المنشور

ميثاق شـرف


تدشن جمعية الصحافيين البحرينية مساء اليوم (الجمعة) ميثاق الشرف الصحافي بمشاركة رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين جيم بوملحة والأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب مكرم محمد أحمد.

من حيث المبدأ فإن ميثاق الشرف الذي نشرته الجمعية في وقت سابق جيد ويستحق الإشادة، ومع ذلك لا أظن أنني سأكون من بين الموقعين على هذا الميثاق. فمازلت أذكر كيف قام البعض بالترويج لميثاق الشرف «صحافيون ضد الطائفية» في العام 2008 وما لقيته هذه الوثيقة من إقبال معظم الصحافيين، ومع ذلك كان بعض الصحافيين خلال الفترة الأخيرة زعماء في نشر الفتنة الطائفية والبغض وثقافة التشفي والانتقام بين الناس، ومع ذلك فإن جمعية الصحافيين لم تصدر بياناً واحداً تجرّم فيه مثل هذه الممارسات من أعضائها.
 
ولو كان الأمر يقتصر على صمت الجمعية فقط لكان ذلك هيناً، ولكن الجمعية للأسف مارست خلال الفترة الماضية عكس ما تدعو إليه في هذه الوثيقة تماماً. ففي الوقت الذي تؤكد الوثيقة عدم جواز «فصل الصحافي تعسفياً بسبب رأيه»، فإن عدد العاملين في الحقل الصحافي الذين تم فصلهم خلال فترة الأحداث تجاوز الـ 130 صحافياً، ومع ذلك نفت الجمعية في أول الأمر فصل أي صحافي، ومن بعدها أصدرت بياناً قالت فيه «إن أنباء تواردت عن تعرض بعض الصحافيين للفصل التعسفي إلا أن الجمعية لم تصلها أية شكوى من أي صحافي حتى الآن… وإن الجمعية وصلتها معلومات وبيانات غير رسمية من هنا وهناك، لا تعلم مدى صدقيتها عن تعرض بعض الزملاء الصحافيين للفصل التعسفي».
 
جمعية الصحافيين صمتت عن اعتقال وتعذيب عدد غير قليل من الصحافيين (أحد الصحافيين اعتقل لمدة شهر طوال شهر مايو/ أيار الماضي ونفذ عليه إعدام وهمي بالشنق، وأحدهم وضع في القمامة) ولم تنطق جمعية الصحافيين ببنت شفة، بينما أصدرت بيانات حماسية عندما كانت هناك إدّعاءات لصالح الجانب الحكومي، وشاركت في حملات كراهية وادّعاءات أدانها المجتمع الدولي.
 
المضحك المبكي أن الجمعية تقول في تقريرها الأدبي الأخير عن موضوع فصل الصحافيين خلال هذه الفترة إن «من تم فصلهم كان بقراراتٍ من مجالس إدارات الصحف التي كانوا يعملون بها واستناداً إلى قانون العمل، بعد أن انقطعوا عن العمل لأكثر من أسبوعين، وتكبّدت المؤسسات الصحافية من جراء ذلك خسائر فادحة، كما أفادت الصحف التي قامت الجمعية بإجراء اتصالات معها في هذا الشأن»، في حين يشير تقرير «اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق» في الملاحظة رقم 1600 إلى أن اللجنة «تلقت عدداً من التقارير التي ادعت طرد الصحافيين من الصحف الوطنية بسبب حضور مظاهرات فبراير/ شباط ومارس/ آذار وتقديم تقارير صحافية عنها، وادعى بعض الصحافيين تعرضهم للفصل حتى ولو كانوا قد كلفوا من رؤسائهم بحضور الأحداث وتقديم تقارير عنها».
 

صحيفة الوسط البحرينية – 20 يناير 2012م
 

اقرأ المزيد

المصالحة الوطنية


إن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل الأوضاع الراهنة يتطلب وبشكل لا يقبل التردد والتلكؤ العمل الجاد لتحقيق المصالحة الوطنية ولا يمكن المضي قدماً في هذه المصالحة إلا بتوافق الجميع على هذا المطلب الملح للخروج من الأزمة السياسية.
 
 ما يشهده المجتمع البحريني اليوم من مبادرات تدعو للمصالحة سواء كانت تلك التي أطلقها مجلس الشورى أو الائتلاف الوطني من اجل البحرين أو الملتقى الوطني الاجتماعي من اجل المصالحة الوطنية أو أية مبادرات أهلية أخرى جميعها محط تقدير لاعتبارها مبادرات وطنية مسؤولة تسعى جاهدة لإعادة اللحمة الوطنية الى سابق عهدها. ولا شك انها حينما تدعو الى ذلك فانها تدفع نحو تكريس قيم التسامح والتآخي وإعادة الثقة بين مكونات المجتمع البحريني بغية إرساء قواعد الاستقرار والسلم الاجتماعي.
 
كيف نهيئ الأرضية المناسبة للمصالحة؟ سؤال يضعنا جميعا في دائرة المسؤولية وتحديداً المجلس التشريعي والحكومة والجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، لان ما لم يكن هناك توافق من قبل الجميع للخروج من الأزمة السياسية الطاحنة التي انعكست تداعياتها وسلبياتها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية والسياحية فاننا سوف ندور في حلقة مفرغة.
 
اذن وبصريح العبارة لا سبيل أمامنا اذا ما أردنا الخروج من هذه الأزمة إلا بالحوار الوطني بما يخدم المجتمع والوطن. ومن هنا فالمصالحة الوطنية والحفاظ على مكتسباتنا الوطنية وتطوير العملية الاصلاحية على كافة الصعد يفتح الباب واسعا امام وحدتنا المجتمعية والوطنية.
 
ولا شك أن اول الطريق لهذه المصالحة يبدأ من تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بوصفها المسار الصحيح الذي تم التوافق عليه من قبل غالبية اطراف المجتمع، واما التشكيك في تلك التوصيات وكذلك في اللجنة الوطنية المتابعة لتنفيذها فهذا استغراب وتعجب لان توصيات بسيوني حظيت بتأييد واسع على الصعيدين الرسمي والاهلي، ومن هنا فلابد من الاشارة الى كلمة جلالة الملك التي القاها في الثالث والعشرين من نوفمبر 2011 اثناء تسلمه تقرير اللجنة المذكورة: نؤكد لكم ان تقريركم هذا يمنح بلادنا فرصة تاريخية للتعامل مع أهم المسائل واشدها الحاحاً. فالمسؤولون الذين لم يقوموا بواجباتهم سيكونون عرضة للمحاسبة والاستبدال. وفوق ذلك كله سنضع وتنفذ الاصلاحات التي سترضي كافة اطياف مجتمعنا وهذا هو الطريق الوحيد لتحقيق التوافق الوطني ومعالجة الشروخ التي اصابت مجتمعنا، اننا على ثقة بوعينا جميعا بان هذا اليوم، يوم الصفحة الجديدة في تاريخنا».
 
 اذن لماذا كل هذا التشكيك في التوصيات؟ أليست هذه التوصيات الجسر الذي نعبر عليه للوصول الى محطة المصالحة الوطنية التي ننشدها جميعا؟ لماذا نتعامل مع تلك التوصيات كما لو انها لمصلحة طرف دون آخر؟ ولماذا التشكيك في اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ التوصيات؟
 
على العموم كما أوضحنا سلفا ان التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم يتمثل في استكمال تنفيذ توصيات بسيوني بمعنى كلما أنجزنا هذه التوصيات ساهمنا في حل الأزمة وفي توطيد أركان المصالحة الوطنية البداية الحقيقية لإصلاح أوضاعنا الداخلية وهذا ما يفسر لنا الأهداف التي انطلقت منها المبادرات الأهلية التي تعمل وبإصرار على نجاح المصالحة الوطنية، وحول هذا الشأن نتوقف عند النائب البرلماني السابق واحد مؤسسي الملتقى الوطني الاجتماعي من اجل المصالحة الوطنية يوسف زينل الذي صرح لجريدة «الايام» قائلا: ان المصالحة الوطنية لا بد ان تأخذ مجراها شاء ام أبي المتأزمون والطائفيون أو غيرهم ممن قلبهم لا يخفق لحب الخير والامن الاجتماعي لهذا البلد، ان المصالحة الوطنية بحاجة الى مقدمات وبحاجة الى ارضية تمهد لها وبحاجة إلى قدر كافٍ من الهدوء والسكينة، سواء في الشارع أو من قبل الجهات الرسمية». وفي نفس السياق، قال احد مؤسسي الائتلاف الوطني من اجل البحرين بالمنطقة الوسطى د. علي البقارة: ان اهم الاهداف التي ينبغي تحقيقها من هذه التجمعات الاهلية هي تعزيز التسامح والمحبة وتعزيز الطيبة بين افراد الشعب والعمل على تقوية العلاقات وتعزيز الديمقراطية واحترام الرأي الآخر والشفافية وتعزيز ما جاء به المشروع الإصلاحي لجلالة الملك منذ الألفية الثانية».
 
خلاصة القول، اذا ما اردنا تحقيق المصالحة الوطنية فلا سبيل أمامنا سوى الانطلاق من تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصى الحقائق الذي ينص في البند (ب) من الفقرة (1725) على «توصي اللجنة حكومة البحرين بضرورة اعداد برنامج للمصالحة الوطنية يتناول مظالم المجموعات التي تعتقد انها تعاني من الحرمان من المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية بغية ان تعم الفائدة منها على كافة طوائف الشعب البحريني».
 
الأيام 21 يناير 2012

اقرأ المزيد

طاقاتنا الفنية المعطلة


على مدار مدى زمني طويل من التحول الثقافي والاجتماعي في البحرين، تشكلت حركة إبداعية في مجالات الإبداع المختلفة، بما فيها مجالات المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، وبرزت أسماء لافتة من المبدعين البحرينيين الذين تخطى عملهم وصيتهم النطاق المحلي المحدود إلى الأفق الخليجي، كما برزوا عبر مشاركاتهم في الفعاليات والمهرجانات العربية ذات الصلة.
 
وهؤلاء الفنانون يشكلون ثروة بشرية للوطن أن يفخر ويتباهى بها، فأية موهبة، في أي مجال، تظهر في مجتمع من المجتمعات هي مدعاة لأن يعتز بها هذا المجتمع، ويحرص على رعايتها وتوفير ظروف عطاءها وتطويره نحو الأفضل.
 
وجرى النظر إلى البحرين دائماً بصفتها بيئة معطاء في المجال الإبداعي، مما منحها صيتاً هي جديرة به، وجرى النظر إلى العطاء الإبداعي في البلاد كعلامة على خصوبة وأصالة تطورها الاجتماعي والوعي السياسي لشعبها، مما جعل من البحرين، لفترة طويلة، حالة متقدمة في محيطها الخليجي، علينا أن نستعيدها أو نحافظ على مقوماتها ونعيد تثميرها.
 
من تداعيات الأحداث التي شهدتها البحرين منذ بدايات العام الماضي أن وجد العديد من هؤلاء المبدعين أنفسهم وقد فقدوا وظائفهم في الهيئات التي يعملون فيها، وبشكل خاص في هيئة شؤون الإعلام، وبين هؤلاء مخرجون سينمائيون ومسرحيون ومخرجو برامج إذاعية وتلفزيونية، وغيرهم من ذوي المواهب في مجالات إبداعية أخرى.
 
بعض هؤلاء كانوا موظفين دائمين وبعضهم من ذوي العقود المؤقتة، والعديد منهم كانوا موعودين بتثبيتهم في وظائفهم، حتى عصفت بالبلد الأحداث التي نعرفها، وطال هؤلاء الفنانون من إجراءات الفصل والتوقيف ما طال الكثيرون في مواقع مختلفة.
 
اليوم وعلى الرغم من صدور التوجيهات الحكومية المُلزمة بإعادة المفصولين والموقوفين إلى أعمالهم، وبدء عودة الكثيرين منهم، لم يعد أحد من هؤلاء إلى عملهم، رغم مراجعاتهم المستمرة ومخاطباتهم للجهات المعنية، كما أن موضوعهم طرح في اجتماعات لجنة متابعة تنفيذ توصيات تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.
 
لا يصح أن تكون هذه الشريحة من المفصولين شريحة مسكوت عن معاناتها، ويجب أن تحل على وجه السرعة، خاصة وأن العديد من هؤلاء ظُلم مرتين، المرة الأولى عندما ظلوا لعدة سنوات في نطاق موظفي العقود المؤقتة مع أن عطاؤهم لا يقل عن عطاء زملائهم المثبتين، وكان يتعين معالجة هذا الغبن بتحويلهم إلى موظفين دائمين، كما أنهم ظلموا مرة ثانية بإنهاء خدماتهم وقطع مصادر أرزاقهم.
 
وليس مقبولاً القول بأن إنهاء خدماتهم جاء لانتفاء الحاجة إليها كما تنص على ذلك عقود العمل المؤقتة المبرمة معهم، فتوقيت اجراءات إنهاء خدماتهم جاء متلازماً من حيث التوقيت مع بدء اجراءات الفصل والتوقيف التي تمت في الوزارات والشركات المختلفة، كما انه هنا أيضاً اتخذ صفة الفصل أو التوقيف الجماعي، فالحديث لا يدور عن حالات فردية محدودة، وإنما عن أعداد كبيرة، وهذا أمر سبق أن تعرضنا له في هذه الزاوية مراراً، خاصة عند حديثنا عن مفصولي العقود المؤقتة.
 
إن الأنظار موجهة نحو إجراءات سريعة مطلوبة لرفع الغبن الواقع على أفراد هذه الشريحة، وإنهاء معاناتهم بإعادتهم إلى أعمالهم، وتأمين مصادر أرزاقهم التي قطعت.
 

اقرأ المزيد

هل يـوحد الفـــن ما فرقته السياسة ؟


بعد السنين المديدة المنطويـة صفحاتها وفي ظل الظروف الراهنة والمشهد السياسي المروع أتذكر ” حنين “، حنين فـيلم بحريني أبحر بـنا إلى منتصف المحيـط وأوقف دفـة السفينة لتحدد البـوصلة اتجاهاتها لـنرجع إلى الشاطئ مرة أخرى.
 
في ميـناء النـية والصفاء التقينا حتى نصل إلى ميناء الفـرحة العارمة لرجوع جميع السفن إلى شاطئ الآمان ، الجـميـع كان ينتظر ردود فعل رجال السياسة لأوضاع البـلد في الفترة الحالية و الارتباكات التي وقعت، اعـلم أن كل ردة فعـل لكل رجل سياسي كانت مدروسة ودقيقة بحكم أن هذه الأوضاع لا تقـبل الخطأ مطلقاً وحساسة للغاية.
 
وأما عن رجـال الفـن والإبداع يخطفنا الرفـيق المخرج ” حسين الحليبي ” و رفقائه في العمل من منتصف المحيـط وأصبحوا القباطنة الشجعان الذيـن أنقذوا السـفن التي لم تـعرف طريقـها للرجوع ، السـفن التي كانـت مختلفـة الوجوه و متنوعة الركاب .
 
أشار العمل إلى الجوانب المهمة لتاريخ البحريـن والأحداث التي مرت فيـها من قمع واستبداد، إضافة إلــى القـضية الأولى في الفـيلم ألا وهي ” الطائفيـة ” وكيف تدب هذه الحيـة السامـة بين هذا الشـعب المسالم والطيب.
 
هذا كان في السـابق ولكن المشـهد السياسي الحالي يعيدنا إلى نفس التفاصـيل والأسباب المؤدية للطائفيـة وكان على الشعب البحريني حتى يعـم الهدوء والسكينة فيـه هو فقـط الرجوع إلى التاريخ ومجرياته ويـرى بنفسـه انه وقع في ذات الحفرة العميقة التي وقع فيـها اليوم .
 
قليلاً من الثقافة عن تاريخ البحرين و قليلا من النضج والعقل وقليلاً من التأني وقليلاً من ” الحنين ” نـرى الأيدي تلاصقت في بعضها البعض ونسير جميعاً في مسـار واحد بالرغم من اختلافاتنا ، وهكذا نرى الحل أمامنا في إمداد يدنا ليد الآخر ، الحنين جاء مسرعاً ينقذ ما حطمه الحقد والبغضاء والتنافر وجاء يلملم جراح الماضي والحاضر وحنين لا يـريد أن يصل في المستقبل مرة أخرى ويرى هذا المشهد بل يريد أن يكون في كل بيت وقرية ومدينة ..ويبقى دوماً “حنين” في الذاكرة الحية ليوحد الصفوف ..
 
رسـالة:
 
هذا الفـيلم الذي وضع يديه على موضع الجرح بكل حب وسـلام ، ليقـدم للبحرين ولشعبها حباً متبادلاً و دفء انقـطع في هذه الفتـرة ، عكس الدور الكبير الذي قام به الإعلاميين الوطنيين في ضـم البـحرين ضـمة واحـدة تجمع الجميـع ، وبدلا من تكريمهم نجدهم يفصلون من أعمـالهم حتى يكونون خارج هذه الضـمة الحنونة.

للأسف وطـني يدفن تلك المواهـب و العقـول النيرة للحاضر و مستقبل البحرين، وطن أصبح بلا إبداع شبابها الوطنيون، يعني وطناً بصورة باهتة من غير ألوان، صورة يغطيها السـواد. 

 ” مثلما ” عـملوا على حـنين، فليـعمل الجميع لإرجاع أصحاب حنين إلى أماكنهم، ففي إبداعهم كنزاً يشـع نوراً من الوحدة واللحمة والعطاء..
 
إذن كــيف يوحد الفن ما فرقته السياسة، و أصحاب سفن المحـبة تائهة لا تعـرف كيف تصـل إلى الميناء مع ركابها !
 
 
 

اقرأ المزيد

معنى أن يعود الناس إلى أعمالهم


جيد أن أعداداً كبيرة من المفصولين عادوا إلى أعمالهم بعد شهور من قطع أرزاقهم، وجيد أيضاً أن هناك أعداداً أخرى ستعود في القريب، ففي هذا تصحيح لخطأ قد وقع، ومعالجة لملف إنساني أرَّق ويؤرق الكثيرين، ليس من المفصولين وحدهم وإنما من أفراد عائلاتهم ومن يعيلونهم، فما أقسى أن يجد الإنسان نفسه بدون عمل، وأن يكون عاجزاً عن إعانة أطفاله وأفراد عائلته.
 
لكن هذه العودة للعمل تبقى ناقصة في الكثير من الحالات، ليس فقط لأن الكثيرين لم يعودوا لأعمالهم، كما تنص على ذلك توجيهات جلالة الملك والجهات الحكومية المختصة، وإعمالاً لما نص عليه تقرير لجنة تقصي الحقائق، وتجاوباً مع الجهود التي تبذلها لجنة متابعة تنفيذ هذه التوصيات، وبخاصة جهود رئيسها علي صالح الصالح، وإنما لأن عودة من عادوا لأعمالهم شابتها في حالات كثيرة وجوه معاناة جديدة، كأن بعض جهات العمل، بما فيها الجهات الحكومية، سوَّتْ مشكلة لتخلق مشكلة، وربما مشاكل أخرى.
 
فالكثيرون ممن عادوا مع مطالع هذا الشهر وجدوا أنفسهم بدون مكاتب، ذلك أن مكاتبهم التي كانوا فيها شغلها آخرون فترة فصلهم، كما أن الكثيرين من هؤلاء هم حتى هذه اللحظة بدون مهام يمارسونها، فتراهم يذرعون ممرات الجهات التي يعملون فيها منذ بداية الدوام في الصباح  وحتى نهايته، وفي هذا ضرب من “المرمطة” والإهانة لا يصح أن تستمر وأن يجري السكوت عنها.
 
التوصية الواردة في تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص المفصولين واضحة فيما تنص عليه من ضرورة عودة المفصولين عن أعمالهم بسبب ممارستهم لحقهم في إبداء الرأي، والعودة للعمل تعني بدرجة أساسية أن يعود هؤلاء إلى أعمالهم التي كانوا عليها قبل فصلهم، وليس صحيحاً، في هذه الحالة بالذات، القول أن من حق جهة العمل أن تسند إلى  عمالها أو موظفيها ما تراه مناسباً من مهام وأعمال.
 
هذا القول صحيح تماماً في الظروف الاعتيادية، ولكننا اليوم بصدد حالة استثنائية جرى فيها فصل موظفين وعمال من أعمالهم كعقوبة على مواقف اتخذوها، وبالتالي فان إعادة تدوير وظائفهم وأماكن عملهم بعد إلغاء قرار الفصل، لا يمكن تفسيره، في الظرف الملموس الذي نحن بصدده، إلا انه ، هو الآخر، شكل من أشكال العقوبة أيضاً، أو استمرار لها.
 
يشكو عمال وموظفون آخرون من إجبارهم على توقيع تعهدات أو استمارات لا ضرورة لها، لأنها تبقيهم في دائرة المرتاب في أمرهم، وهذا أمر لا يستقيم مع سوية الأمور، فكل موظف مطالب باحترام أنظمة العمل، وليس هو في حاجة لإثبات ذلك بتعهدات، فهذا مدرج في عقود العمل وفي أنظمة الخدمة المدنية، ولجهة العمل أن تتخذ ما ينص عليه القانون من جزاءات إن هو خالف ذلك.
 
 ولكن تقرير لجنة التحقيق المستقلة برأ المفصولين من مخالفة الأنظمة حين صنف التهم الموجهة إليهم على أنها تندرج في إطار التعبير عن حرية الرأي، وأوصى بإعادتهم على أعمالهم دون أن يشترط لذلك قيوداً أواجرءات أخرى، لذلك يتعين العمل بنص وروح التوصية، التي لشدة وضوحها، لا تحتمل اجتهادات مختلفة في تأويل معناها.
 

اقرأ المزيد

تطوران مقلقان.. والدخول من النافذة!


كنت قد التزمت في مقالي الأخير يوم الخميس الفائت أن أواصل الكتابة اليوم فيما سبق أن بدأته حول التوصيات الخطيرة الصادرة عن “اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية”، ولكن قبل ذلك لابد من التوقّف أمام تطورين مقلقين، بل خطرين شهدتهما الكويت نهاية الأسبوع الماضي، كان أولهما الشطب المتعسف لترشيح النائب السابق الدكتور فيصل المسلم وما ينطوي عليه هذا الإجراء من إهدار صارخ لمبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية المطلقة لأعضاء مجلس الأمة المكفول في المادتين 108 و110 من الدستور، وهذا ما يعيد الأزمة السياسية مرة أخرى إلى المربع الأول الذي كانت فيه قبل استقالة الحكومة السابقة ورئيسها وحلّ مجلس الأمة… فيما تمثّل التطور الآخر المقلق والخطير في التعامل الأمني القمعي المتعسف بالغ القسوة مع الكويتيين البدون المطالبين بنيل حقوقهم، وهو ما يكشف أنّ السلطة لم تتخل عن نهجها الأمني في التعامل مع قضية الكويتيين البدون؛ ما يعني أنّها لا تزال بعيدة عن تلبية استحقاق حلّ هذه القضية الإنسانية المتفجرة حلا عادلا ونهائيا.
 
وأعود إلى ما كنت قد التزمت بالكتابة عنه في مقالي اليوم… إذ سبق أن ثار في شهري مارس وإبريل من العام 2010 جدل واسع حول مشروع قانون الخصخصة، ودار ذلك الجدل، بل الأحرى الخلاف والصراع، حول مدى دستورية التصفية النهائية للقطاع العام المملوك للدولة تحت شعار الخصخصة، وعدم جواز تنازل الدولة عن ملكيتها للثروة النفطية؛ وبالتالي عدم جواز خصخصة النفط، والموقف المتباين تجاه خصخصة التعليم والصحة، وضرورة إصدار قانون خاص بأي التزام لاستثمار مورد من موارد الثروة الطبيعية أو لاستثمار أي مرفق عام من مرافق الدولة، وكذلك دار الجدل حول مايمكن أن يترتب على الخصخصة من إضرار بالعمالة الوطنية في مؤسسات القطاع العام التي ستتم خصخصتها؛ ومدى التزام القطاع الخاص بتوفير ضمانات للعمالة الوطنية المنتقلة إليه، والآثار التضخمية الناجمة عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي تقدمها المؤسسات التي ستخصخص… وتحت تأثير ذلك الجدل، أو الخلاف والصراع، جرى تعديل قانون الخصخصة بعدما كان قد تمّ إقراره في مداولته الأولى، بحيث استثنيت من الخصخصة قطاعات إنتاج النفط والتعليم والصحة.
 
وبالطبع لم يرض هذا التعديل دعاة الخصخصة وأصحاب المصالح ورؤوس الأموال وأنصارهم… فهاهي “اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية” تحاول العودة إلى خصخصة النفط والتعليم والصحة عن طريق نافذة توصياتها المنحازة طبقيا بعدما تمّ طرد تلك الخصخصة من باب التشريع… حيث جاء في توصياتها، التي نشرت الصحف بعض مقتطفات منها، دعوة إلى “الإسراع في خصخصة العديد من القطاعات والأنشطة الحكومية”، و”خصخصة مشروعات كهرباء وماء واتصالات ومواصلات ونفط وبريد وهاتف وصرف صحي وإسكان وأسواق مال… وتخصيص الموانئ والمطار … بالإضافة إلى خصخصة إدارات مستشفيات ومدارس وغيرها من الخدمات الصحية والتعليمية”!
 
واللافت للانتباه أنّ اللجنة تطرح مثل هذه التوصيات لتوسيع الخصخصة وتسريعها تحت شعار “تقليص هيمنة الدولة على الاقتصاد” والمقصود تصفية القطاع العام وإنهاء الدور الاقتصادي للدولة، وذلك على الرغم من تداعي مثل هذا الشعار النيوليبرالي المتهافت وثبوت فشله بعد الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالنظام الرأسمالي العالمي منذ 2008 وأسقطت معها ادعاءات النيوليبراليين وأوهامهم حول قدسية “آلية السوق” وحكمتها وقدرتها على تصحيح نفسها بنفسها، ناهيك عما أكّدته هذه الأزمة من ضرورة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية، بل لقد طالب عتاة النيوليبراليين في الغرب حكومات بلدانهم بمثل هذا التدخل لإنقاذ مصالحهم وحماية رؤوس أموالهم وتعويض خسائرهم على حساب المال العام وعلى حساب الطبقة العاملة والطبقات الشعبية.
 
باختصار، إنّ ما طرحته “اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية” من توصيات خطيرة تستهدف من جهة تقليص بنود الإنفاق الاجتماعي الضرورية وتحميل الطبقات الشعبية المزيد من الأعباء والمساس بالمكتسبات التي حققتها، وتستهدف من جهة أخرى إطلاق أذرع إخطبوط الخصخصة لتمتد إلى النفط وتشمل الخدمات الأساسية، إنما تمثّل في مجموعها بنود برنامج طبقي منحاز بالكامل لكبار أصحاب المصالح والمال والأعمال!
 
 
عالم اليوم  15 يناير 2012

اقرأ المزيد

الوطن ومُحيطه


علينا الإقرار وبمسؤولية وطنية عالية أن وطننا اليوم في مهب العاصفة الآتية نذرها من الوضع الإقليمي الذي قد يتعرض، ولا قدر الله، لانفجارات خطرة ستطال شظاياها المحيط كله، وقد حرصنا طوال المرحلة السابقة أن نؤكد على قيمة الوحدة الوطنية لمجتمعنا وأن نجعل منها شعاراً لأنشطتنا ومرتكزا للخطاب الذي نوجهه للمجتمع إدراكاً لأمرين متلازمين. فهذه الوحدة كانت ضمانة من ضمانات الاستقرار والعيش المشترك المتآخي والعمل من اجل الحقوق السياسية والاجتماعية المشتركة لأبناء وبنات هذا الوطن بعيدا عن التحيزات المذهبية والطائفية، التي نشأنا على تربية سياسية وأخلاقية تنبذها، ونسعى لأن نُوَّرث هذه القيمة لأبنائنا من بعدنا.
 
هذا هو الأمر الأول، أما الثاني فهو أن هذه الوحدة تتعرض لمخاطر كبرى نحن شهود على تجلياتها على أكثر من صعيد، ونلمسها في الكثير من تفاصيل حياتنا اليومية، وهي مخاطر، إن لم يجرِ تداركها، ستدفع هذا الوطن نحو متاهات لن يكون من السهل أن يخرج منها سالماً، وستكون خسائرها فادحة على الجميع وبدون استثناء، بما في ذلك على اللاعبين لعبة الطائفية أنفسهم في أي فريق كانوا.
 
فالوحدة الوطنية لكي تكون فعلاً لا قولاً أو شعاراً يجب أن تحمل معها مضامينها الاجتماعية والسياسية الحقة، التي لا يمكن إلا أن تبدأ بأمرين: الأول هو تكريس قيمة المواطنة المتساوية المتكافئة في الحقوق والواجبات، والتي تتطلب النأي عن كافة أشكال التمييز أو المحاباة على حد سواء، والثاني هو تكريس قيمة دولة المؤسسات والقانون التي تتطلب خضوع الجميع: الدولة وأفراد المجتمع لبنود القانون بما فيه من حقوق وجزاءات.
 
فلكي نعزز روح الانتماء الوطني ونجعله الأعلى بين بقية الانتماءات يتعين أن نجعل جميع أبناء هذا الوطن يشعرون أنهم متساوون في شروط العيش المشترك على أرض هذا الوطن، ومثل هذا الشعور كفيل بأن يفكك ركام الشكوك وعدم الطمأنينة والحذر، وأن يشيع مناخاً من الثقة والتآلف.
 
وعلى صلة بذلك فإن احترام القانون والالتزام بأحكامه، والنظر إلى الدولة بصفتها مظلة للمجتمع كله معنية بتطبيق أحكام هذا القانون، الذي لا يجب أن يتوقف العمل في سبيل تطويره وتوسيع دائرة الحقوق التي ينص عليها، هو شرط من شروط الدولة الحديثة وضمانة من ضمانات التطور الآمن والمستقر للمجتمعات.
 
تكـثـفت في الآونة الأخيرة مجموعة من التطورات السلبية التي تتطلب معالجة مسؤولة من الجميع، ومثل هذه المعالجة تتطلب، بدورها، المصارحة حول جوهر الأزمة التي عصفت في البلاد منذ مطالع العام الماضي، ومازالت تداعياتها مستمرة، والصحيح ان يجري الانطلاق من القاعدة التي تقول بأن علاج مشاكل التحول الديمقراطي في أي مجتمع من المجتمعات لا يكون بالنكوص عن الديمقراطية، وإنما بعلاج هذه المشاكل بالآليات الديمقراطية ذاتها، أي بالمزيد من الديمقراطية.
 
والطموح أن يفتح ذلك الأبواب أمام معالجة شاملة يتفق عليها الوطن من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان ومنع أي تراجع عن الحريات، والبناء للمستقبل على قاعدة المشاركة الشعبية، وهو أمر له أن يؤسس لحال أفضل، ولكن ذلك لن يتم بصورة تلقائية، فدون ذلك شروط أخرى ملازمة له لابد من استيفائها.
 

اقرأ المزيد

نحو إعلام رشيد والمزيد من حرية التعبير – حســن موســى


التجربة البحرينية في مجال حرية التعبير قبيل أحداث فبراير لم تكن سيئة البتة، وإن كانت تشوبها النواقص وبعض التجاوزات. وكان الجميع ينتظر قانوناً جديداً للإعلام يجري التوافق عليه بين الحكومة والبرلمان بحيث يزيد من هامش حرية التعبير، ويوسع على الشباب الذين تستهويهم مواقع التواصل الاجتماعي. لكن الأحداث الأخيرة جاءت وكأنها قد أفشلت التجربة قبل أن تنضج.
 
لا شك أن البحرين بحاجة الى التراجع عن كل الخطوات المقيّدة لحرية التعبير؛ ولا شك أنها بحاجة أكثر الى قانون جديد ومتطور للإعلام، والى أفق واسع ينظر الى مستقبل الحريات العامة في البحرين بما يتوافق مع الظرف السائد لما بعد تقرير بسيوني، ولما تراه البحرين لمستقبل أجيالها القادمة.
 
لدينا اليوم، وبدون مواربة، إعلامان: إعلام رسمي، وإعلام معارض، ولكل جمهوره ومحازبوه. كلا الإعلامين بصفتهما الحالية، يعكسان الحالة البحرينية. هو إعلام تأطيري نمطي لا يستمع اليه إلا المحازبون، ولا يصدّقه إلا جمهوره الخاص. وإذا كان هذا غير مقبول من الإعلام المعارض، فإنه مرفوض تماماً أن يحسب على إعلام دولة.
 
بعض الآراء تقول بأن الإعلام الرسمي، خاصة التلفزيون، حاول مراراً استقطاب الصوت الآخر (المعارض) في بداية الأحداث، ولكن المعارضة رفضت المشاركة، ما أخلّ بالتوازن في عرض وجهات النظر، والتعبير عن الهموم الوطنية من زوايا مختلفة. رئيس هيئة شؤون الإعلام الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، قال بأنه لم يتم منع المعارضين من الظهور في التلفزيون الحكومي، وأنه تمت دعوة أكثر من 300 شخصية شيعية من المعارضة والعاملين بالحكومة ونشطاء منظمات المجتمع المدني، للظهور في التلفزيون ولكن الجميع تهرب من ذلك إما بالرفض المباشر او بادعاء المرض (العربية نت، 25/11/2011).
 
أما تقرير بسيوني (فقرة 1640) فيقول بأن: (وسائل الإعلام البحرينية كانت منحازة الى حكومة البحرين. فست من الصحف اليومية السبع تعدّ صحفاً موالية للحكومة؛ كما تسيطر الدولة على خدمة البث الإعلامي. فاستمرار التقاعس في إعطاء جماعة المعارضة مجالاً كافياً في وسائل الإعلام الوطنية ينذر بمزيد من مخاطر الانقسام السياسي والطائفي في البحرين. وعدم السماح باستخدام وسائل الإعلام الرئيسية في البلاد يخلق شيئاً من الإحباط داخل جماعات المعارضة، ويسفر عن لجوء هذه الجماعات الى وسائل الإعلام الأخرى، مثل وسائل الإعلام الاجتماعية. وقد يكون لهذا الأمر أثرٌ مزعزع للاستقرار، حيث إن وسائل الإعلام الاجتماعية تفتقر الى كل من الدقّة والمساءلة، حتى في الحالات القصوى حينما تنشر خطاباً مفعماً بالكراهية أو تحريضاً على العنف).
وأوصى التقرير (الفقرة 1641) الحكومة بأن (تتبنّى نهجاً أكثر مرونة في ممارستها للرقابة؛ وأن تسمح للمعارضة بمجال أوسع في البث التلفزيوني والإذاعي ووسائل الإعلام المطبوعة).
 
 الإعلام الرسمي يفترض أن يمثل الوطن بمختلف أطيافه، وبمختلف مشاربه وتوجهاته، ويعكس تنوّعه الثقافي والسياسي والطائفي والمذهبي. وإذا ما انحاز الى رأي واحد، أو منع طرفاً، فإن هذا الإعلام، لا يستطيع من الناحية العملية، تغييب الآراء الأخرى.
 
وما يجهله البعض هو أننا في زمن لم يعد فيه ممكناً احتكار وسائل الإعلام، ولا صار مقبولاً أو ممكناً أن تختفي فيه وجهات النظر الأخرى. من لا يعرض سوى وجهة نظر واحدة، يعاقب نفسه، بحيث لا يجد من يستمع إليه إلا مؤيدو وجهة النظر تلك، وبذلك يتحول الى الفئوية السياسية أو الطائفية او الحزبية، ويخرج عن إطار تمثيل الوطن وشرائحه المختلفين أساساً في الخلفية الثقافية والمواقف السياسية.
 
والصحف التي طردت صحافيين أكفاء لأسباب سياسية تعسفاً، خسرت هي الأخرى قراءها، كما خسرت تأثيرها في أصحاب الاتجاهات السياسية الأخرى (المعارضة مثلاً). وفوق هذا، خسر الوطن كفاءات وطاقات، وجدت لها طريقاً للعمل في وسائل اعلام دولية أخرى، وخسر الوطن ثانية بسبب تعميق الانشقاق المجتمعي والسياسي. فإذا تمّ تحويل الإعلام الرسمي وحتى الأهلي الى إعلام خاص أو فئوي، قام الآخرون بتأسيس إعلام فئوي وخاص مقابله.
 
ترى ما لفائدة من منع شخص أو فئة من التعبير عن رأيه في الداخل الوطني وعبر القنوات الرسمية أو شبه الرسمية؛ في حين أن بإمكانها تأسيس صحيفة يومية أو فضائية في الخارج تخاطب من خلالها أنصارها؟ ترى ما هي الحكمة في تضييق حرية التعبير، في حين أن فضاء مواقع التواصل الاجتماعي قادر على أن يلعب دوراً بديلاً وبكفاءة عالية؟
 
ما نريد تأكيده هنا، هو أن البحرين بحاجة الى فسحة كبيرة من حرية التعبير، بحيث يجتمع أبناؤها جميعاً وعلى أرضها للتعبير عن مختلف آرائهم، وفق قانون عصري، نستطيع من خلاله لمّ شتات مجتمعنا، وجمعه على أهداف وطنيّة عليا، بعيداً عن الإعلام الفئوي الذي لا يزيد المجتمع إلا تفككاً، ولا يحقق لأحدٍ أية فائدة بعينها. فالموالاة والمعارضة تضرّرا معاً من التجربة الإعلامية في الشهور الماضية، ولا يوجد من رابح سوى الطائفية والتشرذم.
 
وما نأمله هنا هو: تصحيح الأوضاع السابقة، بإعادة الصحفيين المفصولين من أعمالهم؛ وفتح المجال لكل الآراء أن تعبر عن نفسها في الهواء الطلق، ذلك أن مقتل الخطاب الفئوي إنما يكمن في عرضه ونشره وتعريضه لضوء الشمس، لا حرمانه أو كتمانه، لأنه حينها يكتسب أهمية تفوق حجمه، فلا يتعرّض للنقد أو المساءلة او الترشيد.
 
 أيضاً، وكما اقترحت لجنة تقصي الحقائق (الفقرة 1722/ح) فإنه يجب (إلغاء أو تخفيف كل الأحكام الصادرة بالإدانة على الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بحرية التعبير السياسي والتي لا تتضمن تحريضاً على العنف، وإسقاط التهم التي لم يتمّ البتّ فيها ضدّهم). كذلك يجب إسقاط التهم عن كل أولئك الذين اعتقلوا أو تمت ادانتهم بسبب ممارستهم لحرية التعبير وحق ابداء الرأي والتجمع وتشكيل جمعيات (حسب الفقرة 1723/ ل).
 
كذلك ورد في الفقرة (1724) من تقرير بسيوني، توصية تتعلق بالتحريض الإعلامي، من بينها تخفيف الرقابة على وسائل الإعلام، والسماح للمعارضة باستخدام أكبر للبث التلفزيوني والإذاعي والإعلامي المقروء. ووضع معايير مهنية للإعلام تضمن تجنب إثارة الكراهية والعنف وعدم التسامح.
 
جلالة الملك أدرك هذه الإشكالية والقيود القانونية التي تكتنف حرية التعبير، وقد أشار في كلمته أمام لجنة تقصي الحقائق (23/11/2011) الى ذلك بالقول: (بادرنا بتقديم مقترحات لتعديل قوانيننا لتوفير حماية أكبر للحق الأصيل في حرية التعبير)، وهي تشمل تعديل بعض فقرات قانون العقوبات التي كانت تجرم بعض ممارسات حرية التعبير.
 
قبل أزمة فبراير، كان ينظر الى البحرين كواحة حريات تموج بالآراء المختلفة، وتتشابك فيها الأصوات الوطنية، وتتوسع فيها مجالات حرية التعبير. نحن اليوم بحاجة الى استكمال تلك التجربة والزيادة عليها، وطي صفحة الشهور الماضية. شعب البحرين يستحق حرية تعبير أكبر، ويستحق إعلاماً وطنيّاً مخلصاً، بعيداً عن الاستقطاب الفئوي أو السياسي.
 
الأيام 16 يناير 2012
حســن موســى
كاتب وحقوقي بحريني
 

اقرأ المزيد

دعــــــــونا نكــــبح جمـــاح التشـــــاؤم…!


نعود إلى تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، ففيه ما يستحق العودة مراراً وتكراراً، فهو علاوة على أنه صادم مرتين، مرة في الفعل ومرة في رد الفعل، فهو أيضا شئنا أم أبينا كاف لاستنفار الضمير العام وليس الضمير الغائب.
 
هذه المرة ننشغل بالتقرير من زاويتين، الأولى من خلال سؤال: هل ثمة صلة او رابط او ارتباط بين هذا التقرير وتقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، اما الثانية فهي على شكل إقرار بخطأ ما كنا قد توقعناه بحدوث حالة استنفار في أوساط الوزارات والهيئات والمؤسسات الرسمية على خلفية التجاوزات والانحرافات التي كشف عنها تقرير ديوان الرقابة والتي معظمها في أصلها ومنتهاها تدخل في دائرة الفساد.
 
بالنسبة للسؤال، أرجو عدم الاستهانة به، فهو مهم وجاد للغاية، واحسب ان من يتمتعون بموهبة التحليل والتشخيص لديهم مقدرة على إدراك مدى الربط بين التقريرين، وأظن – رغم ان بعض الظن اثم- بانهم سيجدون في كليهما تفاصيل كثيرة مفجعة ومسكونة بقدر كبير من المرارة والسخط وكثرة الهواجس حول أوضاع كانت الأعين حيالها تغمض والآذان تسد.
 
في التقريرين نجد ما يشعرنا بالحاجة الملحة الى اعادة ترتيب البيت البحريني، وإعادة النظر في الأولويات والاحتياجات والمتطلبات، وضرورة إمساك الأدوات الصحيحة لإجراء إصلاحات هامة وجراحات موجعة، والتقرير الأول يعبر في خلاصته تعاظماً في مواضع الخلل في مرافق عدة ضربت في الصميم قيم المسؤولية العامة وأداء الواجب واحترام القانون عبر مسلسل تراوحت حلقاته بين سوء أداء وإدارة وفشل وعبث بالمال العام وهدر للموارد العامة وغياب المراقبة والمحاسبة.
 
فيما التقرير الثاني فإنه هو الآخر يكشف مواضع ألم موجعة وخطايا ارتكبت ولا تزال ترتكب في حق هذه البلاد وناسها، بصورة لا يحكمها المنطق والتعقل يراد منها ضرب بقايا العافية المتآكلة في نسيج المجتمع.  
في التقريرين أجواء ترقب وصدمة في آن واحد، الأول كان منتظراً ان يكون وسيلة لإنعاش الآمال لمواجهة عدو مشترك لكل المواطنين وهو الفساد، وترقب الناس خطوة على هذا الطريق، وقد باتوا الآن «مصدومين» لأن لا شيء يلوح في أفق هذا الترقب، أما التقرير الثاني فقد كان يعوّل عليه بأن يفتح صفحة جديدة في تاريخ البحرين تمضي بالجميع الى آفاق من العمل الوطني والانجاز الفاعل، هكذا كان الترقب والتوقع، اما الصدمة فهي في إمعان البعض المضي نحو كل ما يزرع القلق والخوف، وإصرار جوقة الردح على إبقاء وضعنا في غرفة العناية الفائقة، وهؤلاء ألفناهم حينما يرون ضوءا في نهاية النفق يصرون على ان يحفروا المزيد من الأنفاق..!! في التقريرين قواسم مشتركة أخرى، فالأول يتناول جرائم استثمار الوظيفة العامة ويكشف عن مظاهر استغلال وانحراف وتجاوزات ظلت على مدى سنوات مثار تساؤلات حول ما إذا كنا جادون حقا في محاربة الفساد ومواجهة هدر المال العام والتعدي على الموارد العامة، وانتهاك القوانين واللوائح وهي القضايا التي استحوذت ولازالت على اهتمام شعبي، بل هي بين أهم أسباب الاحتقان والتأزيم السياسي والاجتماعي وزيادة السخط وكل ما يقلب المواجع ويلهب المشاعر، ويمكن لنا ان نلاحظ ان الخلاصة المعبرة من التقرير الثاني اننا لم نضع أيدينا على مفاتيح العديد من مشاكلنا ولم نديرها في الاتجاه المنشود، وإجمالا فان كلا التقريرين يشعراننا بغصة في تفاصيلهما الكاشفة حقا عن أشياء مهمة ومؤرقة وموجعة للناس في هذا البلد تستدعي مراجعة ومعالجة جادة. ومن جهة أخرى يفرضان ان ندرك باننا لم نتعاطَ مع محاربة الفساد كأولوية وطنية من منظور التقرير الاول، ولم نعد بعد توجيه البوصلة كما يجب لنوقف هذه الايقاعات التأزيمية المؤدية الى عواقب أقل ما يقال فيها انها وخيمة كأولوية وطنية اكبر من منظور ما بينه التقرير الثاني وتداعياته. وكلاهما يدفعان الى ضرورة الوعي بالاولويات الملحة والحاجات التي لا تحتمل المزيد من التأجيل والاستحقاقات التي علينا بلوغها.
 
ذلك ما يدخل في اطار الزاوية الاولى لهذا الموضوع، أما الزاوية الثانية فهي اقرار واعتراف بخطأ ما كنا قد توقعناه بان حالة من الاستنفار سوف تحدث في أوساط 55 وزارة ومؤسسة وهيئة حكومية على خلفية الانحرافات والتجاوزات والعلل التي كشف عنها تقرير الرقابة، فالتوقع لم يكن في محله هذه المرة، أو على الأقل بقى في غرفة الإنعاش لم يغادره حتى اللحظة.
 
لقد تبين لغاية تاريخه وعلى غير العادة ان وزارة او اثنتان او ثلاث على اكثر تقدير هي التي سارعت الى التوضيح وتسويق مبررات وجدناها كمن يزيد في بعد الكلمة عن الحقيقة، والحل عن المشكلة.
 
ماذا يعني ذلك؟!
– هل يعني بأن الجهات الوارد ذكرها في التقرير لم تعد تخشى لا من قريب او بعيد افتضاح التجاوزات التي ترتكبها، وإنها لم تعد تعير اهتماما حتى (بلوى الحقائق) وتجميل الصورة الرديئة، اي لا كلام ولا أفعال ولا حلول للتجاوزات.
– هل يعني ذلك بأن تلك الجهات لم تعد تخشى المساءلة، وباتت تعمل على أساس انها محمية من المساءلة والحساب ومحصنة من أي جزاء او عقاب، وعلى أساس ان انتهاكات اللوائح والنظم لم تعد رجسا من عمل الشيطان؟!
– هل يعني ذلك ان المخالفات الجسيمة في الوزارات والمؤسسات الرسمية التي باتت مكشوفة حتى من ورقة التوت، والتي كشفت هزال من آلت اليهم مسؤوليات هنا وهناك وهنالك ليست كافية لنضع أصبعنا على جروح وآفات أصبحت ساطعة بعد ان بقيت زمنا غارقة في بئر.
 
بيت القصيد وبيت الداء ليس محصورا ومحشورا فقط في هذه الزاوية او تلك، بل هي بالإضافة الى ذلك في هذه المتاهات المستعصية وفي هذا الكم من الهموم التي لا تحصى ثقيلة الدم والوطأة التي بات واقعنا الراهن يزخر بها..لابد من عمل وطني مسؤول يكبح جماح التشاؤم..!!
 
الأيام 16 يناير 2012
 

اقرأ المزيد

الربيع العربي انعكاس لتدهور الوضع الاقتصادي والسياسي


يحلل بعض المثقفين الظواهر الاجتماعية من منطلق مثاليات حيث يربطون الأحـــداث وكأنها أحداث عابرة ومفروضة عليها أو أحداث مبرمجة ذات طابع معلب تخضع لإرادة قوة أخرى لعبت في هذا الكيان وسببت الإنتفاضات الجماهيرية , ولذلك ما حدث في الوطن العربي من ثورات غيرت مسار الأنظمة وهزت كيانها أثارت الشعوب العربية والأنظمة ســواء, حيث دعمت الشعوب العربية ووقفت بجانب التغييربعد عقود طويلة من الذل والهوان ,بينما الأنظمة وقفت في موقع الدفاع محاولة وقف هذا الطوفان الذي لا يعرفون نهايته وأين سيتوقف .
 
وبهذا أنطلقت نظريات عديدة تدعم بعض السيناريوهات لدي بعض المثقفين لتأكيد ما حدث بأنها مخطط إمبريالي يدعم نظرية شرق أوسطي جديد التي فشلت ولم تلقى ترحيبا على صعيد الواقع وجاءت هذه الثورات لإكمال هذا الدور .
 
بينما ردد آخرون سيناريوهات أخرى بأن هذه الثورات جاءت بتخطيط قوى إسلامية بشتى تياراتها من حركة إخوان مسلمين وسلفيين وحركات شيعية مناصرين لحزب الله كما رددت في القنوات الفضائية تحت مظلة الصحوة الإسلامية .
 
وهنا نتسائل هل كلا الرأيين يعبران عن حقيقة موضوعية منفصلة عن حركة الصراع الدائرة في المجتمع وإرتباطها بالعوامل الإقتصادية والسياسية ,لا أعتقد ذلك فالشرارة الأولى التي انطلقت على يد التونسي محمد البوعزيزي في مدينة  بو زيد  التونسية ,كانت تعبيرا على رفض الظلم الذي عانى منه محمد البوعزيزي عندما سلبوا منه عربته التي تمثل له أداة رزق بالنسبة لعائلته وإخوته الصغار الذي يعيلهم واضطر لحرق نفسه مما يعني إغلاق كل الأبواب في وجهه ووصول نفسيته إلى حالة  الصفر مما تعاطفت الجماهير مع هذا الحدث وتحولت حركة الجماهير من مطالب إجتماعية إلى مطالب إقتصادية ومن مطالب إقتصادية إلى مطالب سياسية ومن ثم إلى تغيير النظام .
 
إن تأزم الوضع الإقتصادي في الوطن العربي  من إرتفاع معدل البطالة وأجور متدنية ,وإرتفاع معدل الأسعار وغياب الرقابة وتدني مستوى المعيشة وسيطرة تجار المافيا العربية على السوق والعقار  وتجارة البلاد والسياحة  مما أدى إلى إرتفاع نسبة التضخم مع قلة الموارد الطبيعية وإحتكارها من قبل المافيا العربية وغياب الخطط الإقتصادبة و التكامل الإقتصادي على مستوى الوطن العربي مما أدى إلى زيادة الهجرة  إلى الدول الغربية وأنتشار الظواهر الإجتماعية مثل السرقة والمخدرات والدعارة .
 
وعلى الصعيد السياسي أستنفذ المثقفون العرب وحركة التحرر العربية كل طاقاتها من أجل التغيير من خلال شعارات التحرر ضد الإستعمار الأجنبي وإستلام دفة الحكم بواسطة البرجوازية الصغيرة وصغار الضباط، الذين سرعان ما تحولوا إلى  سلطات ديكتاتورية ضد جماهيرها وتوالت الإحباطات ابتداء من هزيمة 67 ضد إسرائيل والحروب التي تلتها مما دفعت الرئيس جمال عبد الناصر إلى تقديم إستقالته.
 
وبعدها الحرب التي خاضها انور السادات وأستطاع خلالها الجيش المصري عبور خط بارليف والتي زخمها الإعلام المصري وأعتبرها إنتصار ولكن العبرة في النتيجة و التي أدت إلى إحتلال صحراء سيناء والجولان في سوريا مما دفع نظام السادات إلى الرضوخ والدخول في مفاوضات مع الكيان الصهيوني تحت مظلة كمب ديفيد والتي أطلق عليها مبادرة السلام مما أفزعت الشعوب العربية مستنكرة هذا التقارب على حساب المواقف القومية ومحور القضية العربية وهي مشكلة الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة .
 
وكانت هذه محطة من محطات الإحباط في تاريخ حركة التحرر العربية وجاءت بعد ذلك الحرب العراقية الإيرانية التي ساهمت فيها دول الخليج العربية بالدعم المالي وأستهلكت النظامين العراقي والإيراني من البشر والمال والسلاح مما أدى الى انهيار الوضع المالي والاقتصادي لكلا البلدين .
وتلتها صفعة إنهيار المعسكر الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفيتي في 1985  الدولة الوحيدة التي وقفت مع حركة التحرر العربية وقدمت لها المال والسلاح والتعليم المجاني في جامعاتها ومع إنهيار هذا المعسكر فقدت حركة التحرر العربية حليف أساسي ,وأما ألحرب الغير مبررة والتي قصمت ظهر البعير وهي إحتلال الجيش العراقي لدولة الكويـــت مما قسم الشارع العربي إلى قسمين قســـم مؤيد وقســـم ضد ,وانتهت هذه الحرب بدخول قوات الجيش الأمريكي وقوات التحالف في الكويت وتحريرها وبعد ها  إحتلال العراق والقضاء على النظام العسكري وإزالة الديكتاتور صدام حســـين .
 
ولم تتوقف الأنظمة العربية من إحاكة المؤامرات ضد شعوبها بل مارست القمع والمطاردات البوليسية والتشريد والإغتيالات ضد التقدميون والقوميون والإسلاميون!. 
وإستخدمت معهم  كل وسائل التعذيب النفسي والجســـدي والإعتقالات لفترات طويلة بما فيها الإعدامات  لمجرد حرية الرأي ,كل ذلك دفعت في نهاية المطاف إلى شعوب تعاني من الإحباط وانعكس ذلك على معظم الأعمال الثقافية من أدب ومسرح وفن وشعر ورواية وأفلام سينمائية مما تحولت هذه الفنون بشتى أشكالها إلى ماركات تجارية تتسابق من أجل المال وبعيدة كل البعد عن القيم والأخلاق والتربية والنهج الوطني .
 
المحصلة النهائية، إن الثورات العربية التي أنطلقت من تونس وأطاحت بنظام بن علي وأنتقلت رياح التغيير غلى جمهورية مصر العربية وأطاحت بنظام حسني مبارك وانتقلت إلى ليبيا وأطاحت بالعقيد معمـــر القذافي ولا زالت رياح التغيير مستمرة  إلى يومنا هــذا  بالرغم من مرور أكثر من عام على إنطلاقتها ,ما هي إلا إنعكاسات لواقع إقتصادي متأزم وأنظمة سياسية هـــشة متآكلة من الداخل .
 

اقرأ المزيد