المنشور

الوحدة الوطنية عنوان الشعب البحريني


إن الوحدة الوطنية هي عنوان الشعب البحريني وان تماسك اللحمة الوطنية هو شعار لثوابت الشعب الوطنية بحسب ما يمثل مبدأ نسيج الشعب القاعدة اليقينية الراسخة في وجدان الشعب.

لقد شيد شعب البحرين وحدته الوطنية عبر تجسيد الدلالات القطعية بارتباط النسيج الأسري والمجتمعي الراسخ في ضمائر أسر ومواطني الشعب من دون تفرقة البتة، وبلا تمييز على الإطلاق بقدر نسج قرابة الدم وتجسير لحمة التماسك العائلي ما بين الطائفتين الكريمتين للشعب الواحد قد انبثقت من صف الشعب المتماسك على كفتي ميزان العلاقة الأسرية بنسيجها العائلي والمجتمعي.

لقد أكد شعب البحرين وحدته الوطنية منذ الرعيل الأول من أولئك المناضلين.. حين سطر الأجداد للآباء والآباء للأبناء بدمائهم وعرقهم أعظم ملاحم التضحية وأقدس المواقف البطولية.. فحملوا لواء هذه (الوحدة الوطنية) في وجدانهم وغرسوا بذرتها في أرضية الواقع المجتمعي الملموس.. ابتداء من انتفاضة الغواصين في بداية عقد العشرينيات من القرن الماضي مرورا بالاضرابات العمالية عام 1938 ونضالات الصحافة البحرينية برموز أدبائها وكتابها ومفكريها ومبدعيها وعلى رأسهم الأديب والشاعر عبدالله الزايد في عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات.

ويأتي الدور النضالي لـ “هيئة الاتحاد الوطني” في عقد الخمسينيات لترسيخ مبادئ “الوحدة الوطنية” في وجدان الشعب وفي أعماق أرضية الواقع المجتمعي بعد أن دحرت “هيئة الاتحاد الوطني” سياسة المستشار البريطاني “تشارلز بلجريف” الاستعمارية.. وبعد أن أفشلت محاولاته الطائفية.. وبعد أن أخمدت فتيل الفتنة بسياسته الاستعمارية “فرق تسد” بدق اسفين ما بين الشعب الواحد.. وبثورة هيئة الاتحاد الوطني، ضد كل مظاهر الاستعمار للبحرين حينذاك، قد رسخت الوحدة الوطنية ووأدت الاصطفافات المذهبية والفتنة الطائفية للأبد.

من هذا المنطلق فإن واقع مؤسسات المجتمع المدني في مملكة البحرين قد يذكر الجميع بأن ثمة “مبادرة وطنية” مخلصة كان لها المكانة الكبيرة في ضمير الشعب جاءت امتدادا لمبادرة “هيئة الاتحاد الوطني” الوطنية حينذاك.. بحسب ما تذكر مغازي ودلالات هذه المبادرة الوطنية التي طرحت ما قبل عامين السلطتين التنفيذية والتشريعية بأنها سبقت الأحداث الراهنة التي يعايشها الشعب والدولة خلال هذه الأيام العصيبة.. وسبقت المسيرات الجماهيرية والاعتصامات الشعبية بل سبقت كل المبادرات الوطنية الشعبية والرسمية من أجل اللقاء والتآزر والوحدة الوطنية على منضدة التفاوض والحوار.

هذه المبادرة الوطنية والتاريخية والمفصلية هي مبادرة المنبر الديمقراطي التقدمي التي طرحها منذ بداية عام 2009 والتي حملت في جوهرها مكافحة الشرذمة والتشظي والخصومة والانقسامات بحسب ما سعت هذه المبادرة إلى تنقية الأجواء السياسية والعامة، وتهيئة الظروف الموضوعية والذاتية ما بين مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها السلطة التشريعية من جهة وما بين السلطة التنفيذية والمعارضة السياسية من جهة أخرى.. ذلك كله من أجل تجسير الوحدة الوطنية ما بين أفراد الشعب جميعا.. ضمن طرح مشروع لـ “المصالحة الوطنية” المتسمة بتعزيز اللقاءات وآليات الحوار واحترام تداعيات الاختلاف ودعم معايير التفاهمات ما بين السلطة والمعارضة وما بين الدولة والشعب.

لقد جاء مشروع المصالحة الوطنية لمبادرة المنبر الديمقراطي التقدمي متصفا بتقبل كلمة النقد الإيجابية البناءة بصدور رحبة وآفاق واسعة ومشروطا بمنطق التسامح وبمبدأ الثقة المتبادلة ما بين مختلف الأطراف، مقرونا بمفاهيم احترام الرأي الآخر بروح معنوية عالية وبشعور الإحساس بالمسئولية الوطنية وبامتلاك الشجاعة الأدبية للاعتراف بمواطن الخلل ومواطن النقص والثغرات.

لقد جاءت مبادرة المنبر الديمقراطي التقدمي متسمة بخطاب سياسي عقلاني صادر عن معارضة ديمقراطية عقلانية ناضجة تقدمية ومستنيرة، خطاب سياسي يعالج العقبة الكأداء بسد الفجوة ما بين البنى التحتية والبنى الفوقية، تنصهر مغازي هذا الخطاب في بوتقة الرأيين (الشعبي والرسمي) في قالب مطالب الشعب وطموحاته وأهدافه.. بحسب ما حملت مبادرة المنبر التقدمي وقف تداعيات العنف، ومحاربة الطائفيين والانقسامات الطائفية والنعرات المذهبية ومكافحة المفسدين والمتنفذين والمتسلقين ومظاهر الفساد والبيروقراطية والواسطة والمحسوبية والانتهازية والتسلقية، مثلما خاطبت المبادرة الوطنية السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بحسم الشروع والبت في الملفات الرازحة في أدراجها وفي مقدمتها ملفات القوانين الأمنية والسياسية والدستورية.. بقدر ما حفزت هذه المبادرة الوطنية إلى النهوض بالتجربة الديمقراطية وبرفع أسقفها وتوسيع مساحتها بما تتماشى ومطالب الشعب وأهدافه.. ولكن هذه المبادرة الوطنية التاريخية التي طرحها المنبر الديمقراطي التقدمي لم تلاق الاهتمام المطلوب لا من قبل السلطة التنفيذية ولا السلطة التشريعية.. ولو لاقت هذه المبادرة التجاوب مع مغازيها وأهدافها لحققت المملكة والسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ومؤسسات المجتمع المدني على حد سواء خطوة نحو الأمام في استشراف آمال المستقبل الزاهر والغد المضيء.

في نهاية المطاف يفخر الجميع من مواطني شعب البحرين بمواقف الحريصين على مصالح الشعب والوطن الذين حملوا لواء الوحدة الوطنية في ضمائرهم ووجدانهم مثلما حذروا دائما وأبدا من أن الوحدة الوطنية هي خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه أو تجاوزه بأي حال من الأحوال.. لأن هذه الوحدة الوطنية هي عنوان الشعب البحريني التي هي فوق كل اعتبار سياسي أو فئوي أو طائفي أو مذهبي.. فتحية إلى جميع الحريصين على ثوابت الوحدة الوطنية بمختلف دعواتهم الوطنية والأخلاقية المخلصة.. ولنحم جميعا نحن مواطني شعب البحرين وحدتنا الوطنية المسكونة في القلوب والعقول والذود عن سيادة وطننا العزيز المسكون في وجدان الشعب.
 
أخبار الخليج 4 مارس 2011

اقرأ المزيد

بحريننا أمام تحـدّي «إعادة الثقة»


من الواضح أن الأزمة السياسية الحادة التي تمر بها البحرين حالياً ليست نتيجة أمر طارئ، وليست لها علاقة بدولة أجنبية، وإنما هي عبارة عن انفجار لتراكم أخطاء على مدى سنوات طويلة.
 
هذه الأخطاء تُركت من دون علاج، وبدأت التشققات تحت السطح، وفي كثير من الأحيان قدمت الجهات الرسمية تفسيراً غير صحيح لما كان يحدث، وازدادت الأمور تعقيداً مع ارتدادات في العملية السياسية تُركت من دون معالجة، وأدّت في نهاية الأمر إلى اهتزاز «علاقة الثقة» بين مكون رئيسي للمجتمع البحريني والسلطة.
 
ولكي لا نقع في الخطأ ذاته، فإن علينا أن ندقق أكثر في طبيعة الأزمة الحالية… أذكر هذا الأمر لأن هناك من يحاول تصوير الأزمة وكأنها مشكلة بين الشيعة والسنة، وهذا التصوير الخاطئ إنما يساهم في تعقيد الوضع أكثر وفي تبديد الجهود التي نحتاجها لمعالجة الأزمة.
 
إن أحد جذور ومسببات الأزمة هو – كما قلت – اهتزاز علاقة الثقة بين مكون رئيسي للمجتمع والسلطة، ولكي تنجح أي مبادرة لإصلاح الشأن فإن من المهم تشخيص السبب وعلاجه، وفي الوقت ذاته يمكن إشراك جميع الفئات في حوارات متوازية مآلها أن تنطلق في أيِّ وقت. ولكن، فيما لو لم تعالج مشكلة «الثقة» فإن أية حلول ستنتهي إلى لا شيء.
 
إن أزمة الثقة تفاقمت بشكل جلي بعد الكشف عن التقرير المثير في العام 2006، ومن ثم ازدادت حدتها بسبب الحملات الإعلامية التي شنتها جهات رسمية وجهات نافذة داخل الدولة، عبر الإذاعة والتلفزيون والصحافة والخطب، ضد أحد مكونات المجتمع… بل ولقد تحوّلت تلك الحملات إلى ما يشبه «الايديولوجية الرسمية» للدولة، والمصيبة أنها تتمحور حول موضوع واحد غير صحيح وغير واقعي، وهو اتهام مكون أساسي وأصيل من المجتمع في هويته وتاريخه وانتمائه، وتلفيق الأكاذيب، ومن ثم تحويلها إلى تهم رسمية تنشر في الصحف والإعلام الرسمي.
 
لقد تحول الأمر على مر السنوات إلى مسلسلات درامية تتحدث عن مخططات ومعسكرات، ومن كان يطلع على الإعلام الرسمي يتصور أن البحرين شهدت محاولة انقلابية كل سنة أو سنتين… فحتى مؤتمر سنوي لجمعية مسجلة رسمياً (مؤتمر جمعية الوفاق في فبراير/ شباط 2010) اتخذته جهات نافذة في الدولة منطلقاً لشن حملة إعلامية ممنهجة دامت عدة شهور، وقامت تلك الجهات بنشر القصص الوهمية واعتبرت خرافاتها «دليلاً قاطعاً» على محاولة تلك الفئة المجتمعية للانقلاب «مجدداً» على السلطة.
 
ومن ثم جاءت الحملة الأمنية في 13 أغسطس/ آب 2010 لتعيد البحرين إلى عهد أمن الدولة، ومن دون سابق إنذار، وقام الإعلام الرسمي (بقيادة وكالة أنباء البحرين وتلفزيون البحرين) بشن حملة إعلامية يمكن الرجوع إليها لمعرفة المصيبة التي أحدثتها في رمضان المبارك. بل وتم تصوير ما حدث وكأنه الانتصار الأكبر ضد عدو دائم وأبدي… وهذا يمكن قراءته من خلال التقارير والأعمدة، وحتى شريط الرسائل النصية على تلفزيون البحرين الذي بث تعليقاً في إحدى الليالي لم يتوقعه أحد أبداً. وعلى الرغم من الاعتذار من قبل بعض المسئولين لاحقاً وإلقاء اللوم على خلل فني يتعلق بـ «الفلتر» الذي لم يحذف الشتم الموجه ضد طائفة بأكملها وإطلاق نعت عليها لم ينطلق أبداً في أي وسيلة إعلامية بحرينية من قبل، إلا أن الضرر قد حدث، والرسالة وصلت كالسهم المسموم الذي انغرس في قلوب من تم شتمهم.
 
لقد لعب الإعلام الرسمي والإعلام الموجّه من قبل جهات نافذة في الدولة (ولازال) دوراً رئيسياً في زعزعة الثقة بين السلطة ومكون رئيسي وأصيل من المجتمع البحريني… وزاد الطين بلة، أن تلك الحملات تحولت إلى سياسات وإجراءات ضمنية وعلنية تمارس بشكل مفضوح وفي وضح النهار وتحت أشعة الشمس.
 
كل هذا – أيها الأعزاء – أدى إلى تراكم الاحتقانات التي كانت تنتظر أي فرصة لتظهر على السطح، وهو ما حدث منذ 14 فبراير 2011، وذلك بعد أن استلهمت مجموعات شبابية التجربة المصرية، وانطلقت من منابر الكترونية جديدة لم تستطع ترسانة القوانين والإجراءات المقيدة لحرية التعبير أن تمنعها من نشر دعوة على الانترنت للتجمهر والاحتجاج في مكان مركزي في قلب العاصمة (دوار اللؤلؤة).
 
ولعل المفاجأة بالنسبة إلى السلطة أنها كانت مستعدة لأشخاص يحرقون إطارات ويرمون المولوتوف، ولكن هذا لم يحدث، ولم تلتفت السلطة إلى التغيير المفاجئ والسريع في منهج الحركة الاحتجاجية التي نفذها شباب الفيسبوك عبر أساليب سلمية، رافعين العلم البحريني، وفاتحين صدورهم للرصاص، ومستلهمين كل ذلك من تجربتي تونس ومصر… وعبر هذا الأسلوب سقط الخيار الأمني – العسكري في التعامل مع المحتجين الذين أفرغ لهم الميدان لكي لا تهرق المزيد من الدماء في وقت تسلطت فيه أضواء الإعلام العالمي، وانهالت الإدانات العالمية من كل جانب.
 
وفي الحقيقة، فإنني كنت أتوقع من تلفزيون البحرين مثلاً الالتفات إلى الخطأ الفادح الذي ارتكبه على مر السنين في بث الشكوك والظنون والانحياز ضد مكون من مكونات المجتمع وأن يتوقف عن الاستمرار في ذلك، ولكن ما أراه هو أن النهج الخاطئ الذي فجّر لنا الأوضاع بشكل مؤسف لم يتغير، والإعلام الرسمي يُعقّد الوضع أكثر، ما لم تنتبه هذه االجهات إلى أن الزمان قد تغير، وأن شباب اليوم لديهم وسائلهم التي تتجاوز ما لديها من وسائل.
 
إنني إذ أتوجه بكلامي هذا إلى جميع الجهات الرسمية والدوائر النافذة التي خدعت نفسها وشوهت عملية اتخاذ القرار لدى القيادة السياسية، وأطالبها بأن تلتفت إلى ما تقوم به، وأن تساند سمو ولي العهد في جهوده، وألا تفسد عليه ما يود القيام به، وأن تتوقف عن ممارسة الهرج والمرج الذي لم ولن ينفعها في شيء.
 
إذا كنا نود أن نكون جزءاً من الحل، فإن علينا أولاً تعريف المشكلة بشكل صحيح، وأكرر أن تعريف المشكلة ليس له علاقة بخلاف بين سنة وشيعة، ومن يقول ذلك إنما يُعمِّق الجراح ويسد الآفاق أمام الحل. إن المشكلة تكمن في أولئك الذين شقوا المجتمع، ومارسوا سياسة ممنهجة لبث الشك، وهزوا الثقة بين مكون رئيسي في المجتمع وبين السلطة.
 
إن التحدّي الأكبر حالياً يكمن في إعادة جسور الثقة، وهذا يتطلب منا انتهاج مقاربة مختلفة عن ما عهدناه حتى الآن، وهذه المقاربة لا بد وأن تكون متعددة السبل والمراحل لكي نخلق بيئة يمكن من خلالها التفاوض والحوار بحسن نية.
 
إن بناء الثقة هو الذي سيحقق لنا الاستقرار، وهذا يحتاج إلى إجراءات حاسمة لتخفيف حدة التوتر، ونحتاج في الوقت ذاته إلى حوارات متعددة الأطراف تنطلق على أساس النوايا الحسنة والاعتراف بالآخر، من دون اتهامات باطلة أوصلتنا إلى ما نحن فيه حالياً.
 
إن البحرين لأهلها جميعاً من دون فرق بين أي مكون وآخر، وأهل البحرين من كل الفئات والاتجاهات هم معدن الطيب والأصل، وعلى هذا الأساس يجب أن نعيد صوغ العملية السياسية ونرفع رأس البحرين عالياً في الآفاق… وذلك ليس بالمستحيل مع التعاضد والتناصر من أجل خير يعم الجميع من دون غالب ومغلوب، فالمنتصر هو الوطن، وجميعنا فداء لبحريننا الغالية.
 

صحيفة الوسط – 03 مارس 2011م

اقرأ المزيد

ألم يحن الوقت لبدء الحوار؟



ها قد مر ما يقارب الأسبوعين على مبادرة سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وحتى الآن لم يبدأ الحوار الوطني بين الحكم والأطراف المعنية بالحوار المنشود والعاجل.

وبدلا من ذلك نلاحظ تسابق محموم بين مختلف فئات المجتمع في تشكيل العديد من التكتلات، ووصل الأمر ببعض الجمعيات السياسية والأهلية استنساخ بعضها البعض في تشكيل التكتلات والإتلافات والتحالفات الخ..

والغريب أن الطرف المعني في الأساس والمطالب بالحوار على مدى السنوات الماضية، أي الجمعيات السياسية المعارضة، لم يقدم حتى الآن مطالبه للحوار عدا شروط مسبقة لما قبل الحوار، مع إن وكما ذكرت في مقال سابق، يحسب لهذه الجمعيات إنها خلال السنوات الماضية اتفقت وأعدت مطالبها وتقدمت بها إلى الديوان الملكي وطالبت الحوار بشأنها. مما يعني ان هذه الجمعيات بالذات لديها مطالبها التي لم تلبى، وكان من المفترض أن تضاف الى تلك المطالب ما استجد نتيجة الأحداث المؤلمة بدوار اللؤلؤة والتقدم بها لسمو ولي العهد تمهيدا لبدء الحوار مع مشاركة كل الأطراف دون استثناء. والجدير ذكره ان معظم الشروط للبدء في الحوار قد نفذ من قبل سمو ولي العهد كما وعد لتمهيد الطريق للحوار.

إن أجواء الحوار لا تزال مهيئة بقبول الجميع مبادرة ولي العهد، باستثناء بعض الأصوات النشاز، وعلى الجميع الاستعجال في التقدم بتصوراتهم لينطلق الحوار. ولضمان نجاح الحوار بين الحكم وأصحاب المطالب، وبالأخص الجمعيات السياسية التي تحفظت على التعديلات الدستورية وطوال السنوات الماضية طالبت بتعديل الأوضاع القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للمملكة سواء في مجلس النواب أو خارجه، ينبغي ان يكون في إطار ثوابت تم الاتفاق عليها بين الحكم والشعب في ميثاق العمل الوطني والابتعاد عن المزايدة ورفض الشعارات المثيرة للفتنة من أية جهة كانت.

وأهم هذه الثوابت هي:

1 –  ان نظام الحكم في البحرين ملكي وراثي دستوري. وأكد الميثاق على: « ان تحتل البحرين مكانتها بين الممالك الدستورية ذات النظام الديمقراطي الذي يحقق للشعب تطلعاته نحو التقدم».

2 –  الشعب هو مصدر السلطات جميعا – « ان نظام الحكم في البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعا».

3 –  مبدأ الفصل بين السلطات – « يعتمد نظام الحكم، تكريسا للمبدأ الديمقراطي المستقر، على الفصل بين السلطات الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية مع التعاون بين هذه السلطات».

4 –  سيادة القانون واستقلال القضاء – « سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، واستقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات «.

5 – حق الشعب في المشاركة في الشئون العامة – « يتمتع المواطنون رجالا ونساء بحق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية في البلاد بدءا بحق الانتخاب والترشح طبقا لأحكام القانون».

6 – ومن ضمن الثوابت الهامة في الميثاق الفصل الأول والخاص بالحريات العامة والشخصية والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».

7 – الأموال العامة والثروات الطبيعية – « للأموال العامة حرمة، ويقع على كل مواطن واجب حمايتها وعلى السلطات العامة اتخاذ كل الوسائل التي تكفل صيانتها. والثروات الطبيعية كافة ومواردها جميعا ملك الدولة. وتعمل الدولة على صيانتها وأختيار أفضل السبل الاقتصادية لاستثمارها.

هذه إذن أهم الثوابت والتي تشكل الأرضية لكافة المطالب الخاصة بمراجعة وتعديل الدستور وكل القوانين التي صدرت أو القديمة، التي عرقلت وتعرقل التطبيق الصحيح للثوابت والمبادئ الواردة في الميثاق. ان هذه الثوابت تحتوي وتتقبل كل المطالب المطروحة من قبل المعارضة باستثناء الشعارات الشاذة والمرفوضة من قبل الغالبية العظمى من الفعاليات السياسية والشعب.

لذلك أجدد المناشدة للجمعيات السياسية والمهنية والأهلية، وبخاصة الشباب، والشخصيات الوطنية عدم التباطؤ والإسراع في بدء الحوار الوطني وطرح كل الملفات والمحاور على طاولة الحوار مع سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الذي ناشد الجميع بطرح كل هموم الناس للنقاش دون تحديد أي سقف. وذلك للوصول إلى اتفاق والبدء بإصلاحات تلبي مطالب الشعب بمختلف فئاته وتصحيح مسار المشروع الإصلاحي وإزالة الاحتقان وإعادة اللحمة للنسيج الوطني لشعبنا وتعزيز الوحدة الوطنية وخلق الثقة المتبادلة والاحترام والمحبة بين الحكم والشعب.
 
 
 
حرر في 2 مارس 2011  


 


اقرأ المزيد

“سيدي.. أعانك الله”! الكاتب محمد الجاسم

الكاتب : محمد عبدالقادر الجاسم
كاتب ومحامي كويتي 

في البداية أود أن أتقدم إلى مقام سموكم وسمو ولي العهد والشعب الكويتي بالتهنئة بمناسبة الأعياد الوطنية التي تشهدها البلاد. لقد تابعت بتركيز واهتمام خطاب سموكم الأخير، وتمعنت في مفرداته ومضامينه ورسالاته.. وقارنتها بخطابات وأحاديث صحفية سابقة لسموكم، فأدركت مقدار التغيير الإيجابي الذي حمله خطابكم الأخير في ميله صوب التمسك بالدستور والالتزام بأحكامه. ولست هنا في وارد رصد وتفصيل التغيير ولا التدليل عليه ولا بحث أسبابه، فالمهم هو أن خطاب سموكم الأخير جاء متأثرا، على نحو إيجابي، بما حدث ويحدث في دول عربية. كما جاء، وهذا هو الأهم، متفاعلا مع ما يدور في عقول شباب الكويت العازم على التغيير.

صاحب السمو أمير البلاد.. إن الشعب في بعض الدول العربية يتحرك ويطالب ويتظاهر.. لقد سقطت أنظمة، وهناك أخرى آيلة للسقوط.. وفي الخليج دخلت مملكة البحرين مرحلة حاسمة في تاريخها.. إن مستقبل الأسرة المالكة هناك لم يعد مضمونا.. وفي المملكة العربية السعودية انطلقت مؤخرا دعوات شعبية جادة مطالبة بالإصلاح السياسي.. إن المطلب الرئيسي في المملكتين هو تشييد المملكة الدستورية.. أي تقليص سلطات الأسر المالكة.

صاحب السمو.. إن نعمة العقل التي يتمتع بها الإنسان تدفعنا إلى التأمل فيما يحدث حول الكويت، كما يدفعنا حبنا لبلادنا ولأسرة الحكم فيها أن نتحدث بكل صراحة صونا لمستقبل البلاد وحرصا على مستقبل أسرة الحكم فيها، لذلك دعني أصارحك يا صاحب السمو فأقول: الكويت في حاجة ماسة إلى التزام ذرية مبارك الصباح بالدستور.. التزام فعلي لا نظري. فإذا كانت مطالب الشعب الكويتي في عهدك هي تفعيل الدستور، فإنه لا شيء يضمن عدم تغير تلك المطالب في عهد غيرك وتشددها. اليوم لدينا دستور حفظ الإمارة لذرية مبارك الصباح، وقد التزم الشعب بنصوص الدستور وبإمارتكم في كل الأوقات، وما كارثة الغزو إلا الدليل على وفاء الشعب والتزامه بالمادة الرابعة من الدستور. وفي المقابل فإن الدستور جعل الأمة مصدر السلطات في ظل نظام حكم ديمقراطي تصان فيه حقوق الإنسان، وما نريده من ذرية مبارك الصباح هو الالتزام الفعلي بحقوقنا وبواجباتهم. إن معادلة الإمارة الدستورية التي أقامها دستور 1962 هي الضامن لاستقرار إمارة ذرية مبارك الصباح واستقرار البلاد وتطورها، وهي الوصفة التي توفر لكم ولنا مناعة ضد الاضطراب. لقد أدى غياب الحكم الديمقراطي وإنكار حقوق الإنسان إلى سقوط أنظمة ذات قبضة حديدية استقوت بالخارج فلفظها الشعب وتخلى عنها الحلفاء!

سيدي صاحب السمو.. لقد وجدت في خطابكم الأخير ما يرشدني إلى أن فكرة الدولة البوليسية ومنهج قمع الحريات الذي تبنته الحكومة الحالية في الفترة السابقة على ثورتي تونس ومصر قد ولت إلى غير رجعة.. وهذا يعني أن الكويت لن تشهد استخدام القوات الخاصة لضرب المواطنين وغيرهم، ولن تشهد زج أصحاب الرأي في السجون.. لكن هذا التراجع من (الحكومة) لا يكفي يا صاحب السمو.. نعم لا يكفي، فلا أظن أن الكويت تقبل أن يبقى في منصبه من ضرب وأهان أعضاء مجلس الأمة.. الكويت لن تقبل بقاء من سجن وآذي أصحاب الرأي.. الكويت لن تقبل بقاء من ضرب وسحل أستاذ جامعي.. الكويت لن تقبل بقاء من استخدم المال السياسي والرشوة والفساد.. الكويت لن تقبل بقاء من لا يملك الكفاءة والأمانة لإدارة شؤون البلاد.. الكويت لن تقبل بقاء من مزق الوحدة الوطنية.. الكويت لن تقبل بقاء من خرب مجلس الأمة.. الكويت لن تقبل بقاء من يسعى إلى إفساد القضاء. باختصار.. الكويت تريد التغيير.. تغيير الأشخاص والمنهج، فلا مجال لاستمرار الوضع القائم.

سيدي صاحب السمو.. حين تقول في خطابكم الأخير: “إن كويت الوطن لم تكن يوما لجماعة بذاتها أو لفريق دون آخر ولم تكن في سماتها أبدا قبلية أو طائفية أو فئوية..”، فهذا يعني أن السلطة سوف تتوقف عن دعم وتشجيع الطرح الفئوي وتمزيق المجتمع لأن السلطة هي الفاعل.

وحين تقول يا صاحب السمو: “وإذ أجدد اليوم التأكيد بأن التزامنا بالنهج الديمقراطي وبالحرية المسؤولة ثابت وراسخ ومتجذر وهو خيارنا جميعا الذي لا رجعة فيه فإن الدستور يمثل العقد الذي ارتضيناه حكما عادلا يعمل الجميع تحت سقفه وفي إطاره وهو الانجاز الحضاري الذي نفتخر به ونعتز وسأعمل دوما من أجل صيانته وحمايته..”، فإن هذا يعني أن السلطة سوف تتوقف عن مشروعها الدائم الساعي إلى التخلص من الحكم الديمقراطي، وأن السلطة لن تقبل باستمرار سياسة إفساد الشعب ونوابه وتخريب مؤسساته.

وحين تقول يا صاحب السمو: “ولا شك بأن الديمقراطية تعني لغة الدستور والقانون والحرية المسؤولة المحكومة بالأطر القانونية المحددة التي تحقق المصلحة الوطنية العليا وتتيح الرقابة والمساءلة والنقد الموضوعي لكل خلل أو تقصير ولم تكن يوما أداة للفوضى والإنفلات والتشكيك والتحريض..”، فإن هذا يعني أن السلطة سوف تعتذر لمن أساءت إليهم وشككت في وطنيتهم وزجت بهم في السجون واعتدت عليهم بالضرب، وأن السلطة سوف تتقبل ممارسة مجلس الأمة دوره الرقابي وأنها لن تضيق بحرية الصحافة.

وحين تقول يا صاحب السمو: “إننا في الكويت ندعو دائما إلى التخطيط الشامل سبيلا علميا وعمليا لتحقيق التنمية المستدامة وإنجاح مشروعاتها المستهدفة وإنني أؤكد على أن قضيتنا المركزية في التنمية تقوم على بناء الإنسان باعتباره المكون الأساسي في مواجهة قضاياها..”، فإن هذا يعني أن السلطة سوف تتوقف عن استخدام “التنمية” في حشد الأتباع، وأن التنمية لن تكون “منجم ذهب” للبعض، ويعني أيضا أن السلطة تنوي احترام المواطن الكويتي وحقوقه وضمان تمتعه بثرواته، وأن السلطة تنوي تطوير التعليم.

وحين تقول يا صاحب السمو: “ولا يفوتني أن أنوه بدور شبابنا الواعد في صناعة الغد المأمول فهو حجر الزاوية في أي بناء وإنجاز..”، فهذا يعني أن السلطة سوف تستمع إلى رأي الشباب الساعي إلى التغيير وتمنحهم ما يستحقونه من اهتمام.

وحين تقول يا صاحب السمو: “وقدرنا أن تتربع أرضنا الطيبة على رأس الخليج العربي متوسطة بذلك منطقة مثقلة بتفاعل الأحداث والتطورات والمتغيرات المتسارعة وهو ما يقتضي منا التزام الحذر واليقظة وحسن ترتيب الأوليات في ضوء قراءة نافذة ومتابعة واعية لتداعياتها وإسقاطاتها أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأن نهيئ العدة لدرء الاخطار والتحديات التي تحملها إلى ساحتنا المحلية قبل فوات الأوان..”، فإن هذا يعني أن تغيير أشخاص ومنهج السلطة آت لا محالة وبشكل تلقائي قبل فوات الأوان.. تغيير جاد حقيقي يجنب الكويت مخاطر جسيمة من خلال تبني استراتيجيات مدروسة لا من خلال إدارة ارتجالية غارقة في “التكتيك”.

وأخيرا، حين تدعو يا صاحب السمو الجميع إلى “الحرص على تسييد القانون والحذر من مغبة الاستقواء بغيره داعيا في آن معا إلى التحصن بسلطان قضائنا نزيها عادلا مستقلا والالتزام بمنظومة دولة القانون والمؤسسات..”، فإن هذا يعني أن إصلاح القضاء وتخليصه من هيمنة السلطة قادم لا محالة، وأن السلطة تعتزم الالتزام بالقانون ولن تلجأ إلى القوة.

سيدي صاحب السمو أمير البلاد.. لم أكن أريد الإطالة في الحديث، لكن الكويت اليوم أمام فرصة تاريخية لن تتكرر لتجديد الدولة.. فمطالب الشعب الكويتي اليوم بسيطة، وتكلفة الاستجابة لها لا تذكر.. فالشعب الكويتي يريد من السلطة أن تلتزم فعلا لا قولا بالحكم الديمقراطي الدستوري.. ويريد أن تتوقف السلطة عن تمزيق الوحدة الوطنية.. ويريد أن تتوقف السلطة عن دعم الفساد والفاسدين.. الشعب الكويتي يريد قضاء نزيه مستقل يتمتع بكفاءة.. يريد وزراء أكفاء.. الشعب يريد من السلطة أن تتوقف عن التدخل في الانتخابات وعن استخدام المال السياسي.. الشعب يريد من السلطة أن تعتذر لمن ضرب وأهين أو سجن بلا ذنب..

سيدي صاحب السمو أمير البلاد.. إن الاستجابة المبكرة التلقائية لما يريده الشعب تمنح الكويت مناعة مضادة للفوضى..

إن الشعب، وبعد انتهاء احتفالات العيد الوطني، ينتظر منكم إطلاق صافرة التغيير نحو منهج جديد.. حكومة جديدة.. مرحلة جديدة.

سيدي صاحب السمو.. أعانك الله، فأحمال هذه الأيام ثقيلة وجسيمة.. الشعب ينتظر إيماءة الحكم الحقيقية نحو التغيير.. نحو إعادة الاعتبار لمشروع الدولة.. إن الشعب يتطلع إلى إقالة الحكومة الحالية.. وإلى التشكيل الحكومي الجديد.. وإلى المنهج الجديد، وغير هذا تضييع للوقت واستدراج لأزمة عميقة.
 
موقع محمد عبدالقادر الجاسم حرر في 27 فبراير 2011

اقرأ المزيد

الرسالة (14) لم يفتـنا الأوان


أن من يصاب بأزمة قلبية بسبب تدخينه الشره، لا تكون السيجارة الأخيرة من قتله، بل آلاف السموم التي دخنها عبر السنوات متغافلاً / متجاهلا/ متعامياً عن أثرها المميت.. هذا هو ما حصل في البحرين بالضبط.. سنواتٌ وكل البحرينيين  يعانون حتى كست وجوههم مسحة إنهاك وبؤس عجيبة، سنوات ونحن نتحدث عن الدفان الجائر التي وضع 10 آلاف أسرة تعتاش من الصيد في مأزق ورفعت سعر السمك لأعلاه في جزيرة مطوقة بالسواحل !
 
سنوات ونحن نشتكي أزمة الأراضيً بعد أن شُرع الباب لتملك الأجانب والشركات دون ضوابط ما رفع سعر المنازل من 40 ألفاً لـ180 ألف فصار البحريني عاجزاً عن جُحرً في وطنه.. سنوات والعاطلين يعتصمون ويشتكون والدولة تستورد الأجانب بالجملة وتتجاهلهم إلا من عطايا وتحركات بسيطة ! المؤسسات العسكرية تثق بالغريب وتستورد المرتزقة وتستكثر هذا الحق على أبن البلد ما يزيد من غيضه وألمه وانكساره..!! أزمة تمييز ومواطنون يعيشون في خرائب تبنى مقابلهم مدن أحلام تزيدهم حسرة وشبابٌ يذهبون للمجمعات ويرون كيف يصرف غيرهم المئات على كماليات وهم بالكاد يستطيعون دفع وجبه عشاء ! نساء يتوسلون بالصناديق الخيرية ليحصلوا على مكيف ويذلون أنفسهن للنواب لكي لا تقطع الكهرباء عن منازلهن.. أحاسيس ومشاعر متراكمة ومختلطة عاشتها كل فئات البحرين بشكل متفاوت ولدت من مستنقع المحسوبية وغياب العدالة ونشر ثقافة نحن ومن بعدنا الطوفان وهيمنة التدين الوهمي الذي مسح الطيبة والسماحة وزرع بدالها الحقد والطائفية..وتسالون كيف وصلنا لهذه الأزمة ؟

 ببساطة كان قطارنا المنحرف سار بنا باتجاه الهاوية؛ ولم نكن واعيين بما يكفي للجمر الذي يحترق تحت الرماد.. ولكن الفرصة لم تفتنا بعد.. بإمكان ما نمر فيه من مخاضً عسير أن يكون فجراً جديداً إن وعينا واتحدنا وحكمنا العقل وتركنا عنا التشظي والفرقة سيما أننا كشعب نتفق في الهموم والمطالب بنسبة 90%..!

أن شعب البحرين الذي اتحد واتفق في الخمسينات والسبعينات ليس بعاجز اليوم، بعد 60 عاماً، أن يعيد الكرة وينهض نحو دولة دستورية متقدمة تمارس فيها المواطنة ويعطى كل ذي حق فيها حقه..

نعم؛ أنفجر الوضع واحتمال أن نصبح عراق أو لبنان أخرى -معاذ الله- قائم وقد نصبح رواد الخليج كما كنا!!

 
  
  حرر في 28- فبراير الحزين

 
الرسالة ( 15 ):   وبعدين يعني !!



بقلم لميس ضيف – نشر في:   1  مارس   2011

هذه رسالة حملني إياها الكثير من المخلصين لمن بالدوار من معتصمين.. كثير من أبناء الطائفة السنية الكريمة ذهبوا للدوار إيماناً بشرعية مطالب الناس ودعماً لهم ثم عادوا بانطباع سيء وقرروا التوقف عن الذهاب وأطلق بعضهم على الدوار أسم ” مأتم اللؤلؤ” بسبب الإيحاء العام للمكان !! وكثير من المثقفين وأرباب الفكر – من المذهبين- اهتزت صورة المحتجين في أعينهم بسبب بعض الشعارات المنفلتة وبعض العبارات والصور غير اللائقة التي يتبناها عدد هامشي ولكنها تؤثر على الصورة العامة للتجمع وللأسف.. يطغى حضورها أحياناً على عشرات الشعارات المتزنة العميقة التي ترفع.. 

يا جماعة.. نرجوكم، بل نتوسل إليكم: ” احتشموا” في تقولاتكم، جردوا خطابكم من كل ما هو طفولي وغير مؤدب، لا تسيئوا لأحد وليكن خطابكم راقياً وحصيفاً ومتزناً، لا تسيئوا للرموز ولا تستخدموا تشبيهات غير لائقة فتجرحوا وتستفزوا مشاعر الغير من حيث لا تعلمون.. ما لا ترضونه على رموزكم والشخصيات الموقرة لديكم لا ترضوه على الشخصيات المحبوبة والمقدرة لدى أي مواطن..

أنتم أصحاب حقوق ومبادئ، وتريدون أن يلتف جميع الشعب على مطالبكم، لذا فمن واجبكم أن تتناصحوا وتجردوا الدوار من كل صورة أو عبارة تُغيض وتسيء أو تقلل من هيبة الحشد، وتذكروا أن سليمة ورقي الحركة تقتضي عدم الإساءة – حتى اللفظية – لأحد.. ومجدداً نؤكد: لا تحولوا الدوار لمأتم وابتعدوا عن ما يقود لهذا الانطباع ” وملاحظة ختامية: قللوا من السمك والأكل أيضا يرحمكم الله، فهذا مكان اعتصام لا بوفية مفتوح !!

والله من وراء القصد

موقع لميس:  حرر في الساعة 9 من 28 فبراير

اقرأ المزيد

إصلاح دستوري مستحق (1 من 3)


مع انقضاء نصف قرن على استقلال الكويت يقترب دستور 1962 من بلوغ عامه الخمسين، تعرّض خلالها هذا الدستور، الذي هو “دستور الحدّ الأدنى”، إلى ما تعرّض له من محاولات التفاف وعدم التزام تطبيق أحكامه، مرورا بإفراغه من مضامينه الديمقراطية عبر سنّ قوانين مخالفة لمبادئه، وتكررت محاولات تنقيحه على نحو مخالف لضوابط التنقيح الديمقراطي وآلياته الدستورية، ناهيك عن الانقلاب المباشر عليه مرتين ووقف العمل به.

 
وكان واضحا أنّ هناك أطرافا سلطوية تعاملت مع “دستور الحدّ الأدنى” على أنّه خطأ تاريخي يجب تصحيحه، فتربصت له وتحيّنت الفرص للانقضاض عليه. وهذا ما دفع الشعب الكويتي في المقابل إلى اتخاذ الموقف الدفاعي ذودا عن الهامش الديمقراطي المتاح وحماية للمكتسبات المتحققة، ما ساهم في الحفاظ على هذا الدستور وأعاق محاولات تنقيحه على نحو غير ديمقراطي.

وبالتأكيد فإنّه منذ العام 1967، وهو العام الذي كان مقررا أن ينتهي معه الحظر الزمني الممتد خمس سنوات على تنقيح الدستور، فقد كان ميزان القوى في البلاد وفي المنطقة العربية مختلا لغير صالح الاتجاه الديمقراطي… حيث شهدنا خلالها تزوير انتخابات مجلس الأمة الثاني في 25 يناير 1967، وهزيمة 5 يونيو من العام ذاته، وضرب حركة المقاومة الفلسطينية في العام 1970، والحرب الأهلية اللبنانية، وما أعقبهما من أزمة عميقة عانتها حركة التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي العربية، جرى خلالها شن الانقلاب الأول على الدستور في العام 1976، وما صاحبه من تهميش وإقصاء سلطوي للتيار الوطني التقدمي في الكويت بالتعاون مع بعض الجماعات الإسلامية، ثم نشبت الحرب العراقية – الإيرانية التي أشعلت المنطقة وأشغلتها، فالانقلاب الثاني على الدستور في العام 1986، وصولا إلى الغزو العراقي في العام 1990، وفي ظروف مثل تلك الظروف لم يكن بالإمكان غير الدفاع عن الدستور ومنع التعدي عليه، أو المطالبة بعودة العمل به بعد الانقلاب عليه مثلما حدث في ديوانيات الاثنين في العامين 1989 و1990… وكذلك فإنّه من الطبيعي في ظروف اختلت فيها موازين القوى مثل تلك الظروف أن تحيط مخاطر جدّيّة بأي دعوة مطروحة وقتها لتنقيح الدستور، وهذا ما أدى إلى الحذر من مثل تلك الدعوات، وتمّ الاكتفاء بالدعوة إلى تطبيق الدستور كسقف أعلى للمطالبات الديمقراطية.

ولعلّ ذلك الموقف الدفاعي المبرر والضروري كان سببا في إضفاء هالة من التقديس المبالغ فيه على دستور 1962، الذي كان ولا يزال يمثّل “دستور الحدّ الأدنى” ولم يكن دستورا ديمقراطيا مكتملا.

واحسب الآن، أنّه بعد الوقفة الجماهيرية التاريخية المشهودة لشباب الكويت في “ساحة الصفاة” مساء 4 يناير الماضي، التي سبقت انطلاق أولى موجات الثورة العربية الشعبية الكبرى في تونس، وكذلك فإنّه بعد أن شهد الوطن العربي ما شهده من تحركات وانتفاضات شعبية وثورات ديمقراطية فقد حدث تبدّل هائل في ميزان القوى، وهاهي الأبواب تُفتح أمام التغيير الديمقراطي في العديد من أرجاء وطننا العربي الكبير، وهذا ما ستكون له بالتأكيد انعكاساته الايجابية على عموم بلداننا العربية من المحيط إلى الخليج، بما فيها الكويت، التي يتوافر فيها الحدّ الأدنى من متطلبات التطور الديمقراطي، وهذا ما يمكّنها من أن تجتاز تحدياته بسلامة وبأدنى تكلفة، وذلك عبر إحداث إصلاحات دستورية مستحقة، حان الوقت لطرحها، بعد أن تمّ تصحيح الاختلال في ميزان القوى.

وبذلك فإنّ الموقف الدفاعي عن دستور 1962 يجب أن يُصحح فيتحوّل إلى موقف الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية المتحققة في دستور الحدّ الأدنى، مع المطالبة بإصلاحات دستورية تستكمله كدستور ديمقراطي على طريق تعزيز مفهومي الإمارة الدستورية والحكومة البرلمانية… وللحديث صلة. 
 
عالم اليوم  1 مارس 2011
اقرأ المزيد