في مصر، كما في البحرين، حراك نشط تخوضه مؤسسات المجتمع المدني للاعتراض على مقترحي القانونين المنظمين لنشاط الجمعيات الأهلية في البلدين، وثمة أوجه تشابه كثيرة في طبيعة اعتراضات الناشطين في المجتمع المدني، البحريني والمصري، على المواد المقيدة للحريات التي يتضمنهما التشريعان المقترحان في البلدين.


في مصر وافق مجلس الشورى الذي يسيطر عليه الأخوان المسلمون على مشروع قانون الجمعيات الأهلية من حيث المبدأ، وهو أمر أثار حفيظة قوى المجتمع المدني المصرية التي اعتبرت مشروع القانون مقيدا لحرياتها، وقالت أن مجلس الشورى لم يهتم بتشريعات تتعلق بالاقتصاد بقدر ما يهتم بالقوانين المقيدة للحريات‏، وفي البحرين تقدمت الحكومة بمشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية، يعتبره الناشطون البحرينيون الأسوأ من نوعه في تاريخ العمل الأهلي في البلاد.


 في مصر يقولون انه لا يليق بعد ثورة 25 يناير أن يأتي قانون بهذا السوء ليقيد حريات المجتمع المدني، وفي البحرين يقول الناشطون انه لا يليق بعد هذا التاريخ الممتد للنشاط الأهلي ولفعالية مؤسسات المجتمع المدني أن يأتي مثل هذا التشريع المعادي للحرية، وفي البلدين، يرى هؤلاء الناشطون، محقين، أن الهدف من التشريعين هو مصادرة الفضاء المستقل للمجتمع المدني وإخضاعه للوصاية الرسمية، وفي ذلك إخلال فاضح بحق مكتسب لمؤسسات المجتمع المدني في أن تكون حرة ومستقلة، كما في ذلك تجاوز لما بلغته المعايير الدولية من رقي في ضمان استقلالية المجتمع المدني، وفعالية مؤسساته.


في مصر يحتج الناشطون على عدم الأخذ بالتوصيات التي قدمتها فعاليات المجتمع المدني المصرية بعين الاعتبار في صياغة النص، وفي البحرين يطالب الناشطون بأن تأخذ السلطة التشريعية بعين الاعتبار توصيات الجمعيات الأهلية البحرينية المنخرطة في النشاط، وألا تمرر مشروع القانون المقدم من الحكومة بالقيود التي انطوى عليها، لأن هذا إن حدث سيشكل انتكاسة خطيرة للمستوى المكتسب من الحريات ونيل من التقاليد الراسخة لاستقلالية المجتمع المدني التي كانت عصية على النيل منها.


مساء الأربعاء الماضي حضرتُ الحلقة النقاشية للتباحث حول قانون الجمعيات الأهلية الجديد، التي دعت اليها المجمعيات المنضوية في إطار “المجموعة البيضاء”، التي أكد المشاركون فيها على ضرورة  السعي لإقرار قانون يرتقي بالعمل الأهلي، لأن الكثير من بنود مشروع القانون الجديد ستؤدي إلى وأد العمل التطوعي، الذي عكس حيوية المجتمع البحريني وفعاليته، وميله إلى تنظيم صفوفه وجهوده في أطر مهنية وثقافية واجتماعية، وقطاعية كتلك التي للنساء والشباب والطلبة وسواهم.


“قانون السلطة الخامسة على الطاولة”- هكذا كان عنوان تلك الحلقة النقاشية التي التأم فيها عشرات من أعضاء وممثلي مؤسسات المجتمع المدني، الذين شكلوا عبر”المجموعة البيضاء” ما يمكن وصفه  بتكتل مدني يطالب بقانون عصري وديمقراطي للجمعيات الأهلية في البلاد، وفي هذا أيضا مظهر من مظاهر حيوية المجتمع المدني البحريني الذي يُرفض أن يُصادر أو يُحتوى أو تُشل فعاليته.


ووضع المجتمعون نسخة معدلة من القانون على طاولة البحث بقصد التشاور حول التعديلات التي اقترح الناشطون إضافتها أو تعديلها على مشروع القانون، وهي في اجمالها   تشكل مرئيات عصرية هدفها الارتقاء بعمل مؤسسات المجتمع المدني وألا تتحول وزارة التنمية الاجتماعية إلى جهة رقابية وإشرافية على تلك المؤسسات، وإذا ما كانت الوزارة مصرّة على إصدار القانون بصيغته المقترحة، فيما المطلوب  هو منح العمل التطوع مساحة أكبر من الحرية وليس العكس.