المنشور

في يوم المرأة.. ماذا يراد للمرأة؟!


احتفل العالم في الثامن من مارس الجاري باليوم العالمي للمرأة, ذلك اليوم الذي كرسته مختلف شعوب ودول العالم ومنظماته للاحتفاء بالمرأة وبإسهاماتها الحضارية في صنع الحضارة البشرية, وفي سبيل عالم أفضل يستحق أن يعاش وتزدهر فيه الآمال والطموحات, والتي لم تكن المرأة يوما في منأى عنه بل كانت على الدوام في صلبه, ورسخت من خلاله بصمات لا يمكن أن تمحى مهما حاولت يائسة بعض القوى الطارئة, كدليل على عمق أزماتها وعدم استيعابها لأبسط مقومات التطور البشري والحضاري, والتي تبرز المرأة من خلاله باعتبارها بالفعل حجر الزاوية في مسيرة البشرية التي لن يستقيم عودها أبدا من دون أن تترك للمرأة تلك المساحة الواسعة والمنتظرة للارتقاء بشعوبها بمعية الرجل في عملية البناء والتنمية.

وعلى عادتها السنوية احتفلت الجهات المدافعة عن قضايا المرأة من اتحادات وجمعيات نسائية بهذه المناسبة السنوية, وسط دعوات لم تتوقف بإعطائها كامل حقوقها, خاصة في بلدان العالم الثالث, التي تحاول بعض القوى الطارئة جاهدة فرض رؤاها التي لا تنتمي لهذا العصر, عبر ممارستها لسطوتها في مختلف المواقع التي أصبحت بفعل تخلف الوعي وأدوات الممارسة الحضارية لمجتمعاتنا, تحت رحمتها وبرسم قرارها, ضاربة عرض الحائط بكل القيم والنجاحات والانجازات الكبيرة التي أحدثتها المرأة في مجتمعاتنا عبر مسيرة شاقة من الكفاح على طريق التخلص من ظلامية الجهل والعبودية والامتهان, التي مورست وتمارس بحقها, متذرعة بكثير من الشعارات التي تستحضرها عنوة, فتارة عبر تجيير الفهم المجتزئ للدين, ودعاوى قصور مصطنع في فكر وعقل وقدرات المرأة, ومرات عدة عن طريق فرض الوصاية الفوقية على المرأة عبر تعطيل القوانين والتشريعات التي تهتم بقضايا المرأة والأسرة كما يحصل لدينا هنا في البحرين.

وفي تعارض مع كل التوجهات العالمية الهادفة لإنصاف المرأة العاملة والمرأة بشكل عام, فقد انشغل مجلس النواب البحريني منذ أكثر من أسبوعين بنقاشات بيزنطية في معظمها لدى مناقشة قانون العمل الجديد المعروض على البرلمان, حيث دارت نقاشات لا يمكن أن نفهم بعض مراميها إلا باعتبارها تكريسا لتلك السطوة المقيتة التي دأبت بعض القوى الممثلة لبعض تيارات الإسلام السياسي, ومنذ الفصل التشريعي الأول, فيما يتعلق بمواد محددة تمت مناقشتها مجددا, بحضور وزير العمل مجيد العلوي, الذي أبدى دفاعا مشكورا عن حقوق المرأة العاملة, حيث كان الحديث يدور حول توصية لجنة الخدمات بالمجلس بإضافة مادة جديدة في القانون محل البحث تنص على «أن يكون للمرأة العاملة في المنشأة التي تستخدم مائة عامل فأكثر الحق في الحصول على إجازة بدون أجر لمدة لا تتجاوز سنتين وذلك لرعاية طفلها, ولا تستحق هذه الإجازة أكثر من مرتين طوال مدة خدمتها», وكانت خلاصة رد سعادة الوزير على تلك المقترحات والتي ربما يُفهم من ظاهرها أنها تعني خيراً للمرأة, وهي على العكس من ذلك تمامًا, حيث قال الوزير «إن من شأن تلك المادة لو أضيفت إلى القانون أن تتسبب في عدم توظيف النساء, وسيتجنب أصحاب العمل توظيفهن», وبعد مداولات كان بعضها ينم عن تبييت النية لإرجاع المرأة إلى الوراء كما تطمح واهمة بعض تلك القوى, حيث أعلن احد الأخوة النواب المساندين لتلك المادة «أن جلوس المرأة في البيت أفضل لها, وتلك لعمري مقولة سمعتها شخصيا منذ الفصل التشريعي الأول, وهم إذ يبدون منسجمين إلى أبعد الحدود مع ما تضمره نواياهم غير المعلنة في هذا الشأن بعيدا عن مصالح المرأة العاملة أساسا, والقاضية بجر المجتمع بأسره لقبول فكرة أن يكون موقع المرأة هو بيتها وليس مجتمعها الواسع الرحب, الذي ينتظر المزيد من إسهاماتها.

وكنت قد حذرت من مغبة التسليم بتلك الدعوات من خلال ندوة حوارية حول حقوق المرأة العاملة عقدت منذ أكثر من خمس سنوات في منزل إحدى الناشطات, بضرورة التصدي لها بعقل ومنطق من قبل الجميع وفي مقدمتهم المؤسسات والجمعيات النسائية لمثل تلك التوجهات المراد منها أعادة المرأة إلى حيث تريد بعض تلك القوى المتربصة بها, وهي بالمناسبة من بين تلك القوى التي تقف بكل صلابة أمام سن تشريعات للأحوال الشخصية والأسرية تحت ذرائع أصبحت معروفة للجميع, وهي ذاتها المطالبة بعدم تمكين المرأة تحت حجج وفتاوى الولاية العامة التي تستنسخ وتستورد من بعض قوى دول الجوار أحيانا.


الأيام 15 مارس 2009
 

اقرأ المزيد

مؤتمر دولي في طهران والبعد السياسي


إن كل متفحص سياسي بإمكانه تلمس ذلك الركض «الاسلاموي» لغايات ما عادت للإخفاء أو الادعاء بأن تلك التهم القديمة ليست إلا مجرد أقاويل تستهدف التجريح بالدور الحقيقي لهذه الدولة أو تلك. فهناك في الحلبة الدولية عدو ضد الإسلام والعرب بدأ يقرع جرس الإنذار بأنه سيقتحم دار الإسلام كما هي خطابات التطرف الديني الذي كان سببا في بناء قلاع بين حضارات متباينة, اكتشفنا أن تلك الجسور المقطعة لابد من إعادة بنائها بين الحضارات المعاصرة, في زمن حاولت كل خطابات التشدد بالعودة إلى مشاعل القتل والتدمير والتفجير.

وقد اكتشفنا أن الأعداء ليسوا الصليبيين الجدد كما رفع رايتها أولئك المتشددون كحجة على خطابات مضادة هنا وهناك في البيت الأوروبي. فهل صلحت أمور المسلمين بعد تلك المؤتمرات أم انها ظلت كامنة تحملها مراكز إسلامية واضحة بدأت تواصل مطارقها ضربا على الجدار العربي, ساعية إلى بتر وتمزيق جناحي الإسلام وبناء بعد سياسي من خلال الرؤية والحجة الإسلامية كلما برزت المسألة الفلسطينية وقضية القدس.

فهل يحمل مؤتمر طهران الدولي بعدًا سياسيًا جديدًا لرص الصف الإسلامي محاولة طهران إبراز دور الجمهورية الإسلامية وثورتها كرائد طليعي للإسلام «الثوري» متهمة الآخرين دون تحديد الأسماء بأنها إسلام في حضن الامبريالية!! هكذا تختلط السياسة وألوانها بين الأسود والأبيض, دون معرفة أن عالم السياسة ولعبتها ولعبة المصالح والعلاقات الدولية ليست بذلك التبسيط الرياضي الحسابي, فهناك تداخل في الألوان وتميزها, فعالمنا أكثر تشابكاً واختلاطًا وتداخلًا بل وصار بدرجة لا يمكننا أن ندخل في قطيعة أو صراع دولي بالصواريخ النووية! لمجرد أنها وضعت إيران في «الحجر الصحي» منذ بروز الثورة وتصديرها وتصدير أفكارها في خلق نموذج عالمي واحد كما تريده.

من تأمل خطاب المرشد الأعلى في المؤتمر وخطاب رئيس الجمهورية احمدي نجاد, يقرأ ليس دلالات واضحة للتطرف والخيال الخصب لتدمير إسرائيل ودورها المتضخم في نظر طهران, التي ترى أن إسرائيل خصمها اللدود, وهو الذي يحاول في المحافل الدولية وفي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عزلها بتضخيم البعبع الإيراني النووي, ولا بد من وضع حد لذلك البعبع القادم في الشرق الأوسط.

هذان الخطابان اللدودان في المنطقة يجران خلفهما العالم دون أن نفهم لماذا يتصاعد الخطاب في كل مناسبة تهتز فيها منطقة الشرق الأوسط بالنزاع المسلح بين إسرائيل والعرب, فتجد إيران ورقتها حامية ومشروعة لكونها تجد أن خطابها هو الأهم في الشارع العربي والإسلامي, فهو اقرب للعاطفة التي لا يمكنها أن تتجاوز سقفها المحدود, فيما تجد إسرائيل فرصتها التاريخية لكل صاروخ يسقط على أمتار من مستوطناتها بالبكاء الدولي, وهي تمسرح لعبة كاذبة بكونها الضحية التاريخية. فهل تستمر تلك القصص الإعلامية والسياسية بين طهران وتل أبيب, فيما راحت تلك الورقة الفعلية الخفية تبحث عن وسيط عربي وإسلامي ودولي لحل ذلك الخلاف التاريخي بين الجميع دفعة واحدة, فإذا ما تمت معانقة طهران وتل أبيب انتهت تلك اللعبة, بعد أن ترفع يدها إسرائيل عن مشروع حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم ويعم سلام دائم.

أما نصوص المرشد ونجاد في انتهاء إسرائيل للأبد, وان الفساد والفسق يمزقها وبأن انهيارها قريب!! فيما راح المرشد يعلي خطابه, بأن المسلمين ودولهم تراخوا وتهادنوا ـ وغيرها من مفردات ونصوص الإذلال للجامعة العربية والعرب ـ إذ لم يرَ إلا في الجهاد وحماس قوة بديلا ًلفلسطين قادمة.

هكذا يتم بناء أحلام من ورق على تربة تجرفها أمواج البحر. تمنيت أن لا تصبح القدس والقضية الفلسطينية موضوعا من الكارتون, إذ نعود كل مرة بقوتنا الإسلامية الهائلة لنجعله مجرد بيت إسلامي ممزق لا يجيد خطاب السياسة الواقعية وحقيقة العصر, عصر لا ينتمي لزمن الخيول والسيوف والدروع, وأشعار ومعلقات وغنائم.


الأيام 15 مارس 2009

اقرأ المزيد

عدم إقرار الميزانية يعني إعاقة مشاريع التنمية



جلسة البرلمان الاستثنائية التي انعقدت مؤخراً لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة, جلسة هامة تؤكد من جديد مداخلات وآراء النواب فيها بأن الموازنة لا مجال للمساومة عليها, وان الإصرار على عدم تمريرها بالشروط الحكومية المقترحة مسألة جوهرية وبالتالي مازال الأفق مفتوحاً للتوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولازالت أيضا الجهود مشتركة بينهما للخروج من هذه الأزمة.



وبعبارة أخرى, ان موقف النواب من الموازنة على الأقل الى الآن لم يتأثر بلعبة المصالح السياسية والحزبية التي اعتدنا عليها, تدار في الخفاء ولا نحتاج الى ذكر تفاصيلها فهي كثيرة ولعل قانون أحكام الأسرة خير مثال على ذلك!! ونعني من هذا الكلام وبإيجاز شديد ان الأداء البرلماني طيلة الثلاث سنوات الماضية لم يخلُ من الصفقات, الأمر الذي بات في نظر الأغلبية الصامتة, ان هذا الأداء اذا ما سار على هذا المنوال يعني «ما تشد به ظهر» وخاصة اذا ما اصطدم بالمصالح السياسية والعقائدية! والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: الى اي مدى الموقف النيابي من الموازنة في صيغتها الحالية لم يتأثر؟؟ هذا ما نطرحه على النواب.



في كل الأحوال نقول وبإنصاف ان هذه الجلسة جلسة تاريخية مميزة ونعتقد يرجع تميزها ليس فقط لموقف النواب الموحد, وإنما أيضا لمساحة الشفافية التي امتازت بها وكذلك يرجع لوعي بعض النواب الذين أتقنوا دورهم باحترافية بخلاف البعض الذي لا يدري.. «وين الله حاشره».



حقيقة اذا نظرنا الى أهم المداخلات التي حظيت باحترام وتقدير الرأي العام, فان مداخلة النائب علي سلمان كانت في مقدمتها, وخاصة عندما قال: ان التحدي الحقيقي لأي حكومة هو زيادة الإيرادات بما يتناسب مع الفرص المتاحة, ويعد نجاحها وفشلها في إيجاد البدائل وزيادة الخزينة من دون إرهاق المواطن ومن دون التأثير السلبي على الاستثمار والاقتصاد واحد من أهم المقاييس على النجاح والفشل. وبالرغم من تحفظات «سلمان» على مشروع الميزانية من حيث الإيرادات والمصروفات والمشاريع, فانه ومن دون شطط ثمَّن دور السلطة التنفيذية على الصعيدين الاقتصادي والاستثماري بقوله: “يسجل للحكومة انها استطاعت منذ مطلع السبعينيات ان تستقطب البنوك التجارية وبنوك الافشور مما جعل البحرين رائدة في هذا المجال على مستوى المنطقة, كما ساهم هذا القطاع بشكل ايجابي في الناتج”.



على أية حال عدم إقرار الميزانية يعني إعاقة مشاريع التنمية ويعني أيضا تردي في أوضاع المواطن المعيشية والسؤال لماذا رفضت اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس الموازنة؟ لا نريد ان نتطرق الى تفاصيل توصيات اللجنة ولا الى كل مقترحات ومداخلات النواب فيكفي ان نسلط الضوء على اهم الأسباب التي تستدعي عدم تمرير مشروع الموازنة وخاصة فيما يتعلق بمصروفات المشاريع, فعلى سبيل المثال كانت هذه المصروفات في عام 2008 (611.9) مليون دينار متضمنة (182) مليوناً مروره من 2007 في حين لا تتجاوز للعامين 2009 – 2010 (600) مليون دينار اي بتراجع ما نسبته 54.6٪ وفي ضوء ذلك سوف تشهد مشاريع الوزارات الخدمية انخفاضاً واضحاً. وفضلاً عن هذا طالبت اللجنة تضمين الموازنة مصروفات متكررة لإعانة علاوة الغلاء وعلاوة غلاء السكن.




 الخلاصة.. تأخير إقرار الميزانية ليس في مصلحة لا المشاريع التنموية ولا المواطن وبالتالي متى نزيل عقبات الخلاف بين السلطتين؟ هذا ما ينبغي التفكير فيه من قبل مجلس الشورى الذي يمتلك مفاتيح الحل او حلحلة هذه الأزمة.




 



الأيام 14 مارس 2009







 

اقرأ المزيد

في حضن من نرتمي؟


اضفت الدكتورة مريم لوتاه أستاذة العلوم السياسية بجامعة الامارات طابعاً سياسياً على ندوة  ” قضايا تطوير التعليم بين تعدد المبادرات وعجز الآليات” التي نظمتها جامعة الخليج العربي شهر يناير الماضي، بمشاركة ثلاث نساء هن رئيسة جامعة الخليج العربي الدكتورة رفيعة غباش، ورئيسة جامعة قطر الدكتورة شيخة المسند، واستاذة العلوم السياسية بجامعة الامارات الدكتورة مريم لوتاه.
 
الندوة التي اوحت بطابع أكاديمي للوهلة الاولى، سرعان ما ناقشت أهم حوار سياسي قد يناقشه المؤمنون بقطبي العالم (الاشتراكي والرأسمالي)، وهو الهدف من التعليم، ففي حين رأت لوتاه أن التعليم في العالم العربي جرد من محتواه الايدلوجي والتنويري بعد سيطرت القطب الواحد مما جعله غاية نفعية مرتبطة بحاجة سوق العمل، أستبعدت المسند نظرية المؤامرة داعية الى استقلال التعليم عن الدولة والاستعانة بالمناهج الغربية لتطوير التعليم بمستويات نوعية لا تتوفر في العالم العربي.
 
وتباعد الآراء بين المسند ولوتاه أنعكس على لكنتيهما إذ كانت لوتاه ذات لغة عربية فصيحة وشعارات تحمل في طياتها أحلام شباب عايش بريق سبعينات القرن العشرين، فيما كان واضحاً على المسند ارتباطها بثقافة ما بعد سيطرة القطب الواحد عبر تضمينها للغة الانجليزية في معظم جملها، وثقتها المفرطة في نوايا الغرب التنموية في عصر العولمة.
 
تبدو المسند فائزة بالطبع وفق مقاييس عالمنا الراهن  فالاتحاد السوفيتي سقط، واندثرت بعده قيم التنوير والنهضة والتحرر العربي، كما تهاوى المناضلون واحداً تلو الآخر، وبدى الكل لاهثاً وراء لقمة عيشه، فمن الناس من رفع الراية البيضاء وسلم، ومنهم من أخذ يصارع ضد التيار الكاسح وقيل عنه مجنونا، ومنهم من سعى دون جدوى للموازنة بين لقمة العيش وكلمة الحق لكن المنطق يقول ان اللقمة تسد الزور فلا تخرج اثناء ذلك الكلمة، وطالما نحن مهددون بأن نجوع في معظم الاحيان سنسلك طريق الصمت فهو أأمن.
 
لكن الاخطر من كل تلك النماذج السابقة هو النموذج الذي يسعى لتشويه الفكر وتحريفه من خلال ادعائاته بان الفكر التنويري والتقدمي لا بد ان يفرز نفسه عن المطالب الشعبية المتعارف عليها، وينحاز أحياناً للسلطة من أجل مصالح ضيقة لا تتجاوز سعتها محيط مدعيها، تحت شعارات واهية تتذرع بالانفتاح والحرية الشخصية.
 
لذى ليس مستغرباً أن نواجه اليوم معضلة حقيقية تتعلق بتصدير الوعي والنضال للاجيال الجديدة، فطالما ان التعليم اصبح استهلاكياً، والمناضلون باتوا متوجسين من السلطة، فأي مصير هذا الذي يواجه أجيال لم تتربى على خطب جمال عبدالناصر، ومعارك تشي غيفارا في الادغال، وصقيع ثلج موسكو في محيط جامعة الصداقة، أو أشعار سعيد العويناتي التي تصدت لهروات الدرك؟!. 
 
 
 
 نشرة التقدمي
فبراير 2009

اقرأ المزيد

جـِداريــّة المُبــــــــــــــادَرَة…….!


أطلقت جمعية المنبر التقدمي مبادرة للحوار الوطني بتاريخ 31 يناير 2009وذلك للخروج من حالة الاحتقان التي تعيشها الساحة البحرينية خلال الشهور الماضية والتي بدأت تهدد المكاسب الديمقراطية التي تحققت بفضل تضحيات جسيمة من شعبنا في البحرين وقواه الوطنية.
 
إن هذه المبادرة استفزت شاعرنا عبدالصمد الليث ليدعوا بكل صدق أحبائه في الوطن ليسيروا معا ببادرة ترص الصفوف  ويحيا الوطن.


 
جـِداريــّة المُبــــــــــــــادَرَة…….!

( إلى المنبر التقدمي وكل الطيبين )

 

 
أَحِــبّـــاي :

فـي الــوطــن ِالـمـقـتـدى…
جــذورُ الـهـوى…
شـهـقـة ُالـمـبـتـدا…
وصـدرُ الأمـومـة ِ..حـضـنُ الـنــدى …
ربـوعُ الـصِـبــا .. رفـرفٌ بـالـنـغـمّْ


أَحِــبـــّاي :

لـلـوطـن ِالـمـرتـجـى …
بـنـفـسي وأهـلـي وأنـتـم فِــدى –
طــريــقُ الـجَــوى …
غـيـهـبُ الـعـاشـقـيــن …
وبـحــرُ الـدمــوع ِومـنـفـى الـشمــوع …
وتـغـشى (عــذاري) جَـهـامَـةُ غــمّْ


أَحِــبّـــاي:

فـي الـوطـن ِالـمـشـتـهـى …
تـجـورُ الـنـوازعُ قـبـلَ الــبـــدار …
تـمـورُ الشـوارعُ حـيـنَ الــبــدار…
بـشـوك ِالـظـنــون …
وجــرحِ ِالـنـخيـــل …
وحــزن ِالــطـيــور …
وشــلـوِ الــــورود ..
وآفـــــــــــــــــــاق ِدمّْ


أَحِــبـــّاي :

أنـتــم صـريــخُ الـحـمـى …
تـعـالـوا مــعـــاً .. ثـم سـيــروا مــعــاً …
كـَـصِــنــــوان ِهـَـــــمّْ …
بـــبـــــــادرة …
نـحـو شـمـل يـُــــــلـمّْ
تــعــالوا ثـــــريّـــا …
 نــنــيـــرُ الـوصـــال …
ونُـطـفـئ نــارَ الـذحـول …
ونَـسـقـي غـصـونـاً رمـاهـا الـذبـول …
لـنـمـحـو بــالـحـب قــيـلاً وقــال …
نــرصُّ الـصـفـوفَ الـصـفـــوفْ …
ونـكـسر بــالـحـب ٍّحـدّ الـسيـوفْ …
نـعـيـش بـوارف ِسـعـف ِالـوئــامْ …
فـيــصـدح نـورسُ بـحـر ِالســلامْ …
ونـغـسـل بـالشـمس وجـهَ الـمـنـالْ …
لــــتــــحــــيــــــــــــــــــــــــــا أوالْ
 
      عـبـدالـصـمـد الـلـيــث
          21/2/2009

اقرأ المزيد

هــــــــــي…! ” إلى المرأة البحرينية “

8 مارس هو اليوم العالمي للمرأة  وهو مناسبة تحتفل بها المجموعات النسائية في العالم ويحتفل أيضا بهذا اليوم في الأمم المتحدة وقررت بلدان عديدة جعله يوم عيد وطني. واليوم العالمي للمرأة هو قصة المرأة العادية صانعة التاريخ، هذه القصة التي يعود أصلها إلى نضال المرأة على امتداد القرون  والتي ترجع جذورها إلى القرن 19، حيث خرجت عاملات النسيج سنة 1857 في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الشوارع في مظاهرة تنادي بتحسين ظروف و شروط العمل الممتد طيلة 12 ساعة في اليوم،  وتوالت هذه المظاهرات والإضرابات لتصبح قاعدة تسير عليها النساء العاملات في العالم من أجل مناقشة قضايا المرأة والمطالبة بحقوقها الشرعية وخاصة مشاركتها في المجتمع على قدم المساواة مع الرجل.
 
وقصيدة من الشاعر عبدالصمد الليث تحية إلى المرأة البحرينية في يومها العالمي

 


 



هِــــــــــيَ…!     
 


( إلــى الــمــرأة الـبـحــريـنـيــة ) 
  


                  1
 
تـكــابـدُ أشــواقَـهـا سـِـدرةٌ…
بـلــيــــل ِالـمَـدى… 
والـــصَـــدى..
والســــُـدودْ
ونــورسُ ضــوء ٍبــلـحــن ٍذبــيــحْ
وخــوفُ الـفــراشــات ريــحَ الـخــريـفْ
تـكــابـرُ أحــزانَـها حُــرّةٌ…
بــويــلِ الـعـِـدى…
والــردى…
والـقـيـــودْ…
فـَـثـَـمَ عــويــلٌ لــحــلــم ٍجــريـــحْ…
رعــافُ الـظُـلامــة ِجـمــرُ الـنـزيــفْ
تــحــاورُ أيــامَــها حـسـرةٌ…
بـشُـحِّ الــنــدى..
والـسُــدى…
والــوعــودْ…
ومــن غــائــمِ الأفــق ِغـيــر الـشـفـيــفْ
تـُـصَـبـِّـرُ أتــرابَـهـا غــيــرةٌ…
عـلـى مــا حــَـدا…
ومــمــا بــَـــــدا…
مـــن جــحـــودْ…
وسـيـفٌ تـمـادى بـحَــدٍّ رهـيــفْ
وحــيـرةٌ بـحــر ٍطـوى ظـامــئــاً…
يُـشـاطـئُ مـَـحـْـلاً…
تــؤرقــه آهــةُ الـيــاسـمــيــنْ
يــقــيــنــاً تـَـرى…
جــنــائــــز تـحــوي غـصــونَ الـشـبــابْ…
وأعــيــن حَــزنــى…
تـُــوَدّعُ بـــدراً …
بــصــدرِ الـنـشـيــج ِلــكــف ِالــرصـيــفْ  
  
                 2

وجـــاءَ الــمَــخـــاضُ:
تــرجـَّـل حــزنُ الــرِكــابْ…
أطـَـلَّ عـلـى الـقــلــب ِوجــهٌ وآبْ
وعـــاد الـمـحــبــّون بـعــد الـغـيــابْ
تـنـاسـت جــروح ٌسـنـيــنَ الــعــذابْ
ولاح الـمــؤمــّلُ ( فـالـجـلّ قـــال) 

                  3

بــطــعــم ِالـسـؤالْ:
أكــان الــمــحـــالْ ؟
أّمْ الـلـيــل ُشَــدَّ سـروجَ الـخــيـــالْ ؟
أم إنــفــض ســامــرُ دفء ِالـمَـضـيــفْ ؟
أم الـقــولُ مــا قــال يـــوماً (وصـيــفْ) ؟
فــمــا زال لـلـغـبــن رأيٌ يُــطـــاعْ …
ومـــا زال لـلـحُـبِّ حَــقٌّ يــضـــاعْ
نــســـاءٌ تـــــؤولْ …
لـعـسـف ٍيـطــــــــولْ…
وســودِ الــعــقـــــولْ 

                  


4

 
هـــي الـوطــنُ الـعــشــقُ والـعــنــفــوانْ
هـــي الأمُّ والأخــتُ ..عــطــفُ الــزمــــانْ
هـــي الــزوجــة ُالــروح ُفـي غـصــن ِبـــانْ
هـــي الإبــنــة ُالــعــطــرُ والأقــحـــــــــــوانْ
مــعــاً إذ نــصــــولْ…
سـنـُـلـغـي الـحــؤولْ…
وعــتـــمٌ يـــــــــزولْ …
بـــفــجــرِالـوصـــولْ 
   

عــبــد الـصــمــد الـلـيــث 
    
8 مارس 2009              
 

اقرأ المزيد

حسابات العقل والمنطق والمصلحة..!


هل نلام إذا اعتقدنا أن الإشارة التي ذكرناها في موضوع ثقافة الإنتاجية، وتحديداً في شأن من يعتبرون الوظائف من حقوق المواطنة بمعزل عن قيمة العمل والإنتاج، وأنه في الدول المتقدمة ليس هناك من يتعامل مع مؤسسات القطاع الخاص وكأنها مؤسسات خيرية وغير منتجة أنشأت لرعاية العاملين فيها.

هل نلام إذا اعتقدنا أن هذه الإشارة مست وتراً حساساً لدى بعض أصحاب الأعمال، وقد ترجمت ذلك بعض الردود والاتصالات التي وجدنا فيها من يرى أن ملف العمل والإنتاجية يستلزم حواراً وطنياً جاداً باعتبار أن هذا الملف هو التحدي الرئيسي لعملية التنمية وللرؤية الاقتصادية المستقبلية، وآخر يرى أن إنتاجية العامل البحريني منخفضة بشكل عام، وأن المعضلة تكمن في المناهج التعليمية العقيمة وأسلوب التعليم الخاطئ علاوة على قوانين وإجراءات العمل حتى أصبح كثير من العمال مدللين يتمردون بصفة مستمرة على صاحب العمل، من دون أن ننسى حقيقة أن هناك بالمقابل فئات من العمال البحرينيين الذين يتمتعون بأخلاقيات مهنية عالية وعلى استعداد دائم للتأهيل والتطوير والعمل الجاد المنتج.

هناك رد ينتقد فرض نوعية من العاملين على أصحاب العمل لا علاقة لها بالكفاءة ولا بالإنتاجية ولا بأي قيمة لها اعتبار في سوق العمل، ولا تعي حتى التفرقة الصارمة التي يفرضها الإسلام بين من يعلمون ومن لا يعلمون، وبين من يعملون ومن لا يعملون. ويضيف: «لماذا انفردنا ومازلنا ننفرد بقوانين وسياسات تعامل مؤسسات أصحاب الأعمال وكأنها كما ذكرتم مؤسسات خيرية أنشئت لرعاية العاملين فيها، وبكل حسابات العقل والمنطق والمصلحة والأرقام، هل ترون أن المعنى النهائي لهذه السياسات هي في صالح العمال؟».

هو تساؤل أزعم أنه جوهري، والإجابة من صاحب العمل الذي يقول: إن المعنى النهائي لكل هذه السياسات هو أن إنتاجنا لن يكون قادراً على المنافسة في أي سوق خارجي، وأن صناعاتنا الوطنية ستظل أسوأ نوعاً وأعلى سعراً من الإنتاج الأجنبي، ومعنى ذلك عدم التوسع في الإنتاج وتراكم المخزون مما يعني بدوره نقص الأرباح الحقيقية وفرص العمل الجديدة، وهو ما يضر بالعاملين في النهاية أشد الضرر. رد آخر يرى بأنه لا يمكن تحقيق التقدم الاقتصادي في ظل شيوع شعور قوي بالحقوق لا يقابله شعور مماثل بالواجبات، منتقداً تشريعات العمل بأنها أخذت موقفاً معادياً ومناهضاً من أرباب العمل، وانحازت انحيازاً كاملاً للعمال، وخلقت بذلك خللاً كبيراً في التوازن بين حقوق طرفي العمل، بل وضيقت في نفس الوقت من حقوق وسلطات صاحب العمل بشكل لابد أن نعترف بأنه لم ولن يتماشى مع نهج الحرية الاقتصادية الحقيقية، أما في المجتمعات المتقدمة فإن شيوع روح المنافسة ووجود خطر دائم أن يفقد العامل غير المجد والمستهتر وغير المنضبط وغير المنتج عمله، يجعل شعور العاملين بواجبهم تجاه العمل قوياً لا يقل عن شعورهم بحقوقهم.

صاحب عمل آخر قال: ما نعانيه من فرض عمال غير مؤهلين، وغير مدربين، بل أحياناً غير مستعدين للعمل الحقيقي، جعل صاحب العمل في وضع غير منصف حينما يتحمل مسؤولية الخلل الحاصل في سوق العمل، وغير منصف حينما يعامل صاحب العمل وكأنه موضع شك أو اتهام، شك في صدقيته، واتهام في وطنيته، وأصبحت السهام الجارحة والمسمومة موجهة لشخص صاحب العمل لتظهره بأنه التاجر الجشع، الذي يقف أما ضد مكاسب العمال أو ضد البحرنة.

صاحب الرد تطرق إلى ما أسماه بمعاناة أصحاب الأعمال على مدى سنوات طويلة من التحيز للعمال في مواجهة أرباب العمل عند أي نزاع، وكذلك حماية العمال من الفصل حتى تحت الأوضاع التي تستدعي الفصل، بل حتى في الأوضاع التي تكاد فيها مؤسسة صاحب العمل أن تنهار.. يجد صاحب العمل أن يده مغلولة، في الوقت الذي نجد فيه العلاقة بين العامل ورب العمل في الدول الأخرى صورة من العلاقات العديدة في المجتمع الخاضعة برمتها لقوانين العرض والطلب والحرية الاقتصادية المطلقة. الموضوع بالغ الاستعصاء والتعقيد.. والكلام لاشك أنه مهم جداً.. وجاد جداً.. ويثير حقائق مرة على القلب واللسان تستدعي من جانب كل أطراف العلاقة اقتحاما حقيقيا للمشكلة بمنتهى الجدية من منطلق حسابات العقل والمنطق والمصلحة حتى لا يرى أحد في «حقوق العمال» بأنها انتقاص من حقــوق «أرباب العمل».
 
ألأيام 13 مارس 2009

اقرأ المزيد

تطورات الرأسمالية الحكومية الروسية


عاشت روسيا خلال القرن التاسع عشر مواجهة مستمرة مع الغرب المتفوق عنها، والغرب المقصود هنا أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، وقد نتج التحدي بسبب الطفرة التي قام بها الغرب، من التخلف حتى الصناعة الحديثة، وما استتبع ذلك من تبدل كبير للمجتمعات، ومن انتشار لثقافتها، ومن استيلائها على مستعمرات كبيرة زادت من تطورها ومكانتها على الصعيد العالمي، بل جاء هذا الغرب غازياً على خيول نابليون ومدافعه، في حين كانت روسيا تعيش في مرحلتي العبودية والإقطاع المتداخلتين، ففي الوقت الذي كانت تنتشر في الغرب الديمقراطية والحداثة، كانت روسيا تناقش تحرير العبيد! كانت أغلبية الفلاحين وهم أغلبية الروس كذلك، مسترقين في قرى شديدة التخلف.

فكانت روسيا تصحو من مجتمع الرقيق على رؤية أكثر العلاقات تطوراً في العالم وقتذاك، وأدى ثقلها السكاني الكبير ومستعمراتها الأكثر تخلفاً منها، إلى إشكاليات في التطور الروسي إلى حد الانفصام، فهي حاضرة في أكبر الأحداث الغربية كهزيمة نابليون ووقف إصلاحات الثورة الفرنسية وراحت تقود المد الرجعي في أوروبا وهي في الوقت نفسه تتطلع إلى تجاوز أوروبا ولعب دور قيادي آخر للإنسانية!

فكانت هناك أفكار وتيارات تنادي بتجاوز الرأسمالية، سواء بشكل أدباء كتولتسوي وديستوفسكي أم بتيارات كالشعبيين والاشتراكيين الثوريين وتنادي بالحفاظ على الإرث المشاعي الذي لا يزال قائماً في بعض المناطق والعلاقات، وهو الأمر الغامض الذي تغلغل في حزب البلاشفة في آخر الأمر، على الرغم من أن حزب البلاشفة قام على الصراع ضد هذه الأفكار أساساً، ونادى بضرورة الدخول العميق في الرأسمالية! ويمكن الرجوع هنا لكتب لينين المتصدي الكبير لأفكار الشعبيين وخاصة في كتاب(تطور الرأسمالية في روسيا).

وحاول بعض القياصرة المصلحين سد الهوة الهائلة بين روسيا والغرب، عبر نقل العاصمة بقرب القارة الأوروبية، وبإيجاد انفتاح اقتصادي وبقبول المؤثرات الثقافية الفرنسية والألمانية.

لكن ضخامة روسيا ومستعمراتها وتجذر الاقتصاد الإقطاعي وضعف نمو الرأسمالية داخل هذا المجتمع الضعيف التطور الصناعي، جعل من حل تناقضات التخلف الرهيبة مسألة تحتاج إلى قرون.

كيف تبدل حزب البلاشفة من التصدي للشعبيين والاشتراكيين الثوريين، الرافضين للتطور الرأسمالي، والمنادين بالإبقاء على الجماعية وضرورة تأميم الأرض، إلى أن يتقبل مثل هذه الأفكار؟!

لماذا لم يواصل تأييد التطور الرأسمالي الديمقراطي العلماني والمتدرج؟

فبين الحملات الفكرية ضد أولئك الخصوم (غير العلميين) و(الفوضويين) على حد التعابير البلشفية وقتذاك، إلى تقبل أطروحاتهم ومركستها بصورة عسكرية، لم يمض سوى عقدين.

هل حدثت تغييرات رأسمالية هائلة تستوجب تجاوزها نحو الاشتراكية؟

لم يحدث شيءٌ من هذا القبيل، ولكن حدثت تطورات سياسية كبرى، فقد توسع الاستعمار الغربي، وراحت دوله الكبرى تستحوذ على أقطار الدنيا كلها، وتقوم حروب بينها، وخاصة المجزرة الهائلة، الحرب العالمية الأولى، بل راحت تتغلغل في روسيا نفسها عبر شركاتها، مهددة ببلع مستعمراتها.

ولم تؤد دعوات لينين بتشكل معارضة قوية ضد الحرب دورها، وانحاز الاشتراكيون الديمقراطيون في كل بلد إلى بلدهم، وأعلن لينين الانفصال عنهم، ونعتهم بأنهم أصبحوا منحازين لبرجوازيات بلدانهم.
في هذه الفترة يمكن رؤية لينين (القومي)، المتواري، الغائر في الثقافة الشعبوية الاشتراكية المنعوتة سابقاً بالتخلف، وهذا التبدل الكبير بين تأييد التطور الديمقراطي للرأسمالية ورفض هذا التطور والقفز عنه، هوة كبيرة.
تم سد هذه الهوة المفاجئة الغريبة بمجموعة من المقولات، أهمها أن(روسيا تمثل الحلقة الرأسمالية الضعيفة التي يمكن كسرها والقفز بها للاشتراكية)، وبظهور الاستعمار الذي هو أعلى مراحل الرأسمالية، مما يعني في هذه المقولة الأخيرة ان الرأسمالية غدت كونية، وانه لا داعي لانتشارها الكلي في البلدان المتخلفة.

وكل هذه المقولات تقوم على هواجس قومية برجوازية لدى لينين، فروسيا أمنا تواجه خطر السيطرة الأجنبية، ولابد من الحفاظ عليها وعلى مستعمراتها، يغدو لينين هنا رجل التحرر الوطني، الذي سوف يجابه عملية استعباد روسيا، وينقذها بالتوجه الشعبي التحرري التقدمي.
لقد سقطت الأممية الثانية التي كانت ترفع راية الاشتراكية الديمقراطية في رأيه، على الرغم من أنها لم تسقط حقيقة، وسقطت الماركسية المنتجة في الغرب كما يتصور.

هنا مفترق طريق كبير بين الشرق المتخلف الإقطاعي، والرأسمالية الغربية، فالشرق يريد النهضة، والغرب الاستعماري يريد السيطرة عليه، الشرق يبحث عن طرق جديدة للتطور مغايرة للغرب، الذي وصل إلى ذروة التطور الاقتصادي ويريد منع الآخرين من التطور والاستقلال!



أخبار الخليج  13 مارس 2009

اقرأ المزيد

الفيلسوف والمناضل حسين مروة.. شهيدا


سيظل يوم السابع عشر من شهر فبراير يوما خالدا في ضمير المناضلين قاطبة.. ماثلا في عقول الشعوب كافة.. حيا في ذاكرة الوطن، وصفحات التاريخ.. محفورا في صخرة الزمن وفي أغوار الأجيال المتعاقبة.. مضيئا في أعالي سماء المجد والحرية.. بحسب ما يظل هذا اليوم يمثل شهادة تاريخية تدين أصحاب الأيادي المجرمة المخضبة بالدماء والخارجة عقولهم عن التاريخ وعن مفاهيم الحضارة الإنسانية والبعيدة سلوكيا عن القيم الإنسانية والأخلاقية..
هو يوم استشهاد المناضل المفكر الفيلسوف الماركسي اللبناني العربي (حسين مروه) على أيادي تيار الإسلام السياسي الظلامي.. حينما تسلل أحد هذا التيار المتشدد الى منزله، كالخفاش وكاللص، تحت جنح الظلام فاقدا ضميره وفاقدا رجولته، فيطلق تلك الرصاصة الغادرة المنطلقة بيد قذرة ضغطت على الزناد، لتصيب حسين مروة في مقتل.. لتخسر الإنسانية والبشرية رائدا من روادها وعظيما من عظمائها وعبقريا من عباقرتها.
ويظل بالمقابل أولئك القتلة أحياء طلقاء، بحياة رخيصة بالغة التفاهة والابتذال في بيعهم الذمم والضمائر والأوطان.. لم يمثلوا سوى أعباء على المجتمعات والشعوب.. بل يظل وجودهم يمثل وصمة عار على جبين الأنظمة العربية الدكتاتورية.
سقط حسين مروة في 17 فبراير 1987م شهيدا للفكرة.. وشهيدا للمبدأ.. وشهيدا للوطن.. ومثلما ودع مروة، شعبه ووطنه مكرما ومعززا.. فان قامته ظلت شامخة، تقزمت أمامها أقزام قوى التخلف والتعجرف والتشدد.. بقدر ما تمثل نتاجاته الفلسفية وإبداعاته الفكرية القبس الذي تسترشد من ضيائه الشعوب والأمم والبشرية جمعاء.. ولكون مكانة هذا الفيلسوف قد ارتقت بمستوى مكانة فلاسفة عصر النهضة وعصر التنوير وعصر الثورة الصناعية وعصر الثورة الاشتراكية، وفي مقدمتهم كارل ماركس وأنجلز وهيجل وديكارت وكانط وروسو وفولتير وفيورباخ ولينين.
وطالما حسين مروة عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني، هو أحد كبار الماركسيين الحقيقيين العرب، الذي قل ما يجود الزمان به في الزمن الصعب، وذلك في ربط مهماته الفكرية كفيلسوف بالمهمات النضالية كمناضل، وارتباط نهجه الفكري بالمنهج المبدئي ارتباطا عضويا وجديا.. ولكون نتاجاته الفلسفية والأدبية قد غيرت وجه العالم العربي.. مثلما غيرت أصول الفلسفة الماركسية وجه العالم بدلا من تفسيره بحسب الفلسفات المثالية والميتافيزيقية.
لعل ما يبعث على الفخر قولا ان الفيلسوف حسين مروة قد أبدع في مجالات الفكر والأدب والثقافة والفلسفة والتراث كما أسلفنا القول.. فهو من مؤسسي فن المقالة ومن مؤسسي النقد الأدبي الماركسي.. وهو المتبحر في عملية البحث والتحليل، والعبقري في التنقيب للتراث العربي فلسفيا وأدبيا وفكريا وتاريخيا.. وتأتي مجلداته المهمة والقيمة “النزعات المادية في الفكر العربي الإسلامي” لتتوج حقائق ومفاهيم “المدرسة الماركسية الحقيقية” التي تخرج فيها كبار الأدباء والمفكرين والمناضلين الملتزمين.
تمر الذكرى الثانية والعشرون على استشهاد المفكر حسين مروة، فيزداد أوارها إضاءة وضياء، مع رسوخ أفكار ومبادئ الأحزاب الشيوعية العربية في أرضية الواقع المجتمعي المعاش (جغرافيا وتاريخيا وجماهيريا).. وفي مقدمة هذه الأحزاب.. الحزب الشيوعي السوداني الذي تألق بـ (فلسفته الأيديولوجية وببرنامجه السياسي) نحو التمسك بالماركسية ضمن خط بياني تصاعدي مبني على أصول الفلسفة الماركسية.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر هو حينما اغتيل المناضل (حسين مروة) وغيره من المناضلين التقدميين لدى مختلف أقطار الوطن العربي على أيادي تيار الإسلام السياسي.. فان خطاب الأنظمة العربية القطرية الاستبدادية يعد الشريك المحوري في أجندة خطاب تيار الإسلام السياسي.. طالما الكثير من أصحاب الرأي والضمير ومن المناضلين والرموز الوطنية يزج بهم في غياهب السجون والمعتقلات.. و”ياما (كم )العديد في هذه السجون مظاليم”.. وكم البعض منهم في هذه المعتقلات أبرياء.. وكم استشهد من هؤلاء.. وكم لحقت بأولئك عاهات مستديمة نتيجة طائلات أبشع التعذيب في حقهم.. وكم البعض الآخر اختطفتهم مافيا أجهزة المخابرات السرية، ولم يوجد لهم أثر على الإطلاق.. ناهيك عن إعطاء هذه الحكومات الدكتاتورية الضوء الأخضر لقوى تيار الإسلام السياسي، لإطلاق فتاواها التكفيرية ووصاياها التشهيرية، وممارستها (دعوى الحسبة) مثلما حدث للمفكر (نصر حامد أبوزيد) بدعوى الحسبة في حقه، حينما أحلت الجماعات الإسلامية المتشددة دمه.. وكذلك المفكر مهدي عامل والأديب نجيب محفوظ والمفكر فرج فودة إذ أنزل سيف تسلط الإسلام السياسي على رقابهم وإهدار دمائهم.
وفي هذا الصدد فان المفكر (نصر حامد أبوزيد) قد وضع النقاط فوق الحروف بقولته التي أوردها في مؤلفه القيم (نقد الخطاب الديني) والقائلة “ان الخطاب الديني يمثل الغطاء الأيديولوجي للأنظمة الدكتاتورية الرجعية وتكريس أشد الأنظمة الاجتماعية والسياسية رجعية وتخلفا”.. ومن هذا المنطلق فان قوى تيار الاسلام السياسي قد تمادت في جرائمها عبر التصفيات الجسدية لقوى التحرر والتقدم من الماركسيين والشيوعيين والتقدميين، ومن ضمن هذه الكوكبة الشريفة من المناضلين والمفكرين، (حسين مروة) شهيدا من شهداء الحرية والإنسانية.. وحسبما ينحني مناضلو الأحزاب الشيوعية والأحزاب التقدمية على طول الساحة العربية إجلالا للذكرى الثانية والعشرين لاستشهاده.. فان رحيل (حسين مروة) هذا الفيلسوف المميز بأفكاره الماركسية – هذا الإنسان العظيم بتضحياته الرائعة، يمثل وسام شرف على صدور المناضلين وطالبي الحرية على وجه البسيطة.
 
أخبار الخليج 13 مارس 2009

اقرأ المزيد

مأساة “ميثم بدر الشيخ”


كان الوجه عابساً  والحزن والآسي في عينيه ، وكأنه يقول بأن الحياة انتهت ولا قيمة للإنسان فيها ، اختفت ابتسامته المعتادة ، ما الأمر ، جاءني يحدثني عن معاناة ابنه في السجن المعتقل منذ 21­-12-2007م .

 تبدأ القصة مع (إحداث ديسمبر 2007)  وتحديداً في يوم كسر فاتحة الشهيد علي جاسم ، وحرق سيارة الشرطة وتهمة سرقة السلاح من السيارة ، تم توقيفه في البدء مع مجموعة من المتهمين في تلك الحادثة المعروفة ، في منطقتي الديه و جدحفص، بالقرب من الإشارة الضوئية ، ووجهت إليه تهمة الحرق وسرقة السلاح في بداية التحقيق وأسقطت فيما بعد ، وابقوا على تهمة المشاركة في التجمهر ومواجهة قوات الأمن .

مورس ضده تعذيب وحشي ، وتم الاعتداء عليه جنسيا بواسطة إدخال عود خشبي في فتحة الشرج بالقوة ، مما سبب له الألم الشديد ، وبعد وجبات من التعذيب والتحقيق ، صدرت أحكام قاسية على تلك المجموعة وكان ميثم احدهم ، حيث حكم عليه بالسجن خمس سنوات ، ولكن الشيء الجديد في الموضوع ، ما حدثني عنه والده ، بأن أبنه ابتلى بمرض ، لا يعرف هل هو مرض جلدي أو غيره ، يشعر بتنميل في الجسد ، وتساقط قطع من جلده ، لا يعرف طبيعة هذا المرض ، عجز عن تشخيصه طبيب عيادة السجن ، مما أضطره بأن يأخذ له موعد مع طبيب استشاري يعمل في المستشفى العسكري ، ولكن بعد شهرين ، تفاقم وضعه الصحي في السجن ، وعندما جاء الموعد ، وأخذ الفحوصات الطبية اللازمة من أشعة وتحاليل ، قال الطبيب ، بأن مرضه يؤثر على المخ ، وهو مرض يعرف باسم  MS .

 يشرح والده الوضع الصحي السيئ الذي يعاني منه ابنه في السجن ، وقلبه يعتصر ألماً على الابن السجين ، وهو يناشد القوى السياسية وجمعيات حقوق الإنسان في البحرين وخارجه ، بالعمل على إطلاق سراحه ، أو السماح له بالعلاج في الخارج ، وهو مستعد إن يتحمل نفقات العلاج ، أهم شيء بالنسبة له إنقاذ حياة الابن .

وحتى لا يتفاقم وضعه الصحي إلى الأسوأ ،  نضم صوتنا إلى صوت والده مناشدين وزير الداخلية بإطلاق سراحه ، أو السماح له بالعلاج في خارج البحرين .
 
أخيــراً
 
حالة المعتقل ميثم بدر الشيخ واحدة من حالات عديدة ، تعرض أصحابها للتعذيب الجسدي والنفسي في عام 2008 م في سجون البحرين ، وهي تتعارض مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها حكومة البحرين ، وبالأخص بعد أن أصبحت عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة ، في مايو من العام الماضي .
 
    حقبة قانون أمن الدولة ، يفترض بأنها انتهت بعد إلغاء القانون في فبراير عام 2001م ، ولكن ما يجرى اليوم في السجون من تعذيب جسدي ونفسي يذكر الناس بحنين السلطة إلى القانون السيئ الصيت ، و بتلك المرحلة السوداء في تاريخ شعبنا ، ويدفعهم إلى السؤال  هل عاد جلادو الماضي ؟! 



  
 من نشرة التقدمي
فبراير 2009

اقرأ المزيد