المنشور

حول الخصوصية الراهنة في البحرين

استكمالا لما طرحناه في الأسبوع الماضي حول سمة الوضع البحريني الراهن، انطلاقاً من خصوصية تركيبة البلد، صغر حجمهِ ( في حدود 700 كيلومتر مربع)، كثافة اكتظاظهِ السكاني واختلالهِ ( أقل من نصف مليون مواطن وأكثر قليلا منهم من المقيمين الأجانب)، محدودية موارده ( لا توجد حتى الآن خطة استراتيجية لتعدد الموارد والاستفادة مثلا من الثروة السياحية الكامنة)، تعدد إثنيته ( غالبية من العرب تعيش بوفاق وانسجام مع أقلية من الفرس/العجم وأقوام أخرى مجنّسة من الهنود والباكستانيين والبلوش والعرب اليمنيين والشاميين)، ريادته في التعليم النظامي والخدماتي والإداري وانتشار الفكر التنويري العصري بين ربوعه قبل غيره من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، طموح شعبه للحرية والديمقراطية والتعددية ودولة المؤسسات.. هذا عدا موقعه ‘’الميني- الجيوبوليتيكي’’ في قلب الخط الفاصل ما بين شبه الجزيرة العربية ودول إقليمية قوية كإيران والعراق وشبه القارة الهندية. إضافة إلى تاريخه القديم والملتبس المتأتي من خضوعه لآماد طويلة لسيطرة أمم قديمة وحضارات عريقة كالفرس والإغريق وبلاد ما بين النهرين (السومريون) في العصور القديمة (ديلمون اسم البحرين حينئذ). ووقوعه بعد ذلك تحت السيطرة البرتغالية والأجنبية المتعددة في العصور الوسيطة، استمرت حتى العصور الحديثة، حينما وقعت جزر البحرين تحت الحماية أو السيطرة البريطانية، التي انتهت بالاستقلال في مستهل سبعينات القرن الماضي، دخل فيه البحرين في تجربة مؤسساتية وبرلمانية قصيرة ومبتورة (أقل من سنتين) انتهت بحل المجلس الوطني في منتصف السبعينات ذاتها. حين انجرّ فيه النظام إلى سلك نهج أمني استمر لثلاثة عقود، لم يستطع خلالها من حل جذري لأي مشكلة من المشاكل الاجتماعية المزمنة، حتى اقتنع النظام السياسي البحريني أو أُقنِع، إثر تربع جلالة الملك الحكم – المتزامن بدخول البلد الألفية الثالثة – بضرورة التحول الإصلاحي والمؤسساتي؛ المرحلة المشهودة، التي نعيش الآن تداعياتها حتى اللحظة .
لعل أكبر الصعوبات – ضمن صعوبات كثيرة- التي يعاني منها البحرين هو الإشكال الموضوعي المتأتي من التركيبة الديموغرافية غير المتوازنة وانشطار مواطنيه إلى مذهبين / طائفتين إسلاميتين كريمتين( الغالبية الشيعية والأقلية السنية ). وجوهر المشكل لا يتلخص في هذه التركيبة في حد ذاتها بل يتركز بطريقة معالجتها وذلك بعد استفحال المشكلة إلى درجة لا تطاق، يزداد فيه يوما بعد يوم الوباء الطائفي البغيض! يرى جُلّ المواطنين أن المعالجة أو العلاج الذي ارتأته الحكومة للخروج من المشكلة أي الاستمرارية في سياسة ‘’خطة تجنيس مبرمج’’ للعرب السنة، بُغية الوصول إلى توازن مجتمعي من الناحية المذهبية / الطائفية لا تؤدي في الواقع إلى حل استراتيجي مستقبلي، بل يزيد الأمر سوءًا ويتسبب في مشاكل مضاعفة للأجيال القادمة. لأن جوهر المشكل ليس هو عدد الأغلبية أو الأقلية المذهبية / الطائفية (حتى القومية والإثنية إن وجدت) في أي مجتمع من المجتمعات البشرية بل هي المشاكل الاجتماعية من فقر وحاجة وفروق اجتماعية وطبقية حادة بين قلة متخمة وكثرة محتاجة، مضيفة إليها دونية الوعي الاجتماعي والسياسي السائد من فكر وثقافة تقليدية متزمتة ورجعية، محشورة في أذهان المواطن المعاصر في البحرين ومتحكمة في وعيه، حيث يوجد غبار كثيف يلف الوضع السياسي ويشوه الرؤية الاجتماعية والسياسية بسبب أن النسيج المجتمعي مخترق بخناجر مسمومة بثقافة وفكر ماضوي عماده الثالوث الأعمى؛ ‘’الطائفي/ المذهبي /القبلي’’، تروج له – مباشرة أو غير مباشرة- أبواق رسمية وشعبية، ليلاً ونهاراً ! لذلك فإن التطور الديمقراطي والإصلاح في البحرين عسير ومليء بالألغام وهي ليست شاذة عن بقية الدول العربية؛ وليدة ونتيجة المنظومة العربية السياسية الرسمية، التي هي بدورها امتداد لعقود طويلة من الاستبداد الشرقي المعروف. ولا شك أن مجتمعنا البحريني غير مفصول عن الوضع الدولي برمته، المؤثر والمتأثر بمجموعة من العوامل الإقليمية المذكورة هنا. غير أن المثلث الهرمي للثروة والجاه الذي يجري حوله الصراع الاجتماعي الحقيقي لابد من تفتيته للوصول إلى تحليل أدق للأمور بعيداً عن الفوضى السائدة والتفلسف الزائف من أطروحات لا تسمن ولا تغني من جوع !
حينما نرصد اللاعبين الفعالين في الساحة السياسية، من الممكن تحديدهم إلى جهات ثلاث، مرتبين حسب الأولوية والقوة : الحكم / الدولة / القوى الإسلامية / التيار الديمقراطي .. على أن هناك طرفا رابعا غير مفعّل بعد، أشبه بالجمهور الواقف خلف خط الملعب ليشاهد المشهد من دون أن يشارك في اللعبة السياسية، من الممكن أن نسميه ؛ ‘’الأغلبية الصامتة’’ من جّل المواطنين، الذين وضعوا أنفسهم أو وُضِعوا خارج السياق مبعدين عن الحراك السياسي المتوافر! من هنا فإن القوى أو العوامل الأربعة هذه يعتمد عليها- إيجابا أو سلبا- سير تطور المجتمع وعاقبة التجربة الإصلاحية، التي لازالت سارية في البحرين. والنتيجة هنا أنه يمكننا استنتاج العوامل الكابحة لتفعيل أو تجديد المأمول للعملية الإصلاحية، التي تتجسد في تذليل الصعوبات والمعيقات الأربعة هذه! هذا ما سنتابعه في أقرب فرصة.
 
صحيفة الوقت
25 ابريل 2009

اقرأ المزيد

إلغاء استبداد الريف

تشكلت الثورة الحديثة الرأسمالية الديمقراطية في الغرب بتحويل الريف من قرى نائمة، زراعية متخلفة، إلى قوى ناهضة تتغلغلُ فيها علاقاتُ العمل بالأجرة والمكننة، وبهذا تم جعل الريف يتبع المدن المتطورة.
كان هذا من الشروط الحاسمة لخلق الحداثة واكتساح الغرب العالم كله.
وفي روسيا توجهت الثورة الديمقراطية الرأسمالية الحكومية إلى هدم العلاقات الإقطاعية والتخلف والثقافة الدينية السحرية وكل ما يترتب عليها من بؤس فكري وتخلف سياسي.
وتبعها العديد من دول الشرق في نمذجة مماثلة.
لكن العالم العربي في نهضته إلى الوراء كرس سيادة القرية على المدينة، وهو أمر ناقض حتى مستوى التاريخ الماضي المزدهر الذي لم يبلغ هذه الدرجة من تبعية المدينة للقرية.
إن هذه العلاقة معقدة مركبة تحتاج إلى حشود من الدراسات من أجل فحصها وتجليتها، ولكن هنا بعض رؤوس أقلام لهذه الكارثة التي نتوغلُ فيها كما يمشي العميان نحو الجحيم.
إن الرأسماليات الحكومية العربية التي نشأتْ قامتْ على انقاضِ ليبرالية صغيرة هزيلة، نظراً لضعف الفئات الوسطى عن التجذر في الصناعات، وبالتالي كان وصولها إلى الأرياف محدوداً وأكثر هزالة من بـُنى هذه الفئات الوسطى الصناعية، فحافظتْ على عش الدبابير القروسطي، ومنتجاتهِ السحرية والخرافية، وعلاقاته المتخلفة الاجتماعية، واحتقاره للنساء وللديمقراطية والعقلانية.
كان يمكن للأديب الليبرالي المتشكل بين ثورة مصر في سنة 1919 حتى ثورتها في سنة 1952 أن يكون ليبراليا جذريا، وأن يحطمَ المنتجات الثقافية القروسطية ولكن كيف له السبيل إلى ذلك؟ وهل كان يقدر على ذلك فكريا وسياسيا؟
لم يتخذ قادة الثورة الأولى الليبراليون هذا القرار، وهم الذين كانوا في الخندق النضالي الأول ضد التبعية والتخلف، لقد زاوجوا بين رعاية الفراخ الإقطاعية الريفية بمنتجاتها السابقة الذكر وبين القطن وتصديره وبين استعباد الفلاحين والنساء، وإبقاء ثقافة الدين السحري ومنتجاته الغيبية تسمم التطور.
ولكن المنتجين الثقافيين لم يكونوا أكثر تطوراً من قادة السياسة، وتراجعتْ ليبراليتهم وعلمانيتهم وصدأتْ سكاكينُ التحليلات الفكرية القاطعة للشوك العتيق الذي يعوق الزراعة على مستوى الثقافة والسياسة والاجتماع، فتحولت كتاباتهم إلى بكاء على الفلاح ونوح على أيامه ومستقبله، أو عروض تسجيلية فوتوغرافية لحياته أو لظروف المدينة وهربت التحليلات عن رؤية الماضي ووضعه على سكة الأرض الموضوعية وصراع الطبقات فيها، فظلت كائناته ترفرفُ بأجنحتِها في السديم السياسي، وتقررُ المصائرَ، وتخفي علاقات الصراع على الأرض، وأهمية إنجاز مهمات تحرير الأرض والدين والفلاح والنساء، التي تمهد لحرث الأرض لرأسمالية صناعية جذرية تزيلُ الحشائشَ الصفراء من الحقول.
ولم تـُعط الرأسمالية الخاصة المصرية فرصة طويلة لكي تشتغل على المسرح الاجتماعي، فقد جاء الريفيون من الجيش وخلقوا ثورة أخرى، ظهرت على أسس مغايرة، وتستند إلى شموليات غائرة، وقد جاء الرأسمالي الريفي المتخلف ليفرض مقاييس اجتماعية أقل كثيراً من ديمقراطية المرحلة الليبرالية السابقة، كان أكثر وطنية ولكن هذه الوطنية من أجل أن يُبعد أثر الغرب الديمقراطي الضار، فهو خائف على العائلة المتعددة الزوجات، وعلى الدين وعلى المنتجات الثقافية العتيقة المنتهية الصلاحية، ويرفض التعددية والعلمانية والديمقراطية، ويريد كذلك أن يطور الاقتصاد، ولكن تطوير الاقتصاد بمثل هذه العقلية يعني تقديمه للبيروقراطيين يتلاعبون به، فهو رغم حديثه عن الثورة لم يكن ثوريا، لأن الريف لا يقود ثورة، بل يقضي عليها.
حين نفحص تاريخ الضباط الأحرار والقرى التي جاءوا منها، وأفكارهم القروية العائشة في العصور الوسطى، سنجدهم بعد ذلك تحولوا إلى المهيمنين على المدينة وجعلها قرى مفككة متخلفة.
فقد نخروا الفوائض وأسسوا الشركات واستولوا على العقارات وكونوا الأحزاب الحكومية المسيطرة على الحكم، وكان الأديب منهم رومانسيا يحن للقرية، ويكتب روايات للمراهقات العفيفات، وبهذا فإن أدوات العقلانية التحليلية للواقع، وكشف صراع الطبقات المتواري المضبب في الأغاني الحماسية الوطنية، قد ألغيت، وتمت مصادرة النقد العميق والحفر العلمي في المنتجات الفكرية المعرقلة للتطور، بل تمت الإضافة إليها وأخرجت غيلانها من المقابر، وُوسع انتشارها في الحياة اليومية وكثرت العفاريت في الشوارع، وتوحدت مع “البلطجة” السياسية، وأهدرتْ دم المواطنين، وجُعلت المحاكم أدوات لاعتقال العقول ومحاكمة الفكر الحر وللدخول في ضمائر الناس، وتمت إعادة الحروب الطائفية والدينية وغيرها من ظاهرات العصور الوسطى البغيضة.
ليس ثمة دهشة في أن يُكملَ الطائفيون المسيرة المظفرة للضباط الأحرار، لضرب العقلانية والحرية، لقد جاءوا فوق تراث غزير من ثقافة القرية وتكميم الأصوات واحتقار النساء وإعلاء الخرافة، وهيمنة الشرطة، وسواء كانوا في أجهزة الحكم أم خارجه، فإنهم يرفضون أن يبتعدوا عن الهيمنة على عزبة مصر، فقد أعطيت لهم ولأولادهم وأحفادهم إلى أبد الآبدين، فلم يكف الريف عن تدمير نفسه فقط والهجرة من الأرض بل حول المدينة نسخة منه، نسخة تغرق يوميا في تخلفه.

صحيفة اخبار الخليج
25 ابريل 2009

اقرأ المزيد

أخـــــذ وعطـــــاء

كتاب مثل «طوق الحمامة» لابن حزم يشكل مرجعاً يعتد به في معرفة الطريقة التي تعبر بها مشاعر العاطفة عن نفسها، بل إن بعض فصوله مدعاة للدهشة، حين يغور في أعمق طبقات النفس البشرية، واصفاً نشاطها حين يقع أحدنا، امرأة كان أم رجلاً، في الحب. لكن هذا الكتاب يدخل في نطاق ما ندعوه «الأدب الكلاسيكي». إنه كُتب في زمن الهوينى، زمن البطء، يوم كانت الحياة أبسط وأقل مفردات وتفاصيل. ولا شك في أن البيئة التي عاشها ابن حزم في فترة ازدهار الحضارة العربية – الإسلامية في الأندلس قد وفرت ذلك المناخ الذي أنتج كاتباً رقيقاً عذباً مثل ابن حزم، وكتاباً شيقاً، عميقاً مثل «طوق الحمامة». لكن ماذا عن المشاعر والعاطفة في زمن اليوم، في عصر السرعة والاستهلاك الوفير وطغيان المعايير المادية. كيف تفصح المشاعر عن نفسها، كيف يعبر المحبون عن مشاعرهم؟ وهل صحيح أن عاطفة الحب واحدة على تعدد الأزمنة والأمكنة تأخذ الصورة نفسها من التجليات، أم أن لكل زمن شكل حبه الخاص به؟ أجوبة أو محاولات أجوبة على مثل هذه الأسئلة نجدها عند الباحث الألماني إيريك فروم الذي اهتم بدراسة النشاط العاطفي من زاوية علاقته بالتحولات الاجتماعية، مركزاً على الفكرة التي ترى أن عصر الاستهلاك أفسد المشاعر، أو حولها هي الأخرى إلى قيمة استهلاكية. يرى فروم أن الحب كان دائماً محل تجاذب بين «حب حقيقي وأبدي» و»حب زائف وزائل»، لكن في عصر الاستهلاك والإعلان وتسارع وتيرة الحياة يسعى «إريك فروم» لتحديث مفهوم الحب أو معناه. جميع الناس عطشون للحب. إنهم يذهبون للسينما لرؤية أفلام عن قصص الغرام السعيدة أو التعيسة، يستمعون إلى الأغاني العاطفية التي تحكي عن الحب، يكتبون خواطر وأشعاراً وحكايات عن الحب. لكن المشكلة في رأيه أن أحداً لا يطرح على نفسه سؤال ما إذا كان يتعين عليه أن يتعلم كيف يحب. كل الناس تريد أن تُحَب لا أن تُحِب، يريدون من يحبهم ولا يولون العناية ذاتها لأن يحبوا هم آخرين، أي أن يكونوا قادرين على الحب. ينظر فروم للحب بوصفه خلاصاً، بوصفه الحل الوحيد لمشكلة الإنسان الذي يشعر بقلق الانفصال، الحب المكتمل الذي يؤدي إلى الاتحاد المفضي ولاكتمال الشخصية الفردية للشريك ولا يطغى عليها. «إن مفارقة الحب تكمن في أن شخصين يصبحان واحداً مع بقائهما اثنين». وتنقل مؤلفة كتاب «فخ الجسد» عن المؤلف قوله: «الحب نشاط وليس انفعالاً فاتراً، إنه مشاركة وليس مجرد أن نترك أنفسنا كي نؤخذ. هو عطاء بشكل جوهري وليس مجرد أخذ». بل إن إحدى مفارقات الحب في حالات تجليه المثلى أننا لا نكاد نفطن من منا يأخذ من الآخر ومن منا يعطي الآخر، ولا نفطن ما الذي نعطيه وما الذي نأخذه، وأين ينتهي العطاء ليبدأ الأخذ أو العكس، إنها حال من التداخل الذي يبلغ حدود الاتحاد القائم على شراكة ناضجة يتناوب العقل والقلب في ضمان ديمومتها.
 
صحيفة الايام
25 ابريل 2009

اقرأ المزيد

الرؤية الاقتصادية ومكافحة الفساد

رؤية البحرين الاقتصادية لعام 2030 تضعنا اليوم على المحك لان هذه الاستراتيجية بابعادها الحالية المستقبلية ترتبط باجراء اصلاحات كثيرة وبالتالي كيف ندفع عجلتها الى الامام؟ هذا ما يستدعي الوقوف عنده لان تفعيل اهدافها الاقتصادية والاجتماعية ليس من مهام الدولة فقط وانما ايضا من مهمات القطاع الخاص الذي يفترض منه ان يكون اكثر تعاونا لانجاز هذا البرنامج الاقتصادي الوطني. الكل يعلم ان البحرين بمواردها الطبيعية الاقتصادية المتواضعة حققت طيلة العقود الماضية انجازات اقتصادية وتنموية على اكثر من صعيد ومن هنا استطاعت ان تتبوأ مكانة مرموقة على صعيد تعدد مصادر الدخل وتنفيذ المشاريع الاستثمارية والعمرانية الا ان تفعيل اهداف هذه الرؤى التي دعت اليها لا يمكن ان تتلمس طريقها ما لم تتضافر جهود القطاعين العام والخاص وتتعاون على تحويل هذه الرؤية الى حقيقة وواقع ومن هنا يبقى صحيحا ماقله سمو ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية: لايمكن ان تدخل هذه الرؤية حيز التنفيذ مالم تبدأ كافة الاجهزة في القطاعين الحكومي والخاص بأخذ زمام المبادرة ووضع استراتيجية اقتصادية للمضي قدما في تطبيق آلياتها لكي يشعر المواطن البحريني بآثارها وثمار التنمية الاقتصادية الشاملة بصورة مباشرة. والشيء الآخر والمهم هنا هو ان هذه الاستراتيجية نحو التطوير الاقتصادي والاجتماعي ينبغي ان تتوافر لنجاحها شروط ضرورية من بينها اصلاح بعض القوانين والتشريعات كي تتناسب والتحولات السياسية الهامة التي شهدتها البحرين بعد المشروع الاصلاحي .. ولعل ابرز الاصلاحات المطلوبة مكافحة الفساد الاداري والمالي عبر تفعيل اجهزة الرقابة هذا في رأينا المتواضع اهم الخطوات الاصلاحية اللازمة وعلى هذا الاساس ان الخطوة التي اتخذها مجلس التنمية الاقتصادية بتعديل قانون العقوبات، باضافة فصل جديد وهو: الرشوة والاختلاس في القطاع الاهلي خطوة في طريق الصح وبعبارة اخرى خطوة سليمة وبناءه فبقدر ماتكون فاعله بقدر ما تكون هذه الرؤية ديناميكية ذات انجازات هامة. وهذا يعني بصورة واضحة ان التطبيق الفعال لهذه الرؤية يبدأ كما يقول ولي العهد من تطوير التشريعات التي تضمن مكافحة الفساد والرشى بكافة اشكالها وتجريم من يتلاعب باموال المساهمين وايجاد التشريعات اللازمة التي تضمن للمساهمين حقوقهم واموالهم. ويؤدي بنا ما سبق الى نتيجة هامة وهي ان مكافحة الفساد باشكاله المختلفة هو لب المسألة وبالتالي ليس هناك عقبة او مشكلة مثيرة للقلق اكثر من الفساد. واذا كان الفساد من العقوبات الرئيسية لهذه الرؤية هل يكفي اصدار القوانين والتشريعات المكافحة لهذه الآفة الخطيرة .. ام ان الامر في حاجة الى وقفة جادة لتفعيل هذه القوانين والتشريعات؟ وفي هذا الاطار من المهم ان يأخذ المجلس النيابي دوره الرقابي وكذلك الاجهزة الرقابية الاخرى. خلاصة القول: ان الفساد من المشكلات المزمنة، وان معالجة هذه الظاهرة يعد من الضمانات الحقيقية لتقدم هذه الرؤية التي تطمح البحرين الى تحقيقها على المستوى الاقتصادي لسنوات عديدة قادمة. اذن .. فلابد من مكافحة الفساد وهذا بالطبع يتطلب عملًا دؤوبًا متصلًا لانجاز ذلك وهي مهمة وأولوية تشكل قوة دافعة لرؤيتنا الاقتصادية.
 
صحيفة الايام
25 ابريل 2009

اقرأ المزيد

من كان منكم بلا خطيئة…

كان السيد المسيح عليه السلام يقول: “من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر”، وقد جعلَ المسألة أخلاقية محضة، في حين جعلها الإسلامُ أخلاقية ومادية معاً، فوزع الغنائم والأموال على الناس، وما عاد للمتاجـِرة في جسدها حجة، ثم انتهى هذان التوزيع والضمان العام للفقراء بتغلب الأغنياء الكبار على الحكم والسلطان والثروة إلى يومنا هذا. ولأن العدل معدوم فالعقوبات مرفوضة.
ومن دون اجتثاث الفقر فإن مشكلة المتاجرين والمتاجرات في عقولهن وأجسادهن لن تـُحل.
فبدلاً من رميهن بالحجارة والدعاية الساخطة الداعية للتفقير والافلاس والعنف، وغلق أبواب الأعمال، يجب درس الحالات والظروف، وأهمها مقاومة سياسات تشكيل الفقر في بلداننا، وسد الأعمال في الفنادق والمصانع، حيث لا نعرف مسارات الثروة العامة الهائلة، وغياب سياسة الحد الأدنى للأجور وهي في حد ذاتها بائسة، ولكن حتى هذه غير موجودة والحبل الاستغلالي على الغارب، وغياب القانون من الأسباب الكبيرة للفقر ولبيع الأجساد والنفوس، وهم بهذا بغياب هذا القانون وأمثاله لا يريدون أن يتحملوا شيئاً من التضحية البسيطة، وبقوانين الشركات العامة السائبة يريدون تدوير المال العام كيفما يريدون.
إن تجفيف منابع الفقر هو أهم جانب للقضاء على بيع الأجساد والنفوس، وإن كانت أغلبية النسوة متواضعات بسيطات يحتجن إلى ما يسد الرمق والحاجة، لكنهن يتحولن في سباق المال إلى ما يشبه الذئبات المصاصات الدماء، وتتاجر فيهن مؤسسات عالمية كبرى صارت لها علاقات سياسية وإجرامية خارج نطاق العلانية والشفافية، ومن يرد الحد من المتاجرة في النساء والأطفال فعليه أن يقاوم تلك العلاقات الدولية، والشبكات الاجرامية، وتلك السياسات بين الدول المسيطرة على السكان والسفر والإقامات والفنادق والجوازات والتأشيرات، وليس أن يظهرَ عنترياته على النساء الفقيرات المبيعات في كل مكان.
لا يفيد الوعظ الأخلاقي، بل يفيد تكوين اللجان الباحثة عن المعلومات والمؤسسة للتشريعات الاجتماعية الحامية للفقراء والعمال وللمهاجرين والمهاجرات من أمم الأرض التي تتعيش، وتـُحذف من قارة إلى قارة، وهي في مِزق ملابسها، وبؤس عظامها، وسوء تغذيتها، وقد قادها التجارُ والمرابون و”الحرامية” إلى شتى بقاع الأرض ليقتنصوا هذه الفراخ ذات الزغب ويملأوا جيوبهم من الأرباح على حسابها.
ملايين من البنات والأطفال يُباعون لشبكات المافيا، فتياتٌ للبيع في الهند والصين، جوازاتٌ مزورة، شركاتٌ متخصصة في الرقيق الأبيض، وأجهزة حكومية مثل شبكات العنكبوت تستدرجُ وتتعاونُ وتـُدخل وتـُخرج، والمافياتُ متغلغلة في كل تضاريس الأرض، تتمكيج بأقنعة في المطارات، تلبسُ بِذَلا أنيقة، ولديها آلاتٌ طابعة لكل أشكال التحوير والتزوير، فتغير كلَ شيء، وتتصل بكل مكان، وتعرف العناوين بشكل سحري، وتعرف الأرقام السرية والعلنية، تتصل بك وأنت في فراشك نائماً أو صاحياً، قدراتٌ هائلة لـ”حرامية” الجنس والمخدرات والرقيق الحديث استعانوا بالأقمار الصناعية والأقمار البشرية.
لديهم إمكانياتٌ خارقة، رجالٌ في الأزقة المعدمة وأصدقاء في الوزارات والبلاطات، لديهم عيونٌ خارقة لمدارس البنات والأطفال، تعهداتٌ ومعاهدات خاصة مع شركات الطيران، لديهم حرسهم الخاص القوي في كل مكان تطؤه أقدام وأجساد هؤلاء الفقيرات المعدمات، ومخابرات سرية تتبع توظيفاتهن وأرباحهن وعلاقاتهن، يضعونهن في شقق مثل عشش الدجاج، أو علب السجون، عشر أو خمس عشرة فتاة في شقة، متلاصقات، ينمن في النهار ويشتغلن في الليل، يأكلن أي شيء حتى الورق، ويجمعن النقود بكل وسيلة، أجسادهن عرائسٌ بلاستيكية، مطاط للبيع والاستئجار والتسفير والسجن والعرض في الفاترينات اللامعة المشعة، المسئولون المراقبون لمثل هذا الإنتاج يتمتعون بأيامهم وبأفضل المأكولات، لهم عضلات بارزة، وأجساد هائلة كمصارعين متخصصين في التكوندو.
إنهن يقدرن على الاشتغال طوال النهار، ويتحملن الدخان والتلوث، ويستطعن العيش في أحقر الفنادق والزرائب، يبحثن عن المال وينتزعنه، يتحولن في بضع سنين إلى شجيرات يابسة شوكية، تأخذ أغلبهن ما يسد الرمق وللعودة إلى البلدان البائسة، يعدلن بيوتاً منهارة، وعائلات مشردة، ويطعمن عيالاً.
إن عدم وجود أجور محددة لهن، وعدم مراعاة قوانين العمل لهن، وعدم التدقيق في المطارات والمراكز، يخلق مثل هذه الأمور وهي ظروف تتحملها الوزارات وليست الفنادق والشركات.
كما أن هذه العلاقات موجودة في كل مكان، ولا يوجد شعب يخلو منها، وإن كان بشكل مستتر، وغامض، ولكن الفقر والاستغلال حوّلا الكثير من الفقراء والفقيرات لسكك الحرام.
ومن يبعْ جسدَهُ يظل أهون ممن يبيع نفسه وضميره وأرضه ودينه من أجل النقود.

صحيفة اخبار الخليج
24 ابريل 2009

اقرأ المزيد

التاريخ يعلمنا.. !!

التاريخ يعلمنا الكثير.. وابن خلدون قال: «إن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الأخبار ولكن في باطنه نظر وتحقيق». ربما من هذه الزاوية أردنا ونحن نواصل الحديث عن حرمة المال العام على خلفية التوجه المعلن أخيراً من سمو ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية في شأن محاربة الفساد وتطوير تشريعات مواجهته، والتصدي للرشوة وتجريم من يتلاعب بأموال المساهمين، أردنا أن ننزع إلى بعض الوقائع التي حدثت في دول عدة باتت في ذمة التاريخ لعلنا من ذلك نأخذ العبرة وقد قيل «خذوا العبرة من التاريخ»، كما أردنا في نفس الوقت أن نمر مروراَ عابراً على بعض تجارب الدول المتقدمة على ذات الصعيد وما أكثرها، لعلنا من دروس وتجارب الآخرين نستفيد. من التاريخ نبدأ.. ومن انجلترا تحديداً ففيها صدر في عام 1215 ميلادية ما عرف بوثيقة الماجنا كرتا أو العهد الأعظم، وأهميتها تكمن في أنها أعطت الشعب الحق في المشاركة والمراقبة في انفاق المال العام، وحمته من الضرائب المجحفة وساوت الجميع أمام القانون وحظرت الرشوة والفساد الإداري، ويكاد يكون معلوماً أن هذه الوثيقة رغم المسحة الاقطاعية التي غلب عليها اعتبرها البعض الأساس في بداية التوازنات ما بين أقطاب الحكم والحريات والديمقراطية وهي التي دفعت في محصلتها النهائية إلى انحسار الفساد وتضييق الخناق على الفاسدين، وربما ليس من باب الصدفة أن تكون هناك حساسية شديدة في بريطانيا إزاء المال العام، ففي مرحلة أخرى يسجل أن الحكومة البريطانية رفضت في إحدى السنوات دفع تكاليف احتفال الملكة الأم بعيد ميلادها المائة لأنها رأت أن تلك مناسبة عائلية خاصة لا ينبغي أن تتحمل خزانة الدولة أعباءها..!!التاريخ لا يكتفي بذلك، فهو مليء بالدروس والعبر، فهو ينقلنا إلى دولة ديمقراطية أخرى وهي السويد، ويبين لنا أن ملك السويد كارل السادس حينما بلغ سن الخمسين في عام 1996، تعالت أصوات منادية بإقامة احتفال كبير بهذه المناسبة لكونه يحظى بشعبية كبيرة، ولأنه أيضاً أول ملك يبلغ هذا السن وهو على عرش السويد منذ تسعين سنة، وأقيم احتفال حضره نحو 600 من الملوك والرؤساء والأمراء في أوربا والشخصيات العامة، وكان احتفالاً ضخماً عجزت الأسرة المالكة التي تعد من أفقر حكام أوربا عن تدبير نفقات الاحتفال، ولأن الدستور يمنع الملك من قبول تبرعات أو هدايا من أية جهة كانت، فلم يكن بمقدور منظمي الاحتفال إلا الاعتماد على ما أسموه بالاكتتاب العام حينما قررت الجمعيات الأهلية في السويد أن تتولى هي وليس الأسرة المالكة ولا الحكومة إقامة الاحتفال وتلقي التبرعات. وفي فرنسا يسجل التاريخ للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قبيل مغادرته الرئاسة في 16 مايو 2007 بعد أن قضى 12 عاماً على سدة الرئاسة، أنه نشر قائمة بممتلكاته في الصحيفة الرسمية، وكانت القائمة تضم عقارات يملكها مع زوجته قيمتها 580 ألف يورو، ويملكان بيتاً في مسقط رأسه قيمته 500 ألف يورو، بالإضافة إلى سيارة بيجو 205 موديل 1984، وإجمالاً فإن كل ممتلكاته قدرت آنذاك بقيمة مليون و400 ألف يورو، وعند إعادة انتخابه أعلن شيراك في 10 مايو 2002 أنه يملك 1,7 مليون يورو. على صعيد التجارب، يمكن التوقف عند عينة من التجارب والدروس التي يمكن أن نقف أمامها مبهورين حقاً رغم أنها تذكرنا بأوجاعنا حينما ننظر إلى أوضاعنا.. ففي يوم من الأيام حاكمت فرنسا رئيس وزرائها لأنه طلب من بلدية باريس صباغة شقته واعتبروا ذلك استغلالاً للنفوذ ومساساً بالمال العام، وفي سنغافورة تم إعفاء أحد الوزراء من منصبه وتم وضع صورته في متحف مكافحة الفساد ليكون عبرة لغيره، فقط لأن سعادة الوزير وهو بالمناسبة الوزير المعني بالسياحة، قبل كوبونات مجانية لقضاء ليلتين في أحد المنتجعات السياحية، الأمر الذي اعتبر رشوة، وفي درس ذي دلالة، الغيت زيارة مقررة للحاكم العام في كندا لأن زيارة سابقة له كلفت حوالي 5 ملايين دولار، واعتبر ذلك رفاهية لا معنى لها وهدراً للمال العام… ويبقى أخيراً وليس آخراً درس من اليابان، حيث احتراماً لقيمة العمل، وتقديساً للوقت، وترسيخاً للمثل العليا ومنها ذات الصلة بقدسية المال العام، امتنع رئيس وزراء اليابان عن حضور مباراة مهمة بين فريق بلاده وفريق آخر، والسبب أن توقيت المباراة يتعارض مع ساعات العمل الرسمية، فإذا أعطى رئيس وزراء اليابان الحق لنفسه خرق الدوام فإنه يخرق بذلك النظام العام ويتيح الفرصة لممارسات تمس المال العام وتكون الابن الشرعي للفساد. يبقى أن نترك لكم سؤالاً جوهرياً لا نملك عليه إجابة.. أين نحن من ذلك كله؟! والسؤال بصيغة أخرى هل يمكن أن نستفيد من تلك الدروس والعبر اذا كنا جادين هذه المرة في مكافحة الفساد؟ ما نتمناه أن نكون جادين حقاً وأن تترجم الأقوال إلى أفعال.
 
صحيفة الايام
24 ابريل 2009

اقرأ المزيد

الحكومة ليست سنية والمعارضة ليست شيعية – 2

خلصنا أمس إلى انه على الدولة أن تتصرف بأنها للمجتمع كله، بكافة مكوناته من طوائف وفئات وشرائح اجتماعية وتيارات سياسية، وأن للجميع حق في الدولة وللجميع حق عليها.

وخلصنا أيضاً انه على قوى المعارضة في المجتمع أن لا تتصرف على أساس أنها ممثلة لطائفة أو مذهب، لأنها بذلك تختزل البعد الوطني لأية مطالب تطرحها على أنها مجرد مظالم للطائفة.

هذا هو ما نطمح إليه، لكن الواقع ليس كذلك للأسف.

وهذا ما يجعلنا نرى في التفاهمات التي تنشأ في نتيجة أشكال من الحوار بين الدولة وبين ممثلي الطوائف، تكريساً للقسمة الطائفية، واختزالاً للعلاقة بين الدولة ومجتمعها في إطار ضيق ومحدود، يُغيب البعد الوطني الشامل في هذه العلاقة، ويحولها إلى علاقات مجزأة، فلا يعود المجتمع، ممثلاً في من يمثله من قوى وأفراد وشخصيات، يتصرف مُجتمعاً، حتى مع وجود التباينات في الرؤى والمواقف، وربما تعدد المصالح، وإنما تنشط كل فئة وكل طائفة منفردة على ما يشبه الأجندة الخاصة بها.

نحن مع الإقرار بالتعدد القائم في المجتمع، ومع الاعتراف بهوياته الفرعية، لكننا لا نرى أن إشكالات المجتمع الكبرى ستحل عبر تفاهمات جانبية، وإنما عبر آلية للحوار الوطني الشامل العلني، الذي يتصارح فيه الجميع بهمومهم وهواجسهم، بما في ذلك هواجسهم تجاه بعضهم البعض، وتتصارح فيه الدولة مع مجتمعها حول ما ينتابها من هواجس تجاه أي مسألة، ويتصارح المجتمع مع الدولة هول هواجسه مع بعض أوجه أدائها.

وقلنا في مبادرتنا للحوار الوطني، أن الحوار يجب أن ينطلق، كما يجب أن يخلص، إلى احترام النظام السياسي في البلاد كما جرى الاتفاق عليه عند التصويت على ميثاق العمل الوطني، وكما تنص عليه المادة الأولى من الدستور، ومن ضرورة احترام هيبة الدولة ورموزها، لأننا نريد للدولة أن تكون قوية ومهابة الجانب ففي ذلك ضرورة من ضرورات التطور السياسي المستقر في البلاد، ولا نرى في المقابل أن قوة المجتمع المدني، كما نفهمه من حيث هو مجتمع مدني حديث وعصري، تشكل خطراً على الدولة وأمنها، وإنما بالعكس نطالب بالشراكة الناضجة بين الطرفين، وفق الأجندات الوطنية.

وسبق أن نبهنا إلى ما نراه ضرورياً في التفريق بين المجتمع المدني الحديث وبين المجتمع الأهلي الذي يمكن أن يندرج تحته كل ما هو خارج الدولة، وبعض هذه المكونات تعمل بآليات سابقة للدولة، كجهاز حديث، وتعمل على تعطيل سعي الدولة، أي دولة، لتكون ممثلة للمجتمع كاملاً، ومن تعبيرات هذا الأمر ما نحن شهود عليه، في حالتنا البحرينية، من سجال حول قانون الأحوال الشخصية: أيكون للمجتمع كله، أم لطائفة دون أخرى.

المشكلة في البلد ليست محصورة في حالات من الاحتقان الأمني تنشأ بين حين وآخر، مع أننا لا نستخف بهذا الجانب ونقدر خطورته، وقلنا مراراً، كما قلنا في مبادرتنا للحوار الوطني، أن المطلوب هو تكريس أساليب العمل السلمي الديمقراطي المتحضر في أية مطالبات.

نحن نطالب بحصر القضايا، ذات الطابع السياسي في المقام الأول، التي تشكل موضوعاً للخلاف، وندفع في اتجاه الحوار لبلوغ تفاهمات حولها، باشتراك كل المعنيين بقضايا الوطن، داخل المجلس الوطني وخارجه.

اقرأ المزيد

يسرقون الوطن “دفان سترة”


“لجنة التحقيق في أملاك الدولة” التي تشكلت منذ أكثر من عام ونصف كلجنة تحقيق من قبل مجلس النواب، لا نعرف هل انتهت من التحقيق، بمعنى هل أنجزت أعمالها التي من أجلها تشكلت، أم انتهت مدتها الزمنية المحدودة؟
الذي نعرفه، ما تناقلته الصحافة المحلية بأن رئيس اللجنة وزملاؤه الأعضاء من النواب يشكون من عدم تعاون العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية مع اللجنة، وما تطلبه من وثائق ومستندات، يعني وضعت متاريس حجرية وربما حديدية لا تستطيع اللجنة عبورها أو تجاوزها.
 
وسبق هذه اللجنة بحوالي ثلاثين عاماً عندما طرحت كتلة الشعب في المجلس الوطني 1973 -1975م مشروع بقانون بتسجيل وتوثيق كل أراضي وأملاك الدولة، ولكن ذلك المشروع أو الاقتراح رفض من قبل بعض أعضاء مجلس النواب والحكومة في حينه، وسبق أن ذكرنا في مقالاتنا بعض مما دار في جلسات المجلس الوطني آنذاك.
 بعد ثلاثين عاماً جرت مياه كثيرة تحت الجسر، وتمت سرقة أضعاف ما كان يفترض بان يسجل كأملاك عامة، وأصبحت ثلث البحرين أملاك خاصة بما فيها السواحل والجزر والبحار، ولم يبق شيء للأجيال القادمة. إنهم يسرقون البلاد بحراً وأرضا وليس فقط الأموال من عائدات النفط “البترول” وحولوا البحرين إلى إقطاعية خاصة يتقاسمونها، وعلى النواب أن يقبلوا بذلك الفعل بحق الشعب، هناك من الأفراد من يعطي له أجزاء واسعة من بحر البحرين ويدفن له من أموال الدولة، وتباع تلك الأراضي فيما بعد إلى مستثمرين خليجيين وأجانب، ابحثوا عن السواحل في المنامة والبحرين إن وجدتموها تكون أملاك خاصة حتى المقابر والمواقع الأثرية لم تسلم من السرقة، مقبرة وتلال عالي الأثرية والتاريخية وتلال مدينة حمد، والمحميات الطبيعية تحت البحر وبالقرب من الفشوت والهيرات، بيوت الأسماك الطبيعية تم تخريبها ودفنها وسرقتها وبيعها، ليس فقط خليج توبلي، تم دفن مساحات واسعة منه لمتنفذين وتخريب طبيعته الجميلة والخلابة.
 
هؤلاء المتنفذون ومن يمنحهم ويهبهم تلك الأراضي، لا يهم بالنسبة إليهم ان تغيرت طبيعة الخلجان أو المحميات أو التلال والهيرات، فالكلام في الصحافة والأعلام شيء وما يجري على الواقع شيء آخر، وفي هذه الأيام سيناريوهات جديدة، بدأت في دفان ساحل سترة الشمالي، الذي من المفترض بان تكون في تلك المنطقة حديقة عامة للناس، حسب ما أكده عضو مجلس بلدي سترة، ولكنهم يريدون تحويل تلك المنطقة إلى قاعدة أو ثكنة عسكرية وكأن البلاد في حالة حرب، وتحتاج لمزيد من القواعد والمعدات العسكرية، ومزيد من استنزاف المال العام على حساب التنمية، وهناك أخبار تناقلها الناس بان ساحل كرانة سوف يدفن وتشيد عليه قاعدة عسكرية في الوقت الذي طال انتظار الأهالي لمركز صحي في المنطقة وتأتيهم الأخبار السيئة، لا ندري، هل يريدون إحاطة القرى بالمزيد من القواعد العسكرية، من المسئول عن ذلك، وما هي مواقف النواب فيما يجري وما هي الخطوات والإجراءات التنفيذية التي سوف نراها من قبل ممثلي الشعب في مجلس النواب، لم تعد مقبولة سرقة الأراضي والبحار في وضح النهار، والنواب لا يحركون ساكناً، لا نريد مناكفات على قضايا طائفية ومذهبية، والبلاد تسرق والمال العام يستنزف في الموقع الخاطئ.  
 
نشرة التقدمي ابريل

اقرأ المزيد

من تاريخ قوى المال الغربية

يتحدث العديد من المثقفين العرب عن أزمة الطبقة الوسطى وانهيارها أو صعودها أو غير ذلك في تعميمات ومن دون أي تحليلات اقتصادية وتاريخية، تجعل عقولهم ومناهجهم تتغلغل في البنى الاقتصادية وتفهم ما يجري.
هذا بخلاف علماء الاقتصاد والتاريخ الغربيين الذين كرسوا الكثير من المؤلفات لفحص ذلك، بدءًا من آدم سميث وريكاردو حتى ماركس.
ويقدم لنا كارل ماركس وصديقه فريدريك أنجلز لوحات تاريخية ومعركة ثقافية ساخرة وعلمية عميقة عن كيفية نشوء الطبقة الوسطى وقوى المال عموماً في الغرب، وذلك في كتابهما المشترك: (الإيديولوجية الألمانية: دار دمشق ومن ترجمة فؤاد أيوب).

ويقدم المؤلفان ذلك بصفته تاريخاً للإنسانية الحديثة، ويعتبران ما تشكل ويتشكل في الغرب كأنه تاريخ للشرق كذلك، لكن ما يقصدانه هو تكون الرأسمالية في الغرب، في حين ستكون للشرق رأسماليته المغايرة وذات التاريخ المختلف، ولكن الرؤى الغربية حتى من وجهة اليسار في ذلك الحين تدور في المركزية الأوروبية التي سوف تقود للاشتراكية. ويفيدنا ذلك في رؤية النمطين من الرأسمالية: الرأسمالية الغربية الخاصة والرأسمالية الحكومية الشرقية. وكل منهما له سياقه العام المتميز.

يتوجه ماركس في دراستهِ المذهلة عن تاريخ أوروبا الاقتصادي إلى كيفية ظهور الإقطاع في العصر الوسيط وكيف برزت المدنُ بعد انهيارِ الإمبراطورية الرومانية، وهو يمشي على تضاريس الحرف والنقابات الحرفية وكيفية تشكل الرساميل عبر مختلف البلدان، أي إلى الأجسام الاقتصادية لأرباب العمل المختلفين من إيطاليا حتى انجلترا مركز الثورة الصناعية، ويميز بين شرائح كبيرة من هذه القوى: (إن البرجوازية لا تنمو إلا بصورة تدرجية في ذات الوقت مع شروطها الخاصة، وتنشق وفقاً لتقسيم العمل إلى فئات متعددة، وتمتصُ جميعَ الطبقات المالكة التي تصادفها)، (بالقدر الذي تتحول وفقاً له كل الملكية القائمة إلى رأسمال صناعي أو تجاري)، ص .65

وماركس حين يعرضُ منتجات الواقع هذه يتتبعُ جذورَها في التاريخ السابق مثل الحرف، والإقطاع، والنقد الذهبي، والاكتشافات الجغرافية والثقافة، ويمثل ذلك حدوث الشكل الأول الابتدائي من العولمة الحديثة، لكي يصلَ إلى مكوناتِ التاريخ الاقتصادي الاجتماعية، فمع نمو الرساميل بشكليها الصناعي والتجاري ظهرتْ المصانعُ الأولى، (وكانت العاقبة الأولى لتقسيم العمل بين المدن المخلتفة قيام المانيفاكتورات، هذه الفروع للإنتاج التي أفلتت من نظام النقابات الحرفية)، ص66، (واقتصرت على السوق الداخلية)، (وأصبحت المانيفاكتورة ملجأً للفلاحين من النقابات الحرفية التي كانت تستعبدهم أو تدفع لهم أجوراً سيئة). (ومع قيام المانيفاكتورات وُضعت الأممُ المختلفة في علاقات مزاحمة، وانخرطتْ في صراعٍ تجاري، هذا الصراع الذي احتدم بواسطةِ حروبٍ، وحمايةٍ جمركية ، وحظرِ استيراد).

(وتلقت المانيفاكتورة وحركة الإنتاج بصورةٍ عامة انتفاضة هائلة من جراء امتداد التجارة الذي تحقق مع اكتشاف أمريكا والطريق البحرية إلى جزر الهند الشرقية. إن المنتجات الجديدة المستوردة من هناك، وبصورة خاصة كتل الذهب والفضة التي دخلتْ التداول، قد بدلت تبديلاً كاملاً مركز الطبقات حيال بعضها بعضاً، ووجهتْ صفعة شديدة إلى المُلكية العقارية الإقطاعية وإلى الشغيلة.)، والمقصود بالشغيلة هنا الحرفيون خاصة، ص.68

إن قوى الإنتاج الجديدة التي غذتها تطورات العلوم وانتشار المجموعات الكثيفة من المشردين في المدن، والاتساع الهائل للتجارة أدت كلها إلى أن ( التجارة والمانيفاكتورة قد خلقت البرجوازية الكبيرة، أما في النقابات الحرفية فقد تمركزت البورجوازية الصغيرة التي لم تعدْ سائدة في المدن بعد الآن، بل لم يكن لها بد من الانحناء امام سلطان التجار والمانيفاكتوريين الكبار)، ويحدد ماركس تكوينات القوى الغنية المتعددة بالشكل التالي في الهامش:(البورجوازية الصغيرة – الطبقة المتوسطة – البورجوازية الكبيرة).

أما المرحلة الثانية للتحول فقد بدأت في منتصف القرن السابع عشر حتى نهاية القرن الثامن عشر، التي تتميز باستمرارِ اتساعِ التجارة، وبتطورِ الصناعات المتخصصة كالحرير، وبرفع الحظر عن تصدير الذهب والفضة وبدء النقد الورقي، والمضاربة بالرساميل والأسهم من مختلف الأصناف)، وقد توسع الطلب التجاري بحيث ان قوى الإنتاج المحدودة عجزت عن تلبيته، (وقد عممتْ الصناعة الكبرى المزاحمة وأنشأتْ وسائلَ المواصلات الحديثة وأخضعت التجارة لها، وحولتْ الرأسمالَ بأسرهِ إلى رأسمالٍ صناعي، وانبثقت المدنُ الصناعية العملاقة الحديثة)، (ولقد دمرتْ حيثما تغلغلت الحرفَ اليدوية)، (لقد أكملتْ انتصارَ المدينة التجارية على الريف).

لقد لعبت الملكية الخاصة وقوة العمل المأجور دوريهما في صياغة هذا العالم الاقتصادي، ولم تكن هنا شبكة سياسية تمنع مثل هذا النمو المتداخل الذي بدا فوضوياً، ولكن تضافر الملكية الخاصة والعلوم والمنافسة الاقتصادية أدت إلى تثوير قوى الإنتاج، وعبر ثلاثة قرون من هذه الديناميكية تكون قوى الإنتاج قد تفوقتْ عن كل ما جرى في التاريخ سابقاً.

أما في الشرق فسوف تتعرض الحركة الاقتصادية لتدخل الرساميل الغربية، ثم إلى قيام منظومات سياسية شرقية تقيدُ نموَ الاقتصاد بشكلٍ حكومي، وينجحُ بعضها في احداث قفزة بفضل أداة الدولة المركزية المُخططة، لكن لا تبلغ درجة تطور الغرب، ثم تتشابك المنظومتان الرأسمالية الغربية الخاصة والرأسمالية الشرقية الحكومية، في صراع عالمي، ثم في توليفة مشتركة راهنة تظل صراعية مفتوحة لاحتمالاتٍ جديدة لا تتوقف.
 

اقرأ المزيد

الواقع والأوهام


يعتقد الدينيون أنهم يعملون من أجل قيم الإسلام، بشكل مجرد، رغم انه عندما تأتي هذه المفاهيم على الأرض الاجتماعية نجدها مذاهب، وحينما ننزل أكثر على الأرض الاقتصادية نجدها أفكاراً سياسية، ثم حين ننزل أكثر نجدها مصالح شخصية.
ضخامة الرأسماليتين الحكوميتين في كل من السعودية وإيران، ونشوؤهما في وسطين: بدوي وقروي، وتأخر هاتين النشأتين عن البلدان الأخرى، جعل من الأفكار الطالعة من أوساط البرجوازية الصغيرة في كل من هاتين الدولتين متخلفة عن مستويات الحركات الدينية في الدول الأخرى، لكن بفضل الضخ المالي من كلا الرأسماليتين الحكوميتين السابقتي الذكر أمكن لهذه الحركات الدينية أن تفرض سطوتها على باقي الحركات السياسية، وتجعل نموذجيهما المتأخرين في النمو، مثالاً يُفرضُ بُقوة المال، وأحياناً بقوة السلاح. 

استيلاء القوى المتحكمة من البدو والقرويين على الثروة النفطية بدرجة أساسية مكنها من نشر هاتين الأيديولوجيتين السياسيتين في المنطقة، والارتفاع فوق الرؤى المذهبية الأخرى التي كانت في حالات مقاربة أكبر مع الحداثة.وهذه الأدلجة ليست سوى أحكام فقهية شديدة النصوصية، تمتنعُ كثيراً عن الاجتهاد، وترتبط كثيراً بالجوانب العبادية وكأن الدينَ هو هي، وهي أدلجة تمثل جزءًا من الحصر الطويل الذي مر بهما، كلٌ بطريقتهِ وفي ظروفه.

ففي التجربة الإيرانية كان الحصرُ سياسياً طويلاً سببته الصراعاتُ المذهبية، وكون (الإثناعشرية) نتاجُ صراعٍ مع المذاهب الامامية الأخرى على مدى عشرة قرون، ومع المركز المسيطر عادة في بغداد، فانغلقتْ على ذاتها بسبب آني هو أن المنتجين لهذه النسخة التأويلية من الإثناعشرية كانوا من تلك المناطق الريفية المُحاصرة، فجعلوا من النسخة طبعة أبدية.

ومن هنا فليس ثمة إبداع فقهي تحرري ولا يحدث الإبداع إلا في الشق السياسي عبر تركيب بعض الشعارات السياسية الفوقية، ولهذا كانت الهواجس دائماً تأتي من صوب المذاهب الأخرى، خاصة السنية منها، ثم من الحداثة وتغلغلاتها، ثم من الغرب الديمقراطي، ثم من النفوذ الأمريكي، ولتجعل هذه الهواجس صراعاً يومياً يعيشه المواطن لديها وكأنه في حالة حرب، فإذا لم تكن أوجدها، ثم تصبح القنبلة النووية هي أمل المذهبي السياسي الحاكم هذا في عدم الذوبان في عالم الحداثة أو الديمقراطية أو ترك السلطة المتشبث بها.

ولا تختلف النزعات الوهابية عن ذلك فقد جعلتها البوادي والصحارى تخافُ من الغريب، ومن حدوث التغيير، وتركز في اللفظية ورفض (البدعة) فجعلت من الحروب أساساً لعيشها، ومن النصوصية الشديدة التجمد أساساً للإيمان، ولم تـجر تحولاتٌ كبيرة على مدى عقود في هذه الأدلجة المُسيسة للدين في ظل ظروف الانحصار الصحراوي، حتى إذا جاءتْ ثروة النفط الكبيرة على مستوياتها الإدارية حاولتْ نشرَها وتعميمَها على المسلمين. ثم كان لذلك أثره في الداخل السعودي، حيث تمايزتْ بعضُ الأقسام الاجتماعية، وتحدثتْ، وخرجتْ من عباءة الرعبِ المذهبية المؤدلجة، لكن لم يحدث تحديث فقهي ولا سياسي أو فكري، وبقي قسمٌ كبيرٌ من الجمهور في ظل ما أُنتج سابقاً ولم يُصارع ولم يغير، فورثتهُ قوى الارهاب وحولتهُ إلى عقيدة وحروب.

لهذا نجد بعض التلامس لدى المؤدلجين المتشددين فيما يُسمى حركات الارهاب، خوفا مشتركا من الديمقراطية والحداثة، وعمليات مشتركة لزعزعة التحولات وضد توجهات المسلمين نحو النهضة.

الصفيحتان القاريتان المتحاككتان هاتان تتلاقيان على الحدود في خط يبدأ من باكستان حتى ينتهي في العراق، في المناطق الريفية والبدوية، بين القوميات الكبيرة المتصارعة طوال التاريخ الديني، ويشتد أوارهما في المناطق السكنية المشتركة وفي البلدان ذات الازدواجيات المذهبية.
لم تعط للمدن وللحداثة أي فرصة كبيرة في معالجة هذه الأدلجة المتقوقعة، ثم جاءتْ عملياتُ عولمة الرأسماليتين الغربية والشرقية في رأسمالية مشتركة لم تتبلور حتى الآن، وأثارت الزوابع الاقتصادية والثقافية.

فتقوم البرجوازيات الصغيرة في كلتا الأدلجتين المذهبيتين في النشر والصراع الحرفيين والتقوقع في مراكزهما المنقولة من الخارج، وفي حين انهما كلتيهما تسعيان للتخفيف من الرأسمالية الحكومية، وتسعيان للتحول لفئات برجوازية كبيرة، لكنهما تخفيان نفسيهما في تلك العباءات المؤدلجة المنسوجة في ماكينات دول أخرى ذات ظروف مختلفة، بسبب أنهما تخافان ابتعاد الجمهور الفقير عنهما الذي يعطيانهما الأصوات والكراسي والنفوذ، وبالتالي مال الرأسمال الكبير المنتظر، ولهذا تتمسكان بشدة بالأدلجة المذهبية المحافظة من مصدريها.
ولكن هذا من جهة يؤدي لصراع قومي عربي – فارسي، وصراع بين التحديث الديمقراطي الوطني المستقل وبين التبعية للمراكز الاستبدادية الخارجية وخططها الصراعية في المنطقة.

وبهذه الصراعات تفقد عملية النمو الرأسمالية التي تكمنُ في باطن هاتين الحركتين التحامها ونضالها المشترك وتطوريها الفقهيين الديمقراطيين، وبدلاً من أن تبدلا حال الرأسمالية الحكومية تجمدان تطورها ونقدها وتحويلها.
ولهذا بدلاً من أن تزيلا العوائق من أمام النمو تضعان العراقيل أمامه، وتدخلان في صراعات جانبية ضد الحداثة في الثقافة والسياحة والاقتصاد.
إن صعوبة خروجهما من صحراوية الانحصار والأرياف المتجمدة تتحملُ فواتيرَهُ قوى الحركة الاجتماعية من تجار وعمال، الأولى تعاني حصار الرساميل والثانية تبخر الأجور! 



  أخبار الخليج 21 ابريل 2009

اقرأ المزيد