المنشور

أسئلة الموت والخلود


لماذا كان «كافكا» – الكاتب التشيكي الذي رحل باكرا في مطالع عشرينات القرن العشرين قد طالب بإتلاف كتبه قبل رحيله؟ دهشة كثيرة أحيط بها هذا الأمر، لكن مواطنه ميلان كونديرا كتب بعد عقود عديدة معبرا عن دهشته هو الآخر من هذه الدهشة إزاء طلب كافكا. برأيه انها دهشة مفتعلة. لماذا لا يكون لدى المؤلف، اي مؤلف، اسباب كافية ليصحب نتاجه معه في رحلته الأخيرة؟
 
هذا هو جوهر السؤال الذي يثيره كونديرا في «الوصايا المغدورة»، وهو يناقش هذا الأمر. برأيه ان الكاتب قد يكتشف في لحظة الموازنة الختامية انه يكره كتبه، وأنه لا يريد ان يخلف وراءه هذا الاثر المحزن عن اخفاقه. او ان هناك تفسيراً آخر: يحب المؤلف دوماً نتاجه لكنه لا يحب العالم، لا يستطيع ان يتحمل فكرة تركه هنا تحت رحمة المستقبل الذي يجده مقيتاً، او انه يحب دوماً نتاجه لكنه لا يهتم حتى بمستقبل العالم. أو ان تكون لدى الكاتب مشكلة مع الجمهور الذي لم يفهمه، وعانى من ذلك خلال حياته، ولم يشأ ان يتألم منه بعد مماته.
 
لكن اياً من هذه الاسباب لا ينطبق على كافكا الذي كان يعي قيمة ما كتب، ولم يكن لديه كره معلن تجاه العالم، رغم السوداوية التي تظهرها كتاباته، ولأنه صغير السن وغير معروف كفاية، فلم تكن لديه تجارب سيئة مع الجمهور.
 
حين مات كافكا وجد أعز أصدقائه: «برود» رسالتين شخصيتين وصفتا فيما بعد بـ“وصية كافكا”. رغم أنهما لا تنطويان على أية قيمة قانونية تكسبهما طابع الوصية، بل إنهما ليستا رسائل بالمعنى المعروف للكلمة، لأنهما لم ترسلا بالبريد أبداً، كما كان كافكا قد فكر في البداية قبل أن يصرف النظر عن هذه الفكرة فيما يبدو. فقد وجد «برود» رسالتين في درج مع كومة أوراق، إحداهما مكتوبة بالحبر، ومطوية مع عنوان «برود» نفسه، والأخرى مفصلة أكثر ومكتوبة بقلم رصاص.
 
فيما بعد ذكر الصديق أن كافكا قال له، وهو يظهر الورقة المكتوبة بالحبر التي وجدها فيما بعد في مكتبه: «وصيتي الشخصية في غاية البساطة: أرجوك أن تحرق كل شيء»، وكيف انه رد عليه: «أخبرك سلفاً بأني لن أفعل ذلك». كان كافكا يعرف مقدار حماس صديقه لكل كلمة من كلماته، لذلك كان يعلم علم اليقين أنه لن يطيعه، وأن عليه أن يختار منفذاً آخر لوصيته إذا كانت طلباته هذه جادة تماماً وغير مشروطة.
 
ما الذي يجعل كاتباً يوصي بإتلاف كتبه بعد موته. ما الذي يخشاه بالضبط؟! هل كان «كافكا» مهدداً بالخلود، هل كان يخشى الخلود، هل كان يرغب في أن تظل تجربته تجربة خاصة به، قصيرة الأجل مثل عمره القصير، تنتهي بموته ويسدل عليها النسيان، بأن يأخذ معه كل ما خلفه إلى الفناء. هل يخشى أن تقرأ الأجيال التالية ما كتب، لذا يريد أن يمحو أي أثر من آثار حياته. إنها أسئلة ترتقي إلى مقام الفلسفة.
 
13 مايو 2012
 

اقرأ المزيد

البحرين وطن يجمعنا


مبادرة جمعية الاجتماعيين «البحرين وطن يجمعنا» لا ينبغي لها أن تحبط، هي واحدة من أهم المبادرات العملية المطروحة لرأب الصدع العميق في المجتمع، يتطلب دعمها والالتفاف حولها وتوسيع إطارها لتشمل كل الجمعيات والشخصيات الوطنية والعامة والتي تعي مخاطر استمرار الاحتقان السياسي والاجتماعي على النسيج الوطني وما يترتب عليه من ضياع المطالب الاصلاحية والمكتسبات الهامة التي تحققت خلال العقد المنصرم. ولعل مثل هذه المبادرات تجيب على أسئلة ملحّة من قبيل ما العمل وقد تعدّينا عاما من أزمة طالت كل مناحي الحياة والنفوس؟ ألم يحن الأوان بعد كي تنهض البلاد من كبوتها المؤلمة وتواصل مسيرة البناء والتطوير؟ هل فقد الجميع القدرة على تجاوز الذات وإدارة الأزمات السياسية والاجتماعية بما يخدم إنجاز المشروع الإصلاحي من دون التفريط بالوحدة الوطنية؟
 
المعضلة كما نراها تكمن في افتقاد الإرادة السياسية في التصدي للأزمة من خلال القراءة الموزونة للواقع الذي يشي بانسداد الأفق أمام أسلوب المواجهة الراهن، فضلا عن الخسائر الجسيمة المترتبة عليها في الأرواح والممتلكات واستمرار المعاناة الإنسانية للكثيرين بسبب الحرائق و الغازات والتعطّل عن العمل و تضرّر مصالح العديد من الكسبَة ورجال الأعمال، عدا الخسائر النفسية والانقسام الطائفي الذي يوظّف لشق الصف الوطني والانقضاض على ما أمكن إنجازه حتى الآن على الصعيد السياسي والتشريعي.
 
ومن نافل القول أن الدولة معنية بدرجة أكبر بعودة الاستقرار وحماية السلم الأهلي وتحقيق العدالة بأبعادها السياسية والاجتماعية، وعليه فإنه من المُلِح أن تتوالى الإجراءات الإصلاحية بعد اقرار التعديلات الدستورية الأخيرة وتتعزز بإجراءات لإعادة بناء الثقة وعلى رأسها تنفيذ ما تبقى من توصيات اللجنة الوطنية وانهاء ملف المفصولين والتعويضات، وايجاد حلول عاجلة فيما يخص الأوضاع المعيشية بغض النظر عن موقف المتشددين في المعارضة أو الموالاة، لأن هذه الإجراءات إذ تلبي مطالب الشعب بكل أطيافه فإنها تصب في مصلحة الدولة وتعزز ثقة المواطنين بها وتخفف من حدة الإحتقان بما يخدم قوى الاعتدال في المجتمع ويعطي دفعا مهمّاً لمبادرات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية لتصحيح الخلل في نسيجنا الوطني والوصول الى توافق حول المفاصل الرئيسية لعملية استمرار وتعميق التجربة الديمقراطية ولتلبية الاحتياجات الأساسية والملحّة للمواطنين.
 
حين تحزم الدولة أمرها في قيادة المجتمع على طريق الوحدة والتنمية والعدالة فإنها تستنهظ الهمم والقوى الكامنة في المجتمع وتقطع الطريق أمام التطرف بألوانه، لأن المجتمع البحريني يزخر بالمخلصين من أبنائه الحريصين على وحدته و تضامنه الذين استشعروا خطر الطائفية و محاولة اللعب بها تحقيقاَ لمآرب ذاتية ومصالح ضيقة، ولحرف الانتباه عن ملفات أساسية منها ملفات الفساد، مع أن الفتنة لن تستثني أحداَ من نيرانها.
 
في هذا الإطار نرى ضرورة دعم مبادرة جمعية الاجتماعيين وكل الجمعيات والشخصيات الوطنية لرأب الصدع وقطع دابر الإنقسام، ليتوحد المجتمع حول الأهداف الوطنية المشتركة وللعودة إلى لغة الحوار المنسجم مع طموحات الوطن ومع توازن القوى والظروف العامة الداخلية والخارجية، ومن منطلق أن الحوار عملية مستمرة تشمل أطياف العمل الوطني والسلطة السياسية للتوافق على القضايا الملحة في اللحظة المحددة، ثم الانتقال إلى القضايا التالية، دون حرق للمراحل أو القفز على الواقع ومن دون الإضرار بالحق الدستوري المشروع في استخدام وسائل التعبير والاحتجاج دعماَ لأية مطالب مشروعة.
 

اقرأ المزيد

تركيا كما هي


في تاريخ الشعوب والأمم حقب زمنية مميزة، سواء بثقل ونوعية الحوادث والتقلبات والتحولات التي شهدتها، أو بعظم التأثير الذي تخلفه على سيرورة الحياة العامة واتجاهاتها وصيرورتها . 
  
 ويمكن القول بكل اطمئنان، إن الفترة التي شهدت صعود حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا في العام 2002 (وحتى اليوم)، هي مرحلة تاريخية فاصلة في حياة الشعب التركي والبلاد التركية . وعطفاً على المنجزات الاقتصادية والاجتماعية الباهرة التي حققها حزب العدالة والتنمية لأفراد الشعب التركي (رفع دخل الفرد السنوي من ثلاثة آلاف دولار في العام 2002 إلى أحد عشر ألف دولار في العام ،2011 ورفع تركيا إلى مصاف الاقتصادات الصاعدة كسادس أقوى اقتصاد في أوروبا توليداً للنمو)، عطفاً على ذلك يمكن تفهم اندفاع البعض وحماستهم لتشبيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان برجل تركيا العظيم كمال أتاتورك . 
  
نعلم أن هذه المقارنة لا تصح قياساً إلى تاريخ ومآثر وإنجازات أتاتورك العابرة للأجيال ولموقعه ومكانته “الأسطورية” بين الأتراك كأب روحي للأمة التركية ومؤسس تركيا الحديثة . إنما السنوات الثماني التي قضاها أردوغان في إدارة دفة البلاد التركية، كانت بالفعل حافلة بالإنجازات التي لا يمكن لأحد نكرانها، بل إنها لم تكن حافلة فقط بالإنجازات وإنما أيضاً بالطموحات الكبرى وبالصخب السياسي والإعلامي الصدامي الذي وضع تركيا أكثر من مرة في مجابهات غير محمودة العواقب . 
   
بل لعلنا نزعم أن المقطع الأخير من العبارة الأخيرة ربما يكون قد صنع الفارق بين شخصية الفارس التي أراد أن يصنعها لنفسه أردوغان، والتي كادت تستقر في المنظومة المعرفية الراعية للكثيرين خارج تركيا، خصوصاً في جوارها العربي، وبين شخصية أتاتورك القيادية الكاريزمية الجسورة والواثقة الصانعة للتاريخ، وفي حالتنا تاريخ تركيا الحديث، فلقد أظهرت المجابهات التي خاضتها تركيا مع أكثر من جهة، مع “إسرائيل” على خلفية جريمة الاعتداء الوحشي والدامي “الإسرائيلي” على سفينة مرمرة التركية التي شاركت في حملة الحرية لكسر الحصار الإجرامي الذي تفرضه “إسرائيل” على قطاع غزة، ومع فرنسا على خلفية القانون الذي أقره البرلمان الفرنسي والذي يجرّم المتنكرين لجريمة إبادة الأرمن على أيدي الجيش التركي، ومع قبرص على خلفية التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية القبرصية، حيث هدّد أردوغان الذي تحتل بلاده الجزء الشمالي من قبرص، بإرسال سفن ومعدات الاستكشاف عنوة إلى قواطع التنقيب البحرية القبرصية، وأخيراً وليس آخراً تصعيد المواجهة مع سوريا . لقد كشفت هذه “الاحتكاكات” السياسية والدبلوماسية، وجهاً آخر لشخصية رئيس الوزراء التركي، إذ أظهرته انفعالياً وبهلوانياً في بعض الأحيان، ما قلل من هيبة وبريق شخصيته وتأثيرها الكاريزمي الذي بدا عليه خلال السنوات الخمس الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية . ويبدو أن الرجل كان يخفي تحت قشرة الإقدام والشجاعة والبراغماتية الإيجابية، شخصية أخرى هي إفراز ربما لخيلاء النفس وفرط الثقة بها التي كثيراً ما تزج بصاحبها في طور النزق والشطط ذي التبعات الثقيلة عادة على صاحبها وعلى من يسوسهم . 
  
 وهنالك جانب آخر ربما يكون قادة حزب العدالة والتنمية التركي قد نجحوا في إبعاده عن الأضواء، وهو ذلك المتعلق بأعمال القمع التي تمارسها الأجهزة الأمنية والعسكرية التركية بحق المعارضين، وخاصة منهم أبناء القومية الكردية . وليست الأخبار التي تم تهريبها سراً عن أطفال سجن بوزانتي التي اضطرت وسائل الإعلام التركية الرئيسة للتخلي عن خوفها من الحكومة قليلاً وتغطية أحداثها الرهيبة في العام الماضي، سوى غيض من فيض وسائل الترهيب والتخويف المخفية التي مازالت دولة الشرق الاستبدادية متمسكة بأهدابها كجزء من “تراثها التاريخي التليد” . وهي حادثة تعيد إلى الأذهان الدهاليز المرعبة للسجون التركية التي حاول فيلم “قطار الشرق السريع” أن يعرضها على العالم، وفيلم “بانكوك هيلتون” عن فظاعة السجون التايلندية . كما نجحوا في إشاعة ثقافة من هو ليس مع “حزب العدالة والتنمية” فهو مع عودة جنرالات الجيش ومع الانقلابات العسكرية . وفي هذا السياق أيضاً، فإن اللافت أن رئيس الوزراء التركي كثيراً ما بدا عليه التبرم والانزعاج حين يوجه إليه الصحافيون أسئلة بشأن المعتقلين السياسيين في تركيا، فهو لا يحبذ الحديث في هذا الموضوع إلا من نافذة إعادة تذكير السائل بفترة اعتقاله هو كناشط سياسي وقيادي في صفوف حزب العدالة والتنمية قبل وصوله إلى السلطة، مع أنه يتم اعتقال المئات من مناصري المعارضة دورياً من قبل الأجهزة الأمنية، وأن “اتحاد المحامين التقدميين” الذي يتوافر على 11 فرعاً في أنحاء تركيا، يقوم بتنظيم دورات تدريبية للناس على كيفية تعاملهم مع لحظة وفترة الاعتقال، وكيف يتصرفون حين يطرق رجال الأمن أجراس أبواب منازلهم في ساعات الفجر الأولى لإلقاء القبض عليهم . 
 
وحسبنا أنه من الطبيعي ألا يكون وقع هذه الوقائع على المبهورين ب “النموذج” التنموي التركي اللافت الذي أرساه حزب العدالة والتنمية، مستساغاً، وهو أمر نعزوه، على ما نزعم، إلى كوننا لا نكاد نفرق بعد بين الغرام والافتتان بالأشياء، والناس قبلها، وبين الاحترام المقرون بالنظرة النقدية الصارمة لهما .
 
 
11 مايو 2012
 

اقرأ المزيد

علاوة الغلاء مجـدداً


خرج النواب علينا بعد ان اقروا الميزانية العامة بتصريحات وتقليعات جديدة، وهي انهم توصلوا مع الحكومة الى اتفاق بوضع معايير جديدة تزيد من الدعم المالي للاسر المستحقة.
 
انتظر المواطنون المستحقون للدعم المالي بفارغ الصبر تعديل المعايير من اجل زيادة الدعم المالي، إلا ان التطبيق تأخر، قال المواطن الغلبان (كل تأخيرة فيها خيرة)، ولا بد للمواطن ان يوجد اعذارا للمسؤولين، وهذا حال كل المواطنين العرب، اعانهم الله على بعض مسؤوليهم.
 
وبعد طول انتظار، تحولت ابتسامته الى خوف وتوجس، يا ترى ماذا يحاك هذه المرة في هذا الملف. فكل مرة نفتح (الراديو) منذ الصباح وفي (صباح الخير يا بحرين) يتصل المواطنون ويشكون ويناشدون لا توقفوها ولا تغيروها. وحتى الان، كل من تلاقيه من المواطنين البسطاء الذين لا يستلمون يا معالي وزيرة التنمية اكثر من 350 دولارا – اي هم بالمعنى الحقيقي والجازم تحت خط الفقر- لا هم لهم إلا السؤال عن تغيير معايير علاوة الغلاء.
 
أرجوكم ويرجوكم المواطن، كفوا عن هذا التلاعب بمشاعره، من اجل 50 دينارا. بدل من ان تفكروا في تقليل ميزانيتها فكروا في وضع خطط استثمارية وسياحية تزيد من الميزانية العامة بأكملها بحيث تنعكس على المواطن المسكين ويرتفع دخله وتزيد من علاواته، لا ان أقللها بحجة ضعف في الميزانية وزيادة الدين العام.
 
المواطن يسمع كما يقول المصريون (حدودتين)، حدوتة تقول: ما فيه ميزانية، وحدوته تقول هناك ميزانية لدعم شركة مثل طيران الخليج، والمواطن عليه ان يختار احدى الحدوتين. رجاء يا نواب ويا مسؤولين، لا تجعلوا المواطن في حيص بيص، والله أعلم ان هناك مواطنين قلقون الى درجة لا تتصورونها يامن تستلمون رواتب تقاعدية 80%. أرجوكم رفقا رفقا بالمواطنين.
 
10 مايو 2012

اقرأ المزيد

المسؤولية الاجتماعية للشركات


ترسيخ مبادئ ومفاهيم المسؤولية الاجتماعية للشركات والمجالات التي يمكن العمل من خلالها لتحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والتي تركز ابرزها حول دعم الشباب، دعم المرأة وتعزيز دورها في المجتمع، التوعية البيئية، الرعاية الصحية، والسلامة العامة، التعليم والتدريب، وتوليد فرص العمل وتطوير المناطق النائية، والبنى التحتية.
 
هذا التوجه – ترسيخ مبادئ ومفاهيم المسؤولية الاجتماعية للشركات – يلاحظ ان الاهتمام به يتنامى ويتوسع على مستوى العالم خاصة خلال السنوات الاخيرة باعتباره عامــلا رئيسيـا في التنمية المستدامـة.
 
ان التوسع في المبادئ والمفاهيم ذات الصلة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات بلغ الى الدرجة انه لم يعد تقييم شركات القطاع الخاص يعتمد على الربحية فقط، ولم تعد هذه الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، بل بالاضافة الى ذلك بقدرة هذه الشركات على اثبات انها غير معزولة عن المجتمع وعلى مدى التزامها بالاضلاع الثلاثة التي عرضها مجلس الاعمال العالمي للتنمية المستدامة، وهي النمو الاقتصادي والمساهمات التي تخدم المجتمع، وحماية البيئة.
 
المجلس المذكور عرّف المسؤولية الاجتماعية على انها «الالتزام المستمر من قبل شركات الاعمال بالتصرف اخلاقيا والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم والمجتمع ككل».
 
مناسبة الحديث عن المسؤولية الاجتماعية، هو اشهار الجمعية العربية للمسؤولية الاجتماعية من البحرين بحسب ما اعلن امس، والتي تمحورت اهدافها في تبادل الخبرات حول افضل الممارسات في مجال المسؤولية الاجتماعية في الدول العربية، والتوعية بثقافة المسؤولية الاجتماعية واهميتها في تنمية المجتمع، ودعم وتشجيع البحث العلمي في مجال المسؤولية الاجتماعية في الوطن العربي، والعمل على تطوير مفاهيم المسؤولية الاجتماعبية، المبادرات والتدريب، وتقديم الدعم الفني، ودعم وتشجيع القطاع الخاص على تبني برامج المسؤولية الاجتماعية لارساء علاقة شراكة حقيقية مع منظمات المجتمع المدني بما يسهم بشكل فاعل في تحقيقه التنمية المستدامة.
 
نعلم بان هناك شركات بحرينية عديدة لها اسهامات طيبة في اطار المسؤولية الاجتماعية، ونأمل ان يضفي وجود الجمعية العربية الوليدة في البحرين بعدا جديدا لترسيخ مبادئ ومفاهيم المسؤولية الاجتماعية للشركات على الصعيدين البحريني والعربي بوجه عام.
 
10 مايو 2012

اقرأ المزيد

كتاب يُشعل الروح


نعرف هيرمان هيسه بوصفه روائياً وشاعراً وكاتباً. قرأنا له في العربية العديد مما ترجم له، بما فيه روايته الشهيرة: «لعبة الذكريات الزجاجية»، التي نال عنها جائزة نوبل للآداب عام 1946، وله أيضاً صدرت: «ذئب البوادي» و«الطفل الموهوب» وأعمال أخرى، لكن في «تجوال» نحن بصدد علاقة خاصة حميمة يقيمها هذا الكاتب الفذ مع الأمكنة، فيحكي عنها بكل جلال الحنين الذي ينتاب الناس إزاء فقدهم هذه الأمكنة أو بعدهم عنها.
 
ثمة أمر أساسي في سيرة هيرمان هيسه يتصل باضطراره لمغادرة بلاده ألمانيا نظراً لانخراطه في نشاط احتجاجي على سياسة التسلط العسكري الألماني فترة الحرب العالمية الأولى، فاضطر إلى الهجرة الى سويسرا التي قرر الإقامة الدائمة فيها، حيث أمضى بقية حياته في شبه عزلة هناك حتى وفاته عام 1962.
 
هذا البعد عن الوطن أو الحرمان منه كانا كفيلين بأن يصبغا علاقة الكاتب بمرابع ذكرياته بطابع الحنين الجارف الذي يتجلى في نصوص هذا الكتاب، الذي لا يصف فيه مدناً أو قرى، بقدر ما يصف بيوتاً وشوارع وجسوراً وأشجاراً وسماء غائمة وأخرى صافية زرقاء. إنه بالضبط ذلك الوصف الذي يشعل الروح، يوقظها، ويستنفر الحواس، حواسنا نحن، كافة.
 
عن تلك الصلة الغامضة بين السماء الغائمة وبين الحزن، يقول: «لسوف يكون من المستحيل أن أحدد ما إذا كانت السماء الغائمة المزعجة بسكونها هي التي انعكست في روحي، ام انني كنت أقرأ صورة حياتي الداخلية منعكسة على صفحة السماء. تأتي أحيان تلتبس فيها الأمور تماماً، ولأن الحياة يوم لك ويوم عليك، فإن الكاتب حريص على أن يستمتع بكل لحظة هناء تهبها هذه الحياة له: «أعلم كم هو جميل هذا العالم، وكم يتبدى لعيني في هذه اللحظة أكثر جمالاً مما لعيون الآخرين. الألوان تمتزج بنعومة أكثر، النسائم تهب بغبطة أشد، والنور يرفرف برقة أشهى، وأعلم في الوقت ذاته أنني سأدفع ثمن هذه الهناءة بأيام قادمة من عمري تغدو فيها الحياة لا تطاق».
 
وعن بيت المزرعة يقول: «هذا هو المنزل الذي سأقول عنه وداعاً. لن يتسنى لأجل طويل رؤية منزل مثله، ها اني أرسم تخطيطاً للمنزل في دفتري، فيما عيناي تفارقان بأسى السقف الألماني، كل ما أحببت وما هو حميمي لدي، وأحس مجدداً بالحب العميق لكل ما في وطني، لأني مضطر إلى هجره».
 
لكن الكتاب مسكون بالحب للحياة الذي يرتقي في بعض صفحات الكتاب إلى مقام الفلسفة، التي تعي نقائض الحياة ومفارقاتها، نقائض الكائنات الجميلة من البشر ومفارقاتها: «ما من مركز لحياتي، ان حياتي لتتأرجح بين أقطاب عديدة، وأقطاب متعاكسة، توق الى الإقامة من جهة، وتوق إلى التجوال من جهة أخرى، رغبة في الوحدة والانعزال هنا، ونزعة الى الحب والمخالطة هناك… ان ما أسعى إليه هو أن أقبض في التأرجح الدائم بين عنف المتضادات، وأن أكون على أهبة الاستعداد حين تباغتني المعجزة، إن مطمحي هو أن أبقى بغير ما رضا، وأن أملك القدرة على تحمل كل هذا القلق». هيرمان هيسه، بهذه الكلمات المؤثرة، لا يكتب سيرته فحسب، بل يكتب سيرة الكثيرين منا.
 
10 مايو 2012

اقرأ المزيد

رولا الصفار… ويوم التمريض العالمي- سوسن دهنيم


تعلمنا أن الممرض ملاك رحمةٍ منذ نعومة أظفارنا، من خلال ما كنا نقرأ في كتب المدرسة وبعض محلات الأطفال، لكن الأزمة التي مرت بها البحرين منذ العام الماضي أثبتت أن الممرض أكبر من ذلك من خلال بعض الصور والمشاهد والمواقف والحكايا التي مررنا بها.
 
في الأحداث الأخيرة، ظهرت على الساحة أسماءٌ لم تكن يوماً مخفيّة، لكنها برقت وأينعت ثماراً لا حدود لها، فيما رأينا وجوهاً لم نكن نعرفها يوماً، واحتلت مناصب رفيعة في قلوبنا وضمائرنا.
 
من الأسماء التي أينعت ثماراً لا حدود لها: رولا الصفار، الممرضة التي تتلمذ على يدها الكثيرون، أكاديمياً وأملاً، وصموداً، وإرادة.
 
كفراشة تنثر ألوانها على كل من حولها، تجيد اصطياد الأمل نوراً لا يحرق جناحيها بل يطيلهما ليغدوا غيمةً تظلل القابعين على قارعة اليأس، فتمطرهم أملاً.
 
أينما حلّت تحل معها الابتسامات التي تتعطر بقوتها وبشاشة وجهها الذي لم يخلُ يوماً من ابتسامة رضا حتى في أحلك الظروف، ومن تواضعها يعبر المارون بالقرب منها مشارف الخوف ليتّحدَ القاصي والداني في سبيل المطالبة بالحق.
 
تؤثّث قلوب من حولها بحبٍ لم يهرم يوماً برغم ما عانته في أزمة عصفت بطواقم طبية كثيرة في البحرين. أزمةٌ أجبرت الجميع على التعايش مع التعب والألم وانتظار نورٍ تأخر في الإشراق، لكنها أنتجت جيلاً قادراً على تحمّل ما لا يحتمله جبلٌ من خلال رموزٍ كانت أمثلةً للتضحية والإخلاص للحق والصمود.
 
صورتها التي انتشرت في يوم الإفراج عنها كانت قشةً كادت أن تقصم ظهر البعير، لولا أن ابتسمت ورفعت راية النصر فتحولت إلى قشة إنقاذٍ لكثيرٍ من الغرقى الذين تعلموا منها معنى الصبر والتمسك بقول الحق ونصرته.
 
صورها في كل مسيرةٍ سلميةٍ وهي محاطة بمحبيها والمتتلمذين على يديها في دروس المحبة والانسانية، تؤكد لمن يراها بأن الحياة مستمرة برغم كل قسوتها، وأن المحبة هي عنوان المرحلة القادمة التي ستحتاج إلى الكثير من التعاضد والتعاون على الخير وتقديس الانسانية وحب الآخرين.
 
رولا الصفار: أميرة التمريض، التي حوكمت ولاتزال موقوفة عن العمل، لكنها غدت رمزا للمرأة البحرينية التي لا تستكين ولا تيأس.
 
رولا الصفار: واحدةٌ من آلاف النساء اللواتي أبين إلا أن يصمدن في وجه كل العثرات ليحولنها إلى محطات انطلاق جديدة تزين الواقع بنماذج لا يمكن للتاريخ أن ينساها. نساءٌ آثرن إلا أن يطالبن بحقوقهن وحقوق من حولهن بشتى الطرق السلمية والمشروعة والمكفولة دستورياً، ليقفن صفاً بصف، ويداً بيد مع أشقائهن الرجال إلى أن يتحقق العدل وتعم السعادة هذا الوطن.
 
ومضة:
في يوم التمريض العالمي لكل ممرض ألف وردة وتحية ولكل طواقم الكادر الطبي البحريني وقفة اجلال واكبار على ما قدموه وعلى معالجتهم لجميع المرضى دون السؤال عن هوياتهم وايديولوجياتهم إبان الأزمة البحرينية منذ سقوط الجريح الأول وحتى اليوم، وهو ما كنا نتوقعه وما أثبتته أقوال الشهود الذين شهدوا بالحق.
 
الكاتب: سوسن دهنيم

صحيفة الوسط البحرينية – 12 مايو 2012م

اقرأ المزيد

تنقيح مستحق… وخشية مبررة!


بالتأكيد فإنّ التطور الديمقراطي في الكويت يقتضي الانتقال من الطريق الوسط بين النظامين البرلماني والرئاسي في إطار “دستور الحدّ الأدنى” إلى صيغة النظام البرلماني، وما يترتب على مثل هذا الانتقال من تنقيح للدستور في هذا الاتجاه بما يتوافق مع ديمقراطية الحكم وكون الأمة مصدر السلطات جميعا… وبالطبع فإنّ الأمر يعتمد أولا وأخيرا على توافر ميزان قوى مواتٍ والتوصل إلى توافق بين إرادتي الأمير وممثلي الأمة حول ذلك.
 
وكان يفترض بدءا من العام 1968 أن يتمّ تنقيح الدستور نحو مزيد من الضمانات الديمقراطية وذلك بعدما تكون قد انقضت فترة الحظر الزمني على تنقيح الدستور الممتدة طوال السنوات الخمس الأولى للعمل به، وهو الأمر الذي كانت السلطة تدرك خطورته مبكرا لذلك فقد عمدت إلى استباق استحقاق تطوير الدستور بتزوير انتخابات مجلس الأمة الثاني التي أجريت في 25 يناير 1967… ثم عمدت السلطة في العام 1980 خلال فترة انقلابها الأول على الدستور إلى محاولة تمرير مشروعها غير الديمقراطي لتنقيح الدستور على نحو يسلب حقوق الأمة ويعزز في المقابل السطوة السلطوية حينما شكّلت حينذاك لجنة النظر في تنقيح الدستور، والمفارقة أنّ  تلك اللجنة على الرغم من كونها لجنة معيّنة وليست منتخبة على أساس دستوري إلا أنها رفضت مشروع السلطة لتنقيح الدستور… وكررت السلطة محاولتها في العام 1981 بعد عودة الحياة النيابية في العام 1981 فعرضت مشروعها غير الديمقراطي ذاته لتنقيح الدستور على مجلس الأمة في فصله التشريعي الخامس، وقد جوبه بحملة من الرفض الشعبي وذلك على الرغم من وجود غالبية نيابية، ما اضطر السلطة إلى استرداد مشروعها التنقيحي سيئ الذكر… ومنذ ذلك الحين تشكّل في الضمير الشعبي موقف دفاعي يرفض المساس بدستور 1962، على الرغم من كونه دستورا للحدّ الأدنى، وأصبح معظم الكويتيين يتحسسون سلبا تجاه أي حديث عن تنقيح الدستور وفق قاعدة “قرصة الحية والحبل”، وإن كانت هناك حالة خاصة للاقتراحات الفاشلة التي كرر نواب الأحزاب الدينية بدعم من نواب النفاق الديني الاجتماعي تقديمها أكثر من مرة  لتنقيح المادة الثانية بهدف اعتماد الشريعة الإسلامية مصدرا وحيدا للتشريع، حيث كان معظم تلك الاقتراحات تسجيل مواقف ورفع عتب لمعرفة مقدميها مسبقا أنها سترفض!
 
وخلال السنوات الأخيرة طرح بعض النواب اقتراحات تتفاوت في دوافعها وتتباين في أغراضها لتنقيح بعض مواد الدستور، وقد جوبهت جميعها بالمعارضة الشعبية إما للخشية من استغلال السلطة لهذه الاقتراحات لمعاودة طرح مشروعها لتنقيح الدستور؛ أو بسبب ما تنطوي عليه بعض تلك الاقتراحات من مضامين غير ديمقراطية مثل المقترح الذي سبق أن دعا إليه النائب علي الراشد.
 
وبدءا من العام 2011 حدث تبدّل ملموس في ميزان القوى؛ وبالتالي في إمكانية طرح استحقاق الإصلاح الدستوري الديمقراطي بعيدا عن المخاوف السابقة، حيث تمثّل هذا التبدّل في اتساع الحراك الشعبي الداخلي ضد الفساد ومن أجل الإصلاح السياسي كما تمثّل في التغيير الثوري العاصف الذي شهدته المنطقة العربية، بحيث لم تعد السلطة قادرة على التلويح بتصفية المكتسبات الديمقراطية مثلما كانت الحال سابقا، ولذلك كان من الطبيعي أن يتم الانتقال من الموقف الدفاعي السلبي عن دستور 1962 إلى ما يشبه الموقف الهجومي بالتداول حول ضرورة الإصلاح الدستوري الديمقراطي المستحق بالانتقال إلى النظام البرلماني… وبدا الاستحقاق للوهلة الأولى  بعد الانتخابات الأخيرة وفوز الغالبية النيابية الحالية قريب المنال… ولكن الأمور لم تجر على النحو المناسب، إذ تراخى نواب الغالبية في طرح اقتراحاتهم للإصلاح الدستوري الديمقراطي المستحق والموعود؛ إلى أن تقدّم بها منفردا قبل أيام النائب الشاب فيصل اليحيى؛ فيما تسابق معظم نواب الغالبية خلال الفترة الماضية على تلبية نواب التزمت في التوقيع على طلبهم المريب للعبث بالدستور بتنقيح المادة التاسعة والسبعين في شأن توافق القوانين مع أحكام الشريعة الإسلامية، الذي لم يكن مطلبا مطروحا خلال الحراك الشعبي، بل كان واضحا أنّه سيؤدي إلى خلط الأوراق وسيخدم هدف السلطة في تعطيل الإصلاح الدستوري الديمقراطي المستحق؛ ناهيك عن المخاوف المشروعة من تحويل الكويت إلى دولة دينية التي تشكّلت لدى قطاع ليس بقليل من الشعب، ومن الطبيعي أن تقوده هذه المخاوف إلى شيء من الربط السلبي بين تمرير هذا الاقتراح العابث بالدستور واقتراحات الإصلاح الدستوري الديمقراطي، أما السلطة فمن التأكيد أنّها ستستغل هذه الأوراق المختلطة والتناقضات بما يخدم مصالحها، وهذا ما يهدد عمليا بضياع الفرصة التاريخية السانحة لأول مرة لبدء عملية الانتقال إلى النظام البرلماني!
 
عالم اليوم  1 مايو 2012

اقرأ المزيد

«الأرميتاج» في البحرين


حسناً فعلت وزارة الثقافة باستضافة مدير عام متحف الأرميتاج ميخائيل بيوتروفسكي، لإلقاء محاضرة عن خبرته في إدارة واحد من أهم المتاحف في العالم على الإطلاق، في واحدة من أجمل مدن الدنيا، مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، وحسناً فعلت الوزارة أيضاً بتوقيع اتفاقية مع المتحف المذكور تتضمن أن يستضيف «الأرميتاج» والمتحف الشرقي بموسكو معرض” تايلوس ” البحريني.
 
لعقود طويلة أعاقت حواجز الحرب الباردة شعوباً وثقافات عن التفاعل مع الثقافة والفن في بلد عظيم مثل روسيا، أعطى العالم عباقرة في الأدب والموسيقى والفنون على أنواعها، وكنا في البحرين أحد هذه الشعوب التي حجبت عنها السياسة هذا الفضاء الروحي العظيم لروسيا. مع ذلك، فانه بالنسبة للمئات من البحرينيين الذين درسوا في الجامعات الروسية والسوفياتية، عبر المنح الدراسية التي كانت توفرها لهم جبهة التحرير الوطني وغيرها من التنظيمات الوطنية، تمثل روسيا ذاكرة ثقافية وإنسانية مهمة، ليس فقط لأنهم تلقوا العلم في جامعاتها ومعاهدها العليا، وعادوا ليخدموا وطنهم في مجالات الطب والهندسة والقانون والصحافة والتربية وسواها من حقول، وإنما أيضاً لأن سنوات إقامتهم فيها للدراسة عرفتهم على فضاء حضاري وثقافي متقدم، تعلموا منه الكثير، ففي موسكو وليننغراد وسواها من المدن التي درسوا في جامعاتها تتوفر المسارح والمتاحف والمكتبات التي يمكن للإنسان أن يتعلم منها الكثير.
 
وليس متحف «الارميتاج» إلا مثالاً على ثراء الثقافة في روسيا، فهو درة على جبين مدينة سانت بطرسبورغ ، الذي تحتاج زيارته لا لساعات فقط، وإنما لأيام، وحتى أسابيع للتعرف على تاريخ الثقافة بمختلف مشاربها ولرؤية ما يقرب من ثلاثة ملايين تحفة فنية، ووراء كل قطعة فنية تاريخ طويل، مثل تاريخ المتحف نفسه، الذي يعود تأسيسه إلى أكثر من 240 عاما، حين أنشأه القياصرة كخـلوة خاصة في قصر الشتاء الشهير.
 
ويعود الفضل للثورة البلشفية عام 1917 في تحويل القصر الشتوي والمباني الأربعة الضخمة الملحقة به إلى متحف عالمي، يتضمن أكبر مجموعة من اللوحات في العالم، للفنانين العظام من أمثال ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو وفنان عصر النهضة «رمبرانت» والفنانين المعاصرين أمثال بيكاسو وفان كوخ وغيرهما، وعشرات الآلاف من أندر الأيقونات المسيحية القديمة، إلى جانب الآلاف من لوحات أشهر الفنانين الروس، كما توجد في القسم الإسلامي نسخ نادرة وقديمة من القرآن الكريم.
 
في هذا العالم الشاسع مساحات هائلة من التنوع الحضاري والثقافي، وهناك ثقافات وحضارات عظيمة نحن في حاجة لولوج عوالمها، والتعرف على نفائس الثقافة والعطاء الإنساني فيها، والثقافة الروسية بالذات هي واحدة من هذه الثقافات الغنية المكتنزة بمضامينها الروحية العميقة، شأنها في ذلك شأن ثقافات الصين واليابان والهند، التي تستحق الانفتاح عليها، ومد جسور الصداقة والتفاعل الخلاق معها، بديلاً للتنميط الثقافي والأحادية التي لا ترى في هذا العالم سوى مركزها الغربي الراهن، خاصة الأنجلو سكسوني منه.

اقرأ المزيد

حماية المستهلك


اصبحت القضايا ذات الصلة بالمستهلك بتوعيته وبحمايته وحقوقه والحرص على مصالحه من اولويات الكثير من الدول والهيئات والمنظمات والمؤسسات على مختلف المستويات، واعتمدت المنظمة الدولية للمستهلك ثمانية حقوق للمستهلك هي؛ حق الحياة في بيئة صحية، وحق الاختيار، وحق الامان، وحق الاستماع للرأي، وحق اشباع الحاجات الاساسية، وحق المعرفة، وحق التعويض، وحق التثقيف.
 
ونعلم انه بالنسبة للبحرين فان موضوع حماية المستهلك كان قد اثير مرات كثيرة على خلفية تعرض بعض المستهلكين لمعاملات تجارية ملتبسة، فيها ما قد يدخل في نطاق الغش والتلاعب والممارسات غير النزيهة ومنع التواطؤ والاحتكار، واذا كانت وزارة الصناعة والتجارة المعنية بشئون المستهلك لم تدخر جهدا في سبيل توفير الارضية المناسبة على صعيد ارشاد وتوعية وحماية المستهلك، الا ان ذلك بقي ضمن حدود معينة قد تتباين الرؤى حولها وحول فاعليتها، ولكنها في كل الاحوال تبقى برأينا جهودا مقدرة.
 
الآن بعد اقرار السلطة التشريعية لمشروع قانون حماية المستهلك فاننا نفترض اننا امام مرحلة عمل نوعية على صعيد حماية حقوق المستهلك وخلق مجتمع واع تتوفر له كل المقومات والآليات التي لاتجعله فريسة لأي غش او تلاعب او تحايل، مجتمع مدرك بحقوقه وواجباته وواع بالمبادئ والمفاهيم الاستهلاكية السليمة كالاختيار السليم للسلع والبحث عن البدائل الانسب، وتقديم الشكاوى، والابلاغ عن المخالفات.
 
المأمول ان يوفر قانون حماية المستهلك للوزارة والجهات المعنية الضوابط الرقابية والجزائية الكفيلة بتحقيق النقلة النوعية المنشودة في مجال حماية المستهلك ومتابعة شكاواه وتوعيته وابتكار اساليب جديدة تواكب التطور في مجال التوعية والمراقبة والتفتيش والاجراءات والحماية، ومتابعة المتغيرات في الاسعار في السوقين المحلية والخارجية وغير ذلك من الامور. والى جانب ذلك نرى انه من المهم التفكير باتجاه انشاء هيئة مستقلة لحماية المستهلك لتلعب الدور التكاملي المطلوب مع الوزارة والجهات الرسمية المعنية من دون ان ننسى ضرورة تفعيل دور العديد من المؤسسات الاهلية وفي المقدمة بطبيعة الحال جمعية حماية المستهلك التي لا زال دورها غير فاعل وحضورها غير ملموس، ربما لظروف موضوعية نأمل ان تعالج لتمضي هذه الجمعية نحو ما هو متوقع منها وان يكون عملها مؤثرا في المجتمع.
 

اقرأ المزيد