشات واعلانات المسرحيات الجديدة بالشوارع. وهذا الاسم هو نفس اسم قائد أول ثورة اشتراكية مظفرة في تاريخنا المعاصر ومؤسس وزعيم اول دولة اشتراكية عظمى ألا وهو الاتحاد السوفيتي السابق. ولا شك في أن اطلاق مثل هذا الاسم المقرون بالالحاد والكفر في المخيلة الشعبية لدى العوام والبسطاء أو المثقفين تحت تأثير الدعاية السياسية المسطحة التي برعت في ترويجها القوى المعادية للفكر الاشتراكي عموماً، في الداخل كما في الخارج، نقول: ان اطلاق مثل هذا الاسم على مولود عربي مسلم ليعد بمثابة جرأة غير مسبوقة وغير عادية في البلدان العربية تشبه جرأة اطلاق اسم الدكتاتور صدام حسين على بعض مواليد عصرنا الراهن. ولعل الندرة من المثقفين هي التي كانت تعرف خلفيات حكاية هذا الاسم الغريب الشاذ ومن يقف وراء اطلاقه، على الرغم من الشهرة الفنية المعروفة لمن يحمله كفنان وكاتب ومخرج مسرحي ودرامي. وفي عدد مارس الأخير من مجلة الهلال المصرية المخصص عن المرأة يكشف هذا الابن “لينين الرملي”عن سطور مجهولة من سيرة حياة أبويه اليساريين، وعلى الأخص نضال امه الجسور في مواجهة ومقاومة الطغيان والاستبداد. فوالدته سعاد زهير هي الابنة الثانية لناظر بإحدى مدارس دسوق، وقد تولدت عندها نزعة التحدي منذ نعومة اظفارها وهي ترى كيف ان المرأة مضطهدة في مجتمعها، ولاسيما انها حرمت من حنان الأب بسبب اهماله لها لكونها انثى بعد ان كان يتوقع ويرغب في ولادة ذكر عند ولادتها. وكان وراء تعرفها بفتحي الرملي وزواجها منه وراءه قصة حب رومانسية فريدة من نوعها، استمد منها لاحقاً الروائي الكبير احسان عبدالقدوس حبكة روايته المشهورة “في بيتنا رجل” التي اخرجت بعدئذ في فيلم سينمائي، حيث كان الرملي صديقاً لزوج اختها الكبرى واختبأ في منزله من مطاردة المخابرات، فنشأت قصة حب بين سعاد وفتحي الرملي طوال تخفيه في هذا المنزل. وزوجها الرملي هذا لم يكن سوى احد مناضلي المنظمات اليسارية السرية خلال الاربعينيات، ونزل في الانتخابات النيابية تحت شعار بسيط وجذاب “انتخبوا مرشح الجبهة الاشتراكية الذي لا يسنده لقب او مال أو حكومة”، ولصق مجاميع من العمال صورته على بدلات العمل الزرقاء التي يرتدونها اثناء العمل. ويشهد لويس عوض واسامة الباز بأنهما شهدا “أم لينين” المصرية وهي تقف مزمجرة بصوتها الهادر على سلالم قسم الشرطة بالسيدة زينب منددة بقمع السلطة وطغيان المحتل الانجليزي وذلك على اثر اقتحام البوليس سرادق زوجها الانتخابي وجره للقسم للاعتقال والتحقيق. ويشير الابن لينين الى ادوار امه وابيه النضالية قائلا: “وتكرر اعتقال ابي بتهم الترويج للاشتراكية والعيب في الذات الملكية، ورغم ذلك ورغم صغر سن أولادها راحت توزع المنشورات الملتهبة، وتتذوق الاعتقال…”. وكانت سعاد ضمن اول وفد نسائي مصري حضر اول مؤتمر نسائي عن المرأة عقد في باريس عام 1945م الى جانب الفنانة التشكيلية انجي افلاطون وصفية فاضل، وتركت ابنها لينين رضيعاً اثناء سفرها إلى المؤتمر. كما كانت مديرة تحرير “بنت النيل” التي كانت تصدرها درية شفيق المعروفة بدورها الريادي في الحركة النسوية المصرية. وفي احدى الفترات ضبط البوليس كلا الزوجين في وقت واحد متلبسين بتوزيع منشورات تحرض على مقاومة الاحتلال الانجليزي فكان مصيرهما السجن، واصرت على ان تأخذ معها الى السجن ابنها لينين ذا الثلاث السنوات وشقيقه جهاد ذا الاربعة الأشهر فقط، وفي السجن اضرب الزوجان كل في معتقله عن الطعام مطالبين مع رفاقهما بإلغاء معاهدة 1936م الجائرة، واستمر الاضراب اسبوعين وكان له دور الى جانب نضال الحركة الوطنية لإلغاء هذه المعاهدة الاستعمارية. ولأن غلطة الشاطر عن ألف فإن المباحث التي عجزت عن النيل من صمود “أبو لينين” نجحت في التشهير ببعض اسرار حياته الشخصية والايقاع بينه وبين زوجته على اثر كشفها لهذه الاخيرة عن وجود علاقة عاطفية بينه وبين امرأة اخرى فطلبت الطلاق على الفور عام 1955م، وكان لها ما ارادت رغم محاولاته المستميتة لإصلاح ذات البين. وفي حين انضمت إلى تنظيم “حدتو” ظل هو يسارياً مشاكساً صعب المراس في الانضباط الحزبي، ووصف بالفوضوي والمتطرف داخل التنظيم. وبسبب شعورها بعبثية الصراع المحتدم بين المنظمات والحلقات اليسارية السائدة في تلك الفترة آثرت الاستقلالية والانزواء عن كل هذه التنظيمات حتى رحيلها الفاجع في يناير من عام 2000م وذلك على اثر حادث سير عادي وهي تهم بعبور كورنيش الاسكندرية عن عمر ناهز الـ67 عاماً وهو رحيل يذكرنا بنهاية حياة العديد من المناضلين في مثل هذه الاحداث كانقلاب سيارة المناضل الفلسطيني توفيق زياد في طريقه الى غزة من اراضي 48، وكحادث رحيل زوجة عبدالعظيم انيس على اثر عقرها من كلب ضال في مطار القاهرة وغيرها من احداث الرحيل الفاجعة الاخرى العديدة. تلك هي باختصار شديد سطور من قصة حياة المناضلة المجهولة ام المخرج والمبدع المسرحي المصري “لينين الرملي” والتي تحمل في طياتها سر حمله هذا الاسم الثوري تيمناً من قبل ابويه بأخطر مفكر وزعيم سياسي ومؤسس اول دولة “اشتراكية” كبرى في القرن العشرين.. والذي لطالما اقترن اسمه مزدوجاً مع اسم ماركس في تسمية احد اكبر التيارات السياسية الراديكالية في عصرنا، “الماركسية – اللينينية” أو “الشيوعية”.
 
صحيفة اخبار الخليج
20 مارس 2008

اقرأ المزيد

نكد الأربعين مليون‮!‬

‬الدول الخليجية الأخرى أقرت الحكومات زيادات معتبرة في‮ ‬رواتب العاملين،‮ ‬فلم تلبث تلك الزيادات أن وجدت طريقها إلى حسابات هؤلاء في‮ ‬البنوك مع أقرب راتب صرف لهم بعد إقرارها‮.‬ هناك،‮ ‬المسافة بين اتخاذ القرار وتنفيذه لا تكاد تذكر‮. ‬هذا هو سبب من بين أسباب أخرى تجعل هذه الدول الشقيقة الجارة تسبقنا بأشواط،‮ ‬نحن الذين ما انفككنا نتباهى بأحوالنا التي‮ ‬كفت عن أن تسر الخاطر‮.‬ في‮ ‬وطننا العزيز أمرت الحكومة منذ شهور بصرف المبلغ‮ ‬الذي‮ ‬بات مانشيت الجرائد وحديث المجالس وأماكن العمل،‮ ‬وهو الأربعين مليون دينارعلى شكل علاوة لمواجهة‮ ‬غلاء الأسعار‮.‬ مرت الأسابيع والشهور والمبلغ‮ ‬العتيد مازال حبرا على ورق،‮ ‬هذا إذا لم‮ ‬يسح هذا الحبر أصلاً‮.‬ أمر هذه الأربعين مليون ضائع بين دواوين الحكومة وبين المجلس الوطني،‮ ‬حيث‮ ‬يتنقل من إحدى‮ ‬غرفتي‮ ‬المجلس إلى الثانية،‮ ‬وسط استعراض بهلواني‮ ‬أبرع أحد رسامي‮ ‬الكاريكاتير في‮ ‬صحافتنا المحلية في‮ ‬تقديمه مؤخرا،‮ ‬حين صوّر نائباً‮ “‬أُوكرابتياً‮” ‬من نوابنا الأفاضل‮ ‬يستعرض بـ‮ “‬بشته‮” ‬في‮ ‬ما‮ ‬يشبه الكرنفال الذي‮ ‬اختار له الرسام عنوان‮ “‬ربيع الأربعين مليون دينار‮”!‬ لسان حال الناس في‮ ‬كل مكان‮ ‬يقول‮: ‬كفانا إذلالاً‮ ‬أيتها الحكومة وأيها النواب،‮ ‬وأنتم تمنوننا بأمر هذا المبلغ‮ ‬الزهيد،‮ ‬الذي‮ ‬لن‮ ‬يمثل عوناً‮ ‬جديا في‮ ‬مواجهة‮ ‬غول الغلاء،‮ ‬الذي‮ ‬تزداد معدلاته كل‮ ‬يوم،‮ ‬وستزداد أيضا فيما لو قدر لهذا المبلغ‮ ‬أن‮ ‬يخرج من الدهاليز التي‮ ‬تاه بينها ويرى النور‮.‬ الصحافي‮ ‬الشاب عيسى الدرازي‮ ‬في‮ ‬مقالٍ‮ ‬جميل وساخر له على الموقع الالكتروني‮ ‬للمنبر التقدمي‮ ‬نصح‮ “‬المنكودين‮” ‬من شعب البحرين الأبي‮ ‬حفاظا على سلامتهم التوقف عن أكل اللحوم والدجاج والأسماك،‮ ‬وأن‮ ‬يتوجهوا بدلاً‮ ‬من ذلك إلى العدس‮ “‬الشهي‮” ‬وبعدة نكهات ولكل الوجبات‮.‬ هذا الاقتراح حرض الشاعر عبدالصمد الليث على تقصي‮ ‬الأمر،‮ ‬فكتب على الموقع نفسه انه تفحص جيداً‮ ‬وبمرارة أسعار البقوليات والألبان والدجاج وأغلب المواد اللازمة للمعيشة من‮ ‬غير الكماليات طبعا،‮ ‬وقرأ قصاصات الورق الملصقة التي‮ ‬تحمل التعريف بالأسعار،‮ ‬ورأى فيما رأى،‮ ‬سعر الكيلوغرام الواحد من العدس الهندي،‮ ‬وإذا بالورقة تشير إلى ‮٠٠٨ ‬فلس بحريني‮ ‬بينما كان سعره قبل أشهر فقط ‮٠٥٣ ‬فلسا‮.‬ يتساءل الليث‮: ‬ترى كيف تستطيع الغالبية العظمى من أبناء شعبنا،‮ ‬من المستضعفين والمسحوقين وذوي‮ ‬الدخل المحدود،‮ ‬وبعد أن انضمت إليها بالتدريج شرائح عديدة ومتزايدة من الطبقة الوسطى،‮ ‬أن تلجأ مضطرة لأكل العدس كبديل رخيص ومتوفر للمواد الغذائية الأخرى الغالية؟‮ ‬قريبا من هذا الخطاب الساخر الذي‮ ‬ينضح بالمرارة‮ ‬يظل السؤال‮: ‬إلى متى ستستمر مهانة المواطن أمام هذا الإصرار المتعمد على إذلاله،‮ ‬تارة من هنا وتارة أخرى من هناك،‮ ‬وهو‮ ‬ينتظر متحرقا إلى خطوة،‮ ‬لكي‮ ‬لا نقول خطوات،‮ ‬تعينه على مواجهة العوز الذي‮ ‬تنحدر إليه الغالبية الساحقة من فئات الشعب،‮ ‬في‮ ‬غياب الرؤية الحكومية للمعالجة الصائبة،‮ ‬وانصراف مجلس النواب إلى تصفية الثارات المذهبية والطائفية،‮ ‬على حساب قضايا الناس‮.
 
صحيفة الايام
20 مارس 2008

اقرأ المزيد

كلنا سـائرون على نهـج السـنبلة الأولى (2)


1. المنبر قراءة صحيحة للواقع :

أثبتت الأحداث التي مرت بها البحرين منذ إقرار ميثاق العمل الوطني حتى اللحظة صحة وواقعية  القراءة – قراءة الواقع السياسي – التي تبناها المنبر ، إذ أكدت بياناته وأدبياته منذ التأسيس ( ويمكن الرجوع إليها من خلال موقع المنبر الالكتروني القديم والجديد ) على صلابة موقفه من المشروع الإصلاحي ومن مختلف الملفات والقضايا التي طرحت في المجتمع، كما أكد برنامجه السياسي  على انه على الرغم من أهمية ما أنجز سياسيا منذ بدء مشروع الإصلاح إلا أن الطريق نحو استيفاء شروط الملكية الدستورية مازال طويلا، واضعا ابرز المهام السياسية الشاخصة في المرحلة الراهنة من بينها الانطلاق مما تحقق من مكتسبات والعمل على تطويرها ( أنظر البرنامج السياسي للمنبر تجد فيه شرحا وافيا لرؤية المنبر الواقعية للواقع السياسي منذ إقرار الميثاق حتى تاريخ أقراره في المؤتمر العام الثاني للمنبر عام 2005 ، وهو قابل للتعديل من قبل المؤتمر حسب نص المادة من النظام الأساسي ) . وفي هذا الإطار كان للمنبر موقف متقدم متميز عن سائر القوى السياسية التي قاطعت أو شاركت في الحياة النيابية أو التعاطي  مع دستور 2002 ،  فقدم رؤية واقعية  لأحكام الدستور مؤكد على إنه مهما كان الرأي في مصدره  منحة أم عقد ، جديد أم معدل ، صدر عن إرادة شعبية أم منفردة ، مخالف لميثاق العمل الوطني أم متفق معه ، فانه يظل حدثاً هاماً في تاريخ البحرين السياسي ، جاء بعد مرحلة طويلة من الفراغ الدستوري امتدت لأكثر من ربع قرن ، وشكل صدوره خطوة هامة ، إن لم تكن هي الأهم صوب التحول الديمقراطي في البلاد ، يتعين على المخاطبين به التعاطي مع أحكامه ، تعاطيا يستثمر ما نص عليه من أحكام ومبادئ هي لصالح الناس والمجتمع ، كتلك الأحكام التي ترسي وترسخ مبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون ، واستقلال القضاء ، ونصت على حق مجلس النواب وحده في مراقبة أعمال الحكومة ، وتعاطيا في جانب آخر منه يناضل من أجل تعديلات دستورية ، بوسائل سلمية ، من داخل المؤسسة التشريعية القائمة ومن خارجها ، بحيث يكون جوهرها إلغاء أو تعديل  ما نص عليه دستور 2002 من أحكام جديدة نالت وانتقصت من الدور التشريعي للمجلس المنتخب ، ومنحت السلطة التنفيذية هيمنة واسعة على عمل السلطة التشريعية . ( أنظر محاضرة كاتب المقال حول المسألة الدستورية ما بين الإشكالية والحل المنشور على موقع المنبر القديم ). وقد صاغ المنبر رؤيته بوضوح حول الإصلاح الدستوري رابطا ذلك بقراءة الواقع، واقع أعمال دور الفصل التشريعي الأول للمجلس الوطني، واصدر بهذا الخصوص ( وثيقة الإصلاح الدستوري ). وليس مصادفة أن يكون المنبر التقدمي بهذا المستوى من الرؤية الواقعية للأحداث التي مرت بها البحرين، وأهمها المشاركة في الحياة النيابية، والموقف المبدئي من المسألة الدستورية، ذلك انه يستمد رؤيته الواقعية من امتداده التاريخي (جبهة التحرير الوطني ) كأول تنظيم يساري ليس في البحرين فحسب، بل في منطقة الخليج، كان في مقدمة الصفوف في النضال ضد المستعمر البريطاني، خاض تجربة انتخابات 1973 على قصرها كانت مفيدة له في قراءة الواقع الجديد الذي نشأ في البحرين، ومثلما كان نهج هذا الامتداد صائبا في هذه التجربة، وفى البرنامج الذي رسمه هذا الامتداد منذ عام 1955 – برنامج الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والسلم – فأن هذا النهج قد قرأ الواقع الجديد وظل صحيحا في انتخابات 2002، وسيظل كذلك في مستقبل التحول الديمقراطي الذي ننشده  للبحرين . ومن هذا النهج القديم الجديد ، ومن المتغيرات التي مرت بها البحرين، جاء برنامج المنبر الاسترشادي للانتخابات البرلمانية 2002 الذي أصدره في تلك الفترة، وكذلك البرنامج الانتخابي لكتلة الوحدة الوطنية في انتخابات 2006 ليطرح أهداف واقعية لا تستجيب للواقع المتاح فحسب بل تسعى لتطوير هذا الواقع نحو واقع جديد متاح آخر، مؤكدا على أهمية وضرورة المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية، مشاركة واثقة بالمستقبل، دون أن يتنازل المنبريون عن ثوابتهم من اجل الحرية والتقدم وفي سبيل مجتمع خال من الاستغلال . بهذا المعني  فأنه ليس صحيحا ما أورده عبد الهادي خلف في مقاله المشار إليه بأن  ( أفراد معينون قاموا بتسويق قراءة مرتبكة للواقع السياسي في البحرين في العام 2001 ) ذلك أن إطلاعا متفحصا على وثائق المنبر وبياناته وقرارات مؤتمراته العامة بما فيها المؤتمر الأخير، وقرارات مجالس الإدارة قبل توفيق أوضاعه بعد صدور قانون الجمعيات السياسية، أو تلك القرارات التي صدرت بعد ذلك من قبل اللجنة المركزية أو المكتب السياسي، إن جميع هذه الوثائق تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن جوهر قراءة المنبريين لواقع البحرين السياسي الذي نشأ بعد إقرار الميثاق  لم تكن  قراءة مرتبكة  (اعتمدت على تفاؤل مفرط في تقييم قدراتهم الذاتية في مقابل استصغار قدرات الآخرين بمن فيهم النظام ) كما كان يتصور أو يعتقد عبد الهادي الذي لم يحدد لنا أوجه هذا الارتباك، بل جاءت هذه القراءة واعية غير ساذجة، ولم يقم أفراد معينون بتسويقها، بل ساد مناقشتها وإقرارها الروح الجماعية والديمقراطية أكدت وتؤكد الأحداث صحتها يوما بعد آخر، ولا ينال من ذلك بعض القرارات العاجلة التي صدرت من أول مجلس إدارة للمنبر مثل قرار المشاركة في الحياة النيابية، والتي صادق عليها المنبريون بعد ذلك سواء في لقاءات هذا المجلس مع الجمعية العمومية أو في مؤتمراته العامة، إذ سجلت الأغلبية موافقتها علي جوهر رؤية المنبر للواقع السياسي وعلى قرار المشاركة، بل لم نجد أحدا قد سجل اعتراضا على ذلك في مؤتمرات المنبر العامة التي مرت. إن قراءة الدكتور عبد الهادي هي القراءة المرتبكة لا للواقع السياسي في البحرين فحسب بل لقراءة المنبر لهذا الواقع،ولا عجب أن تكون حالة الارتباك هذه والتي جاءت في معظم المقالات التي كتبها حول المنبر تتصف بهذه الصفة، فهو لم يكن حاضرا ولا متواجدا في أي من الأحداث الكبرى والمواقف المفصلية التي ناقشها المنبريون بجسارة في بيتهم الداخلي ولم يبد أي رأي حول أي من مواقفهم سوى عبر المواقع الالكترونية أوفي الصحافة، ويتحامل ضد بعض الرفاق وبحساسية شخصية لا تخدم المنبر ولا تطور من مواقفه، بل أوجدت استياء كبيرا عند أعضاءه. ولعل من المهم بهذا الصدد أن نشير إلى ما أورده الرفيق الخالد أبو قيس وهو يطرح رؤية المنبر للواقع السياسي بعد صدور دستور 2002 حيث قال ( علينا التعاطي مع الواقع لكن ليس هو الواقع الساكن الذي لا مفر منه بل هو الواقع المتحرك الذي نصنع منه واقعاً أفضل منه )، وهو الرجل الذي لم تنل من عزيمته أن يكون علاجه على نفقة الملك أو تكون تلك الرعاية التي أحيط بها وهو يتلقي العلاج، فذلك حق يستحقه وهو تأكيد واعتراف من رأس الدولة بالمكانة الرفيعة التي يمتاز بها، وليس أبو قيس من أولئك اللذين كانت يغريهم رنين ذهب المعز مهما علا هدا الرنين، وليس أبو قيس من أولئك اللذين يحددون مواقفهم من دستور 2002، أو رأيهم في المشاركة في الانتخابات التشريعية بناء على إنه قد تلقى العلاج على نفقة الدولة، فقد ظل وسيظل أبو قيس مناضلا صلبا ومثالا يحتذى به ليس عند أعضاء المنبر فحسب بل عند كافة القوى السياسية، والشخصيات الوطنية والصديقة .



2. المنبر عمل مشترك فاعل لم يكن حليفا للسلطة:


يتهم الدكتور عبد الهادي في مقاله المشار إليه المنبر بأنه حليف للسلطة وأقتبس مما أورده بهذا الصدد ( ولا شك أيضاً أن لذهب المُعِزّ رنينا يغوي البعض. ولهذا أضحى التحالف مع السلطة أهم بكثير من تنظيم العمل المشترك مع الشركاء في مظلة التيار الوطني الديمقراطي وأهم بكثير من تمتين التضامن مع القوى الوطنية الأخرى. بل وأهم من المحافظة على التماسك في صفوف المنبر نفسه (فهل جاء هذا القول صحيحا أم جاء متدنيا ومفتقدا للدقة ؟ إن القراءة المنصفة لوثائق المنبر وعلى وجه خاص برنامجه السياسي في النص وفي التطبيق ، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن المنبر كان أكثر القوى السياسية حرصا على وحدة التيار الديمقراطي، وهو أول من سعى ويسعى لتمتين التضامن والعمل المشترك مع القوى الوطنية الأخرى، وقد نال هذا الموقف وما يزال التقدير من هذه القوى، و لم يتخل المنبر عن أية فعالية تعزز من هذا التضامن، دون أن يتنازل عن ثوابته ومبادئه محتفظا بعلاقة طيبة تضامنية معها، أبرزها مشاركته مع القوى السياسية في جميع الفعاليات المتعلقة بملف الشهداء وضحايا التعذيب، وملف التجنيس،  وغيرها من الفعاليات التي نددت بتعسف السلطة وهي كثيرة، ندعو الدكتور عبد الهادي الرجوع إليها ليتيقن إلى أي مدى كان المنبر واحدا من القوى السياسية الفعالة التي لا يمكن تجاهلها في تمتين التضامن مع القوى السياسية الوطنية ومن اجل عمل مشترك فاعل ضد كل ما هو تعسف صادر من السلطة التنفيذية، وعليه فإنه من العيب توجيه تهمة التحالف مع السلطة لتنظيم عريق كان وما يزال في مقدمة الصفوف في النضال من أجل العدالة الاجتماعية . وقد وجد المنبر الديمقراطي التقدمي في نضال  القوى السياسية من اجل تعديل النظام الانتخابي وإعادة النظر في الدوائر الانتخابية خطوة أولى وعاجلة، والمشاركة في انتخابات 2006  واقتراح التعديلات الدستورية من خلال المؤسسة التشريعية القائمة رغم ما يعتريها من عوار وعيوب أوجدها دستور 2002  كخطوة ثانية، هما  المدخل الواقعي  للحوار مع الحكم. كما أكد المنبر بهذا الشأن قبل غيره من القوى السياسية على  ضرورة تفعيل قرار المؤتمر الدستوري  بعقد مؤتمر حوار وطني شامل يكون شعاره ( من اجل تعديلات دستورية تحقق الفصل بين السلطات)  يهدف إلى بحث المسألة الدستورية في حوار جاد يجيب على الأسئلة : ما هي مآخذنا على الدستور الجديد ؟ وما هي الأحكام التي نالت من الاختصاص التشريعي والرقابي للسلطة التشريعية ؟  كيف السبيل إلى حل الإشكالية الدستورية التي أوجدها دستور 2002 خلافاً لمبادئ ميثاق العمل الوطني. وإذا كانت الجمعيات السياسية الأربع التي قاطعت انتخابات 2002 النيابية كانت ترى الطريق لإجراء هذه التعديلات الدستورية هو الحوار والتوافق مع الحكم مباشرة دون التعاطي مع المؤسسة التشريعية القائمة، فأن المنبر الديمقراطي التقدمي كان وما يزال يرى أهمية  إجراء هذه التعديلات من داخل البرلمان  ومن خارجه . فهو في الوقت الذي أكد على أهمية الحوار والتوافق مع الحكم لحل الإشكالية الدستورية، وجد وما يزال  في المؤسسة التشريعية القائمة والمشاركة فيها رغم ما يعتريها من عيوب ونواقص شكل من أشكال النضال الصعبة للدفاع عن مكتسبات الشعب ومراقبة أعمال الحكومة، وخطوة هامة نحو الإصلاح، وإجراء لابد منه لعملية التحول الديمقراطي، ويفتح باباً واسعاً في (الجدار العازل) حسب وصف المناضل عبد الرحمن النعيمي للحوار مع الحكم حول المسألة الدستورية . وإذا كانت هذه القوى ترى منفردة بأنها وحدها هي المعنية بالمسألة الدستورية وعبر قرارات المؤتمر الدستوري، فأن المنبر كان وما يزال يراها شأنا وطنيا يشمل المجتمع البحريني برمته، وان حلها يستلزم قبل الدعوة إلى الحوار والتوافق مع الحكم حوارا وتوافقا وطنيا من قبل جميع الفعاليات والقوى الوطنية في المجتمع ، عبر حوار وطني شامل. إن هذه الدعوة كانت وما تزال تشكل حلا وسطا واقعيا ، قد يكون  مقبولا لدى كل من يهمه الشأن الدستوري، ومدخلا واسعا للحوار مع الحكم، فالتاريخ يعلمنا، بل يعلم كل أطراف المسيرة الإصلاحية، انه كلما توحدت المعارضة زادت هيبتها، وقلت حيلة الحكم وضعفَ شعاره ( فرق تسد )، وانه كلما استعدت المعارضة للوصول لحلول وسط، وتحالفت مع غيرها بروح الحد الأدنى من القواسم المشتركة، كلما كانت قادرة على إدارة الصراع مع السلطة بنجاح، وهى قيم ضرورية ولازمة لعملية أي تحول ديمقراطي في أي مكان من العالم. ولعل عدم إدراك الجمعيات الأربع هذه الحقيقة هو السبب الرئيسي لفشلها في إدارة الملف الدستوري والملفات الأخرى، بل وفشل كل القوى السياسية في إدارة الصراع مع السلطة. هكذا كان المنبر وسيظل في المفهوم والممارسة متمسكا قبل غيره بضرورة تنظيم العمل المشترك مع الشركاء في مظلة التيار الوطني الديمقراطي وتمتين التضامن مع القوى الوطنية الأخرى، في مواجهة تعسف السلطة لا التحالف معها كما توهم الدكتور عبد الهادي خلف.

خاص بالتقدمي

اقرأ المزيد

في مجد امرأتين

في العام الماضي فقدت الحركة النسائية العالمية امرأتين متميزتين في نضالهما على مدى نصف قرن من الزمان هما نزيهة الدليمي المناضلة العراقية، وفيلما آسبين الناشطة النسائية الكوبية التقدمية المناهضة للعنف والتمييز ضد المرأة، والتي توقف قلبها عن الخفقان في 19 يونيو/ حزيران الماضي عن عمر ناهز 77 عاما، وانخرطت في بناء الوطن والدفاع عن الثورة وتولت تأسيس اتحاد النساء الكوبيات، والتي وحدت النساء الكوبيات لقضية الثورة والعمل على تحقيق المساواة بين جميع شرائح المجتمع. كما فقدت الحركة النسائية مناضلة يشار إليها بالبنان على تضحياتها وانغماسها في العمل الوطني عموما والعمل النسوي خصوصا وهي المناضلة العنيدة نزيهة الدليمي البغدادية المنشأ والمولودة في 1923 وكانت من أوائل البنات المنتسبات لكلية الطب، وفي الكلية تأثرت نزيهة بزميلاتها وزملائها المتنورين المنشغلين بهموم الوطن، وانضمت للجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي العام 1948 انخرطت في النضال ضد معاهدة بورتسموث الاستعمارية، وبعد تخرجها من كلية الطب عينت في المستشفى الملكي ببغداد ثم نقلت إلى مستشفى الكرخ، وقد تعرضت أثناء ذلك للملاحقة والتحقيقات الجنائية في العهد الملكي آنذاك. في العام 1952 تم إشهار (رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية) وقد ترأست المناضلة نزيهة الدليمي هذه المنظمة لفترة وجيزة وبمشاركتها الفعالة تطورت الرابطة في السنوات التالية وتحولت إلى منظمة جماهيرية بلغ عدد أعضائها 42 ألفاً، وفي العام 1958 عينت وزيرة للبلديات في عهد عبدالكريم قاسم. ومن انجازاتها في هذه المرحلة، إصدار قانون عصري للأحوال الشخصية العام ,1959 وتقديراً لمساهمات الرابطة ودفاعها عن المرأة وحقوقها أصبحت عضواً دائماً في سكرتارية الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، وانتخبت نزيهة الدليمي عضواً في مجلس الاتحاد ثم في مكتبه التنفيذي، ومن ثم انتخبت نائبة لرئيس الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، إلى جانب إسهامها بشكل فاعل في حركة السلم العراقية وكانت عضواً في اللجنة التحضيرية لمؤتمر أنصار السلام وفيما بعد أصبحت عضواً في مجلس السلم العالمي. وتعرضت نزيهة الدليمي على مدى العهود المختلفة بسبب نشاطها السياسي والاجتماعي في الحركة الوطنية إلى الكثير من الملاحقات والاضطهاد مما اضطرها إلى ترك البلاد واللجوء إلى الخارج مرات عديدة، ولكن ذلك لم يمنعها من مواصلة النضال مع أخواتها في الحركة النسوية في سبيل الحقوق المشروعة الوطنية والنسوية وكانت آخر فعالية مهمة شاركت فيها هي الندوة التي عقدت في مدينة كولون الألمانية في 1999 حول أوضاع المرأة العراقية، وفي أواسط ,2002 أثناء انخراطها في التحضير للمؤتمر الخامس لرابطة المرأة العراقية الذي كان مزمعاً عقده في حينها أصيبت الدكتورة نزيهة قبل موعد المؤتمر بجلطة أقعدتها تماما عن العمل، وفي يوم الثلثاء 9 أكتوبر/ تشرين الثاني توفيت في مستشفى بمدينة هيرديكن الألمانية عن عمر ناهز 84 سنة.

صحيفة الوقت
19 مارس 2008

اقرأ المزيد

الكواري.. والنفط

تكتسب المقابلة التي اجراها الدكتور امحمد مالكي استاذ العلوم السياسية ومدير الدراسات الدستورية بمراكش مع الباحث والناشط السياسي القطري الدكتور علي خليفة الكواري.. تكتسب هذه المقابلة أهمية معرفية وسياسية، ليس فقط لتسليطها الضوء على سيرة حياة احدى الشخصيات الخليجية الفاعلة على الساحتين السياسية والعلمية داخل بلاده، بل لأن هذه المقابلة التي نشرتها مجلة المستقبل العربي الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية، فبراير 2008م، تميط اللثام عن بعض المحطات التاريخية شبه المجهولة في تاريخ الحركة الوطنية والسياسية داخل بلاده قطر. ولعل من ابرز السطور المجهولة او المطموسة في تاريخ الحركة الوطنية القطرية المعاصرة والتي مر عليها الكواري سريعاً في اجاباته تتمثل في المحطات التاريخية والظروف السياسية المتشابهة مع المحطات والظروف التي مرت بها كل من البحرين والكويت، وعلى وجه التحديد خلال عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي واللذين شهدا صعود المد الوطني والقومي قبل بدايات انحساره لاحقاً خلال السبعينيات. وكان للكواري، كواحد من الجيل العربي والخليجي الذي شب ووعى على احداث تلك الحقبة الذهبية، دور مميز في محطات الحركة الوطنية البارزة لبلاده بدءاً من أواخر الخمسينيات ومروراً بالستينيات وليس انتهاء بالاحداث والوقائع الجارية منذ السبعينيات حتى يومنا هذا. وكان واضحاً تأثير التيار القومي في تكوينه ونشأته السياسيين وفي فكره بالتلازم مع تأثره بأوضاع الطبقة العاملة ولاسيما في صناعة النفط حيث عمل في هذا القطاع وتقلد مناصب عديدة في مستوياته الادارية. وقد تلازم تأثره بأوضاع الطبقة العاملة في هذا القطاع بحنقه وتألمه الشديد لما لمسه عيانياً للتبذير والهدر الاستنزافي الخطير في هذه الثروة النفطية الناضبة وسوء توزيع عائداتها على الشعب وفق حد ادنى من المساواة. وبالاضافة الى الأنشطة والادوار التي لعبها في الحركة الوطنية لبلاده فقد كانت له جملة من النشاطات والجهود البحثية والاعلامية حيث كان عضواً في عدد من مجالس ادارات المجلات الدورية والفصلية العلمية العربية. ويمكننا ان نستشف من هذه المقابلة ان الكواري هو واحد من الشخصيات القومية القليلة النادرة الذي لم يتشرنق في اطار الفكر السياسي القومي الضيق الذي تغلب عليه النزعة الشمولية والدوغمائية كما هو حال معظم رموز الفكر القومي بمختلف تياراته السياسية بل استطاع ان يسمو ويتطور بثقافته السياسية هذه الى آفاق تتناغم مع التطورات الفكرية الديمقراطية التي شهدها الفكر السياسي العربي منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي. ويمكن القول ان ثمة محورين رئيسيين متلازمين ظلا ومازالا يشغلان بال واهتمام الكواري في سياق هذا التطور السياسي والفكري الذي مر به: المحور الأول: هو قضايا الثروة النفطية في بلاده وفي اقطار الخليج وكيفية توزيع عوائد هذه الثروة وتسخيرها في خدمة التنمية ورفاه الشعب. وفي هذا السياق يقول: “النفط كان محط اهتمامي، وسوء توزيع عائداته وتبذيرها كانا من الاسباب التي دفعتني الى العمل العام، وعندما ذهبت إلى بريطانيا وتنسمت الحرية الاكاديمية قررت ان ابين كيف أسيء استخدام النفط ولم يتم توجيه عائداته الى الاستثمار، وانما وجه معظمها للاستهلاك والتوزيع غير العادل. وقد تبين من الدراسة ان الاسر الحاكمة حصلت في معظم امارات الخليج العربي باستثناء الكويت بعد عام 1962م على نسبة تراوحت بين ربع ونصف اجمالي عائدات النفط، وصرف الباقي بشكل أضر بالقدرات الانتاجية للبلدان والافراد”. ويضيف: ان موضوع اطروحته للدكتوراه جاء اختياره تحت دوافع رغبته العارمة لكشف “سوء استخدام النفط وهدر العائد واستيلاء الاسر الحاكمة على نصيب وافر منها في شكل رواتب من دون عمل، ومخصصات من المال العام، وخدمات من دوائر الدولة، مازالت مستمرة، وقد وجدت ان اكثر من ثلاثة ارباع مجموع عائدات النفط منذ بدء التصدير عام 1970م وجه إلى الصرف على النفقات التحويلية وان أقل من الربع تم صرفه على مشروعات البنية التحتية وتكوين احتياطي استثماري”. ويوضح أن “النفقات التحويلية هي في الحقيقة مخصصات الحكام والاسر الحاكمة، وقد تراوحت مخصصات الاسر الحاكمة بين ربع ونصف اجمالي عائدات النفط في الفترة المدروسة. ومع الأسف مازالت النسبة عالية حتى اليوم، وفيما عدا الكويت لا يوجد فصل بين المال العام والاموال الخاصة للحكام”. المحور الثاني: يتمثل في توجهه واهتمامه الشديد بدراسات الديمقراطية والاصلاح السياسي وبخاصة في اطار مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية الذي اسسه مع رغيد الصلح منذ مطلع التسعينيات. أما فيما يتعلق برؤيته للإصلاح فإن الكواري يرى ان أي اصلاح لا يمكن ان يكون اصلاحاً حقيقياً ما لم يكن جذرياً ومن داخل البلد المعني به وضمن توافق اجتماعي على قواسم مشتركة، وأي دور من الخارج لا يتعدى دورا معززا او مشجعا او غير معرقل للإصلاح. وان نقطة البداية والانطلاق لأي عملية اصلاحية تستلزم تحديد مواقع القصور والفساد وتتطلب تسمية المفسدين بأسمائهم وتحديد اهداف العملية الاصلاحية، وتوفير آليات القيام بها. وفي الوضع الراهن يرى الكواري انه لا مناص من بناء تحالفات وطنية – اسلامية للتمكن من انتزاع الاصلاح من فم الاسد، على حد تعبيره، والاسد هذا هو تحالف مصالح السلطة في الداخل مع مصالح القوى الخارجية التي قدمت وتقدم الحماية لكل حاكم متسلط.

صحيفة اخبار الخليج
19 مارس 2008

اقرأ المزيد