المنشور

مناوأة النظام الدولي للتعددية



جاء
إنشاء النظام الدولي الحالي الذي تمثله المنظمات الكلية العالمية وعلى
رأسها منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية المتخصصة والمنظمات
الاقتصادية والحقوقية والمواثيق والمعاهدات الدولية، استجابةً لما بعد
التحدي الذي مثلته للبشرية جمعاء نكبة صعود النازية والفاشية الى السلطة في
ألمانيا وعدد من الدول الرأسمالية الكبرى الرئيسة في أوروبا وجنوب شرقي
آسيا قبل الانتصار العالمي الكاسح والنهائي عليها في الحرب العالمية
الثانية (1939-1945) . وقد
حرص مؤسسو النظام الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية – هذا ما عبرت
عنه إرادة المنتصرين في الحرب على الأقل – على أن يؤسس هذا النظام لمرحلة
جديدة في العلاقات الدولية قائمة على إشاعة السلم والأمن الدوليين والتعاون
الدولي البناء على قاعدة المساواة السيادية لكل الدول الأعضاء (في منظمة
الأمم المتحدة)، وحق الشعوب والدول في تقرير مصيرها وعدم التدخل في شؤونها
الداخلية (ميثاق الأمم المتحدة الموقع عليه في 26 يونيو/حزيران 1945 من قبل
ممثلي 50 دولة مؤسسة) . غير
أنه ما كاد حبر الدول الموقعة عليه فيما بعد ليصبح نافذ المفعول في 24
أكتوبر/تشرين الأول ،1945 ليجف، حتى اندلعت شرارة الحرب الباردة على يد
حليف روسيا في الحرب ضد النازية والفاشية رئيس الوزراء البريطاني الراحل
ونستون تشرتشل، وعادت الدول المؤسسة والقيادية للنظام الرأسمالي العالمي
والراعية له والساهرة على مصالحه، إلى اعتماد معايير نظامها الدولي القديم
المترافق نشوؤه مع بداية الحقبة الاستعمارية اعتباراً من القرن السادس عشر،
للتعاطي مع الشؤون الدولية والتعامل مع بقية أعضاء الأسرة الدولية من دون
الإخلال بالتزامها اللفظي بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومواثيق ومعاهدات
النظام الدولي “الجديد” (لما بعد الحرب العالمية الثانية) . وهكذا،
فإن الأصل هو أن الدول والشعوب غير ملزمة بالأخذ بالنظام الرأسمالي والعمل
بما تمليه فلسفته وقواعده وآليات عمله في البناء السياسي والاقتصادي .
وهذا على أية حال، هو على الأقل ما توافقت عليه الدول المؤسِّسة للأمم
المتحدة وسطرته في ميثاقها . ولكن
شتان ما بين النظرية والتطبيق، فالدول الأعضاء في المنظمة ليست حرة في
تقرير مصيرها واختيار النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يناسبها ويحقق
مصالحها حتى ولو كان مستوحىً من النظام الرأسمالي نفسه، كأن يقوم بوضع بعض
الضوابط على حركة رأس المال الأجنبي لحماية سعر صرف العملة الوطنية من
المضاربات المحمومة والضارة بالاقتصاد القومي، وبعض الضوابط المنظِّمة
لحركة أسعار الصرف والتجارة السلعية الرامية إلى حماية السوق المحلية من
التأثيرات السلبية لبعض ممارسات السوق المفتوحة المنفلتة العقال، كما فعلت
الأرجنتين على سبيل المثال قبل أيام التي يبدو أنها لا تريد أن تلدغ من ذات
الجحر الذي لدغت منه في العام 1995 . وكما هو الحال مع النظام الإيراني
الحالي الذي يأخذ بالمناسبة بالنظام الرأسمالي . . فما بالك بنظام يتبنى
النموذج الاقتصادي والاجتماعي الاشتراكي، كما كان حال نظام الرئيس المصري
الراحل جمال عبدالناصر والنظام الكوبي الحالي بزعامة راؤول كاسترو؟


لا
مجال في النظام الدولي الجديد لما بعد الحرب العالمية الثانية، لأي نزعة
استقلالية معبرة عن المصالح الوطنية حتى ضمن البوتقة الرأسمالية نفسها،
فلقد تمت إطاحة حكومة محمد مصدق في ايران يوم التاسع عشر من أغسطس/آب العام
1953 في عملية أعطتها المخابرات المركزية الأمريكية اسما كوديا هو
“العملية أجاكس” بسبب تطلعه إلى استثمار ثروات بلاده النفطية لمصلحة شعبها
قبل الآخرين، وتحديداً شركات النفط البريطانية والغربية، وذلك على الرغم من
انتماء مصدق إلى التيار الليبرالي التحديثي المحسوب على الفلسفة التنموية
الرأسمالية . وإلى ذلك أيضاً فإن هنالك خشية بالفعل مشابهة لما قد يحدث
للرئيسة الأرجنتينية كريستينا فرنانديز كيرتشنر وحكومتها من ردود أفعال
غربية انتقامية على خلفية الإجراءات التي اتخذتها لوضع ضوابط مشددة على
التحويلات المالية للعملة الوطنية (البيزو) إلى الدولار الأمريكي، بهدف
مكافحة عمليات تهريب الأموال للخارج والتهرب الضريبي وغسيل الأموال . حيث
تنبئ بذلك بعض مؤشرات الحملة الإعلامية التي ستحاول النيل من مصداقية
الحكومة الأرجنتينية وهز الثقة المالية العالمية بها، مع أن إجراءاتها ترمي
إلى حماية سوقها الداخلية، والحمائية هي في الأخير مذهب ميركنتيلي (تجاري)
أي رأسمالي!


ويتبع المهيمنون بالقوة على القرار الدولي، أسلوب “التسلل” إلى  مؤسسات
النظام الدولي “الجديد” لما بعد الحرب العالمية الثانية، للسيطرة عليها
والتحكم في مفاعيلها وتوظيفها في الاتجاه الذي يخدم مصالحهم، بما يشمل ذلك
اختيار أطقم العاملين و”تخليق” رجال الظل الذين يهندسون “المشاريع
والعمليات” قبل إيكالها إلى المنفذين . وهو ما يحيل النظام الدولي الجديد -  المفترض
أن يكون جديداً – لما بعد الحرب العالمية الثانية، إلى نسخة معدلة من
النظام الدولي العتيق الأقرب إلى فوضى النظام الذي كان شائعاً إبان عصبة
الأمم، حيث كان العالم منقسماً بشكل واضح بين الدول المستعمرة والبلدان
والمناطق المستعمَرة الضعيفة المغلوبة على أمرها .


وهكذا،
فإن النظام الدولي الحالي لا يسمح إطلاقاً بأي نوع من أنواع التعددية
التنموية النموذجية، وهو نظام أحادي غير ديمقراطي لا ينجو كل من يحاول
الخروج على نواميسه من عداواته القاسية، السافر منها والباطن، والتي تراوح
ما بين العقوبات وعصا الناتو “التأديبية”! فهو بهذا المعنى نظام شمولي لا
توفر استهدافاته أحداً مهما علا شأنه، بمن فيهم الرئيس الأمريكي نفسه، وذلك
برسم الاتهامات الخطرة والوقحة التي ساقها قادة الحزب الجمهري وجناحه
الأكثر تطرفاً وغلواً “حزب الشاي”، ضد الرئيس أوباما بأنه يريد أن يحول
أمريكا إلى الاشتراكية .
اقرأ المزيد

الشَّطط الإعلامي في الفضائيات العربية – د.علي فخرو

منذ بضع سنين، عندما بدأت موجة ولادات الفضائيات التلفزيونية العربية،
استبشرنا خيراً. لقد كان ذلك إعلاناً عن كسر احتكار الدولة العربية لواحدة
من أهمَّ وسائل تكوين الرأي العام بواسطة أنصاف الحقائق، والمبالغات في
المديح، وتعظيم ذوات القادة وشخصنة الحياة السياسية، وإخفاء الفساد،
والتلاعب بغرائز الإنسان الاجتماعية البدائية.

قلنا آنذاك إن قوى
وأشخاص المجتمع المدني ستعدٍّل المسار الرَسمي الخاطئ السابق وستساهم في
بناء مجتمعات متحاورة متسامحة متسامية دوماً نحو الأفضل والأرقى. اليوم،
وقد مرَ الكثير من سنين التَجربة لمئات الفضائيات العربية، تبدو آمالنا
السَابقة وكأنها كانت تمنِّيات عبيطة لم تحسب لما خلَّفته عصور الانحطاط
العربية والإسلامية من سلوكيات مريضة ومن أفكار متحجٍّرة ومن انقسامات
مذهبية خبيثة متقيِحة ومن استعداد مذهل للتراجع نحو الهمجية.

اليوم
تساهم الكثير من الفضائيات في ترسيخ وقبول أساليب حوارية متوحِّشة لا تنتهي
قط بتعديل في مواقف وقناعات المتحاورين أو بأدنى إقرار بإمكانية صواب موقف
الآخر، فتستمر الاستقطابات المجتمعية الحادَّة.

اليوم يتزاحم المشهد
الفضائي غير الحكومي بقصائد المديح والتلميع والكذب والتأليه نفسها التي
كان يلقيها الانتهازيون والوصوليون أمام مشاهدي القنوات الرسمية الاحتكارية
في الأزمنة الغابرة.

بل اليوم تمارس الكثير من الفضائيات ما لم تجرؤ
المحطات الرسمية السابقة فعله. بعضها يؤجِّج الفتن الطائفية بين السنَّة
والشيعة بصور إجرامية حقيرة، ويثير النَّعرات والكراهية القطرية على حساب
رابطة العروبة، ويتعمد بالمبالغات والتهويل دفع الأمَّة العربية نحو
التَّصادم مع دول الجوار الإسلامية على حساب الصِّراع مع العدو الصهيوني،
وينغمس في ترسيخ ثقافة سطحية استهلاكية غريزية مبتذلة على حساب ثقافة
الالتزام بقضايا الأمة والوطن والإنسانية التي تحتاج إلى فهم تحليلي عميق
لواقعها.

فإذا أضفنا إلى ذلك فضائيات الشَّعوذة الدينيَّة، والقراءات
المتخلِّفة المنحازة المضحكة لنصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية،
وبلادات الوصفات الطبيَّة غير العلمية والمضَّرة، والاندماج التَّابع لفكر
الليبرالية الجديدة في الاقتصاد العولمي بكل مغامراته وخطاياه، وإعلاء شأن
المغنِّين والرياضيين على حساب المبدعين والمفكرين والمناضلين… أذا أضفنا
كل ذلك أدركنا حجم مشكلة وخطر الإعلام الفضائي العربي غير الحكومي في زمنه
الحالي.

المشكلة هي أنه لم يعد الإعلام العربي ذاك أداة تواصل
وتفاعل ثري بين مرسل ومتلقِّي، بل أصبح أداة تأطير ورسم رث للمجتمعات
العربية كلَّها، وهنا تكمن المأساة. المشكلة أيضاً هي أن ذاك الإعلام انقلب
إلى حقل دعاية تنشر ثقافة التفكُّك والتمزيق. والدعاية كما وصفها أحدهم
بحذلقة تفتح العيون هي ذلك الفرع من فنِّ الكذب الذي يخدع أصدقاءك أكثر
بكثير مما يخدع أعداءك. ويا ليت تلك الفضائيات تنتبه لذلك القول ولمقولة
تسند للرئيس الأميركي السابق جون كندي من أن أعظم عدو للحقيقة ليس الأكذوبة
المتعمدة المخترعة «بل الأسطورة المستمرة والمتغلغلة والخيالية». ونسج
الأساطير التاريخية والدينية والسياسية العبثيَّة أصبح ممارسة يومية في
حياة بعض الفضائيات.

هل تستدعي هذه الصورة البائسة الرُّجوع إلى حالة
الاحتكار الرسمي السابقة أو الاستنجاد بالقوانين التي تنتهي عادة في بلاد
العرب بتكبيل الطيِّب والخبيث على السَّواء؟ الجواب القاطع هو كلاَّ.

ذلك
أن المجتمع المدني لن يستطيع تكوين رأي عام واع وتكوين مجال عام للإعلام
الحر الصادق إلاَ بتوفُّر حرية التعبير والتجمُّع في مؤسَسات مجتمع
مستقلَّة ونديُّة لنظام الحكم.

إذاً ما الحل؟ لا يوجد جواب سحري جاهز، ولكن يمكن طرح أسئلة قد تساعد في إيجاد الحلول.

1-
هل يمكن التقليل من عنف لغة الحوارات التي تعبٍّر عن العقل الجمعي الباطن
المشوَّش المليء بالانفعالات والتخيلات والأوهام الجامحة واستبدالها بلغة
عقل الأفكار والمعلومات والتواصل، وذلك حتى لا تصبح اللغة أداة عنف وخصام؟

2-
هل تستطيع الفضائيات أن تخلق كياناً طوعياً شبه مهني ومستقل يتفق على وضع
ميثاق يحدٍّد مرتكزات وأساليب نشاطاتها الإعلامية بحيث يجنّبها الوقوع في
الشَّطط الذي وصفنا بعضاً منه؟

3- هل تستطيع مؤسَّسات المجتمع المدني
السياسية والمهنية والنقابية لعب دور نشط مؤثَّر في حماية المجتمع من
الآثار السلبية لمثل ذلك الإعلام، بدلاً من الاعتماد على الحكومات
وتدخُّلاتها المليئة بالثَّغرات؟

قضية الكثير، وليس الكل بالطبع، من الفضائيات العربية أصبحت مشكلة تستوجب الحل.

علي محمد فخرو

صحيفة الوسط البحرينية

اقرأ المزيد

عبرة من «لجنة تقصي حقائق» في بلاد غير البحرين

وقف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس في برلمان ويستمنستر وقال
للجميع «أنا آسف بعمق للمظالم التي عانت منها أسر ضحايا هيلزبورو على مدى
23 سنة». بهذه الكلمات المتواضعة اعتذر رئيس الوزراء البريطاني لأسر 96
شخصاً من مشجعي كرة القدم الذين ماتوا بعد حادثة وقعت في ملعب كرة قدم في
مدينة شيفيلد في بريطانيا العام 1989 (المباراة كانت بين فريقي ليفربول
ونوتنجهام فورست).

حينها كانت الشرطة البريطانية قد ألقت اللوم على
جمهور المشجعين، وقالت إن تدافعهم على الأبواب، وعدم شراء بعضهم للتذاكر،
بينما كان عدد غير قليل منهم سكارى، قد أدى إلى وفاتهم. هذا الكلام الجارح
لم تقبله أسر الضحايا الذين طالبوا بتحقيق مستقل، وهذا التحقيق انتهى أمس
وقدم تقريره الرسمي إلى الحكومة.

كاميرون لم يرفض النتيجة وسارع أمس
إلى تقديم اعتذار الحكومة الرسمي لضحايا أسوأ كارثة رياضية في تاريخ
بريطانيا، وأشار إلى عمق أسفه لوفاة مشجعي فريق ليفربول في استاد هيلزبورو،
ووافق على جميع نتائج لجنة التحقيق التي استعرضت جميع الوثائق وخلصت إلى
أن الشرطة كانت السبب في وقوع الكارثة.

اعتذار رئيس الوزراء
البريطاني سيفتح الباب للتعويضات، وسيفتح الباب لمحاسبة الشرطة وجهات عدة،
وخصوصاً أن عوائل الضحايا ستحصل على وثائق رسمية لم يكشف عنها سابقاً، وهي
تشير إلى أن الشرطة فعلاً قامت بتحويل المسئولية عن الكارثة على الضحايا
ولطخت سمعتهم، وادّعت أن العديد منهم كانوا في حالة سكر. كاميرون قال أمس،
إن الأدلة الجديدة أوضحت أن عائلات الضحايا تعرضوا لظلم مزدوج، ظلم من
الأحداث المروعة وفشل الدولة في حمايتهم، وظلم من الحط بسمعة من مات منهم
عبر إلقاء اللوم عليهم.

هذه واحدة من عشرات لجان التحقيق التي تشكل
باستمرار في بريطانيا والدول المتقدمة حول مختلف القضايا الحساسة، وتنتهي
إلى نتائج معينة، وتقوم الحكومة بالإعلان عن قبولها النتائج وتسارع إلى
تنفيذها، وهي بذلك تغلق صفحة مملوءة بالآلام وتفتح صفحة جديدة لمستقبل
أفضل.

بحرينيّاً، كان بإمكاننا أن نتعامل مع نتائج لجنة تقصي الحقائق
(لجنة بسيوني) بنفس الطريقة، ولو فعلنا ذلك لكُنّا قد أغلقنا صفحات من
الآلام، ولكُنّا قد فتحنا صفحة جديدة على المستقبل.

منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية
اقرأ المزيد

معركةٌ في اسطنبول

 

 
أنتهت في وقتٍ متأخر من البارحة ( 9 سبتمبر) الجولة الأخيرة (الحادية عشرة) لأوليمبياد الشطرنج الدولي الـ 40 ، المقيم في اسطنبول منذ 27 من الشهر الماضي. هذا وقد كان موقف الفرق والترتيب العام لم يكن واضحا بعد الجولة قبل الأخيرة (العاشرة)، مما زادت الإثارة والتكهنات عمن سيفوز بالذهبية والفضية والبرونزية، حيث أن التكهنات كانت تجري لصالح الصين!

ولقد أسفرت النتائج النهائية لفرق الرجال والنساء (حسب الرابطين أدناه) عن تعادل روسيا وأرمينيا في صدارة النقاط. ولكن الموقف حُسم بكسر التعادل لصالح أرمينيا، التي فازت بالذهبية تاركة الفضية لروسيا. وفازت أوكرانيا بالمركز الثالث حاصلة على البرونزية. أما ترتيب الدول لفرق النساء فقد حصلت روسيا على المركز الأول (الجائزة الذهبية) واحتلت الصين المركز الثاني (الجائزة الفضية) بينما فازت أوكرانيا بالمركز الثالث واكتفائها بالجائزة البرونزية – كحال فريقها الرجالي

من الجدير بالذكر أن أوليمبياد الشطرنج الدولي يجري كل سنتين، وهو تقليد منذ أول أول لقاء دولي رسمي جرى في لندن، في سنة 1927. هذا وقد بلغ عدد الدول في أوليمبياد اسطنبول رقما قياسيا تجاوز 157 فريقا للرجال من حوالي 150 بلداً. بينما وصل عدد فرق النساء في حدود 127 فريقا؛ يمثلون حوالي 120 بلداً

اشتركت غالبية بلداننا العربية في هذا العرس الشطرنجيّ العالميّ، ولو أن نتائجها لم تكن مرجوة! أفضل مركز عربي سُجل باسم مصر (فريق الرجال) بترتيب 53 . أما فيما يتعلق بترتيب فرق النساء العرب، فقد جاءت الجزائر بترتيب 73 . أما البلدان الاسلامية والشرق اوسطية والأسيوية فقد تقدمت كل من تركيا وإيران، بجانب دول اسيا الوسطى والقفقاس. وقد كان تقدم الفريق الفييتنامي ملفتاً! .. والمفاجاة الملموسة أن الفريق الإيراني النساني جاء ترتيبه متميزاً، ضمن العشرة الأوائل (المركز التاسع) متقدماً على الفريق الامريكي الذي جاء عاشراً

ظل حفل الختام والتوديع الفني والغنائيّ صاخباً حتى الساعات الأولى من فجر هذا اليوم؛ الأثنين، حيث أحيته الفرق والمغنيين الأتراك، على رأسهم المغنية التركية المشهورة ؛ “صيرتاب ارينر”! يبقى أن نفيد أن الأوليمبياد الـ 41 القادم في سنة 2014 سيكون في أقسى الشمال النرويجي؛ مدينة ” ترومسو “. أما الأوليمبياد الـ 42 في سنة 2016 سيكون في “باكو”، عاصمة أذربايجان 



الرابط أدناه يعطي النتائج النهائية وترتيب الدول لفرق الرجال أو الجولات المفتوحة – رجالا ونساء
http://results.chessolympiadistanbul.com/tnr77681.aspx?tnr=77681&zeilen=99999

الرابط أدناه يعطي النتائج النهائية وترتيب الدول لفرق النساء
http://results.chessolympiadistanbul.com/tnr77682.aspx?art=0&lan=1&flag=30

 

 
موقع الحوار المتمدن
10 سبتمبر 2012
اقرأ المزيد

كريم مروة: التنظيمات الإسلامية لن تستطيع أن تنشئ نظاماً استبدادياً

 



نص الحوار الذي أجراه اسكندر حبش مع كريم مروة في جريدة “السفير” 4/9/2012 


يقول إنه ليس مؤرخا، ومع ذلك، يعيد كريم مروة في كتابه الصادر حديثا بعنوان «قادة تاريخيون كبار في ثورات القرن العشرين» (الدار العربية للعلوم ناشرون) قراءة بعض معالم القرن المنصرم، عبر ثوراته، وكأن ثورات الربيع العربي، تدفعه إلى ذلك. ويضم الكتاب سيرة تلك الثورات عبر سيرة 37 قائداً من قاداتها.  

حول كتابه هذا الذي يقع في جزءين هذا الحوار.
 
 
تعتبر في مقدمتك أن هذا الكتاب وكأنه ولد من «الربيع العربي»، بأي معنى تتذكر هؤلاء «القادة» في ظلّ ما نشهده حاليا؟
 
 الكتاب جاء في أساسه وبقرار واع من قبلي، انطلاقا مما قدمته لنا الثورات العربية المعاصرة مما هو إيجابي ومما هو سلبي. ذلك أنني رأيت أنه من المفيد أن أذكر ثوارنا الجدد بأن للثورات أصولا وأن لها تواريخ وأنها في القرن العشرين قامت ضمن شروط تاريخية كانت تقتضي قيامها، فحققت انجازات ووقعت في إخفاقات وفشلت جميعا في نهاية المطاف قبل أن ينتهي القرن. أردت أن أقول لثوارنا الجدد إن عليهم أن يقرأوا التاريخ ويحاولوا استخلاص الدروس منه، حتى لا يقعوا مرة ثانية في ما وقعت فيه الثورات السابقة. وأردت في الآن ذاته، أن أشير إلى أن الثورات المعاصرة قامت في شرط تاريخي ضروري لقيامها.  ولكن من دون جميع موجبات ذلك الشرط. فوقعت فيما وقعت فيه من نكسات، رغم الإنجاز العظيم الذي حققته بإسقاط رموز أنظمة الإستبداد في بلدانها، وتتهيأ لإسقاط من تبقى من تلك الرموز.
 
بهذا المعنى الذي تُحذّر منه، ألا تجد أن ثمة انزياحا يتمظهر بطريقة ما، للثورات الحالية، وبخاصة ذهابها إلى أنظمة حكم إسلامية؟
 
 هذا بعض ما أردت أن أقوله، ليس فقط تحذيرا للثوار من الاستمرار في الوقوع في الخطأ، وإنما أيضا للقول بأن ما قام به الثوار، وهو أساسي، إنما وضع نظام الاستبداد القديم في مرحلة الانتهاء منه ومن احتمال عودته. أقول ذلك وأنا أدرك معنى ما أشرت إليه أنت من انزياح في مسار الثورة تمثل في احتواء التنظيمات الإسلامية للثورة بسبب العفوية الطاغية على الثورات. وعندما أشير إلى العفوية لا أريد أن يفهم من ذلك ما يمكن اعتباره إساءة إلى هذه الثورات. فهي برغم عفويتها قد حققت انجازا كبيرا في أنها أسقطت أنظمة استبداد عاشت طويلا في بلداننا وعاثت فيها قهرا وفسادا وإفسادا وتخلفا. بهذا المعنى، وبرغم كل المحاذير التي تشير إليها الوقائع القائمة حاليا والوقائع المحتملة، فإنني من الذين يعتبرون أن التنظيمات الإسلامية لن تستطيع، وأكاد أجزم بذلك، أن تنشئ نظاما استبداديا باسم الدين كما تفهمه وكما تحاول أن تعممه في بلداننا. لكن ذلك الذي أتحدث عنه وأتنبأ به، إن صح التعبير، لا يتمّ بشكل عفوي، الأمر الذي يستدعي من الثورة والثوار وتنظيماتهم القديمة والجديدة أن يستخلصوا الدروس من تجربتهم الخاصة وأن يتوحدوا في مواجهة محاولات الإسلاميين إقامة نظام استبدادي من نوع جديد وأن يضعوا برنامجاً حقيقياً وواقعياً في الآن ذاته للمرحلة المقبلة، تخلصا من العفوية وارتقاء متعاظما بالوعي عندهم.
 
من التوصيفات التي قرأتها حول «الثورات»، نجد ما يعتبره غويتيسولو بأنها «خرف البطريرك» لا ربيع الشعوب. ما رأيك؟
 
لا أوافق على هذا الرأي. فأنا مصرّ على اعتبارها ربيعا حقيقيا ولا أقول ذلك تعسفا بل استنادا إلى ما أنجزته هذه الثورات. وهو برأيي كبير ومغاير لما كنّا نتصوره انه ثابت وغير قابل للتغيير.
 
لماذا اخترت هؤلاء القادة، التي قد يختلف البعض معك في توصيفهم؟
 
في الحقيقة أردت أن أكون موضوعيا كما أصف عملي هذا من خلال قراءاتي لجميع الثورات من دون استثناء، كبيرها وعظيمها وصغيرها. وهي ثورات اختلفت من حيث نوعها وطبيعتها والقوى التي قامت بها.  فهي ثورات اشتراكية في مقدمتها ثورة أوكتوبر التي افتتح بها لينين القرن العشرين بقيادته لها مع البلاشفة. ولهذه الثورة نماذج كالثورة الصينية والثورة الفيتنامية.. وهناك ثورات عديدة أخرى.  وهناك الثورات الوطنية التحررية بدءا بثورة عمر المختار والخطابي والقسام وزغلول وسلطان الأطرش وأبو التمن والبارازاني وبورقيبه ولومومبا وبن بلا ومانديلا.  وهناك ثورات من نوع آخر كذلك التي قادها غاندي ومصدق والخميني وجمال عبد الناصر وأتاتورك.  فضلاً عن الثورة الكوبية وبطليها كاسترو وغاندي. وهناك ثورات اجتماعية ودستورية لن أدخل في تعدادها. لقد أردت من استحضار هذه المجموعة من قادة الثورات السابقة أن أشير إلى أن القرن العشرين كان بامتياز قرن الثورات على اختلافها. لكن المشكلة التي ركزت عليها في قراءاتي النقدية لجميع هذه الثورات هي أن قادتها جميعهم من دون استثناء قد وحدوا بين طوحاتهم وهي مبررة والأهداف التي ارتبطت باسم الثورات التي قادوها بمعنى أنهم شخصنوا القضية وتحولوا بنسب متفاوتة، معظمهم إن لم يكن جميعهم، إلى قادة تاريخيين لشعوبهم. وكانوا بهذا المعنى هم لوحدهم من دون سواهم يحملون أهداف الثورة والأهداف الشخصية المرتبطة بوجودهم على رأس هذه الثورات. الأمر الذي حول العديد منهم إلى قادة استبداديين بصيغ مختلفة.  وقادهم هذا الأمر الذي وضعوا أنفسهم فيه ووضعوا ثوراتهم فيه، إلى الفشل الذي منيت به جميع ثورات القرن العشرين للآسف الشديد، وعلى رأس هذه الثورات أكبر ثورة في التاريخ المعاصر: ثورة أوكتوبر الاشتراكية.
 
 
التاريخ الشخصي
 
يأتي كلامك هذا الآن، ولكن كريم مروة لم يكن ينظر إلى ذلك بهذه الطريقة، هل هي مراجعة نقدية لتاريخك الشخصي عبر تاريخ هذه الثورات؟
 
سؤالك جميل ومحق.  وأذكرك بأنني في كتابي «نحو نهضة جديدة لليسار في العالم العربي» الذي صدر منذ عامين، قلت في مقدمته وأنا أتحدث عن انهيار التجربة الاشتراكية أنني أعتبر نفسي من الموقع الشخصي ومن الموقع الحزبي في آن، مسؤولا بمعنى من المعاني عن هذا الانهيار الذي انتهت إليه التجربة الاشتراكية قبل نهاية القرن. وبهذا المعنى فإنني أكرر هنا، معك، مراجعتي النقدية لتجربتي الشخصية والحزبية كاشتراكي معاصر. وأشير إلى صفة معاصر لكي أتمايز عما كنت عليه في تاريخي الاشتراكي السابق وعما كانت عليه التجربة الاشتراكية على الصعيد العالمي بشكل عام. وجوهر ما أرمي إليه هنا هو أنه إذا كان مشروع ماركس لتغيير العالم هو مشروع حقيقي، وهو حقيقي برأيي، فإن على الذين يزعمون أنهم ينتمون إلى فكر كارل ماركس وإلى مشروعه لتغيير العالم أن يدركوا أن الفكر هو تاريخي وأنه لا تقديس للفكر لا سيما إذا كان هذا الفكر علميا كما أكد على ذلك ماركس في كل كتاباته.  وهو، أي ماركس، كان أول من استشرف المستقبل وهو يدافع عن أفكاره في تاريخيتها قائلا إلى من يريد أن يرتبط بالاشتراكية وبالمشروع المتصل بها لتغيير العالم عليه أن لا يجعل من الفكر الاشتراكي عقيدة جامدة وألا يسمي نفسه ماركسيا. وهنا تكمن عبقرية ماركس التي لم يتعلم منها كثيرون ممن قادوا الحركات الاشتراكية السابقة ولا سيما ممن لا يزالون أسرى الفكر القديم بتحويله إلى فكر ديني، يا للآسف. وهذا ما جعل كل الأحزاب التي انتمت إلى أفكار ماركس تقع فيما هي فيه الآن من حالة انحدار ومن حالة عجز عن الخروج من الأزمة التي تعاني منها.  أقول ذلك من دون أن أدخل في التسميات، عربيا وعالميا ومن دون استثناء.
 
وأين لينين من ذلك كله؟
 
عبقرية لينين في نظري هو أنه كان يغير موقفه وأفكاره وبرامجه كلما أدرك أن هذا التغيير ضروري للنجاح في الثورة قبل أن تنتصر، وفي الثورة بعد أن انتصرت. ويشكل برنامجه المعروف بالنيب (السياسة الاقتصادية الجديدة) الذروة في هذا المعنى. لكن مشكلة لينين التي أشرت إليها في الكتابة عنه في مطلع كتابي هو أنه كان يعتبر أن الاجتهاد هو حق حصري له وأن من يخالفه في الاجتهاد هو مرتد.  وهذه واحدة من خطايا لينين. أضف إلى ذلك، وهو ما أشرت إليه في الكتاب، أن تقسيمه للأممية الثانية، حتى وهو كان على حق في بعض الأسباب التي قادته إلى ذلك، قد أدى في نهاية المطاف إلى ما ساد القرن العشرين وما يسود الآن من انقسام حاد في الحركة الاشتراكية، استمرت فيه الاشتراكية الديموقراطية بصورة من الصور من خلال وجودها على رأس عدد من بلدان أوروبا الغربية.  في حين انهارت عمليا كل الأحزاب الشيوعية التي انتمت إلى الأممية الثالثة التي أسسها لينين.
 
 
أجرى الحوار: اسكندر حبش
جريدة “السفير”  اللبنانية
 4/9/2012
 
 

 

اقرأ المزيد

البيريسترويكا الصينية



ليست الصين مَن سوق للعالم مصطلح “بيريسترويكا” الذي ذاعت شهرته في الآقاق، من فعل ذلك كان ميخائيل غورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفييتي المنهار، وهي مفردة روسية ترجمتها الحرفية إعادة البناء، لكن من نفذ هذه البيريسترويكا وجعل منها أمراً واقعاً هي جمهورية الصين الشعبية التي هي شأنها شأن الاتحاد السوفييتي السابق دولة بنظام اشتراكي، يقودها حزب شيوعي، وتمسك فيه الدولة بمفاصل الاقتصاد، وتتشابه مع روسيا في فرادة تاريخها السياسي، والخصائص النفسية والثقافية لشعبها . فقد اكتفى غورباتشوف بهدّ المعبد القديم، من دون أن يفلح في إقامة البديل على أنقاضه، فكان ما كان من زوال تلك الدولة الجبارة مترامية الأطراف من الخريطة الدولية، التي تناسلت عنها مجموعة من الجمهوريات متفاوتة المساحة والأهمية، جلّها بات ذات هوى غربي- رأسمالي، في خيارات التنمية وفي التحالفات الدولية، أما الصين فقد أعادت تكييف النظام الاشتراكي وتطعيمه بآليات منتخبة من اقتصاد السوق، فعقدت ما يشبه المزاوجة الخصبة بين أسلوبي التنمية، مفسحة المجال للنظام القديم أن يتحول تدريجياً، دون هزات أو فرقعات، فيتحرر بإيقاع يبدو مدروساً من القيود الأيديولوجية، لكن من دون إدارة الظهر للميراث الثقافي والحضاري للصين، الذي كان الخيار الاشتراكي في التنمية منسجماً معه، أخذاً بعين الاعتبار المساحة الشاسعة للبلد، والعدد الهائل للسكان، ما جعل من الدور القيادي للدولة في إدارة الاقتصاد مسألة محورية .
كما الأفراد الذين يعملون في صمت، هناك الدول التي تعمل في صمت وتحقق الإنجازات، فيما سواها منشغل بالضجيج من دون فعل . وحين يتعين علينا أن نضرب مثلاً على هذا النوع من الدول، يبرز اسم الصين بالذات، الماضية بدأب في تنفيذ مشروعها بأناة وصبر وصمت . ولا تبدو الصين راغبة في التورط الكبير في قضايا الساعة الدولية، ليس لأنها زاهدة في ذلك، وإنما لأنها لا تريد لقواها وجهودها أن تتشتت في ما لا تعده جوهرياً بالنسبة إليها، وهي لا تكثر من الحديث عن الأيديولوجيا، ولكنها تعمل تماماً وفق الإيقاع الذي يستجيب لمصالحها، والصين -الصامتة – تتعمد الصمت . إن عينها ليست على الحاضر فحسب، إنما على المستقبل .
حتى الآن فإن العالم العربي ما زال ينظر بعين واحدة لا تتوجه إلا غرباً، ورغم الدعوات الكثيرة للالتفات نحو الشرق، فإننا نزعم أن هناك ما يشبه الغفلة العربية، ولنقل التغافل، عن رؤية ما يمور في عالم اليوم من تحولات عميقة، ستشكل خريطة سياسية واقتصادية جديدة خلال العقود القليلة المقبلة، ومن علامات ذلك بروز الصين لا سياسياً   فحسب، وإنما اقتصادياً أيضاً، وسيكون أي مسعى عربي لمد جسور التعاون معها نوعاً من الصحوة من هذه الغفلة التي  طالت، لكن السائد عندنا حين نريد العودة للآخر هو التفكير في الغرب، بثقافته وأدبه واقتصاده وحضارته إجمالاً، لكننا نهمل تماماً، ماضياً وحاضراً، الفكر الهندي والحكمة الصينية، وكلاهما يعتمد على أسس بعيدة عن الإرث اليوناني والسامي، فيما علماء الغرب نفسه، المزهو بنفسه ونهضته، قد اهتموا ويهتمون كثيراً بهذا التراث النافذ العميق . وحان أوان أن يكون لنا أكثر من آخر غير الغرب، والصين في مقدمة هذا الآخر البديل 

اقرأ المزيد

التستر على الانتهاكات الإنسانية… جريمة دولية

إن الهروب من طرح موضوع الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في أساليب
الانتهاكات التي تمارسها بلدان تتستر على أفعالها، ما هي إلا جريمة دولية
تُعاقب عليها الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان وتحتقر المجتمع الدولي.

والبلدان
العربية كغيرها من بلدان آسيا الوسطى مثلاً، خبيرة في التلاعب بمصير
مجتمعاتها من خلال إصدار قوانين تفصّل بما يلائم أجندتها وإطلاق تصريحات
تتحدّث عن حقوق الإنسان لمجرد الاستهلاك الإعلامي، ولكنها ليست كذلك لأن
كثيراً منها لا يبحث عن حلول ولكن عن قمع لمشاكلها السياسية. هذا القمع
الذي يفاقم من وضع مشاكلها ويجعلها أكثر تعقيداً على المستوى الداخلي، بل
وتحدياً للمجتمع الدولي الذي يبقى يراقب وضع الدول عن كثب.

لقد واجهت
محاكم جرائم الحرب بعد الحرب العالمية الثانية انتقاد بعض القادة
السياسيين الذين اعتقدوا أن القانون الدولي لم ينص أصلاً على تلك
المحاكمات. وقد أسست الأمم المتحدة في العام 1947 هيئةً للقانون الدولي
لوضع نظام للقوانين الدولية، منها تلك التي تختص بجرائم الحرب. وفي
تسعينيات القرن الماضي بدأت الأمم المتحدة في محاكمة الذين اتهموا باقتراف
جرائم حرب في رواندا ويوغوسلافيا السابقة قبل تفككها العام 1991. وفي العام
1998 أجازت الأمم المتحدة اتفاقية إنشاء محكمة جرائم الحرب الدولية
الدائمة للنظر في جرائم الحرب وغيرها. وأصبحت الاتفاقية نافذة في العام
2002 بعد أن وقّع عليها 139 بلداً و73 قاضياً ورجل قانون دولي.

والتاريخ
الحديث مليء بالتجارب تماماً كما هو التاريخ القديم، ولو نظرنا إلى تجربة
الحرب في البوسنة والهرسك فقد مارس الصرب في أوائل التسعينيات من القرن
الماضي أفظع الجرائم التي عرفتها الإنسانية بحق أسرى الحرب والمدنيين في
البوسنة والهرسك. وقد شكلت الأمم المتحدة (مايو/أيار 1993) لجنة لمحاكمة
المسئولين من الصرب عن تلك الجرائم والفظائع وبدأت المحاكمات في العام
1996. وفي 14 يوليو/تموز 1997 حكمت محكمة الأمم المتحدة المختصة بجرائم
الحرب في البوسنة في لاهاي بمعاقبة دوسكوتا ديتشي بالسجن لمدة عشرين عاماً
لارتكابه جرائم حرب، وضلوعه في عمليات اضطهاد منتظمة في حق المدنيين
المسلمين في شمالي البوسنة. ثم مثل أمام المحكمة في الشهر نفسه
ماركوفاسيفيتش الحاكم السابق لمدينة بربيدورا لمحاكمته بتهم مماثلة. وفي
يوليو 2001، سلمت الحكومة الصربية رئيس البلاد السابق سلوبودان ميلوسيفيتش
لمحكمة لاهاي لارتكابه جرائم حرب ضد سكان البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفو
إبان فترة حكمه.

وتعتبر محاكمات نورنبيرغ أول محاكمات جرائم حرب
أقامتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي (سابقًا) وبريطانيا وفرنسا،
وعقدت ثلاث عشرة محاكمة لمقاضاة قادة ألمانيا لأعمالهم العدوانية أثناء
الحرب العالمية الثانية (1939- 1945). واستمرت المحاكمات من العام 1945 إلى
1949 في نورنبيرغ بألمانيا، إذ كان الحزب النازي ينظم اجتماعاته بقيادة
أدولف هتلر. وفي المحاكمات، واجه القادة النازيون تُهَماً بارتكاب أعمال
وحشية وجرائم حرب. وشملت أوجه الاتهام ضد القادة النازيين الجرائم ضد
السلام، وشن الحرب، وقتل أسرى الحرب والمدنيين، والتدمير المفرط للأرض
والمدن. أما الجرائم ضد الإنسانية فتشير إلى ثلاث مخالفات أساسية كتهجير
المدنيين وقطع أرزاقهم، وإجراء تجارب طبية لا إنسانية، واضطهاد وقتل الناس
لآرائهم السياسية أو بسبب العِرْق أو الديانة.

لقد أكدت محاكمات
نورنبيرغ وحرب البوسنة والهرسك أن الجنود والمواطنين عليهم واجب أخلاقي،
وهو عدم إطاعة الأوامر أو القوانين غير الإنسانية. وهو أمرٌ لم نلمسه بعد
في الشوارع والمدن العربية التي مازالت تشهد إما حروباً أو احتجاجاتٍ على
أوضاعها السياسية المتردية دون حلٍّ حقيقي، والاعتراف بالمشكلة المعاشة في
المشهد السياسي.

ريم خليفة
صحيفة الوسط البحرينية
اقرأ المزيد

الاستفادة من تجربة التسعينات

لم نكن لنصل إلى الوضع الحالي بكل مآسيه، لو تم قراءة التاريخ البحريني
بشكل صحيح، والبناء على هذه القراءة لكي نتقدم للأمام في سبيل مجتمع أكثر
حرية وديمقراطية بدلاً من النكوص للوراء.

من الغريب أن لا أحد من
المفكرين البحرينيين قد تطرق لفترة التسعينات من القرن الماضي ليحلل من
خلال تلك الفترة الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لنفهم بالضبط ما الذي
أدى إلى اندلاع حركة احتجاجية عارمة كانت الأعنف في التاريخ البحريني،
سواءً من حيث استخدام الأساليب الاحتجاجية أو من حيث استمراريتها لأكثر من
خمس سنوات، حيث بدأت من العام 1994 واستمرت حتى العام 1999.

حركة
التسعينات حتى وإن لم تستقطب أغلبية البحرينيين واقتصرت على فئة الشباب
المتحمّس، إلا أنها أسّست لوعي عام، واستطاعت في وقتٍ لاحق كسب تعاطف
الجميع وخصوصاً بعد أن حققت مكاسب للشعب البحريني، كان أهمها إلغاء قانون
أمن الدولة وعودة المنفيين وتبييض السجون، بالإضافة إلى عودة الحياة
البرلمانية في البحرين.

لا يمكن بالطبع إغفال دور مشروع جلالة الملك
الإصلاحي، ولكن هذا المشروع لم يكن إلا ترجمةً لمطالب حركة التسعينات
والعريضتين النخبوية والشعبية، حيث استطاع جلالة الملك أن يخرج البحرين من
الوضع المتأزم حينها، والذي كان مرشحاً للاستمرار إلى ما لا نهاية.

وكما
الأمس فإن من وقف ضد التحرك الشعبي في فترة التسعينات ووصفه بالإرهاب
والتطرف والتبعية للخارج، ولم يقدّم مشروعاً تصالحياً ينهي حالة الاحتقان
واكتفى بترديد عبارات الشجب والإدانة، يتخذ اليوم الموقف نفسه.

القراءة
الصحيحة للتاريخ البحريني تفترض إن ما حدث في التسعينات لم يكن إلا حتميةً
تاريخيةً فرضتها التطورات العالمية بشكل عام، وتطور المجتمع البحريني بشكل
خاص، بحيث لم يكن من الممكن إبقاء حالة السلم الأهلي والتوافق المجتمعي
إلا بتقديم الحكم مجموعةً من التنازلات تتناسب مع ما وصل إليه المجتمع
البحريني من تطور فكري واجتماعي وسياسي.

القبول بهذه القراءة يمكن أن
تكون مفتاحاً لحل الأزمة الدائرة حالياً، في حين أن فرض قراءات مجافية
للواقع لا يمكن لها إلا زيادة وتيرة الانزلاق نحو هاوية لا يمكن التنبؤ
بقرارها.

ما تحتاج إليه البحرين فعلاً هو مبادرة شجاعة وجريئة تحاكي
مبادرة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في العام 2001، تنطلق من تنفيذ جميع
التوصيات التي خرجت بها لجنة تقصي الحقائق وتقود إلى مصالحة وطنية شاملة.

جميل المحاري

صحيفة الوسط البحرينية

اقرأ المزيد

ماذا بعد الإفراج عن الأطباء؟ – سوسن دهنيم


مرَّ عامٌ على الإفراج عن الطاقم الطبي المتهم في أحداث 14 فبراير/ شباط، بعدما تعرض لأشكال من التنكيل والأذى النفسي والجسدي، وما لحق بعوائلهم من ضرر، وخصوصاً بعد اتهامهم في مختلف وسائل الإعلام بتهمٍ جسامٍ، برّأ بعضهم القضاء منها جميعاً، وبرّأ بعضهم الآخر من كثيرٍ منها، ولكن ماذا تحقق بعد الإفراج؟
 
كثيرون من أفراد الطاقم من أطباء وممرضين ومسعفين لم يعودوا إلى أعمالهم ولاتزال رواتب بعضهم تُستقطع، وبعضهم الآخر لم يستلم مستحقاته حتى الآن، إضافةً إلى المسعفين الذين يتعرضون للاستهداف حسبما أشار بعض أفراد الطاقم في الجلسة الحوارية التي عُقِدَت صباح الجمعة بحضور كثيرٍ منهم، وهو نفسه ما يشير له الواقع الراهن.
 
مرّ عامٌ على الإفراج ومازالت العقول لا تصدّق ما حدث، ومازال الذين اتهموا الطاقم في وسائل الإعلام الرسمية من مسئولين رسميين لم يفكروا بالاعتذار رسميّاً لجميع أفراد الطاقم بسبب اتهامهم بحيازة الأسلحة التي برأهم منها القضاء، ولأفراد الطاقم الآخرين ممن برئوا من جميع التهم الأخرى المنسوبة إليهم.
 
مرّ عامٌ على الإفراج عنهم وعامٌ ونصف على كارثة القطاع الصحي في البحرين بعد كل ما حدث، وبعد التمييز الذي طال الكثير من فئة معينة، وبعد حرمان المرضى من التردد على أطبائهم من الاستشاريين الذين كانوا دوماً محلّ فخر واعتزاز البحرين في المحافل المحلية والعربية والعالمية.
 
عامٌ ونصف مرّوا ليفاجأ الاستشاريون والأطباء في وزارة الصحة بالقرار الصادر بتاريخ 6 سبتمبر بخصوص المهلة الممنوحة للاختيار بين العمل الحكومي في المستشفى وبين عياداتهم والذي نص على انه «يمنع على جميع الأطباء والاستشاريين العاملين بالمستشفيات والمراكز الصحية وغيرها من الجهات التابعة لوزارة الصحة العمل بأية جهة أخرى سواءً كانت مملوكة لهم أو لغيرهم. ويجب على جميع الأطباء والاستشاريين المذكورين في الفقرة الأولى والذين يعملون حالياً بجهات أخرى توفيق أوضاعهم بما يتفق مع أحكام هذا القرار خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ العمل بهذا القرار».
 
قرارٌ لن يؤثر على الأطباء فقط، بقدر ما سيؤثر على البسطاء من أبناء الشعب ممن لا يملكون ما يأكلونه، كي ينفقوا على العلاج بالمستشفيات الخاصة الكثير حين يختار الطبيب العيادة على العمل في المستشفى وهو المتوقع وخصوصاً إذا ما عرفنا أن رواتب الأطباء الاستشاريين ليست بالمستوى المطلوب مقارنةً برواتب الاستشاريين في الدول الأخرى ومقارنة ببعض الاستشاريين العرب العاملين في وزارة الصحة، وإذا ما عرفنا حجم التمييز الذي يتعرض له أفراد الطاقم ممن عادوا إلى وظائفهم بعد إيقافهم فتغيرت مناصبهم وتغيرت أقسامهم واختصاصاتهم.
 
تأثيرٌ يبدأ من تنازل المريض عن طبيبه أو الطبيب الذي رُشِّح له باعتباره الأكفأ والأفضل في مجاله، وكيف لا واستشاريون كثيرون قد قرروا الخروج بعد هذا القرار بحسب ما نُقِل في بعض المواقع على ألسنتهم، ويمرّ هذا التأثير بتكبد المريض مبالغ للعلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة التي قد لا يقوى على دفع رسومها، وصولاً إلى حرمانه من حقه في تلقي العلاج المناسب الذي يكفله له الدستور وتكفله له المواثيق الدولية لحقوق الانسان. وخسارة الطبيب لن تكون ماديةً فقط بهذا الاختيار، بل الأمر يتعداها إلى ما هو أبعد، وهي الخسارة النفسية التي تجعل الطبيب عاجزاً عن مدّ يد العون لمريضه حين يتطلب المرض القيام ببعض الفحوصات والأشعة، إذ باستطاعة الطبيب أن يتنازل عن حقه مقابل الكشف والاستشارة، ولكنه لن يستطيع فعل شيء أمام المبالغ الكبيرة نسبياً التي قد يدفعها المعدم للقيام بهذه الفحوصات في مستشفيات أو مراكز فحص أخرى غير عيادة هذا الطبيب أو ذاك.
 
صدور هذا القرار في مثل هذا التوقيت الذي يطالب فيه الرأي العام المحلي والمنظمات الدولية بعودة أفراد الطاقم الطبي إلى مواقعهم يجعلنا نتساءل: هل القرار مهنيٌّ أم أن للسياسة يد طالته؟
 
والجواب معروفٌ لدى من يحاول التفكير بعين حيادية.


صحيفة الوسط البحرينية
الكاتب:  سوسن دهنيم
 10 سبتمبر 2012م

اقرأ المزيد

المقاومة والشيوعيون : محمد علي مقلد


 
جمّول…
المنسية !
يا عذراءنا … نحبك نحبك نحبك.
نخجل, لأننا لا نتقن إقامة الأعراس ولا شكّ عقود الورد.
نحن نتقن استحالة الحفاظ على الشرف!
نحن شهود زور على دمائك الزهرية…
نحن لا نستحقك … يا لؤلؤة بحارنا ونرجس جبالنا
 
                                        ( محمد فرحات ، مقاوم من جمول)
 
 السادس عشر من أيلول هي الذكرى السنوية لتأسيس جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ( جمول). ما الذي تبقى منها بعد ثلاثين عاما؟ من يقرأ نصوصا وخواطر وتعليقات كتبها محمد فرحات وسواه من أوائل المقاومين ، يدرك حجم المرارة التي تعتصر قلوب هؤلاء الأبطال.
 
هم الذين لبوا نداء جورج حاوي ومحسن ابراهيم ، في 16 أيلول 1982، ليطلقوا نقطة الضوء الشجاعة في ليل الهزائم العربية . مقاومتهم كانت ” لؤلؤة البحار ونرجس الجبال والعرس والورد والشرف والعذراء ” ، ثم ضاعت على غفلة ، فشعروا أن أحدا ما ، شخصا أو حزبا أو دولة ، اختلسها منهم  وحرف مسارها  وشوه سمعتها.
 
مع أن جورج حاوي ناداه ” يا قائدي ومعلمي ” ، اختار ياسر عرفات ركوب موجة العداء لسوريا وضحى بالشيوعيين. لاقاه حافظ الأسد في منتصف الطريق ممعنا في حصاره وتدمير المخيمات ، معاقبا الشيوعيين لأنهم رفضوا أن يكونوا إحدى أدوات الحصار والدمار. اثنان كانا يخططان لتحرير الأرض من الاحتلال ، واثنان كانا يتنافسان على السيطرة ويتسابقان على حلبة الاستبداد . وجمول لم تكن تدرك أن هذا الذي يحصل على جبهة الحلفاء هو الفصل الأول  من مأساتها ومأساة الأمة كلها.
 
حصار المخيمات كان  تمهيدا لحصار جمول . بدأ الحصار عمليا مع دخول الجيش السوري إلى لبنان في أول الحرب الأهلية . قضى “التدخل الأخوي ” ، يومذاك ، بتصفية المواجهة والمجابهة وتعميم سياسة الممانعة. لم يكن أبطال جمول يدركون أن من أجاز لهم  خوض المعارك البطولية ضد جيش الاحتلال ، باعتبار ذلك واجبا وطنيا وقوميا ، لم يعطهم حق التصرف ببطولاتهم وتوظيفها لصالح تحرير البلاد وإعادة بناء الوطن والدولة ، فكانوا كلما جنحوا نحو استقلال قرارهم  كانت تأتيهم الضربات من ذات اليمين وذات اليسار ، من القريب والبعيد والصديق والعدو. كان على جمول أن تذعن لسياسة الممانعة تحت طائلة العقوبات التأديبية  الممتدة من الاعتقال حتى الاغتيال.
 
عاندت جمول ، عاند أبطالها ، أما القيمون عليها فلم يدركوا أنهم وقعوا ، مع كل المقاومين الآخرين،  ضحية سياسة  الممانعة  التي رفضت في السر وفي العلن أي انسحاب اسرائيلي طوعي، وانزعجت من الانسحاب القسري ، لأنها لم تكن تريد من المقاومة التحرير بل التحريك.
 
مع ذلك طاب للقيمين على جمول أن يتغنوا بسياسة الممانعة ثم تمادوا في الدفاع عنها ، ثم أمعنوا في مناصرتها وفي مجافاة حق الشعوب في التحرر من الاستبداد، وانخرطوا في جبهة العداء لربيع الشعوب العربية . لم يكتفوا بذلك ، بل راحوا يدينون الشعوب الباحثة عن حرياتها ، ويكيلون المديح لجلاديهم ومدمري مقاومتهم.
 
هؤلاء هم بالضبط من وافقوا على تحويل جمول إلى ذكرى وألقموا أبطالها طعم المرارة والخيبة.
 
جمول إحدى النقاط المشرقة في نضال الشيوعيين اللبنانيين . بين إشراقها وخفوتها وانطفائها مسافة لا يكفي لتفسيرها كيد الأعداء وتآمر المتآمرين . بل يفسرها أيضا عمق الهوة  بين الرواد المؤسسين اصحاب الرؤيا وورثة قصيري النظر.
 
الكاتب: محمد علي  مقلد
كاتب لبناني
من موقع الحوار المتمدن
9 سبتمبر 2012
 

اقرأ المزيد