المنشور

مصير الاستراتيجية‮ ‬ الوطنيـــــة للشبـــاب

خلصنا أمس إلى أن التعاطي‮ ‬مع قطاع حيوي‮ ‬مثل قطاع الشباب لا‮ ‬يستقيم دون رؤية استراتيجية كاملة،‮ ‬مشفوعة بآليات تنفيذ خلاقة لها‮.‬ ولدى البحرين ما تتباهى به في‮ ‬هذا المجال قياساً‮ ‬بدول أخرى،‮ ‬فقد أنجزنا الاستراتيجية الوطنية للشباب،‮ ‬التي‮ ‬تعد آلية انجازها مثالا‮ ‬يُحتذى في‮ ‬الشراكة لا بين البحرين والهيئات الدولية،‮ ‬بالنظر إلى أن البرنامج الإنمائي‮ ‬للأمم المتحدة اضطلع بدور فعال في‮ ‬المساعدة على انجاز الاستراتيجية،‮ ‬وإنما أيضا للشراكة بين الدولة والمجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬البحرين‮.‬
لم تكن المؤسسة العامة للشباب ولا الأجهزة الرسمية الأخرى وحدها من وضع هذه الاستراتيجية،‮ ‬إنما شارك ممثلون للمجتمع المدني‮ ‬وشخصيات ثقافية واجتماعية معروفة في‮ ‬البلد،‮ ‬كل في‮ ‬مجاله،‮ ‬في‮ ‬وضعها،‮ ‬بل إن الشباب أنفسهم،‮ ‬من خلال جمعياتهم الشبابية،‮ ‬كانوا شركاء في‮ ‬وضع الاستراتيجية،‮ ‬فلم‮ ‬يشعروا بأن وصاية من الكبار فرضت عليهم في‮ ‬قضية تعنيهم في‮ ‬المقام الأول‮.‬ وفي‮ ‬نتيجة عمل مثمر ودؤوب استغرق شهورا متكاملة أمكن‮  ‬انجاز هذه الاستراتيجية التي‮ ‬غطت الجوانب المختلفة المتصلة بحقوق الشباب وآفاق مشاركتهم الاقتصادية والسياسية والثقافية،‮ ‬وشروط تحقيق هذه المشاركة‮.‬
وفي‮ ‬كلمات‮ ‬يمكن القول إن هذه الاستراتيجية،‮ ‬رغم أي‮ ‬ملاحظات‮ ‬يمكن أن ترد عليها،‮ ‬تعد من الوثائق الجيدة التي‮ ‬يمكن الانطلاق منها‮.‬ عند هذا الحد والأمور تبدو ممتازة،‮ ‬لكن للأسف الشديد فإن خطوة فعلية واحدة لترجمة ما تضمنته الاستراتيجية لم تر النور،‮ ‬وكأن كل الجهود الكبيرة التي‮ ‬بُذلت في‮ ‬وضعها ذهبت سدى‮.‬ ومصير هذه الاستراتيجية‮ ‬يُنبه إلى مكامن الخلل القاتلة في‮ ‬أمور كثيرة في‮ ‬وطننا،‮ ‬فنحن نضع تصورات جيدة،‮ ‬ولكن كثيراً‮ ‬من هذه التصورات‮ ‬يظل حبراً‮ ‬على ورق،‮ ‬فإما أن‮ ‬يجمد أو‮ ‬يتم التراجع عنه لصالح خطط وتصورات أخرى‮.‬
البحرين،‮ ‬كما أسلفنا في‮ ‬حديث الأمس،‮ ‬تستضيف ملتقى دولياً‮ ‬حول الشباب،‮ ‬يتعين عليه أن‮ ‬يناقش الاستراتيجيات ذات الصلة بالأمر،‮ ‬ولكن البحرين نفسها معنية بأن تُفعل استراتيجية في‮ ‬هذا المجال أُنفق في‮ ‬إعدادها الكثير من الوقت والجهد،‮ ‬لا لكي‮ ‬توضع في‮ ‬الأدراج،‮ ‬وإنما لتُطبق،‮ ‬وتغتني‮ ‬بالممارسة والتجربة‮.‬ وهو أمر‮ ‬يجعلنا ننتظر من المعنيين بأمرها توضيحاً‮.
 
صحيفة الايام
16 يونيو 2008

اقرأ المزيد

مؤتمر مواجهة التطرف

أمر طيب أن تستضيف البحرين اجتماعاً‮ ‬عالمياً‮ ‬واسع التمثيل‮ ‬يبحث في‮ ‬السبل الكفيلة لتجنيب الشباب الانخراط في‮ ‬سلوك التطرف العنيف‮.‬ ويزيد من أهمية هذا المؤتمر أن منظمة عالمية مرموقة ومعروفة برصانتها هي‮ ‬منظمة اليونسكو تتولى تنظيم هذا المؤتمر،‮ ‬فهذه المنظمة تعطي‮ ‬مسألة احترام التنوع الثقافي‮ ‬في‮ ‬العالم مكانةً‮ ‬محورية في‮ ‬نشاطها،‮ ‬ومنها تنطلق نحو تشجيع حوار الثقافات وتفاعلها،‮ ‬بديلاً‮ ‬لحال الاحتراب والمجابهة التي‮ ‬يدفع إليها‮ ‬غلاة المتشددين في‮ ‬المجتمعات المختلفة،‮ ‬بمن فيهم أولئك الذين‮ ‬يسوقون لفكر التعصب وكراهية الآخر في‮ ‬مجتمعاتنا العربية والإسلامية،‮ ‬ومثلهم‮ ‬يفعل من‮ ‬يضفي‮ ‬لبوساً‮ ‬فلسفيا على هذه الفكرة كما فعل هنتغتون في‮ ‬أطروحته عن صراع الحضارات‮.‬
وجميل أيضا أن‮ ‬يشتمل هذا الملتقى على فعاليات فنية وموسيقية،‮ ‬ففي‮ ‬ذلك ما‮ ‬يبرهن على دور الثقافة والفنون في‮ ‬إشاعة مناخ التسامح والانفتاح بين الأمم والثقافات‮. ‬ ومواجهة الفكر المتطرف ومخاطر انسياق الشباب له هي‮ ‬اليوم قضية دولية تعني‮ ‬العالم كله،‮ ‬بمقدار ما هي‮ ‬قضية وطنية تعني‮ ‬كل مجتمع على حدة،‮ ‬حين‮ ‬يتعين وضع الاستراتيجيات الشاملة التي‮ ‬تكفل تنشئة الشباب على روح التسامح والوسطية والمرونة،‮ ‬والبعد عن التعصب وكراهية الآخر‮.‬ عالم اليوم‮ ‬يعاني‮ ‬من همجيتين‮.‬ ‮
‬همجية أولى تتمثل في‮ ‬سياسات العدوان وشن الحروب واحتلال البلدان ونهب ثروات الشعوب وإفقار بلدان وشعوب بكاملها في‮ ‬القسمة الدولية الضيزى الراهنة للثروة بين فقر مدقع وغنى فاحش‮.‬ وهمجية ثانية تتمثل في‮ ‬الفكر الإرهابي‮ ‬المتطرف الذي‮ ‬لا‮ ‬يتورع عن ارتكاب أبشع جرائم القتل ضد الأبرياء،‮ ‬ومعاداة الحضارة الإنسانية بكل ما فيها من منجزات راقية في‮ ‬الثقافة والفنون وأوجه السلوك المتحضر‮.‬ وإذا كانت الهمجية الأولى تندفع وراء مصالحها الأنانية الجشعة في‮ ‬استنزاف ثروات الكوكب،‮ ‬فإن الهمجية الرجعية الثانية تتغذى من الأولى في‮ ‬توظيف إحباط الشعوب والأجيال الجديدة خاصة لتصبح وقودا في‮ ‬حربها العبثية التي‮ ‬تشن بصورة أساسية ضد الحضارة الإنسانية‮.‬
ومن هذه الزاوية بالذات وجب الالتفات إلى وضع الاستراتيجيات الرامية إلى توعية الشباب بمخاطر ذلك،‮ ‬وحشد طاقاتهم ومواهبهم فيما‮ ‬يعود بالنفع على أوطانهم وشعوبهم،‮ ‬من خلال العلم والتأهيل والتدريب واستخدام المعرفة للنهوض بمجتمعاتهم وتحسين أوضاع العيش فيها‮.‬ مهم أن نكون شركاء في‮ ‬هذا الحوار الدولي‮ ‬ضد التطرف والإرهاب؛ فذلك‮ ‬يعني‮ ‬أننا على تماس مع ما‮ ‬يشغل عالم اليوم من قضايا،‮ ‬ولكن الأهم من ذلك هو كيف نلتفت إلى أوجه تجلي‮ ‬هذه القضايا في‮ ‬بلدنا ومجتمعنا،‮ ‬وأن نضع أو نفعل الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالموضوع‮. ‬للحديث تتمة.
 
صحيفة الايام
15 يونيو 2008

اقرأ المزيد

الروبيان ليس أغلى من الانسان

ليس مقبولاً‮ ‬أبداً‮ ‬تصرف إدارة خفر السواحل أمس الأول مع وفاة الشاب البحريني‮ ‬في‮ ‬عرض البحر نتيجة لأزمة قلبية،‮ ‬فما أوردته الصحف اليومية،‮ ‬ان هناك إهمالا واضحاً‮ ‬في‮ ‬تلبية نداء النجدة الذي‮ ‬أطلقه أخ المتوفى،‮ ‬بعد ان اخبره أخوه انه‮ ‬يشعر بألم في‮ ‬صدره‮.‬
ربما لأن خفر السواحل أو من تلقى النداء لم‮ ‬يكن‮ ‬يتوقع ان المريض سيفارق الحياة،‮ ‬وربما اعتقد أنها ضربة شمس ليس إلا،‮ ‬أو لان من تلقى البلاغ‮ ‬لم‮ ‬يشأ ان‮ ‬يزعج زملاءه بان‮ ‬ينطلقوا بسرعة الى موقع الحادث الذي‮ ‬يبعد عن موقعهم نصف ساعة بقارب اعتيادي‮ ‬غير مجهز،‮ ‬من أجل تفحص مريض‮ ‬يشعر بألم في‮ ‬صدره أو لأنه‮ ‬يتقيأ،‮ ‬لو كان الأمر‮ ‬غير ذلك،‮ ‬بلاغ‮ ‬عن صيد روبيان في‮ ‬غير الموسم مثلاً‮ ‬فإن الانطلاقة ستكون بسرعة فائقة جداً‮ ‬جداً،‮ ‬وكأن الروبيان أغلى من البشر‮.‬
لا‮ ‬يا أعزاءنا في‮ ‬خفر السواحل،‮ ‬ما جرى في‮ ‬عرض البحر أمس الأول‮ ‬يحتاج الى لجنة تحقيق،‮ ‬ليس في‮ ‬التقاعس والإهمال عن نصرة من كان‮ ‬يحتاجكم،‮ ‬بل‮ – ‬إن صح ما ورد في‮ ‬الخبر‮- ‬الى تغيير واقع الوفاة عبر تقرير‮ ‬يشير فيه الى ان الشاب توفي‮ ‬غرقاً،‮ ‬في‮ ‬حال انه أصيب بأزمة قلبية،‮ ‬فهل كتابة التقارير‮ ‬يخطها قلم المزاج؟ ألا‮ ‬يعتبر هذا تزوير؟ من‮ ‬يتحمل مسؤولية ذلك؟ تغيير الحقائق لا‮ ‬يأتي‮ ‬منكم بالذات؟ لأنكم من‮ ‬يحقق ويتعب ويسهر من أجل ان تظهروا لكل ذي‮ ‬حق حقه،‮ ‬لا العكس‮.‬
هذا الأمر لا أتوقع ان‮ ‬يمر دون ان‮ ‬يلفت انتباه وزير الداخلية الشيخ راشد آل خليفة الذي‮ ‬لن‮ ‬يقبل بمثل هذا الإهمال والتقاعس في‮ ‬مد‮ ‬يد العون لأي‮ ‬مواطن بل لأي‮ ‬إنسان‮ ‬يتعرض لأي‮ ‬حادث صعب كان أو بسيطا‮.‬
نأمل ان‮ ‬يلهم الله الصبر والسلوان لعائلة الفقيد وان‮ ‬يتغمده برحمته‮.‬

صحيفة الايام
15 يونيو 2008

اقرأ المزيد

غلاء أسعار النفط والغذاء والانفجارات الممكنة

ظل العالم‮ ‬يراقب حالة ارتفاع أسعار النفط بصورة هادئة،‮ ‬وبدا انه‮ ‬يتقبلها،‮ ‬حيث كانت تبدو له ظاهرة مرتبطة تارة بأزمات لها علاقة بالحرب ومكان اشتعالها أو حتى احتمال أن تشتعل،‮ ‬إذ التوترات السياسية والتصريحات الهوجاء بإعلان الصدام عنها بين أطراف معينة مسألة محتملة، ‬يجعل من‮ ‬يديرون أوراق البورصة العالمية قادرين على التلاعب بتلك العملية السياسية،‮ ‬كما إن هناك بلدانا تسارع في‮ ‬الطلب على تلك المادة الهامة في‮ ‬تشغيل وسائلها الحيوية،‮ ‬هذا الطلب العاجل لبضاعة مهمة كالنفط‮ ‬يجعلها في‮ ‬الحال ترتفع لكون المنتجين‮ ‬يعملون على زيادة إنتاجهم،‮ ‬وأحيانا لا‮ ‬يحتاجون القيام بذلك،‮ ‬فهناك نقص في‮ ‬الأسواق العالمية‮.‬
‮ ‬فآبار عدة معطلة تحتاج للصيانة وعلى المنتجين تغطية السوق حتى وان ارتفع السعر قليلا لبضع سنتات،‮ ‬مثل تلك السنتات الصغيرة في‮ ‬أعين المستهلكين الصغار تبدو تافهة بينما لدى من‮ ‬يشترون بالملايين ويبيعون بالملايين‮ ‬يعرفون قيمتها الفعلية،‮ ‬هكذا اخذ النفط‮ ‬يرتفع مع حكايات وقصص وهمية،‮ ‬فيما عدا هناك قصص حقيقية‮ ‬يعرف قيمتها مشترو السلعة ومنتجوها هي‮ ‬الحاجات الموسمية لكل دول العالم،‮ ‬سواء في‮ ‬بلدان معنية بالتدفئة والطاقة أو دول أعدت خططا عظيمة لتنميتها نتيجة تسارع النمو فيها،‮ ‬وكونها قادرة على ابتلاع كميات كبيرة من النفط،‮ ‬دول كالصين والهند لا‮ ‬يمكنها إلا الموافقة،‮ ‬ودول تمتلك تلك الشركات النفطية العملاقة كالولايات المتحدة تدرك كل خفايا اللعبة،‮ ‬فتقوم بالتخزين أحيانا،‮ ‬كونها تدرك ماذا‮ ‬يفعل الشيطان النفطي‮ ‬حاليا في‮ ‬العالم،‮ ‬مما أنتج مع الارتفاعات الصاروخية المتلاحقة أزمات مستفحلة في‮ ‬كل أسواق العالم،‮ ‬خاصة وان المستهلكين الصغار‮ ‬ينزفون من جيوبهم‮ ‬يوميا‮. ‬فقد صار النفط مهما في‮ ‬المواصلات بشكل اكبر من أي‮ ‬قطاع آخر،‮ ‬فعلى من‮ ‬يمتلكون السيارات والسفن والمسافرين بالطائرات أن‮ ‬ينتظروا جحيم الضرائب والتكاليف الجديدة التي‮ ‬ستضاف إلى القيمة الجديدة للسلعة،‮ ‬ناهيك عن المشتقات التي‮ ‬صرنا نستهلكها دون أن نعرف أنها قادمة من جحيم الشيطان النفطي،‮ ‬الذي‮ ‬سيشعل العالم احتجاجا واعتصاما وإضرابا‮. ‬
فلماذا نستغرب بداية العواصف القادمة مستقبلا؟ فارتفاع أسعار المواد الغذائية لها بهذا الشكل أو ذاك علاقة بمتغيرات دولية في‮ ‬الأسعار، ‬وبتداخل البلدان بالتدريج في‮ ‬كل ما هو مرتبط باتفاقية التجارة الحرة،‮ ‬ولن‮ ‬يتضرر في‮ ‬البلدان الغنية والفقيرة إلا تلك القطاعات الصغيرة وأصحاب الأجور المتدنية في‮ ‬ظل أسعار مرتفعة وجنونية وأجور متدنية اختل توازنها في‮ ‬السوق والإنتاج والتسويق والتوزيع،‮ ‬مثلما اختل توازن العرض والطلب،‮ ‬بين دول مستهلكة للسلعة ودول منتجة له،‮ ‬وهذه المرة صارت المواد الغذائية طرفا جديدا مع النفط كسلعة تهدد حياة الناس في‮ ‬كوكبنا،‮ ‬ومن لا‮ ‬يملك اليوم راتبا مرتفعا فانه‮ ‬يشعر بكل ذلك الثقل اليومي‮ ‬القابع على أنفاسه،‮ ‬ونزيف جيبه ونضوبه بسرعة‮..‬
‮ ‬فراتب الشهر ما عاد قادرا على تلبية كل حاجاته الحيوية ومستلزماته الضرورية،‮ ‬لهذا وجدنا أن مئة مليون إنسان في‮ ‬العالم حسب الإحصائيات الأخيرة للأمم المتحدة،‮ ‬مهددون بالفقر والجوع،‮ ‬بينما الملايين الأخرى مهددة بتدني‮ ‬مستوى معيشتهم ورفاهيتهم كشريحة اجتماعية،‮ ‬إذا ما ظل النفط‮ ‬يسارع خطاه نحو الارتفاع دون أن‮ ‬يلجمه احد،‮ ‬بعد أن دخل للسوق قطاعات جديدة تضارب وتلعب بالأسعار والمواد الغذائية وأسعار النفط،‮ ‬ونجحوا في‮ ‬الهروب من الرقابة والتشريعات التي‮ ‬سنتها دول في‮ ‬الفترة الأخيرة‮. ‬
انخفض الدولار‮ “‬العزيز‮” ‬وفقد ثلاثين في‮ ‬المئة من قيمته في‮ ‬الأسواق الخارجية،‮ ‬ونجحت الولايات المتحدة في‮ ‬لعبتها من جعل العملاق الصيني‮ ‬يفقد تلك القوة من احتياطات الدولار المخيفة في‮ ‬خزينته،‮ ‬في‮ ‬وقت تبيع الشركات العملاقة نفطها بأسعار باهظة،‮ ‬فماذا تفعل الطبقة العاملة والمنتجون الصغار في‮ ‬أوروبا وفقراء أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا إزاء محنتين،‮ ‬ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي‮ ‬يمضغونها وتتوجه لمعدتهم والمواد النفطية التي‮ ‬تمضغها آلاتهم ووسائل إنتاجهم ؟‮!‬
لقد أصبحت العولمة المتوحشة قادرة على خنق الإنسان والآلة التي‮ ‬بحوزته كما هي‮ ‬حالة العبيد القدماء بسلاسلهم،‮ ‬فهم اقل من أي‮ ‬قيمة إنسانية،‮ ‬وعلينا أن ننتظر خروج سبارتاكوس الجديد من قلب أوروبا من قلب إخطبوط الإضرابات المتسارعة والممكنة،‮ ‬والتي‮ ‬نراها تشتعل بالتدريج في‮ ‬قارة أوروبا الموحدة جغرافيا وسياسيا،‮ ‬فيما راحت دول أمريكا اللاتينية تلوح بمخاطر الانفجار،‮ ‬محاولة احتواء الأزمة باجتماعات قمة للالتفات بتنمية جماعية خشية من شبح الجوع والفقر القادم أكثر مما وصلت إليه حالة بعض بلدانها،‮ ‬والمأساة أننا بتنا نقارن ظاهرة الفقر بحالة الوضع الأكثر فقرا‮!‬
إن الإضرابات الجزئيــة الصغيرة المتناثرة والاحتجاجات المتنامية في‮ ‬اسبانيا وألمانيــا وايطاليا وبريطانيــا،‮ ‬وتــذمر سكــان القـــارة الأوروبيــــة باستمــرار،‮ ‬ليس إلا إنــذارا‮ ‬يطـــرق الجرس بقوة،‮ ‬ومن‮ ‬يتخيلون من تلك الدول المنتجة للنفط أنهم قادرون على النوم بهدوء والتملص من المسؤولية،‮ ‬يشاركهم حفنة‮ ‬يلعبون بالأسعار في‮ ‬الغرب لدى سكان تلك الدول،‮ ‬بحيث اخذوا‮ ‬يمتصون جيوبهم من بداية الشهر‮. ‬
إن اشتعال الغضب‮ ‬يبدأ من التذمر الصامت والهمهمة حتى نسمع بعدها صوتا‮ ‬يعلو،‮ ‬وبعدها‮ ‬يخرج السكان والعمالة الأجنبية والمهاجرون المقيمون بطرق شرعية وغير شرعية،‮ ‬في‮ ‬هيجان عشوائي،‮ ‬وسرعان ما تنخرط النقابات والمنظمات الأخرى من منظمات المجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬تلاحم مشترك تهتز فيها أوضاع العالم،‮ ‬فلا‮ ‬يعرف الساسة وأثرياء اللعبة ماذا‮ ‬يفعلون لحظتها حينما تشتعل حرائق الفوضى الجماعية؟‮!‬
‮ ‬من‮ ‬يعتقدون أن صيفنا سيمر هادئا واهمون،‮ ‬فكل نقابات المواصلات والاتصالات‮ ‬يرون في‮ ‬الصيف والمواسم السياحة أفضل المواسم للضغط وتحقيق المطالب‮. ‬بالتأكيد لسنا متفائلين كثيرا ولكننا نحاول أن لا نسقط في‮ ‬سوداوية التشاؤم اللعين‮.‬

صحيفة الايام
15 يونيو 2008

اقرأ المزيد

شركتنا الوطنية‮.. ‬لماذا هذا القرار؟


البيان الذي أصدرته شركة بتلكو بشأن فصل (٤٤) موظفاً بحرينياً أوضحت فيه إنها كانت ولا تزال – عازمة منذ أكتوبر الماضي على تنفيذ برنامج تدوير الموظفين كإجراء لمواجهة التحديات التي تفرضها متطلبات وتحديات سوق الاتصالات.  وأوضحت أيضا أن هذا البرنامج يعني إما حصول الموظف المعني بالتدوير على وظيفة أخرى مناسبة لمؤهلاته وخبراته العلمية او قبوله بالعرض المادي الممنوح له من قبل الـشركة الذي يصـل في بعض الحالات إلى تعويض مرتب شـهرين عن كل سنة خدمة شاملة منحه الدرجة الوظيفية وسنوات الخدمة، والى جـانب ذلك أشار البـيان إلى إن برنـامج التدوير هذا الذي تم على أساسه إنهاء خدمات أولئك الموظفين لا يعد فصلاً تعسفياً، وكذلك لم يأت بشكل مفاجئ للعمال لأنه تمت مخاطبتهم رسمياً ومقابلتهم لإيضاح هذا البرنامج، كما تم في الوقت نفسه إشعار وزارة العمل والنقابة بذلك.
بادئ ذي بدء نقول: ان بتـلكو من الـشركات الوطـنية التي لا يمكن ان ننكر أو  نتنكر لمساهماتها وفعالياتها في البلاد ولكن لأي قراءة موضوعية للمقتطفات التي اوردناها حسب هذا البيان يتضح لنا ان الشركة ”ما عليها من احد “فهي ماضية في تنفيذ برنامجها الخاص بالتدوير ونفهم من ذلك ” إما حصول الموظف على وظيفة أخرى أو قبوله بالعرض المادي الممنوح له من قبل الشركة” وإذا لم ينطبق عليه الاختيار الأول وهذا بالطبع يخضع لمعايير ومقاييس لا يعلمها إلا الله فان الخيار الثاني من نصيب المرشحين للفصل ولا ندري كم عددهم؟ هل الـ (٤٤) عاملاً أو أكثر؟ هل فكرت شركتنا الوطنية ان الاستغناء عن (٤٤) عاملاً يعني بأن الضرر سيقع على (٤٤) أسرة ولو افترضنا إن كل أسرة مكونة من خمسة أفراد فإن (220) مواطناً عرضة للحاجة!!
ويتضح لنا أيضا إن الشركة عندما فصلت هؤلاء العمال نفت نفياً قاطعاً بان هذا الفصل فصلاً تعسفياً في حين ان رأي وزارة العمل – نشر في إحدى الصحف المحلية – يقول: إن قرار الاستغناء عن هؤلاء العمال افتقر إلى المبررات القانونية مما نسميه بالتعسف “وإذا كانت مبررات الشركة كما نص عليه البيان هي
مواجهة التحديات التي تفرضها متطلبات وتحديات سوق الاتصالات” فإن هذه الحجة عامة وبالتالي ما هي الأسباب والظروف الفعلية التي تستدعي تقليص قوة العمل؟؟ سؤال نطرحه على المسؤولين في الشركة.
والمؤسف في الأمر إن هناك حكما ” قضائياً ينص على وقف برنامج التدوير وتفعيل الاتفاقية المـشتركة للـتقاعد المبـكر والطـوعي وفي هذه الحالة لماذا لم تلتزم هذه الشركة بالحكم القضائي؟ وما يجب ان يؤخذ في عين الاعتبار هو ان المفصولين رفضوا التعويضات المعروضة عليهم حتى لو كانت مجزية وبالتالي لماذا كل هذا الإصرار على تنفيذ البرنامج؟
على كل حـال أملـنا كبير في شركتنا الوطنية في ان تعيد النـظر في هذه القضـية العـمالية وتحقيق أملنا في إعادة المفصولين إلى عملهم وهذا ما يقتضي حواراً بين الشركة والنقابة ووزارة العمل.
 
الأيام 14 يونيو 2008

اقرأ المزيد

مَنْ‮ ‬كُـلّما شعرنا‮ ‬ بالتعب إليهم نذهب


مهما قيل عن ميل الناس إلى أن يتخذوا القرارات المهمة في حياتهم باستقلالية ووفق ما يرونه ملائماً ومنسجماً مع رغباتهم، فإن الناس أميل إلى التشاور، إلى سماع النصيحة من آخرين، من محيط قد يضيق وقد يتسع من الأصدقاء والمعارف وذوي الخبرة قبل الإقدام على الخطوات التي يريدونها.
   وغالباً ما يكون طلب المشورة هو أشبه بتفكير بصوت عالٍ، لأنك حين تتحدث إلى صديق عن مشكلة تواجهك وتقوم بالتعبير عنها في كلمات وفي جمل، تكون كمن يضع المشكلة في إطارها.
 والتفكير المسموع، التفكير بالكلمات، هو غير التفكير الصامت، لأن هذا الأخير أقرب إلى المنولوج الداخلي، بينما الأول أقرب إلى الحوار، كأنك حين تصيغ المشكلة في كلمات تكون قد اخترت ما تظنه التوصيف الأقرب إليها.
 في رواية “الآن .. هنا” يقول الروائي عبدالرحمن منيف ما معناه إن أكثر الناس خبرة ودراية في الحياة يحتاجون في لحظات إلى من يشاورونه، إلى من يستمعون إلى وجهة نظره..
وهذا صحيح، لأن المرء الحائر إزاء قرار ما من القرارات التي ينوي اتخاذها غالباً ما يكون في تلك اللحظة خاضعاً لضغط ظرف معين، لضغط حدث آني أو حاجة فورية، وهو بذلك غير قادر على تلمس الجوانب المختلفة للمشكلة التي هو بصدد التعامل معها.
موضوع النصائح لا يخلو من المفارقات، بينها أننا أحيانا نطلب النصح من الآخرين في الوقت الذي نكون، في ذواتنا، قد عقدنا العزم على أن ننفذ ما قررناه في أذهاننا سلفاً، بل ونحن نطلب المشورة نقوم بتقديم تلك العناصر التي تجعل من يستمع إلينا يصل إلى ذات النتيجة التي وصلنا إليها، نفعل ذلك بإلغاء أو إخفاء أو التقليل من أهمية العناصر التي يمكن أن تغلب رأياً آخر نقيضاً للذي نشتهيه.
 ومن نطلب منهم المشورة أناسا مختلفين ولكلٍ طريقته في التفكير وفي رؤية الأمور، وبالتالي تتعدد النصائح بتعدد الأشخاص، ومن النادر أن يتفق الناس على رأي واحد، فتجد نفسك إزاء كمٍ من الآراء لا تدري أيها الأنسب.
 وهناك بعض البشر الذين يجدون أن من واجبهم إسداء النصح للآخرين، هؤلاء متبرعون دائماً ليقولوا لسواهم ما الذي عليهم فعله، وما الذي عليهم عدم فعله، وغالباً ما يكون في سلوكهم هذا شيء من “الحشرية” والتطفل على الحياة الخاصة للآخرين، وغالباً أيضاً ما يكون هؤلاء هم أنفسهم أحوج ما يكونون لاتباع النصائح التي يسدونها.
 وبعيداً عن كل هذا يوجد في حياة كل واحد منا ثمة دائماً شخص عزيز أليف إلى النفس قريب من الروح والقلب، هو مستودع أسرارنا، وهو الواحة التي نلجأ إليها كلما شعرنا بالتعب، فنجد لديه الأمان وطمأنينة البال.
الأيام 14 يونيو 2008

اقرأ المزيد

حماية المال العام‮ .. !‬

نفهم أن المال العام هو كل ما تملكه الدولة وأجهزتها وشركاتها ومؤسساتها من أموال سائلة أو عينية كالمعدات والأجهزة والمباني والموارد الطبيعية من نفط وغاز ورسوم وأراضٍ وسواحل وكل ما هو مخصص للمنفعة العامة ويدخل في ذمة الدولة المالية.
ونفهم بأن المال العام أمانة ومسؤولية ، والدستور قضى بحرمته ونص على أن حماية المال العام واجب على كل مواطن “المادة ٩ – ب” وفي المادة “١٢” نص الدستور بأن “الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك للدولة ، تقوم على حفظها وحسن استثمارها بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني”.
إذا فهمنا المال العام من تلك الزاوية ، وأردنا المضي في استطلاع بعض وقائع التعدي على المال العام ، فإننا لا نجد دليلاً أبلغ من هذا الذي لا يمكن وصفه إلا بالكارثة، حينما سلطت لجنة التحقيق البرلمانية في تجاوزات السواحل قبل أيام ضوءاً حول حجم التجاوزات الواقعة على البحر والسواحل بفعل الردم، فعلى ذمتها فإن الأموال التي أهدرت بفعل الردم بلغت ملياري دينار قيمة الرمل البحريني الذي تأخذه الشركات والمؤسسات الاستثمارية مجاناً من دون رقيب أو حسيب لتقيم مشاريعها على السواحل ووسط البحار في المياه الإقليمية وعلى مساحات شاسعة تغطي ملايين الأمتار المربعة ، هذا في الوقت الذي بات معلوماً أن الدولة تعاني من أزمة عدم توافر الرمل وتقوم باستيراده من السعودية بأسعار مرتفعة.
كارثة حقاً حينما تضيع حقوق الدولة بهذا الشكل الفج وتخسر خزينة الدولة المليارات من الدنانير تلو المليارات تتسلل إلى جيوب أشخاص لم يبيعوا الرمل فقط، وإنما باعوا الرمل والبحر والموقع في مشهد بائس افتقد الحسابات الدقيقة كما افتقد التخطيط في الهدف العام – وغيبت فيه قواعد الضبط والربط، وتقاليد العمل الاقتصادي السليم والرؤية الإستراتيجية المستقبلية.
وكارثة حينما يعج هذا الملف بالمجهولات التي تجعل الهجمة على الأراضي والسواحل والبحار تستمر من دون إبطاء أو توقف ولتتحقق ثروات طائلة للبعض دونما اعتبار لحق الأجيال القادمة، ولا نجد حيال ذلك سوى تلويح عن توجه، مجرد توجه أعلن بأنه يهدف إلى سن التشريعات التي تحد من المخالفات التي تتم في عمليات الدفان وبيع الرمال ، هذا هو التوجه المعلن ولا شيء غير ذلك.
 وحين لا يكون ضمن هذا التوجه التزام واضح يصّوب هذا الوضع ويوقف هذا العبث المستفز على ثروة البحرين من الأراضي والسواحل التي تباع وتشتري دون أن يعلم أحد من هو البائع ومن هو المشتري ، وما هو نصيب الدولة وخزينتها من صفقات البيع والشراء، فإن ذلك في حد ذاته أمر مفجع .
وإذا كان هناك الكثير مما يمكن أن يقال في دلالات هذا المشهد ، وبمقدورنا أن نستقبل المزيد من الإشارات التي تؤكد على سوء التعاطي مع هذا الملف المثير لكثير من الشجون، وأن نستخرج من الذاكرة ما لا حصر له من الوقائع والتفاصيل التي كثير منها منشور ومتداول وكلها تقلبّ لنا المواجع وتؤكد بأن هذا الملف لم يحمل في يوم من الأيام محمل الجد، فإن مشاهد الاعتصامات المتكررة لأهالي المناطق الساحلية آخرها الاعتصام الأخير في الأسبوع الماضي لعشرات من أهالي قرى كرباباد والديه والسنابس والمقشع والقلعة على ساحل كرباباد للمرة الثانية احتجاجاً على عمليات الدفان التي طالت مساحات شاسعة من الساحل، ما هي إلا صورة مسكونة بالمرارة و زادها مرارة ما جاء على ذمة عضو مجلس بلدي العاصمة حميد منصور بأن مساحات الدفان بلغت 10 ملايين قدم مربع بقيمة تصل إلــــى 2.5 مليار  دينار ، مؤكداً بدوره على فداحة الكارثة، بعد أن تحولت السواحل العامة بقدرة قادر إلى أراضٍ خاصة لصالح بعض المتنفذين.
وإذا كنا نعلم جيداً بأن المضي قدماً في خوض هذا الملف قد يصدمنا الى حد الذهول وقد يفاجئنا بما لم يكن في الحسبان، أو يكشف مستوراً لا يخطر على بال مما يسّوغ الاعتراض ويستوجب الاحتجاج، فإن السؤال : ماذا يعني ذلك؟ والى متى يستمر ذلك ؟ وهو سؤال ردده كثيرون من قبل ويردده كثيرون الآن وسيردده كثيرون في المستقبــل!
– لعل أول ما يعنيه ذلك وما قبل ذلك ومن دون استفاضة ، أن قيمة المساءلة وقيمة المسؤولية ذاتها غائبتان عن الوعي العام ولا أثر لها ولا اعتبار في إدارة وصيانة المال العام!!
– إنه يعني أن ملف الأراضي وأملاك الدولة من الثروات الطبيعية مازال شأنا ينتظر من يتولاه بكل جرأة وحسم .
إن هذا الملف سيبقى أهم وأكبر وأخطر ملفات – التجاوزات والفساد على الإطلاق . أما إلى متى يستمر ذلك فعلمه عند المولى العلي القدير، وكل ما بمقدورنا هو أن نجعل هذا الملف على البال دوماً نلح عليه ونستعجله مرة ومرات ، نفعل ذلك بقناعة أننا لن نجد عقلاً سوياً يفسر ويسّوغ هذا التفريط بغير ضابط ولا رابط في أحد أهم الموارد الطبيعية، ربما ذلك بعض ما يعنيه هذا الملف ، ولا نعلم إن كان ما صرح به النائب العام في حديثه التلفزيوني يوم الجمعة الماضي يعني إمكانية أن يوضع هذا الملف برمته وبكل أبعاده بين يدي النيابة العامة، وأن يؤخذ هذا الملف مأخذ الجد هذه المرة ، فالنائب العام قال إن النيابة العامة لا تستند إلا على القانون والضمير، وإنها تتحرك اذا ما رأت جريمة واضحة الأركان والمعالم، وإن الخطوط الحمراء والشخصيات المتنفذة تتساقط أمام النيابة العامة.
 فإذا كان بمقدور النيابة العامة أن تفعل ذلك حقاً ، فهل يمكن أن نعّول عليها بأن تأخذ زمام المبادرة في سبيل مواجهة أكبر جناية في حق أهم ثروات وموارد البحرين الطبيعية التي نص دستور المملكة على حمايتها، والقانون قضى بالدفاع عنها.
 أما الرهان على دور لجنة التحقيق، أو دور أعضاء مجلس النواب في تحريك هذا الملف ، وقدرة النواب على أن يدفعوا للسير بالأمور في نصابها الصحيح الممكن، فذلك أمر مؤجل لأننا لسنا واثقين من جدية وصدقية نوابنا في التعاطي مع هذا الملف المهم ، ففي حدود ما نعلم فإن قدراً لا يستهان به من المعلومات الخاصة بهذا الملف بات متوافراً لدى لجنة التحقيق، فهل سيكون ذلك كفيلاً بأن يطرح هذا الملف للتداول دون أن يكون النواب موضع الانقياد والامتثال والانصياع لأي ضغط أو تجاذبات أو مساومات للأسباب التي نفهمها ، وبالأساليب التي نعرفها ، فلازال ماثلاً أمام أعيننا وفي أذهاننا تلك الممارسات الرديئة التي شهدناها في الآونة الأخيرة وأبطالها غالبية النواب، وإذا كان هذا هو الحال ربما من المناسب علينا أن نذكر، فلعل الذكرى تنفع النواب، نذكر بأن مستوى التعاطي مع هذا الملف ، ومع ملف التجاوزات والفساد برمته، ومن ضمنه حتماً قضية فساد “ألبا”الفاقعة ، وتقرير ديوان الرقابة المالية، فإما أن يكون إنجازاً حقيقياً للنواب يفاخرون به، أو يضيفون إلى رصيدهم ما يحبطنا وينفرنا منهم، والله المستعان.
 
الأيام 13 يونيو 2008

اقرأ المزيد

المرأة والقاطرة التاريخية


تابع العديدون الانتخابات الكويتية، وتزداد تلك الأهمية لمن يهمه شأن حقوق المرأة الأساسية والدستورية القائمة على الحقوق الكاملة ما بين المواطنين ذكورا وإناثا دون تمييز، وتزداد تلك الاهتمامات لمن يرون في نضالاتهم التاريخية السرية والعلنية كم دافعوا عن حقوق المرأة، في تاريخ نضال الشعوب دون استثناء، عندما كانت قاطرة التاريخ لا تتحرك إلا بضرورة وجود المرأة فيها كونها المعادلة الثنائية الشرعية للوجود الإنساني، ومن يحاول جعلها أداة لغاياته واستغلاله لوجودها فإنه هزم في محطات كبرى في التاريخ.
عندما نجول بشريط الإنسانية أمام أعيننا ونرى اليوم أين تقف المرأة وأين كانت خلال القرون الثلاثة الماضية نلمس تلك الحقيقة، وكيف عملت مع كل الثورات الجبارة في تاريخ الإنسانية. فهل نصا ب بخيبة أمل أبدية لمجرد أن المرأة في الكويت لم تنجح في الانتخابات الأخيرة، فنبدأ اللطم على الخدود وشق الملابس والبكائية والانغلاق في دائرة اليأس؟
 إن جردة بسيطة على الواقع الكويتي ومثله الواقع العربي والإسلامي برمته وان – تفاوتت النسبة الضئيلة بين بلد وآخر – فان واقع المرأة يبقى مجرد شكليات وديكورات وهمية نخدع فيها أنفسنا؛ فالمهم دائما أن تستطيع الحركة النسوية أولا والمجتمعية ثانيا  أن تزاحم المجتمع الذكوري المعادي لهما وتزيل الغبار عن تبعية وعي المرأة للرجل لكي لا تسقط المرأة تحت عباءتين سوداويتين.
 الأولى شعورها بأنها لا تؤمن بقدرة المرأة نتيجة لإقناع الرجل الذكوري لها بأكذوبة تاريخية.
 والثانية الاغتراب الذاتي عند المرأة لذاتها بأنها مستلبة دون إرادة حقيقية وبأنها مخلوق مكبل ومحدد الإرادة، صنعت له دوائر يتحرك فيها كدائرة المطبخ وحلقة الاستيلاد والتربية.
ولكن مع حركة التاريخ هدم المجتمع والمرأة من ضمن نضالات العملية التعليمية بأن تفرض حضورها في الجامعات والوظائف، فتم إزالة أهم عقبة تاريخية وهي كسر جدران البيت والخروج إلى فضاء عام واجتماعي. واليوم مع سرعة وزخم الثورة المعلوماتية وجد الفكر الظلامي وجميع المنهجيات المتخلفة نفسه مجبرا على استبدال جلده، فحتى الأمس القريب كانت المرأة كائناً – بفعل تحوير تفسيرات المواد الدستورية – ثانوياً في خطاب وثقافة المجتمع ووعيه المشوه، فنجح الصوت المناهض للمرأة بمنعها من المشاركة في العملية السياسية، فعرقل مشاركتها في التصويت والترشيح، ولكن منطق التاريخ المتفائل دائما بانتصار حركة الحياة يفرض نفسه على كل خطاب ذكوري معادٍ للمساواة الكاملة.
 وحينما يبدأ الضغط المائي يهدد بتفجير السدود فان البحث عن فجوات التنازل تصبح ممكنة التحقيق، فأصبحت المرأة الكويتية منتصرة حينما تم انتزاع حقها رسميا بشرعية دستورية أن تقترع وترشح مثلها مثل الآخرين، فهل نستهين بخطوات عملاقة في التاريخ المظلم بأكثر من ذلك؟!
تبقى هناك عوائق ليست هي انتخابية مجردة وصناديق اقتراع مفصولة عن حبلها السري، فالوعي الاجتماعي العام النسائي والرجالي لا يزال بحاجة في البيت والمدرسة والمجتمع وغيرها من كل زوايا حياتنا إلى تغيير مفاهيمه المطلقة المرتبطة بإرث اجتماعي عمره قرون، وبذلك تناضل المرأة ليس في زمن الحملة الانتخابية القصيرة وحسب، وإنما تكابد ذلك الإرث البارز في لحظة الحملة وتكتشف ظلاله الكثيفة بشكل ملموس والتي من خلالها تتذكر ان السدود ليست في العلاقات الإنسانية بين المرأة المترشحة والناخبة وإنما في المكونات التاريخية المرتبطة بالإرث الأبوي والمجتمع التقليدي، فعند المجتمع يبقى هناك شعور ان المرأة لا تفهم في كل الأمور ولا تصلح لكل الأمور ومن أهمها البت في الشأن السياسي داخل البرلمان، حتى وان حملت المرأة شهادة عليا في القانون، ففي عرف النساء والرجال المنتخبين ان قبة البرلمان مسألة سياسية بحتة ولا شأن للتشريع والقوانين فيها. فكيف يفهم رجال القبيلة، نساؤها ورجالها، هذه المسألة حتى وان كانت ابنة القبيلة تعلمت في باريس القانون وعادت من بريطانيا تدّرس القانون!
من هنا علينا أن نناضل وفي مقدمتنا المرأة صاحبة القضية الأولى المعنـية في الدفـاع عن حـقوقـها، أن تواصل مسـيرة كفاحها الثابت والدائم من اجل تأكيد ذاتها قبل الانتخابات وأثناء الانتخابات وبعدها لكي تهزم مرة ومرتين وثلاث لتفوز في الرابعة، فكل عمل الإنسان وتقدمه هو ماراثون طويل في كل مجال وجانب، فهل تستكين النساء بعد نتائج بدت خطوة ايجابية في تفحص الأرقام والمناطق والبحث عن نقاط الخلل والاستعداد من لحـظة انـتهاء الفرز لجولة قادمة، فصنع التاريخ لا يأتي كنزوة عابرة وحماس يختفي للأبد وإنما انتزاع ذلك التاريخ الذي صنعته الإنسـانية من اجل الحرية بإرادتها، وهل هناك حرية أهم من حرية المرأة، التي تفوق مسألة المقعد النيابي، فهو يذهب ويأتي مثل كل مواسم الحياة المتغيرة.
 
الأيام 13 يونيو 2008

اقرأ المزيد

أطفال مملكة البحرين وغياب التشريعات التربوية


 
يوم 12 يونيو هو اليوم العالمي لمناهضة تشغيل الأطفال، وما يتمخض عن تعريضهم لمختلف الأخطار وشتى مظاهر القهر والقمع، وبمناسبة هذا اليوم العالمي للطفولة فإننا سنتناول وقائع وأوضاع الطفولة في مملكة البحرين وما يترتب عليها من ضرورة تقديم مختلف الأساليب التربوية الأسرية والتعليمية والإعلامية بالشكل المطلوب وطرح مفاهيم الرعاية الأهلية والمجتمعية والتنموية بالشكل المنشود، من أجل القدرة على تربية هذه الطفولة باستحقاق وإعدادها وتأهيلها باقتدار، وفي سبيل صونها والحفاظ عليها والدفاع عنها ورفع غطاء العنف الأسري والمجتمعي عن كواهلها، والحد من المعاناة النفسية والجسدية عن أكتافها، وصد تداعيات جميع الإيذاءات والإهانات التي تواجهها والتي تقابلها عملية النهضة التربوية والأسرية والتعليمية والصحية والمجتمعية عبر مختلف سنوات الطفل العمرية التي يستوجب أن تدخل إلى حيز التنفيذ وحيز الواقع والوجود..
بحيث إن هذه العملية من النهضة التربوية للطفولة، لن يكتب لها النجاح ما لم تقترن بمصداقية الإرادة الراسخة وترتهن بحسم المبادرات الوطنية بتوطيد العزائم واستنارة العقول وتوكيد التضحيات التي تدعمها بطبيعة الحال القوانين الحديثة والتشريعات المتطورة من دون تلكؤ وبلا تردد أو من دون لفت أنظار المجتمع وإثارة فضوله وانتباهه وتساؤلاته بين فترة وأخرى لا لشيء سوى للاستهلاك المحلي بشعارات التصريحات النظرية التي لا تغني ولا تشبع من جوع. ولعلنا هنا نستميح أصحاب الشأن بما أسلفناه قولا حول سن التشريعات المتعلقة بالطفولة، وما صاحبها من التصريحات غير العملية لكون الجميع قد أصابهم السأم والضجر في مقتل، وطالما التربويون والاجتماعيون والنفسانيون أصابهم اليأس والقنوط في مكمن.. ذلك لما كان ولا يزال يقال وما يصرح به أصحاب الشأن، وما ينشر في الصحافة المحلية على ألسنة المسئولين في الدولة وممثلي الشعب سواء في السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية حول سن واستحداث قوانين وتشريعات تتعلق بواقع الأطفال والطفولة في مملكة البحرين منذ أمد بعيد، أي منذ الفصل التشريعي الأول ما قبل خمسة أعوام أو ستة أعوام خلت، مرورا بتصريح رئيسة لجنة المرأة والطفل بمجلس الشورى حول التشريعات الخاصة بالطفل عام 2007م، وتواصلا مع إعلان بعض النواب مقترحاتهم إزاء الموضوع ذاته من العام الماضي ذاته.. وتشكيل اللجان الرئيسية والفرعية باللجنة الوطنية للطفولة بقرار رقم 46/.2007 إنه من الأهمية بمكان القول: إن قضايا سن التشريعات التربوية الخاصة بواقع الطفولة وأطفال مملكة البحرين هي قضايا لا تحتمل التأخير والتأجيل بل هي غير قابلة للتسويف أو التضليل.. لكون هذه القضية التربوية هي أخطر القضايا على الإطلاق.. ولكون حقائق هذه القضية قد طرحت من جديد وباستمرارية دائمة فإنه توجب على السلطة التنفيذية أن تبادر وتبت في قانون الطفل على جناح السرعة، بدلا من التباطؤ غير المبرر، ولعل ما أكدته الدكتورة فضيلة المحروس رئيس مجلس إدارة مركز البحرين لحماية الطفل قد أصاب كبد الحقيقة عند قولها «ضرورة الإسراع بتمرير قانون الطفل الذي تم تقديمه منذ الفصل التشريعي الأول وبقي لدى السلطة التنفيذية فترة طويلة«. ويبقى القول صحيحا: ان مناسبة يوم 12 يونيو وهو اليوم العالمي للدفاع عن الطفولة، ومناهضة تشغيل الأطفال.. فإنه آن الأوان لضرورة عقد اللقاءات الملحة ما بين أصحاب الرأيين الرسمي والشعبي والمتمثلين في المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ومنها الجمعيات السياسية والنسائية والحقوقية واللجان الوطنية للطفولة ولجان الطفولة بالمجلس الوطني بجانب المؤسسة العامة للشباب والرياضة ومركز البحرين لحماية الطفل، من أجل التحاور والتشاور لوضع الخطط التربوية والإستراتيجية المطلوبة للطفولة وسن وتشريع قانون للطفولة وحماية أطفال البحرين بين أروقة البرلمان وتحت قبته، بشرط أن يكون قانونا حضاريا متطورا، ومستنيرا متكاملا بطابع من التناسق والتناغم، وبصياغة سليمة من دون ثغرات ولا عثرات، يصون الطفل بقدر ما يحافظ على حقوق المرأة كاملة، وبحسب ما يؤكد هذا القانون الدفاع عن الطفولة ضد كل ما يمت بصلة إلى العنف والإيذاء والإساءة والاعتداء، والتجريح والتقريع، سواء نفسيا أم جسديا أم معنويا في مختلف البيئات المجتمعية وعلى رأسها البيئتان المنزلية والمدرسية، ليس هذا فحسب ولكن أيضا النهوض بهذه الفئة من الأطفال صحيا وتعليميا وتربويا واجتماعيا وثقافيا.. والأهم من ذلك كله هو حماية هؤلاء الأطفال من تسلط الكثير من الآباء والأمهات والإخوة والمدرسين الذين هم أصلا يظلون في أمس الحاجة إلى تأهيلهم وتوجيههم ورسم معالم الحياة السوية أمامهم من خلال النهضة التربوية والعلمية الإنسانية.. هذه الفئات من الكبار حينما تستوي على جادة المفاهيم التربوية السوية.. فإن الأطفال الذين يمثلون نصف الحاضر وكل المستقبل سيسترشدون من المعين التربوي السوي والسديد.. وهذا يتطلب في واقع الأمر استحداث قوانين وسن تشريعات لتربية الكبار قبل الصغار من أجل تعديل اعوجاج العود لتسوية الظل.. وذلك اقتداء بالأمم الإنسانية المتطورة وعلى غرار المجتمعات الديمقراطية والحضارية التي تألقت في العلوم الإنسانية والتربوية قبل العلوم التقنية والعلمية.
 
أخبار الخليج  13 يونيو 2008
 
 
 

اقرأ المزيد

حكايات من تاريخنا (59)

شهركان القرية والإنسان في واحد من الأحاديث اللافتة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء لدى التقائه المواطنين، أعرب سموه عن حنينه واشتياقه إلى أن يسوق سيارته بنفسه ليتجول بين شوارع مدن وقرى البلاد كأيام زمان لولا ان الظروف المستجدة المعروفة تحول دون ذلك. هذه المشاعر الإنسانية الاجتماعية التي عبر عنها سموه في مجلسه الأسبوعي ذكرتني على الفور بكتاب لزميل الدراسة الأخ صالح حسين أهداني إياه وكنت أتحين الفرصة المناسبة لتناوله في هذه الزاوية التاريخية، وكان قد صدر عام 2006م تحت عنوان “شهركان القرية والإنسان”، كما حضرت للمؤلف محاضرة حول الكتاب نفسه أقامها مركز جدحفص الثقافي بعد صدور الكتاب.
فمن ضمن ما تناوله المؤلف من مواقف ومصادفات طريفة ما ورد تحت عنوان “هطول الأمطار وذكرياتها”، يروي الموقف التالي الذي صادفه ذات أمسية شتوية مع سمو رئيس الوزراء بمعية شقيقيه الأمير الراحل الشيخ عيسى والشيخ محمد، وهو موقف يعبر بشفافية عن بساطة تلك الأيام الخوالي، حيث يقول المؤلف: “ومن الذكريات المتعلقة بوادي الصخير والتي لا تنسى هي أنه في إحدى الليالي من فصل الشتاء كنا مع العم الحاج محمد والوالد رحمهما الله عائدين حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا من المعامير أيضا وعندما وصلنا إلى قرب مسجد سبسب – الموجود جنوبي قرية دار كليب- كانت هناك سيارة سبور متوقفة على يمين الشارع وكان هناك شخص واقف رافعا يده طالبا المساعدة. توقف العم الذي كان يسوق السيارة وترجل من السيارة ليرى أمامه صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء.
الشيخ خليفة وأخواه الشيخ عيسى الأمير الراحل رحمه الله والشيخ محمد كانوا على معرفة بالعائلة، ولذلك فإن العم والوالد وسمو الشيخ خليفة تعرفوا على بعض وقد علموا أن سيارة الشيخ خليفة كانت متعطلة وتحتاج إلى تصليح. نزلت معهم للسلام على سموه وحاول الوالد إصلاح السيارة من غير فائدة.
بعد ذلك طلب الشيخ خليفة من العم إيصاله في سيارة اللوري التي كنا نستقلها إلى مزرعته البحرية في الصافرية. وقد ظل سموه راكبا على العتبة التي كانت جنب باب السائق – تسمى الدوسة – ومتشبثا بيديه بمقبض المرآة العاكسة وكان كذلك متلثما بغترته حتى أوصلناه إلى المزرعة فشكرنا على ذلك ودخل المزرعة التي كان فيها قصر سموه. وقد كانت المسافة من مكان توقف سيارته حتى مزرعته حوالي أربعة كيلومترات«. ولعل هذا الموقف كما رواه الكاتب هو أهم المواقف والمصادفات الطريفة التي سردها المؤلف بسليقة عفوية واضحة جديرة بالتدوين لما تعبر عنه تلك المصادفة من دلالات سياسية واجتماعية غير خافية عن العين لكونها ترتبط بشخصية قيادية مهمة ذات وزن كبير ممثلة في سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة.
على أن كتاب “شهركان القرية والإنسان” لصالح حسين حافل بالكثير من الحكايات والطرائف والمواقف الممتعة الأخرى التي لا تخلو أيضا من دلالات اجتماعية وتاريخية وتراثية مفيدة والتي تناولها الكاتب في سياق فصول الكتاب الثمانية والتي جاءت على النحو التالي:
الفصل الأول: نبذة عن القرية، وقد تناول فيه المؤلف موقع القرية على خريطة البحرين، وسكانها ووصفا لمنازل القرية، ومساجدها والعيون التي اشتهرت بها، ومزارعها ومظاعنها ومقابرها ومآتمها ومؤسساتها التعليمية ومجالسها الشعبية.
الفصل الثاني: الزراعة، ويتناول فيه الكاتب ذكرياته عن العمل في حقول القرية، وزراعة النخيل والعناية بها وهطول الأمطار وذكرياتها.
الفصل الثالث: الصيد، ويستعرض فيه المؤلف ذكرياته مع أسراب الجراد التي تداهم المزارع وكيفية تعامل المزارعون وأبناء القرية معها، والطيور وأنواعها وموسم الحداق (القنص) والأسماك البحرينية الشهيرة التي يصطادها أهالي شهركان ويعتمدون عليها في غذائهم وتجارتهم بها.
الفصل الرابع: وقد خصصه الكاتب لعادات وتقاليد القرية، كالفزعة والحرف والعادات التي تمارس في المجالس، والأكلات الشعبية.
الفصل الخامس: وقد تناول فيه المؤلف ذكرياته خلال مراحل الدراسة بدءا من الابتدائية ومرورا بالخميس الإعدادية التي زامله صاحب هذه السطور فيها، وانتهاء بالدراسات العليا.
الفصل السادس: وقد روى فيه الكاتب حصاد تجاربه في العمل في عدد من بنوك البلاد.
الفصل السابع: وهو عن انطباعاته حول تجربته في العمل التطوعي الاجتماعي في مؤسسات المجتمع المدني بالقرية ممثلة في عدد من أندية المنطقة.
الفصل الثامن والأخير: وقد خصصه المؤلف لرجالات القرية الراحلين، وختم هذا الفصل بصور تاريخية نادرة ثمينة لعدد من المناسبات الاجتماعية التي كانت تحييها شهركان، مثل طبخ ولائم الزواج وتطوع الشباب الجماعي لبناء مأتم القرية اعتمادا على سواعدهم، ونماذج من بيوت القرية كما بدت بتصاميمها المعمارية الشعبية القديمة. والحال ان كتاب الأخ صالح حسين “شهركان القرية والإنسان” هو واحد من الكتب التاريخية التراثية التي أخذت تصدر تباعا منذ نحو عقدين أو أكثر ويتناول فيها مؤلفوها بالتعريف كل ما يتعلق بمدنهم وقراهم التي ولدوا وعاشوا فيها من مجالات اجتماعية وتعليمية وثقافية ودينية ورياضية وفنية ومهنية بما في ذلك العادات والتقاليد وغير ذلك من جوانب تراثية وفلكلورية وتاريخية.
لكن ميزة هذا الكتاب انه من الكتب القليلة التي أجاد مؤلفوها تأليفها وفق منهجية علمية في تبويب الكتاب واختيار عناوينه المناسبة والتقاط أهم المعلومات والحكايات والأنسب لموضوع الكتاب.. نقول هذا بصرف النظر عن منهجية المؤلف في الأسلوب والتوثيق عند سرد تلك المعلومات والحكايات، والتي ليس هنا موضع تقييمها. كما وينم أسلوب تعبيره عن موهبة كتابية بالنظر إلى عدم تخصصه في هذا النوع من التأليف البحثي الاجتماعي، إنه كتاب ممتع ومفيد في آن واحد جدير بالقراءة من قبل المغرمين بفضول الاطلاع على صفحات متنوعة من تاريخنا وتراثنا الاجتماعي الثري بحكاياته الجميلة الشائقة التي تعكس عراقة حضارة الإنسان البحريني على هذه الجزيرة الخالدة.

صحيفة الايام
12 يونيو 2008

اقرأ المزيد