المنشور

حـوار مع الدولــة


جمعية المنبر التقدمي كانت اسبق من خبراء نادي مدريد وتوصياتهم التي جاء على رأسها إقامة حوار منتظم ومستدام ومؤسس على الثقة بين مختلف الأطياف المجتمعية والقوى السياسية وبين الدولة, مستلهمة روح الميثاق الوطني الذي نحتفل هذه الأيام بالذكرى الثامنة لتدشينه وواجدة في التأزم الأمني والسياسي الذي نعيشه هذه الأيام دافعا قويا للبدء فيه.
الحوار الذي تدعو إليه المنبر اشمل وأكثر معرفة ودراية وتفصيلا بالحالة البحرينية الراهنة ومستجداتها وماضيها وحاضرها, رغم ذلك لا يستهان بتوصيات نادي مدريد, فهؤلاء الخبراء الذين يرصدون تجارب الدول الحديثة العهد بالتحول الديموقراطي يمتلكون خبرة وتجربة جديرة بالاعتبار, وكانوا قد أقاموا عددا من الجلسات الحرة المستفيضة في البحرين على مدى عامين مع مجموعة كبيرة من نشطاء المجتمع المدني والسياسيين والإعلاميين والرسميين وخرجوا بنتائج دعت إلى أهمية إيجاد البيئة السياسية المرنة التي لا يتوقف فيها الحوار والإصلاح عبر إجراء المزيد من التعديلات على القوانين والتشريعات التي تحكم الحياة السياسية وإزالة القيود التي تعيق الديموقراطية, كحرية التعبير وقانون التجمعات وتعزيز استقلالية القضاء ودعم المجتمع المدني ومؤسساته ومساعدته على تعزيز قدراته.
والواقع ان جميع التوصيات على اختلاف مسمياتها يصعب تفعيلها بغير الحوار الذي أكدت على أهمية ان يكون منتظما ومستداما, وهو مطلب حيوي ومهم سواء في الديموقراطيات الناشئة او العريقة المتجذرة, وتزداد أهميته حين تتأزم الأوضاع, والملف السياسي في البحرين هو الملف الأهم ويجدر ان يظل متحركا وحيا وجاريا كالنهر المتدفق وليس كالبركة الراكدة . ان الحوار الشفيف الحقيقي والجاد والراغب في مواصلة مسيرة الإصلاح هو الأقدر على تنمية الديموقرطية واغنائها, اما السؤال عن كيفية إجراء هذا الحوار وتوقيته والعناصر المشاركة فيه والأهداف التي يراد تحقيقها من خلاله فأمور تفصيلية غير ذات أهمية اذا خلصت النيات وتوافقت الإرادة الرسمية مع الشعبية حول جدواه لحلحلة الملفات الشائكة. ان توصيات وفد مدريد التي وضعها أمس أمام جلالة الملك قد ثمنت عاليا تجربة الإصلاح السياسي التي خطتها البحرين منذ ثمان سنوات ولغاية اليوم, وهو في حد ذاته عامل محفز ومشجع للبحرين كي تمضي قدما في مسارها ليس لاكتساب السمعة الدولية فحسب, ولكن لتمكين الديموقراطية في الداخل والوصول الى صيغ سياسية تفاهمية مشتركة ومرضية بين المجتمع والدولة. وكنت قد شاركت في احد حوارات مدريد قبل عامين حول إصلاح قوانين النشر وحرية التعبير ودور الإعلام الحر غير المقيد في النهوض بالإصلاح, وفي تعزيز الديموقراطية, واستمعنا منهم بالمقابل الى تجارب وعثرات مرت بها دولهم وعرفتها مجتمعاتهم, فطريق الديموقراطية طويل ومليء بالصعاب والأشواك واكبر أمراضه الجمود والتكلس وانعدام الحوار
 
الأيام 17 فبراير 2009

اقرأ المزيد

مبادرة وطنية واحـدة


أطلقت جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي الأحد الماضي مبادرتها رسمياً بشأن حلحلة الوضع السياسي والأمني.  الأمين العام للجمعية أعلن عن لقاء مرتقب مع رئيسي الشورى والنواب لتسليمهما نص المبادرة، ودعوتهما لدعمها، وهي خطوةٌ في الاتجاه الصحيح، فالكل مسئول عما يجري، وعليه أن يتحمل مسئوليته الوطنية بدل الفرجة ونفض اليد. كما أعلن عن جهدٍ سيبذل لإيصال المبادرة إلى بعض الجهات في الدولة، بعد أن شاع أن خطوط الاتصال مقطوعة منذ زمن غير قصير.
أما بخصوص الطرف الآخر من المجتمع، فقد أعلن عن مواصلة الاتصالات مع الجمعيات السياسية بمختلف أطيافها، «لإطلاعها على المبادرة وإشراكها في تفعليها». وهو جانبٌ فيه تقصير وضعفٌ للأسف الشديد، فحين عقدت ندوة «الوسط» بشأن المبادرة قبل أسبوعين، اتضح أنه لم تكن هناك أية اتصالات على الأرض، والحديث اليوم لايزال عن «إطلاع الجمعيات المعنية»، والأسوأ أن يغنّي كلٌ على ليلاه، ويتوهم أنه قادرٌ على العمل بمفرده، كأن الوضع يحتمل مزيداً من المماطلة والتسويف، أو يسمح لتسجيل بعض النقاط هنا وهناك.
المفترض أن يدرك الجميع أن المبادرة يجب أن تكون وطنيةً مشتركةً، ومعبّرةً عن أوسع دائرة من الطيف السياسي، خصوصاً أن هناك أخطاراً باتت تلوح في الأفق، لا تنذر فقط بتطويق العمل السياسي، بل وتمتد لحرية التعبير وملاحقة أية مواقع مجتمعية أو دينية أو شبابية، يصدر عنها أي نقد سياسي. وتقليص هامش الحريات العامة يغري بمزيدٍ من التقليص، والخشية أن تكون هناك قطاعات مدنية أخرى على قائمة الاستهداف، بما فيها مؤسسات العمل الخيري تحت ستار ما يسمى مكافحة الإرهاب.
عناصر المبادرة معقولة ومتوازنة إلى حد كبير، ومن المؤكد أنها ستلقى تأييد الغالبية من الناس، فهي تدعو القوى السياسية والاجتماعية إلى احترام النظام السياسي، ونبذ كل مظاهر العنف من حرق وتفجير، وتأكيد سلمية العمل السياسي. وفي المقابل تطالب الدولة بضمان فتح حوار مع قوى المجتمع، وإطلاق سراح الموقوفين، وإغلاق الملفات الأمنية الجديدة ووضع نهاية لوسائل التعذيب ضد المعتقلين التي عادت من النافذة بعد أن طُردت من الباب مع بدء فترة الإصلاح.
“المنبر” تحدّث عن آليات لتفعيل مبادرة الحوار الوطني، تفرض التزاماً متبادلاً بين القوى السياسية والدولة، انطلاقاً مما نصت عليه المادة (1) من الدستور، وترشيد الخطاب السياسي واحترام هيبة الدولة ورموزها، وسلمية العمل السياسي، والالتزام بالأطر القانونية، مع استمرار المطالبة بتطويرها، لتنص على مزيد من الحريات لترتقي للمعايير الدولية، وإيقاف حملات التشكيك في الولاء الوطني للبحرينيين.

وفي هذا المجال لم يعد الأمر مقتصراً على القوى المتمصلحة من حال القطيعة وتدمير جسور الثقة، بل برزت هناك أقلامٌ مسعورةٌ لم تتورع من طرح دعوات تنضح بالعنصرية وعدم القبول أصلاً بوجود «الآخر»، وهو مؤشر خطير تشهده البحرين ربما لأول مرة في تاريخها، في استنبات لئيم للفكر العنصري الشوفيني وثقافة الابارتهايد، في بلدٍ يفتخر بتاريخه القائم على التعددية المذهبية والتسامح الديني والانفتاح الفكري.
المبادرة ليست ترفاً فكرياً، وإنما حاجةٌ ماسةٌ لحلحلة أوضاع متشنجة، تخفي تحتها مشكلات لا يريد البعض الاعتراف بوجودها، وملفات لا يرغب البعض الاقتراب منها، بدءًا بالنواحي المعيشية للمواطن، وانتهاءً بتكريس مبدأ المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات.
 
الوسط 17 فبراير 2009

اقرأ المزيد

هل نحن ذاهبون إلى نفق مظلم؟


تساءلت في مقالي السابق وفي ظل حالة من الاحتقان الشديد التي وصلنا إليها قائلا ‘’إلى أين نحن ذاهبون؟’’ وهو سؤال أصبح يردده الكثير من المواطنين، نتيجة حالة التصعيد التي يشهدها الوطن على جميع الصعد، حالة تنذرنا بأننا ذاهبون إلى المجهول.
يبدو أن حالة من القلق الشديد تسود بين الناس، وأن حالة من التشاؤم تلبسنا جميعاً، كل ذلك يوحي لنا بأننا ذاهبون إلى نفق مظلم.
إن أكثر ما يُقلق هو تحويل الملفات السياسية إلى ملفات أمنية، نتيجتها حسب اعتقادنا هو الذهاب إلى المجهول على جميع الصعد وفي مقدمتها الصعيد السياسي والصعيد الأمني، فالتصعيد الأمني من بعض أطراف المعارضة ومن طرف السلطة سيؤدي بنا لا محالة إلى المزيد من التصعيد الأمني ولن يؤدي ذلك إلى هدوء؛ فإن تصورت السلطة أن المعالجات الأمنية هي التي ستؤدي إلى مزيد من الأمن، فإنها ستكون واهمة وأن العكس هو الصحيح، والتجارب التي مر بها الوطن على مدار عقود من الزمن هي خير دليل على ذلك، كما أن التصعيد الأمني سيؤدي كذلك لا محالة إلى مزيد من التأزيم السياسي، وهكذا سنكون في حلقة مقفلة يصعب الخروج منها. نرى أن السلطة ليست هي المسؤول الوحيد عن تحويل الملفات السياسية إلى ملفات أمنية، بل تشاركها بعض الأطراف والبعض من الشباب بوعي منها أو من دون وعي المسؤولية عن ذلك. قد لا يقبل البعض هذا القول ويريد أن يحمل السلطة المسؤولية بمفردها، ولكن بالتأكيد أن بعض الممارسات وبعض الخطابات تعمل هي كذلك في اتجاه تحويل الملفات السياسية إلى ملفات أمنية.
إن عجز قوى المعارضة طوال السنوات الثمان الماضية عن المسك بالملفات بشكل صحيح عبر خلق تضامن وطني جامع، تستطيع من خلاله استخدام جميع أدوات الضغط السلمية البعيدة عن أعمال العنف، هو في جانب منه يساهم في خلق أرضية خصبة لمن يريد للوطن أن يستمر في حالة من الاحتقان والتأزم. أين نحن من حوارات المعارضة مع بعضها البعض التي يمكن لها أن تنتج برنامجاً وطنياً موحداً، بدلاً من تصوير الحالة وكأن طائفة بعينها هي المظلومة من دون غيرها، وأنها وحدها من يتصدى للمطالبة بالحقوق؟
إن المعارضة إذا لم تعِ حقيقة نجاح السلطة في جر العمل الوطني إلى المستنقعات الطائفية، عبر إنتاج حالة توحي أن من يعارض سياسات السلطة هي طائفة بعينها، يساهم في ذلك قوى سياسية ارتضت لنفسها تكويناً طائفياً خلق حالة من التجاذب الطائفي، فإن بعض أطراف المعارضة تكون قد سهلت مهمة تحويل نضالات شعبنا إلى المستنقعات الطائفية التي لن تنتج نجاحات في خلق تضامن وطني شامل يضغط باتجاه تحقيق المطالب المحقة.
مع التثمين الشديد للمبادرة الوطنية التي أطلقها المنبر الديمقراطي التقدمي نحو إجراء حوار وطني في محاولة لنزع الفتيل درءاً للمخاطر التي تهددنا جميعاً وتجعلنا نسير نحو نفق مظلم لا نعلم إلى أين يقودنا، نأمل ألا تقتصر هذه المبادرة التي تستحق كل دعم وتأييد على الأزمة الحالية وتداعياتها التي نتجت عن اعتقالات تمت ونية السلطة عن إجراء محاكمات وفقاً لتهم أعلنت. نأمل أن تكون بنود هذه المبادرة واضحة وجريئة ومعلنة سواء تجاه السلطة أو تجاه بعضنا البعض، فلا يحق لطرف بعينه الخروج بانحراف كبير عن إرادة المجموع، فمع حاجتنا إلى مبادرة توقف وتحد من حالة الاحتقان الراهنة، إلا أننا بحاجة إلى مبادرة وطنية طويلة الأمد تمنع تكرار ما هو جارٍ الآن، مبادرة تبني لعلاقات وطنية جادة قادرة على تحقيق الحد الأدنى لتطلعات الناس المحقة.
عودة إلى حالة الاحتقان الراهنة، فمع اختلافنا مع بعض الخطابات للوجوه البارزة من بين المعتقلين، إلا أن الماضي البعيد والماضي القريب والواقع الحالي يجعلنا نتساءل: هل طوت وزارة الداخلية حقبة الماضي الأمني الأليم إلى الأبد وأجرت المصالحة اللازمة التي تبني الثقة والاطمئنان؟ هل انتهت أساليب التعذيب تماماً لدى أجهزة التحقيق؟ إن ما نشعر به مع اختلافنا مع الكثير، مع الممارسات التي تتم في الشارع ممن يقوم بالاحتجاج، فإن التعذيب ونزع الاعترافات قسراً يبدو أنه لايزال أسلوباً معتمداً، كما أن أسلوب التضخيم للأحداث التي تتم ‘’مع اختلافنا مع من يقوم بها ورفضنا لها’’، وكذلك المغالاة في التهم الموجهة وتصوير الوضع وكأن المتهمين قاب قوسين أو أدنى من قلب نظام الحكم واستلام السلطة، كل ذلك يؤدي إلى مزيد من الاحتقانات، كما أن أسلوب التطنيش الذي تتبعه السلطة تجاه مطالبات الناس التي هي في أغلبها مطالبات محقة ومشروعة، وإصرارها على السير في ملفات مرسومة ترمي من خلالها إلى تحقيق أهداف نعتقد أنها مضادة للمصلحة الوطنية، هو ما يؤدي إلى انعدام الثقة، في ظل رفض السلطة لإجراء حوارات صادقة.
عندما نقول ذلك عن السلطة، هذا لا يعني تحميلها المسؤولية منفردة، بل هناك الكثير مما تتحمله القوى السياسية من مسؤولية، فهي تعاني من حالة عجز عن إجراء حوارات جادة وصادقة فيما بينها في الوقت الذي تطالب فيه السلطة بإجراء حوارات معها! القوى السياسية تتعامل بردات فعل مع الأحداث أكثر مما تتعامل بفعل منظم عبر برنامج مرسوم يقود الناس بعقلانية، بدلاً من حالة الانفلات التي قد تؤدي بالبعض من الشباب إلى القيام بأعمال غير مجدية.
نأمل أن نعود إلى حالة التفاؤل التي عشناها أيام التصويت على الميثاق الوطني قبل ثماني سنوات مضت كنا نتمنى أن نعيش فيها الأيام الجميلة التي وعدنا بها.
المأمول من قوى المعارضة عبر مبادرة المنبر الديمقراطي التقدمي أن تدخل في مصارحة مع نفسها من دون مجاملة وبعقل مفتوح والخروج برؤية عقلانية موحدة تذهب بها للسلطة وتضعها أمام مسؤولياتها.
المأمول من جلالة الملك حمد وهو قادر بكل تأكيد أن يعيدنا إلى روح ميثاق العمل الوطني، عبر نزع فتيل الأزمة الحالية أولاً، ومن ثم إعادة النظر في الكثير من السياسات التي تنتج المزيد من الأزمات.
 
الوقت 17 فبراير 2009

اقرأ المزيد

مأسسة الحوار المستدام


نادي مدري ” الذي يسعى إلى تعزيز النظم الديمقراطية الانتقالية وصل إلى البحرين، والتقى أمس جلالة الملك وكلاًّ من نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، ورئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح، ورئيس مجلس النواب خليفة الظهراني.
هذا الوفد رفيع المستوى ضم رئيس وزراء لاتفيا السابق فالديس بركافس، ورئيس الوزراء السابق للبوسنة والهرسك زلاتكو أغومجيا، ورئيس وزراء فرنسا السابق ليونيل جوسبان، وقدم تقريراً تضمن توصياته التي توصل اليها بشأن تحسين البيئة السياسية البحرينية بحسب ما تمَّ التوافق عليه في عدة اجتماعات عقدت في المنامة خلال العامين الماضيين، وتمثلت التوصيات بعدة بنود رئيسية، منها «ضرورة مأسسة الحوار المنتظم والمستدام بغرض بناء الثقة بين مختلف الأطراف وأصحاب المصلحة»، وتأكيد أن «التغيير لا يأتي بالمراسيم وإنما بالحوار الذي يؤدي إلى تماسك مجتمعي مستدام». كما أوصى نادي مدريد بتعديل حزمة القوانين المقيدة للحريات العامة في البحرين، وضرورة أن ” تقدم الدولة الدعم الدائم والمنتظم إلى الجمعيات السياسية لتنمية قدراتها حتى تقوم بالدور المطلوب في تطوير العملية السياسية، والتزام الجمعيات السياسية بالقانون المعمول به، والعمل بأجندتها الوطنية ورفض كل أشكال الطائفية”.

نادي مدريد عقد مؤتمره الصحافي (أمس) في اليوم نفسه الذي عقدت جمعية المنبر التقدمي مؤتمرها الصحافي لتفعيل مبادرتها لتنشط الحوار بين مختلف الأطراف الفاعلة بهدف إخراج الوطن من الاحتقان الأمني والسياسي الذي قد يتفاقم إذا ترك من دون معالجة متأنية وعاقلة، وهذا ما أشار إليه الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي حسن مدن الذي أكد بدعوته الحاجة إلى «مأسسة الحوار»، وهو الاتجاه ذاته الذي تحدث فيه وفد ” نادي مدريد “.

مــدن قال إن جمعية المنبر تسعى إلى تفعيل المبادرة عبر ” التزامات متبادلة ” بين القوى السياسية والاجتماعية من جهة، والدولة من جهة أخرى، إلى جانب «تحركات ومساعٍ واسعة ستقوم بها الجمعية مع المجلس الوطني بجناحيه لتفعيل المبادرة» وكان رئيسا النواب والوطني قد سمعا توصيات «نادي مدريد» في هذا المجال، والأمل أن يباشرا في تحريك المياه الراكدة وتجسير العلاقة بين مختلف الأطراف، فالوطن – كل الوطن – هو الذي يربح من تنقية الأجواء ومأسسة الحوار بشكل مستدام، ليس بهدف تحقيق قضية جزئية هنا أو هناك، وإنما بهدف رص الصفوف نحو ما ينفع الجميع.

إن لدينا مبادئ ميثاق العمل الوطني التي صوت عليها الشعب وتصلح لأن تكون منطلقاً لتفعيل الحوار الوطني المستدام بشكل جاد وبعيد عن الأهواء أو الأحقاد أو التحريض وبث الكراهية ضد النظام أو ضد أي فئة من المجتمع… فجميعنا في قارب واحد وعلينا أن نسعى إلى حماية هذا القارب من الإخلال بتوازنه أو إغراقه بمشكلات لا أول لها ولا آخر.

الوسط 16 فبراير 2009

اقرأ المزيد

مداخلة د.حسن مدن الأمين العام في المؤتمر الصحافي حول مبادرة المنبر عن الحوار الوطني

 

Al-Taqadomi.jpg


في بداية هذا المؤتمر الصحافي أتوجه بالتهنئة لجلالة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى الخليفة وإلى شعب البحرين بمناسبة احتفالات البلاد بالذكرى الثامنة لميثاق العمل الوطني، وأن أؤكد  على أن مبادرة المنبر التقدمي تنطلق من روح وجوهر ونصوص ميثاق العمل الوطني ومن النهج السياسي الذي  قاده جلالة الملك، ومن خلاله دخلت البلاد مرحلة جديدة من المصالحة والحوار وإغلاق الملفات الموجعة في هذا البلد ومنها ملف قانون أمن الدولة وما يتصل به من ممارسات ونهج على أصعدة مختلفة.
 
تنطلق المبادرة مما وجهته اللجنة المركزية لمنبرنا التقدمي في اجتماعها الأخير المنعقد بتاريخي 26 و27 يناير/ كانون أول الماضي  من دعوة لمبادرة وطنية شاملة لمنع تدهور الأوضاع في البلاد أكثر فأكثر، بخلق آلية للحوار بين الدولة وكافة القوى السياسية، سواء تلك الممثلة في مجلس النواب أو غير الممثلة فيه، لبلوغ تفاهمات مشتركة ومتفق عليها حول قضايا الإصلاح السياسي والدستوري، وإعادة البلاد مجددا إلى مناخ الثقة الذي عشناه قبل سنوات، وبناء جسور الشراكة بما يحمي البحرين من المخاطر، ويحقق الأمن والاستقرار فيها.
 
وليست الدعوة إلى الحوار وبلوغ تسويات سياسية وتوافقات حول المسائل الخلافية في البلاد بين الدولة والقوى المجتمعية المختلفة بأمر طارئ وجديد على المنبر التقدمي، فهذا ما حرصنا عليه خلال السنوات الماضية.
 
 مبادرتنا هذه المرة لا تنطلق، إذاً، من فراغ، وإنما تستمد جذورها من منهجنا في العمل السياسي الذي عرفنا به المجتمع والقوى السياسية والاجتماعية، وحتى الدولة نفسها.
 
وطبيعي أن كل العقلاء والمخلصين في هذا الوطن، في الصحافة الوطنية والجمعيات السياسية والشخصيات الوطنية المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني، رحبت بهذه الدعوة، لأنها وجدت فيها العقلانية والواقعية اللتين نحتاجهما اليوم  وسط الخطاب السياسي المتشنج والتصعيدي من أطراف عديدة في الدولة والمجتمع.
 
وبعد مرور أكثر من أسبوعين من إطلاق المبادرة والتفاعل الايجابي المُشرف معها في المجتمع، يرى المنبر التقدمي أن التطورات  السياسية والأمنية على الأرض تضاعف أهمية هذه المبادرة، وتؤكد أن ما تنص عليه من أسس ومبادئ  يستجيب للمصالح العليا للوطن.
 
هناك أكثر من عثرة واجهت انسيابية الإصلاحات السياسية في البلد، بينها الخلاف حول الدستور الجديد، وما نجم عن هذا الخلاف من اختيار بعض الجمعيات السياسية المقاطعة في الفصل التشريعي الأول وما نجم عن هذا الخيار من تداعيات.
 
لكننا نرى أن قرار الوفاق بثقلها الجماهيري الكبير بالمشاركة في انتخابات عام 2006، شكل فرصة تاريخية للتغلب على تلك التداعيات، وخَلْقْ مناخٍ من التفاعل الايجابي لو أن الدولة تصرفت بشكل آخر، لكن الذي حدث، للأسف، هو العكس حيث سعت الدولة بمعونة بعض الكتل النيابية الأخرى إعاقة أي نجاح تحرزه الوفاق على الصعيدين التشريعي والرقابي في مجلس النواب، فضلاً عن التراخي والتهرب من معالجة ملفات مفصلية ظلت بدون حل، رغم أنها داخلة في جوهر المشروع الإصلاحي.
 
 خلق ذلك حالةً من الإحباط والسخط والشعور باللاجدوى  في صفوف قطاعات واسعة من الجمهور، خاصة في صفوف الشبان الذين يعانون من التهميش والفقر والبطالة وغيرها من أوجه المعاناة.
 
غلبت أجهزة الدولة الخيارات الأمنية في التعاطي مع الأمر، ونُثمن هنا التدخلات المتكررة المقدرة لجلالة الملك  بالعفو عن المعتقلين أو عمن تصدر ضدهم أحكام  من القضاء، لكن أجهزة الدولة المعنية ظلت بعيدة عن القيام بمبادرة عامة تُشرك فيها مختلف القوى  من أجل الوصول إلى حلول، حتى لو كانت في منتصف المسافة، بين الفرقاء المعنيين بالأمر.
 
وقد تفاقم الوضع الأمني في الآونة الأخيرة على خلفية ما عرف بقضية الحجيرة، التي نتجت عنها اعتقالات وتوقيفات، ومن ثم الإعلان عن محاكمات وشيكة، أدت بالنتيجة إلى توترات أمنية جديدة.
 
 من هنا نعلن اليوم الأسس والمنطلقات التي تتضمنها مبادرتنا لإطلاق آلية حوار، نرى أن نتوصل في نتيجتها إلى إعلان مبادئ متفق عليه من جميع الأطراف المعنية، في الدولة وفي المجتمع، يلزم الكل بالتأكيد على مرجعية ميثاق العمل الوطني وعلى الثوابت الدستورية والوطنية التي توافق عليها الجميع.
 
 
 



ويترتب على ذلك التزامات متبادلة على النحو المبين أدناه:

 
1-   تلتزم القوى السياسية والاجتماعية بالمبادئ التالية:
 
-         احترام النظام السياسي في البلاد الذي توافقنا عليه عند التصويت على ميثاق العمل
          الوطني، والذي  نصت عليه المادة 1 من الدستور.
 
-         ترشيد الخطاب السياسي واحترام هيبة الدولة ورموزها، والبعد عن الإساءة إليها.
 
  -       نبذ كافة مظاهر العنف من حرق وتفجيرات والاعتداء على رجال الأمن.
 
  -      التأكيد على سلمية العمل السياسي، والالتزام بالقواعد والأطر القانونية المنظمة له، على
         أن يترافق ذلك  مع استمرار المطالبة بتطوير هذه القواعد والأطر لتنص على مزيد من 
         الحريات ولترتقي للمعايير الدولية في هذا المجال.
 
  -     وقف خطابات التحريض والتخوين والتشكيك في الولاء الوطني للمواطنين، على أساس
        انتمائهم  المذهبي، وتجريم كافة أشكال التسعير المذهبي والطائفي، من أي جهة       
        جاءت ومعاقبة من يروج هذه الخطابات.
 
2-  تلتزم الدولة بالمبادئ والأسس التالية:
 
  -    إطلاق سراح الموقوفين والمعتقلين، ووضع نهاية لوسائل التعذيب ضد المعتقلين إثناء
       التحقيق، واحترام الضمانات القانونية للمتهمين، وإغلاق الملفات الأمنية الحالية.
 
  -    نبذ العنف المستخدم من قبل رجال الأمن، والذي يتخذ في بعض الحالات صفة العقاب
       الجماعي للمناطق المكتظة بالسكان. 
  
  -    ضمان فتح حوار بينها وبين القوى المجتمعية والسياسية حول الملفات موضع الخلاف.
 
لبلوغ الاتفاق على تلك الأسس والمبادئ المتبادلة سيعمل المنبر التقدمي وفق الخطة التالية:
 
     -   الاتصال بالجمعيات السياسية بمختلف أطيافها ومؤسسات المجتمع المدني والاتحادات
         الجماهيرية مثل اتحاد النقابات والاتحاد النسائي، وكذلك الشخصيات المستقلة
         ورجال الدين ورؤساء تحرير الصحف المحلية، لاطلاعهم على محتوى مبادرته
         وأهدافها، وطلب دعمهم لها.
 
     –   اللقاء برئيسي مجلس النواب والشورى لتسليمهما المبادرة، ودعوتهما لدعم ما تنطوي
         عليه من أفكار وأسس.
 
     –   السعي للاتصال بالجهات المعنية في الدولة لإبلاغها فحوى هذه المبادرة.
 
 ويأمل المنبر التقدمي أن نصل في خلاصة هذه الاتصالات إلى تسمية لجنة مصغرة من الشخصيات ذات الخبرة والمصداقية  التي تتوافق عليها القوى المعنية، على أن تمثل جميع القوى الفاعلة في المجتمع لا تلك الممثلة في البرلمان وحدها، لأن الخريطة السياسية والاجتماعية في البحرين أوسع وأغنى بكثير.
 
 ويناط  بهذه اللجنة المصغرة الدخول  في حوار مع الدولة حول المسائل موضوع الاختلاف والتي لم يصر إلى حل لها، في اتجاه تحقيق توافق حول التعديلات الدستورية المطلوبة وتطوير النظام الانتخابي وإلغاء أو تعديل التشريعات المقيدة للحريات وتسوية أوضاع ضحايا مرحلة امن الدولة، وإعادة النظر في سياسة التجنيس المتبعة والنهوض بالأوضاع المعيشية للمواطنين في مجالات السكن والعمل وغيرهما، وتكريس مبدأ المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات.
 
 
مداخلة حسن مدن الأمين العام للمنبر التقدمي
في المؤتمر الصحافي بتاريخ  15 فبراير 2009
حول مبادرة المنبر عن الحوار الوطني

اقرأ المزيد

الخطاب العقلاني والخطاب العنصري

مبادرة «المنبر التقدمي» بشأن إطلاق آليةٍ للحوار بين الدولة والمجتمع، تنم عن روحٍ وطنيةٍ جامعةٍ وشعورٍ عالٍ بالمسئولة، تجاه البلد.
الأجمل تلك اللهجة الرصينة المتواضعة التي غلّفت المبادرة، سواءً في خطاب الناطق الرسمي باسم المنبر فاضل الحليبي حين استضافته «الوسط» مع آخرين في ندوتها الأسبوع الماضي، أو في خطاب الأمين العام حسن مدن في تصريحاته أو مقاله أمس. فالرجلان كرّرا أن هذا النهج ليس قصراً على المنبر وحده، بل هو نهج قطاعات واسعة من المجتمع، حريصة على أن تسود البلاد حالة التوافق والاستقرار.
مدن لم يعتبر نفسه وسيطاً وإنما جزء من المشهد السياسي، وبالتالي ردّ على من غمز جمعيته للعبها دور «الوسيط»، بقوله إننا نمتلك رؤية وموقفاً هدفه مصلحة الوطن، وبالتالي فالحوار مكسبٌ لكل القوى البحرينية الخيّرة. وركّز على التمسك بالثوابت الدستورية، وترشيد الخطاب السياسي واحترام هيبة الدولة ورموزها، والسعي لتطوير القوانين بوسائل النضال المشروعة، ورفض جميع مظاهر العنف والعنف المضاد. وبينما عبّر عن نبذه لممارسات الحرق والاعتداء على رجال الأمن، اعترض على الاستخدام المفرط للقوة أو الممارسات التي تمس بكرامة الانسان البحريني.
خطاب عقلاني متوازن، لا تمتلك إلا أن تحترمه وتدعو إليه، لأنه يهدف إلى تغليب الحوار على الحلول التصعيدية التي جرّبناها عقوداً فما زادتنا إلا آلاماً وتأخراً وتردّي السمعة في مجال انتهاك حقوق الإنسان.
أمام هذا الخطاب العقلاني المتزن، يبرز خطابٌ آخر تحريضي، ينبذ الحوار، ويصرّ على التصعيد والتشدّد، يبدأ بالتشكيك في الحاجة أصلاً لحوار، وينتهي بطرح نظريات ذات روح عنصرية، تذكّرنا بمنظّري «البوير» وكهنة حقبة الابارتهايد في جنوب أفريقيا، الذين كانوا يتخيّلون أنفسهم نوعاً يمثل خلاصة الجنس البشري الأبيض، وأن الأفارقة مجرد جنسٍ من العبيد، لا يصلحون إلاّ لزرع المحاصيل الزراعية وكنس الشوارع.
هذه النظرية العنصرية الشاذة سقطت سقوطاً مدوياً في جنوب أفريقيا، بفضل النضال السلمي الطويل الذي قاده الوطنيون في جنوب أفريقيا، وأصبحت الآن فصلاً كئيباً من التاريخ المقيت في الذاكرة البشرية، لا يتشرف أحدٌ بالدفاع عنه أو تبريره.
من يقرأ التاريخ الجزائري، سيصطدم بالشريحة العنصرية الشاذة نفسها، ففي حرب الاستقلال عن فرنسا، كانت الحرب في الميدان الثقافي على أشدها، ففي مواجهة دعوات الحرية كان بعض المثقفين العنصريين الفرنسيين يروّجون لنظريات التفوّق العرقي، فالجزائريون دمويون متخلفون وشرسون، ولابد من دراستهم ضمن الأجناس البربرية التي لا تستحق غير القتل والسحق تحت جنازير الدبابات والمدرعات. تلك حقبةٌ قد مضت، وأصبح مثقفو حقبة الاستعمار الفرنسي في مزبلة التاريخ.
اليوم… البحرين أمام دعوةٍ عقلانيةٍ معتدلة، يطرحها عددٌ من رجالاتها بقلوبٍ لم تدنّسها الأحقاد أو المصالح الشخصية والفئوية، وبالمقابل هناك دعوةٌ عنصريةٌ تحرّض للإمعان في نهج الصدام ولغة العنف والعنف المضاد. وبدل الدعوة إلى حلحلة المشكلات العالقة التي يئن منها المجتمع، والالتفات لحل قضايا الاقتصاد السياسي، التي تغذي الاضطراب والقلاقل الاجتماعية، يتم تشطير البلد إلى بلدين، والعقيدة إلى دينين، والمجتمع إلى فئتين، تتويجاً لأبشع نظريات العنصرية الانثروبولوجية: «مساجدنا» و»مساجدكم»… وهنا «مربط العنصريين الجدد»!
 
صحيفة الوسط
11 فبراير 2009

اقرأ المزيد

لماذا ندعو للحوار؟


مبادرة المنبر التقدمي في الدعوة لإطلاق آلية حوار بين الدولة والمجتمع، وبلوغ توافقات حول المسائل الجوهرية موضوع الجدل، ليست، في طبيعتها وروحها، بأمر طارئ على «التقدمي»، المعروف بخطابه السياسي الرصين، وفي منعطفات سياسية أخرى مررنا بها خلال السنوات الأخيرة، كان «التقدمي» من دعاة مثل هذا الحوار. وليس هذا النهج، والحق يُقال، قصراً على المنبر التقدمي وحده، بل انه نهج قطاعات واسعة في المجتمع حريصة على أن تسود البلاد حالة الاستقرار والتوافق، وأن ننصرف، مجتمعين، للنهوض بأعباء ومهام التحول الديمقراطي الذي فيه خير ومصلحة هذا الوطن ومستقبل أبنائه وبناته، لأن التجربة المريرة لهذا الوطن خلال عقود برهنت أن لا طريق آخر، غير هذا الطريق، يمكن أن يأخذ بنا إلى بر الأمان. وتولد شعور جدي لدينا ولدى سوانا من القوى أن هناك خطابات متشنجة تسود الساحة، مُشبعة بروح التحريض والصدام، وكان لا بد من أن تقال كلمة عاقلة وسط هذا الجو، إن وجدت من يسمعها فسيكون لذلك مصلحة للجميع، وإن وُوجهت بآذان صماء، فحسبنا ساعتها أننا كنا متسقين مع أنفسنا ونهجنا في قول كلمة العقل في الوقت الذي يجب أن تقال فيه. ونحن في هذه الدعوة لا ننطلق من كوننا وسطاء بين فرقاء مختلفين، فنحن جزء رئيسي من المشهد السياسي في البلد، وقوة سياسية تملك برنامجاً ورؤية وموقفاً معروفاً ديدنه مصلحة الوطن والشعب، والحوار الذي نطالب به هو مكسب لنا كما هو مكسب لكل القوى الخيرة في هذا الوطن. لذا لم يكن في أذهاننا ولن يكون يوماً أن نقوم بدور وساطة، حتى يجري القول أن للوساطة شروطها، نحن أطلقنا دعوة موجهة للمجتمع والدولة انطلاقاً من قناعتنا الراسخة إن في الوطن قضايا جديرة بأن يجري الحوار حولها حواراً سياسياً، لأن الحلول الأمنية وحدها لا يمكن أن تُحل المشاكل. وفي ذلك فنحن ننطلق من التمسك بميثاق العمل الوطني روحاً ونصاً وبالثوابت الدستورية، ومما أكدنا عليه في مواقفنا السياسية حول ضرورة ترشيد الخطاب السياسي واحترام هيبة الدولة ورموزها، والعمل في إطار القانون، مع السعي لتطوير القوانين المعمول بها بوسائل النضال المشروعة. كما ننطلق من رفض كافة مظاهر العنف والعنف المضاد، ونبذ ممارسات الحرق أو التفجيرات والاعتداء على رجال الأمن، لكننا بالمقابل لا نقر الاستخدام المفرط للقوة، وأي مساس بكرامة الإنسان من تلك التي نفترض أنها قبرت مع إعلان القطيعة مع مرحلة قانون أمن الدولة وما تمثله من ذاكرة مفزعة في أذهان البحرينيين، الذين تنفسوا الصعداء بانطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. قلت في تصريح صحافي سابق أن بدا في الظاهر أن الأمور غير مهيئة لأن تنجح مبادرتنا، فان ذلك يجب ألا يُثنينا عن المضي فيها والمثابرة في الدعوة إليها، فكل المهام بحاجة إلى تهيئة ما هو ضروري لها من مستلزمات، وهذا ما سنعمل عليه.
 
صحيفة الايام
10 فبراير 2009

اقرأ المزيد

مبادرة المنبر التقدمي


في 26 – 27 يناير/ كانون الثاني الماضي عقدت اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي التقدمي في البحرين دورتها الـ 16 لدراسة الوضع في البلاد وإطلاق التحضيرات لمؤتمر المنبر العام الخامس الذي سيعقد في أبريل/ نيسان المقبل. ولأن المؤتمر سيعقد قريبا فإن مختلف هيئاته ستعكف على إعداد أجزاء الوثائق المهمة التي ستعكس وجهة نظر المنبر حول أوضاع البلاد ومساهمته برؤيته لسبل الخروج من هذه الأوضاع.
غير أن الأمور بلغت حدودا تجعل من الانتظار خيارا سياسيا غير رشيد. ولهذا جاء بيان اللجنة المركزية عن نتائج أعمالها أكثر إسهابا وتركيزا من المعتاد على عدد من القضايا المهمة. ومن بين مجمل القضايا التي تضمنها احتلت مركز الثقل دعوة المنبر إلى «مبادرة وطنية شاملة لمنع تدهور الأوضاع أكثر فأكثر[1]». وقد اكتسبت في الصحافة تسميات عدة كمبادرة «حلحلة» الأوضاع و«مبادرة المنبر».. إلخ. لكنها ظلت تشغل بال الصحافة المحلية والرأي العام في البحرين طيلة الأسبوع الماضي وحتى مساء البارحة، حيث الندوة المهمة باشتراك حسن مدن، الأمين العام للمنبر ومنصور الجمري، رئيس تحرير صحيفة ‘الوسط’ البحرينية والشيخ صلاح الجودر. أن تفعل ما هو مطلوب بالضبط، رغم أن أحدا لم يطلب منك ذلك، تلك هي المبادرة التي قال عنها الحكماء إنها تحويل الطاقة الكامنة داخليا إلى طاقة عمل هادفة. أما المبادر فهو من يطلق المبادرة منطلقا من ظروف الحاضر بعين ترمي نحو المستقبل. ولهذه الأسباب فإن لكلمة «مبادرة» و«مبادر» رنين خاص يشد الآذان في اللحظات الأولى ويشغل العقول لفترات أطول.
الكثيرون تحدثوا عن المبادرة إيجابا. وقليلون إما تحفظوا أو انتقدوها انتقادا لاذعا، ومهما اختلفت الآراء فإن ما أثارته من اهتمام يعني حاجة السياسيين والناس عامة إلى المضمون الأساسي الذي تتحدث عنه المبادرة : «الحوار البناء».
لنبدأ بالنقد الشديد اللهجة. «عن أي حوار تتحدثون؟» احتجت زميلتنا الكاتبة القديرة سوسن الشاعر في مقال لها بهذا العنوان[2]. بالتأكيد ليس عن الحوار الذي ذهبت إليه الكاتبة في فهمها للمبادرة. بل على العكس وبدقة متناهية. ولنضع نقاطا أكثر على الحروف. إن أهم المثالب التي شابت العملية الديمقراطية هي أن غالبية الحوارات التي سبقت إقرار ميثاق العمل الوطني، وتلك التي أعقبته لم تكن حوارات وطنية عامة للأسف، حتى وإن اكتسبت بعض هذا المضمون. كانت بين طرفين رئيسيين – الدولة ورموز من المعارضة الدينية. وبصراحة كانت بين طرفين لم يمتلكا الطبيعة الديمقراطية، ولا يحسنا استخدام أدواتها. طرفان أرادا الانتقال من علاقة القوة بينهما إلى حالة أفضل: علاقة القانون. هذه العلاقة الأخيرة هي التي ناضلت وضحت من أجلها القوى الوطنية الديمقراطية عشرات السنين. لكنها أسقطت من «الحوار الوطني». ومع ذلك فهي باركت العملية الديمقراطية وعملت على تطويرها بحماس أكثر مما لدى الطرفين «المتحاورين». أما هل يمكن أن يسير حوار واتفاقات في موازاة القانون؟ نعم، بلا حرج، يمكن ذلك. وهو معمول به في أكثر بلدان الديمقراطية عراقة. لا لتجاوز القانون، بل لتدارك ما لم يعالجه القانون بشكل شاف بعد. عادة المجتمعات وحاجات المجتمعات تتطور بأسرع مما يتطور التشريع، ويكون على القانون اللحاق بها. ومن هنا تعمل في تلك البلدان آليات الاتفاق الاجتماعي إلى جانب آليات القانون مع الاحتفاظ بسيادة القانون بالطبع. المسألة هي أن مثل هذا الحوار يجب أن يدور بين جميع أطراف المعادلة السياسية ويخرج بما يخلق حالة توافقية بين الجميع، شريطة ألا تستثني أحدا، بينما تستثني القوة كشكل من أشكال «الحوار». على صعيد الممارسة العملية كانت الحوارات بشكلها الخاطئ الذي أشرنا إليه تسير حتى العام الماضي داخل البحرين وخارجها بين الطرفين. ولا عجب أنه لم، ولن يمكن الوصول إلى حلول سليمة أو حتى ضمان مراعاة طرفي الحوار للاتفاقات التي يتم التوصل إليها بينهما «من دون شهود». عندما طرح المنبر دعوته للمبادرة الوطنية انطلق من أن قوى التيار الوطني الديمقراطي تستطيع أن تلعب دورا أكثر فاعلية من غيرها في إنضاج ظروف الحوار وتحقيق نتائجه المرجوة ما أمكن. وهذا ليس من باب الاعتداد بالذات بقدر ما هو إيمان بهذا الدور كواجب، ونظرا لثقة الآخرين بجدواه. وقد عبر الشيخ صلاح الجودر عن هذه الثقة عندما قال «إننا نعاني من مشكلة في عدم وجود قناة تتولى الدعوة إلى الحوار، والوضع الحالي يؤكد الحاجة إلى مثل هذه المبادرات لفتح القنوات.. نحن بحاجة لجهة وسط غير منحازة لوضع الملفات الموجودة في الساحة وإعادة دراستها[3]». وإلى حد ما كان رأي ممثل جمعية الوفاق الإسلامية السيد هادي الموسوي: «لا إشكال لدينا في أن نقف مع مثل هذه المبادرة التي دعت إليها جمعية المنبر التقدمي[4]». وكذلك شدد الشيخ محمد علي المحفوظ الأمين العام لجمعية العمل الإسلامي: «.. المطلوب أن نسعى للتواصل مع بعضنا بعضاً، ووقف التعامل بلغة الطرشان أو أية لغة أخرى، فبدلاً من تشغيل ماكنة القوة والقوة المضادة والحوارات المتناثرة من هناك، فمن الممكن أن نجتمع لنتناقش بشأنها (أي مبادرة المنبر التقدمي)..[5]». ليست مبادرة «التقدمي» سوى الخطوة الأولى نحو حوار وطني شامل من أجل العبور الآمن للتحديات التي تواجهها بلادنا اليوم. وواعيا هذا الأمر أكد حسن مدن، الأمين العام للمنبر على «أنه حتى لو بدت الظروف غير مؤاتية ظاهرياً للبدء في خطوات عملية، فيجب العمل على تهيئة ذلك، إذ لابد لأي خطوة على الأرض أن تسبقها تهيئة ظروفها[6]». ويبقى الأمل أن تستجيب الدولة لهذه المبادرة، باعتبارها، كما أكد مدن «طرفا رئيسيا، والحوار يجب أن يكون بين الأطراف المختلفة[7]».

[1] بيان الدورة ,16 ل. م. للمنبر الديمقراطي التقدمي – البحرين، 26 – 72 يناير/ كانون الثاني .2009
[2] «الوطن» البحرينية، 5 فبراير/ شباط .2009
[3] ، [4] صحيفة «البلاد»، 3 فبراير/ شباط .2009
[5]، [6]، [7] صحيفة «الوسط» البحرينية، 6 فبراير/ شباط .2009

صحيفة الوقت
9 فبراير 2009

اقرأ المزيد

ندوة «الوسط» لحلحلة الوضع


عقدت «الوسط» أمس ندوة حضرها المتحدث الرسمي باسم جمعية المنبر التقدمي فاضل الحليبي والنائب السابق عبدالنبي سلمان والنائب السابق المحامي فريد غازي والأمين العام لجمعية العمل الإسلامي الشيخ محمد علي المحفوظ والشيخ صلاح الجودر ورئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري وممثل جمعية الوفاق سيدهادي الموسوي، واستهدف النقاش تداول الآراء بشأن المبادرة الوطنية التي دعت إليها جمعية المنبر التقدمي لحلحلة الأوضاع من خلال إيجاد آلية، أو آليات وسيطة يمكن لمختلف الفئات استخدامها من أجل منع تدهور الأوضاع.

المتحدثون أمس أشاروا إلى أن البحرين افتقدت وجود تلك الحلقات الوسيطة التي تميز بها مجتمع البحرين في السابق… ففي العقود الماضية كان هناك وجهاء وتجار وعلماء دين ومثقفون وشخصيات تمارس دور التواصل بين النظام السياسي والفئات المجتمعية المختلفة. ولكن في السنوات الأخيرة طرأت متغيرات كثيرة أدت إلى ضمور دور مثل هذه الحلقات الوسيطة، وأدت الاستقطابات السياسية والطائفية إلى اختفاء القنوات التقليدية التي كانت تلعب دوراً محورياً في التواصل، وتبرز أهميتها بصورة أكبر أثناء الأزمات.

في حوار الأمس، كان واضحاً أن الحديث عن مبادرة جديدة يتعدى الجانب المعتاد الذي يتحدث فقط عن الإفراج عن المعتقلين، فالحاجة أصبحت ماسة لإبعاد الرسميات التي عطلت خطوط الاتصالات بين رموز الحكم وفئات المجتمع، ولاسيما أن المؤسسات التي أنشأت – كالبرلمان – تحولت في كثير من الأحيان إلى جزء من لعبة الاستقطابات التي زادت سوء الفهم بين مختلف الأطراف.

ليس المطلوب جلسات رسمية، وليس المطلوب مفاوضات، وليس المطلوب تبادل أجندات مكتوبة ومحاضر اجتماعات… المطلوب هو استعادة روح المبادرة لدى تلك الفئات الوسيطة التي كانت تلعب دورها من دون ضجيج ومن دون أن تستهدف تسجيل مواقف. فنحن بحاجة إلى أن تصل بعض الأمور لمن يعنيهم الأمر في مركز القرار السياسي، وإلى من يعنيهم الأمر في المجتمع، وليس كل شيء يمكن كتابته أو التصريح به، إذ إن هناك القضايا التي تبدو صغيرة، ولكن تحقيقها يؤدي إلى تعزيز الثقة وإبعاد البلاد عن أزمات أمنية لا حاجة لنا بها.

إن البحرين متأثرة بلا شك بالأزمة المالية العالمية، وهي أيضاً متأثرة بمجريات الوضع السياسي الإقليمي، وهي لذلك ليست بحاجة إلى ما يشغلها محلياً عن الالتفات إلى القضايا الكبرى المحيطة والتي تحتاج – فيما تحتاج – إلى سلم أهلي وبيئة سياسية غير مشحونة بالعداء والاستقطاب المجتمعي.


الوسط 5 فبراير 2009

اقرأ المزيد

المبادرات السياسية


سلطت وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية على بيان اللجنة المركزية للمنبر التقدمي الذي دعا فيها الى مبادرة لحلحة الأوضاع السياسية التي تشهدها البلاد وتطوراتها خلال الأسبوعين الماضيين.
وهذه المبادرات من الطبيعي ان تصدر من الجمعيات الديمقراطية تحديداً، واعني هنا بالتحديد جمعيتي المنبر التقدمي والعمل الوطني، لسببين رئيسيين، الأول لما لهما من رصيد وتجربة سياسية، والثاني لأنهما يستطيعان بوصفهما ممثلان عن التيار الديمقراطي ان يمدا الجسور بين الطوائف.
أن المبادرة التي دعا لها التقدمي، والذي  أبدى الأمين العام د. حسن مدن استطاعة تياره تفعيلها، تحتاج إلى حوار يبدأ بالجمعيات والقوى السياسية الفاعلة في المجتمع والمعنية بحركة الشارع وجماهيره، حتى تتمكن ان تصل الى صيغ تفاهم تجمع هذه القوى بشأنها.
ولا يمكن ان تنجح أي مبادرة إذا كانت عقلية المؤامرة (معشعشة) في أدمغة بعض (الديماغوجيين) الذين لا يقبلون أي شيء يصدر من الأخر، ويطلبون من الآخر ان يقبل كل ما يصدر عنهم.
المبادرة تحتاج الى الحضور بذهن مستعد لتقبل النقد ومستعد لإبداء التنازلات، ذهن يبعد عنه الكبرياء والأنفة حتى يستطيع ان يفكر بعيداً عن أية مصالح ضيقة او تأثير لجمهور او تيار.
إذا ما قرر المنبر التقدمي ان يتحمل هذه المبادرة فإن عليه حمل كبير، ولكنها محاولة نأمل ان تقدم شيء يجعل من بلدنا أكثر تقدماً وأمنا.

5 فبراير 2009
صحيفة الأيام

اقرأ المزيد