المنشور

إشكالية الاغتراب المعاصر


تَمحورتْ حياة الإنسان في الأزمنة الحديثة في محاولاته المضنية ، غير المجدية ، للخروج من حالة الاستلاب والاغتراب الاجتماعي / الاقتصادي، الذي يعانيه من جراء سرعة وتسارع نمط الحياة العصرية وضغطه المستمر على كاهله من جهة ، والتركز الشديد للأسلوب الإنتاجي النفعيّ ،الذي يحوم كالأفعى حول رقبته وهو يعيش بالضرورة ، في مجتمع بشري تسود فيه المنظومة الاقتصادية/الاجتماعية الرأسمالية المعاصرة ، من جهة أخرى .. الأمر الذي بدا فيه وكأنه مصاب بحالة من الانفصام المرضيّ المزمن ، العصيّ على العلاج ، لدرجة بات فيه  أكثر تعاسة من السابق بالرغم من منجزات العلم والترفيه المتوفرة ، حيث أضحت السعادة المرجوة بعيدة المنال ! بل أخذ يتوجس ويشعر أن متوسط عمره اقصر، مقارنة بالأزمنة الأقدم بالرغم من الحقيقة العكسية … صار يحنّ إلى الماضي كحنين الكبير العاجز إلى طفولته الأولى ! ومرد ذلك أن الفرد أصبح مرهونا وسجينا- أكثر من أي وقت مضى- لأمانيه وطموحاته الحياتية ، الضرورية وغير الضرورية ، جاهداً في مسعاه لتحقيق مبتغاه بمختلف السّبل ، السّوية وغير السّوية .. لا فرق بين معدَمٍ يلهث وراء رزقه بشِقّ الأنفس أو مقتدرٍ مصابٍ بالتخمة الزائدة !
 
 
هذه كانت مضامين الهواجس والأفكار التي تجسّدت في مقارعات محتوى الكتيب – غير المطبوع- الموزع سلفاً، بين المهتمين فقط ،للمسرحي البحريني الكبير الأستاذ عبد الله السعداوي ، المهموم حتى النخاع ، بالدور المزدوج الاجتماعي/ الجمالي للفن وحسّه الفطري والإنساني العميق بضرورة إحقاق الحق والإنصاف لبني البشر قاطبة.. تجلّت الأمور تلك، في المنتدى المفتوح الذي أقامته أسرة الأدباء والكتاب في البحرين مؤخرا، لمناقشة الجزء الأول من الثلاثي الذي سيصدر في المستقبل القريب.
 
 
إسهامات عبدالله السعداوي هذه ، المسمّى ” عيون فانغا العمياء(زرقاء اليمامة) ” ، المستوحاة من مسرحية “السراب” لسعد الله وَنّوس ، تنطلق أساساً من رمزية عودة “عبود الغاوي”(لاحظوا رمزية كلمة الغاوي) من المهجر إلى قريته على هيئة مخَلِّص، ممثلا لرجال الأعمال الجدد  للشروع لتنفيذ الخطط الاقتصادية الجديدة للغرب لتطبيقها على منطقتنا في سياق المشاريع الغربية التي نسمع عنها كثيراً!  تركزت المقاربة على الآلة الجهنمية التي تطحن المواطن، المسمى “السوق” حيث يصبح كل شيء معرضا للبيع والشراء (سوق نخاسة معاصرة) ولا يستثنى شيء حتى الآدمي نفسه وأفكاره وعوالمه الروحية والمعنوية وجهوده الفنية والإبداعية، المرتكزة على هجمة “العولمة” الملتبسة!  معرجاَ في شرحه (السعداوي) على تشخيص الاقتصادي المصري المعتبر “محمود عبدالفضيل”، من حيث مصاحبة ذلك لتسويق نمطٍ  جديدٍ  لثقافةٍ استهلاكيةٍ  سماها (الفضيل)؛ “ثقافة الفساد “، التي تطبّل لها نخبٌ فنية وثقافية جديدة/قديمة ، في خدمة أسيادها ؛ الطبقة الرأسمالية الطفيلية المصرية الجديدة ، كأنموذج بات يحتذى به في المنطقة العربية. 
 
 
على أن ما يهمنا في هذا الصدد  مقاربة الأخ السعداوي نفسه، وتخوفه الشديد من نشر نمط الحياة الغربية الاستهلاكية الشّرهة وخاصة الأنموذج الأمريكي ضمن هذه الهجمة على شتى مجالات حياتنا ، بواسطة  قاطرة “الديمقراطية”!  تبحر السعداوي قليلا في المسالة من وجهة نظره و بدا كأنه يدعو لنظرية “العودة إلى الطبيعة”، المجلوبة من فكر “الشَّعْبويين” الرافضين-رفضا عبثياً- للمدنية الحديثة! ومن الجدير في هذا السياق ملاحظة أن هذا اللون من الفكر يعاد إنتاجه على الدوام ، منذ أن شهر “سيرفانتس” سيفه لمحاربة طواحين الهواء في نهايات القرون الوسطى للوقوف بوجه المد الرأسمالي الجارف، القادم من شمال قارة أوروبا إلى جنوبها .. كما ترفع اليوم الرجعيات “العروبوية” و”الاسلاموية” السائدة سيوفها الخشبية”البتّارة” لمحاربة الحداثة الغربية و”الامبريالية” !
 
 
وبالطبع لا نستطيع في هذه العجالة الشروع في مقارعة نقدية شاملة للأفكار المهمّة التي أوجزها  “السعداوي”، سواء فيما يتعلق بعدم تماسك منهجيته التحليليّة أو تحديده للعوامل الخمسة الضرورية لتواجد أية حضارة (الفن/الدين /العلم/المال/العمل). على أن ما يمكن الاستناد إليه كمنطلق مبدئي لحوارٍ منهجيٍّ ومتابعته من قبل بقية الأخوة المعنيّين هو ضرورة اتفاقنا على أن جوهر المسالة المطروحة كان موضوع “الاغتراب”، الذي غاب عن الأذهان في حينه  تماما!
 
 
على أن محاولة شرح إشكالية مصطلح”الاغتراب” وتطوره عبر القرون تتطلب مجالاً ووقتاً آخرين بجانب أن إيجازه سيفقده الكثير من معانيه الجوهرية. ولكن لابد من إلقاء ضوءٍ خافتٍ وسريعٍ على ما استقرت عليها موضوعة”الاغتراب” الإشكاليّ في الوقت الحاضر ابتداءً من فكرة الاغتراب القديمة (الوجود الفردي) وتجلياتها في العصر الحديث(الوجودية والنفسية) وانتهاء بما وصل إليه فلاسفة القرن العشرين والقرن الحالي.. لعل أهمهم اليوم ، على الإطلاق ؛ الفيلسوف المَجَري المعاصر” إسطفان ميجاروس” (تلميذ جورج لوكاش)الذي كرّس أكثر من مؤلَّف لنظرية “ماركس” في الاغتراب ، المستندة على قمة الفكر الفلسفي الكلاسيكي الألماني وقطبيه البارزين “هيجل” و “فيورباخ” 
 
 
لعل أكثر المعاني وأقربها إلى الإقناع لمسالة “الاغتراب” هو ما جاء على يد “هيجل” ، الذي عزاه إلى الفرق والصراع بين الفرد(الذات) والآخرين(المجتمع)، واضعاً الظاهرةَ هذه في إطاره التاريخي الصحيح ، الأمر الذي وافقه “ماركس”  ضمن التحليل الهيجلي الجدلي للمسالة . ولكنه نقضه، انطلاقا من مادية”فيورباخ”(المادي الميتافيزيقي) على عكس هيجل (المثالي الموضوعي) من منطلق تأويله وتركيزه على عامل “الوعي” الإنساني الحاسم للمسألة.. وذلك لسببين أساسين (حسب ماركس)؛ أولهما أن هذا التحليل ينطلق من الذات الإنسانية وكأن الاغتراب ذاتي المنشأ ، بينما هو في الواقع نتيجة للعامل المادي الموضوعي للوجود.  وثانيا أن هيجل يعتبر الفرد (الذات) مسئول عن تحرر نفسه من الاغتراب متكئاً على الإرادة الفردية . بينما ماركس يرى أن الحل موجود في العلاقات الإنتاجية للخيرات المادية ، حيث أن العملية تأخذ لها مجرى تاريخيا طويلا في خضم النضال بُغية التخلص من منظومة قهرية مسؤولة عن الاغتراب واستبداله بمنظومة إنتاجية أخرى ستكون طاردة للاغتراب.
 
 
هذا التفسير الجدلي لموضوعنا الشائك”الاغتراب” خضع لتطورات شتى على يد مختلف المدارس الحديثة، العلمية منها وشبه العلمية، متخذا أحيانا منحى فوضوياً وعدمياً على الصعيد الفلسفي ، نذكر منها : اتجاهي الوجودية والتفكيكية وغيرهما. إلا أن الألمعيّ المَجَري المشار إليه ؛ ” إسطفان  ميجيروس” استطاع تلمّس الدرب الشاق لبحث المسالة بروح الباحث النزيه ، مكرساً جُلّ وقته الأكاديمي والحياتي لتوضيح هذه المسالة الإشكالية الملتبسة عند خيرة المفكرين ، في أكثر من مؤلَّف لعل أهمها : “مسالة الاغتراب عند ماركس” . ومن المفيد ذكر معلومة هامة للباحث المهتم للأمر، هو قرب إصدار كتاب “ميجيروس” الجديد في الشهر القادم الموسوم بـ ” التحدي التاريخي لزماننا وعبئه المثقل”(الترجمة من عندنا) ، بالتعاون مع المفكر البريطاني المعاصر”جون بيلامي فوستر” .

اقرأ المزيد

نشتري إيران أم نبيع؟


كل المؤشرات تقول بتزايد سخونة الأوضاع حول إيران. ويحدث ذلك في حالة دولية تتسم بأن قرار الحرب والسلام رهن بيدي زعيمين مأزومين. رئاسة بوش الابن بدأت بكارثة 11 سبتمبر/ أيلول التي كشفت عن ثغرات كبرى في نظام الأمن الأميركي، وتنتهي بفشل فعلي لمغامرته في العراق. أما أولمرت فقد عانى من هزيمة نكراء في حربه على لبنان العام 6002 سببت صدمة نفسية للمجتمع الإسرائيلي، والآن يغوص في وحل التهم الأخلاقية.
هذا التوافق في الحالة النفسية وفي المصالح بين الرئيسين يجعل من احتمالات الحرب أمراً مرعباً. مرعباً لأن هناك عسكريين يبسطون ويزينون المسألة للرئيس بوش بأن مجرد القصف الجوي سيكون كافيا للإطاحة بالنظام الإيراني كما كان الحال مع صربيا وأفغانستان.. ولأن أولمرت يعتقد بإمكان رد الإهانة التي تلقاها من حزب الله مضاعفة إلى ولي أمره في إيران. منذ العام الماضي كان واضحا أن اللوبي الإسرائيلي في أميركا وحلفاءه من المحافظين الجدد والمسيحيين الصهاينة يدفعون أميركا إلى هذه الحرب.
وقد كشف الكاتب اليساري الإسرائيلي أوري أفنيري أن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني صمم خطة ميكافيلية تقضي بأن تبدأ إسرائيل بمهاجمة مشروعات نووية إيرانية لتجيب إيران بقصف إسرائيل بالصواريخ ما سيخلق حجة للأميركيين لمهاجمة إيران. أغريب هذا؟ لا، كيف صُممت ونُفذت فكرة العدوان الثلاثي على مصر العام 6591؟ خططت فرنسا، بريطانيا وإسرائيل للإطاحة بالرئيس جمال عبدالناصر. تم الاتفاق على أن تنزل إسرائيل مظليين قرب قناة السويس، فيشكل هذا النزاع حجة لاحتلال فرنسي- بريطاني للقناة. وتم تنفيذ العدوان الذي لم يحقق أهدافه. وها هو المحلل الإسرائيلي أليكس فيشمان يؤكد احتمال تكرار سيناريو شبيه بأن الإدارة الأميركية هي أول من سرب المعلومات عن المناورات الإسرائيلية لتخويف إيران، وأن ‘الجيش الإسرائيلي يدق لدى الإدارة الأميركية للدفع بالأزمة حتى حالة الانفجار’.
غير أن الحرب ضد إيران تشكل مغامرة من نوع خاص. فهي مقارنة بالعراق أكبر مساحة بأربع مرات وسكانا بثلاثة أضعاف. وتشير التحليلات إلى أن من الصعوبة عمليا تدمير كل المشروعات النووية الإيرانية. بعضها قريب جداً من مناطق سكنية في طهران وأصفهان. وبعضها في أعماق الأرض بحيث يصعب تدميرها بوسائل القصف الاعتيادية. وترجح صحيفة ‘ذي فايننشال تايمز’ أن الإسرائيليين سيضربون ثلاثة أهداف: المصنع التحويلي في أصفهان، مصنع الماء الثقيل في أراك، ومصنع تخصيب اليورانيوم في ناتانتز. الأخير هو الأكثر صعوبة لأن مشروعه الأساسي الذي يحوي 05 ألف جهاز طرد مركزي يقع عميقاً في باطن الأرض. وإذا كانت ‘ناتانتز’ تبعد مسافة 0041 كلم عن ‘إسرائيل’، وهي المسافة نفسها التي قطعتها المقاتلات القاذفة الإسرائيلية أثناء التدريبات الأخيرة. وإذا كانت أميركا قد زودت ‘إسرائيل’ قريباً بمئة قنبلة من طراز GBU-28 لتدمير التحصينات الجوفية قادرة على اختراق الأرض حتى عمق 03 متراً ثم تدمير حاجز سمكه ستة أمتار من الخرسانة المسلحة، يتبين مدى جدية تلك التحضيرات.
يعرف العسكريون قبل غيرهم أن المسألة لن تحل بضربات جوية سريعة وماحقة تطيح بالنظام الإيراني. سيرد الإيرانيون في كل الاتجاهات. وما داموا سيفقدون الكثير بما في ذلك إمكانات تصدير النفط فلماذا لا يكون الرد بإغلاق مضيق هرمز ووقف إمدادات النفط عموما؟ ومن الطبيعي أن مهمة الأميركيين ستكون إعادة فتح المضيق بأي ثمن. لكن ذلك سيعني الحاجة إلى احتلال بري لقسم كبير من أراضي إيران. بل وأجزم أن الهدف من وراء كل القصة هو احتلال منابع النفط هناك أصلا. لكن ذلك سيعني أن الحرب لن تكون خاطفة بالتأكيد. وستتسع هذه الحرب لأن الحرس الثوري – بخلاف الجيش الإيراني ‘يشكل تهديداً جدياً إذ يستطيع مهاجمة القوات الأميركية في العراق وأفغانستان والقواعد العسكرية الأميركية في أوزبكستان، الكويت، باكستان، البحرين، عمان، وقطر’. ناهيك عن أن الصواريخ المجنحة ستطلق على الناقلات والسفن الأميركية في مياه الخليج بلا انقطاع. ويرى محللون أن هذه الضربات وإن كانت ستدمر قدراً كبيراً من القوى العسكرية الإيرانية، إلا أنها لن تقعدها عن الرد. وقد أثبت تاريخ الإيرانيين أنهم شديدو الفخر بانتمائهم والدفاع عن مصالحهم القومية قبل أي شيء آخر. وفي الحرب التي شنها النظام العراقي ضد إيران دافع الإيرانيون طيلة ثمان سنوات عن أراضيهم بكل الوسائل. لكنهم – من وجهة نظرهم القومية – كانوا براغماتيين إلى أبعد الحدود. ففي حين كانت أميركا تدعم النظام العراقي لم يترددوا عن الحصول على أسلحة مهربة من ‘إسرائيل’ التي تصرفت وفق مبدأ عدو عدوي صديقي – حسب أوري أفنيري. ولعلها الحالة الوحيدة التي تتخذ فيها أميركا وإسرائيل موقفين متناقضين حيال حرب كبرى كالعراقية الإيرانية. وللحفاظ على أمنهم الداخلي لم يتخلص الإيرانيون بعد الثورة من خبراء ‘سافاك’ التي دربتها خدمة الاستخبارات السرية الداخلية الإسرائيلية ‘شاباك’ منذ عهد الشاه. ولا يبدو أن النظام الإيراني سيفقد براغماتيته حتى في الأزمة الراهنة رغم الصوت العالي للرئيس أحمدي نجاد. نجاد ليس إيران بكل تقاليدها. جهة إصدار القرار الحقيقي للقوات المسلحة الإيرانية ليست الرئاسة وليست ميالة للتصعيد، وتبدو حذرة بما فيه الكفاية، رغم الصرامة المبدئية. ويبدو ذلك واضحاً في التعاطي مع حزمة المقترحات الأخيرة للدول الثماني الكبار.
الأرجح أن إيران ستبقى دولة كبرى في المنطقة بما لها من قدرات اقتصادية وعلمية وعسكرية. وسيكون من نتيجة الحرب دخولها في سباق تسلح نووي مع إسرائيل. وهي في الداخل رغم حال الناس المادية المتردية نتيجة سوء التوزيع إلا أنها تجهز لبناء قدرات المستقبل الاقتصادية. الخميس الماضي فقط أقرت الحكومة برنامجاً لبناء 62 مدينة صناعية وثمان مناطق صناعية في عشر محافظات. وتمضي بهمة في مشروعاتها الاقتصادية العملاقة المشتركة مع دول كثيرة في أميركا الشمالية وشمال أفريقيا والشرق الأوسط. ولو أن مصالح من هذا النوع كانت قد تمت بين إيران ودول مجلس التعاون لكان ذلك أساساً ليس للتعاون من أجل التنمية الشاملة للمنطقة فقط، بل ولحماية هذه المصالح المشتركة بإرادة سياسية مشتركة من أجل السلم وضد الحرب.
الأوان لم يفت بعد لتحريك هذه الإرادة السياسية لدرء الحرب تمهيداً لمستقبل تعاون تنموي لاحق.
 
صحيفة الوقت
14 يوليو 2008

اقرأ المزيد

قبل ثلاثين عاماً

تأخذني‮ ‬الذكرى إلى نحو ثلاثين عاما إلى الوراء‮. ‬إلى شارع في‮ ‬منطقة الطريق الجديدة بغربي‮ ‬بيروت لا‮ ‬يتجاوز امتداده مئات من الأمتار،‮ ‬في‮ ‬نهايته‮ ‬يقع مخفر شرطة‮. ‬ كنت أسكن في‮ ‬شقة بالطابق الخامس في‮ ‬عمارة بهذا الشارع المعروف باسم شارع أبو سهل،‮ ‬وهي‮ ‬في‮ ‬الأصل كانت سكناً‮ ‬لرفيقنا عبدالله‮  ‬البنعلي‮ ‬وزوجته أم‮ ‬غسان،‮ ‬منّ‮ ‬الله عليها بالشفاء،‮ ‬وأطفالهما،‮ ‬يوم كانوا أطفالاً،‮ ‬ثم تحول إلى سكن ومقر حزبي‮ ‬للمنفيين من كوادر جبهة التحرير الوطني‮.‬ ‮ ‬والشارع موازٍ‮ ‬تماماً‮ ‬لشارع الفاكهاني‮ ‬الشهير،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يعج بمكاتب التنظيمات الفلسطينية،‮ ‬وحين كان الطيران الحربي‮ »‬الإسرائيلي‮« ‬يقصف الفاكهاني‮ ‬لم تكن قذائفه توفر مباني‮ ‬ز»أبو سهل‮«.‬ تفصل بين العمارة التي‮ ‬نسكن فيها،‮ ‬والعمارة التي‮ ‬تقيم بها عائلة الشهيدة دلال المغربي‮ ‬عمارة واحدة فقط لا‮ ‬غير،‮ ‬وكثيرا ما رمقت هذه الصبية وهي‮ ‬خارجة أو داخلة من منزلها،‮ ‬دون أن‮ ‬يخطر في‮ ‬ذهني‮ ‬أنها تخبئ خلف صمتها قصة سيرويها التاريخ فيما بعد‮.‬ ذات صباح وأنا اخرج من العمارة واجهتني‮ ‬على الحيطان صور تلك الصبية التي‮ ‬لم أعرف اسمها إلا حين قرأته مخطوطاً‮ ‬على الملصقات التي‮ ‬غطت الحيطان في‮ ‬الشارع،‮ ‬بما فيها حيطان العمارة التي‮ ‬كانت تخرج منها‮.‬ كانت ملصقات الشهداء طقساً‮ ‬من طقوس بيروت في‮ ‬ذلك الزمن‮. ‬وجوه أليفة،‮ ‬جميلة،‮ ‬بعيون ذكية لشبانٍ‮ ‬في‮ ‬ربيع العمر‮ ‬يذهبون إلى الشهادة بملء اختيارهم وإرادتهم‮.‬ تظل الملصقات على الحيطان حتى‮ ‬يأتي‮ ‬مطر‮ ‬غزير‮ ‬ينال منها حتى البلل الأخير في‮ ‬تعبير جميل للناقد فيصل درّاج في‮ ‬أحد كتبه‮.‬ ذهلت مما رأيت،‮ ‬فقد كنت سمعت بالأخبار عن العملية البطولية في‮ ‬مدينة حيفا التي‮ ‬قادتها شهيدة فلسطينية اسمها دلال المغربي‮ ‬على رأس مجموعة من اثني‮ ‬عشر فدائياً‮ ‬تسللوا من ساحل صور عبر زورقين مطاطين صغيرين أخذاهم إلى عمق البحر المتوسط قبل أن‮ ‬يواصلوا سباحةً‮ ‬إلى الشاطئ الفلسطيني‮.‬ لكن ما لم‮ ‬يدر في‮ ‬خلدي‮ ‬أن تكون هذه الشهيدة هي‮ ‬ذات الصبية ابنة التسعة عشر ربيعاً‮ ‬التي‮ ‬تسكن في‮ ‬البناية المجاورة‮.‬ وما زلت أذكر الساعة التي‮ ‬أحاط فيها المسلحون بالعمارة التي‮ ‬كانت تسكن فيها،‮ ‬يوم أتى القائد الراحل‮ ‬ياسر عرفات لتعزية عائلتها وبمعيته الشهيد أبو جهاد،وستمر سنوات بعد ذلك لنقرأ أن‮ »‬أبو جهاد‮«  ‬بالذات،‮ ‬هذا العقل الاستراتيجي‮ ‬المخطط والفذ،‮ ‬هو من أعد لتلك العملية البطولية وأشرف عليها من خلال تدريبٍ‮ ‬عسكري‮ ‬وطويل لأفرادها،‮ ‬بمن فيهم دلال،‮ ‬بينها تأهيلهم في‮ ‬دورة ضفادع بشرية‮.‬ إلى بيروت التي‮ ‬غادرتها قبل نحو أكثر من ثلاثين عاماً‮ ‬نحو فلسطين،‮ ‬ومنها نحو الخلود‮ ‬يعود رفات البطلة التي‮ ‬أطلق أيهود باراك شخصياً‮ ‬الرصاص عليها تشفياً‮ ‬وحقداً‮.‬
 
صحيفة الايام
14 يوليو 2008

اقرأ المزيد

الملاءات البيضاء


كل ما في المستشفى أبيض. لون الجدران والسقف والمعاطف التي يخلعها الأطباء على أنفسهم، وبدلات الممرضين والممرضات ولون أحذيتهن، وما يضعن فوق رؤوسهن. حتى الحجاب الذي يغطي رؤوس المحجبات منهن أبيض. أبيض أيضاً لون السرير والملاءات والأغطية والوسائد. بياض هنا، لا لون سوى البياض. والأبيض لون جميل، لكن جماله ناجم عن تناغمه مع ألوان أخرى. بياض فستان العروس يضيء فقط مع اللون الغامق لبذلة العريس، لكن حين يُصبح الأبيض لوناً واحداً، فانه يُشيع حالةً من الرتابة والتكرار، ولن تستطيع أن تفلت من التفكير أن الحياة خارج غرفة المستشفى مليئة بالألوان، متعددة الألوان.
 ما أكثر ما يمرض الواحد منا، فأجسادنا أكثر هشاشة مما نتصور، وهي قد تُعاقبنا على إهمالنا لها بأن تكف عن أداء وظائفها بالصورة المنشودة. وبعد أكثر من تجربة مع المرض بوسعي القول إن الألم لا يُوصف ، إنما يُعاش.  مهما قال لك أحدهم إنه يتألم ومهما بدوتَ متفهماً لما يقول، فلن تدرك أبداً ما الذي يعنيه إن لم تكن قد عانيت ألماً مشابهاً.
 غرفة المريض محدودة التفاصيل: سرير ضيق بالكاد يتسع لحركتك المحدودة وبضعة كراس وخزانة صغيرة في الجدار وتلفزيون لعلك لا تجد في برامجه ما يسليك. نافذتان واسعتان بما فيه الكفاية لكنهما تطلان على جزء آخر من مبنى المستشفى لا على فضاء ولا على سماء. إن رفعت الستارة نهاراً فبوسعك رؤية مساحة صغيرة من زرقة السماء.
في مزاج عليل يمكن حفظ هذه التفاصيل بسرعة، فهي تبدو ساكنة وفقيرة. لكن التجربة المثيرة وسط هذا كله هي تلك الأنابيب المتدلاة من قوارير مليئة بالأملاح على شكل سوائل تتسرب إلى جسمك عبر الأوردة من خلال إبرة غُرزت في ظاهر الكف. هنا ما يمكن مراقبته، ففي هدوء الليل وتحت ضوءٍ خافت ووسط السكون الذي يشيع في الغرفة بعد أن ينصرف الزوار وتهدأ جلبة الممر، يُصبح التأمل في قطرات السائل تهبط واحدةً واحدة بانتظام وبإيقاع زمني محسوب، نوعاً من التسلية.
 لا أعرف لماذا تحضر ساعتها ذكرى شتاء دمشقي بعيد في شقةٍ في منطقة باب توما في الشام. في الخارج صقيع ونحن في تك الشقة حول دفء المدفأة نتحلق. تماوجات شعلة النار داخلها بألوانها المتداخلة تبعث على دفء في النفس مذكرةً بالشرح البديع لغاستون باشلار وهو يصف النار في ” شعلة قنديل “.
 يمكن للنار أن تزداد أواراً لو أنك سرّعت من تدفق قطرات المازوت التي تُغذيها والتي تهبط بإيقاع زمني محسوب كما تنزل أمامك الآن قطرات سوائل الأملاح من القارورة الموصولة بإبرة إلى أوردة اليد. الممرضة هنا تفعل شيئاً مشابهاً حين تريد زيادة تدفق تلك القطرات عبر بكرة صغيرة مثبتة في وسط الأنبوب.  وسط مزاج المرض بدت ذكرى تلك المدفأة باعثةً على شعورٍ بالطمأنينة والدفء والرضا.
 كتبت مراراً عن السعادة، ومن التجربة أعرف أن الناس شغوفون بهذا الموضوع، فهم يريدون معرفة كُنه هذه السعادة، وفي لحظات الوجع الناجم أدركت بيقين لا يرقى إليه شك أن أبسط وأدق تعريف للسعادة هو ذاك الذي يقرنها بالصحة، فبدونها لا قيمة لشيء في هذه الحياة ولا طعم ولا لون.


وسلامتكم بالدنيا


الأيام 12 يوليو 2008
 

اقرأ المزيد

ساركوزي‮.. ‬الرئيس الاستثنائي‮!‬


أكثر من عام مضى على تقلد نيكولا ساركوزي منصب الرئاسة في فرنسا، اجتهد خلاله في وضع بصمته الخاصة على الجمهورية الفرنسية داخلياً وخارجياً.
فكان وراء صفقة إطلاق سراح الممرضات البلغاريات المتهمات من قبل السلطات الليبية بتلويث الدماء التي نقلت إلى أطفال ليبيين بفيروس الإيدز.
ونجح في إبرام اتفاقات مع بعض البلدان العربية لتوريد التكنولوجيا الفرنسية في إنشاء وإدارة المفاعلات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، إضافة إلى بعض صفقات توريد الأسلحة الفرنسية.
وعلى الصعيد الأوروبي، حاول ساركوزي الظهور بمظهر المبادر والمنقذ لمؤسسة الاتحاد الأوروبي من النزعات الوطنية السيادية التي تتربص بها وتجسدت في رفض الشعبين الفرنسي والهولندي الدستور الأوروبي في الاستفتائين الشعبيين اللذين أجريا عليه في البلدين. فتقدم بمقترح المعاهدة الأوروبية بديلاً للدستور، وتم الحرص في صوغها على وضع السلطات والسيادات المحلية الوطنية في الاعتبار.
ثم قفز قفزة قارية أوروبية متوسطية أخرى، باقتراحه صيغة جديدة للشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودول البحر الأبيض المتوسط المجاورة تحت مسمى الشراكة من أجل المتوسط لتحل محل صيغة برشلونة الفاشلة.
وهذا ليس أمرا هينا على الإطلاق، ففي عام واحد وضع الرئيس ساركوزي بلاده في حال حراك سياسي ودبلوماسي نشط على الساحة الدولية، وكأنه بذلك يحاول منافسة الولايات المتحدة في تحركاتها المكوكية عبر العالم ذوداً عن مصالحها القومية ومصالح شركاتها الوطنية، خصوصاً أن هذه التحركات أثمرت بعض النجاحات الجيدة التي ربما أثارت نوعاً من الغيرة لدى بعض أركان الدبلوماسية الأوروبية التي لا تميل إلى توسيع حيز تحركاتها بعيداً عن القارة ‘العجوز’ لاعتمادها معايير حذرة ومحسوبة هي أقرب إلى سياسة ‘الانعزال البديع’ بعيدا عن قوس الأزمات.
ولذلك بدت حركة الرئيس الفرنسي ساركوزي ووزير خارجيته كوشنير باتجاه الخارج، لافتة على نحو ما، على رغم مما عُرف عن السياسة الفرنسية عموما بخصوص نشاطها الملحوظ في القارة الأوروبية، وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصاً.
والحال أن الرجل (ساركوزي) ينشد التميز عن أقرانه الرؤساء الفرنسيين السابقين، وأقرانه من الزعماء الأوروبيين الحاليين أيضاً، إذ قدم نفسه للفرنسيين على أنه شخصية التغيير الراديكالي في فرنسا على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية.
إنه يريد إضفاء الطابع النفعي للرأسمالية الأمريكية على الرأسمالية الفرنسية التي عرفت تقليدياً بطابعها الاجتماعي.
وهذا ما جعله يندفع بصورة أكبر، كسباً للوقت ربما، لاستعجال تنفيذ ما اعتزم تحقيقه من دون إعارة كثير اهتمام لترتباته ولردود الفعل التي يمكن أن يستدعيها.
حتى إذا ما اقترن الاستعجال بالارتجال، وهو ما ميز أداء الرئاسة الفرنسية في سنتها الأولى، فإن الحصاد لن يختلف كثيراً عن أسلوب الفحص بالعينة العشوائية. فعشوائية النتائج وضآلتها قياساً بالجهد المبذول والفعل المصاحب الذي وظف من أجل استحصالها، تصبح أمراً محتَّماً.
فعقود الطاقة التي أطنب الرئيس وحاشيته في التباهي بها، ليست عقوداً نهائية، إذ تؤسس لمرحلة التفاوض الحقيقية على الجوانب الفنية والمالية وحتى التسويقية. وهذه تأخذ عادة وقتاً ليس قصيرا، ناهيك عن احتمال دخول منافسين بعروض أكثر إغراءً يمكن أن تفضي بالعقود الفرنسية المبدئية إلى الإلغاء العملي.
كما أن تصويت الإيرلنديين قبل أيام في الاستفتاء الشعبي ضد معاهدة الاتحاد الأوروبي لا بد أن يعيد توجيه الأضواء ثانية صوب مصير الوحدة السياسية الأوروبية في حدها الأدنى من الدستور، وأن يحرج الرئيس سركوزي باعتباره أحد المخرجين الرئيسيين لفكرة المعاهدة التي أُريد اعتمادها بواسطة الالتفاف على موجب طرحها للاستفتاء الشعبي في الدول الأعضاء (وبالفعل تم إقرارها من قبل 18 دولة عضو في الاتحاد من دون عرضها على الاستفتاء).
وهكذا، فإن الذي لا جدال فيه أن الرئيس ساركوزي رجل تغيير بامتياز. وهو يقدم كل يوم الدليل تلو الدليل على أنه يريد تأكيد قراراته الراديكالية (ومنها قراره الأخير خفض عدد القوات المسلحة الفرنسية عشرة آلاف جندي وضابط وتحويل ميزانيتهم لبندي التكنولوجيا الحربية والمخابرات المضادة للإرهاب النوعي).
هو بالتأكيد ليس نابليون بونابرت ولا حتى تشارلز ديغول أو جورج بومبيدو، لا في الرؤية ولا في الكاريزما، إنما يحاول أن ينحت له صورة مغايرة لصور الساسة الفرنسيين التقليديين، صورة الرئيس الاستثنائي في العصر الفرنسي الراهن، الذي يبغي له إحداث تحول عميق في المجتمع والدولة، تحول يطال الشخصية الفرنسية نفسها.
وهذا تحد كبير لا يقدر عليه سوى الساسة الدهاة الذين يعرفون كيف يشترون الوقت لتمرير خططهم وبرامجهم من دون أن يستدعي ذلك ردات فعل عاصفة تطيح بالفكرة نفسها وبصاحبها من قبل أن تينع الثمرة ويحين وقت قطافها.
ونحسب أن الرئيس الفرنسي لا يبدو أنه يتحسب لردات الفعل هذه، في مجتمع جبل على الانتفاض والثورة.



الوطن 12 يوليو 2008

اقرأ المزيد

الاختناقات المرورية.. وحلولها؟


ها قد خفت الازدحامات المرورية، وعلى الأخص الصباحية المتزامنة مع مواقيت بدء الدوام الرسمي في القطاعين العام والخاص وذلك ما أن انتهى العام الدراسي وبدأت العطلة الدراسية..
 وهذا ما يؤكد كما ذكرنا مرارا اثر توافق بدء الدوامات في المدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة في توقيت واحد في خلق الاختناقات المرورية الصباحية، وكذلك في خلق اختناقات ما بعد الظهر بعد انتهاء الدوامين الدراسي والحكومي في الوزارات.
 وستستمر هذه الانفراجة المرورية الجميلة كما هو مرجح وكما هو معتاد حتى نهاية العطلة الدراسية لتعود الاختناقات مجددا كما في كل عام على نحو أشد من العام الذي سبقه.
 إن هذا الانفراج في الاختناقات المرورية ليؤكد مجددا ما ذهبنا إليه مرارا بضرورة تجريب حل مباعدة مواعيد بداية ونهاية الدوامات فيما بين المدارس والمؤسسات الحكومية ثم فيما بين القطاع العام عن القطاع الخاص. ولكن حتى الآن التردد عن الإقدام على خطوة شجاعة من هذا القبيل هو الموقف السائد لدى أصحاب القرار في ديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم وإدارة المرور.
وبالنظر إلى صغر رقعة البحرين وزيادة معدلات الكثافة السكانية فيها بقفزات متسارعة وانعكاس ذلك على تزايد موجات السواق الجدد ودخول سياراتهم الجديدة شوارع البلاد، فضلا عن التوسع المتواصل في المدارس والخدمات الاستثمارية والعقارية وما يتطلبه هذا التوسع من زيادة في خدمات المواصلات والشحن ومن ثم زيادة أعداد العربات المخصصة لذلك بكل أنواعها وأحجامها في حين ان الشوارع تكاد تكون هي على حالها..
 إن استمرار كل ذلك لمن شأنه بكل تأكيد أن يضاعف من الأزمة المرورية إلى مستويات تنذر بالكارثة خلال العقد القادم. وبالتالي فثمة مهمة ملحة تفرض نفسها على إدارة المرور وعلى الأخص مخططو التوسعات المرورية ومعالجة الاختناقات المرورية بابتكار حلول إستراتيجية غير اعتيادية تسهم ليس في حل الاختناقات الراهنة بل تستعد لكيفية معالجة الاختناقات المستقبلية الأشد ومن دون ذلك فإن إدارة المرور ستجد نفسها مشلولة وعاجزة تماما عن فعل أي شيء فيما سيصل تذمر المواطنين إلى مداه وستؤثر الاختناقات المرورية في مجمل عملية التنمية في البلاد وسيأتي يوم سنكون فيه على رأس الدول الأشد اختناقا في الحركة المرورية بشوارعها، ولنتذكر أيضا ان جسر قطر سيفتتح بعد سنوات قليلة.
 واعتقد أن ثمة حاجة ماسة تفرض الاستعانة بخبراء فنيين ومهندسين كبار لمساعدتنا على معالجة الازدحامات المرورية من خلال تجريب حلول نوعية غير اعتيادية. وعلى سبيل المثال فلعل من المفيد هنا الإشارة إلى نوعين من الحلول جربتهما ألمانيا لمعالجة اختناقاتها،
 الاول:  تم تجريبه في مدينة ” بوهمته “، التي تعاني كثرة الإشارات والتقاطعات المرورية، وهي حالة تشبه حالتنا تماما، ووصفت كثرة هذه الإشارات والتقاطعات بأنها تربك السواق وتعطل الحركة المرورية. وقد قدرت دراسة لنادي السيارات الألماني عدد إشارات المرور في المانيا بأكثر من 20 مليون إشارة واعتبرت الدراسة إن 33% من هذه الإشارات لا لزوم لها بل تؤدي إلى تعقيد الانسياب المروري.
على أية حال تقرر إلغاء 30 إشارة مرورية في المدينة، وبعد هذا الإلغاء لوحظ التحسن الملحوظ في انسياب الحركة المرورية وتقلص حوادث الطرق بنسبة 50% كما أصبح جو المدينة أنقى مع تقلص رائحة البنزين والديزل.      
 ليس بالضرورة إن ما يصلح لمدينة في المانيا يصلح لنا في البحرين، ولكن العبرة هنا في إن ألمانيا قررت بشجاعة تجريب حلول نوعية غير اعتيادية لاصلاح أزماتها المرورية.
 أما النوع الثاني من هذه الحلول التي جربتها ألمانيا من واقع المعايشة والدراسة اليومية فقد كان في ولاية الراين الشمالي ووستفاليا الكبيرة إذ وجدت ثمة خطوط للسكك الحديدية قديمة متقاعدة عن العمل فقررت المدينة الاستفادة من هذه الخطوط بتخصيصها إلى طرق خاصة بالدراجات لتربط بين المدن والقرى التي كانت تمر بها قطارات تلك الخطوط مما سيسهم في تخفيف الضغط على الشوارع العامة ويؤمن سلامة مستخدمي الدراجات في التنقل بين المناطق المختلفة. ولا ننسى في هذا الصدد ان الكثير من مدن الدول المتقدمة تعمد الى تحديد مسار خاص بباصات النقل العام في الشوارع الكبيرة لا يسمح لأي عربة بالدخول في هذا المسار مما يسهم ليس في الانسياب المروري فحسب، بل وصول هذه الباصات إلى المحطات التي تمر بها في مواقيت محددة دقيقة دونما تأخير.
 
أخبار الخليج  12 يوليو 2008

اقرأ المزيد

الطموح البعيد‮..!‬


علينا أن نولي انتباهاً كافياً لخبر تقليل أسهم  الحكومة في شركة ألمنيوم البحرين “ألبا” تحديداً من ٧٧٪ إلى 49٪، فهذا خبر لا ينبغي أن يمر مرور الكرام لأسباب نحسبها معلومة، وليس من الحكمة في شيء الآن بالذات أن يضع رئيس مجلس إدارة الشركة هذه المهمة على سلم أولوياته.
ذلك كلام معلن وموثق ومنشور.. ولأنه كلام يصعب قبوله في الظرف الراهن لتلك الشركة تحديداً وليس بمستغرب أن يفسر بأنه يحمل قصداً مبطناً، فإن ما ينبغي أن يكون حقاً في سلم أولويات مجلس إدارة هذه الشركة العملاقة التي تشكل احد ركائز اقتصادنا الوطني، هو أو مجلس إدارة شركة ممتلكات البحرين القابضة التي تمتلك وتدير ٣٣ شركة تساهم فيها الحكومة بنسب متفاوتة من ضمنها “ألبا”، أن يضع أي منهما أو كلاهما في صدارة الأولويات إنهاء ملف قضية “ألبا – الكوا”، فهي قضية تستدعي وضع النقاط على الحروف، بمعنى جلاء الحقيقة في قضية شغلت وأذهلت الرأي العام في البحرين وباتت صورة من صور الهمّ العام، لكونها مليئة بالإشارات القوية الموحية بأنها الأهم والأكبر والأخطر من بين كل ملفات الفساد “الساخنة” المتداولة حتى الآن على الأقل.
صحيح أن الرئيس التنفيذي لـ “ممتلكات” بعد كمّ من الهواجس والمخاوف والشكوك التي خلفها ذلك التصريح، وذلك التوجه، حاول على ما يبدو أن يزيل جانباً من الالتباسات أو يخفف من وطأتها علينا حينما بادر قبل أيام إلى الإعلان بأن قراراً لم يتخذ إلى الآن بشأن بيع أو خفض حصة الحكومة في الشركات المهمة مثل “ألبا”، وأن “هناك دراسة حيال ذلك تشمل جميع شركات ممتلكات”.
إلا أن الصحيح أيضا أن المسؤول المذكور في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي بشرم  الشيخ بمصر التي عقدت في مايو الماضي هو نفسه الذي صرح بأن شركة “ممتلكات” تنوي خفض حصص الحكومة بالشركات التي تمتلك بها أغلبية مثل “ألبا” و”بتلكو”، وبنك البحرين الوطني.
إذا أخذنا في الحسبان تلك التصريحات، وقبلها تصريحات كشفت عن تشكيل فريق داخلي مع إمكانية الاستعانة بمؤسسات ذات خبرة في هذا المجال لتحديد حجم الحصص  التي ستطرح والتي كما قيل ستبدأ بشركة طيران الخليج، و”ألبا”، فضلاً عن تحديد آلية الطرح والطريقة والفترة المناسبة، ونظرنا في الحيثيات المعلنة للتخصيص والتي تدور حول فكرة فتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في ملكية وصنع القرار ووضع استراتيجيات للشركات المعنية للنهوض بها، إذا فعلنا ذلك وتابعنا مجريات مسار برنامج التخصيص، فإن أول ما سنلحظه هو أننا ما زلنا نفتقر إلى رؤية أو سياسات واضحة شفافة في مجال التخصيص وعمليات الخصخصة، التي على أساسها تحدد الآليات والأطر التنظيمية والتوقيتات الزمنية المحسوبة وما إلى ذلك.
نلاحظ ذلك رغم أننا وجدنا انفسنا في فترة من الفترات أمام خطابات موغلة في الحديث عن استراتيجية الخصخصة كمرحلة من سياسات الإصلاح الاقتصادي، ولكن تبقى تفاصيل هذه الاستراتيجية – إن وجدت – غير معلومة حتى الآن لا على وجه الدقة ولا بشكل عام، رغم صدور المرسوم بقانون رقم “41” لسنة ٢٠٠٢ الذي ينص بأن التخصيص جزء من السياسة الاقتصادية لمملكة البحرين، وحدد قطاعات الخدمات والإنتاج التي يشملها برنامج التخصيص.
ذلك يعني أن الشفافية لم تأخذ مداها الحقيقي، لا فيما يخص موضوع التخصيص برمته، ولا فيما يخص التوجه بشأن “ألبا”تحديداً دون سواها.
والشفافية التي نعنيها ونفهمها هي التي تقوم على أساس تبديد ما يعلق في الأذهان من التباس من خلال التصرف بطريقة واضحة ومكشوفة في كل ما يتعلق بالواجبات، وسير المعاملات، وجميع المعطيات والمعلومات في أمور الشأن العام، دون مقاصد مبطنة أياً  كان نوعها. ولن نطيل في المسألة ولكن نترك لكم تقدير ما إذا كنا متحصنين فعلاً بالشفافية، وما إذا كانت الشفافية لها حضور حقيقي على وجه التحديد في مجال التخصيص، وتوجهات التخصيص.
ونحن نتفق على أن ثمة علامات استفهام كبيرة متداولة بشأن حقيقة محاولات إبعاد “ألبا” عن الرقابة البرلمانية المباشرة، كما نتفق أيضا على أن الدعوة المرفوعة من “ممتلكات” أمام المحكمة الفيدرالية الأمريكية ضد “الكوا الأمريكية” هي قضية من الأهمية التي كما ذكرنا تصلح أن تكون اختباراً حقيقياً لتوجهات الإصلاح.
أخيراً، نتجاسر ونسأل، ما إذا كان المعنيون بالقرار في “ألبا” أو”ممتلكات” جادين في المضي قدماً في الدعوة المرفوعة ضد “الكوا الأمريكية”.
 
الأيام 11 يوليو 2008

اقرأ المزيد

وطـن واحــد


بعد أن تم تقسيم الوطن ولعقود طويلة إلى وطنين كان لابد أن يحدث تضارب وانقسام وفرقة إن عاجلاً أو آجلاً فالوطن لم يعد يتسع للجميع والكل يبحث عن مكاسب لوطنه.




هناك وطن سني وحكومة سنية ونواب سنة ووزارات مخصصة للسنة ومناطق سكنية للسنة ومدارس ومساجد وجمعيات سياسية ومقابر ومحاكم وصناديق خيرية وصحف ومواقع إلكترونية وحفلات زواج جماعية مخصصة للسنة فقط, وفي مقابل ذلك هناك وطن شيعي ومعارضة شيعية ونواب شيعة ومساجد ومآتم ومدارس وأعياد ومقابر وصحف ومواقع إلكترونية وصناديق خيرية وجمعيات سياسية ومناطق سكنية جميعها مخصصة للشيعة فقط.

وما عاد الأمر يقتصر على الناس بل أصبحت حتى السيارات تحمل شعارات تدل على هوية صاحبها ولذلك أصبحت لدينا سيارات سنية وأخرى شيعية.

المحزن في الأمر أن أحداً لا يستطيع أو يريد أن يغير هذا الواقع, فمن يريد لا يستطيع ومن يستطيع لا يريد. فالقوى الوطنية والديمقراطية أصبحت عاجزة عن قيادة الشارع أو حتى التأثير فيه والقوى الدينية المستنيرة من الطائفتين تخاف الاصطدام بالأغلبية في حين أن أية حكومة في العالم لا يمكنها أن تحلم بشعب أكثر فرقة وتطاحناً لتحكمه, ولذلك بدلاً من أن تعمل الحكومة على تصحيح هذا الأمر عملت على تكريسه من خلال ما يسمى بامتداد القرى والذي علاوة على أنه يحرم المستحقين من أصحاب الطلبات القديمة من الحصول على طلباتهم حسب الأقدمية فإنه يبقى على انفصال مكونات المجتمع وعدم تداخلها بحجة «الحفاظ على النسيج الاجتماعي!».

في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وبعد أن بدأ الصراع الطائفي هناك اتخذ عدد من رجال الدين الأفاضل مبادرة جريئة بإقامة صلاة مشتركة من أهل السنة والشيعة في أحد المساجد, فهل يمكن لعدد من شيوخنا الأفاضل من الطائفتين القيام بمثل هذه المبادرة أو تطويرها بحيث يخصص ولو مسجد واحد لإقامة الصلاة الجامعة فيه ولو كنقطة بداية ليصبح هناك على الأقل مسجد للشيعة والسنة ومن ثم صندوق خيري للشيعة والسنة و… و… لنصل أخيراً لوطن واحد للسنة والشيعة.
 
28 يونيو 2008

اقرأ المزيد

إصلاح التعليم يحتاج إلى إزاحة الإقصائيين


قضايا الديمقراطية والإصلاح السياسي والتنوع الاقتصادي ومكافحة الفساد وكيفية التعامل مع العمالة المهاجرة وغيرها من قضايا الشأن العام أصبحت الآن مطروحة على المستوى الخليجي بقوة. فالاعتصامات التي كانت تتميز بها البحرين لم تعد كذلك، وحتى الإمارات وصلتها اعتصامات العمال الأجانب، ومن ثم اعتصام لمواطني الإمارات أنفسهم، إذ تظاهر عدد غير قليل من المعلمين والمعلمات حاملين لافتات باللغتين العربية والإنجليزية أمام وزارة التربية والتعليم في إمارة دبي احتجاجاً على إزاحتهم من مهنة التعليم (مع استمرار معاشاتهم الشهرية)، وذلك كإجراء مباشر للحد من النفوذ الديني الذي يسيطر عليه نوع معين من الاتجاهات الإقصائية، وهو اتجاه يكفر بالعصر ويكفر بأي شخص وأي جهة لا تلتزم بحرفية الفهم الديني المطروح في أوساط هذا الاتجاه.

مهما كان الأمر فمرحلة الاعتصامات التي تصورها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بدأت في الإمارات، وهي موجودة في البحرين والكويت، ومعنى ذلك أن دول الخليج لم تعد استثناء عن مجريات السياسية النشطة الموجودة في مختلف بقاع العالم.

وما حدث في الإمارات يتطلب أن نتوقف عنده، فالسلطات هناك خشيت من تحول المجتمع الإماراتي إلى ما هو عليه الوضع في عدد من البلدان العربية والإسلامية، إذ تسير العملية التعليمية في مسار معاكس لمتطلبات التنمية، ونعلم نتيجة ذلك إذا نظرنا إلى ما يحدث في باكستان وأفغانستان. فباكستان كانت من الدول المعتدلة بالنسبة إلى تدين شعبها (قبل الثمانينيات من القرن الماضي)، ولكن الطلاب الدينيين (طالبان) هم الذين يتحكمون الآن في مناطق شاسعة من الأراضي الباكستانية، وهذا سببه المدارس الدينية التي أنشأها الخليجيون العرب هناك، وحالياً فإن لدى باكستان مدارس دينية يداوم فيها مليون طالب يومياً يتلقون تعليمهم من هيئات ممولة بشكل خاص من اتجاهات أيديولوجية (مصدر التمويل أكثره من الخليج العربي)، وبعض تلك الاتجاهات تكفيري.

وفي البحرين لدينا سياسة غير حكيمة إلى الآن فيما يتعلق بإفساح المجال لمن يؤمن بتكفير الآخرين أو عدم الاعتراف بالرأي الآخر أن يكون له نفوذ في أجهزة التربية والتعليم، وهذا النفوذ تطور الآن ونجد الذين لا يؤمنون بالآخر ولا يؤمنون بالإصلاح يسيطرون على مرافق ومفاصل مهمة في الدولة.

إن الإصلاح الاقتصادي والسياسي لا يمكن أن يستمران إلا إذا تم تدعيمهما بإصلاح في مناهج التعليم، ولقد تبنى مجلس التنمية الاقتصادية مشروعاً لإصلاح التعليم، وهذا المشروع جيد بالنسبة إلى المستقبل، ولكن ماذا نفعل بالحاضر؟ وكيف يمكن أن نفسح المجال لاتجاهات دينية إقصائية بالتغلغل في مواقع مهمة في أجهزة التعليم والتوجيه؟ إن من الأفضل للبحرينيين أن تقلل المواد التي تحمل الدين بالشكل الذي نراه، وأن يتم إبعاد أصحاب الاتجاهات الأيديولوجية – السياسية عن مثل هذه المواقع، وذلك حماية لعقول أبنائنا وبناتنا من موجات التكفير التي لا تؤمن بالعصر ولا تؤمن بالآخر ولا تؤمن حتى بالنظام الذي يوفر لهم الدعم ويتحالف معهم استراتيجياً في البداية.
 
الوسط 10 يوليو 2008

اقرأ المزيد

ثقافة الاستجداء .. مواطنـون أم رعـــايا؟!


قضيت ثلاثة أعوام من عمري المهني مسؤولة عن صفحة الملتقى اليومية وأزعم – إن حسن الظن- أني أبليت فيها حسناً.. كانت مهمتي تقتضي كتابة أو تحرير رسائل القراء الذين يتوافدون لنشر مناشدة أو شكوى أو نداء.. وكان نجاح الرسالة في الوصول لمرادها يأتي على قدر التذلل. بمعنى أنه كلما تجنبت الرسالة الإشارة إلى لتقصير أو ذنب المسؤول؛ بل وكالت له بعض المدح وكللت ذلك باستعطافه ورجائه والدعاء له إلخ.. زادت فرصة المواطن في الحصول على مراده !!

جلُّ هؤلاء المواطنين لم يكونوا يطالبون بما ليس لهم به حق.. ومع ذلك كانوا مطالبين بالتمسكن للحصول على حقهم المشروع.. ومن كان منهم يريد اعتماد ديدن آخر، طريق المواجهة والشكوى الزئر بالظلامة، كان يأتيه رد هجومي مسف من الجهة المعنية.. يكذبه ويمعن في تكذيبه وكثيراً ما تتجاوز إدارات العلاقات العامة الكذب والتكذيب باتهام الشاكي بأمر أو بآخر..
على صفحات الصحف أو سواها؛ نحن مطالبون باختصار أن نناشد ونتضرع ونتلطف في المطالبة بالحقوق.

لأننا لا نرى أنفسنا مواطنين بقدر ما نرى أنفسنا رعايا.. ولا نُعُامل كمواطنين أساسا بقدر ما نعامل كرعايا – والفرق بينهما لو تعلمون كبير- وهو أمر لا يجترئ العامة مرارته فقط بل والنخبة أيضاً..
 فمن يتصرف بعزة وكرامة واستقلالية – يُنبذ- ويخسر فرص تولي المناصب المهمة وإن استحقها تماماً.. أما من يطأطئ ويتملق فيصل إلى أعلى المواقع ولو كان ما كان.. فالمسؤول يجب ان يكون من الحاشية.. يجب أن يكون ذنباً لا رأساً. وليس لنا أن ننتظر من شخصية كتلك إن هي ما ظفرت بموقع مسؤول إلا أن تطالب بدورها الناس بتملقها واستجدائها..

كرة الثلج هي، تتضخم كلما تدحرجت، لتدوس على رؤوس الجميع.

كل تلك الأمور مجتمعةً أوقعتنا في مغبة مشكلة حقيقة. جوهرها أننا لا نملك القدرة على المطالبة بعقلانية وبنظام أو بمعنى أصح لا نعرف كيف.. تربينا على الطاعة والسمع وأخبرنا أن البديل هو التمرد.. لذا فنحن لا نعرف اللهجة الوسطية.. فإما أن نتذلل ونخشع أو نثور كالألغام الأرضية في وجه أول من يقترب منا ولو كان موظفاً صغيراً أو شرطياً لا قرار له ولا إرادة..!!

في الغرب هناك جماعات ضغط.. وهناك قوى تفاوض، تهاجم وتجامل.. هناك صحافة تناور وتتلون.. أما هنا فعليك أن تختار معسكر المتزلفين أو المعارضين.. وحذار أن تكون عواناً بين هذا وذاك لأن الاعتدال في قاموسنا يعني المراء والنفاق..!!

في عودة للموضوع نقول.. إن الاستجداء الذي صار جزءاً من ثقافتنا له ترياق.. نصف المناشدات والنداءات – إن لم يكن أكثر- يحلها القانون لو طُبق واستحكم، والأولوية لو قُدمت على المحسوبية، والنظام لو أعلي على الاستثنائات التي خلطت أوراقنا وضيعتنا..
ودونما كل ذلك فما لنا إلا استعطاف حقوقنا وتسولها، في مشهد لا نخاله يُرى في الدول التي تحترم مواطنيها.
 
الوقت  8 يوليو 2008

اقرأ المزيد