المنشور

انسحاب القوى المعارضة من الحوار… تحصيل الحاصل

ما يمكن تأكيده هو أن فشل هذا الحوار كان محتماً، فجميع المعطيات
والتحليلات كانت تشير إلى أنه كان يعيش كل هذا الوقت اعتماداً على أجهزة
الإنعاش الظرفية، ومتى ما قرر أي طرف من الأطراف فصل هذه الأجهزة عن جسد
الحوار الميت إكلينيكياً فإن مصيره لن يتعدى حفرة صغيرة في ضمير المجتمع.

فجميع
الأطراف بما فيها الأطراف غير المستحقة أساساً الحصول ولو على مقعد واحد
على الطاولة، كانت مدفوعة دفعاً وبغير قناعة للمشاركة، فلا الحكومة كانت
ستدعو للحوار لولا الضغوط الخارجية وتعهداتها أمام المجتمع الدولي بإجراء
إصلاحات حقيقية، ولا القوى المعارضة التي كانت تعرف تماماً موقف جماهيرها
والسخط العام الذي يطغى على الشارع كانت سترضى بالدخول في مثل هذا الحوار
لولا الخوف من اتهامها بأنها ضد الحلول السلمية، ولا جمعيات ائتلاف الفاتح
كانت لتشارك وهي التي كانت تطالب باستخدام الأسلوب الأمني لوقف الاحتجاجات
لولا طاعتها لأوامر عليا لم تتح لها المجال غير قول «السمع والطاعة»، أما
ما بقي من أطراف فإنما هي تشارك بحكم وظيفتها وليس من خلال قناعتها.

الخطوة
التي اتخذتها القوى المعارضة بتعليق مشاركتها والتلويح بالانسحاب الكامل،
لم تكن خطوة غير متوقعة، وخصوصاً أن هذا الحوار لم تسبقه خطوات جادة لتهيئة
الأجواء في البلاد بما يوحي بأن هناك نية صادقة لحل الأزمة.

القوى
المعارضة أرجعت سبب تعليق المشاركة إلى «زيادة جرعة الانتهاكات المتصاعدة
منذ انطلاقة الحوار الوطني في 10 فبراير/ شباط 2013، حيث تم رصد مداهمة
1912 منزلاً، واعتقال 1392 مواطناً بينهم 92 طفلاً و13 امرأة، وإصابة 411
مواطناً بسلاح أجهزة الأمن وصدور مراسيم مقيدة للحريات العامة وللعمل
السياسي، وتعرض 93 مواطناً للتعذيب داخل وخارج السجون واستشهاد خمسة
مواطنين، وتبرئة 11 شخصاً من المتورطين في قضايا التعذيب للمعتقلين والذين
استشهد منهم خمسة في زنازينهم، ومن هؤلاء بعض المتهمين بقتل علي المؤمن
وعيسى عبدالحسن وزكريا العشيري وحسام الحداد وعلي نعمة».

كان من
المؤكد تماماً أن أي حل يمكن التوصل إليه لا يمكن أن يتخذ من خلال طاولة
الحوار وإنما من خلال، إما مبادرة حكومية تعطي القليل من أجل تهدئة الشارع
وأما من خلال اتفاقات سرية تجرى من تحت الطاولة بين من بيدهم القرار.

لا
يمكن القول إن القوى المعارضة يمكن أن تفقد شيئاً جراء إعلانها تجميد
مشاركتها في الحوار أو حتى انسحابها منه، بل على العكس، إذ ربما تكسب تعاطف
الشارع البحريني والمنظمات الحقوقية الدولية وحتى المزيد من الدول التي
كانت مترددة في السابق من إعلان موقفها بكل صراحة ضد الإجراءات المضيقة على
حقوق الإنسان في البحرين.

المضحك في كل هذا الأمر هو إعلان إدارة الحوار، الاستمرار في جلسات الحوار دمن ون مشاركة القوى المعارضة، فمن سيحاور من؟

اقرأ المزيد

ثالثاً : النظام الانتخابي في حوار التوافق الوطني



ناقشنا في الحلقتين السابقتين كيف يمكن لحوار التوافق
الوطني أن يضع على جدول أعماله أو في برنامج المصالحة اختصاص مجلس النواب التشريعي
والرقابي لمجلس النواب وكيف يمكن له أن يناقش النواقص والعيوب التي أشتمل
عليها هذا الاختصاص بحيث يفضي إلى تعديلات دستورية وقانونية ، وهي تعديلات الحد
الأدنى التي يمكن التوافق عليها يمكن أن تساهم في وضع أفضل لصلاحيات مجلس النواب
تؤدي لو جزيئا إلى الخروج من الأزمة السياسية . 
غير
أن معالجة التشريع وسائل الرقابة البرلمانية على النحو الذي شرحناه فيما سلف ،
مهما بلغ مداه لن يجعل من مجلس النواب فاعلا في ممارسة صلاحياته ما لم يتم تعديل
النظام الانتخابي والقوانين الناظمة له ، وتعديل النظام الانتخابي يتعين أن يكون
إلى جانب التشريع وأدوات الرقابة البرلمانية شاخصا ومدرجا على جدول أعمال الحوار
الوطني القائم  ، ونري انه يجب أن تتم
مناقشته ومعالجته في هذا الحوار كما يلي : 


قراءة مرئيات حوار التوافق الوطني الأول 

على المتحاورين في حوار التوافق
الوطني المنعقد حاليا أن يدركوا أن ما تم التوصل إليه في حوار التوافق الوطني
السابق من توافق على  (إعادة النظر في
الدوائر الانتخابية لتكون أكثر عدالة. ). رغم إيجابيته النسبية المتمثلة في إعادة
النظر  فإنه يتجاهل عيوب المنظومة القانونية
لنظام الانتخاب في البحرين بما احتوته من تنظيم للدوائر الأربعين التي نص عليها
قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب إذ لا عدالة فيها لا من حيث العدد ولا من حيث التكوين
الجغرافي  حتى تكون أكثر عدالة ، بل يتجاهل
كل الدراسات التي لاحظت وبينت بالأرقام عيوب النظام الانتخابي المعمول به ، وقدمت
من الأدلة والبراهين على انعدام العدالة والمساواة في الدوائر الانتخابية  التي تفتقر إلى ابسط المعايير الدولية، من هذه
الدراسات ما تقدم به المنبر التقدمي من ورقة بهذا الشأن لحوار التوافق الوطني
الأول اشتملت على بيان لهذه العيوب وعلى اقتراح لمعالجتها . ( انظر دراسة واقتراح
المنبر التقدمي لتعديل النظام الانتخابي المنشور على موقعه  www.altaqadomi.com ) ، وهذه الدراسة بما أشتمل عليها من اقتراح للدوائر
الخمس يصلح أن يكون على طاولة حوار التوافق الوطني وضمن جدول أعماله ، بحيث يتم تعديل أهم القوانين الناظمة للنظام الانتخابي . 
  
  
  
  


شرط إدراج


أسم المرشح لمجلس النواب في جدول
انتخاب الدائرة التي يرشح نفسه فيها يتعارض مع نص الدستور 


 


إذا
كان حسنا ما فعله المشرع الدستوري في التعديلات الدستورية من تعديل للمادة
(57/البند أ )  بأن  وضع مدة زمنية هي عشرة سنوات للمتجنس حتى يحق
له الترشح لعضوية مجلس النواب ، باستثناء من يحمل جنسية دول مجلس التعاون بشرط أن
تكون جنسيته البحرينية بصفة أصلية ، وإذا كان مقبولا أن يضع المشرع الدستوري أيضا
قيدا جديدا يمنع ترشح الذي استقال من مجلس النواب خلال الفصل الذي قدم فيه
استقالته ( أي خلال الانتخابات التكميلية ) . حسب التعديل الذي جاءت به المادة
(59)  من الدستور، وإذا كانت التعديلات
التي أجراها المشرع العادي على قانون مجلسي الشورى والنواب بموجب المرسوم بقانون
رقم (39) لسنة 2012 قد وضع ذات الشروط 
التي الواجب توافرها في عضو مجلس النواب حسب التعديلات الدستورية الجديدة ،فأنه ليس من المقبول من المشرع
العادي وهو يعدل قانون مجلسي الشورى والنواب أن يبقي على شرط يتعارض مع الدستور
دون تعديل و هو شرط  أن يكون أسم المرشح لمجلس النواب ( مدرجاً في جدول انتخاب الدائرة التي
يرشح نفسه فيها
.)
  
ففي
الوقت الذي نص فيه الدستور في المادة (57) في أصلها وفي تعديلها بوضوح على انه يكفي أن يكون أسم المرشح
لمجلس النواب مدرجا في أحد جداول الانتخاب
، أي ليس بالضرورة أن
يترشح في الدائرة التي يقطن فيها  بل يجوز
له أن يترشح في أي دائرة من الدوائر الانتخابية ، يأتي النص في قانون مجلسي الشورى
والنواب سواء كان قبل وبعد تعديله ليحصر حق المواطن في الترشح لمجلس النواب في
دائرته الضيقة المدرج أسمه فيها ، في مخالفة صريحة وواضحة للنص الدستوري ، وفي ما
يقره الواقع وفي القوانين الدستورية المقارنة 
بأن عضو مجلس النواب لا يمثل دائرته كما هو الحال في المجالس البلدية، بل
يمثل الشعب كله بما يقوم به من دور تشريعي ورقابي ، فتشريع القوانين ومراقبة أعمال
الحكومة لا تخص دائرة بعينها بل تشمل مجتمع بالبحرين كله . 
  


عيوب الدوائر الأربعين وفوائد
الدوائر الخمس 


أولا :أن قراءة دقيقة لأخر إحصائية نشرها
موقع هيئة التشريع والإفتاء المتعلق بالانتخابات النيابية والبلدية 2010 تشير إلى
أن عدد الناخبين البحرينيون حسب الدوائر بلغ 318668 ، غير أن توزيع هذا العدد على
معظم الدوائر الأربعين لم يكن عادلا ، إذ كيف يمكن على سبيل المثال قبول أن تكون
الدائرة الأولى في المنطقة الشمالية وعدد ناخبيها 16216 ، ويمثلها عضوا واحدا في
مجلس النواب ، في حين تكون الدائرة السادسة في المنطقة الجنوبية وعدد كتلتها
الانتخابية فقط 768 ناخب بذات التمثيل ، وقس ذلك على الدوائر الأخرى ، أليس في ذلك
أخلال واضح بحق المساواة في الانتخابات كمعيار مهم لنزاهة الانتخابات !! بالطبع
ليس المطلوب من توزيع الناخبين على الدوائر أن تكون مثالية ، بل المطلوب هو تشكيل
الدوائر الانتخابية وتوزيعها على أساس عدد السكان بشكل عادل، بما يعكس إرادة
الناخبين بأكبر قدر ممكن من الدقة القريبة من الواقع. 


ثانيا :
ولا ينحصر عيب نظام الانتخابي في
البحرين في عدم توزيع عدد الناخبين على الدوائر الانتخابية بشكل متساو وعادل ، بل
يمتد إلى عدد الدوائر نفسها ، فعدد أربعين دائرة انتخابية هو عدد كبير ساهم وسيظل
يساهم في إرساء الطائفية ، ولعل نظرة سريعة لأسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية
عام 2010 لتكشف وجود الانتماءات الطائفية وتمركزها في معظم هذه الدوائر ، بل وتكشف
قبل الاقتراع عن من سيفوز تبعا لمدى انتماءه لهذه الطائفة أو تلك ويكون برنامجه
الانتخابي هو معيار ثانوي في فوزه ، وهو ما يفسر رفض بعض الجمعيات الدينية
المعارضة تقليص عدد الدوائر الانتخابية ، وما هو ما يفسر فوزها في
دوائر هي بدرجة أساسية دوائر محسوبة على الطائفة التي تتكون منها هذه الجمعية . 


ثالثاً

:كما
أن الدوائر الأربعين تجعل من عضو مجلس النواب ممثلا لدائرته أكثر مما هو ممثل
للشعب ، ولعل قراءة دقيقة لإعمال الفصلين التشريعين المنصرمين تكشف عن كيف سعى
معظم النواب للاهتمام بمشاكل دائرته بطلبات رصف الشوارع وإنشاء المدارس
والمستشفيات وغيرها من الطلبات الخدمية الخاصة بدائرته ، كل ذلك كان على حساب
القضايا العامة والوسائل الرقابية والتشريعية . 


رابعا :فضلا عن ذلك فان الدوائر الأربعين
تجعل من حق المرشح في الترشح ، حقا ضيقا في نطاق دائرته وتكون حظوظه في الفوز شبه
مستحيلة رغم ما يمتاز به هذا المرشح من وطنية وأخلاق وكفاءة والشواهد على ذلك
كثيرة ومتعددة ، وبالمثل يكون حق الناخب في اختيار مرشحه ضيقا ومحدودا ، إذ لو
افترضنا أن دوائر المحرق وعددها 8 دوائر ، هي دائرة واحدة ، فأن خيارات المرشح
والناخب ستكون أوسع ، وسيكون وجود من يمثلون هذه الدائرة في مجلس النواب اقرب
واصدق تعبيرا عن أرادة أهالي المحرق ، كل الأهالي . تكون المنافسة مؤكدة بين
المرشحين وينحسر الفوز بالتزكية ولن يحتاج المرشح لتغيير عنوانه ولا يحتاج الجهاز
المركزي للإحصاء لقيود وشرائط لتغيير العنوان في نطاق الدائرة . 




أمام هذا الوضع للنظام الانتخابي تقدم المنبر الديمقراطي التقدمي لحوار التوافق
الوطني الأول  باقتراح مهم لتعديل هذا النظام خلاصته تعديل
المادة السابعة عشر من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة2002 بشأن مباشرة الحقوق
السياسية). وذلك على نحو ما سيرد من اقتراح لنصوص القانون . 
وقد
فند التقدمي في رؤيته لتعديل النظام الانتخابي تلك الأصوات التي كانت ترى ( أن التقليص
في عدد الدوائر لا يأتي في صالح المملكة والمواطنين، معتبرين أن هذا التقسيم
المطروح سيؤدي إلى محاصصة طائفية، مؤكدين بأن التقسيمات الحالية هي تقسيمات معمول
بها عالمياً، والتي لا يقوم على أساسها احتساب أعداد السكان في تلك المناطق ) ،
ذلك أن هذه الأصوات تتجاهل كما أوضحنا أن عيوب الدوائر الأربعين تكشف بوضوح كالشمس
الضاحية مدى المحاصصة الطائفية فيها ، بل تكشف انه لا مثيل لهذه التقسيمات في
النظم الانتخابية المعمول بها في العالم ؟ إنها باختصار أصوات لا تصوت بلسان فصيح
ولا ترى بعين فاحصة بأن عضو البرلمان على عكس عضو المجلس البلدي يتعين أن يمثل
البحرين كلها لا أن يمثل دائرته الضيقة . (انظر
مقالنا المنشور على موقع التقدمي حوار التوافق الوطني هل يحقق الوضع
الأمثل لمملكة البحرين ؟ ) . 
وحتى تكون الانتخابات النيابية في مملكة البحرين نزيهة وعادلة  لابد من أعادة النظر في النظام الانتخابي برمته
وفي الأدوات القانونية الناظمة له ، بحيث يتساوى جميع الناخبين في المشاركة في
العملية الانتخابية، وأن يكون لكل مواطن  التأثير نفسه في العملية الانتخابية
، ومن هذا الأساس يمكن للمعارضة أن تقترح تعديل النصوص الرئيسة للقوانين الناظمة للنظام الانتخابي في البحرين كما يلي : 


أولا: في قانون
مباشرة الحقوق السياسية :


النصوص
القانونية الرئيسة محل التعديل :



(المادة الثانية


النص الأصلي 


( يشترط في كل مواطن لمباشرة الحقوق
السياسية المنصوص عليها في هذا القانون ما يلي:1. أن يكون قد بلغ من العمر عشرين
سنة كاملة يوم الاستفتاء أو الانتخاب. 2. أن يكون كامل الأهلية. 3. أن يكون مقيما
إقامة عادية في الدائرة الانتخابية طبقاً لما هو ثابت في بطاقته السكانية، وفي
حالة إقامته في الخارج يكون آخر محل إقامة له في مملكة البحرين هو دائرته
الانتخابية، فـإن لم يكن له محل إقامة في المملكة يعتد في هذه الحالة بمحل إقامة
عائلته.   ) 


 
النص المعدل 

( يشترط في كل مواطن لمباشرة الحقوق
السياسية المنصوص عليها في هذا القانون ما يلي:1-  أن يكون بحرينياً، وأن يمضي على من اكتسب
الجنسية البحرينية عشر سنوات على الأقل 2- أن يكون قد بلغ من العمر ثمانية عشر سنة
كاملة يوم الاستفتاء أو الانتخاب
.3- . أن يكون كامل الأهلية.4- . أن يكون
مقيما إقامة عادية في الدائرة الانتخابية طبقاً لما هو ثابت في بطاقته السكانية،
وفي حالة إقامته في الخارج يكون آخر محل إقامة له في مملكة البحرين هو دائرته
الانتخابية، فـإن لم يكن له محل إقامة في المملكة يعتد في هذه الحالة بمحل إقامة
عائلته.   ) . 


( المادة الخامسة


النص الأصلي 


يسرى في شأن منتسبي قوة دفاع البحرين
وقوات الأمن العام والحرس الوطني فيما يتعلق بمباشرة حق الانتخاب ما تنص عليه
القوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بخدمتهم في هذا الشأن 


النص المعدل 

يوقف استعمال حق الانتخاب لمنتسبي قوة دفاع البحرين وقوات الأمن
العام والحرس الوطني فيما يتعلق بمباشرة حق الانتخاب 


( المادة
السابعة عشر )


النص الأصلي 


( تقسم مملكة
البحرين في تطبيق أحكام هذا القانون إلى عدد من المناطق الانتخابية تشتمل كل منها
على عدد من الدوائر الانتخابية. 
وينتخب
عن كل دائرة انتخابية عضو واحد. ويصدر مرسوم بتحديد المناطق والدوائر الانتخابية
وحدودها ، وعدد اللجان الفرعية اللازمة لمباشرة عمليتي الاقتراع والفرز. 
 وتشكل كل من اللجان المشار إليها من رئيس يختار
من بين أعضاء الجهاز القضائي أو القانونيين العاملين في وزارات الدولة والهيئات
والمؤسسات العامة وعضوين يتولى أحدهما أمانة سر اللجنة. 
 ويصدر بتعيين رؤساء وأعضاء اللجان وتحديد مقارها
قرار من وزير العدل والشئون الإسلامية. ويحدد هذا القرار من يحل محل الرئيس عند
غيابه أو قيام مانع يمنعه من العمل ، ممن تتوافر فيه شروط الرئيس. 
ويعاون
هذه اللجان عدد من الموظفين يعينهم المدير التنفيذي للانتخابات حسب احتياجات كل
لجنة. 
ولكل
مرشح أن يختار ناخباً من المقيدين في جدول انتخاب الدائرة المرشح فيها وكيلا له
لدى اللجنة الفرعية. وعلى المرشح أن يقدم اسم وكيله المذكور إلى وزارة العدل
والشئون الإسلامية قبل موعد الانتخاب بسبعة أيام على الأقل. ) 
  
  
  
  
  


النص المعدل  


 


(تقسم مملكة البحرين في تطبيق أحكام هذا القانون إلى خمس
دوائر انتخابية لعضوية مجلس النواب على أن لا يتجاوز الفرق في عدد الناخبين بين
دائرة وغيرها من الدوائر نسبة 15%.  طبقا
للجدول المرافق لهذا التعديل . 
 وتنتخب كل دائرة
ثمانية أعضاء للمجلس ، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لثلاثة من المرشحين
في الدائرة المقيد فيها ، ويعتبر باطلا التصويت لإكثر من هذا العدد . 
ويكون لكل دائرة انتخابية لجنة لإدارة العملية
الانتخابية، ولجان فرعية للاقتراع والفرز لإدارة الاقتراع والفرز، وتشكل اللجان
جميعاً برئاسة قاضي وعضوين على الأقل على أن يكون مقر كل لجنة اقتراع مستقل عن
لجان الدوائر الأخرى ، ويحظر تشكيل اللجان العامة . 
 ويصدر بتحديد وتعيين رؤساء وأعضاء اللجان قرار من وزير العدل والشئون الإسلامية.
ويحدد هذا القرار من يحل محل الرئيس عند غيابه أو قيام مانع يمنعه من العمل ، ممن
تتوافر فيه شروط الرئيس. وأن يحدد هذا القرار من يعاون هذه اللجان  من الموظفين حسب احتياجات كل لجنة. 
ولكل
مرشح أن يختار ناخباً من المقيدين في جدول انتخاب الدائرة المرشح فيها وكيلا له
لدى اللجنة الفرعية. وعلى المرشح أن يقدم اسم وكيله المذكور إلى وزارة العدل
والشئون الإسلامية قبل موعد الانتخاب بسبعة أيام على الأقل  ) 
  


ملاحظة  الجدول المرافق مرفق في اقتراح التقدمي 

  


المادة
الثامنة عشرة

مكرر
( مضافة ) .

( تختص اللجنة العليا للأشراف
العام على سلامة الاستفتاء وانتخاب أعضاء مجلس
النواب بوضع قواعد وإجراءات مشاركة منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية ذات
الاختصاص في متابعه عمليات
الاقتراع والفرز) 
  


ملاحظة ( تلغى أو تعدل كل ما يتعارض مع
هذه التعديلات من مواد أينما وجدت في قانون مباشرة الحقوق السياسية أو في أي قانون
أخر بما فيها اللجان العامة ) . 

  
  
  


ثانياً: في المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 2002


بشأن


مجلسي الشورى والنواب


 


النصوص
القانونية الرئيسة محل التعديل :


  


المادة (1)


النص الأصلي 


( يتألف مجلس الشورى من
أربعين عضواً يعينون ويعفون بأمر ملكي.) 
  


النص المعدل 

(
يتألف مجلس الشورى من عشرين عضواً بما فيه الرئيس يعينون ويعفون بأمر ملكي وذلك وفقاً للإجراءات والضوابط والطريقة التي تحدد بأمر
ملكي. ) 
  
  


المادة (3)


النص الأصلي 


( مع
عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون مباشرة الحقوق السياسية ، يشترط فيمن يعين عضواً في مجلس الشورى: 
  
‌أ
أن يكون بحرينيا ، متمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية. 


‌ب أن يكون أسمه
مدرجاً في أحد جداول الانتخاب. 


‌ج ألا تقل سنه يوم التعيين عن خمس وثلاثين
سنة كاملة. 


‌د أن يكون ممن تتوافر فيهم الخبرة أو الذين أدوا خدمات جليلة للوطن من بين الفئات التالية : 

1.   
أفراد
العائلة المالكة. 

2.   
الوزراء
السابقين 

3.   
من
شغل مناصب السفراء والوزراء المفوضين. 

4.   
أعضاء
الهيئات القضائية السابقين. 

5.   
كبار
الضباط المتقاعدين. 

6.   
كبار
موظفي الدولة السابقين. 

7.   
كبار
العلماء ورجال الأعمال والمهن المختلفة. 

8.   
أعضاء
مجلس النواب السابقين. 

9.   
الحائزين
ثقة الشعب .) . 
  


النص المعدل :

( مع
عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون مباشرة الحقوق السياسية ، يشترط فيمن يعين عضواً في مجلس الشورى: 
  
‌أ- أن يكون بحرينياً، وأن يمضي على من اكتسب الجنسية البحرينية
عشر سنوات على الأقل، وغير حامل لجنسية دولة أخرى، باستثناء من يحمل جنسية إحدى
الدول الأعضاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشرط أن تكون جنسيته البحرينية
بصفة أصلية، ومتمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية . 
  
ب-  أن يكون اسمه مدرجا في
أحد جداول الانتخاب. 
  
ج- ألا تقل سنه يوم التعيين عن خمس وثلاثين سنة ميلادية كاملة، 
  
د-  وأن يكون ممن تتوافر فيهم
الخبرة أو الذين أدوا خدمات جليلة للوطن.) 
  


المادة (9)


النص الأصلي 


( يكون انتخاب أعضاء مجلس
النواب طبقاً لنظام الانتخاب الفردي ) 
  


النص المعدل 

( يكون
انتخاب أعضاء مجلس النواب طبقاً لنظام الانتخاب المنصوص عليه في المادة (17) من
قانون مباشرة الحقوق السياسية ) 
  


المادة (11)


النص الأصلي 


)مع
عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون مباشرة الحقوق السياسية ، يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس النواب : 
‌‌أ-
أن يكون بحرينياً ، متمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية. 


‌ب- أن يكون أسمه
مدرجاً في جدول انتخاب الدائرة التي يرشح نفسه فيها. 


‌ج- ألا يقل سنه يوم الانتخاب
عن ثلاثين سنة كاملة. 


‌د- أن يجيد قراءة اللغة العربية
وكتابتها. 


هـ- ألا تكون عضويته بمجلس الشورى أو مجلس النواب قد أسقطت بقرار من المجلس الذي ينتمي إليه بسبب فقد
الثقة أو الاعتبار أو بسبب الإخلال بواجباته
العضوية. 


ومع ذلك يجوز لمن أسقطت عضويته الترشيح إذا انقضى الفصل التشريعي الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية ، أو
صدر قرار من المجلس الذي كان عضواً فيه بإلغاء
الأثر المانع من الترشيح المترتب على إسقاط العضوية بعد انقضاء دور
الانعقاد الذي صدر
خلاله قرار إسقاط العضوية.) 
  


النص المعدل 

( مع
عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون مباشرة الحقوق السياسية ، يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس النواب : 
‌‌أ-
أن يكون بحرينياً ، وأن يمضي على من اكتسب الجنسية
البحرينية عشر سنوات على الأقل، وغير حامل لجنسية دولة أخرى، باستثناء من يحمل
جنسية إحدى الدول الأعضاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشرط أن تكون جنسيته
البحرينية بصفة أصلية، ومتمتعاً بكافة حقوقه المدنية والسياسية. 
.
‌ب- أن يكون أسمه
مدرجاً في أحد جداول الانتخاب. 
.
‌ج- ألا يقل سنه يوم الانتخاب
عن ثلاثين سنة كاملة. 


‌د- أن يجيد قراءة اللغة العربية
وكتابتها. 


هـ- ألا تكون عضويته بمجلس الشورى أو مجلس النواب قد أسقطت بقرار من المجلس الذي ينتمي إليه بسبب فقد
الثقة أو الاعتبار أو بسبب الإخلال بواجباته
العضوية. 


ومع ذلك يجوز لمن أسقطت عضويته الترشيح إذا انقضى الفصل التشريعي الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية ، أو
صدر قرار من المجلس الذي كان عضواً فيه بإلغاء
الأثر المانع من الترشيح المترتب على إسقاط العضوية بعد انقضاء دور
الانعقاد الذي صدر
خلاله قرار إسقاط العضوية.) 
  


 
المادة (18)


النص الأصلي :


( يسري في شأن منتسبي قوة
دفاع البحرين وقوات الأمن العام والحرس الوطني فيما
يتعلق بمباشرة حق الترشيح لعضوية مجلس النواب ما تنص عليه القوانين
والأنظمة والتعليمات
الخاصة بخدمتهم في هذا الشأن . ) 
  


النص المعدل :

( يوقف
استعمال حق الترشح لمنتسبي
قوة دفاع البحرين وقوات الأمن العام والحرس الوطني فيما يتعلق بمباشرة حق الترشيح
لعضوية مجلس النواب ) . 
  


ملاحظة ( تلغى أو تعدل كل ما يتعارض مع
هذه التعديلات من مواد أينما وجدت في قانون مجلسي الشورى والنواب أو في أي قانون
أخر ) . 

  


للدراسة صلة في رابعاً:
لجنة الحقيقة والمصالحة في حوار التوافق
الوطني 







  
 
اقرأ المزيد

يوم أُستشهد هاشم


في مثل هذا الوقت، في عام 1986، كنت قد وصلت إلى باريس للمشاركة في مهرجان الجريدة الفرنسية التقدمية الشهيرة “اللومانتييه”. 




كان
المهرجان السنوي لهذه الجريدة العريقة وما يزال حدثا ثقافيا وفكريا
وسياسيا مهما في فرنسا، كما انه حدث أممي بامتياز، فإليه يأتي المناضلون من
أجل الحرية والديمقراطية من بلدان العالم المختلفة ممثلين لأحزابهم
وحركاتهم السياسية وعارضين لقضايا أوطانهم وشعوبهم. 


أنا أيضاً
ذهبت بهذه الصفة حاملاً قضية شعبي. كان قانون أمن الدولة مُسلطا على رقاب
المناضلين والوطنيين البحرينيين، وكانت السجون والمعتقلات تعج بنزلائها من
دعاة الحرية والعدالة، وكان على العالم أن يعرف الحقيقة. 


أذكر إن
تلك الفترة شهدت واحدة من أوسع حملات التضامن مع الفنان الموسيقي والمناضل
مجيد مرهون الذي كان يقضي عقوبته بالسجن المؤبد، وكان تركيز الحركة
الوطنية البحرينية في وقتها على إبراز قضية ومعاناة هذا المناضل وبقية
رفاقه من السجناء والمعتقلين السياسيين، ولكن في غمرة هذا الوضع جاءت
الأنباء من البحرين عن حملة اعتقالات واسعة جديدة ضد مناضلي جبهة التحرير
الوطني رداً على تصاعد نضالهم من اجل الحريات الديمقراطية وإعادة الحياة
البرلمانية وإلغاء قانون أمن الدولة. 


كان مهرجان “اللومانتيه”
مناسبة لتوسيع حملة التضامن مع المناضلين البحرينيين. حيث وقع الآلاف من
جمهور المشاركين فيه على مذكرات وبطاقات تضامن تطالب بإطلاق سراح المعتقلين
ووقف القمع. 


يستمر المهرجان يومين فقط. في اليوم الثالث كنت أعد
حقيبتي للانتقال إلى فندق آخر بعد نهاية المهرجان، حيث كان علي البقاء
يوماً إضافياً أو أكثر في باريس لدواعي حجوزات الطيران. وقبل أن أغادر
الغرفة رن جرس الهاتف. 


على الخط الآخر أتى صوت المفكر المصري
التقدمي الراحل ميشيل كامل الذي كان يقيم حينها في باريس ، حيث يصدر منها
مجلة ” اليسار العربي”، التي تشرفتُ بنشر عدد من المقالات فيها. 


لم
يكن صوت ميشيل كامل يحمل خبراً ساراً. قال لي إن رفاقنا من دمشق اتصلوا
فيه وطلبوا منه أن يبلغني بأن الدكتور هاشم العلوي قد استشهد تحت التعذيب
في السجن، وان خطر الموت ربما يتهدد حياة رفاق آخرين، ووعد ميشيل بمساعدتي
في استثمار ما تبقى لي من وقت في باريس لترتيب لقاءات بالمنظمات الحقوقية
وبالنواب اليساريين في الجمعية الوطنية الفرنسية والبرلمان الأوروبي
ومناشدتهم التحرك للتضامن مع ضحايا التعذيب في البحرين. 


كان الجو
مُمطراً في باريس وبارداً، كأن الطبيعة قررت أن تقيم طقساً يلائم المشاعر
التي انتابتني، وأنا أتذكر ذلك الوجه المضيء للدكتور هاشم العلوي، الذي بات
شهيدا، تلك الابتسامة المشرقة التي لا تفارق محياه، وتلك الرهافة
الإنسانية النادرة التي تخفي خلفها روحاً من الجسارة والبطولة والتفاني في
القضية التي آمن بها ونذر حياته من أجلها. 


إن هذا الرجل الشجاع،
الفاتن والجميل في إنسانيته، لم يغادر ولن يغادر قلوبنا وأذهاننا. إن طيفه
المهيب يمر في صفوفنا، في أيامنا وليالينا، ليقول لنا إن الشهادة من أجل
الحياة هي الحياة الأزلية الباقية.                                      


اقرأ المزيد

ذكراك .. السابعة و العشرين ..

في ذكرى استشهاد الدكتور هاشم العلوي السابعة والعشرون، والذي قضى نحبه من شدة التعذيب في اقبية الزنازين من سياط الجلادين بتاريخ 18 سبتمبر 1986 




ونحن نخجل .. عيوننا تدمع .. وقبرك يشهد .. 
والاهم ” الوطن يفخر “ 
كم تغنيت بالجبهة رغم آلام جراحك .. ووجع تعذيبك 
طريقنا انت تدري .. شوك ووعر عسير .. موت على جانبيه .. لكننا سنسير 
لم تكررها عبثا .. 
انت هو الرفيق .. الرجل الصامد الذي طار مع نسمات الحرية و ألحانها 
انت يا من علمتنا .. كيف يتحول السجن إلى وطن .. 
والقصبان إلى نخيل .. ودمس الليل شمسا للحرية .. 
يامن لونت جراح صدرك واسميتها أوسمة بطولة و شامات الفخر .. 
يامن علمني .. ” كيف للعشق نعشق “ 
ونقطع الوعد ونوفي .. 
ونموت ونحيا .. 
ونبكي ونخجل .. 
هاشم .. رمزا لكل شيئا جميل .. 
حظي به الوطن و الجبهة ونحن .. 
كيف تفني حياتك وتتبع ما تريد وترغب .. بلا تردد .. بلا خوف أو هلع .. 
رمزا للتفاني و الإخلاص و الشجاعة .. 
من هو هاشم .. هو المواقف ذاتها التي جعلته شهيداً للوطن .. 
لحظة واحدة .. 
وحينما أتعمق .. تشدني إلى روعة النضال ..  
كيف قتلوا .. كيف حولوك جثةً نزورها في كل عام .. 
شاؤوا و مازالوا ذلك .. ولكن هيهات .. 
هاشم بكل صدق .. 
أكاد أن أراك حياً ترزق أمامي .. 
الذين هم مثلك لا يموتون .. لا يموتون .. يخلدون .. 
لا نكتب لهم إلا بحبر دموعنا .. 
ونختمها بكل فخر بدمائنا .. 
هاشم انت الجبهة .. مفاد الجبهة هي خصالك .. 
كيف لا .. بيننا انت .. 
أكاليل زهورنا .. لأبناء شعبنا .. تكسو المقابر يا رفيق .. 
بجانبك صار الكثير .. 
رقدوا جنبك .. لابد أنكم تبادلتم أطراف الحديث .. 
وتنتظرون بفارغ الصبر .. أخبار الوطن الحر والشعب السعيد .. 
كيف لا .. و الوطن يشيع كل شهيد .. 
قدمت روحك لتحقن دم كل شاب وليد .. 
سال الدم من بعدك يا رفيق .. 
لم يتوقف جسم الوطن من النزيف .. 
بالرصاص و الاختناق و التعذيب ! 
اعلم انك حزين .. 
ولكن هل نسيت ..؟ 
إن غداً لناظره لقريب 
اقرأ المزيد

ديمقراطية 1973… ما قبلها وما بعدها من خفايا – يعقوب سيادي

سألنا في مقالتنا السابقة، ما السر وراء تراجع بعض وعود الإصلاح، وما
صلته بالتراجع عن التجربة الديمقراطية الموؤودة، والتي كانت مأمولة، إبان
الاستقلال؟

حقاَ عاش شعب البحرين أمَلَ عرسِ ديمقراطي، بدءًا بوعد
الأمير الراحل في 16 ديسمبر/ كانون الأول 1972، بإصدار دستور متطور للبلاد،
وتتابع ذاك الأمل في استجابة الحكم بصورة مرضية لمطالب شعب البحرين حينها،
في انتخاب المجلس التأسيسي، المكوّن من 22 عضواً منتخباً، و10 بتعيين
الأمير، (إلا أنه عيّن ثمانية فقط)، والوزراء بحكم مناصبهم وعددهم 12
وزيراً.

وفي مداولات المجلس التأسيسي، حول تنقيح نصوص مسودة الدستور
التي صاغها الخبراء الدستوريون بإشراف مجلس الدولة (الوزراء)، لم تتجلَّ
كثير من التعارضات بين أطراف المجلس الثلاثة، وهم الأمير عبر تعييناته وعبر
تصديقه على الدستور، والحكومة بوزرائها، والشعب عبر ممثليه المنتخبين، ما
عكس نوعاً من التوافق العام بين هذه الأطراف التي تعدادها ثلاثة، إلا أن
حقيقتها لا تتعدى الطرفين، ولكن شاءت المرحلة السياسية، أن يتقبّل الشعب
هذا الفرز، الذي أوكل الحكم، كنظام لإدارة الدولة للأمير، وعبر نصوص
الدستور تقبل ممثلو الشعب في المجلس التأسيسي، والذي تشاكل على كفتي
ميزانين، الميزان الإسلامي المذهبي، بين الشيعة والسنة في جانب، وفي الجانب
الآخر، ميزان الحداثة والمدنية قبالة الوجدان القبلي، وتقبل أيضاً الشعب،
أن يُوكِل مفاصل الدولة في السلطة والثروة، إلى الحكم كطرف متمثل في
الأمير، والحكومة التي بدورها تم تشكيلها، أيضاً بميزانين، الميزان المذهبي
بين الشيعة والسنة، في جانب، وفي الجانب الآخر ميزان الحداثة والمدنية
المتمثل في القلة الشعبية قبالة الأكثرية المتحكمة في مفاصل القرار، فكان
هناك التوافق على قبول المعادلة السياسية التي عكسها الدستور، واعتقدتها
الأطراف الشعبية، أنها متعادلة التكوين بما يحفظ لأطرافها حقوقها المتصلة
بافتراقها، ويُوجب على جميعها واجبات كل طرف تجاه الآخر.

كانت تلك
الحالة، في تقاسم السلطات، واضحة فيها الغلبة، للسلطات الحاكمة، التي عوّل
عليها الشعب أن تصون العدالة والمساواة، بين المكونات الشعبية، وبين جمع
هذه المكونات وبينها كسلطات حاكمة، بكلفة واجبة الدفع على شعب البحرين،
لقاء الأمن والطمأنينة، وتطوير المقدرات للجميع، بما يرسم نمطاً من
العلاقات المجتمعية والسياسية المتوازنة، موكولة أمانتها إلى الجهات
الحاكمة، عبر تناولها بالوعد في باقي مواد الدستور، المُقر، تعاقدياً بينها
وبين الشعب، والذي تم تأجيل تصديقه من قبل الأمير، إلى 6 ديسمبر 1973، قبل
يوم واحد من انتخابات المجلس الوطني في 7 ديسمبر 1973.

كل هذه
المراسيم أوحت لغالبية مكونات الشعب البحريني، عدا فصيل الجبهة الشعبية في
البحرين، وأفراد من المعارضة السياسية، الذين تصدّوا لاحتمالات ما يكدر صفو
بدء المرحلة الجديدة، بالمعالجة، وعندما لم يجدوا آذاناً صاغية لدى
الأطراف الشعبية الأخرى، التي غلبتها الأحلام، بأن مرحلة جديدة بدأت في 6
ديسمبر 1973، وأن هذه الغالبية وجدت فيها أرضية ممتازة لإرساء نظام الحكم
الديمقراطي، ما جعلها تغفل عن أمرين، الأول تاريخ الاستئثار بالسلطة
والثروة، والثاني استتباعاً لإغفال الأمر الأول، بإسدال الحجاب على
احتمالية تجاوز السلطات لأحكام الدستور، بالإلغاء أو التجميد، فآلت الجبهة
الشعبية على نفسها ألا تشارك في بناء مرحلة غير مضمونة الاستمرار والتطوير،
بما أوردته في رؤيتها السياسية والدستورية، من خلل التوازن بين سلطات
الحكم والشعب.

فقد نسجت السلطات شبكةً من الأحلام الشعبية، خصوصاً
وأنها المبادرة بمشروع بناء الدولة الحديثة، وبما جاء في مراسيمها من
معايير ديمقراطية، وخصوصاً المرسوم رقم 10، بتاريخ 11 يوليو 1973، الذي وعد
بزيادة عدد أعضاء المجلس الوطني المنتخبين من 30 عضواً في الفصل التشريعي
الأول، إلى 40 عضواً ابتداءً من الفصل التشريعي الثاني، مع الإبقاء على عدد
الوزراء بما لا يزيد عن 14 وزيراً كأعضاء في المجلس الوطني بحكم مناصبهم،
كما منع المرسوم على أفراد القوات المسلحة والشرطة، استعمال حقّ الانتخاب،
بما أوحى بغلبة الجانب الشعبي، في السلطة التشريعية المنوط بها إصدار
القوانين وتعديل الدستور بشكل جزئي كما نص الدستور، بما يحل مستقبلاً نواقص
الدستور فيما يتعلق بصلاحيات السلطات بما يوازن بين صلاحيات المجلس الوطني
وصلاحيات الأمير، وربما سرح الأمل لدى البعض، بغَلَبَة سلطة المجلس الوطني
على سلطات الأمير.

إلا أن التاريخ قد رسم الحدّ الفاصل بين الأحلام
والواقع، فبتاريخ 16 أغسطس/ آب 1975، بعد قرابة دورة ونصف من الفصل
التشريعي الأول للمجلس الوطني، وإثر صدور المرسوم الأميري يإيقاف العمل
بدستور 1973، وإيكال السلطة التشريعية والتنفيذية في آن معاً، إلى الحكم
متمثلاً في الأمير ومجلس الوزراء، وتطويع السلطة القضائية بما مارسته من
تطبيق قانون أمن الدولة الذي تجاوز متطلبات حالة الطوارئ.

وكان ذلك
نتيجة مرسومة، أن تم اغتيال عضو المجلس الوطني الشيخ عبدالله المدني من
قرية جدحفص، ولم يتم كشف حقيقة الدوافع والأطراف التي قامت بالاغتيال، فقد
تم اتهام تنظيمات اليسار السياسية، المتمثلة في الجبهة الشعبية وجبهة
التحرير الوطني، وحاضناتها من العمال والطلبة، وقد استشهد تحت التعذيب كلاً
من محمد غلوم وسعيد العويناتي من أعضاء التنظيمين الناشطين، وآخرين، ودخلت
البلاد في حقبة قانون أمن الدولة، الذي أكثر من عدد المعتقلين تحت طائلته،
بما تجاوز نصه وأحكامه، كما طال الاعتقال، سجن أهالي المعتقلين السياسيين،
من الرجال والنساء، بما امتد إلى سنة 2002 حين تم إلغاؤه، لتبدأ مرحلة
جديدة لم تختلف كثيراً عن سابقتها بما سنتناوله في مقالة مُكَمِّلة.

وعودة
لمضمون عنوان المقالة، لشق تلك المرحلة، نحلل الدوافع والأسباب، بأن دستور
1973، والمراسيم التي سبقته وتلته، لترسم معالم المرحلة، تم بناؤها بما
يؤسس لنتائجها، فمرحلة الاستقلال، استلزمت إصدار دستور للبلاد، من أجل
استكمال بناء عناصر الدولة، لكي يتم قبولها في الأمم المتحدة كدولة مستقلة
ذات سيادة، تلزم المجتمع الدولي على حماية استقلالها ضد المطامع
الشاهنشاهية حينها، وخصوصاً بعد قرار شعب البحرين الأكيد على استقلال
وعروبة البحرين، ما أوقع في يد البعض في استبقاء الانتداب البريطاني الذي
هيّأ الأوضاع قبل الاستقلال وبعده، وبما احتاجته من وقت لبناء الأجهزة
والأدوات القمعية، وبمشروع الدستور واستتباعاته، ليس لبدء مرحلة ديمقراطية
بنصوص الدستور، بقدر إغراق شعب البحرين في أحلام اليقظة، ريثما يتوافق
أطراف السلطة على اقتسام الثروة، بما يحفظ تماسكها، فالشعب وما حلم به من
سلطةٍ له عبر مجلسه الوطني، ما هو إلا قضاءٌ إلى حين معلوم، وإنما هي أدوار
مرسومة لكل فرد فيها.

اقرأ المزيد

«نورمبرغ» ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان

تعتبر مبادئ نورمبرغ، مبادئ أساسية دخلت القانون الدولي منذ أن حوكم
القادة النازيون فيها بعد الحرب العالمية الثانية، وهناك حالياً حركة
عالمية تدعو لاعتماد هذه المبادئ بصورة دائمة من خلال المحكمة الجنائية
الدولية، وذلك لمحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب والانتهاكات الإنسانية في أي
مكان في العالم.

لقد شهد العام 1935 تنامي قوة النظام النازي في
ألمانيا فانعكس ذلك تصاعداً في السياسات المناوئة لليهود. وفي سبتمبر/
أيلول من العام نفسه صدرت قوانين نورمبرغ العنصرية لتكرّس تدني وضع اليهود
القانوني من خلال وسيلتين، الأولى إلغاء المساواة في الحقوق المدنية التي
نالها اليهود في الحقبة المعروفة في تاريخ أوروبا بعصر التحرر، والثانية
إضفاء صبغة الشرعية على المبادئ العنصرية. وكانت محصلة تلك القوانين فصل
اليهود عن سائر السكان، بحيث أصبح للألمان خالصي النسب وحدهم حق المواطنة
في ألمانيا، وبات لهم وحدهم حقوق سياسية.

وفي العام 1938 تم تصعيد
الحملات والهجمات على اليهود من قبل مختلف المنظمات والمؤسسات النازية من
خلال «تطهير» ألمانيا من كل من لا ينتمي إلى العنصر الآري. وصدر مرسوم
بإلزام اليهود بتسجيل ممتلكاتهم وذلك تسهيلاً لمصادرتها.

تلك كانت
قوانين نورمبرغ التي كانت تمارس أبان حقبة النازية، وبسبب تلك القوانين
والممارسات اللاإنسانية انبثقت مبادئ نورمبرغ التي أصبحت ارشادات وضعت بعد
الحرب العالمية الثانية لمحاكمة عناصر بارزة في الحزب النازي، وذلك تحت
إطار ما يسمى بجريمة حرب.

وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية اليوم
امتداداً لمبادئ نورمبرغ، إذ يجري التمهيد لتطبيق هذه المبادئ بالنظر إلى
المتغيرات التي شهدتها المنطقة العربية بدءًا من حرب العراق في العام 2003
وصولاً إلى مرحلة الربيع العربي الذي شهد إما ثورات أو احتجاجات مازالت
مستمرة، أدت إلى وفاة آلاف الناس في ظل استمرار سياسات الإفلات من العقاب
وضعف المجتمع الدولي في ردع الكثير من حالات الدول بسبب تضارب المصالح.

إن
هذه المحكمة لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية
رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق في تلك القضايا. وتقتصر قدرة المحكمة
على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو/تموز 2002، تاريخ إنشائها،
عندما دخل قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.
والمحكمة الجنائية الدولية تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في
الإفلات من العقاب.

المحكمة الجنائية الدولية هي أيضاً أول هيئة
قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب
ومنتهكي حقوق الإنسان وجرائم الإبادة. وقد بلغ عدد الدول الموقّعة على
قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى 1 يوليو 2012 في الذكرى السنوية العاشرة
لتأسيس المحكمة.

والدول العربية ليست هي الوحيدة التي لم تنضم إلى
المحكمة، وإنما هناك الصين والهند وأميركا وروسيا، التي تمتنع عن التوقيع
على ميثاق المحكمة، وذلك لأسباب متعددة. غير أن المهم حالياً هو أن حركة
حقوق الإنسان العالمية تضغط باتجاه تنفيذ مبادئ نورمبرغ بشكل منهجي. ثم إن
هناك أيضاً مجلس الأمن الدولي الذي يستطيع في أي وقت، إصدار قرار يطلب فيها
من المحكمة الدولية النظر في قضية معينة أو محاكمة مسئول في دولة، حتى لو
لم تكن تلك الدولة قد اعتمدت ميثاق المحكمة الجنائية الدولية.

إن ما
نشهده حالياً ما هو إلا عهد جديد تنفتح عليه الانسانية، وهو عهد يرفض
الإفلات من العقاب لأي شخص مهما كان، إذا كان هذا الشخص ينتهك حقوق
الإنسان. صحيحٌ أن المسيرة طويلة ومعقدة، ولكن الجهود حثيثية ومستمرة، وخلف
هذه الجهود فإن حركة حقوق الإنسان العالمية لن يهدأ لها بال مادام هناك
منتهكون لحقوق الإنسان، فمعركة اليوم تبدأ مع ملف حقوق الانسان لأنه ملف
حساس للدول التي تتجاهل هذه الحقوق. وبالتالي يتحوّل الصراع بين من يمسك
بزمام السلطة الذي يحمي المنتهكين، وبين من يوثق ويلاحق منتهكي حقوق
الانسان.

اقرأ المزيد

أسئلة الصحافي المؤدلج

ما لم تكن هناك نية حقيقية وصادقة من الجميع للخروج من الأزمة الحالية
التي نمر بها، فإن جميع الحلول الترقيعية ومحاولة الالتفاف على التعهدات
التي اتخذتها السلطة على نفسها سواء الخاصة بتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية
لتقصي الحقائق، أو تحقيق 176 توصية أصدرتها دول العالم خلال المراجعة
الدورية لملف حقوق الإنسان في البحرين، لن تقدمنا ولو خطوة واحدة في اتجاه
الحل.

هذه النية تتطلب أساساً الابتعاد عن روح الانتقام والتشفي،
وتسقيط الآخر وتخوينه، كما تتطلب قراءة حقيقية وواقعية للحالة التي تعيشها
البلاد لما يقارب ثلاث سنوات عجاف.

يوم الأحد الماضي رد المحامي
والمستشار القانوني نبيل سعد في صحيفة أخرى على عمود كتبته الجمعة الماضي
حول الندوة التي أقامها مركز الجزيرة الثقافي حول «حرية الصحافة والتعبير»،
أكدت فيه أهمية الحوار بين أبناء الوطن الواحد، كما انتقدت دور الصحافة في
بث روح الفتنة والصراع الطائفي خلال الفترة الماضية. بالطبع فإن رد
المحامي نبيل سعد لم يخرج ولو قليلاً عن دائرة الأعمدة اليومية التي تحفل
بها جرائدنا وهي تردد دون وعي أو تفكير متزن، اتهامات معلبة للقوى الوطنية
المعارضة لو ثبت إحداها لما تردّدت السلطة ولو للحظة واحدة في اتخاذ
الإجراءات القانونية حيالها.

في رده أثار الكاتب ثلاثة محاور أساسية أرى أهمية الرد عليها.

الأول
يتصل بمفهوم المعارضة والإرهاب، حيث أكد في مقالته أن جميع المعارضين
لدينا في البحرين ماهم إلا إرهابيون «وفقاً لكل الأعراف والمواثيق الدولية،
فمن يحرق ويقتل ويفجّر ويحرّض ويدعو بكل صراحة للسحق والقتل ليس إلا
إرهابيا»، أما المحور الثاني فهو ما يتصل بالحوار الوطني القائم الآن، وهل
يمكن التحاور مع من انسحب من البرلمان وهل فعلاً أن الحوار «يعتبر بحد ذاته
مخالفاً لكل الاعراف». أما المحور الثالث فهو دور الصحافة في نشر الفتنة
الطائفية.

ورغم أن ما كتبته في العمود الأول يتصل أساساً بالمحور
الثالث، إلا أنني أستميح العذر في أن أؤجل مناقشة هذا المحور إلى عمود لاحق
إن شاء الله، سأحاول أن أظهر فيه وبشكل موثق وبالتواريخ من هو الذي يكذب
ويفبرك الأخبار والتصاريح الصحافية وحتى الصور.

بالطبع فإن الكاتب
وفي نهاية مقالته لم يبخل في توجيه التهم ذاتها من قبيل إنني «صحافي
أيدولوجي مسيس»، وهي تهمة لا أنكرها، في حين أنكر باقي التهم الخاصة بالكذب
والنفخ في نار الطائفية والساعي لإقامة نظام الولي الفقيه في البحرين،
ويبدو أن الأخ نبيل سعد قد وجّه لي كل هذه التهم دون أن يعرف عني شيئاً،
فمثلاً أنني أنهيت دراستي الجامعية في الإتحاد السوفياتي «الإشتراكي» وليس
في قم المقدسة «الدينية».

أقول إن من المهم قراءة الواقع السياسي
الحالي الذي تمر به البحرين بشكل منطقي وعقلاني، ما يستدعي طرح أسئلة
جوهرية لا يمكن تجاهلها، ومع أن أجوبتها بسيطة جداً، أو لنقل أن جميع هذه
الأسئلة يمكن الإجابة عليها بمجرد عشر كلمات لا غير، فإن من يماطل ومن ينكر
الحقائق الواضحة لن يتمكن من الإجابة، حتى لو جنّد العشرات من الكتاب
والمستشارين.

هل يمكن للكاتب العزيز أن يجيبني لماذا تحاور السلطة
«الإرهابيين» بدل أن تسجنهم؟ ولماذا تعهدت الدولة بتنفيذ توصيات لجنة تقصي
الحقائق رغم أن جلّ هذه التوصيات تصب في صالح القوى المعارضة والتي تسميها
أنت «القوى الإرهابية» بما في ذلك إتاحة المجال أمام هذه القوى للظهور في
وسائل إعلام الدولة؟ لماذا أمطرت دول العالم السلطة في البحرين بـ 176
توصية وتعهدت السلطة بتطبيقها؟

لماذا فشلت شركات العلاقات العامة
الأجنبية والتي صرف لها الملايين من الدولارات في تصحيح الصورة المغلوطة عن
البحرين في وسائل الإعلام العالمية؟ لماذا يتخذ السواد الأعظم من المنظمات
الحقوقية الدولية موقفاً معادياً للحكومة البحرينية؟ ولماذا تنتقد
المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الإجراءات المتخذة من قبل
السلطة في البحرين؟ ولماذا ينتقد البرلمان الأوروبي تضييق الحريات وعدم
السماح بالتعبير عن الرأي في البحرين؟

ثم لماذا تصرح جمعيات ائتلاف
الفاتح بأن مطالبها تتطابق بنسبة 80 في المئة مع المطالب التي يطرحها
«الإرهابيون»؟ ولماذا انتقدت جميع دول العالم خطوة اعتقال وتعذيب الطاقم
الطبي؟ ولماذا ثبتت براءتهم فيما بعد؟ ولماذا وقفت منظمة العمل الدولية ضد
قرار فصل أكثر من 3000 موظف وعامل بحريني من وظائفهم؟ ولماذا تراجعت الدولة
عن هذه الخطوة؟

هناك العديد من مثل هذه الأسئلة وغيرها، والتي يمكن الإجابة عليها بأن «هناك حقوق ومطالب عادلة لجميع أبناء هذا الوطن يجب تحقيقها».

اقرأ المزيد

أطروحات أولية حول الثقافة والديمقراطية



كي نحدد ـ ونضع بعض الأطروحات حول علاقة المثقفين بالديمقراطية يتعين علينا، بدءاً، أن نمسك بتعريف لكليهما، منه ننطلق. والحق يقال انه لايمكن النظر إلى مسألة التحول الديمقراطي مفصولاً أو معزولاً عن دور الثقافة بوصفها عامل تمهيد لهذا التحول على مدار تاريخ طويل، وبوصفها كذلك متأثرة بالمردود الايجابي والكبير لهذا التحول، لأن فضاء الديمقراطية هو الفضاء الذي تحتاجه الثقافة كيما تعطي وتتطور.


يبين إدمًار موران في كتاب “الخروج من القرن العشرين” أن تعريف المثقف إنما هو تعريف إشكالي. ومع ذلك  يمكن اعتبار المثقف هو من يعمد إلى دراسة الأفكار ذات القيمة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية التي تعني أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع. إذن يقترن المثقف في أذهاننا بالاشتغال بالفكر. ولكن كل الأعمال اليدوية، مهما كانت بسيطة تستوجب تحفيز الفكر، فهل الاشتغال بالفكر وحده كافِ لتعريف المثقف؟


إن الاشتغال بالفكر وحده لا يجعل من مواطنٍ ما كائناً مثقفاً، فمستوى الشهادات  لا يجعل من المتعلم مثقفاً، اذ ان المثقف هو من يوظف رأسماله الرمزي: الفكر، لصالح المجتمع. ومن هنا لا بد من التمييز بين المثقف وتقني المعرفة، فتقنى المعرفة هو من يملك رأسمالا رمزياً معرفياً لا يتجاوز في توظيفه له وضعه المهني، ويظل أسيراً لهذا الوضع دون أن يخرج عنه، ودون أن يوظف مهنته لصالح المجموعة. وبالتالي بوسعنا أن نفرق بين أستاذ للفلسفة وآخر، فيمكن للأول أن يكون مجرد وسيط بين الفلاسفة والطلبة ولا يتخطى إطاره المهني، ويمكن للثاني أن يوظف ما قرأه لتشخيص أسباب العطالة مثلاً في مجتمعه،  لذلك يمكن للفلاسفة ألا يكونوا مثقفين عندما لا تتعرض معرفتهم للهواء الطلق وتدب على رجليها في الحياة.


والمثقف هو بالضرورة ذو حاسة نقدية. ثقافة النقد هي نقيض ثقافة الامتثال، هناك ثقافة تستمد وجودها من المغلق، من النهائي ولا تسعى إلى التجديد إلا انتكاساً إلى الوراء وتمجيداً وتأثيماً للمتحول، فتقدس وتؤثم وفق ما تهوى.


يفرق الدكتور الطاهر لبيب من تونس بين المثقف وبين الانتلجنسيا . برأيه “ان المثقف أميل إلى مجاملة العامة، إلى مجاملة الشعب” ، ويدعو إلى إعادة تأسيس العلاقة بين المثقف والشعب. يقول : “أن المعادلة التي يجهد المثقف نفسه في حلها بين المثقف والسلطة قد تكون تجسيراً للفجوة بينهما، ولكنها – في الوقت نفسه – اعتراف بانقطاع الجسور مع الشعب. كثيراً ما يُقارن المثقف الجديد بالعَالِم الفقيه في علاقتهما بالسلطة. ولو تم النظر إلى علاقتهما بعامة الناس  لاتضح – من هذه الوجهة – ان المثقف فقيه فاشل”.


الانتلجنسيا، برأي الطاهر لبيب، هو ذو المعرفة أولاً، والقادر على صياغتها علمياً في رؤية للعالم والإنسان، تحمل بديلاً لوضع قائم هو بالضرورة وبسبب من هذه القدرة، هو من الأقلية في كل مجتمع وفي كل مرحلة من مراحله، والانتماء إلى الأقلية ليس أيسر من الانتماء للشعب أو الأمة. ذلك ان ظروف تكون الأقلية صعبة في المسار المعرفي أولاً وكذلك اجتماعياً وسياسياً. الانتلجنس مؤهل بحكم قبوله لوضع الأقلية ولعمله فيها من أجل إشعاعها لأنه يتخلص من شعبوية عموم المثقفين، وهو لذلك “نخبوي” أو لايكون. ان انحيازه للقيم الديمقراطية ولمصالح الناس لا يعني أنه مستعد للتنازل عن رقي معرفته العلمية. وحتى إذا استخدمنا العبارة القائلة بأن “الحقيقة وحدها ثورية”، فان هذه الحقيقة ليست بالضرورة ما تراه الجماهير ، لذلك حكم على الانتلجنيسي بألا يكون شعبياً حتى يحافظ على فعالية الفكر.


ان نشوء الانتلجنسيا العربية الحديثة وتطورها مرتبطان بالقدرة على إحداث قطيعة معرفية أساساً. ولن يمر المثقف على مرحلة الانتلجنيس دون مروره بصرامة المعرفة. وليس هذا الفهم لدور الثقافة والمثقف بجديد . أنطونيو جرامشي، المفكر الإيطالي المعروف أول من صاغ مفهوم المثقف العضوي لم يقتصر – في أطروحته – على الربط العضوي للمثقف بطبقة معينة، بل إنه أكد كذلك على وظيفة المثقفين الخاصة المتمثلة في تقديم التصور المتكامل والمتجانس للعالم، وشدَّد على استقلاليتهم، ولو النسبية إلى الحد الذي يتعارض فيه المثقف مع الطبقات التي ينتمي إليها.


المثقفون، عند جرامشي، يرتبطون اصلاً بالطبقات الاجتماعية كافة، ولكنهم يحققون وجودهم في ارتباطهم العضوي بالطبقة عن طريق تنظيمها السياسي، الذي يطلق عليه جرامشي مصطلح المثقف الجماعي. ويلح غرامشي على أن يظل المثقف دائماً بمثابة الوعي الذاتي النقدي للطبقة التي ارتبط بها. هذه الوظيفة النقدية هي بوصلته في الاتجاه الصحيح ولإنجاز مهمته.


والاهتمام بجرامشي حديث لدى المثقفين العرب لو قورن باهتمامهم بمنظر غربي آخر في الثقافة هو سارتر، رغم أن الأول مات في ثلاثينيات القرن الماضي ولكن ترجمة سارتر إلى العربية جعلته أكثر رواجاً عندنا، وهو القائل بأن المثقف هو الضمير الشقي، وصاحب التعريف الآخر بأن المثقف هو ذاك الذي يؤدي مهام لم يكلفه بها أحد. يرى سارتر بان المثقف هامشي على صعيد الانتاج، فهو ليس عاملاً يدوياً ولا راسمالياً، دائرة نفوذه هي “الوعي” الذي لا يعترف بأهميته أحد. والحق ان الاهتمام بسارتر عربياً أنتج لفترة ميولاً متطرفة وحتى فوضوية في النظر إلى دور المثقف، رغم أن أطروحاته وضعت تحت تأثير تفاعله مع الانتفاضة الطلابية الفرنسية عام 1968 التي عرفت بربيع باريس، ويرى الدكتور غالي شكري أن هذا التفاعل استدرج سارتر إلى مواقع ردايكالية ليست بالضرورة تطوراً طبيعياً لفكره وسلوكه.


أردت من هذا العرض الاشارة إلى مدى التعقيد الذي ينطوي عليه مفهوم المثقف من حيث هو تجديد لمهمة الشخص، رجلاً كان أو امرأة، الذي يعمل في حقل الثقافة، منتجاً ومبدعاً  وأظن ان مصدر هذا التعقيد عائد وفي درجة كبيرة إلى التباس مفهوم الثقافة نفسه، الذي قدمت له العشرات من التعريفات والتحديدات، وأنا أميل إلى اعتبار الثقافة مفهوما واسعا، بحيث لا تقتصر على التعابير والمنجزات والمفاهيم والقيم الأدبية والفنية والعلمية فحسب، وانما تمتد لتشمل كل المضامين الفكرية والعملية والوجدانية والقيمية في مختلف مجالات وظواهر السلوك، لذا فانها بنية شاملة ومتسقة داخلياً بشكلٍ أو بآخر، دون أن يمنع هذا وجود تناقضات وثغرات  وتعريفات في الإطار البنيوي العام. وهذا الميل يجعلنا ننظر لمفهوم المثقف في إطار أوسع من  التحديدات التي تخضعه لصرامة أيديولوجية، ليس لأنها خاطئة أو صحيحة، فهذا لا يعنينا كثيراً في هذا المقام وإنما لأن هذا التحديد أعجز من أن يلبي حاجتنا في النظر إلى الموضوع الذي نحن بصدده، أي موضوع المثقفين والديمقراطية، هو بطبيعته واسع وشائك.


وتعدد التعريفات عن الثقافة والمثقفين ينطبق أيضاً على مفهوم الديمقراطية، وهنا أيضاً يمكننا بسط عشرات التعريفات حين نسعى للرد على سؤال: ماهي الديمقراطية؟…أو ما المقصود بالديمقراطية؟ بدءاً من التعريف الدارج الذي يردها إلى أصلها الاغريقي القديم، أي حكم الشعب للشعب ، أو حكم الشعب لنفسه، وانتهاء بالتعريفات الحديثة التي تقيم تفريعات عدة لمفهوم الديمقراطية. ولكننا سنأخذ بشيء من التصرف  تعريفاً للأستاذ جورج طرابيشي،  يرى فيه بأن الديمقراطية  “هي شكل الحياة السياسية الذي يعطي أكبر الحرية لأكبر عدد، مع حمايته وإنتاجه في الوقت نفسه لأكبر تنوع ممكن. وليس كافياً القول إن الديمقراطية هي سيادة الأغلبية ومن دون التنكر لهذه السياسة، فإن الديمقراطية هي بالأحرى سياسة الاعتراف بالآخر، فلا ديمقراطية  خارج نطاق الاعتراف بتنوع الأصول والاعتقادات والآراء والمشاريع “.


وقوام الديمقراطية إنما هو احترام المشاريع الفردية والجماعية التي تجمع بين تأكيد الحرية الشخصية وحق الانتماء إلى جماعة قومية أو دينية أو سياسية. والديمقراطية لا تقوم على قوانين فقط، وانما على الأخص على ثقافة سياسية، والثقافة الديمقراطية هي في منطلقها الأول ثقافة مساواة. يكون المجتمع ديمقراطياً بقدر ما يؤلف بين حرية الأفراد واحترام الاختلافات والتنظيم العقلاني للحياة الجماعية عن طريق القوانين والآليات التي تحقق ذلك. والثقافة الديمقراطية هي بدورها نتاج مجهود للتركيب بين الوحدة والتنوع، بين الحرية والاندماج بين قواعد مؤسسية مشتركة ومصالح وثقافات خاصة.


تستدعي هذه المفاهيم اختبارها في واقع ملموس، كواقعنا في بلدان الخليج مثلاً، لرؤية تجليات العلاقة بين  الثقافة والمثقف من جهة وبين واقع متحول، يكاد يكون فريداً من نوعه، كالواقع الخليجي، والدور المناط بالمثقف في هذه المنطقة، ليس فقط في انتاج المعرفة والابداع، وانما توظيف العدة المعرفية في فهم تحولات هذا الواقع المتحرك، وتشخيص أوجه التشوه العديدة المرافقة لهذا التحول، لا بل والمعيقة له، وهي إعاقة تتبدى تمظهراتها في حقل الثقافة بالذات، كونه أشد الحقول تعقيداً وخصوصية.
اقرأ المزيد

الصحافي الحرفي والصحافي المؤدلج

ربما تكون ندوة «حرية الصحافة والتعبير» التي أقامها مركز الجزيرة
الثقافي في 2 سبتمبر/ أيلول الجاري، هي أول ندوة عامة يتحدث من خلالها
الطرفان المتخاصمان منذ بدء الأحداث في 2011، وذلك أمر يحسب للمركز الذي
استطاع أن يجمع مختلف أطياف المجتمع البحريني على طاولة حوار واحدة، ليستمع
كل منهم للآخر.

الندوة التي حضرها من جانب المؤيدين للوضع الحالي كل
من رئيس تحرير «أخبار الخليج» أنور عبدالرحمن ورئيس لجنة الحريات بجمعية
الصحافيين البحرينية عبدالله المناعي، فيما حضرها من الجانب الآخر الصحافية
والكاتبة عصمت الموسوي، والتي أقيلت من عملها بسبب مشاركتها في فعاليات
«الدوار» والكاتب الصحافي علي صالح والناشط الحقوقي والكاتب عبدالنبي
العكري، بجانب عضو مجلس النواب عباس الماضي والأكاديمي عدنان بومطيع، أتاحت
للجميع أن يدلي برأيه وأن يناقش أفكاراً وأطروحات من يختلف معهم بأسلوب
متحضر، بخلاف ما نراه يوميا على صفحات الصحف من سباب وشتم وتسقيط وتخوين.

هذه
الندوة أثبتت أن الحوار بين أطياف المجتمع هو الطريق الأنجع للتقريب بين
الناس، ومهما اختلفت الآراء والمواقف، فإن الجميع أبناء وطن واحد، يجب أن
يكون لهم الحق في إبداء وجهة نظرهم سواء في الجوانب السياسية أو الحقوقية
أو الاقتصادية دون أن يتهموا بالعمالة للخارج والخيانة للوطن.

الصحافة في البحرين كانت من أكبر المتضررين خلال هذه الفترة، وفي الوقت نفسه كانت أكبر النافخين في نار الفتنة، وإشاعة الطائفية.

لقد
فقدت الصحافة في البحرين في هذه الفترة جميع مكتسباتها المهنية، والأسوأ
من ذلك فقدت «جوهر رسالة الصحافة وهي المصداقية والنزاهة»، وعمل بعض
الصحافيين في هذه الفترة كمخبرين، وجلادين على زملائهم في المهنة، فيما
ارتضى أغلبهم أن يكون «بوقا» يردد ما يطلب منه، مقابل امتيازات بسيطة أو
كبيرة لا فرق.

يقول رئيس تحرير إحدى الصحف المحلية في الندوة عن رأيه
في مسألة حبس الصحافيين «نحن في الجماعة الصحافية لا نستطيع أن نزعم أن كل
المنتمين إلى الجسم الصحافي يتمتعون بالأخلاقيات الرفيعة للمهنة، بل من
السهل توقع أن البعض إن وجد الساحة مفتوحة أمامه من دون عواقب فإنه لن
يتورع عن شن حملات تشهير ضد شخصيات اجتماعية وسياسية بلا دليل أو سند
ولخدمة أجندات خارجية أو لتصفية حسابات سياسية أو غيرها». وفي جانب آخر
يؤكد أن «هناك فرقا بين الصحافي المهني والصحافي الأيديولوجي»، ويبدو أن
رئيس التحرير لا يقرأ ما ينشره الكتاب سواء في صحيفته أو الصحف الأخرى من
سبٍّ وشتمٍ لرموز المعارضة، فهل يقع ذلك ضمن الاخلاقيات الرفيعة، أم أنه
يرى أن هناك من يمكن شتمه دون دليل أو سند وهناك نوع آخر لا يمكن انتقاده
حتى وإن كان لدى الصحافي أكوام من الوثائق والمستندات التي تثبت فساده.

بالطبع
هناك فرق كبير بين الصحافي المهني والصحافي الأيديولوجي، وخصوصا في وضع
سياسي متأزم كالوضع الذي تمر به البحرين حالياً، والذي يجب أن تكون الصحافة
مرآة صادقة لكل ما يجري فيه، فالصحافي المهني لا يمكنه أن يمنع نشر أي
بيان لجميع الجمعيات السياسية المعارضة، كما يمنع نشر صور أو إجراء مقابلات
مع رموز المعارضة، والصحافي المهني لا يمكنه أن يتجاهل مسيرات تخرج
بالآلاف ولا يذكر حرفاً واحداً في صحيفته عنها، والصحافي الصادق والنزيه لا
يتخذ موقفاً من الخبر.

اقرأ المزيد

الليبراليون واليسار

يبدو أن الأحزاب الوطنية والديموقراطية والقومية والتقدمية في مصر سترتكب
الخطأ نفسه الذي ارتكبته في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية،
عندما لم تنسّق وتتّفق على مرشح «مدني» واحد يمثل هذه المرحلة التي تتطلب
توافقاً يحقق الحد الأدنى لأهداف الثورة، حيث رشح كل حزب شخصية شتّتت أصوات
الناخبين المصريين وأضعفت فرص وصولهم للسلطة بغالبية، وهذا ما فتح الطريق
أمام القوى الإسلامية المتوافقة على حصد الأصوات.


وقد كانت أحد أسباب نجاح الموجة الثانية لثورة 25 يناير 2011م، والتي كانت
سبباً في السقوط السريع لنظام الاخوان المسلمين، عندما خرج أكثر من ثلاثين
مليون مواطن في ميادين كل المحافظات المصرية في 30 يونيو بشكل غير مسبوق في
تاريخ مصر، كانت أحد أسباب نجاحها هو اتفاق جميع هذه الأحزاب لتشكيل جبهة
وطنية واسعة ذات أهداف واضحة فرضت خارطة طريق على القوات المسلحة المصرية،
التي لم يكن أمامها سوى الانصياع لهذا الإجماع.


وأكد سكرتير عام الحزب الشيوعي المصري صلاح عدلي: «ان تحالفات الأحزاب
الليبرالية الذي ضم (المصري الديموقراطي والمصريون الأحرار والوفد)، بإعلان
خوض الانتخابات بعيداً عن الأحزاب اليسارية سيضر بوحدة جبهة الإنقاذ»
مشيراً «إلى ضرورة التنسيق بين القوى الثورية تحت قائمة انتخابية واحدة
والدفع بمرشح رئاسي واحد».


ومن جانب آخر، قال عضو الحزب الشيوعي المصري حمادة الكاشف: «انهم بصدد
تأسيس تحالف اشتراكي واسع من شباب اليسار المصري، وذلك للعمل المشترك في
القضايا السياسية والشبابية»، مؤكداً: «أنهم يحملون مفهوماً مختلفاً
للعدالة الاجتماعية عن بقية القوى السياسية» وأضاف: «أنهم يعيشون أزمة
المواطنين المطحونين ويرون أن مشاكل العمال والفلاحين لابد وأن تحل لأن
هؤلاء هم الذين يبنون المجتمع ولا يجب تجاهلهم، كما أنه لا يجب بعد الثورة
أن نرى أطفالاً في الشوارع بلا مأوى أو مواطنين مصريين يسكنون العشوائيات
أو المقابر، ولهذا توافقنا على إنشاء (جبهة الشباب الاشتراكي) وهو تحالف
سيضم أحزابا وحركات اشتراكية هي حزب التجمع وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي
والحزب الشيوعي المصري والحزب الاشتراكي، والحزب الناصري الموحد وحزب
الكرامة واتحاد الشباب الاشتراكي، وسوف يُعقد مؤتمر صحافي للإعلان عن هذه
الجبهة وورقة العمل السياسي».


ونرى أن ما يحدث في مصر هو تكريس وإقصاء وربما عداء تاريخي لقوى اليسار ليس
فقط من المخابرات الأميركية والأنظمة العربية والقوى الإسلامية، ولكن
أيضاً من القوى الليبرالية التي تحمل عداء غير مبرر لليسار ولا يتسق مع
قضايا الوطن والمواطنين.


وهذا لا يحدث لليسار العربي بشكل عام فقط، ولكنه يحدث لليسار في الخليج
أيضاً على كل ما يعانيه من مشكلات ذاتية، وبطء في تجاوز عراقيل الماضي
وتطوير لأساليب النضال، إضافة إلى النزعات الليبرالية بداخله.


إن تحقيق متطلبات الثورة الوطنية الديموقراطية أو الإصلاح الديموقراطي في
بلداننا العربية يتطلب قدراً أكبر من التوافق الوطني بين جميع الاتجاهات
ذات المصلحة في التقدم والتطور والديموقراطية وبناء مجتمعات القانون
ومؤسسات المجتمع المدني والتنمية الذاتية، والابتعاد عن الخلافات الفكرية
التي تزيد التشرذم وتضعف القوى الوطنية وتبعدهم عن هموم الجماهير.


ومشكلة الليبراليين هي أن عيونهم ترنو إلى كرسي الانتخابات كهدف رئيسي
وإغفال مصلحة الوطن والجماهير، وينسون أن العمل الجماهيري لا يقتصر على
الانتخابات البرلمانية التي تعتبر أحد أشكال العمل الجماهيرية ولكنه ليس
الوحيد.
اقرأ المزيد