المنشور

تحولات أوروبا الشرقية الديمقراطية

يندهش مراقبون سياسيون كثيرون لغرابة التحولات السياسية في أوروبا الشرقية، فيعتقد بعضهم أن الأحزاب الشيوعية فيها التي سقطت من الحكم هي مجرد أصداء للحزب الشيوعي السوفيتي، وأنها اختلفت كلياً بعد التحولات التي جرت وغدت معادية لإرثها السابق، وأن التحولات لا تمت بصلة للنهج الاشتراكي. ويخفف بعض المراقبين من هذه الأحكام المتطرفة بالقول إن أحزاب أوروبا الشرقية الشيوعية تحولت للاشتراكية الديمقراطية وقبلت مبادئ التعددية وتبادل السلطة، وتركت الحكم بعد هزائمها السياسية في الانتخابات أو في الثورات التي جرت ضدها، وبعضها عاد للحكم وهزم خصومه السابقين!
ومن الواضح أن التجربة الروسية مغايرة لتجارب أوروبا الشرقية، فقد توقف الحزب الشيوعي الروسي عند مقولات الماضي، ورفض التغييرات محتفطاً بعقديته(الماركسية – اللينينية) التي صاغتها التجربة السياسية الحاكمة في السابق والتي التحمت مع البيروقراطية الحاكمة الروسية ثم ألغتها هذه البيروقراطية وهي تتحول للرأسمالية على النمط الغربي ولكن من دون تحول ديمقراطي عميق.
إن تجارب أوروبا الشرقية مختلفة، فهي بلدانٌ صغيرة قياساً لروسيا الاتحادية، وذات جذور مغايرة نسبياً، وكانت النسخة الروسية من الاشتراكية تمثل لها تقدماً صناعياً وسياسياً كبيراً في بدء تشكلها حتى الستينيات من القرن الماضي، فهذه الدول كان أغلبها إقطاعياً زراعياً متخلفاً وفيها بعض التقدم الصناعي المتفاوت بين ألمانيا الشرقية والمجر وبين غيرهما.
لقد كان المعسكر(الاشتراكي) يمثل لها تحولا جذرياً ودخولاً في التحديث الواسع، صحيح أن هذا تم بأدوات عسكرية وبسياسة مركزية شمولية، لكنها كانت عملية التراكم الضرورية لخلق اقتصاد متقدم. ولكن هذه الصيغة المركزية وصلت إلى مرحلة الاختناق، بسبب بيروقراطيتها، وبسبب عجز القطاعات العامة عن إدارة كل الاقتصاد، رغم أن هذه الدول الأوروبية الشرقية لم تكن صارمة في مركزيتها مثل روسيا، وكانت لها تجارب في الحياة الديمقراطية وفي ظهور القطاعات الخاصة، ولهذا برزت أزمة الرأسمالية الحكومية الشمولية فيها قبل روسيا، خاصة أنها مكرسة من خلال سيطرة أجنبية خبا دورها التحريري السابق ضد الهتلرية والاقطاعات الرثة، وكان حدثا بولندا وافغانستان يشيران، كلٌ من جهته ودلالته، على انتهاءِ عهد السيطرة الروسية عالمياً، وعلى فرض نموذجها على البشرية.
وقد رأت هي بنفسها ضرورة التخلص من هذه التركة داخلياً ومن هذا النموذج الصارم الجامد، وشجعت أجهزتـُها السياسية والبوليسية دول أوروبا الشرقية على التخلص من سيطرتها!
لنقل إن النضال لتجاوز الرأسمالية الحكومية الشمولية في كل من روسيا وأوروبا الشرقية، كان مترافقاً متداخلاً، ولولا ارتخاء القبضة الروسية ما كان لأوروبا الشرقية أن تتحول، كما أنها تحولت إلى عبء اقتصادي ثقيل على روسيا، وفي عالم الرأسمالية الروسية الحكومية – الخاصة الجديدة، لايجاد هذا الثنائي المركب من القطاع العام والقطاع الخاص لتطوير التنمية، تم التركيز على تقليل التكاليف والأموال المدفوعة وكيفية الحصول على الرساميل وتدفق الأرباح لتطوير القوى المنتجة المتجمدة بعد هدر هائل.
إن هذا الثنائي المركب من الاقتصاد العام والخاص، يمكن أن يُصاغ في كل تجربة وطنية حسب وعي العمال والمثقفين والقوى الحاكمة، أي حسب مستوى كل بلد، وإذا كانت بلدانٌ من أوروبا الشرقية تحولت بشكل سلمي عبر الحوار والتنازلات المشتركة للحفاظ على سلامة البلد وتطوره، مثل تجارب بولندا والمجر وتشيكوسلوفاكيا، فإن بلداناً أخرى خاضت المعارك والثورات الحادة كرومانيا وألمانيا الشرقية.
لنقل ان مستوى الثقافة الجيد في هذه الدول، القريبة من تجربة أوروبا الغربية، وقد أضافت لها الحقبة السوفيتية الكثير من التعليم والتصنيع، جعلتها تتحول بشكل عقلاني، من دون حروب ضارية مثلما حدث في يوغسلافيا وبعض الدول العربية.
لقد استوعبت الأحزابُ الشيوعية في أوروبا الشرقية الوضعَ بشكل جيد، ولم تكن قيادات هذه الأحزاب كما تصور بعض الكتابات غير الموضوعية، أنها قيادات طغيان عنيف وفساد هائل، فهي لم تنشىء طغاة مثل بلدان أخرى سوى في رومانيا، وسرعان ما قبل معظمها التخلي عن الحكم، وجادلت الأحزاب المعارضة وسياساتها الحادة بالتخلي عن القطاعات العامة وبيع كل شيء، وهي سياسات مافيا وليست سياسات حكومات وطنية، وقامت بتغيير أسمائها وليس تغيير الأسماء بعمليات تضليل وخداع، بل هي مقاربة موضوعية للتطور الحقيقي، من دون التخلي عن الأهداف الاشتراكية البعيدة المدى.
وقد استطاع بعضها العودة للحكم في ظرف سنوات قليلة بعد أن اكتشف الناس خطورة التخلي عن المنجزات الاجتماعية المحققة سابقاً، ورأوا الحكام المنتخبين الاشتراكيين الديمقراطيين يجمعون بين تطور القطاعات العامة وتطور القطاعات الخاصة، ويكرسون الديمقراطية وحرية الصحافة واستقلال القضاء والأهم عدم التخلي عن سياسات دعم معيشة قوى الأغلبية العاملة.
استطاع بعض هذه الدول أن تجمع بين مكتسبات الحقبة السوفيتية وخاصة هيكلية القطاعات العامة القيادية ومستوى المعيشة المقبول لكن الذي تردى حين سيطرت الأحزاب اليمينية.
إن حلقات انتشار وتطور الرأسماليات في أوروبا الشرقية ليست متضادة كلياً مع الاشتراكية، فالاشتراكية لا تتحقق دفعة واحدة كما هي في الرؤية اللينينية، بل من خلال حقبة زمنية طويلة، لها أشكالٌ ضرورية تمهدُ لها هذه الرأسماليات المتحولة التي تتخذ أشكالاً متعددة من رأسمالية سياسية حكومية خاصة إلى حكومات اشتراكية ديمقراطية تعمق التطور التحولي الذي يهتم بمصالح الأغلبية العاملة. ويظل الجدال الاجتماعي بين هذين الخيارين الاجتماعيين طويلاً.

صحيفة اخبار الخليج
31 مارس 2009

اقرأ المزيد

لا إصلاح دون إصلاحيين


سيكون من باب الاستخفاف بالأمور، إدارة الظهر للتطورات المقلقة التي تجري على الأرض، والتي ازدادت وتزداد تفاقماً خلال الأسابيع القليلة الماضية، والتصرف كما لو أن شيئاً لم يكن، وأن الأمور على خير ما يرام كما يحاول بعض الأخوة الكتبة أن يجادلوا.

ثمة تطورات ووقائع تحدث كل يوم في مناطق مختلفة من البلاد، نحن في حاجة للوقوف أمامها، والتبصر الجاد في أبعادها، وفي النتائج الوخيمة التي يمكن أن تسفر عنها، إذا ما استمرت المعالجات الراهنة، التي لا تفعل سوى زيادة الأمور تعقيدا.

إن إجراءات وتدابير كثيرة يجب أن تبذل في سبيل الانتقال في العلاقة بين الدولة والمجتمع من حالة الخصومة إلى حالة الشراكة، وهذا يتطلب خطوات جدية من جانب الدولة تسهم في تعزيز مناخ الثقة بصفتها الطرف صاحب المبادرة والقادرة عليها، تتصل بالتوافق حول المسائل المعلقة، بوقف أوجه التعدي على الحريات العامة. 

 سواء جاء هذا التعدي على شكل تدابير على الأرض أو على شكل مشاريع قوانين مقيدة لهذه الحريات، وكذلك منع التطاول على الفضاء الأهلي من قبل بعض مؤسسات وأجهزة الدولة، خاصة وإن التحول نحو الديمقراطية لن يتم إلا من خلال المشاركة النشطة لمؤسسات المجتمع المدني.
وقد دعونا مراراً، وسنظل ندعو ونعمل في سبيل ترشيد الأداء السياسي من قبل بعض القوى والفعاليات السياسية الناشطة، بالنأي عن الصدامات غير المبررة مع الدولة، وتوتير الأوضاع دونما مبررات، لكن، بالمقابل، لا يمكن تبرير الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن في حالات كثيرة. 

 وإذا كنا مع إعمال القانون واحترامه والتقيد به ونحن نطالب بقيام دولة المؤسسات والقانون، فإننا نرى أيضاً ضرورة النأي عن كل ما من شأنه خلق احتقانات جديدة في المجتمع.

إن بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع تتطلب أمراً أخرى، بينها محاربة آفة الفساد المستشرية في الأجهزة الحكومية، وعلى الرغم من أهمية تقارير الرقابة المالية التي صدرت حتى الآن، وستصدر في المستقبل، وضرورة استخدامها كأدوات في محاربة الفساد، فإن أخشى ما نخشاه أن يتحول صدور هذه التقارير إلى مسكنٍ أو مهدئ. 

 المسكنات والمهدئات لا تعالج مرضاً أو آفة، خاصة إذا كانت بحجم الفساد المستشري.  المطلوب تدابير حازمة، رادعة في التصدي له وللمتورطين فيه.  فالفساد ليس أمراً هلامياً، وإنما هو عبارة عن ممارسات خارجة عن القانون ومنتهكة لحرمة المال العام، والمتورطون فيه هم أشخاص متنفذون ولهم أسماء، والمطلوب تسمية هذه الأسماء.

وفي نطاق ممارسات الفساد يجب أن تحتل مكانة كبرى مسألة الاستحواذ على الأراضي العامة ودفن مساحات شاسعة من البحر على نفقة الدولة، ومن ثم تحويلها إلى ملكيات خاصة. 

 وهناك قضايا أخرى تتصل بالأداء الإداري للحكومة، المطالبة منذ فترة طويلة بالارتقاء إلى مهام الإصلاح وتبعاته، فلا إصلاح بدون إصلاحيين في مواقع القرار والإدارة وفي الوزارات المختلفة من الغيورين على حرمة المال العام وعلى المصالح العليا للوطن، والذي يدركون أن الثروة حق لأبناء هذا الوطن جميعاً، وإن للأجيال القادمة حق في هذه الثروة مثلما هي حق لأبناء اليوم.
 

اقرأ المزيد

صناعة الموت!

ليس حل العمالة الوطنية هو الانتقام من العمالة الاجنبية او العنف من ذلك العامل الذي حلم ذات يوم بالذهاب الى بلدة خليجية ليغرف من كنوزها اموالا لبناء بيت صغير في بيشاور وتزويج اولاده وتعليمهم. كتب لهم العديد من الرسائل عن مدينة جديدة غير المنامة التي اكتشفها على خارطة الدنيا الواسعة «وحينما هبط مطار المحرق لم يكن يحمل الا شنطة مطاطية صغيرة وعلبا تكفيه لايام وملابس غطت رائحتها فضاء ذلك المناخ الملوث بأبخرة المصانع المحيطة . ومكث لأيام في معسكرات المقاول الكئيبة فقد بدأ يستيقظ صباحا مع الشمس وينام معها» وعندما حانت له فرصة التعرف على محيط القرى التي يسكنها كان عليه ان يهضم فكرة جديدة هل بالفعل انه في عالم الحلم ام الحقيقة المرة التي يراها؟!. ومع ذلك كان يواصل كتابة رسائله ولم يكن ينتظر الموت العاجل بين دفة القرى والطرق المحترقة والجنون المتربص به، هل كان هذا العامل الباكستاني وقد يكون من جنسية اخرى اذ لم تكن الزجاجات المحترقة تدرك الفرق بين هوية الغرباء والمواطنين ولا تميز بين ألوان الموت. مثل ذلك العنف اللامجدي انتزع روح عامل لم تنته مدة اقامته ولم يستكمل استلام اجور الشهور التي عملها فكان على موعد مع الموت الاحمق، هل بالفعل كان هذا العامل الباكستاني او النيبالي او البنغالي حلا ًلرحيل العمالة الاجنبية؟ حلاً عاجلاً لاحلال عمالتنا الفائضة؟ التي تورطت بين تدني الاجور وتدني قدراتها المهنية والتعليمية في بعض المجالات! هل بالفعل جميع تلك المهن والجنسيات حلاً لمشكلة انغمست في دماغ شاب متهور حاول ان يخلط اوراق التمييز بين الجنسيات والتجنيس «فضاع ذلك الوعي الانتقامي المنفعل» ومن وضعوا زجاجة المولوتوف في دماغه هم انفسهم الذين انتحوا جانبا عندما حملها بيديه تلبية لرغبة سياسية وتحريضية «فهناك نداء للخلايا الصغيرة المتناثرة دون روابط» افعلوا ما يهز الشارع كل بمفرده «المهم ان يشاهد العالم الخارجي حركتنا وتوجهاتنا ويكتشف النظام ومن حوله وعدسات الصحافة ان الوضع ليس مستقرا ولا يهم الثمن المدفوع ولا الخسارة الممكنة وغياب فرصة النجاح، فالمهم انقاذ البطل من محنته» وبأن كل شيء على ما يرام وما زال «الشارع ملكنا» ومن يدينون فعلك ليسوا الا خونة واذا ما صمت المجتمع فان ذلك يعني انه يؤازرك ويشد من عضدك. فيا ايها الفتيان المجاهدون «انقذوا الوطن بقتل الغرباء فهم الاعداء الحقيقيون لمحنتنا» مثل تلك الشعارات والافكار الجوفاء التي تشحن بها ثلة الفتيان والشباب تصبح افيونا دائما ويعززها على الدوام ذلك الصوت الداخلي السري والاعلام المتناقل معها تحت شعارات ونماذج وامثلة من قضايا شعوب اخرى، كلها باتت وقودا لشبابنا العاطل والحاقد والطائفي والعنصري، فهل نحن صائبون على مواصلة التجييش المضاد ام الاجدر بنزع فتيل الجنون والعنف من يد هؤلاء الشباب الذين يتلقون فلسفة العنف والقوة كجزء من الجهاد والشهادة في وطن بحاجة الى وقت من الحوار ودرجة عالية من الصبر، وسيكون الكثير من الناس غرباء ومواطنين ضحية لها. علينا ان نحمل عملنا السياسي من قاعات الفنادق والابنية ونذهب الى قرانا التي تجذر فيها شعور الكراهية الوطنية والسياسية «وان نعايش الهموم اليومية» ولن ينجح برنامجنا التوعوي والوطني بمفردنا وانما ببناء جبهة وطنية عريضة يكون رجال الدين والدولة جزءاً منها. فهناك ستواجهنا اسئلة عملية لسنا قادرين على حلها لوحدنا «فهموم جيل شاب عاطل في القرية» جيل مشحون ويعيش حالة التحريض الدائم والمنتظم، ويحمل بين يديه ليل نهار فتيل العنف والانفجار. هل يكفينا ان ندين العنف الكريه بحيث نبني اجواء واسعة من الكراهية دون ان نعي نتائج ابعاد ثقافتنا الموتورة؟ هل ستساعدنا عمليا لغة التحريض المضاد والاعمى ضد اشخاص فقدوا الامل بالحياة وسقطوا في قبضة الاحباط واليأس وخطاب العمل السري؟ لقد بات الشخص بمفرده قادرا على خلق حالة من الضجيج وليس المهم لدى حامل تلك الزجاجة هدفه الاسمى، فاصطياد عامل بسيط لا ذنب له يشعره براحة الضمير طالما ثقافة العداء للعمالة الاجنبية قائمة وغاب عنها الوعي الحقيقي ونزعت منها الانسانية، المهم هو صناعة الموت والعنف في شوارعنا لمتابعة مسلسل «الابطال الملثمين» وعندما يسقط في قبضة الامن وتتم مساءلته لماذا قتل العامل المدعو! فلن تكون لديه اجابة تقنعهم/ وتقنعنا بفعلته الشنيعة؟
 
صحيفة الايام
31 مارس 2009

اقرأ المزيد

قمة العشرين على صفيح ساخن

حكما على ما تنشره الصحافة عما يجري في العاصمة البريطانية في الأسبوع الأخير قبل قمة ‘العشرين’ يخال للمرء وكأن لندن تحضر لمواجهة كارثة. القوى المناهضة للعولمة من اليسار وأقصى اليسار وقوى من الوسط ومن يسمون بالفوضويين يحضرون لعقد قمة موازية في جامعة لندن. وهم في الوقت نفسه يعدون بأن يهبوا للندن في القمة أنشطة احتجاجية لن تنسى. ويستعد عالم الأعمال أيضا. غرفة تجار لندن أصدرت في 23 مارس/ آذار بيانا طلبت فيه من موظفي المصارف وشركات التأمين العاملة في ‘السيتي’ ألا يرتدوا زي العمل الرسمي، وأن يتأخروا في الوصول للعمل وينصرفوا مبكرين. وغدت معظم مواعيد الأعمال المضروبة لهذين اليومين ضربا من كذبة أبريل. ومنذ الآن غزت المدينة يافطات تنادي ‘بحرق’ المصرفيين التي تنشرها منظمة شكلت خصيصا لهذه الأيام تسمى ‘G20 Meltdown’ (لنصهر G20). لقد بدأ المحتجون ينتشرون في زوايا لندن بسرعة غير متوقعة. وكما يفهم مما ينشر في مواقع قوى اليسار وغيرها على الإنترنت فإنه ابتداء من السبت، 28 مارس/ آذار وحتى 2 أبريل/ نيسان سيطوق ما يزيد على أربعين ألفا منطقة الطرف الأغر بقطر خمسة كيلومترات استعدادا لشن مختلف الأعمال، وأهمها الزحف على مصرف إنجلترا. وليس اختيار هذا المصرف اعتباطا. فحسب آخر تقرير أصدره المصرف منتصف الشهر الجاري ازدادت ديون الأفراد كقروض وبطاقات ائتمان في بريطانيا منذ العام 1997 بنسبة 165% لتشكل الآن 1.46 ترليون جنيه استرليني. وهذا يفوق قيمة السلع والخدمات المنتجة في بريطانيا خلال سنة. وأصبح على كل عائلة أن تسدد الآن دينا يبلغ 60 ألف جنيه. وهذا هو أعلى مستوى للديون الشخصية في العالم. وقدرت معطيات أخرى أن حجم البطالة في بريطانيا بلغ مليوني شخص. وتعبيرا عن السخط على طغيان سلطان المال فستقوم جماعات مناهضة العولمة وحماية البيئة من مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي بإحياء ‘يوم رجال المال الحمقى’. وسيوقف المتظاهرون حركة محطات القطار في لندن. وعموما تحسب شركات المواصلات والمحلات التجارية والمقاهي والمطاعم حسابها لتحمل خسائر كبيرة. وقد ذهب أحد قادة منظمة غاية في التطرف اليساري تدعى ‘Government of the Dead’ (حكومة الموتى) إلى الإعلان بأن الثورة قادمة، وأن ‘زماننا قد حان’.
مع كل ذلك لم تحجب الحكومة البريطانية أيا من مواقع الإنترنت ولم تهدد بتقديم أحد للمحاكمة بتهمة التحريض ضد النظام. ولا يخفى أن هذا النشاط الاحتجاجي موجه في جانب كبير منه ضد شخص جوردون براون الذي انحطت سمعته ليس فقط لكونه رئيس الوزراء، بل لأنه عندما كان وزيرا للمالية أيد فكرة ‘تنظيم وتطهير السوق لنفسها بنفسها’، وهو ما يعتبره الناس سببا مهما في الأزمة العاصفة ببريطانيا حاليا. والآن يتذكر قادة بلدان الاتحاد الأوروبي كم بذل براون من جهود ‘لتعليم’ القارة الأوربية ‘مزايا’ عدم التدخل في تنظيم السوق، والترويج لفكرة ‘التنظيم الذاتي المرن لسوق العمل’. وهاهي بريطانيا الآن في أسفل درك الأوضاع الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي. وبعد كل الذي اقترفه براون فلا أحد في أوروبا يرغب في رؤيته كمنقذ للعالم مجددا. براون نفسه أصبح يدرك وهم ما كان يردده قبل أشهر من أن قمة العشرين ستدشن ‘نهجا جديدا’ (على غرار مشروع الرئيس الأميركي روزفلتNew Deal) الذي أخرج أميركا من الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي. ولم يعد أحد ينتظر من قمة العشرين ما يشبه ‘بريتين وودز’ التي صاغت في واشنطن العام 1944 نظاما ماليا عالميا جديدا وأسست لقيام البنك وصندوق النقد الدوليين.
من الواضح اليوم أن ليس ثمة ‘كيمياء’ مناسبة لتفاعل قادة قمة العشرين من أجل إعادة بناء جذري لأساسات البيت المالي العالمي. الرئيس أوباما يريد من القمة أن تركز على إنعاش النمو وإنشاء أماكن عمل عن طريق حقن الاقتصاد بأموال الدولة. في أوروبا، فرنسا وألمانيا خصوصا، يرون أن دولهم ضخت من المال ما يكفي، وقد آن أوان تغيير قواعد اللعبة في أسواق المال بشكل شامل. برلين تصر أكثر من غيرها على غلق ما تسميه ‘بكازينوهات المال’ واستوديوهات ‘فقاعات البورصات’ وتغيير نظم عمل البورصات وإيجاد الرقابة الصارمة على صناديق التحوط وجميع ‘المنتجات الاشتقاقية’ وكل عوامل ‘نفخ’ الاقتصاد وتعظيم سلطان المال فيه. كل ذلك يعني، بشكل أو بآخر، الأخذ بمبدأ تدخل الدولة الصارم في تنظيم أسواق المال، الأشبه بالذي تنتهجه الاشتراكية في الصين.
وهكذا، فبينما يرى الأميركيون إطلاق آلة الإقراض الحكومي بأقصى طاقاتها لتفادي الانهيار الائتماني للقطاع الخاص، وتخشى ألمانيا أن ذلك سيعني زرع بذور تضخم مقبل، فإن رجل المال الأميركي والاقتصادي المعروف جورج سوروس في مقالة له في الفايننشال تايمز يرى أن مثل هذا التناقض يهدد بفشل قمة العشرين. وإن خبراء كثيرين لا يعتبرون قمة لندن المقبلة قادرة على حل المسائل المعقدة التي يواجهها العالم. فإذا كانت مجموعة ‘الثمانية الكبار’ تعاني من اختلافات جوهرية، فما بالك بالعشرين؟ وإذا كانت ‘الثمانية’ قد استبدلت نفسها ‘بالعشرين’ معلنة عجزها في مواجهة تحديات الأزمة، فإن قمة العشرين ستبين فقط ما إذا كانت المجموعة قادرة على البقاء، وإلى متى.
لمعرفة براون بهذه الحقائق جيدا فإنه إلى جانب هموم مواجهة موجة الاحتجاجات العارمة شغل نفسه ووزارة خارجيته بهمّ آخر. فقد كشفت الفاينانشال تايمز عن وثيقة سرية تبين استعانة وزارة الخارجية البريطانية بشركات العلاقات العامة لتصنيف بلدان ‘العشرين’ إلى قائمتي ‘أ’ و’ب’، ورسم خطة التحرك عليها سواء لتحسين صورة قمة العشرين أو للتركيز على العلاقات الثنائية بين بريطانيا وكل من بلدان المجموعة. وقد وضعت الوثيقة 11 بلدا على قائمة الأولوية الكبرى حيث يجب التركيز عليها أثناء القمة. في مقدمة بلدان الصف الأول تأتي أميركا، فرنسا، اليابان، ألمانيا التي تعتبر الأساسية في ‘الثمانية’. تأتي بعدها إيطاليا كرئيسة مقبلة ‘للثمانية’، ثم الصين، الهند، جنوب إفريقيا، كوريا الجنوبية وكذلك المفوضية الأوروبية التي ستمثل الاتحاد الأوروبي في القمة. في القائمة الثانية (الدونية) جاءت أستراليا، روسيا، الأرجنتين، كندا، إندونيسيا، المكسيك وتركيا. ولم تستطع بريطانيا نفي وجود هذه الوثيقة، لكنها نفت تقسيمها لبلدان مجموعة العشرين إلى مجموعتي ‘أ’ و’ب’ من حيث الأهمية.
إنها علامات لتناقضات سياسية ستغدو حادة بين بلدان العالم تؤكد من جديد ما ذهبنا إليه في مقال سابق (9 مارس) من أن الأزمة العالمية لم تعد مالية أو اقتصادية فحسب، بل وسياسية حادة أيضا.
 
صحيفة الوقت
30 مارس 2009

اقرأ المزيد

الهوامش والمراكز

فيما الأحياء العربية تعيش الضنك، وهي مجموعات من الأزقة والحارات التي تعيش عصور ما قبل الحضارة، طرقا متعبة، ومساكن رثة، وتجارة صغيرة عرضية، فإن مراكز المدن تعيشُ بأبنية تناطح السحاب، في أشكال خرافية لم تنبعْ من ذوقٍ سليم ومن فنون المنطقة لكن من جيوبها المثقلة بالديون، وقد جاءت كأنها من فوق، انزلتها الطائرات والسفن حمالة الجنود.
تبدو مثل إبل سمان، امتلأت ضروعها بحليب المساكين.
الأزقة تعيش المواسم الدينية وتنبث فيها قبور الأولياء والمشايخ والسحرة من كل الأنواع، والجمهور يعيش على حافة الجوع، وغارق في الخرافات والمآسي المعيشية، لكن مراكز المدينة تمتلئُ بالكهرباءِ المضيئة من دون حاجة، والأبنية الأسطورية والاحتفالات البهيجة أو الزائفة بأفراح مختلقة، وبدواعٍ سياسية وتهريجية شتى.
ثم ان هذه الأبنية ترسل الفواتير وتصرخ: “ادفع، ادفع”.
لا تجد أي صلة بين تلك المباني الشامخة الهائلة في مركز المدينة، التي تسودُ فيها أسماء الفنادق العالمية الكبيرة، و”الماركات” التجارية الشهيرة، كأنها أراض مستقلة للشركات العالمية وللدول المسيطرة على العالم، وبين أمعاء الأزقة، حيث الظلمات وانطفاء الكهرباء وتفجر المواسير بالمياه وطفح البلاعات، وحشود الأطفال بلا ملابس، يلعبون ويتصارعون في هذه المياه المنقطعة وتلك البلاعات المتفجرة، وهذه المخابز التي تقدم الخبز المعجون بالعرق أو بالتراب.
وفيما أن الفنادق العالمية تستقبل الاحتفالات الباذخة، وآخر العطور والفساتين، والزعماء الذين يلقون خطبهم عن أن كل شيء رائع وعظيم وأن المجتمع أو الوطن أو البشرية كلها تمشي في تقدم مستمر، يتفجر أنبوب في زقاق يحتاج سده إلى معارك مع البلدية والأشغال ووزارة الموتى.
عبرتْ مراكزُ المدن عن مصادر ثراء القوى المالكة وفي مجتمعات بلا ديمقراطية، وراحت القوى المسيطرة تمتلك هذه المنطقة الاقتصادية الغنية التي تقود البلدان وترتفع فيها الإيجارات ويضطر الناس إلى البقاء في بيوتهم الرثة يتحملون الأمرين من الزحام ولا من مجيب، ومن انسداد شرايين المياه والعروق ومزاحمة الغرباء البؤساء.
وجاهة، وضخامة المباني، وتضاربها وعدم تنسيقها، وحشود من السياح والمحتفى بهم وفرق الطبالين القادمة من كل فج للجوائز والأعطيات.
فيما هؤلاء يقدمون كل هذه الألعاب في مركز المدينة يرفعون بها الميزانيات التي لا تحاسب أجندتها إياهم، فإن الأزقة تشهد مشاهد أخرى، حيث يتقدم بعض الناس ليدينوا البذخ والطفيلية والكفر ويجمعوا هم أيضاً شيئاً من عرق ودم الأزقة.
في هذه الممرات المعتمة ولعدم وجود الكشافات، والمدارس، ومحو الأمية، ولجان الأحزاب التقدمية والعمالية، يستطيع أي ساحر أن يغدو زعيماً في بضع سنوات. لا يحتاج سوى إلى مجموعة “جوامع” ولحية طويلة وبلاغة جاهلية أو قدرة على تأجير لسانه وضميره لمن يدفع.
بتركيزه في هذه البلاعات الخاصة والعامة وتمترسه في المساجد يفيض من بلاغة الهجوم على الكفر الرابض في الفنادق، والمطارات، والأندية العصرية، ويرقص فرحاً لإغلاق الفنادق والجرائد اليسارية وانتشار صحافة الارتزاق والنفاق وقطع الأرزاق، فيرضي حكومات الفساد ويرضي ضميره، يصبح زعيما (إسلاميا) تتراكضُ الفضائياتُ لنيل بركاته، وهو يقدم من هذه الرشوة القادمة من حكومات الفساد ومن المسيطرين على الشركات على اتباعه من الشباب الذي نشأ في أزقة المستنقعات ويهفو لشراء السندات والكراسي والقبضات الحكومية.
كان صدام يحتفل بتموز وبقية شهور فساد السنة، وتأتي قوافل المثقفين العرب لتحرق البخور لسيادته، مثقفون من كل الأقطار العربية، سياسيون محنكون في الخداع والتضليل الفكري العميق، شعراء يمدحون تموز الأسطورة خائفين من أزقة بغداد الشعبية، كتاب يظهرون في كل عاصمة حناجرهم مؤجرة وضمائرهم مختطفة، وينتقدون القمع ومصادرة الحريات، وتحتفي بهم المآدب الوافرة وتحتها جثث الفقراء والمسلوخين.
كل بلاد تقتفي أثر صدام وتنكره أمام الملأ، آبارها مخصصة للكرم الأجنبي، يحبون إكرام الضيوف حبا جما، وكل حزب يتبع صداماً ويرفضه علناً، يفجر صواريخ الكلام الثوري ولا يستطيع أن يمحو أمية صبي.
يحبون الصرف على الغريب، ربما من الخوف، ربما من حب التظاهر والمظاهر، ربما لشراء الأصوات في محكمة العدل الدولية، ربما يخافون أن توضع أسماؤهم كمطلوبين في المخافر الدولية، ربما يرتعبون من تقلبات الغرب غير المفهومة لدى أصحاب النظارات الليلية المعشية.

صحيفة اخبار الخليج
30 مارس 2009

اقرأ المزيد

عن البنى التقليدية

الاهتمام بدراسة البنى التقليدية مطلوب وضروري ولا غنى عنه لبحث عملية التحول السياسي الاجتماعي في مجتمعاتنا. فنفوذ هذه البنى يظل مهيمناً, وفي أحيان غالبة حاسماً في تقرير حجم ومدى وشكل وآفاق التحول السياسي, لأن البلدان النامية عامة لم تخضع أو لم تمر بتغييرات حاسمة قطعت مع هذه البنى أو فككتها أو أنهت دورها. حتى البلدان التي عرفت أنظمة راديكالية جاءت إلى السلطة تحت شعارات التحديث لا تشكل استثناء, لأن ما أدخلته من تغييرات ظل في الغالب عند حدود السطح الخارجي أو القشرة الخارجية ولم يمس عصب البناء التقليدي الموروث. وفي أحايين كثيرة فإن عمليات التحديث العشوائي استنفرت واستفزت البنى التقليدية وأطلقتها من عقالها, فحين قيضت لهذه البنى أول فرصة لرد الاعتبار لنفسها ولدورها لم تتردد في ذلك. وهنا لا بد من توضيح أمرين: الأول, إن الحديث هذا يكتسب مبررات مهمة عند مقارنة واقع البلدان النامية مع الواقع الغربي, في أوروبا خاصة, حيث أدت الانقلابات الثورية الكبرى هناك إلى صوغ روح حداثية جديدة طبعت سيمياء المجتمع, فلم يعد الحديث عن ثنائية التقليد والحداثة حاضراً بالقوة التي هو عليها في بلداننا. أما الأمر الثاني فيكمن في أن الحديث عن البنى التقليدية لا يتضمن حكم قيمة, نعني أنه لا يحمل بالضرورة مدلولاً سلبياً, انطلاقاً من واقع أن هذه البنى مكون أصيل من مكونات البنيان الاجتماعي السياسي في هذه البلدان. ثمة عامل مهم آخر للاهتمام بالبنى التقليدية, تكويناً ودوراً وأفقاً. يكمن هذا العامل في ما نود أن ندعوه ثنائية التقليد – الحداثة التي تعد أحد عوامل الجدل في مجتمعاتنا, سواء كان ذلك على صعيد الفكر والنظرة للحياة أو على صعيد الخيارات الاجتماعية الثقافية, التي تشمل ضمن ما تشمل شكل الحكم والمشاركة السياسية. بل إن المجتمع العربي الإسلامي خاضع لهذه الثنائية منذ نحو قرنين على الأقل في جدله الداخلي وفي جدله مع الآخر. ونتحدث هنا عن الحداثة بوصفها حركة انفصال, أي كونها قطعاً مع الماضي, ولكن ليس بهدف نبذه وإنما لاحتوائه وإدماجه في مخاض التحديث المتجدد, فهي والحال كذلك اتصال وانفصال, استمرار وقطيعة. هذه الثنائية ليست اختيارية, بل هي مخاض موضوعي لا بد من اجتيازه.

صحيفة الايام
30 مارس 2009

اقرأ المزيد

ليتـنصتوا.. الحكومة أبخص!


عجِلٌ ووجِل شعبنا هذا؛ عجِلٌ ووجِل.

لمَ كل هذه الضجة والتهويل بشأن قرار التنصت على المكالمات والمراسلات الإلكترونية؟ لا نكاد نفهم!

أولاً الجماعة قالوا لكم إننا كنا نتنصت عليكم منذ زمن بعيد، يعني لن يجدّ عليكم – بإذن الله – جديد، ونأمل ألا تتأثر صراحة حواراتكم بزلّة اللسان التي أذاعت الخبر!
ثم إن المؤمن يأخذ أخاه المؤمن على سبعين محملاً، فما بالكم إن كان لهذا المؤمن علاقة بالأجهزة الأمنية! أحسنوا الظن – نقول – ولا تأخذوا الأمر بسلبية، فكل ما تفعله الحكومة – حفظها الله ورعاها – يأتي من منطلق رعاية أبوية؛ فالهدف الأول والأخير للتنصت على المكالمات هو رعاية المواطنين وحفظ أمنهم.. تسألون كيف؟!

أليست الشرطة في خدمة الشعب؟.. وكيف تخدم الشرطة الشعب إذاً إن لم تكن تعرف أين هو؟! بمعنى أدق، كيف للجهات الأمنية أن تؤدي دورها إن لم تكن مطلعةً على تحركات المواطنين ومواعيدهم في الداخل والخارج؟!

شخصياً، سأشعر بالأمان أكثر لو علمت أن الجهات الأمنية تستمع لمكالماتي وتعرف تحركاتي.. فإن حدث أنْ أغمي عليّ في غابة موحشة.. أو فقدت وعيي في مغارة موحلة فسيعرفون حينها أين يبحثون عني! ثم إني – وعن نفسي أتحدث هاهنا – سأشعر أن وشائج العلاقة «الإنسانية» بيني وبين السلطات الأمنية أقوى إذا ما هم سمعوني أسأل الوالدة – أطال الله عمرها – عن يومها.. أو أناقش قريبتي في ترتيبات زفافها.. وإنه ليسعدني ويشرفني أن تعرف الجهات الأمنية ذوقي في المطاعم والمشتريات.. وعلى مستوى أعمق، يسرني أن يسمعوا رأيي فيهم بالذات، وفي قراراتهم الماطرة علينا كالذهب الأسود..

بالمناسبة، هل سمعتم مكالمتي أمس الأول مع صهري؟!
لا.. تباً! كانت – كلها – عنكم.. والله لقد قلت فيكم شعراً.. ربما سأعيدها لاحقاً من أجلكم!

بالُمراد، نتمنى من المواطنين أن يذروا عنهم عقلية المؤامرة التي أردتهم، ويروا سلسلة القرارات الحكومية التي التفت على رقابنا – حديثاً – على حقيقتها.. أنها – كلها – وليده الرعاية الأبوية.. أوَ يسمح الأب الصالح لابنه السفيه أن يجدف في مواقع الإنترنت الخبيثة دونما مراقبة؟! أوَ يسمح للقاصر المراهق أن يحدد خيارات مصيرية بنفسه كخيار المشاركة برأيه الخديج في منتدى أو مؤتمر والعياذ بالله؟!

ثم إن التحكم في المواقع ومراقبة الهواتف والمراسلات ليس بانتهاك للمادة 26 من الدستور كما يطنطن الحقوقيون منذ ذيوع هذا الخبر.. لا على الإطلاق.. لأن هذه المادة تنطبق على المواطنين.. ونحن لسنا بمواطنين، بل أبناء، وهناك فرق.. فالعلاقة الأبوية لا تحكمها الدساتير والمواثيق والعهود ولا تعترف بالخصوصيات ولا حقوق الإنسان.. فالحكومة «أبخص» بمصلحة المواطنين من أنفسهم، ولا تثريب عليهم في أي قرار يتخذونه..

فإذا ما هم وجدوا أن مراقبة تفوّهات الشعب ومراسلاته لا تتطلب أذونات قضائية فذلك حقهم.. وإن كانوا يعتقدون أن سماع سوالف صلاح الجودر مع خاصته وتسجيل مراسلات عبدالله الدرازي وأخبار امتحانات أبناء جلال فيروز ومعاملات العسومي وزيارات العكري وغداء المزعل والفيلم الذي سهر عليه إبراهيم شريف هو من صلب ” الاحتياجات الأمنية الملحة” ، فمن نحن لنقول غير ذلك؟!

الحكومة أبخص نقول، ولا تتدخلوا فيما لا يعنيكم.. ومن لا يعجبه الأمر فليتخاطب بـ «قواطي العرناص» كما فعل في طفولته، أو ليشرب من ماء البحر؛ علّه «يغص» بحصى الدفان فيريح ويرتاح! 



 
الوقت 29 مارس 2009
 

اقرأ المزيد

المصالحة والعدالة الانتقالية


شهد فندق «كراون بلازا» أمس تأسيس «فريق عمل عربي حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية»، وهي فكرة كانت قد طرحت في اجتماع لنخبة من الحقوقيين والباحثين منذ العام 2007 في المغرب، ولكنها انطلقت أمس من البحرين.

“العدالة الانتقالية” مفهوم ينطلق من فكرة أساسية تقول بأنه وعلى رغم اختلاف الأزمات السياسية في خلفياتها ومسبباتها وطرق انتهائها من النواحي الاقتصادية والسياسية والثقافية، إلا أنها جميعاً تشترك في موضوع يرتبط بكيفية التعامل مع أثقال الماضي المصحوب بذاكرة المعاناة وتعرّض مختلف الأطراف لانتهاكات تبقى معهم طوال حياتهم ويورّثونها لغيرهم… ولذلك فإن هناك حاجة لمعالجة هذا الموضوع، وهو محور مفهوم «العدالة الانتقالية»ذلك لأن الديمقراطية لا يمكن تأسيسها على تاريخ كاذب.

إن التجارب الإنسانية جاءت بفكرة لتجاوز آلام حقب سالفة من خلال «المصارحة» و«المكاشفة»، وقول «الحقيقة» عن الماضي، ومن ثم «التسامح» و«التصالح» بحيث يتحرك الوطن من دون أعباء لها علاقة بالماضي الذي لا يمكن مسحه من الذاكرة، ولكن يمكن التعامل معه من خلال «العدالة الانتقالية». العدالة الانتقالية تعني تشكيل “هيئة مؤقتة”  بمشاركة رسمية وأهلية وتستند إلى البحث والتحري لكشف حقيقة ماضي الانتهاكات، ومن ثم «جبر خاطر» الضحايا، وبعد ذلك وضع السياسات والآليات لمنع تكرار الماضي… وبالتالي فإنها تساعد على الانتقال إلى الديمقراطية. والعدالة الانتقالية تعبر عن تشغيل العقل والحوار ومد الجسور بين الدولة والمجتمع، وهي أساساً دعوة إلى “إصلاح ذات البين”.

وقد كانت الأمم المتحدة قد اعتبرت في 2004 أن «العدالة والسلام والديمقراطية» تستند إلى بعضها بعضاً، وأن «السلم» يتطلب «توثيق الثقة بالمستقبل»… ومن هذا المنطلق فإن فكرة العدالة الانتقالية تسعى إلى «توثيق ثقة الناس بالمستقبل» وتحقيق السلم الأهلي من خلال مداواة جروح الماضي واعتماد آليات تضمن عدم تكرار الماضي.

بالأمس احتضنت المنامة نخبة من أفضل الخبراء الذين شاركوا في إنجاح فكرة العدالة الانتقالية في بلدان أخرى، وهؤلاء شرعوا في تأسيس «فريق عمل عربي» لتفعيل المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية في الدول العربية التي تشهد انتقالاً نحو الديمقراطية… والبحرين تستحق أن تكون المكان الذي انطلق منه هذا الفريق العربي المتخصص، ولكننا أيضاً بأمسّ الحاجة إلى تفعيل هذه الفكرة بمشاركة مسئولين رفيعي المستوى وأصحاب قرار مؤثر مباشرةً في الوضع المحلي… فالبحرين حالياً تشهد عودة لأحداث كنا نتصور أنها أصبحت من التاريخ، ولعل أحد أسباب ذلك أننا لم نشرع في تفعيل برنامج للعدالة الانتقالية بعد العام 2001. إن الوقت والفرص مازالت متاحة أمامنا، وما على أولئك الذين يهمهم أن نعيش مستقبلاً هانئاً إلا الاستماع إلى هذه الأفكار المستنيرة وتنفيذها بما يناسب بيئتنا البحرينية.
 
الوسط 29 فبراير 2009

اقرأ المزيد

حول رسوم سوق العمل


من الواضح انه في السنوات الأربع الماضية لتطبيق إصلاح سوق العمل كان هناك اثر طيب للنتائج التي تحققت وإن كانت متواضعة, فهي بداية لمشروع هام جداً وخاصة فيما يتعلق بالتدريب والتأهيل والتوظيف الذي كان مرضياً من وجهة نظر هيئة تنظيم سوق العمل ولا سيما في الربع الأخير من السنة الماضية.

ومع ذلك لا يزال المشروع في حاجة لمراجعة متأنية للوقوف على كل المعوقات والإشكاليات التي تقف عائقاً أمامه. الرئيس التنفيذي للهيئة علي رضي يحذرنا من المساس بالرسوم التي تستقطعها الهيئة من أصحاب الأعمال؛ لأنه يشكل خطورة على المشروع, وخاصة ان هذه الرسوم وضعت من اجل ردم الفجوة بين تكلفة العامل الأجنبي من جهة والعامل البحريني من جهة أخرى, ويضيف قائلاً: ان هذه الرسوم التي تشكل 80٪ من ايرادات الهيئة يستفاد منها للتدريب والتأهيل.

وكما قلنا هناك تحديات تواجه إصلاح سوق العمل في مقدمتها أولئك الذين لا مصلحة لهم في استمرار عملية الإصلاح, نظراً لخوفهم الشديد على مصالحهم التي قد تتضرر من وراء هذه العملية, ونعتقد ان التحدي الآخر هو ما يجري اليوم من استياء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الرسوم الشهرية التي تبلغ عشرة دنانير عن كل وافد وبالتالي هل تستمر الهيئة في فرض هذه الرسوم؟ 

 نتفق تماماً مع ما قاله «رضي» ان إصلاح سوق العمل ليست فقط رسوم تصاريح عمل وإجراءات انتقال العمالة الوافدة او جهود توظيف وتدريب وأجور لائقة وعلاقات عمالية سليمة وحوار اجتماعي فعَّال, بل هي تشمل كل ذلك معاً في ترابط يحتم توزيع الأدوار بين المؤسسات المعنية, ومنها هيئة تنظيم سوق العمل ومع ذلك شكاوى تلك المؤسسات التي تعيش أوضاعا متردية على صعيد «البزنس» ينبغي الالتفات إليها بإجراءات منصفة مرنة, والالتفات إلى مبرراتها التي هي محقة فيها عندما تطالب بإلغاء الرسوم وتطالب أيضا ترحيل العمالة السائبة, والقضاء على ظاهرة هروب العمالة الوافدة التي تتعرض الى أبشع استغلال من قبل تجار «الفيزا» وزيادة على ذلك تطالب بالقضاء على ظاهرة تأجير السجلات للأجانب وتمديد فترة تجديد انتهاء الإقامة إلى أكثر من ثلاثة أشهر.

 اذن بالرغم من اهمية الرسوم التي تؤكد الهيئة على تحصيلها لأن عدم الالتزام بها يؤدي وفي جميع الاحوال الى ارتفاع حجم سوق العمالة غير القانونية, إلا ان مع كل هذه الظواهر السلبية التي تشهدها السوق لا بد من حلول وتدابير عملية للقضاء عليها, والامر الآخر كيف تتساوى المؤسسات الصغيرة من حيث الرسوم بالمؤسسات الكبيرة التي تحظى بنصيب الاسد من المشروعات؟ وابلغ مثال على ذلك ما قاله صاحب ورشة نجارة صغيرة في إحدى الصحف المحلية: أقوم بتصميم غرف نوم بأسعار تناسب ذوي الدخل المحدود, الآن لم يعد أمامي سوى خيارين اما الإبقاء على الأسعار كما هي وهو ما يعني التسبب في ضرر مادي كبير او رفع الأسعار وهو ما يعني انني سأفقد القدرة على المنافسة في السوق التي سيطر عليها الكبار الذين لم يتضرروا بمثل ما تضررنا نحن ولن يضطروا لرفع أسعارهم وبالتالي فإن مصيرنا الإفلاس. 

 على اية حال, هذه الحالة ليست إلا نموذجا لما تعانيه المؤسسات الصغيرة وبالتالي ما ينبغي الاعتراف به في هذا المقام هو انه بالرغم من أهمية إصلاح سوق العمل فإن مراجعة الرسوم التي تستوجب دفعها المؤسسات الصغيرة مطلب ملح, والمطلب الآخر حاجة سوق العمل الى الاستقرار وهذا يأتي ليس بالقضاء على المنافسة التي من دون ضوابط فقط وإنما أيضا بمعالجة كافة الظواهر السلبية التي تحتاج الى تضافر الجهود. 



 
الأيام 28 مارس 2009
 

اقرأ المزيد

مؤسسات كشفت الأزمة زيــف‮ »‬تبرجهــا‮« ‬الدعائــي‮!‬

الأزمة المالية الطاحنة التي‮ ‬هزت النظام المالي‮ ‬والمصرفي‮ ‬العالمي‮ ‬والتي‮ ‬توشك على الإطباق على أنفاس الاقتصاد العالمي،‮ ‬أماطت اللثام عن كثير من المظاهر والظواهر،‮ ‬والاختلالات السلبية التي‮ ‬كانت شائعة في‮ ‬المعاملات الاقتصادية الوطنية والدولية،‮ ‬والتي‮ ‬كانت ترسم عن نفسها صوراً‮ ‬خادعة صقيلة ومهيبة،‮ ‬فإذا بالأزمة تكشف مدى هشاشة‮ ‘‬ممثليات‮’ ‬تلك المظاهر والظواهر،‮ ‬من مؤسسات وصناديق استثمار ووسطاء ماليين وتجار متعاملين في‮ ‬أسواق السلع،‮ ‬وأسواق قطع أجنبي‮ ‬وأسهم وسندات‮.‬ ففي‮ ‬حمأة الازدهار المنفلت للدورة الاقتصادية العالمية واندفاع الجميع من حكومات وشركات ومؤسسات وأفراد لاستثمار الفرص الاستثمارية الوفيرة التي‮ ‬وفرتها في‮ ‬كافة مناحي‮ ‬النشاط الاقتصادي،‮ ‬لم‮ ‬يلتفت أحد ويتحوط للضوابط والقواعد المنظمة للنشاط الاقتصادي‮ ‬الموضوعة خصيصاً‮ ‬لحماية الأسواق والمتعاملين من انزلاقاتهم المتهورة نحو المجهول،‮ ‬مدفوعين ببريق تصاعد العائد على الاستثمار،‮ ‬ليس استناداً‮ ‬على الأساسيات الاقتصادية وإنما على سيكولوجية السوق وعقلية المقامرة التي‮ ‬تتحكم في‮ ‬المضاربين‮.‬ ويوم الثاني‮ ‬عشر من مارس الجاري‮ ‬اعترف برنارد مادوف أمام القضاء الأمريكي‮ ‬أنه قام بعمليات نصب واحتيال وسرقة ما‮ ‬يصل إلى‮ ‬65‮ ‬مليار دولار عبارة عن أموال التي‮ ‬أودعها مستثمرون من جميع أنحاء العالم في‮ ‬شركته على أمل تدويرها بعوائد رأسمالية مجزية‮.‬ قبل هذا التاريخ ببضعة أشهر فقط،‮ ‬وتحديداً‮ ‬إلى ما قبل انكشاف وافتضاح أمره في‮ ‬11‮ ‬ديسمبر‮ ‬‭,‬2008‮ ‬كان هذا الشخص وهو مصرفي‮ ‬أمريكي‮ ‬من ولاية نيويورك‮ ‬يرأس محفظة استثمارية ويديرها من خلال شركته التي‮ ‬أنشأها عام‮ ‬1960‮ ‬وتحولت إلى أكبر صنّاع السوق‮ ‬‭(‬Market Maker‭)‬‮ ‬في‮ ‘‬وول ستريت‮’ ‬‭-‬‮ ‬نقول إلى ما قبل افتضاح أمره كان عنواناً‮ ‬للإبداع والنجاح الاستثماري‮ ‬وللاستقامة وعمل الخير حيث كان من المحسنين البارزين‮.‬ أما اليوم فقد اتضح أنه نظَّم أكبر عملية نصب واحتيال في‮ ‬التاريخ،‮ ‬وأن المحكمة طالبت بسجنه‮ ‬150‮ ‬عاماً‮ (‬عمره الآن سبعون عاماً‮)! ‬ شخصية أخرى مصرفية أمريكية لامعة،‮ ‬هذه المرة من ولاية تكساس في‮ ‬الجنوب الأمريكي‮. ‬هي‮ ‬شخصية السير روبرت ألن ستانفورد‮ (‬من مواليد عام‮ ‬1950‮)‬،‮ ‬الذي‮ ‬اشتهر إلى ما قبل بضعة أشهر فقط بكونه أحد رجال المال الأمريكيين البارزين والمشهورين برعايتهم لرياضات المحترفين وبسخاء عطائه في‮ ‬أعمال الإحسان والخير،‮ ‬كما‮ ‬يحمل جنسية مزدوجة بعد أن أصبح مواطناً‮ ‬في‮ ‬انتيكوا وبربودا قبل عشر سنوات حيث صار أول أمريكي‮ ‬يحصل على وسام فارس من دول الكومنولث بتكريمه من قبل الحاكم العام لانتيكوا وبربودا جيمس كارليسل‮.‬ إلا أن مطلع عام‮ ‬2009‮ ‬حمل المفاجأة الكبرى للعالم،‮ ‬فقد كان روبرت ستانفورد مثاراً‮ ‬للعديد من التحقيقات في‮ ‬جرائم نصب واحتيال وتم اتهامه من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصة‮ ‬‭(‬SEC‭)‬‮ ‬بتهمة الاحتيال والقيام بانتهاكات قوانين الأوراق المالية الأمريكية والتورط في‮ ‬سرقة‮ ‬28‮ ‬مليار دولار‮. ‬وقصة هذا الثري‮ ‬المحتال الأمريكي‮ ‬الكبير ونجاحه طوال سنوات في‮ ‬خداع الناس وتقمص شخصيات كجزء من‮ ‘‬عدة‮’ ‬الاحتيال،‮ ‬تصلح لأن تكون فيلماً‮ ‬سينمائياً‮ ‬مثيراً‮.‬ هنا أيضاً‮ ‬في‮ ‬الخليج لاحظنا كيف تداعت مشكلات إحدى الشركات الاستثمارية ذات التوجهات الاستثمارية المحلية والإقليمية ووصولها لحد الحجر على أصول الشركة بعد تعثرها في‮ ‬سداد قروضها قصيرة الأجل،‮ ‬وهي‮ ‬‭-‬‮ ‬أي‮ ‬الشركة التي‮ ‬لطالما داومت على الحضور الطاغي‮ ‬في‮ ‬الصحافة كمحلل خبير في‮ ‬الشؤون الاقتصادية الدولية وتطوراتها ومستجداتها‮.‬ هنا‮ ‬يتساءل المراقبون،‮ ‬أين دور وكـالات التصنيف الدولية‮ ‬‭(‬International Rating Agencies‭)‬‮ ‬التي‮ ‬بنت سمعتها على أنها مراقب وراصد محايد للشركات،‮ ‬ومقيِّم لأدائها وملاءتها المالية،‮ ‬بما‮ ‬يوفر صورة‮ ‘‬ناصعة‮’ ‬لكل من‮ ‬يرغب في‮ ‬التعامل مع هذه الشركات،‮ ‬وخاصة لجهة إجابة طلباتها لتمويل عملياتها ومشاريعها؟ الحال أن هذه الوكالات أنفسها اخترقها الفساد لارتباط أعمالها ومداخيلها بالتصنيفات الإيجابية التي‮ ‬تمنحها للمؤسسات والمصارف التي‮ ‬تقوم فيما بعد باستغلال هذا التصنيف كجواز سفر لركوب مغامرة الاقتراض المكشوف أي‮ ‬غير المغطى رأسمالياً‮ ‬‭.(‬Leveraging‭)‬ ‮ ‬علماً‮ ‬بأن الشركة الاستثمارية الخليجية المشار إليها آنفاً‮ ‬كانت قبل انكشاف وضعها المالي،‮ ‬قد حصلت على تصنيف عال من قبل‮ ‘‬ستاندرد اند بورز‮’ ‬و‮’‬فيتش‮’‬،‮ ‬فإذا بها في‮ ‬وضع‮ ‬ينطبق عليها المثل الشعبي‮ ‬المصري‮ ‘‬باب النجار مخلَّع‮’!‬ وعلى ذلك فإن أحد أبلغ‮ ‬الدروس التي‮ ‬أنتجتها الأزمة هو ذلك المتعلق بأهمية وضرورة التثبت من حقيقة أوضاع العملاء والشركاء المحتملين،‮ ‬سواء كانوا شركاء صفقات مقطوعة أو شراكات استثمارية قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأجل،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك التثبت من صحة مزاعم وشهادات تصنيفاتها الائتمانية قبل التعاقد معه.

صحيفة الوطن
29 مارس 2009

اقرأ المزيد