رغم أن مطربة‮ “‬بوس الواوا‮” ‬هيفاء وهبي‮ ‬كانت قد وصلت البحرين،‮ ‬إلا أن الكتل النيابية مجتمعة ذهبت في‮ ‬مشروعها القاضي‮ ‬بمنعها من الدخول،‮ ‬وبالتالي‮ ‬إلغاء حفلتها المقررة مخافة أن‮ ‬يفسد ذلك أخلاق شبابنا وشاباتنا‮.‬ صحف الأمس بشرتنا بأن هذه الكتل التي‮ ‬تختلف على كل شيء تقريباً‮ ‬وجدت ما‮ ‬يوحدها ثانية‮. ‬ على نوابنا،‮ ‬إذاً،‮ ‬أن‮ ‬يرفعوا القبعات لهيفاء وهبي‮ ‬تقديراً‮ ‬وثناءً‮ ‬لأنها فعلت في‮ ‬نفوسهم مفعول السحر،‮ ‬فجمعتهم على كلمة سواء،‮ ‬وأنستهم،‮ ‬من النسيان لا من الوناسة،‮ ‬كل ما‮ ‬يفرقهم‮. ‬ فقد تلاقت إرادة النواب في‮ ‬قضية مصيرية كبرى تعادل دخول مطربة من شاكلة هيفاء وهبي‮ ‬إلى البحرين لإقامة حفلة‮ ‬يشاهد الشبان والشابات نظيراً‮ ‬لها عدة مرات في‮ ‬اليوم الواحد على الشاشات التي‮ ‬يزدحم بها الفضاء‮.‬ هكذا تكون القضايا المصيرية وإلا فلا‮!‬ لقد حل النواب قضايا السكن ورفع الأجور وأحروزا نصرهم المبين بإقرار علاوة الغلاء بواقع خمسين دينارا،‮ ‬ما زالت ضالةً‮ ‬لطريقها،‮ ‬ولا أحد‮ ‬يعلم كم برزخ من البرازخ بقي‮ ‬عليها أن تعبره لتصل إلى جيب المواطن الغلبان‮.‬ ثم إنهم نظموا استجوابين،‮ ‬لا واحداً‮ ‬فقط،‮ ‬فخرج كل وزير من الوزيرين المستجوبين من جلسة الاستجواب بابتسامات عريضة أمام عدسات الصحفيين،‮ ‬ولسان حاله‮ ‬يقول‮: ‬لقد نالوا الضربة القاضية فهل من مبارز؟‮!‬ ولم نعرف،‮ ‬بعد،‮ ‬ما إذا كانت شوارع الأحياء والقرى ستغدو أنظف،‮ ‬ولن تتراكم فيها القمامة بعد اليوم اثر استجواب الوزير بن رجب،‮ ‬وحتى اللحظة لا نعلم ما الرقم الذي‮ ‬علينا اعتماده لعدد سكان البحرين بعد استجواب الوزير عطية الله الذي‮ ‬أفاد المستجوبين بأن هناك مرجعيتين رقميتين لدى الدولة في‮ ‬هذا الصدد‮.‬ رغم ذلك فإن كل قوم بما لديهم فرحون‮. ‬مستجوبو بن رجب شأنهم شأن مستجوبي‮ ‬عطية الله أكدوا أنهم ربحوا الاستجواب‮.‬ كل شيء،‮ ‬إذاً،‮ ‬على ما‮ ‬يرام‮.‬ لقد أنجزت المهام العالقة كاملةً،‮ ‬ولم‮ ‬يبق أمام المجلس الموقر بقضه وقضيضه إلا أن‮ ‬يتصدى للمدعوة هيفاء وهبي،‮ ‬كل النواب الحاضرين في‮ ‬جلسة الثلاثاء ما خلا واحدا صوتوا مطالبين بإعادتها من حيث أتت،‮ ‬كأن رأس الفضيلة في‮ ‬إلغاء حفلة‮ ‬غنائية‮ ‬يؤمها المراهقون،‮ ‬وبعدها ستتطهر البلد من كل ما فيها من أردان‮.‬ اسألوا أي‮ ‬مواطن بسيط مكتوٍ‮ ‬بنيران الغلاء والفاقة وقروض البنوك عن رأيه في‮ ‬زفتكم الكبرى حول حفلة هيفاء وهبي‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬يكن ليسمع بأمرها لولا ضجيجكم الذي‮ ‬شق عنان السماء،‮ ‬وستعرفون بأي‮ ‬أعين‮ ‬ينظر إليكم الناس‮.‬ مواطن بسيط طلب مني‮ ‬أن اكتب إليكم سائلاً‮: ‬أليس بينكم نائب واحد،‮ ‬على الأقل واحد فقط،‮ ‬امتلك الجرأة ليسأل عن مآل المال الحرام الآتي‮ ‬من تجارة الرقيق الأبيض،‮ ‬في‮ ‬سياق مداخلاتكم وأنتم تطالبون بأعلى أصواتكم بإلغاء حفلة‮ ‬غنائية لا‮ ‬يعنيه إن تمت أو ألغيت،‮ ‬طالما كنتم قد قررتم أن تتحولوا جميعاً‮ ‬إلى حراس للفضيلة؟

صحيفة الايام
1 مايو 2008